{السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكم أعزاءنا المشاهدين في حلقة جديدة من برنامجكم "البناء العلمي"، لازلنا أيها المباركون مع سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ومع كتاب "الفصول في سيرة الرسول" للإمام ابن كثير -رحمه الله-.
باسمي وباسمكم جميعًا أيها المشاهدون نرحب بضيف برنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور فهد بن سعد المقرن، فمرحبًا بكم فضيلة الشيخ}.
حياك الله، وبارك الله فيك، وحيا الله الإخوة المشاهدين والمشاهدات، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- للجميع العلم النافع والعمل الصالح.
{كنا قد وقفنا عند كلام المؤلف عن حج النبي -صلى الله عليه وسلم- واعتماره}.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
من ميزات هذا الكتاب وجود هذا الفصل النفيس، الذي يُعين القارئ على ضبط أحداث السيرة النبوية الكريمة، وربما ابن كثير -رحمه الله- انفرد بهذا المنهج عن غيره، فهو كالملخص لِمَا ذكره في سرده للسيرة النبوية، فهو يُعين طالب العلم في ضبط أحداث السيرة.
{قال -رحمه الله-: (فصل: حجه واعتماره صلى الله عليه وسلم.
لم يحج صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر إلا حَجته هذه، وهي حجة الإسلام وحجة الوداع، وكان فرض الحج في السنة السادسة في قول بعض العلماء، وفي التاسعة في قول آخرين منهم، وقيل: سنة عشر، وهو غريب، وأغرب منه ماحكاه إمام الحرمين في النهاية وجهًا لبعض الأصحاب: أن فرض الحج كان قبل الهجرة)}.
الصواب: أنها في التاسعة؛ لأن آية وجوب الحج التي في سورة آل عمران، إنما نزلت في السنة التاسعة، عام الوفود.
{(وأمَّا عُمَرُه فَكُنَّ أربعًا: الحديبية التي صُدَّ عنها، وعمرة القضاء بعدها، ثم عمرة الجعرانة، ثم عمرته التي مع حجته.
وقد حج صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة مرة، وقيل: أكثر. وهو الأظهر)}.
هنا موضع، يقال: وعمرة القضاء، ثم عمرته التي حج معها، طبعًا عمراته -صلى الله عليه وسلم- كلهن في ذي القعدة، وإنما سمي هذا الشهر بذلك؛ لأنَّ العرب تقعد فيه عن القتال، وهو من الأشهر الحرم، كما لا يخفى.
هنا موضع، قال: (الحديبية التي صُدَّ عنه)، هنا موضع مُهم جدًّا، فيه فائدة، هو ذكره في عمراته -صلى الله عليه وسلم-، وفيه فائدة: أنَّ العمل الذي يُحال بينك وبينه مانع لا تملكه، يُعد من عَملك، فهذا مما يشير إليه ابن كثير -رحمه الله-.
{قال: (وقد حج صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة مرة، وقيل: أكثر. وهو الأظهر، لأنه كان صلى الله عليه وسلم يخرج ليالي الموسم يدعو الناس إلى الله تعالى، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا إلى يوم الدين)}.
بالنسبة لعمراته -صلى الله عليه وسلم-، عمرة القضاء، وسبق الكلام عنها، الحديبية صُدَّ، والقضاء قضاها بعد الحديبية، ثم جعرانة بعد حنين، ثم عمرته -صلى الله عليه وسلم- التي قرن فيها مع الحج، والصواب أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- حج قارنًا -كما سيأتي.
{(فصل، أما غزواته، فروى مسلم من حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، قاتل في ثمان منهن، وعن زيد بن أرقم قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة. وأما محمد بن إسحاق فقال: كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعًا وعشرين، وكانت بعوثه وسراياه ثمانيًا وثلاثين، وزاد ابن هشام في البعوث على ابن إسحاق، والله أعلم)}.
الغزوة هي ما كان يشارك فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه، وأمَّا البعوث والسرايا فإنما هي بأمره -صلى الله عليه وسلم-، هذا مصطلح، الغزوة وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغالب على هذا الاصطلاح، أنه شارك فيها -صلى الله عليه وسلم- بنفسه.
{(فصل في أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الإجمال)}.
وهذا الفصل هذا مُهم جدًّا لطالب العلم، والحقيقة نحب أن نعلق عليه؛ لأنه من أصول نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، معالم هذه النبوة ودلائل النبوة، ولهذا عُني أهل العلم بهذا الفصل أو بهذا الباب وصنفت فيه مصنفات، بل مصنفات كثيرة جدًّا، وهذا التصنيف يدلك على أهمية هذا الأمر، يعني: دلائل نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وشدة الحاجة إليه في كل زمان ومكان؛ لأن نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الأصل التي يدور عليها شرائع الإسلام، والتشكيك في هذا الباب -يعني: في نبوته صلى الله عليه وسلم- قديم، ومن خلاله دخل الشيطان إلى قلوب العباد بالإضلال، من المتقدمين في عهد النبوة كفار قريش، وما زال التشكيك من المعاصرين، وهذا مدخل عظيم للشيطان على قلوب العباد، طبعًا هذا التشكيك حصل من كفار قريش، واتهموه أنه ساحر وكاهن وما إلى ذلك، واليهود والنصارى، موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- من اليهود الذين كانوا في المدينة، ثم من نصارى نجران وإلى يومنا هذا، إلى يومنا هذا التشكيك.
وهذا يدلك على أنه من المهم جدًّا أن يُربَّى الناس ويعلمون هذا العلم، وخاصة الناشئة والأطفال؛ لأنهم يحتاجون تعلم هذا العلم، ولابد من غرسه في قلوبهم؛ لأن المعركة الفكرية التي تدور بين الإسلام والديانات تدور على هذا الباب، يعني: نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتشكيك في نبوته -صلى الله عليه وسلم- في الواقع الآن يملأ شبكات التواصل ممن لا يعلم أو يجهل ولم يتعلم الحجج والدلائل التي تُعين المسلم وتثبته على دينه وعلى أن يكون مطمئن القلب لنبوته -صلى الله عليه وسلم-، فهؤلاء ما زالوا يشككون وربما أوقعوا في القلوب شيء من هذا.
فأعظم باب يلج منه الشيطان إلى قلوب العباد الجهل، فحينما يكون الجهل بدلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم-، يكون هناك مدخل للشيطان ومدخل لهؤلاء الشانئين لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا العلم نحن بحاجة إليه وبحاجة إلى تعليمه والعناية به وخاصة في هذا الزمان، المناهج الدراسية في دلائل النبوة، وأحسن ابن كثير -رحمه الله تعالى- في هذا الباب وهذا الفصل.
كتب مُصنفة كثيرة، طبعًا دواوين السنة مليئة بدلائل النبوة -صلى الله عليه وسلم-، في البخاري ومسلم والسنن، وهناك كتب مُصنفة في الدلائل، دلائل النبوة للفريابي المتوفى سنة ثلاثمائة وواحد، ودلائل النبوة للبيهقي المتوفى سنة أربعمائة ثمانية وخمسون للهجرة، ودلائل النبوة لأبي القاسم الأصبهاني المتوفى سنة خمسمائة وخمسة وثلاثون.
ومن المعاصرين كتاب لطيف اسمه الصحيح المسند من دلائل النبوة، للشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالى-، جمع فيه الصحيح المسند، وما زال هذا الباب يطرق من كتب، وهو حري بطالب العلم وبأهل التعليم وأهل العلم والوعاظ والمرشدين أن يعنوا بهذا الباب في ترسيخه في نفوس المسلمين.
{قال: (فصل في أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال، لأن تفصيله يحتاج إلى مجلدات عديدة، وقد جمع الأئمة في ذلك ما زاد على ألف معجزة، فمن أبهرها وأعظمها القرآن العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وإعجازه من جهة لفظه ومعناه: أما لفظه ففي أعلى غايات فصاحة الكلام وكل من ازدادت معرفته بهذا الشأن ازداد للقرآن تعظيمًا في هذا الباب)}.
مسألة إعجاز القرآن كذلك هي من دلائل النبوة وفرعٌ عن هذه الدلائل، ومع ذلك صنف أهل العلم فيها مُصنفات، مثل: إعجاز القرآن للبيهقي، وفي الجامعة الإسلامية رسالة لطيفة اسمها إعجاز القرآن عند ابن تيمية بالمقارنة بكتاب إعجاز القرآن للجرجاني، فأهل العلم اهتموا بالإعجاز من جهة اللفظ ومن جهة المعنى، والإعجاز اللفظي كل من ازدادت معرفته بِعلم البلاغة والبيان كلما علم عظيم الإعجاز في لفظ القرآن ومعانيه، وهناك أمثلة ربما يطول ذكرها من الإعجاز في القرآن، مثلًا مفردات معينة في القرآن يأتي استخدامها بمعاني مناسبة.
مثلًا على سبيل المثال: السِّنة، والنعاس والهجوع والرقود، جاء في التعبير القرآني ﴿لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ﴾ [البقرة: 255]، ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ﴾ [الأنفال: 11]، ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾[الذاريات: 17]، ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ﴾ [الكهف: 18]، كل لفظة تعني معنى من معاني النوم، السِّنة مقدمة النوم، النعاس بداية النوم، الهجوع نوم متقطع، الرقود نوم طويل، ولذلك تجد التعبيرات القرآنية واضحة، ومن باب هذا يطول وهذا باب الحقيقة طالب العلم والعامي يحتاج أن يستفيد منه.
لفظ الفتنة مثلًا في مفردات القرآن ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾، مثل هذه اللفظة، كذلك مفردة الفتنة تنوعت، ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾، اللفظ القرآني هذا كيف اشتمل؟ حرف عطف، فعل ماض، فاعل، مفعول به، مفعول ثاني، في كلمة واحدة.
والحقيقة هناك أحد الفضلاء، وهو أستاذ في البلاغة يلقي برنامجًا في مسألة بلاغة القرآن والتعبير القرآني، وأنا اطلعت على بعض ما فيه، وهو الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي، والحقيقة أني وجدت أنَّ مشاركة الجمهور من الناس في العالم الإسلامي مع البرنامج كثيرة جدًّا، وهذا يدلك على أن الناس بحاجة إلى أن يتعلموا هذه البلاغة، وقد أحسن الدكتور في بيان الإعجاز في الألفاظ القرآنية، وكيف أنَّ القرآن يُعبر بهذه اللفظة دون غيرها، وهذا مما يزيد الإيمان ثباتًا على الدين، وعلى أن هذا القرآن الذي أنزله الله -عز وجل- مُعجز وهو من كلام رب العالمين قطعًا؛ لأن هذه التعبيرات مُعجزة، وأنا قلت لك: كلما زاد الإنسان في العلم ..، والقرآن مليء، كله بيان، كله إعجاز، وحظك منه بحسب تدبرك لهذا الكلام العظيم، نسأل الله أن يرزقنا الانتفاع بالقرآن الكريم.
{قال: (وقد تحدى الفصحاء والبلغاء في زمانه مع شدة عداوتهم له، وحرصهم على تكذيبه، بأن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله، أو بسورة، فعجزوا. وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبدًا، بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا، وأخبرهم بذلك، فقال الله تعالى: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِير﴾ [الإسراء: 88]، إلى غير ذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه.
وأما معناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة، والرحمة والمصلحة، والعاقبة الحميدة والاتفاق، وتحصيل أعلى المقاصد، وتبطيل المفاسد، إلى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهواء، نعوذ بالله منها ونسأله الهدى)}.
هذا كلام بليغ من ابن كثير -رحمه الله تعالى- يعني: لاحظ ختم الكلمة، أن المحال القابلة للاهتداء فإنها تقبل هذا القرآن، ولهذا معاني القرآن كما قال ابن كثيرة مشتملة على الخير الكثير الذي دل عليه لفظه ومعناه، اللفظ تكلمنا عن إعجازه، حتى المعنى فيه إعجاز، فما من خير إلا ودل الكتاب العزيز عليه، وما من شر إلا وحذر منه، ولكن كما قال ابن كثير: هذا الانتفاع متعلق بتوفيق الله -عز وجل- للعبد، فهداية التوفيق والإلهام هداية عظيمة وهي حفظ الله -عز وجل- لمن يشاء، وهذا متعلق بالمحل القابل؛ لأن بعض القلوب لا تقبل الاهتداء، فلا يهديها الله -عز وجل-، قال الله -عز وجل-: ﴿وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾[التوبة: 46]، وقال: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَ﴾[الأعراف: 179].
فإذا كان المحل قابل حصل الانتفاع، فالإنسان دائمًا يسأل ربه أن يهديه وأن يوفقه حتى ينتفع بهذا القرآن العظيم؛ لأن هذا القرآن في بركته لا تحاط، وحفظه والنظر فيه ومطالعة معانيه إذا أقبل عليه العبد فإن الله يفتح عليه بعلوم يستفيد منها في علاقته مع نفسه، لأن الإنسان مع قلبه ومع الآخرين، وهذا لا يكون إلا بتوفيق من الله -عز وجل-، نسأل الله أن يوفقنا جميعًا، وأن يوفق المشاهدين والمشاهدات للانتفاع بالقرآن العظيم.
القرآن شيء عظيم جدًّا، الانتفاع به قراءة وتعليم وحفظ «خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ»، التفقه والتدبر في القرآن يحي القلوب الميتة، وهو أعظم سبيل وأعظم سبب للثبات على دين الله -عز وجل-، الذي هو غاية كل أمل مسلم ومسلمة أن يموت على هذا الإسلام وعلى هذه السنة المحمدية؛ لأن الصوارف والحوادث كثيرة، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقبلها كيف يشاء، ولا ثبات لهذا القلب إلا بتثبيت الله -عز وجل- له، وأعظم وسائل الثبات أن يقرأ الإنسان القرآن بتدبر، لعل الله -سبحانه وتعالى- أن يحي قلوبنا التي عليها الران وأن يتوب علينا.
{(ومن ذلك أنه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه، يتيمًا بين أظهرهم، أمينًا صادقًا، بارًا راشدًا، كلمهم يعرف ذلك ولا ينكره إلا من عاند وسفسط وكابر. وكان أميًا لا يحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها، وليس في بلادهم من علم الأولين، ولا من يعرف شيئًا من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصلًا مبينًا، يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق، بل أكثر الكتب المنزلة قبله قد دخلها التحريف والتبديل، ويجيء ما أنزل الله عليه مبينًا لذلك مهيمنًا عليه، دالًا على الحق منه)}.
ما ساقه ابن كثير واضح، نبوته -صلى الله عليه وسلم- عاينها كفار قريش أمامه، هم لا يعرفون أنه تعلم ولا قرأ ولا تعلم، ثم يأتي بهذا البيان وهذا العلم العظيم، يخبر عن الأمم السابقة ويخبر ويحكي، ثم ذلك يعاندون ويكذبون، ثم موانع -نسأل الله السلامة والعافية- الهوى والتقليد والكبر الذي في النفوس، صرفهم الله -عز وجل-.
{(وهو مع ذلك في غاية الصدق والأمانة، والسمت الذي لم ير أولو الألباب مثله صلى الله عليه وسلم، والعبادة لله، والخشوع له، والذلة له، والدعاء إليه، والصبر على أذى من خالفه واحتماله، وزهده في الدنيا، وأخلاقه السنية الشريفة: من الكرم والشجاعة والحياء والبر، والصلة صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الأخلاق التي لم تجتمع في بشر قبله ولا بعده، إلا فيه، فبالعقل يدرك أن هذا يستحيل أن يكذب على أدنى مخلوق بأدنى كذبة، فكيف يمكن أن يكون في مثل هذا قد كذب على الله رب العالمين؟! الذي قد أخبر هو بما لديه من أليم العقاب، وما لمن كذب عليه وافترى؟! هذا لا يصدر إلا من شر عباد الله وأجرئهم وأخبثهم، ومثل هذا لا يخفى أمره على الصبيان في المكاتب)}.
في الكُتاب يعني التعلم، بداية التعلم، المكاتب والكُتاب.
{(فكيف بأولي الأحلام والنهى، الذين بذلوا أنفسهم وأموالهم وفارقوا أولادهم وأوطانهم وعشائرهم في حبه وطاعته؟ رضي الله تعالى عنهم، وصلى الله عليه وسلم في تعاقب الليل والنهار.
ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم به في هذا القرآن العظيم، وفيما صح عنه من الأحاديث، من الغيوب المستقبلة المطابقة لخبره حذو القذة بالقذة مما يطول استقصاؤه ها هنا.
ومن ذلك ما أظهره الله تعالى على يديه من خوارق العادات الباهرة: فمن ذلك: ما أخبر الله عز وجل عنه في كتابه العزيز من انشقاق القمر، وذلك أن المشركين سألوه آية وكان ذلك ليلًا، فأشار إلى القمر، فصار فرقتين، فسألوا من حولهم من الأحياء، لئلا يكون قد سحرهم فأخبروهم بمثل ما رأوا، وهذا متواتر عند أهل العلم بالأخبار، وقد رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين)}.
هذا بالنسبة لانشقاق القمر، هذا شاهدوه وعاينوه كما قال ابن كثير وتواترت أخبارك، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ هذه السورة، ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ﴾[القمر: 1]، في المجامع الكبار مثل الجمع والأعياد، ويسمع الناس ما فيها من آيات النبوة ودلائلها والاعتبار بها، كل الناس يقرءون ذلك ولا ينكره أحد كما قال ابن تيمية -رحمه الله-، روى هذه الآية جمع من الصحابة، وهي آية سألها كفار مكة، فوقعت أمام أعينهم، والحقيقة أن بعض المعاصرين وبعض ممن في قلبه مرض يحاول التشكيك في هذه الآية التي والله -عز وجل- لا يعجزه شيء، وربما يشكك فيها بتشكيكات سمجة باردة، إما قول أن هذا كيف لم يره الناس؟ كم .. يتحدث عنه، وهذا الحقيقة عند أولي الألباب لا ينكرونه؛ لأنَّ الله -عز وجل- أراهم هذه الآية، والله لا يعجزه شيء، والله -سبحانه وتعالى- في كل زمان ومكان يرينا آياته، ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ﴾ [فصلت: 53].
وربما يطيل الكلام فيه، يعني أشياء كثيرة جدًّا لا تراه الأعين من الكواكب والمشترى والمريخ ويأتي بإخبارها بعض هؤلاء الكفار الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ودياناتهم مختلفة، ومع ذلك يصدقون بعض الناس، ويقبل هذا قطعًا، وهي أخبار وربما يدخل، وما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- يدخل فيه التشكيك، كل هذا -والعياذ بالله- القلب -نسأل الله السلامة والعافية-، فتح لنفسه باب التشكيك في نبوته -صلى الله عليه وسلم- والتشكيك في هذه الآيات الثابتة.
{(ومن ذلك ما ظهر ببركة دعائه في أماكن يطول بسطها، وتضيق مجلدات عديدة عن حصرها، وقد جمع الحافظ أبو بكر البيهقي -رحمه الله تعالى- كتابًا شافيًا في ذلك مقتديًا بمن تقدمه في ذلك، كما اقتدى به كثيرون بعده -رحمهم الله تعالى)}.
يقصد كتاب دلائل النبوة البيهقي، طبعًا ابن كثير -رحمه الله- شافعي والبيهقي شافعي.
{(فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى في السخلة التي كانت مع ابن مسعود في الرعي، وسمى الله وحلبها، فدرت عليه، فشرب وسقى أبا بكر، وكذلك فعل في شاة أم معبد. ودعا للطفيل بن عمرو، فصارت له آية في طرف سوطه، نور يلمع يرى من بعد.
وكذلك حصل لأسيد بن الحضير وعباد بن بشر الأنصاري وقد خرجا من عنده في ليلة ظلماء)}، هذا في البخاري {(ودعا الله على السبعة الذي سخروا منه وهو يصلي، فقتلوا ببدر)}، وهذا مر معنا في أحداث معركة بد.
{(ودعا على ابن أبي لهب، فسلط الله عليه السبع بالشام وفق دعائه -صلى الله عليه وسلم-)}.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البيهقي وحسنه ابن حجر «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلاَبِكَ»، فيقال: إن السَّبع أكله في الشام.
{(ودعا على سراقة فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم دعا الله فأطلقها ورمى كفار قريش في بدر بقبضة من حصباء فأصاب كلا منهم شيء منها وهزمهم الله. وكذلك فعل يوم حنين سواء، وأعطى يوم بدر لعكاشة بن محصن جذلًا من حطب فصار في يده سيفًا ماضيً)}.
هذا لا يصح أن ينسب أنه من دلائل النبوة؛ لأن ابن إسحاق ذكره وليس له إسناد.
{(وأخبر عمه العباس -وهو أسير- بما دفن هو وأم الفضل من المال تحت عتبة بابهم، فأقر له بذلك، وأخبر عمير بن وهب بما جاء له من قتله معتذرًا بأنه جاء في فداء أسارى بدر، فاعترف له بذلك، وأسلم من وقته رضي الله عنه. ورد يوم أحد عين قتادة بن النعمان الظفري بعد أن سالت على خده. وقيل: بعدما صارت في يده، فصارت أحسن عينيه)}، طبعًا هذا الإسناد فيه اضطراب وفيه مقال.
{(فلم تكن تعرف من الأخرى. وأطعم يوم الخندق الجم الغفير الذين يقاربون ألفًا: من سخلة وصاع شعير ببيت جابر)}، هذا ثابت عند البخاري.
{(كما أطعم يومئذ من نزر يسير من تمر، جاءت به ابنة بشير. وكذلك أطعم نحو الثمانين من طعام كادت تواريه يده المكرمة)}، هذا في البخاري ومسلم.
{(وكذلك فعل يوم أصبح عروسًا بزينب بنت جحش. وأما يوم تبوك، فكان أمرًا هائلًا، أطعم الجيش وملئوا كل وعاء معهم من قدر ربضة العنز طعامً)}، هذا كذلك في البخاري، هذا حدث في مواضع متكررة من النبي -صلى الله عليه وسلم- ورآه الجموع.
{(وأعطى أبا هريرة رضي الله عنه مزودًا فأكل منه دهره، وجهز منه في سبيل الله شيئًا كثيرًا ولم يزل معه إلى أيام مقتل عثمان.
وأشياء أخرى من هذا النمط يطول ذكرها مجردة، وسنفرد لذلك -إن شاء الله تعالى وبه الثقة-ـ مصنفًا على حدة. ودعا الله تعالى لما قحطوا فلم ينزل عن المنبر حتى تحدر الماء على لحيته صلى الله عليه وسلم من سقف المسجد، وقد كان قبله لا يرى في السماء سحابة ولا قزعة ولا قدر الكف)}.
نعم هذا رآه الصحابة وروى هذا الحديث أنس كما في البخاري.
{(ثم لما استصحى لهم إنجاب السحاب)}، يعني قال: «اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ والظِّرَابِ» الجمعة التي بعدها «اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ والظِّرَابِ، ومَنَابِتِ الشَّجَرِ»، هذا دعاء الاستصحاء، دعاء الاستسقاء ودعاء الاستصحاب مختلف، لأنه قال هلكت الأموال من شدة السيل والمطر، فاستصحى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
{(ثم لما استصحى لهم إنجاب السحاب عن المدينة حتى صارت المدينة في مثل الإكليل)}، يعني الدائرة، يعني زال السحاب وأحاط بها.
{(ودعا الله على قريش فأصابهم من الجهد ما لا يعبر عنه، حتى استرحموه، فعطف عليهم فأفرج عنهم، وأتي بإناء فيه ماء ليتوضأ به، فرغب إليه أقوام هناك أن يتوضئوا معه فوضع يده في ذلك الإناء، فما وسعها، ثم دعا الله، فنبع الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم-)}.
كذلك في البخاري، هذه الأحداث كثيرة جدًّا في بركة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومتنوعة، وهذا من دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم- التي شاهدها الجموع، فعرفوا أن لا يكون هذا إلا من نبي -صلى الله عليه وسلم-، وذكر أهل العلم، لم يذكره ابن كثير، وهذا مهم جدًّا، من دلائل نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا دليل قوي واضح وعقلي، أن كيف لإنسان أن يدعي النبوة في دعواهم أنه مدعي، ثم يكون له الظهور والغلبة، كل دينه الظهور، طبعًا هذا الخطاب لأهل لديانات الذين..، ثم النصرة والله -عز وجل- ويكون هذا كاذب، هذا لا يمكن لعقل أن يصدقه، الذين عندهم بقية من الكتاب، ومن عنده بقية من كتب الديانات السابقة يعلم أنه نبوته -صلى الله عليه وسلم- واضحة وبينها لهم، ولهذا قال الله -عز وجل-: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾، العقل يدل على نبوته عندهم بما عندهم من الكتب المتقدمة، كيف يكون هذا الظهور على الآخرين وانتشار دينه ومرور الآلاف من السنين؟ ثم لا يعاجله الله بعقوبة وهو يدعي ويكذب على رب العالمين فيما يقولون طبعًا؟ حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك -صلوات ربي وسلامه-، هذا العقل يدل على نبوته -صلى الله عليه وسلم-.
{(وكذلك فعل يوم الحديبية، وكان الجيش ألفًا وأربعمائة، قال جابر: ولو كنا مائة ألف لكفان)} هذا في البخاري.
{(وكذلك فعل في بعض أسفاره بقطرة من ماء في سقاء، قال الراوي: لما أمرني أن أفرغها في الوعاء خشيت أن يشربها يابس القربة)}، يابس القربة يعني الإناء الذي يوضع فيه الماء ومصنوع من جلد، قلة هذا الماء، قال: لقلته خشيت أن يشربها يابس القربة؛ لأنها جافة، فمع قلة هذا الماء حصل هذا.
{(فوضع يده فيها، ودعا الله تعالى، فنبع الماء من بين أصابعه لأصحابه، حتى توضئوا وشربوا، وكذلك بعث سهمه إلى عين الحديبية فوضعت فيها فجاشت بالماء حتى كفتهم)}، ذلك في البخاري.
{(وكذلك فعل يوم ذات السطيحتين)} السطيحة هي فوق الإداوة، يعني إناء لتعبئة الماء، ويقال السطيحة والمزادة وهي أكبر من القربة، والقربة كذلك أدوات، ويقال إنها المزادة حمل بعير، يعني السطيحة حمل بعير والمزادة أقل منها، السطيحة والقربة حمل بعير، فالبعير يحمل عليها، دل على أنها إناء أو أنها ليست إناء جلد، وعاء لحمل الماء.
{(وكذلك فعل يوم ذات السيطحتين، سقى أصحابه وتوضئوا، وأمر بعضهم فاغتسل من جنابة كانت عليه، ولم ينقص من تلك المزادتين اللتين للمرأة شيء)}، كانت سطيحة ثم المزادة، {(فذهبت إلى قومها، فقالت: رأيت اليوم أسحر أهل الأرض، أو إنه لنبي! ثم أسلمت، وأسلم قومها، رضي الله عنهم)}.
حديث في زاد الخلق باب علامات النبوة، حينما ذكرته في المقدمة أن في صحيح البخاري ومسلم هذه الأبواب، لكن كتاب مصنف، الكتب التي ذكرت لك بعض منها.
{(في كثير من هذا النمط يطول بسطه، وفيما ذكرنا كفاية -إن شاء الله تعالى.
فصل -الإخبار بالغيوب المستقبلة: وقد أخبر بالغيوب المستقبلة المطابقة لخبره، كما أخبر الله -عز وجل- في كتابه من إظهار دينه، وإعلاء كلمته، واستخلاف الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمته في الأرض، وكذلك كان)}.
في وقت غزوة الخندق مر معنا، ما أدري الحديث، والحديث ثابت، وفي غزوة الخندق والنبي -صلى الله عليه وسلم- يضرب بمعوله -صلوات ربي وسلامه عليه- الحجر والكدية التي واجهتهم، حينما ضرب قال: «الله أكبر وأني رأيت ملك أمتي يبلغ المشرق والمغرب»، وكفار قريش والأحزاب قد أحاطوا بالمدينة، فهذا من دلائل النبوة التي رآها الصحابة ورآها من معه، كان يخبرهم أن نصرة الله -عز وجل- لهم وهم محاصرون في المدينة، لا يفعلها إلا نبي.
{(وأخبر بغلبة الروم فارس في بضع سنين، فكان كذلك)}، هذه نزلت فيهم سورة وهي مكية ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ [الروم: 1، 2]، حينما غَلب الفرس الروم فرحت قريش؛ لأن الفرس وثنيون وهؤلاء كذلك -كفار قريش- عندهم الوثنية، فرحوا بنصرة الفرس، والروم نصارى، فأنزل الله السورة، لأنهم كأنهم يقولون: غلبت هؤلاء دل على أنه سنغلبكم، فأنزل الله هذه السورة، وبيَّن أن الروم سيغلبون، قال الله -عز وجل-: ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾[ الروم: 1- 4]، والبضع يعني السبع إلى العشر، ﴿لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ﴾، الآيات، -فسبحان الله- هذه كلها وقعت وعاينوها.
{(فكان كذلك وأخبر صلى الله عليه وسلم قومه الذين كانوا معه في الشعب أن الله قد سلط على الصحيفة الأرضة فأكلته)}، حينما حوصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وحوصر بنو هاشم في الشعب.
{قال: (فأكلتها إلا ما كان من ذكر الله، وكان كذلك. وأخبر يوم بدر قبل الوقعة بيوم بمصارع القتلى واحدًا واحدًا، فكان كما أخبر سواءً بسواء)}، لهذا يقول الراوي: هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان، قالوا: والله ما جاوزوها، نفس المكان الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- صرع فيه.
{(وأخبر أن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، فكان كذلك. وبشر أمته بأن ملكهم سيمتد في طول الأرض، فكان كذلك. وأخبر بأنه لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قومًا صغار الأعين ذلف الأنوف)}، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ، المِجان جمع مجن وهي الدرع، والمطرقة وهي المصنوعة بالطرق، وهذا كما ذكر ابن كثير، {(وهذه حلية التتار، فكان كذلك)}، يعني التتار حينما غزو العالم ولم يغزو المسلمين فقط بل غزوا العالم، كانت بدايتهم من جهة المشرق منغوليا الآن، وامتد ملكهم وكانت شعوب وأقوام فيها من العشوائية والوحشية ما يصادم الحضارة، ومع ذلك حصل لهم هذا الفتك ببلاد المسلمين وبغيرها، امتد ملكهم حتى جهة أوروبا، يعني: فيه قصص تاريخية طويلة، وكانت آخر ممالكهم في الهند، بعد جنكيز خان ربما يراجع الإنسان فيهم.
فالمقصود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن التتر سيقاتلون أهل الإسلام، سلطهم الله -عز وجل- على المسلمين لما ضعف الدين عندهم وضعفت أحوالهم، سلط الله عليهم هذا العدو، حصل فيه سقوط بغداد وقضايا يطول الكلام فيها، لكنها قصص مأساوية.
{قال: (وأخبر بقتال الخوارج، ووصف لهم ذا التدية فوجد كما وصف سواء بسواء)}، هذا وصف لأحد المقاتلين مع الخوارج، وطبعًا أحد يديه مقطوعة خلقة ولها هيئة السدي وعليه شعيرات، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنكم تقتلوه وقع، ولهذا لما وجده علي -رضي الله عنه- في القتلى سجد لله شكرًا.
{(وأخبر أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كذلك)}، وقع ورآه الناس وأصلح الله -عز وجل- بينهم واجتمع أهل الإسلام على معاوية، كان عام الجماعة.
{(وأخبر بأن عمارًا ستقتله الفئة الباغية، فقتل يوم صفين مع علي -رضي الله عنهما-، وأخبر بخروج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى)} بصرى مدينة صغيرة في سوريا الآن، في محافظة درعا هي بصرى، وهذه النار جاء في الحديث أنها نار، وذكر أهل السير أنها بمثابة البركان وقع في تاريخ ستمائة ستة وخمسين فيما أذكر للهجرة، ودون أهل السير هذا، وقعت وذكرها أهل السير وذكرها جمع من أهل العلم ذكروا هذه الآية، وقعت كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهي نار عظيمة جدًّا، قال: في بضع ستمائة وستة وخمسون.
{(وكان ظهور هذه في سنة بضع وخمسين وستمائة، وتواتر أمرها، وأخبرت عمن شاهد إضاءة أعناق الإبل ببصرى)}، يعني ما أدركها لكن أدرك القريب ابن كثير، أخبرت، لاحظ الآن هو ممن يكتب في التاريخ، أخبرت ممن، يعني من جموع شاهدوا إضاءة أعناق الإبل.
{(وأخبرت عمن شاهد إضاءة أعناق الإبل ببصرى، فصلى الله على رسوله كلما ذكره الذاكرون، وأخبر بجزيئات كانت وتكون بين يدي الساعة يطول بسطها، وفيما ذكرنا كفاية، إن شاء الله، وبه الثقة.
فصل -بشارة الكتب السماوية المتقدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم: وفي الكتب المتقدمة البشارة به، كما أخبر الله تعالى أن ذلك في التوراة والإنجيل مكتوب)}، التوراة والإنجيل يسمونه الآن العهد القديم والعهد الجديد، التوراة أنزلت على موسى والإنجيل على عيسى، وهي معظمة عند أهل الكتاب، يعني عند النصارى يعظمون العهد القديم والعهد الجديد، والتوراة التي بين أيدي اليهود، يعني فيها ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
{قال: (وكما أخبر عن نبيه عيسى -عليه السلام- أنه قال: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: 6]، وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو أنه وجد صفته في التوراة صلى الله عليه وسلم وذكره)}.
نعم الأسفار متعددة ونسخ هذه الكتب المحرفة متعددة، وقد طالها التحريف، ومع كون التحريف قد طال أجزاء كبيرة جدًّا منها وكثير منها، بل هي كتبت بعد موت هؤلاء الأنبياء، لكن بقي فيها شيء من الحق الذي يدل على نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك أعرضوا، لهذا قال الله -عز وجل- عن اليهود: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة: 146]، هذا دقيق الوصف في أوصافه -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا من أراد الله به خير أسلم من اليهود وهم قليل.
{(وفي التوراة اليوم التي يقر اليهود بصحتها في السفر الأول أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وقال له ما معناه: [قم فاسلك في الأرض طولًا وعرضًا لولدك تعظيمًا]. ومعلوم أنه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد صلى الله عليه وسلم)}.
لاحظ أن ملك النبي -صلى الله عليه وسلم- وانتشار الإسلام في المشارق والمغارب؛ لأنها هي الأرض المعمورة، الأرض المعمورة إنما هي في المشارق والمغارب من جهة الشرق وجهة الغرب، لأن الشمال والجنوب -كما لا يخفى عليكم- ليست معمورة، حينما تتجه الشمال أو تتجه الجنوب يصعب فيها الحياة والعيش بسبب الأحوال المناخية المعروفة، ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- بلغ ملكه ودينه المشارق والمغارب.
{(ومعلوم أنه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الصحيح عنه أنه قال: «إنَّ اللهَ زوَى لي الأرضَ فرأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها وسيبلُغُ مُلْكُ أُمَّتي ما زوَى لي مِنْهَ»، وفيه أيضًا: [إن الله تعالى قال لإبراهيم: إما إسحاق يكون لك منه نسل وأما إسماعيل فإني باركته وكثرته وعظمته، وجعلت ذريته بنجوم السماء..] إلى أن قال: [وعظمته بماذ ماذ - أي بمحمد، وقيل: بأحمد- وقيل: جعلته عظيمًا عظيمًا وقيل جدًّا جدًّا])}.
أنا الذي عندي وجعل حدا، قد يكون في بعض النسخ، عمومًا هذا موجود في سفر التكوين، والآن سينقل لك المؤلف من سفر التكوين ومن سفر التثنية مواضع.
{(وفيه: [إن الله وعد إبراهيم أن ولده إسماعيل تكون يده عالية على كل الأمم، وكل الأمم تحت يده، وبجميع مساكن إخوته يسكن]، وقد علم أهل الكتاب وغيرهم أن إسماعيل -صلى الله عليه وسلم- لم يدخل قط إلى الشام ولا علت يده على إخوته)}.
إسماعيل -كما لا يخفى- حينما أمر الله -عز وجل- إبراهيم أن يذهب به إلى البيت العتيق، وجعله الله هو وأمه هاجر في مكة، وما جاوزها إسماعيل، بقي في مكة، ثم نزل جرهم اليمانية وتزوج إسماعيل من جرهم، ثم كانت السيادة لجرهم في مكة بقي، وخرج من نسل إسماعيل العرب العدنانية.
{(وقد علم أهل الكتاب وغيرهم أن إسماعيل -صلى الله عليه وسلم- لم يدخل قط إلى الشام ولا علت يده على إخوته، وإنما كان هذا لولده محمد صلى الله عليه وسلم)}، محمد -صلى الله عليه وسلم- ينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام-.
{(ولا ملك الشام ومصر من العرب أحد قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن فتحهما كان في خلافة الصديق والفاروق -رضي الله عنهما.
وفي السفر الرابع من التوراة التي بأيديهم اليوم ما معناه)} يعني سفر التثنية {([نبي أقيم لهم من أقاربهم من أخيهم مثلك يا موسى، أجعل نطقي بفيه]. ومعلوم لهم ولكل أحد أن الله -عز وجل- لم يبعث من نسل إسماعيل سوى محمد صلى الله عليه وسلم، بل لم يكن في بني إسرائيل نبي يماثل موسى إلا عيسى -عليه السلام-، وهم لا يقرون بنبوته، ثم ليس هو من إخوتهم)}، عيسى طبعًا كان رسولا لبني إسرائيل وكذبوا بنبوته واتبعه النصارى.
{(بل هو منتسب إليهم بأمه -صلوات الله وسلامه عليه-، فتعين ذلك في محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك ما ختمت به التوراة في آخر السفر الخامس ما معناه: [جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلى من جبال فاران])}، هذا في سفر التثنية وجبال فاران يبينها الآن جبال مكة.
{(ومعنى هذا أن الله جاء شرعه ونوره من طور سيناء الذي كلم موسى عليه، وأشرق من ساعير وهو الجبل الذي ولد به عيسى -عليه السلام- وبعث فيه، واستعلى من جبال فاران وهي مكة، بدليل أن الله أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن يذهب بإسماعيل إلى جبال فاران)}، هذا في سفر التكوين عندهم.
{(وقد استشهد بعض العلماء على صحة هذا بأن الله سبحانه أقسم بهذه الأماكن الثلاثة فترقى من الأدنى إلى الأعلى في قوله تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ﴾ [التين: 1، 2])}، وهذا من الإعجاز في القرآن {(ففي التوراة ذكرهن بحسب الوقوع، الأول فالأول، وبحسب ما ظهر فيهن من النور. وفي القرآن لما أقسم بهن ذكر منزل عيسى ثم موسى ثم محمد -صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين-، لأن عادة العرب إذا أقسمت ترقت من الأدنى إلى الأعلى. وكذا زبور داود -عليه السلام- والنبوءات الموجودة الآن بأيدي أهل الكتاب، فيها البشارات به صلى الله عليه وسلم كما يخبر بذلك من أسلم منهم قديمًا وحديثًا. وفي الإنجيل ذكر -الفارقليط)}، يعني البارقليط والفارقليط أو روح الحق هذه جزر هذه الكلمة ومعانيها تدل على مسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- في التوراة، اسمه أحمد ومحمد وهذا مذكور.
{(موصوفًا بصفات محمد صلى الله عليه وسلم سواء بسواء. وأما كلام أشعيا وأرميا فظاهر جدًا لكل من قرأه. ولله الحمد والمنة والحجة البالغة)}، يحمد الله الإنسان على هذه الحجة البالغة في أن الله -عز وجل- أقام الحجة على الخلق جميعًا بنبوته -صلى الله عليه وسلم- ودلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم-، وهذا كما ذكرنا لمن أراد الله -عز وجل- له الاهتداء، وأما المحال التي لا تقبل الاهتداء، فإن الله -عز وجل- لا يهديها ولا يوفقها ويعميها، لهذا دائمًا نسأل الله -سبحانه وتعالى- هذه الهداية.
{(فصل -أولاده: تقدم ذكر أعمامه وعماته عند ذكر نسبه المطهر صلى الله عليه وسلم.
فأما أولاده فذكورهم وإناثهم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، إلا إبراهيم من مارية القطبية، وهم)}، يعني أولاد النبي -صلى الله عليه وسلم- لحكمة أرادها الله -عز وجل-، أن الله -عز وجل- لم يجعل له ولد يبقى حيًّا لحِكَمٍ يعلمها الله -سبحانه وتعالى-، فأبناء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأولاده ماتوا -كما سيذكر-، وهذا من عظيم الابتلاء له -صلى الله عليه وسلم-، يعني: في حياته فَقَدَ عددًا من أولاده الذكور -كما سوف يأتي- والإناث، هذا مع عظيم كرامته على ربه، كونه سيد ولد آدم، وهذا يدلك على ما جاء في الحديث، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دينه، فإن كان في دينه صلابته زيد له في البلاء» -فصلوات ربي وسلامه عليه-، مات له كثير من الأولاد، لم يبقى له أحد حي إلا فاطمة ولحقته بعد ستة أشهر -صلوات ربي وسلامه عليه-.
{قال: (إلا إبراهيم من مارية القبطية وهم: القاسم، وبه كان يكنى لأنه أكبر أولاده، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة.
ثم بعد النبوة: عبد الله، ويقال له: الطيب والطاهر، لأنه ولد في الإسلام. وقيل: الطاهر غير الطيب. وصحح ذلك بعض العلماء. ثم إبراهيم من مارية، ولد له -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة في السنة الثامنة، وتوفي عن سنة وعشرة أشهر، فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ له مُرْضِعًا في الجَنَّةِ»، وكلهم مات قبله -صلى الله عليه وسلم-)}.
طبعًا حزن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لوفاة ابنه إبراهيم وزرفت عيناه، فقال له أصحابه: أأنت يا رسول الله؟ فأجابهم: إنها رحمة، وقال: «إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ والقَلْب يَحْزَنُ، وَلا نَقُولُ إِلا ما يُرضي رَبَّن»، وانكسفت الشمس يوم موته -صلى الله عليه وسلم-، فقال الناس: إنما كسفت الشمس لموت إبراهيم، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ»، -صلوات ربي وسلامه عليه-.
{(وكلهم مات قبله -صلى الله عليه وسلم- إلا فاطمة -رضي الله عنها- فإنها توفيت بعده بيسير)}، اللهم ارض عنها، اللهم ارض عن فاطمة، {قيل: (ستة أشهر على المشهور. وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: سبعون يومًا، وقيل: خمسة وسبعون يومًا. وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: مائة يوم)}.
في بعض الأحاديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سارها، وكان هذا الإسرار إسرار النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها أسرع الناس لحاقًا به -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان أسرع الناس بعده.
{(وقيل: مائة يوم، وقيل: غير ذلك. وصلى عليها علي، وقيل: أبو بكر. وهو قول غريب. وقد ورد في حديث أنها اغتسلت قبل موتها بيسير، وأوصت ألا تغسل بعد موتها، وهو غريب جدً)}، يعني هذا لا يصح {(وقد روي أن عليًا والعباس وأسماء بنت عميس زوجة الصديق وسلمى أم رافع وهي قابلتها غسلوها، وهذا هو الصحيح)}.
المسرة كانت الإسرار أنها أسرع الناس لحاقًا به، ثم الإسرار بما أخبر الله -عز وجل- لها في الجنة، حديث ربما يطول في ذكره وسياقه، فاطمة -رضي الله تعالى عنها وأرضاها-، ذكرنا موقف فاطمة -رضي الله عنها-، وعن أبي بكر والجواب عنه والكلام، فآل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهم كرامة وهم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه الكرامة لهم وهذه المنزلة لا تعني الغلو فيهم كما يفعل فئام من الناس.
{شيخنا، سؤال حفظك الله: ماذا توصي -حفظك الله- من ابتلي بفقد بعض أولاده؟}
لا شك أن العافية ينبغي أن يسألها الإنسان في كل زمان ومكان، وما دام في العمر بقية يسأل ربه العافية، والعافية لا يعدوها شيء وهي من عظيم النعمة، لأن الإنسان لا يدري أيصبر على البلاء، لكن إذا وقع هذا الشيء فله سلوة أو سلوى في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي الصحابة والتابعين ممن ابتلوا في مثل هذا، جاء في الحديث أن الله -عز وجل- إذا قبض ابن العبد قال في الحديث، قال الله -عز وجل-: «ماذا قال عبدي؟ قالوا: حمدك واسترجع، قال: قبضتم ثمرة عبدي -ثمرة قلبه- قال: حمدك واسترجع، فقال الله -عز وجل-: ابنوا له بيتًا فسموه بيت الحمد »، يعني لا شك أن موت الأبناء مصيبة عظيمة -نسأل الله العافية والسلامة-، لكن إذا وقع القدر لا يسع الإنسان فيه إلا الصبر والاسترجاع كما جاء في النصوص المباركة من كلام الله ومن كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ﴾[البقرة: 156- 157]، الآيات.
فهذا الأمر عظيم جدًّا، الابتلاء بهذا، فإذا وقع لا يسع فيه الإنسان إلا الصبر، وجاء في الحديث في البخاري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى »، الصبر هو الصدمة، وإلا ما بعد ذلك فهو أن يسلى الإنسان بطبيعته البشرية، فالصبر عند الصدمة الأولى أن يقول هذه وهذا الذكر العظيم، ولهذا مر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري بامرأة عند قبر وهي تولول، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اصبري»، فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ثم بعد ذلك جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى»، إذا وقع القدر فلا يمكن للإنسان أن يفر منه، عليه أن يصبر ويحتسب، ولا يسعه إلا ذلك حتى يكون له عظيم الأجر، لأنه إذا وقع المصاب لا يمكن أن يتغير، ليس ثَمَّ إلا الصبر، والصبر عاقبته حميدة في الدنيا والآخرة، وأما الجزاء والتولول فهذا لا يفيد الإنسان شيء، ومع هذا فدائم الإنسان يكثر من سؤال الله العافية، وأعظم دعاء يسأله الإنسان، أن يسأل ربه العافية، لكن إذا وقع الشيء فلابد من الصبر، والصبر واجب مثل هذه الأمور على من أصيب بمصيبة، والمصائب متنوعة، وكما ذكرنا موت النبي -صلى الله عليه وسلم- مع كرامة النبي -صلى الله عليه وسلم- كم مات له من الولد؟ كلهم ماتوا في حياته إلا فاطمة، ثم بعد ذلك لحقت به، هذا فيه تسليه لأهل المصائب.
{أحسن الله إليكم يا فضيلة الشيخ، وشكر لكم ما قدمتم، وجعله في ميزان حسناتكم}.
الله يبارك فيك، وحيا الله وأسأل الله -سبحانه وتعالى- للجميع التوفيق والعلم النافع والعمل الصالح.
{في ختام هذه الحلقة نشكركم أيها المشاهدون على طيب المتابعة، ونلقاكم -بإذن الله- في حلقة قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.