السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله أفضل ما ينبغي أن يحمد، وصلى الله وسلم
على أفضل المصطفيْن محمدٍ، وعلى آله وأصحابه ومن تعبَّد.
أما بعد، فأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من عباده المتقين، الذين إذا
نسوا تذكروا، وإذا أُنعم عليهم شكروا، وإذا أذنبوا استغفروا، ونسأل الله -سبحانه
وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من أهل العلم والعمل والتعليم والهدى والبر والتقى، وأن
يجنبنا الشر والردى.
أيها الإخوة الكرام، أيها الإخوة المشاهدون، هذه حلقةٌ من الحِلق التي كتب الله
-جلَّ وعلَا- أن نلتقيكم فيها، وأن نجتمع معكم؛ لنبحث مسائل من المسائل الشرعية،
والوقوف على تمام هذا الباب، وهذا الكتاب العظيم، الذي يتعلق بالفرائض.
كنا في المجلس الماضي، كانت منَّا إطلالةٌ سريعةٌ على أصول المسائل والدخول في
مسائل العول. ولعله في هذا المجلس -بإذن الله جلَّ وعلَا- أن نعود قليلًا؛ لتروا
بعض الأمثلة التي تتعلق بأصول المسائل، ونُكمل -بإذن الله- عند الموضع الذي
توقَّفنا عنده. فالله المسئول أن يعيننا على ما قصدناه.
فنرجع إذن إلى أصول المسائل، وقد ذكرت لكم أن المسألة إذا قسمت فروضها، فإنها حتى
تتم لك معرفة ما لكل وارثٍ بالنسبة إلى هذا الفرض، فإنك تجعلها أسهمًا، هذا البحث
في أصول المسائل هو الطريق إلى هذا القصد، أو هذا المعنى.
فأصول المسائل كما قلنا هي: اثنان، وثلاثةٌ، وأربعةٌ، وستةٌ، وثمانيةٌ، واثنا عشر،
وأربعةٌ وعشرون.
انظروا معي إلى ما يُعرض لديكم في هذه الشاشة؛ لتروا كيف تظهر أصول هذه المسائل.
المسألة الأولى مثلًا: إذا وجد عندنا مسألةٌ فيها نصفٌ، يعني أن يكون مثلًا هلك
هالكٌ عن: بنتٍ، وأختٍ شقيقةٍ. فالمسألة من اثنين، من النصف، فإذن تصح المسألة من
اثنين. للبنت كم؟ نصف الاثنين واحدٌ، وللأخت الشقيقة الباقي واحدٌ، فإذن، هي تأخذ
من التركة، أو تأخذ من هذه المسألة واحدًا من اثنين، وهذه واحدٌ من اثنين، هذا هو
حقيقة التأصيل للمسألة.
المسألة الثانية، أو الأصل الثاني: الذي هو الثلث، فليس كل مسألةٍ فيها ثلثٌ، فإنه
تصح من ثلاثةٍ.
يعني لو هلك هالكٌ مثلًا عن: أمٍّ، وعمٍّ. الأم كم لها؟ الثلث. العم الباقي.
المسألة ستكون من ثلاثةٍ، الأم لها الثلث من ثلاثةٍ واحدٌ، والباقي اثنان يكونان
للعم.
{العم يأخذ الثلث}.
بل العم يأخذ الثلثين.
الباقي، اثنان، ما يأخذ ثلاثةً، يأخذ الباقي، وهو اثنان من ثلاثةٍ، المسألة صحت من
ثلاثةٍ.
المسألة التي بعدها، مثلًا أصل أربعةٌ، إما أن يكون في المسألة ربعٌ فقط، مثلًا
هالك عن: زوجةٍ، وابن أخٍ شقيقٍ.
الزوجة لها الربع، وابن الأخ الشقيق له الباقي، فتصح المسألة من أربعةٍ، لها الربع
واحدٌ من أربعةٍ، ولها الباقي ثلاثةٌ، كذلك لو كان في المسألة نصفٌ وربعٌ، مثل
ماذا؟ مثل أن يكون في المسألة بنتٌ، وزوجٌ، فالمسألة من كم؟ من أربعةٍ؛ لأن أربعةً
واثنين بينهما تداخلٌ، فتصح المسألة من أربعةٍ، ولذلك رأيتم في المثال الأخير ربع
زائد نصف، يعني أي مسألةٍ فيها ربعٌ ونصفٌ، فتصح مسألتها من أربعةٍ.
الأصل الذي بعده ثمانيةٌ، هذا إذا كانت المسألة فيها ثمنٌ فقط، لو هلك هالكٌ عن
زوجةٍ، وابنٍ. الزوجة لها الثمن، والابن له الباقي، فتصح المسألة من ثمانيةٍ،
الزوجة لها واحدٌ من ثمانية، والباقي للابن وهو سبعةٌ.
أو فيها نصفٌ وثمنٌ، مثل أن يكون في المسألة: بنتٌ، وزوجةٌ، فيها نصفٌ وثمنٌ، فتكون
اثنين مع ثمانيةٍ، لو نظرنا بينهما، تداخلٌ، فبناءً على ذلك تصح من ثمانيةٍ، فتأخذ
الزوجة واحدًا من ثمانيةٍ، وتأخذ البنت أربعةً من ثمانيةٍ، فيبقى ثلاثةٌ، هذا مسألة
الرد، سيأتينا كيفية الكلام فيها.
وهذه لا يحدث فيها عولٌ ولا ازدحامٌ فيها لأصحاب الفروض.
بدأ المؤلف في الأصول التي فيها عولٌ؛ لأن هذا سياق المؤلف، أنا سقتها لكم منفردةً،
ثم رجعنا للعول وابتدأنا فيه.
قبل أن نأتي إلى هذه الأمثلة، نرجع إلى أصل ما تكلمناه عن العول، ذكرنا أن العول
حقيقته ازدحام الفروض، بأن تكون الفروض أكثر من أصل المسألة، وستأتينا الأمثلة،
يعني أن الأحوال في المسائل -وهذا الذي وقفنا عنده- ثلاثة أحوالٍ: أن المسائل إما
أن تكون مسألةً ناقصةً، وإما أن تكون عادلةً، وإما أن تكون عائلةً، فعلى سبيل
المثال، لو أن عندنا هلك هالكٌ عن: زوجةٍ فقط، هذه لها الربع، والباقي إذن أنقص من
جميع التركة، إنما المأخوذ منها الربع، فهي مسألةٌ ناقصةٌ.
المسألة العادلة التي تستوي الفروض مع التركة، لا فيها زيادةٌ ولا نقصانٌ، يعني مثل
ماذا؟ لو هلك هالكٌ مثلًا عن أختين شقيقتين، وأخوين لأمٍّ. الأختان الشقيقتان لهما
الثلثان، والأخوان لأمٍّ لهم الثلث. ثلثان وثلثٌ، المال تمامًا، أصل المسألة من
ثلاثةٍ، للأختين الشقيقتين اثنان من ثلاثةٍ، وللأخوين من أمٍّ واحدٌ من ثلاثةٍ، هذه
مسألةٌ عادلةٌ.
المسألة العائلة، لو وجد عندنا، هذه المسألة مثلًا: أخوان لأمٍّ، وأختان شقيقتان،
ومثلًا جدة، الجدة كم ستأخذ؟ السدس، الآن عندنا ثلثان، وثلثٌ، وسدسٌ، السدس هذا
زائدٌ، أليس كذلك؟ فبناءً على ذلك، هذه تكون عائلةً، وسيبين المؤلف -رحمه الله
تعالى- كيف الحكم فيها.
إذن، إذا وُجد عولٌ في هذه المسائل، فما الحكم؟
أولًا: ذكر أهل العلم أن هذه أول حدوثها كان في زمن عمر، يعني وقوع مثل هذه
المسائل، أن تكون الفروض أكثر من أصل المسألة، فالصحابة -رضي الله تعالى عنهم- في
جماهيرهم، وهو قضاء عمر، وتبعه على ذلك الصحابة، أن المسألة يُحكم فيها بالعول،
والنقص على الجميع بقدر نصيبهم، كمثل تحاصِّ الغرماء، إذا كانوا يطلبون شخصًا
دينًا، وليس عنده وفاء جميعهم، فيأخذ كل واحدٍ منهم بقدر ما له، فإذا افترضنا مثلًا
أن الذين يطلبونه مثلًا مليون ريال، هذا له مائتا ألفٍ الخمس، وواحدٌ له النصف،
خمسمائة ألفٍ، وواحدٌ له ثلاثمائة ألفٍ، وهو لم يترك إلا خمسمائة ألفٍ، هل نعطيها
صاحب الخمسمائة ألفٍ؟ هل نعطيها الاثنين ونترك الثالث؟ لا، فإذن هو سيكون عليهم
نقصٌ بقدر أنصبائهم، فالذي له نصف المليون، سيأخذ نصف الخمسمائة ألفٍ، والذي له
خمسها عشرون في المائة، سيأخذ كذلك النقص بقدره، مائة ألفٍ مثلًا، والذي له
ثلاثمائة ألفٍ سيأخذ مائةً وخمسين ألفًا، فحصل عندهم النقص بقدر أنصبائهم، كذلك
مسائل العول، هكذا حكم فيها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
طبعًا نُقل في هذا خلافٌ لابن عباس، وابن عباس يرى أن المُقدَّم هو من جاء ذكره في
كتاب الله أولًا، والأخير هو الذي يكون عليه النقص، وهذا على كل حالٍ، هو خلافُ ما
حكم به جماهير الصحابة، وعامة أهل العلم على القول بقول عمر والصحابة، ولأجل ذلك
هذا هو الذي عليه العمل، واستقر به قول أهل الفرائض على اختلاف المذاهب، واختلاف
العصور.
هذا أصل مسائل العول، وكيفية حصول العول فيها، يعني أن تزيد الفروض على أصل
المسألة، وما يمكن قسم الفروض عليها فيه، فإذا زادت حصل العول.
الفقهاء والفرضيون حصروا ذلك في أصولٍ معينةٍ، وبيَّنوا كيف يكون الحكم فيها، وكيف
تنتقل، فلأجل ذلك قال: العول أكثر ما يكون في الأصل ستة، فتعول المسألة إلى سبعةٍ،
وثمانيةٍ، وتسعةٍ، وعشرةٍ.
سنأخذ أول مسألةٍ، وهو: حصول النقص من ستةٍ إلى سبعةٍ، دعونا نرى الآن في المثال
الذي ظهر أمامكم: زوجٌ أخذ النصف، وأختان شقيقتان أخذتا الثلثين، النصف والثلثان
أكثر من واحدٍ، فبناءً على ذلك أول شيءٍ دعونا نترك كيفية الحكم في المسألة، يعني
طبعًا أن أنبِّه الإخوة المشاهدين ينظرون فقط إلى الفروض، التي هي جُعلت أولًا،
النصف والثلثين، أما الطريقة الثانية هذه فيها صعوبةٌ، فما نحتاج إليها، الآن هو
أخذ النصف والثلثان للأختين الشقيقتين. من كم تصح المسألة؟ تصح المسألة، اثنان
وثلاثةٌ، تصح من ستةٍ، إذا أعطينا كل واحدٍ نصيبه النصف من ستة كم؟ ثلاثة، الثلثان
من ستة كم؟ ثلثا المال أربعةٌ، فإذن هذا سيأخذ ثلاثة، وهذا سيأخذ أربعةً، ثلاثة
وأربعة، هو سيأخذ النصف ثلاثة، وهذا أربعة، ثلاثة وأربعة كم ستكون؟ سبعة. فانظر في
الأصل كيف كان العول، كيف حدث العول، بدل ما كان يأخذ ثلاثةً من ستةٍ، الذي هو نصف
المال، صار يأخذ ثلاثةً من سبعةٍ، الذي هو أقل من النصف، فحصل عليه نقصٌ بقدر
نصيبه.
أيضًا الثانية، الأختان الشقيقتان، كانتا، أو حُكم لهما بأربعةٍ من ستةٍ، وهذا هو
ثلثا المال، لكن لما عالت فصارت من سبعةٍ، فسيأخذون أربعةً من سبعةٍ، يعني أقل من
الثلثين. الأحسن أن تُكتب المسألة الستة فوق الاثنين والثلثين، تكون فوقها ستة،
طريقة الفرضيين، ثم يخطُّ عليها، أو يشطب عليها بخطٍ صغيرٍ، ثم يجعل بإزائها سبعةً،
فكأن المسألة صحَّت من سبعةٍ. إذن هذا أول مسائل العول، وهو أن تعول من ستةٍ إلى
سبعةٍ.
المثال الثاني: عالت فيه من ستةٍ إلى ثمانية، عندنا: زوجٌ، وأختٌ شقيقةٌ، وأمٌّ.
الزوج كم يأخذ؟ يأخذ النصف. والأخت الشقيقة تأخذ النصف؛ لوجود الشروط الخمسة، عدم
المعصِّب، عدم المشارك، عدم الأصل من الفروع الوارث، عدم الفرع الوارث، انفرادها.
الأم كم تأخذ؟ الثلث؛ لأنها عدم وجود الجمع من الإخوة، وعدم وجود الفرع الوارث. إذن
لو نظرنا ثلاثة، وثلاثة، واثنان، هذه مم تصح المسألة؟ اثنان واثنان وثلاثة؟ اثنان
واثنان بينهما مماثلةٌ، اثنان وثلاثة بينهما مباينةٌ، اثنان في ثلاثةٍ يساوي ستة،
فتصح المسألة أصل المسألة مكتوب عندكم في الجانب الأيسر، والأحسن أن تكون فوق
المسألة، يعني، أن يُخَطَّ فوق المسألة خطٌّ، ثم يُكتب ستة فوقها، إذن ستة، لو
أردنا أن نقسم السهام، فالزوج سوف يأخذ النصف، نصف الستة كم؟ ثلاثةٌ، الأخت الشقيقة
النصف ثلاثةٌ، الأم ستأخذ الثلث، وهو اثنان، اجمع الآن، عندنا النصف ثلاثةٌ، ونصفٌ
للأخت الشقيقة ثلاثةٌ، واثنان، هذه ثمانية، فإذن سيكون أصل المسألة ثمانية بدل
ستةٍ، فبدل أن كان يأخذ ثلاثةً من ستةٍ، الذي هو نصف المال، صار يأخذ ثلاثةً من
ثمانية، الذي هو أقل من النصف، فعالت عولًا أكثر من المسألة الأولى التي إلى سبعةٍ.
المسألة الأخرى: زوجٌ، وأختان شقيقتان، وأختان لأمٍّ. الزوج أخذ النصف لعدم الفرع
الوارث. الأختان الشقيقتان أخذتا الثلثين؛ لوجود الشروط الأربعة: عدم المعصِّب، عدم
الفرع الوارث، عدم الأصل من الذكور الوارث، كونهما اثنتين فأكثر. هنا الأختان لأمٍّ
أخذت الثلث، لماذا؟ لوجود الشروط الثلاثة، وهو: عدم الأصل من الذكور الوارث، عدم
الفرع الوارث، أن يكونا اثنين فأكثر.
فإذن، لو نظرنا بين اثنين، وثلاثةٍ، وثلاثةٍ، أيضًا أصل المسألة من ستةٍ، للزوج
ثلاثةٌ من ستةٍ، للأختين الشقيقتين أربعةٌ من ستةٍ، للأختين من أمٍّ ثلثٌ، اثنان من
ستةٍ، اجمع، ثلاثةٌ وأربعةٌ واثنان، تسعةٌ، فنشطب على الستة، ثم نجعل التسعة، فبدل
ما كان يأخذ الزوج ثلاثةً من ستةٍ، صار يأخذ ثلاثةً من تسعةٍ، يعني ثلث المال بدل
نصفه. الأختان الشقيقتان بدل ما كانتا تأخذان أربعةً من ستةٍ، صارتا يأخذان أربعةً
من تسعةٍ، يعني أقل من نصف المال، فحصل عليهم النقص بقدر أنصبائهم. والأختان لأمٍّ
أخذتا اثنين من تسعةٍ، بدل من اثنين ستةٍ. هذه إذن المسألة، ولذلك قلنا إنها صحت من
تسعةٍ بدلًا الستة.
ننظر إلى المثال الذي بعده، كما قلنا هذه صحت من تسعةٍ، الحال الأخيرة لحال أصل من
ستة، كيف يعول إلى عشرةٍ: زوجٌ، وأختان شقيقتان، وأختان لأمٍّ، وأمٌّ. الزوج يأخذ
النصف. الأختان الشقيقتان الثلثين. الأختان لأم الثلث. الأم تأخذ السدس؛ لوجود
الجمع من الإخوة.
الآن أيضًا هذه تصح من ستةٍ؛ لأن عندنا أصل اثنين، وثلاثة، الذي هو الثلثان وثلث
وستة، اثنين مع الستة فيها مداخلةٌ، الثلاثة مع الستة فيها مداخلةٌ، فإذن أصل
المسألة من ستةٍ. الزوج يأخذ ثلاثةً من ستةٍ، والأختان الشقيقتان أربعةً من ستةٍ،
والأختان لأمٍّ اثنان من ستةٍ. والأم واحدٌ من ستةٍ. طيب اجمع، ثلاثة، وأربعة،
واثنان، وواحد، عشرة. فإذن بدل أن تكون المسألة من ستةٍ، صارت المسألة من عشرةٍ،
فمن كان يأخذ ثلاثةً من ستةٍ، الذي هو النصف، صار يأخذ ثلاثةً من عشرةٍ، الذي هو
أقل من الثلث. والأم التي كانت تأخذ واحدًا من ستةٍ الذي هو سدس المال، صارت تأخذ
واحدًا من عشرةٍ، الذي هو عشر المال، فهنا حصل عولٌ على الأصل ستةٍ، فهذه الأحوال
التي يعول فيها الأصل ستةٌ إلى سبعةٍ، وإلى ثمانيةٍ، وإلى تسعةٍ، وإلى عشرةٍ.
ننتقل إلى المسائل التي فيها عول بين أصل اثني عشر.
لو وجد عندنا كما في المثال الذي أمامكم: زوجٌ، وبنتان، وأمٌّ.
الزوج يأخذ الربع، والبنتان يأخذن الثلثين، والأم السدس. لو نظرنا بين أربعةٍ
وثلاثةٍ وستةٍ، أصل المسألة من اثني عشر؛ لأننا نقول: ثلاثةٌ وستةٌ بينها تداخلٌ،
ستةٌ وأربعةٌ بينها موافقةٌ، فنأخذ وفقها، الذي هو اثنان في ستةٍ باثني عشر، طبعًا
أنا أقولها لكم على وجه السرعة؛ لأنه لا يمكننا أن نبيِّن هذا تفصيلًا، وهذا سيحتاج
إلى وقتٍ، لكنها مسائل حسابيةٌ معروفةٌ.
هنا إذن المسألة من اثني عشر، سنقسم الآن على أصحاب الفروض، قبل أن أبين لكم
الطريقة التي سرنا عليها، الإخوة في الأمثلة التي أوردوها لكم، ذكروا الكسر الآخر
الذي صحَّت منه، كسرًا، وهذا فيه صعوبةٌ أن نعيد عليه، هو صح ثلاثةٌ من اثني عشر،
ثمانيةٌ من اثني عشر كذلك، لكن فيه صعوبةٌ أن نشرح بهذه الطريقة، وهذه ليست التي
جرى عليها أكثر الفرضيين، لكن مسائل الحساب كيف ما أوصل إلى المقصود حصل المراد،
لكن نحن نسير على طريقة أهل الفرائض عامةً، فذكرناها لكم، فالإخوة الذين يتابعوننا،
يمكن أن يكتب بورقةٍ، يكتب الأرقام الآن أربعة وثلاثة وستة وستة، ثم جعلنا أصل
المسألة من اثني عشر، كيف نقسم هذا؟ الربع من اثني عشر ثلاثةٌ، الثلثان من اثني عشر
ثمانيةٌ، السدس من اثني عشر اثنان، فإذن إذا جمعت الربع، الذي هو ثلاثةٌ، مع
ثمانية، مع اثنين، هذه ثلاثة عشر، فبدل أن كانت المسألة من اثني عشر، صارت من ثلاثة
عشر، فعالت، فالذي كان يأخذ أربعةً من اثني عشر، صار يأخذ أربعةً من ثلاثة عشر،
والذي كان يأخذ ثمانية من اثني عشر، صار يأخذ ثمانية من ثلاثة عشر، نقص نصيبه أم
لا؟ لأن ثمانية من ثلاثة عشر سهمًا، ليست مثل ثمانية من اثني عشر سهمًا، يعني أنت
تفترض أن التركة اثنا عشر سهمًا، فالذي يأخذ ثمانية، يأخذ ثلثيها، فإذا كان يأخذ
ثمانية من ثلاثة عشر، صار أقل من الثلثين. واضح؟ فالسدس اثنان من اثني عشر، صارت
اثنين من ثلاثة عشر، هذا بيان هذه الحال.
المسألة الثانية التي فيها عول: أن تعول هذه المسألة إلى خمسة عشر، يعني أصل اثني
عشر يعول إلى خمسة عشر، وهي المسألة التي أمامكم: زوجٌ، وأبٌ، وأمٌّ، وبنتان. الزوج
أخذ الربع؛ لوجود البنتين، والأب أخذ السدس، ولذلك كل مسائل العول لا تعصيب فيها؛
لأن المعصِّب إنما يأخذ بعد الفروض، إذا كان فيها عولٌ ما فيه بقيةٌ بعد الفروض.
فالأم تأخذ السدس. البنتان تأخذان الثلثين. لو نظرنا بين ثلاثةٍ وستةٍ، بينهما
مداخلةٌ، وستة وستة بينهما مماثلةٌ، ستةٌ وأربعةٌ، بينهما موافقةٌ، فنأخذ وفق
أحدهما اثنان في ستة، أو ثلاثة في أربعة باثني عشر، فسيأخذ الزوج ثلاثة من اثني
عشر، والأب اثنان من اثني عشر، والأم اثنان من اثني عشر، والبنتان ثمانية من اثني
عشر.
إذا جمعنا هذه الأسهم، ثلاثة واثنان واثنان وثمانية، هذه ستكون خمسة عشر، فمن كان
يأخذ ثلاثةً من اثني عشر الذي هو ربع المال، سيأخذ ثلاثةً من خمسة عشر، الذي هو خمس
المال، والذي كان يأخذ اثنين من اثني عشر، سيأخذ اثنين من خمسة عشر، أقل من ذلك،
أقل من الخمس، ومثل ذلك الأم سواءً بسواءٍ، ثمانية من اثني عشر، الذي هو ثلثي
المال، سيأخذن ثمانية من خمسة عشر، أكثر من النصف بقليلٍ، فذهب حقهم الذي هو
الثلثان.
إذن هذه الحال الأخيرة من أحوال الاثني عشر، وهو أن يعول إلى سبعة عشر. تأملوا هذه
المسألة: زوجةٌ لها الربع، وأمٌّ لها السدس، وأختان شقيقتان لهما الثلثان، وأختان
لأمٍّ لهما الثلث.
لو نظرنا بين الأصول، هذه أربعةٌ وستةٌ وثلاثةٌ وثلاثةٌ، ثلاثةٌ وثلاثةٌ مماثلةٌ،
وثلاثةٌ وستةٌ مداخلةٌ، ستةٌ وأربعةٌ بينهما موافقةٌ، فأصل المسألة من اثني عشر.
إذا قسمناها، الربع ثلاثةٌ، والسدس اثنان، والثلثان ثمانيةٌ، والثلث أربعةٌ، أربعةٌ
وثمانيةٌ اثنا عشر، اثنا عشر واثنان أربعة عشر، وثلاثةٌ سبعة عشر، فإذن صارت
المسألة من سبعة عشر، فتشطب على اثني عشر، وتكتب سبعة عشر، فمن له شيءٌ كان يأخذ من
اثني عشر، صار يأخذه من سبعة عشر، فالذي كان له ثلاثةٌ من اثني عشر، صار له ثلاثةٌ
من سبعة عشر، الذي كان له اثنان من اثني عشر، الذي هو سدس المال، صار يأخذ اثنين من
سبعة عشر، أقل من الثمن، وثمانية من اثني عشر الذي هو ثلثا المال، صار ثمانيةً من
سبعة عشر، الذي هو أقل من النصف، فحصل عليه النقص بهذا. أربعةٌ من اثني عشر الثلث،
صار أربعةً من سبعة عشر، أقل من الربع، الربع أربعةٌ من ستة عشر، فصار يأخذ أقل من
الربع.
إذن، هذا ما يتعلق بأصل اثني عشر، وما يعول إليه، يعول إلى ثلاثة عشر، وإلى خمسة
عشر، وإلى سبعة عشر.
ننتقل بعد ذلك إلى أربعٍ وعشرين، وفيه مسألةٌ يعول إليها، لا يعول إلى أكثر منها،
وهو أن تعول المسألة من أربعٍ وعشرين، إلى سبعٍ وعشرين، أو سبعةٍ وعشرين، على حسب
سياق الكلام.
هذا المثال الذي يتعلق بذلك، هذا مثالٌ يتعلق بعولها من أربعةٍ وعشرين، إلى سبعةٍ
وعشرين: الزوجة كم تأخذ في المسألة؟ الثمن، لوجود البنتين. الأب كم يأخذ؟ يأخذ
السدس؛ لوجود البنتين، ولم يأخذ الباقي كما قلنا؛ لأنه ليس يبقى في المسألة شيءٌ،
الأم كم ستأخذ؟ السدس لماذا؟ لوجود البنتين. البنتان كم سيأخذن؟ الثلثين.
الآن لو أردنا أن ننظر في أصل المسألة، ثلاثةٌ وستةٌ بينهما مداخلةٌ، وستةٌ وستةٌ
بينهما مماثلةٌ، وستةٌ وثمانيةٌ بينهما موافقةٌ، يتفقون في أربعةٍ، فأربعةٌ في ستةٍ
بأربعةٍ وعشرين، أو في ثلاثةٍ وفق الستة، ثلاثة في ثمانيةٍ بأربعٍ وعشرين، هذه
طبعًا لها حساباتٌ عند أهل الحساب، الوفق إما أن يكون أربعةً، وإما أن يكون ثلاثةً.
لو قسمنا الثمانية على اثنين فيها أربعةٌ، في ستةٍ، أو ستة قسمت اثنين فيها ثلاثة،
ثلاثة في أربعة، فكلها يكون هذا وفقها، إما الثلاثة وإما الأربعة.
إذن، الآن أصل المسألة من أربعٍ وعشرين، تأخذ الثمن من أربعٍ وعشرين كم؟ ثلاثة،
والسدس من أربعةٍ وعشرين أربعة، السدس من أربعةٍ وعشرين للأم أربعةٌ، الثلثان من
أربعٍ وعشرين ستة عشر، لو جمعناها، ثلاثة وأربعة هذه سبعة، سبعة وأربعة إحدى عشر،
إحدى عشر وستة عشر، سبع وعشرين. إذن أكثر من المسألة، فبناءً على ذلك نشطب على
أربعٍ وعشرين، ونجعلها سبعًا وعشرين، فمن كان له شيءٌ يأخذه من أربعةٍ وعشرين، صار
يأخذه من سبعةٍ وعشرين، فحصل عليهم نقصٌ بالتساوي، أو نقول عولٌ بالتساوي، فكان
يأخذ ثلاثةً من أربعةٍ وعشرين، فصار يأخذ ثلاثةً من سبعةٍ وعشرين، الذي هو تسع
المال، وأخذ أربعةً من أربعةٍ وعشرين، صار يأخذ أربعةٌ من سبعةٍ وعشرين، الذي هو
أقل من الربع، أليس كذلك؟ ربع الأربعة وعشرين ستةٌ، وربع السبعة وعشرين أقل من
الربع بكثيرٍ. ومثل ذلك الأم تأخذ أربعةً من سبعٍ وعشرين. البنتان يأخذن ستة عشر من
سبع وعشرين، بدل ستة عشر من أربعٍ وعشرين. فانتقل من كونهما يأخذن الثلثين، إلى ما
يقارب أكثر من النصف، وأقل من الثلثين.
هذا إذن ما يتعلق بما عالت إليه المسألة إلى أربعٍ وعشرين، إلى سبعٍ وعشرين.
هذه مسائل العول، وطريقة الحكم فيها، يتلخص لك مما سبق: أن أصول المسائل اثنان،
وثلاثةٌ، وأربعةٌ، وستةٌ، وثمانيةٌ، واثنا عشر، وأربعةٌ وعشرون.
من هذه الأصول لا يعول البتة: اثنان، وثلاثةٌ، وأربعةٌ، وثمانيةٌ.
هذه ما فيها عولٌ، إذا كان أصل المسألة من ثمانية، اعرف أنه ليس فيها عولٌ البتة.
إذا صحَّت المسألة من ستةٍ، أو اثني عشر، أو أربعةٍ وعشرين، فيمكن أن تكون المسألة
فيها عولٌ، وتعول إلى ما ذكرنا، الستة إلى: سبعةٍ، وثمانيةٍ، وتسعةٍ، وعشرةٍ، حسب
الأمثلة التي تقدَّم ذكرها. اثنا عشر يعول إلى ثلاثة عشر، وخمسة عشر، وسبعة عشر.
أربعةٌ وعشرون يعول مرةً واحدةً إلى سبعةٍ وعشرين.
هذه مسائل العول، أظن أنها واضحةٌ، وكما ترون، أن مسائل العول تدخل على أصحاب
الفروض، لماذا؟ لما ذكرناه لكم سابقًا، أن حقيقة التعصيب إنما هو بعد ما يبقى بعد
الفروض، وإذا كان فيها عولٌ، فليس فيها شيءٌ يبقى، فلذلك ترون أن الأمثلة التي معنا
جميعها إنما هي في أصحاب الفروض.
ننتقل بعد ذلك إلى ما يُقابل العول، وهو الرَّد، فما حقيقة الرَّد؟
الرَّد حقيقته هو: الرجوع بالشيء، الرجوع حقيقته في الاصطلاح: أنه الرَّد على أصحاب
الفروض النسبية، لبقية في المسألة، يعني إذا بقي في المسألة بقيةٌ، فإنه يُردُّ على
أصحاب الفروض، وهنا يتبين لك أيضًا أن الرَّد مثل العول، فكما أنه لا يدخل فيه
أصحاب التعصيب، لماذا؟ لأن صاحب التعصيب يأخذ المال الباقي كله، ما في شيءٌ يُردُّ،
فإذن، ليس في مسائل الرد تعصيبٌ، أو أحدٌ من الورثة بالتعصيب. وأن الرَّد على أصحاب
الفروض جميعًا أو لا؟ وأن الرَّد على أصحاب الفروض النسبية، فيُخرج من ذلك الزوجين،
فلا يدخل عليهم الرَّد. وهذه مسألةٌ سيأتي الكلام عليها.
حتى تتبينوا كيف مسائل الرَّد، ما معناها؟ المثال أمامكم الآن، لو عندنا الآن:
أمٌّ، وأخٌ لأمٍّ. الأم أخذت الثلث، والأخ لأمٍّ السدس. ثلثٌ وسدسٌ كم؟ نصفٌ، فمعنى
ذلك: أن المسألة من ستةٍ، أعط الأم الثلث من ستةٍ، اثنان، والأخ لأمٍّ السدس من
ستةٍ، واحدٌ، صار ثلاثةً، أين يذهب الباقي، الثلاثة الباقية؟ فكما أننا نحكم هناك
بالعول، نحكم بالرَّد، فنشطب الستة، ونضع ثلاثةً، فهذا تأخذ الأم الثلث، الذي هو
بدل أن كانت تأخذ الثلث الذي هو اثنان من ستةٍ، صارت تأخذ اثنين من ثلاثةٍ، الذي هو
ثلثا المال، والأخ لأمٍّ كان يأخذ واحدًا من ستةٍ، الذي هو سدس المال، فصار يأخذ
واحدًا من ثلاثةٍ، فصار يأخذ ثلث المال، يعني تضاعف نصيبه بقدر إرثه، كما تضاعف
نصيب الأم بقدر إرثها، فلذلك صحَّت المسألة من ثلاثةٍ.
هذا ماذا أريد أن أوضِّح لكم؟ كيفية حصول الرَّد.
من يقول بالرَّد من أهل العلم؟ أو هل إذا حصل عندنا مثل هذه المسألة نرد المال؟ أو
أن نعطيهم حقهم، ثم نأخذ الباقي، ونضعه في بيت المال؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة، في أن إذا أُعطي أصاحب الفرائض، وبقي قدرٌ من
المال، لم يوجد له وارثٌ، فهل يُردُّ عليهم، أو يُجعل في بيت المال؟ المشهور من
المذهب عند الحنابلة، وقول بعض الفقهاء: أنه يُردُّ على الورثة؛ لأن هذا هو حكم
الصحابة، أكثر الصحابة على ذلك، خلافًا لزيد بن ثابت، ولأن النبي –صلى الله عليه
وسلم- قال: من ترك مالًا فلورثته، فحق هذا المال أن يكون لورثته، يعطون فروضهم، وما
زاد يُعاد تقسيمه عليهم بقدر أنصبائهم، ولعموم قول الله -جلَّ وعلَا-: ﴿وَأُولُو
الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: 75]، فهم أولى من غيرهم،
فلأجل ذلك قالوا بالرَّد.
من منع ذلك، قالوا: «إن الله أعطى كل ذي حقٍّ حقه»، فما يبقى يكون لبيت المال، ولا
يُزاد عليهم على الفرائض التي نصَّ الله عليها في كتابه.
يقول الجمهور: كما أن المسائل تعول عليه في بعض الأحوال، فكذلك يكون الرَّد عليهم
إذا زادت التركة عن فروضهم.
لِمَ لَمْ يدخل الزوجان في الرَّد؟ هذه من المسائل التي كل من قال بالرَّد، قال بأن
الرَّد يكون على غير الزوجين، وذلك لأن الآية قال الله -جلَّ وعلَا- فيها:
﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: 75]، وهؤلاء ليسوا
من الأرحام، فهذا يأخذ نصيبه ويذهب، وقالوا: إن هذا هو حكم الصحابة، وتتابع على ذلك
أهل العلم، أن الرد لا يكون على الزوجين.
فبناءً على ذلك: كيفية القسمة في مسائل الرَّد، هذه لها طريقةٌ بسبب، هل يوجد فيها
زوجان أو لا يوجد فيها؟.
إذن يقولون: إذا كان المسألة ليس فيها زوجان، فلا يخلو إما أن يكون الوارث واحدًا،
فإنه يأخذ المال فرضًا وردًّا، يعني لو هلك هالكٌ عن أخٍ لأمٍّ، الأخ لأمٍّ يأخذ
السدس، لكن نقول: يأخذ المال كله، السدس فرضًا، والباقي ردًّا. لو هلك هالكٌ عن
أختٍ لأبٍ، فتأخذ النصف فرضًا، والباقي ردًّا. لو هلك هالكٌ عن جدةٍ، فالجدة تأخذ
السدس فرضًا، والباقي ردًّا. لو هلك هالكٌ عن بنتي ابنٍ، فهما يأخذن الثلثين، فرضًا
والثلث، أو الباقي ردًّا، وهكذا.
طريقة ذلك كما ذكرنا، أنه يُحكم في المسألة من عدد السهام، نقسم المسألة طبعًا لم
يوجد أمثلةٌ حُضِّرت لكم في هذا المقام، لكن أنا سأذكرها مشافهةً، وكما قلت للإخوة
المشاهدين، أنه ينبغي أن تحرِّك ذهنك قليلًا، وتتعود أن تكون المسائل التي تتلى
عليك إما أن تكون مكتوبةً، وإما أن تكون متلوةً، يعني مشافهةً؛ حتى يتحرَّك ذهنك
لزيادة الفهم، والقدرة على الاستيعاب.
فلو مثلًا هلك هالكٌ عن: بنتٍ، وجدةٍ. فالبنت لها النصف، والجدة لها السدس. بقي
ثلثٌ، ليس له أحدٌ، فهذه المسألة عند من لا يقول بالرَّد، يقول: الباقي لبيت المال.
نقسم المسألة من ستةٍ، للبنت النصف ثلاثةٌ، وللجدة السدس واحدٌ، هذه أربعةٌ، اثنان،
ثلث المال، نذهب به إلى بيت المال.
لكن إذا قلنا بالرَّد، فنقول هنا: إن المال جميعه لهما، كيف نقسم المسألة؟ مثل ما
قلنا، لها ثلاثةٌ من ستةٍ، وهذه لها واحدٌ من ستةٍ، ثم نجمع ثلاثةً وواحدًا،
أربعةً، فنجعل مصح المسألة، أو أصل المسألة من أربعةٍ، فبدل أن كانت تأخذ ثلاثةً من
ستةٍ، صارت تأخذ ثلاثةً من أربعةٍ، يعني كم من المال؟ ثلاثة أرباع المال، والجدة
بدل أن كانت تأخذ سدس المال، واحدًا من ستةٍ، صارت تأخذ واحدًا من أربعةٍ، يعني ربع
المال. فزاد في أنصبائهم بقدر كل ما كان يرث أحدهم من الفريضة.
مثالٌ آخر فيه مسألةٌ من مسائل الرَّد: لو هلك هالكٌ عن: عشر أخواتٍ شقيقاتٍ، وأختٍ
لأبٍ. العشر الأخوات الشقيقات كم يأخذن؟ يأخذن الثلثين، والأخت لأبٍ تأخذ الباب،
تُمسك الباب، ليس لها شيءٌ، استكملت الأخوات الشقائق الثلثين، فهي مسكينةٌ خرجت، لم
تأخذ شيئًا. فبناءً على ذلك يأخذن الأخوات الشقيقات ثلثي المال. إذن أصل المسألة من
ثلاثةٍ، لهما الثلثان كم؟ اثنان، والباقي واحدٌ، يُردُّ عليهم، كيف يُردُّ عليهم؟
نجعل المسألة بدل ما تصح من ثلاثةٍ، يأخذ اثنين من ثلاثةٍ، نجعلها من اثنين، فيأخذن
اثنين من اثنين، يعني جميع المال هو لهن.
مثالٌ آخر: لو هلك هالكٌ عن: جدةٍ، وأخٍ لأمٍّ. الجدة تأخذ السدس. والأخ لأمٍّ
السدس أيضًا؛ للثلاثة شروطٍ: عدم وجود الفرع الوارث، عدم وجود الأصل من الذكور
الوارث، انفراده. فإذن، السدس والسدس بينهما مماثلةٌ، المسألة ستصح من ستةٍ، للجدة
السدس من ستة واحدٌ، وللأخ لأمٍّ السدس من ستة واحدٌ، فأربعةٌ ستكون تُردُّ عليهم،
فبناءً على ذلك هم لهم سهمان، فبدل أن تصح المسألة من ستةٍ، تصح من اثنين.
إذن، لما كانت الجدة تأخذ واحدًا من ستةٍ، الذي هو سدس المال، صارت تأخذ واحدًا من
اثنين، الذي هو نصف المال.
الأخ لأمٍّ أيضًا كذلك، كان يأخذ واحدًا من ستةٍ، الذي هو سدس المال، فصار يأخذ
واحدًا من اثنين، الذي هو نصف المال، فهذه هي مسائل الرَّد.
أعطيكم مثالًا آخر: بقي طبعًا القسم الآخر، إذا كان في المسألة زوجٌ، ما أدري هل
سيمكننا أن نأتي به أو لا، على كل حالٍ، سأشير إليه إشارةً سريعةً، ثم لعل أمثلته
أن تأتينا في المجلس القادم. أعطيكم المثال هذا، ثم نرجع إليه. له هلك هالكٌ عن:
أخٍ لأمٍّ، وعمٍّ. فالأخ لأمٍّ يأخذ السدس. والعم يأخذ الباقي، إذن كم يُردُّ على
الأخ لأمٍّ؟ لا يُردُّ شيءٌ، إذن هذه ليست من مسائل الرَّد؛ لأن باقي المال قد أخذه
العم، فالمسألة ستصح من ستةٍ، للأخ لأمٍّ واحدٌ من ستةٍ، وللعم الباقي، خمسةٌ من
ستةٍ، فليست من مسائل الرَّد، فأنا أردت أن ألفت انتباهكم إلى أن أي مسألةٍ فيها
تعصيبٌ، فإنه لا يمكن أن يتصور فيها ردٌّ، فكما أنه لا يمكن أن يكون في مسائل العول
تعصيبٌ؛ لأن الفروض زائدةٌ، فلا تعصيب لأنها استحوذت على المال كله، فكذلك المعصِّب
يستحوذ على بقية المال، فلا يمكن أن يكون فيها ردٌّ.
ننتقل إلى كان فيها أحد الزوجين، ثم أشار للخلاف بقوله: الزوجان لا يُردُّ عليهم،
مع أن من يقول بالرَّد عليهم، يقول: كيف؟ إذا عالت يحصل النقص عليهما، فالأصل أنه
إذا رُدَّ يُردُّ عليهما، لكن نقول: لما كان هذا قول الصحابة، وقول عامة أهل العلم،
فإنَّا لا يمكن لنا أن نتجاوز ذلك، ولا أن نُغفله، وأيضًا دلالات النصوص فيها ما
يُشعر بذلك ويقويه، والحكم حكم الله -جلَّ وعلَا- في حصول النقص على أحدٍ، أو
الزيادة له، وهذا أيضًا اجتهادٌ من الصحابة، واجتهاد الصحابة أوفق، وقولهم أدق،
وعلمهم أفقه، فلا نزيد على قولهم وعلمهم.
لو كان عندنا مثلًا: زوجٌ، وأخٌ لأمٍّ. فهنا كيف سنفعل بالمسألة؟ الزوج سيأخذ نصفه.
والأخ لأمٍّ سيأخذ السدس. المسألة ستصح من ستةٍ؛ لأن اثنين وستة بينهما تداخلٌ،
فتصح المسألة من ستةٍ، سيأخذ ثلاثةً من ستةٍ، والأخ لأمٍّ سيأخذ واحدًا من ستةٍ.
فيقولون: إذا كان المردود عليه بعد مسألة الزوجية واحدًا، يأخذ ما بقي بعد ذلك. هذه
هي ما يتعلق بإذا رُدَّ على أحد الزوجين.
طبعًا ثَمَّ مسائل إذا كان في المسألة أكثر من شخصٍ، يعني مثلًا لو كان ثلاثة إخوةٍ
لأمٍّ، فأيضًا يكون المال بينهم بالسَّوية، ولا يكون فيها إشكالٌ، زوجٌ، واثنان، أو
خمسة إخوةٍ لأمٍّ، سيأخذون الثلث، ثلث والنصف أيضًا بقي لهم سدسٌ، سيزيد من نصيبهم،
سينتقلون إلى أن يأخذوا نصف المال، هذا لا إشكال فيه، لكن إذا وُجد أكثر من جهةٍ،
هذه لها حسابٌ، ولها طريقةٌ في الحساب، هي قريبةٌ مما يتعلق بتصحيح الانكسارات التي
سنأخذها في أول اللقاء القادم، فلعلنا أن نتركها في ذلك الحين.
وأصلها أو بيانها، تُجعل مسألةٌ للزوجية، ومسألةٌ لهم، ثم يُنظر بين ما صحَّت منه
مسألة أصحاب الرَّد مع ما بقي لهم من مسألة الزوجية، بالنِّسب، إما المباينة أو
الموافقة أو المماثلة، وسيأتي تفصيل ذلك، في أول اللقاء القادم؛ لأنه لم يبق في
الوقت متَّسعٌ حتى نبيِّن ذلك، ولا يمكن أن نأخذها مبتوتةً، فلا يكون الفهم فيها
دقيقًا، والعلم بها رصينًا.
أسأل الله أن يجزيكم خيرًا، فتح الله فهومكم، وزادكم في العلم، وأنار قلوبكم بتمام
الفقه، وجعل ذلك لوجهه خالصًا، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم من
العلماء العاملين، ومن العبَّاد المعلِّمين، القائمين بالخير، الداعين له، وأن
يجعلنا مناراتٍ للعلم، هادين للخلق، معلمين للخير، نابذين للشر، معانين على ذلك في
كل أحوالنا وأمورنا، نسأل الله -جلَّ وعلَا- أن يحيينا على الإسلام والسنة، وأن
يميتنا على ذلك، وأن يحيي بنا الإسلام والسنة والعلم والهدى، إن ربنا جوادٌ كريمٌ.
شكر الله للإخوة، الذين قاموا بتصوير هذه الحلقة، وإخراجها، ونقلها، وإتاحة الفرصة
لها في هذه الفضائيات، أن يسمعها من حرصٍ على العلم، ورغب فيه، جعل الله هذا
المنارة قائمةً، وهذا العلم مستمرًا، ونفع الله به الإسلام والمسلمين، وصلى الله
وسلَّم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأترككم في حفظ الله
ورعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.