السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أيها الإخوة المشاهدون والمشاهدات، وطلاب العلم،
الراغبين فيه، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعيننا وإياكم على البر والهدى، والعلم
والتقى.
الحمد لله حمدًا يليق بجلاله، وأصلي وأسلم على نبيه، وصفيه من خلقه، وآله من بعده
وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
... والأمر الثاني أن الله -جلَّ وعلَا- يوفِّق من أدام النظر في العلم بالهداية
للخير، حتى إنه لتعرض له المسألة، التي ربما لا يظن أنه يحتاج إليها، فإذا جاء في
أحلك الأمور، وأشد الظروف، جعل الله -جلَّ وعلَا- له من التسديد والتوفيق ما لا
يكاد يحصِّله غيره، لولا ما كان منه من البذل والإقبال على العلم، وطلب الهدى
والاستمساك به.
ولذلك جاء في بعض الأحاديث التي تتعلق بالوصية، وهو أيضًا مفيدٌ للإنسان في ما
يتعلق بهذا، أنَّ العبد لَيعبُد الله -جلَّ وعلَا- ستين عامًا، حتى إذا حضره الموت،
ضارَّ في الوصية، فكان بلاءً عليه، أو كانت له النار، أو كما جاء في الحديث عن
النبي -صلى الله عليه وسلم- بمعناه.
فتأمل: إنه ليس من لازم العلم، أن تكون مما تحتاجه في يومك وليلتك، فإن طالب العلم
يتعرَّض للمسائل كلها، ما يتعلق به في ذاته وفي نفسه، وهذا علم الحال فرض عينٍ، وما
يكون فرض كفايةٍ، قد يحتاج إليه، وقد يحتاج إليه غيره، وبقاء العلم عنده، هو بقاءٌ
للعلم، وامتدادٌ لحلقاته، وهو يعطيه غيره.
ولأجل ذلك لا يأتينَّ الشيطان إليكم، فيقول: هذه مسائل لا تحتاجونها، درستم أبوابًا
ربما لن تمر بكم إلا في مثل هذه المجالس، كباب الحوالة مثلًا، أو باب الحيض، أو نحو
ذلك، لكن من علم عظم العلم وبركته، فإنه لا يزداد العلم به إلا استمساكًا وفرحًا
وإقبالًا عليه.
نرجع -بإذن الله جلَّ وعلَا- إلى ما كنا قد توقفنا عنده في المجلس الماضي، وقد
اعتدت أيها الإخوة، وأردت بذلك مصلحةً للدارس، أن نقف على مسألةٍ نكون قد ابتدأناها
ولم نكملها، وذلك يفيد الطالب أنه يستحضر الذي مر وفات، فأي مسألةٍ كنا قد توقفنا
عندها؟
سأعفيكم من الجواب أنتم، وأوجه السؤال إلى الإخوة المشاهدين والمشاهدات، فهل أنتم
كنتم معنا؟ وهل أنتم مستحضرون أي مسألةٍ وقفنا عندها؟
ربما لا أستطيع أن أصل إلى أجوبتكم، لكن أنا أستحث أذهانكم على أن تحرِّكوا الذهن؛
لاستحضار ما كنا قد توقفنا عليه، عندك جوابٌ يا ميكائيل تنوب عنهم؟
{توقفنا عند مسألة الخُمس}.
لا، هذه المسألة في المجلس الذي قبل الماضي، أما المجلس الماضي فإنَّ المسألة التي
قد توقفنا عندها، وتصححون لي، و"للحمل إذا عُلم أنه كان موجودًا".
فتكلمنا عن الحمل، ثم تكلمنا عن الوصية للمعدوم، أليس كذلك؟
فإذن نبتدئ من هذه المسألة، وهي إذا أوصى شخصٌ لمعدومٍ، يعني حتى تتذكروا، قلنا: لو
كان قد أوصى لما تحمل به بنت أخته مثلًا، أليس هذا المثال الذي كنا قد توقفنا عنده؟
هل يصح ذلك أو لا؟
المشهور عند جمعٍ من أهل العلم، من الحنابلة وغيرهم، أن ذلك ليس بصحيحٍ، ويقولون:
لأنه معدومٌ، والمعدوم لا يملك، ولا يتوجه إليه ملكٌ، فبناءً على ذلك لم تصح، وإن
كان الحقيقة إذا قيل أنَّ باب الوصية أوسع من باب المعاوضات والبيوع ونحوها؛ لأنه
ليس فيها ما يقابل الوصية، وليس فيها غررٌ ولا مقامرةٌ ولا نحو ذلك، فلو قيل بصحة
الوصية للمعدوم، لم يكن ذلك بعيدًا، وهو قولٌ لبعض الشافعية وبعض أهل العلم، والأمر
في ذلك فيه شيءٌ من السعة والنظر.
ولأجل ذلك سيأتينا أنَّ في الموصى به يجوز الوصية بالمعدوم، وسنتطرق إلى ذلك عند
الوصول إليه -بإذن الله جلَّ وعلَا.
إذن، بعد قول المؤلف: وللحمل إذا عُلم أنه كان موجودًا حين الوصية له، يعني أنها
تصح الوصية للحمل على ما مر بيانه، وقلنا: إن ذلك مقيسٌ على الإرث، فلما كان الإرث
للحمل محكومًا به، ومعتبرًا؛ فإن الوصية بابها أوسع فتكون جائزةً من باب أولى.
قبل أن يقرأ القارئ ما نحن أيضًا بصدده من المسائل التي نستقبلها، فثمَّ مسألةٌ،
وهي أن المؤلف -رحمه الله تعالى- لما قال: وتصح لكل من تصح الهبة له، وللحمل إذا
عُلم أنه كان موجودًا، فهو إذن في هذا يشير إلى مسألة الموصى له، من تصح الوصية له،
فهنا ذكر المسائل التي هي محل الإشكال، وقد ذكرنا أنها تصح للمسلم، وللكافر،
لليهودي، والنصراني، وغيرها، كما تصح للصالح، والفاجر، أو الفاسد، وتصح أيضًا للحر،
وتصح لعبد غيره، أما عبد نفسه، فإنه وصيةٌ من ملكه لملكه، فلا يكون فيها فائدةٌ،
لكن لعبد غيره، وإذا قبلها عبد الغير، فإنها تكون لسيده، لأن العبد وما مَلك مِلك
لسيده.
هنا يحسن التنبيه إلى مسائل لا تصح الوصية لها، فذكر أهل العلم على سبيل المثال:
الوصية للمَلَك، فإن المَلَك مما لا يملك، والوصية تمليكٌ، فبناءً على ذلك لا تصح
الوصية في مثل تلك الحال.
ومثل ذلك أيضًا: لو أوصى لجنيٍّ، فإنَّ الفقهاء -رحمهم الله تعالى- يقولون: إنه لا
يُمَلك، وحياتهم حياةٌ منفصلةٌ ومستقرةٌ، لكن لها أحكامها، ولهم مداخلاتهم
وأحكامهم، فلم يكن ذلك صحيحًا؛ لأنه لا يصح عند الإنس تملك الجن ومعاملتهم في ذلك،
ومثل ذلك لو أوصى لميتٍ.
أيضًا مما يحسن التنبيه إليه، أنه إذا أوصى لما لا يملك، مثل: البهيمة.
وهذا كثيرٌ في هذه الأزمنة، عند من ذهب الإيمان من قلبه، عند بعض أهل الكفر، يوصي
لكلبه، أو لهرته، أو نحوها، فإن الوصية لمثل هذا لا تصح، لماذا؟
لأن الوصية تمليكٌ، وتلك أشياءٌ لا تمليك، ولا يصح تملكها.
وهنا تفرقون بين مسألتين: بين الوصية لها، والوصية عليها.
فالوصية عليها، كأن يوصي على البهائم، أو على فرسٍ محبوسةٍ في سبيل الله، أو نحو
ذلك، فهذا ليس تمليكًا، فبناءً على ذلك لا نقول: إنه لم يصح هنا، لكنه على هذه
الجهة التي هي جهة البهائم، سواءً كان ذلك معينًا منها أو عامًا؛ لأنه فيه إحسانٌ
إليها، وفي كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ، لكن الوصية له، على سبيل التمليك ونحوه، فإنها لا
تصح.
ومثل ذلك أيضًا مما ينجرُّ الحديث إليه: الوصية لما يحرم، أو فيه إعانةٌ له على
الإثم والعدوان، كمن أوصى على بعض كتب الضلال، أو الكفر، أو الكنيسة، بما فيه
إظهارٌ لشعائرها، ولمعالم دينهم، ونحو ذلك، إلى أماكن اللهو والعهر والضياع، فإن
ذلك لا يجوز صحيحًا، ولا يكون معتبرًا، فلو أنَّ شخصًا مثلًا أوصى لقناةٍ عُرفت
بالشر، ونقل الفساد والعري ونحو ذلك، فنقول: هذه وصيةٌ محرَّمةٌ، والوصية المحرَّمة
غير جائزةٍ، فلا يجوز تنفيذها، ولا يصح العمل بموجبها.
{بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وتصح بما كل فيه نفعٌ مباحٌ ككلب الصيد والغنم، وبما فيه من نفعٍ من النجاسات،
وبالمعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته}.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى: وتصح بما كل فيه نفعٌ مباحٌ، هذه إشارةٌ إلى مسألةٍ
فيها لطافةٌ وفيها فائدةٌ، وهي:
أن المؤلف -رحمه الله تعالى- لما تكلم على الموصى به، أو أراد أن يتكلم عن الموصى،
فهنا قال: بكل ما فيه نفعٌ مباحٌ، فقد يكون الموصى به، مما هو محلٌ للتمليك، وقد لا
يكون محلًّا للتمليك، بأن يكون من أبواب الاختصاصات، وهذا يحتاج إلى شيءٍ من
التوضيح.
عند بعض أهل العلم أن المال هو ما فيه منفعةٌ مباحةٌ من غير ضرورةٍ، فبناءً على
ذلك، فما لا منفعة فيه، أو ما فيه منفعةٌ على سبيل الاضطرار لا يعتبر مالًا، فإذا
لم يعتبر مالًا، فإنه لا يجوز بيعه وشراؤه، فعلى سبيل المثال:
هذا الكأس فيه نفعٌ مباحٌ، فإذن يجوز بيعه وشراؤه، والمعاوضة فيه، والساعة كذلك،
والجوال كذلك، وهذا مكبِّر الصوت كذلك، والكتاب، وقل أشياء كثيرةٌ.
لكن يقولون على سبيل المثال: بعض الحشرات لا نفع فيها، فإذن لا يصح بيعها، فلو وجد
فيها نفعٌ، كالتي تُجعل طُعمًا للسمك، فيصطاد به الصائد السمك، فإنه يجوز والحال
هذه.
ثمَّ أشياء قد جاء النهي عنها، مثل: الكلب، كلب الصيد.
كلب الصيد إنما أبيح اضطرارًا، وإلا فالأصل أن إمساك الكلاب وتربيتها مُحرَّمٌ؛
ولذلك جاء أن من تملَّلك كلبًا، فنقص من أجره في كل يومٍ قيراطٌ، إلا كلب ماشيةٍ،
أو صيدٍ، فقد جاء الاستثناء فيه.
فبناءً على ذلك، هذه الأشياء ككلب الصيد والغنم، هذا ليس من باب الأموال، وإنما هو
باب الاختصاصات، فبناءً على ذلك يقول المؤلف -رحمه الله تعالى: إن الوصية تصح
بالأموال، وتصح في الاختصاصات، فلو أوصى شخص لآخر بكلب صيده، أو بكلب حراسته الذي
يرعى ماشيته أو زرعه أو نحو ذلك، فنقول: إن ذلك صحيح، ومثل ذلك مثلًا: جلود الميتة،
عند من يقول بعدم صحة بيعها، فإنها تكون من الاختصاصات، يجوز للإنسان أن ينتفع بها،
لكن لا يجوز له أن يبيعها.
فبناءً على ذلك، يكون من الاختصاصات، فتصح الوصية به، لكن إذا قيل بصحة الوصية، أو
كما قال المؤلف من أن الوصية بذلك صحيحةٌ، فإن ذلك ينبغي أن يُعلم أن له مسارًا
خاصًّا، إذا قلنا من أنها الثلث، فإن الثلث هنا لا يدخل فيه ثلث الأموال؛ لأنها
ليست مالًا، ولا يمكن أيضًا تقييمها بالمال، فبناءً على ذلك يكون لها أصلٌ خاصٌّ،
فمن أوصى بكلب صيدٍ، لابد أن يكون عنده من الاختصاصات ما يخرج من ثلثها، كأن يكون
عند كلاب صيدٍ كثيرةٌ، أو فوق الثلاثة، أو نحو ذلك، فإن لم يكن، وأوصى بشيءٍ من
ذلك، فإنه يصح إذا أجازه الورثة.
إذن هذه المسألة إنما هي في الاختصاصات التي لا يجوز بيعها، فالمؤلف -رحمه الله
تعالى- ينبِّه على أنه وإن لم يجز البيع فيها، فإن الوصية بها صحيحةٌ، وذلك أيضًا
راجع إلى أصلٍ صحيحٍ، أن كل ما صحَّت هبته، صحَّت الوصية به، والاختصاصات تصح الهبة
فيها، وذلك ككلب الصيد، مثل ما ذكرنا، والغنم، وبما فيه نفع من النجاسات، النجاسات
قد يكون في بعضها نفعٌ، مثل النجاسة التي كان يوقد بها السراج، مثل النجاسة التي
أحيانًا تستخدم في سماد الأشجار، والذي يسميه الفقهاء الزِّبل، بكسر الزاي، هذا قد
يكون فيه شيءٌ من النجاسة، فيصح الانتفاع به، فبناءً على ذلك تصح الوصية به، ويكون
بابه باب الاختصاصات، وإن لم يدخل في باب البيوعات.
هذا إذن ما يتعلق بهذه المسألة.
ثم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى: وبالمعدوم، أيضًا هو إشارةٌ إلى ما يتعلق بما
يوصى به، فكأن المؤلف -رحمه الله- أراد أن ينبِّه هنا إلى المسائل التي فيها إشكالٌ
من جهة صحة الوصية بها من عدمه، فلما كانت هذه المسائل التي سيورد أمثلةً كثيرةً
منها، لها حكمٌ في أحكام المعاوضة والبيع ونحو ذلك، يختص بها، فأراد أن ينبِّه على
أنها هنا في باب الوصايا جائزةٌ، وإن لم تجز في باب البيوع، ولذلك قال:
"وبالمعدوم"، بالمعدوم راجعٌ إلى ما تقدم وهو: "وتصح الوصية"، يعني: فكأنه قال:
وتصح الوصية بالمعدوم، الذي لم يوجد، كالذي تحمل أمته.
مثال ذلك، لو أن شخصًا قال:
ما تحمل به أَمَتي، فهو وصيةٌ مني لجاري العابد أو الصالح، أو الوفي.
وما تحمل به هذه الشجرة، فهو وصيةٌ بعد موتي لإمام المسجد.
وما تحمل به هذه المزرعة أو هذه الأشجار على طلبة العلم.
فهذا الحمل هل هو موجودٌ الآن؟ ليس بموجودٍ، فإذن هو معدومٌ، فإذا وجد ومات هذا
الرجل، فجاء لتنفيذ هذه الوصية، فهل نقول ننفذها أو لا ننفذها؟ ننفذها، لو جاء بعض
الورثة، وكأنه أدركه شيءٌ من الشح والبخل بذلك، فقال: لا، هي كانت معدومةً،
والمعدوم لا تصح الوصية به، قلنا: لا، باب الوصايا يختلف عن باب البيوع، فإن
المعدوم وإن لم يصح في البيوع، فإنه يصح في الوصية، ثم إنه جاء في بعض المعاملات
والبيوع أيضًا صحة التعامل بالمعدوم، مثل ماذا؟ مثل: باب السَّلَم والمضاربة
والمساقاة، هذه مرت طبعًا في هذا الكتاب، فالسَّلَم يعطيه عشرة آلافٍ ريال الآن،
على أن ما يخرج من مائة صاعٍ من هذه المزرعة، أو يضبطه بأوصافه، يكون لفلانٍ، فهذه
الآصع من البُر أو نحوها، هل هي موجودةٌ؟ ليست موجودةً، وإنما الثمن موجودٌ،
والمُثمن ليس بموجودٍ، ومع ذلك تصح، وكذلك المضاربة، حينما تعطي شخصًا عشرة آلافٍ
ريال، على أن يتاجر بها، وما جاء من الربح فهو نصفان، هذا النصف الذي للعامل هل هو
موجودٌ الآن؟ ليس بموجودٍ، ومع ذلك تعاقدهم على أمرٍ معدومٍ فجاز، فيقولون: حتى في
باب المعاوضات والبيوعات والشركة والإجارة ونحوها، ربما صحت ببعض هذه الأمثلة، فمن
باب أولى أن تصح في الوصايا، وبابها أوسع من باب المعاوضات.
{قال: وتصح بما كل فيه نفعٌ مباحٌ ككلب الصيد والغنم، وبما فيه من نفعٍ من
النجاسات، وبالمعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته، وبما لا يقدر على تسليمه، كالطير في
الهواء، والسمك في الماء، وبما لا يملكه كمائة درهمٍ، لا يملكها، وبغير معينٍ كعبدٍ
من عبيده، ويعطيه الورثة منهم ما شاءوا}.
إذن هذه أيضًا جملةٌ من المسائل التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- في ما يتعلق
بالموصى به، فيقول: وتصح بما لا يُقدر على تسليمه، كالطير في الهواء، فلو أن شخصًا
أوصى، قال: ما يطير في مزرعتي هذه، فهو وصيةٌ لفلانٍ، لزيدٍ أو لعمرو، أو وصيةٌ
بوصفٍ، كأن يقول: لقرابتي، أو لمن كان من طلبة العلم، أو كان من الفقراء، فنقول:
هذه الطيور التي في الهواء، هل يُقدر على تسليمها؟ هل أحدٌ يقبضها؟ لا، في باب
البيع لا يصح، لماذا؟ لأنها معاوضةٌ، ولأن من شرط البيع تسليم الثمن والمُثمن،
ولئلا يكون على أحدٍ منهما شيءٌ من الغبن، لأنه يسلم الثمن ولا يتسلم المُثمن، فلم
تصح هنا، أما في باب الوصايا، فإن ذلك صحيحٌ؛ لأنه ليس فيه معاوضةٌ، وأكثر ما في
الأمر أنه إذا قُدر على التسليم صحت الوصية وسُلِّم، وإذا لم تصح لم يخسر الموصي،
ولا الموصى له شيءٌ.
فبناءً على ذلك قال: كالطير في الهواء، ومثل ذلك أيضًا السمك في الماء، فلو قال: ما
في هذه البحيرة هي وصيةٌ مني لابن عمي، أو لأستاذي الذي درَّسني، فبناءً على ذلك
نأتي، فإذا كانت مثلًا قد عمل عبده أو ابنه على اصطيادها فصادها، فمات هذا الموصي،
فإن الوصية تسلَّم إلى الموصى له، سواءً كان الأستاذ، أو ابن عمه، أو أحدًا من
أقاربه، أو غير ذلك، وقل مثل هذا في المسائل الكثيرة التي تشابه هذه المسألة، وهي
أن يوصي بشيءٍ لا يُقدر على تسليمه، فنقول: لا غضاضة في ذلك، والوصية في ذلك
صحيحةٌ؛ لأنه لا يترتب على فواتها غبنٌ ولا غررٌ، وإن كان ذلك ممنوعًا في البيع،
فإنه إنما مُنع في البيع لأجل ما يكون فيه من الغبن، والغرر، وذلك لحصول المعاوضة،
وهنا لا معاوضة، وإنما هي محض تبرعٍ وإحسانٍ، فإن حصلت فالحمد لله، وإن لم تحصل
فإنه لا يخسر أحدٌ شيئًا.
طبعًا إذا كان السمك في الماء، هذا تمثيلٌ للشيء الذي لا يُقدر عليه، أما لو كان
مقدورًا عليه، فمن باب أولى أن يصح، كما لو كان مثلًا في بركةٍ مختصةٍ عنده، وإن
كان إمساك هذا السمك يسيرًا، فنقول: ولا شك أن هذا صحيحٌ، لكن حتى ولو لم يكن
المكان محدودًا، والأسماك منطلقةٌ، فإنه متى ما أمكن صيدها، فإنه تنفذ وصية الموصي.
قال: (وبما لا يملكه، كمائة درهمٍ لا يملكها، لو أن شخصًا قال: أوصيت لزوجتي بمليون
ريال، وهو ليس عنده شيءٌ، فماذا تقولون؟)
{لا يصح}.
لماذا؟
{لأنه ما عنده شيءٌ}.
لا يصح هنا لكون الزوجة وارثةً، فلابد أن تتنبهوا إلى ما تقدموا، من أن من شروط
الوصية أن تكون لغير وارثٍ، وأن تكون في أقل من الثلث، لكن لو كانت الزوجة ليست
بمسلمةٍ، كأن تكون يهوديةً أو نصرانيةً، أي كتابيةٌ، وهو مسلمٌ، فإنه في هذه الحالة
لا توارث بينهما، فأوصى لها، فالوصية في ذلك صحيحةٌ، حتى ولو لم يكن مالكًا لهذا
المليون ريال، أو المليون دولار.
لو افترضنا أنه أوصى لها بمليونٍ، وليس عنده شيءٌ، لكن قبل أن يموت بيومٍ، مات أحدٌ
من عصباته وقراباته، فورَّثه عشرة ملايين، فهنا ملكٌ، وهذا المملوك أيضًا خارجٌ من
الثلث، أقل من الثلث، فانطبق عليه صحة الوصية، فبناءً على ذلك، هل نسلِّم هذا
المليون أو لا نسلِّمه؟ نقول: نسلمه، ولو جاء الورثة، وقالوا: لا، هو كان لا يملك
هذا، وحين كتابة هذه الوصية، لم يكن عنده سوى بيته الذي لا يساوي خمسين ألفًا،
فنقول: ولو، فإن مُتعلَّق حكم الوصية هو الموت، وحين الموت كان مالكًا لها، أو ليس
بمالكٍ؟ كان مالكًا لها، فالعقد في مثل تلك الحال صحيحٌ.
وهنا تأملوا مسألةً مهمةً، وهي أن محل العقد هو عند الموت، ولذلك يقول أهل العلم:
إن قبول الوصية يكون بعد الموت، فلو أنه أخبره أنه أوصى له مثلًا بمليون ريال،
وقال: قبلتُ، لا يعني ذلك أنه ملكها، بل هي باقيةٌ في ملك صاحبها، ومالكها، فإذا
مات فقبل فالحمد لله، انتقل المال وترتبت أحكام الانتقال إلى الموصى له.
ما الذي يترتب على ذلك؟ يترتب على ذلك مثلًا مسألتان:
إحداهما: لو أراد أن يرجع، فلو قلنا: إن القبول قبل الموت صحيحٌ، فمعنى ذلك أنه لا
يمكنه الرجوع، إلا أن نقول: إنه لم يقبضها فيصح، لكن أيضًا مما يترتب عليها إمكان
التغيير، إن كانت ممكن أن يكون قد أوصى لفلانٍ، فيوصي لفلانٍ، وهذه مسألةٌ أيضًا
نعرض لها، وهو أن الوصية كما قلنا متعلقٌ حكمها عند الموت، فبناءً على ذلك لو أوصى
شخصٌ لمثلًا صديقه بدارٍ عنده، فقال: الدار الفلانية، في المكان الفلاني، إذا متُّ
فهي لصديقي فلانٍ، وكان قد أوصى له، إما لعظم وفائه، فظهر منه سوى ذلك، أو كان
لفقره فاغتنى، فأراد أن يُغيِّر هذه الوصية، فهل يصح له ذلك؟ نعم، ولذلك يقول أهل
العلم: فإن الموصي يتعلق حكمها بالموت، فبناءً على ذلك، لو رجع جاز الرجوع.
وجاء عن عمر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- شيءٌ من هذا في أن للإنسان أن يُحدث وأن
يغيِّر في وصيته ما شاء، لما ذكرنا من أن متعلق حكم الوصية إنما هو الموت، فما كان
قبل الموت، فإن للإنسان أن يفعل ما يشاء.
وفي هذا الحقيقة ملحظٌ جيدٌ، أو مهمٌّ أن يعرفه الناس، بعض الناس يخاف من الوصية،
من حيث أنها قد تلزمه بشيءٍ، فنقول: ليس عليك في هذا الأمر شيءٌ، بل الوصية ليست
بلازمةٍ، فمتى ما أردت أن تفعل بها أو أن تغيرها، أو أن تقلبها، فإن ذلك إليك، فبعض
الناس يحب الخير، ويريد أن يوصي على سبيل المثال، لكن يقول: ما الذي يدريني، يمكن
أن أفتقر، فأحتاج إلى هذه الدار، ويمكن أن أفتقر، فأحتاج إلى هذه المزرعة، فكيف
أوصي بها أن تكون وقفًا للفقراء، أو أن تكون وقفًا لأقاربي أو نحو ذلك؟
فيمنعه هذا الخوف من هذه الوصية، فنقول: إن الوصية لا تمنع من الرجوع فيها؛ لأنها
لا تلزم إلا بالموت، فبناءً على ذلك لو أوصيت بدارك، أو مائة دارٍ عندك، أو أوصيت
بمزرعةٍ، أو أوصيت بذهبٍ أو فضةٍ، أو بذلك كله، ثم حدث لك أمرٌ، أو جدَّ لك جديدٌ،
فأردتَ أن تعود فيها، أو أن تغيرها، أو أن تقتصر على بعضها، أو أن تزيد، فإن ذلك لك
كله.
أيضًا لما تعرَّضنا إلى الورثة، وأن بعض الورثة يقول كذلك، لا، أو هذه ليست بوصيةٍ
صحيحةٍ، فمن المسائل التي يطرق لها العلماء، أنه من الذي عليه تنفيذ الوصية؟ من
الذي ينفذ الوصية؟
أولًا: ينبغي أن نعلم أن إنفاذ الوصية من أهم الأمور، ولأجل ذلك قال الله -جلَّ
وعلَا: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11]، فقدَّم
الأمر بفعل الوصية وإنفاذها على الديْن، مع أن الديْن متعلقٌ بالذمة، أليس كذلك؟
فلماذا؟ قالوا: لأن الديْن له من يطالبه، ولأن الغالب أن الورثة لا يتأخرون عنه،
لكن الوصايا قد تضعف نفوس الورثة عن القيام بها، ولأن الوصايا في الغالب أنها
متعلقةٌ بطرفٍ واحدٍ، وقد يكون الطرف الثاني لا يدري، وقد يدري ويستحي أن يطالب
بها، لأنها محض تبرعٍ، فقد يستحي أن يطلبها، أو أن يسعى فيها، أو أن ينازع الورثة
في مثل هذه الوصية إذا بخلت نفوسهم، وخانوا ما أمرهم الله -جلَّ وعلَا- به، فهنا
إذن إشارةٌ إلى أهمية إنفاذ الوصية.
من الذي عليه إنفاذ الوصية؟
رتبهم أهل العلم، وسيأتي بابٌ يتعلق بذلك، ومسائل كثيرةٌ تتعلق بها، أولهم: الموصى
إليه، وسيأتينا باب يتعلق بالموصى إليه، فإن لم يكن أحدٌ قد أوصي إليه، فإن تنفيذ
الوصية يكون إلى الورثة، فيجب عليهم إنفاذ الوصية متى ما علموها، أو علمها بعضهم،
فإن لم يكن ورثةٌ، أو كان ثمَّ ورثةٌ لكنهم بخلت نفوسهم، وضعفوا عن إخراجها، فنقول:
على الحاكم أو من ينوب منابه من القضاة ونحوهم، ومن يلون تقسيم التركات، والقيام
عليها، أن يلزمهم بذلك، وهذا من المسائل التي يحتاج إلى التنبيه عليها، والكلام
فيها، وكم من الوصايا التي أُخفيت، ولم تُظهر، وكم من الوصايا التي بُخست، فكان قد
أوصى بشيءٍ كثيرٍ، فردوه إلى أمرٍ قليلٍ.
فينبغي أن يحتاط الناس لمثل هذا، وبالمناسبة، وهذه لطيفةٌ يسيرةٌ، من أعجب ما سمعت
في هذا، أن وصيةً، أو وقفًا كان في الهند، أوقف على حمام الحرم في مكة، فكان يُحمل
من الهند إلى مكة، إلى الحرم، ويبث للحمام الذي في ساحات الحرم وما قاربها، ويُجعل
عليه، وأنا أعرف، حدَّثني الشخص الذي كان يستلمها من ميناء جدة، ويرسلها إلى ما
يقام به، هذا أيضًا من الأشياء التي وجدت عند أهل الإسلام من عظم الوصايا، والقيام
عليها، وتنوعها، فمنهم من يقوم على مثل هذا الباب، ومنهم من يقوم على الأيتام،
ومنهم من يقوم على مدارس العلم وتعليمه، ومنهم من يقوم على ما يُطلب به شفاء العلل،
ومداواة الأسقام، من المستشفيات وغيرها، وأبوابٍ كثيرةٍ من الوصايا والأوقاف
ونحوها.
وكم من الأوقاف والوصايا التي جعل الله -جلَّ وعلَا- لها بركةً وأثرًا، ولذلك على
مر التاريخ، يذكر المؤرخون، أنه في حروب المسلمين مع غيرهم، أن من أظهر ما يظهرون
عليه إتلاف الأوقاف، لأنهم عرفوا أن كثيرًا مما تقوم عليه ملة الإسلام وتُحفظ به،
هي هذه الأوقاف، والقيام عليها، والإنفاق فيها ونحو ذلك.
{فضيلة الشيخ، في حالة ما إذا أبى الورثة أن ينفذوا هذه الوصية، هل يجوز للموصى له
أن يطالب بحقه عند المحكمة؟}.
يعني لو حصل أن الموصى له، كأن يكون طالب علمٍ، أو أن يكون قريبًا، كمثلًا بعض ذوي
الأرحام ممن لا يرثون، أو غيرهم، وعرف أنه قد وصي له بشيءٍ، ثم امتنع الوارث من
بذلها، فنقول: مادام أنه حقٌّ له، وقد ثبت بموت الموصي، وقبوله الموصى له، فبناءً
على ذلك، له أن يطالب، وله أن يرفع ذلك إلى من له الشأن، كالقاضي ونحوه، للفصل في
ذلك وإنفاذه، وإلزام من قعد عن هذا الأمر، أن يقوم به، وهذا من المسائل التي يحصل
فيها شيءٌ من التقصير الكثير، فينبغي الانتباه لمثل ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى: وبالمجهول، كحظٍّ من ماله، أو جزءٍ، ويعطيه الورثة
ما شاءوا.
إذن لما تكلم المؤلف -رحمه الله تعالى- على الوصية للمعدوم، تكلم على الوصية
بالمجهول، فلو كان هذا الموصى به شيءٌ موجودٌ، لكنه مجهولٌ، وهنا مثَّل بأمثلةٍ،
قال: كحظٍّ من ماله، قال: فإني أوصيت بفلانٍ ابن فلانٍ، أن يُعطى شيئًا من المال،
أو أن يُعطى جزءًا من المال، ففي هذه الحالة، هذا الشيء من المال، أو هذا الجزء
معلومٌ أو غير معلومٍ؟ غير معلومٍ، فلما كان غير معلومٍ، فهو مجهولٌ، فبناءً على
ذلك نقول: إن الوصية في مثل هذا بلا شكٍّ أنها صحيحةٌ، لأنه إذا صحت الوصية
للمعدوم، فمن باب أولى أن تصح الوصية للمجهول، ولما ذكرنا قبل قليلٍ من أو الوصايا
بابها باب التبرع والإحسان، وليست من باب المعاوضة، فبناءً على ذلك لا غبن فيها ولا
غرر، فصحت في المجهول، وإن لم يصح ذلك في نحو الإجارة والبيع ونحوه، التي هي عقود
معاوضاتٍ.
إذا قال ذلك، فنقول: إن هذه الوصية صحيحةٌ، إذا تقرر أن هذه الوصية صحيحةٌ، فكيف
تنفيذها؟
هل نأتي بعد ذلك ويقول الموصى له: أنا آخذ هذه الدار، أو آخذ هذه السيارة؟ وهل
للورثة أن يقولوا: ليس لك شيءٌ؟
نقول: إن الوصية صحيحةٌ، ثم فيها شيءٌ من الجهالة، فالمؤلف -رحمه الله تعالى- يقول:
ويعطيه الورثة ما شاءوا، لماذا يقول المؤلف: يعطيه الورثة ما شاءوا؟ يقول: لأن هذا
الموصى به شيءٌ يسيرٌ، مجهولٌ، فإذا أعطاه الورثة مثلًا خمسة ريالاتٍ، أليس شيئًا
من المال؟ أليس جزءًا من المال؟ فتنطبق عليه الوصية أو لا؟ تنطبق، فبناءً على ذلك
يكونون قد أنفذوها أو لم ينفذوها؟ فيكونون قد أنفذوها، فبناءً على ذلك نقول من أن
هذا صحيحٌ، وهذا مبنيٌّ على قاعدةٍ، وهو أن الأمر يتعلق بأقل القليل، وتبرأ به
ذمتهم، فما زاد عن ذلك، فإنا لا ندري، هل هو قد أراده أو لم يرده، فبناءً على ذلك
لا يكون لازمًا لهم فعله.
وأما من يقول من أنه يُعطى في ذلك العرف، فهذا ليس صحيحًا، لأن متعلق الكلام إذا
كان مطلقًا، أما إذا كان الشيء عند الناس متعارفًا على أنه يكون قدرًا معينًا، فهذه
خارجةٌ من المسألة التي عرض لها الفقهاء هنا، فالكلام هنا في المجهول الذي هو
مجهولٌ لا يتبين لا بالتحديد بالعدد، في الحقيقة اللغوية، أو الشرعية، أو العرفية،
فيكون إذن ما ينطبق عليه الإثم يصح به، وتبرأ ذمة الورثة، وليس للموصى له بعد ذلك
أن يطالب بزيادةٍ، لأن الإنفاذ قد حصل منه، أما إذا كان له عرفٌ، فنقول ليست من
مسائل المجهول، بل العرف قد نقلها من المجهول إلى المعلوم.
قبل أن نختم هذا الدرس، ولئلا ننتقل إلى قوله: وإن وصى له بمثل نصيب أحدٍ ورثته،
فهذه مسألةٌ لها مسلكٌ آخر، فهنا أحيانًا قد يوصي الموصي مثلًا بدارٍ، وهذه الدار
مؤجرةٌ، ثم لما مات، وبعد ثلاثة أشهرٍ، جاء الورثة وأعطوا هذا الموصى له هذه الدار،
فهل له أن يطالب بالأجرة؟ هذه راجعةٌ إلى متى يكون الانتقال، هل الانتقال إلى
الموصى له بالموت؟ أو بالقبول بعد الموت؟
فبناءً على ذلك نقول: إذا كان الانتقال لها بالقبول بعد الموت، فمتى ما قالوا له،
أو وقفوا على وصيةٍ، فأخبروه، ولم يتوانوا، ولم يقصروا في الإبلاغ، وقالوا له: قد
أوصى لك والدنا بذلك، فقال: قبلت، فمن هذا الوقت يكون الريع والغلة للموصى له، أما
ما قبل ذلك فتكون من حقوق الورثة، وهذه المسألة من المسائل التي فيها شيءٌ من
الخلاف، بعضهم يقول: من الموت انتقلت من الموصي إلى الموصى له، فيكون ما لها من
أجرةٍ، أو دخلٍ، أو ثمرةٍ، أو نحو ذلك، هي للموصى له، لأنها انتقلت بمجرد موت
الموصي، لكن عند جمعٍ من أهل التحقيق إنما هو من القبول بعد الموت، فبناءً على ذلك
متى ما قبل، فإنه تدخل في ملكه، وإذا دخلت في ملكه كانت آثار ذلك الملك مترتبةً له،
فمنها ما يكون من أجرةٍ، وما يحصل من ثمرةٍ إن كانت مزرعةً، أو نحو ذلك من الأشياء
التي تدخل فيها، إذا كانت ماشيةً، مثلًا كبعيرٍ، أو إبلٍ، أو غنمٍ أو نحوها، فما
حملت به، أو ما وضعته بعد القبول، فإنه يكون ملكًا له، وإلا فإنه للورثة.
أرجو أن يكون ذلك واضحًا، ولم يبق في الوقت متسعٌ، أسأل الله -جلَّ وعلَا- أن
يجزيكم خير الجزاء، وأن يجزي الإخوة المشاهدين والمشاهدات، أيضًا ومن كانوا معنا
معينين لنا في هذه الحلقة، تصويرًا، وإخراجًا، وكل من كانوا في هذه المجموعة، لا
حرمهم الله الأجر، لا ضيَّع الله -جلَّ وعلَا- لهم الثواب، وأجزل لهم الأجر، وضاعف
لهم المثوبة، وجزى الله القائمين على هذا الصرح خير الجزاء، وجزاكم الله كذلك
الجزاء الأوفى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.