{السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاما عن النبي المجتبى، وعلى آله وصحبه أجمعين.
حياكم الله مشاهدينا الكرام في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) نصطحبكم في هذه الحلقات في شرح (العقيدة الواسطية) يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ سهل بن رفاع العتيبي. باسمي واسمكم جميعا نرحب بفضيلة الشيخ.
حياكم الله فضيلة الشيخ}.
حياكم الله، وحيا الله الإخوة والأخوات المشاهدين، وأسأل الله -عز وجل- للجميع التوفيق والعلم النافع والعمل الصالح.
{نستأذنكم شيخنا في البدء بقراءة المتن}.
نعم، استعن بالله تعالى.
{بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين، قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (وَقَد دَّخَلَ أيْضًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَبِمَلاَئِكَتَهِ وَبِرُسُلِهِ: الإيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْسَ دونها سَحَابٌ، وَكَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، يَرَوْنَهُ سُبْحَانَهَ وَهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ كَمَا يَشَاءُ اللهُ تَعَالَى)}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة العالمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من صلى وسلم عليه، أما بعد، فبهذه المسألة يختم المؤلف -رحمه الله- هذا الفصل المتعلق ببيان عقيدة أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته.
وتلاحظون أن هذه المسألة المتعلقة بتجلي الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين يوم القيامة، وبرؤيتهم لربهم -تبارك وتعالى- كرَّر هذه المسألة ثلاث مرات، في آخر آيات، وفي آخر أحاديث الصفات، ثم كرَّرها هنا في هذه المسائل التي ختم بها هذا الفصل، ويرجع سبب ذلك لكثرة النزاع والخلاف الذي وقع في الطوائف المنتسبة للإسلام في صفة التجلي للرب -تبارك وتعالى- ورؤية المؤمنين لربهم.
ولأهمية هذه المسألة، أُفردت بمؤلفات خاصة مثل: كتاب "الرؤية" للإمام الدار قطني، ومثلها المسائل التي ذكرها المؤلف -رحمه الله- لكثرة النزاع فيها بين الطوائف المنتسبة للفرق.
وسبب الإنكار لهذه الصفة، وسبب إنكار بعض الطوائف لرؤية المؤمنين لربهم -تبارك وتعالى- يوم القيامة، أنَّ ذلك من لوازم إنكار العلو والاستواء، فلما أنكروا علو الرب -تبارك وتعالى-، وأنكروا استواء الرب على عرشه استواءً يليق به، ترتب على ذلك أن ينكروا الرؤية؛ لأن من لوازم الرؤية أن الله -عز وجل- يُرى في العلو، وأنه يُرى في مكان، وهم ينفون ذلك، فالباطل له لوازم باطلة، فالتزموا بهذه اللوازم الباطلة، وهي: إنكار صفة التجلي، وإنكار رؤية المؤمنين لربهم -تبارك وتعالى- بسبب إنكارهم لصفتي العلو والاستواء على العرش.
ثم عادوا إلى النصوص التي جاءت وهي كثيرة، الآيات والأحاديث التي ذكرناها وهي متواترة، عادوا إلى تلك النصوص إمَّا بالرد لها إن كانت أحاديث، أو بالتحريف لها إن كانت آيات، ويُسمُّون هذا التحريف: تأويلاً، والواقع أنه تحريف للنصوص.
ولهذا كما يقول ابن القيم في كتابه: حادي الأروح: "من أنكر رؤية المؤمنين لربهم -تبارك وتعالى- في جنات النعيم، فهو أولى بحرمانها". نعوذ بالله من ذلك.
وكذلك من أنكر أخبار الآخرة ونعيم الآخرة، مثل: إنكار الحوض، فهو أولى الناس بحرمان الورود على الحوض، عياذا بالله.
المصنف -رحمه الله- ذكر هذه المسألة من باب الرد على أهل الأهواء، الذين أنكروا رؤية المؤمنين لربهم -تبارك وتعالى-، فقال: (وَقَد دَّخَلَ أيْضًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَبِمَلاَئِكَتَهِ وَبِرُسُلِهِ) ووجه دخول هذه المسألة في الإيمان بالله، أن الإيمان بصفة التجلي، والإيمان برؤية المؤمنين لربهم تبارك وتعالى، هو من الإيمان بالله، وهذه المسألة يترتب عليها إثبات صفة العلوب، وإثبات صفة التجلي، وكلها من صفات الرب -تبارك وتعالى-، فالإيمان بها هو من الإيمان بالله، والإيمان بأسمائه وصفاته.
قال: (وَبِكُتُبِهِ) ما وجه دخول الإيمان بهذه المسألة في الإيمان بالكتب؟
لأن الكتب المنزلة جاءت بإثبات هذه الصفات، وإثبات هذا النعيم، فمن لوازم الإيمان بالكتب ومنها القرآن، من لوازم الإيمان بالقرآن أن تؤمن بما أخبر الله -تبارك وتعالى- به في كتابه، من أن المؤمنين يرون ربهم -تبارك وتعالى-، قال الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبها نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة:22-23]، فإيمانك بما أخبر الله به في كتابه، هو إيمان بهذه الصفات، وهذا النعيم هو إيمان بالقرآن، ولهذا من أنكر هذا النعيم، وأنكر هذه الصفة، فقد أنكر ما جاء في القرآن، أو أنه حرَّف ما جاء في القرآن.
وهكذا في بعض نسخ العقيدة الواسطية: (وبملائكته)، ووجه ذلك لأن الملائكة هي التي بلغت الوحي إلى الرسل، فمن الإيمان بهذه الصفات هو إيمان بالله، وإيمان بكتبه المنزلة التي تضمنت هذه الصفات، إيمان بملائكته الذين أخبروا عن ربهم -تبارك وتعالى- بهذه الصفات، وكذلك هو إيمان بالرسل لماذا؟
لأن الرسل قد أخبروا عن ربهم -تبارك وتعالى- بما أخبروا به من الوحي المنزل، سواءً كان في القرآن أو كان في السنة، فالإيمان بهذه الصفات هو إيمان بالله، وإيمان بملائكته، وإيمان بكتبه، وإيمان برسله، ولهذا انظروا إلى هذه اللوازم، ودقة هذه العبارات، لَمَّا قال المؤلف -رحمه الله-: (وَقَد دَّخَلَ أيْضًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الإِيمَانِ بِهِ) أي: بالله، (وَبِكُتُبِهِ وَبِمَلاَئِكَتَهِ وَبِرُسُلِهِ، الإيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، ودرجات الناس في الإيمان بهذه الصفات، والإيمان بهذا النعيم، بحسب درجاتهم في الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، فإن من الناس من يؤمن إيمانا كاملا، فيؤمن بالله إيمانا كاملا، ويؤمن بكتبه وبرسله وملائكته.
ومن الإيمان بالكتب تصديق أخبارها، وامتثال الأوامر، واجتناب الزواجر، وهكذا الإيمان بالرسول ﷺ، ما معنى أن تشهد أن محمدًا رسول الله؟ نقول لأهل الأهواء الذين ينكرون هذا الصفات: ماذا يعني عندكم شهادة أن محمدًا رسول الله؟
شهادة أن محمدًا رسول الله تعني: تصديقه فيما أخبر، وقد أخبر عن ربه -تبارك وتعالى- بأنه يتجلى لعباده، وأن المؤمنين يرون ربهم، وذلك في أحاديث متواترة، تصديقه فيما أخبر وامتثال أمره، واجتناب نهيه، وألا يُعبد الله إلا بما شرع.
الناس في إيمانهم بالكتب درجات، فمنهم من يؤمن إيمانا كاملا، فيُصدق الأخبار، ويمتثل الأوامر، ويجتنب الزواجر.
ومنهم من يؤمن إيمانا ناقصا، وهذا الإيمان الناقص يكون عند أهل الأهواء والابتداع، ويكون عند العصاة.
أمَّا أهل الأهواء والابتداع فإنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، فيؤمنون مثلا بالأسماء، وينكرون الصفات، يؤمنون ببعض الصفات، وينكرون البعض الآخر، عند جميع طوائف أهل التعطيل، سواء الجهمية الأوائل، ثم المعتزلة، ثم الأشاعرة ثم الماتريدية، تجد الخلل في الإيمان في هذا الأصل.
فمنهم من ينكر الأسماء والصفات كالجهمية، ومنهم من يثبت الأسماء وينكر جميع الصفات كالمعتزلة، ومنهم من يؤمن ببعض الصفات وينكر البعض الآخر كالأشاعرة والماتُرِيدية، فهؤلاء لديهم خلَل في هذا الباب، ولم يؤمنوا الإيمان الكامل، وإنما تجد الإيمان ببعض والتحريف والنُّكران لبعض النصوص.
أيضا العُصاة من المسلمين إيمانهم ضعيف، إيمانهم ناقص، أولئك تجد منهم من يترك بعض الواجبات، ومن يرتكب بعض المحظورات، ومن إيمانه ضعيف ببعض الأخبار.
إذن أهل الإسلام في إيمانهم بالكتاب ليس سواء، بل منهم من يؤمن إيمانا كاملا فيصدق الخبر، ويمتثل الأمر، ويجتنب النهي، ومنهم من يؤمن إيمانًا ناقصًا فيؤمن ببعض وينكر بعضًا، كأهل الأهواء والابتداع، وكعصاة المسلمين الذين يؤمنون ببعض، ويتساهلون وقد ينكرون بعض الأخبار، ويتركون بعض الأوامر، ويرتكبون بعض النواهي.
إذن الإيمان يختلف، والإيمان درجات، وأهل الإيمان يتفاضلون في هذا تفاضلا عظيماً، أسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا وإخواننا المستمعين والمشاهدين ممن يؤمنوا إيمانا صحيحاً، إيمانا كاملاً بجميع ما أخبر الله به في كتابه، وبما أخبر به رسوله ﷺ، ويمتثلون الأمر قدر الاستطاعة، ويجتنبون ما نهى عنه الرب -تبارك وتعالى- وزجر.
هذا هو المؤمن الحق، وهؤلاء هم المؤمنون حقا، يؤمنون إيمانا كاملاً، يصدقون جميع الأخبار كما أخبر الصادق المصدوق، يمتثلون الأوامر حسب الاستطاعة، ويجتنبون النواهي.
قال: (الإيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ) أي ربهم -تبارك وتعالى- (يَوْمَ الْقِيَامَةِ عيَانًا) يُفهم من قوله: يوم القيامة، أن الله لا يُرى في الدنيا، وهذا ما دلت عليه النصوص في أن الله -تبارك وتعالى- لا يرى في الدنيا، ولهذا قال النبي ﷺ في خبر الدجال: «واعلموا أنَّكُم لن ترَوا ربَّكُم حتَّى تموتوا»[1]، ولهذا كان من علامات كذب الدجال أنه أعور، وقد كُتب على جبهته كافر، وأنه يَدَّعي أنه الرب، والرب -تبارك وتعالى- لا يُرى في الدنيا.
ولهذا يقول له أهل الإيمان حقا: كذبت، فإن الله لا يُرى في الدنيا، وكونه لا يرى في الدنيا ليس لأجل الاستحالة العقلية، بل لأنها ممنوعة شرعًا، ولذا موسى -عليه السلام- طلب من ربه -تبارك وتعالى- أن يَراه، ولو كانت الرؤية مستحيلة عقلا ما طلب موسى -عليه السلام- وهو كليم الرحمن من ربه أن يراه، فدل على أنه ممكن عقلا، ولكنها ممنوعة الشرعة.
ولهذا يقول أهل العلم في رؤية الرب في الدنيا: مستحيلة شرعًا، أي: ممتنعة من جهة الشرع، ولكنها من جهة العقل ممكنة، ولهذا اختلف الصحابة هل رأى النبي ﷺ ربه ليلة المعراج أم لم يره؟
والصواب أنه لم يرَ ربه، وإن كان هناك خلاف بما جاء في بعض الأحاديث، ولكن الصواب أن النبي ﷺ لم ير ربه، وحملت الروايات التي فيها إثبات الرؤية على أن المقصود بها الرؤية القلبية، والتي هي درجة المشاهدة، ودرجة الإحسان، وليست هي الرؤية البصرية.
ولهذا قال: (يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) أمَّا في الدنيا فإن الرب لا يرى.
(عيانا)، وهذه جاءت في رواية البخاري -لفظة عياناً- جاءت في صحيح البخاري من حديث جرير بن عبد الله، «إنَّكم سترَوْن ربَّكم عَيانًا» وعياناً يعني: رؤية بصرية، رؤية حقيقية وليست رؤية قلبية ولا غير ذلك، بل هي رؤية حقيقية.
ولهذا قال المؤلف في ضبطها وهو يشير إلى الرد على المحرفة، الذين حرفوا الرؤية: إنها رؤية قلبية أو رؤية علمية، ولهذا قال: (عياناً) أي: بصريا، أي: بالأبصار، ويؤكد أنها رؤية حقيقية وليست رؤية يعني علمية.
كما يرون الشمس صحوا، ليس دونها سحاب، وهذا كما جاء في حديث جبريل، و (كما) هنا: يقول أهل العلم: هو تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي لماذا؟
لأن الله ليس كمثله شيء، فهو من باب التقريب للفهم، بأنها رؤية جلية واضحة عياناً بأبصارهم، كما يرون الشمس صحواً، (ليس دونها سحاب)، يعني: لا يحول بينها غيم ولا قتر، كما جاء في روايات الحديث.
(وكما يرون) أي: هذا مثال آخر تقريبي بأن الرؤية تكون عياناً بأبصارهم، (كما يرون القمر ليلة البدر)، وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لوضوحها، وليس تشبيها للمرئي بالمرئي؛ لأن الله ليس كمثله شيء.
(لا يضامون) وتقدم في الحديث السادس عشر بالتخفيف والتشديد، بالتخفيف يعني: لا يصيبكم ضيم، لا يحول بينكم وبين الرؤية غيم أو قتر، بل هي رؤية واضحة جلية.
(ولا يضامُّون) يعني: لا ينضم بعضكم إلى بعض لخفاء الرؤية، بل هي رؤية واضحة جلية، فلا ينضمُّ بعضُهم إلى بعض لخفائِها.
(في رؤيته)، يرونه سبحانه وهم في عرصات القيامة، هذا هو الموضع الأول، فالله يُرى يوم القيامة مرتين، يراه المؤمنون مرتين:
المرة الأولى: في عرصات القيامة، يعني: ساحات القيامة، متسعات القيامة.
ثم يرونه الرؤية الثانية بعد دخول الجنة، كما يشاء الله -عز وجل-، يعني: بحسب درجاتهم في الجنة.
إذن هم يرون ربهم -تبارك وتعالى- في الآخرة مرتين:
الأولى: في عرصات القيامة.
والثانية: يرونه في الجنة، والفرق بين الرؤيتين: أن الرؤية الأولى هي رؤية امتحان وتعريف، والرؤية الثانية في الجنة: هي رؤية نعيم وتشريف، هذا هو الفرق الأول.
الفرق الثاني: أن الرؤية الأولى التي في عرصات القيامة يشترك فيها المؤمنون والمنافقون، واختلف في الكفار، هل يرون ربهم أو لا يرونه؟
ومن قالوا إنهم يرون ربهم، فهذه الرؤية ليست رؤية تشريف، بل هي رؤية تخويف، كما يقول أهل العلم: كرؤية اللص للسلطان، وهو يوبخه من باب التقريب، فهذه لا يتشرّف بها ولا يفتخر بها؛ لأنها رؤية توبيخ وتأنيب، وليست رؤية تشريف وتكريم.
أمَّا الثانية فهي خاصة بالمؤمنين؛ لأنها في الجنة، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، هذا هو الفرق بين الرؤيتين.
وبهذا يكون المؤلف -رحمه الله- قد انتهى من الموضوع الأول في (العقيدة الواسطية) وهو موضوع الصفات، وبين فيه تميز أهل السنة والجماعة عن أهل الأهواء من المعطلة بأنواع درجاتهم، والممثلة والمشبهة والمجسمة أيضا بجميع أنواعهم، وأنهم وسط في هذا الباب بين الغلاة والجفاة، فيثبتون إثباتا من غير تمثيل، ويُنزهون تنزيها من غير تعطيل، كما قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:٦]، فقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ رد على جميع الممثلة، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ رد على جميع المعطلة.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بالكتاب كما أخبر الله -تبارك وتعالى- في كتابه، بأنه قد وصف وسمى نفسه بين النفي والإثبات.
أطال المؤلف في هذا الموضوع على وجه الخصوص، لكثرة المخالف فيه في زمن المؤلف، فوجد في زمن المؤلف من خالف في هذا خاصة من الطوائف التي تنتسب للمذهب الأشعري عقيدة، وهم في الفقه يُخالفون الأئمة، تجدهم مالكية وشافعية وكذلك بعض الطوائف التي تنتسب للمذهب الحنفي فقهًا، وفي العقيدة إلى غيره، وهذا من العجب، أن تجد من أتباع أولئك الأئمة من يتعصبون للإمام في الفقه ثم يخالفونه في المعتقد، فتجده في الفقه مالكي أو شافعي، ثم إذا جاء المعتقد يقول: أنا لا أتبع مالكا في العقيدة، ولا أتبع الشافعي في العقيدة، بل أتبع غيرهما، وهذا من العجب العجاب، هذا التخليط يدل على الاضطراب في المنهج، أنك تتبع إمامًا من أئمة السنة كالإمام أحمد، أو الشافعي، أو مالك ثم تخالف في المعتقد، وهكذا أيضا أبو حنيفة -رحمه الله-، وإن كان لديه بعض الاجتهادات إلا أنه في العموم وفي الجملة هو وأتباعه على مذهب أئمة السنة في الاعتقاد، فتجد من اتباع هؤلاء من ينتسب لهم قولا ولكنه في المعتقد يخالفهم.
فأطال في هذا الكثرة النزاع والخلاف خاصة لدى المتأخرين في موضوع الصفات.
نكون بهذا قد انتهينا من الموضوع الأول الذي ذكر فيه المؤلف -رحمه الله- مجمل عقيدة أهل السنة والجماعة، ثم ذكر ضوابط واحترازات الإيمان بالأسماء والصفات، وأن أهل السنة والجماعة يؤمنون بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسول ﷺ في سنته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وأنَّ هذه هي طريقة الرسل.
ثم ذكر الشواهد من القرآن، وأطال في هذه الشواهد، ثم ختم هذه الشواهد بقاعدة مُهمة لَمَّا انتهى من أدلة القرآن -والإخوة يذكرون هذا- ذكر قاعدة مهمة، قال: (وهذا الباب في كتاب الله كثير، ومن تدبر القرآن طالباً للهدى تبين له طريق الحق) ثم ذكر أيضاً الشواهد من حديث الصفات، وبدأها ببيان منزلة السنة من القرآن، ثم ضوابط الاستدلال بالسنة، ثم أنه يجب الإيمان بالسنة كما يجب الإيمان بالقرآن، ثم ختم الأحاديث أيضا بالتأكيد على القاعدة التي ذكرها للمرة الثالثة، فقال: (إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله ﷺ عن ربه بما يخبر به، فإنَّ الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، يؤمنون بذلك) والمقصود الإيمان الحقيقي، الإيمان الصادق، (كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه) أي: بالضوابط التي ذكرها (من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل).
ثم ختم هذا الفصل بالعودة إلى التأكيد على أربع مسائل مهمة، بعد أن بيّن وسطية أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وفي سائر أبواب المعتقد، ثم ذكر المسائل التي عاد مرة أخرى ليؤكد عليها، وقد أشار إليها:
المسألة الأولى: وهي كيفية الجمع بين العلو والاستواء على العرش وبين المعيّة، وسبب ذلك أن أهل الأهواء حاولوا التشويش على أهل السنة بمثل هذه الشبهات، والتي الجواب عليها أسهل مما يكون، ولهذا أجاب عن هذا الإشكال الذي يُرِده أهل الأهواء والابتداع، بزعمهم وجود التناقض في القرآن، وهذا لا يقوله المؤمن الكامل الإيمان، دعوى أن النصوص متعارضة، وأن القرآن يعارض بعضه بعضا، وأن الآيات يعارض بعضها بعضا، لا يقوله أهل الإيمان حقاً، إنما يقوله من في قلوبهم مرض، وفي قلوبهم زيغ، فيحاولون صد المسلمين عن كتاب الله ببث هذه الادعاءات، وأجاب عن هذا بالجواب النقلي والعقلي.
ثم ذكر أيضًا المسألة الثانية، وهي: كيف الجمع بين العلو والاستواء على العرش، وبين قرب الرب -تبارك وتعالى- من عباده، وبَيَّنَ أنه لا تعارض.
ثم ذكر المسألة الثالثة، وهي ما يتعلق بالإيمان بالقرآن، وأنه كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، لأن الكلام في حقيقة القرآن هو فرع عن الكلام في الصفات، فما يقال في الصفات يقال في القرآن؛ لأن القرآن من كلام الله -تبارك وتعالى-.
ثم ختم ذلك بما يتعلق بالرؤية لكثرة المنازع والمخالف فيها، وكما ذكرنا سابقا من أنكر هذا النعيم، فهو حري بأن يُحرم هذا النعيم.
وهذه نصيحة أوجهها لكل من يعطي لهذه الصفات، احذر ثم احذر أن تكون ممن يحرم هذا النعيم، ثم احذر ثم احذر من أن تضل المؤمنين وتضل أبناء المسلمين المؤمنين بتحريفك لهذه الصفات، أما تخشى عقوبة الله؟! أما تخشى الوزر لكل من يعطل هذه الصفات، ويحاول تضليل أبناء المسلمين بعقائد فاسدة، مخالفة لِمَا دل عليه القرآن صراحة، ودلت عليه السنة، ودل وأكده أئمة السنة؟! فيأتي أهل الزيغ والضلال فنقول: مع زيغك وضلالك انتبه أن تتحمل أوزار الأتباع، وأن تتحمل الوزر في أنك تحرم هذا النعيم؛ لأنك تنكر رؤية المؤمنين لربهم -تبارك وتعالى- فتكون أنت أولى الناس بالحرمان منه.
هي نصيحة لكل معطل، ويوجدون للأسف في هذا الزمن بكثرة، خاصة لما وجدت برامج التواصل الاجتماعي والقنوات، فأخذ أهل الأهواء ينفثون سمومهم في إضلال أبناء المسلمين عن كتاب ربهم -تبارك وتعالى-، وكتاب الله هو الروح، وهو النور، وهو الشفاء، تجد أصحاب الإيمان والفطر السليمة والعقول السليمة يؤمنون به، ولا يَرِدُ عليهم أي إشكال في هذه الصفات، إنما أين يرد الإشكال؟ عند مرض القلوب، أهل الزيغ والضلال والانحراف فيظنون التعارض، وإنما التعارض بسبب المرض الذي في قلوبهم، والمرض الذي في عقولهم.
ثم بعد ذلك انتقل إلى الموضوع الثاني المتعلق بالإيمان باليوم الآخر
{قال المؤلف -رحمه الله-: (وَمِنَ الإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الآخِرِ الإيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ. فَأَمَّا الْفِتْنَةُ؛ فَإِنَّ النَّاسَ يُمْتَحَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَيُقَالُ للرِّجُلِ: مَن رَّبُكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَن نَّبِيُّك؟
فيُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، فَيَقُولُ الْمؤْمِنُ: رَبِّيَ اللهُ، وَالإِسْلاَمُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيِّي.
وَأَمَّا الْمُرْتَابُ؛ فَيَقُولُ: آه آه؛ لاَ أَدْري، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ؛ إلَّا الإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإِنْسَانُ؛ لَصُعِقَ.
ثُمَّ بَعْدَ هّذِهِ الْفِتْنَةِ إمَّا نَعِيمٌ وَإِمَّا عَذَابٌ، إِلَى أَنْ تَقُومَ الْقِيَامَةُ الْكُبْرى، فَتُعَادُ الأَرْوَاحُ إِلَى الأجْسَادِ، وَتَقُومُ الْقِيَامَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهُ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ)}
هذا هو الموضوع الثاني في هذا الكتاب، وهو ما يتعلق بالإيمان باليوم الآخر، والإيمان باليوم الآخر هو الركن الخامس من أركان الإيمان الستة.
والمصنف -رحمه الله- يشير هنا أيضا إلى ما يتميز به أهل السنة عن أهل الأهواء والضلال والانحراف؛ لأن كتب العقائد المختصرة إنما يذكرون فيها ما يميز أهل السنة عن غيرهم، ولهذا ذكر في الفصل الأول ما يميز أهل السنة في باب الأسماء والصفات، أي: كيف تُميز أهل السنة عن أهل الأهواء والضلال؟! فأعطاك المعيار والضابط الذي تميز الفرقة الناجية والطائفة المنصورة عن غيرها في باب الأسماء والصفات.
موضوع اليوم الآخر أيضا وجد فيه من ضلَّ وانحرف من الفرق المنتسبة للإسلام، وممن ضلَّ في هذا الباب الفلاسفة المنتسبين للإسلام، الذين أنكروا معاد الأجساد، وأيضا ممن ضل في هذا الباب بعض الفرق الوعيدية مثل: الخوارج الذين قالوا بخلود العُصاة من أصحاب الكبائر في النار، وأنكروا الشفاعة.
أيضا مثلهم مثل: المعتزلة، أيضا قالوا بخلود مرتكب الكبيرة في النار، وأنكروا أحاديث الشفاعةـ وأيضا المعتزلة أنكروا كثيرا من الأمور الغيبية مثل: الوزن ونحو ذلك، قالوا: لأنها غير معقولة.
ومثل هؤلاء أيضا أرباب الانحراف في عصرنا ممن يسمون أنفسهم بالتنويريين العقلانيين، فإذا جاءوا لنصوص الآخرة قالوا: إنها ليست معقولة، فينكرون الوزن، وينكرون كثيرًا من الغيبيات بزعم أنها غير معقولة.
نقول: هي غير معقولة عند قاصري العقول، عند مختلي العقول، هي غير معقولة، ولكنها عند أهل الإيمان وأهل العقول وأصحاب العقول السليمة لا إشكال فيها، ولهذا أمثال هؤلاء الذين يعترضون على النصوص بعقولهم القاصرة هم أنفسهم يوم القيامة يعترفون بأنهم لا يعقلون، كما قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [الملك:8-11]، يعني: اعترفوا بأنهم لا يسمعون ولا يعقلون.
ولذلك يقال لأهل الأهواء الذين يردون نصوص الوحي: إنكم لم تسمعوا للوحي ولم تعقلوه، ولو زعم أحدهم بأنه يعقل فنقول: لو نظرت في أقوال العقلاء لوجدت أنك لا تعقل.
ومثل ذلك: إنكار الغيبيات، إنكار الملائكة، إنكار الجن، إنكار النعيم والعذاب في القبر، إنكار أحوال الآخرة، تجد عند هؤلاء سقماء العقول أنها غير معقولة.
نقول: إذا كانت غير معقولة، فإنها عند العقلاء معقولة، ولا تُحجِّم العقل في فهمك السقيم، فإنها عند أصحاب العقول الذين وصفهم الله بقوله: ﴿لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ معقولة ومُدركة.
وانظر أنت في العقل، كيف بدأ العقل، وكيف ينتهي العقل؟ يبدأ العقل ضعيفا وينتهي في آخر حياته ضعيفًا أيضا، فدعوى أنها غير معقولة نقول: إنما هذا يكون عنده ضعفاء العقول، وأما عند أهل الإيمان والعلم وأهل العقول، ولهذا العلماء بالوحي أو العلماء بالكتاب والسنة، هم أذكى الناس وأعقل الناس، نعم العلوم الدنيوية فيها ذكاء ولكنها لا تصل إلى مرتبة علوم الوحي، فعلوم الوحي هي علوم أذكى الأذكياء، عرفوا حقيقة الحياة، وعرفوا الغاية التي من أجلها خلقوا فاستثمروها، فهؤلاء نتيجة هذا العقل هم أسعد الناس بالآخرة.
وأما غيرهم فلا يعرف المبدأ، ولا يعرف الغاية، ولا يعرف النهاية، هل هؤلاء أذكياء أم أغبياء؟ لا شك أنهم أغبياء.
والمشكلة أن مثل هؤلاء الأغبياء يعتمدون على كلام الملاحدة والزنادقة، فتاهوا وضلوا وأضلوا غيرهم، فتجد أنه يترك الوحي المنزل المعصوم، ويعتمد على كلام الملاحدة والزنادقة الذين يعترفون بالتيه والضياع في مثل هذه الأسئلة، التي يسمونها بالأسئلة الوجودية، الأسئلة الضرورية أو الأسئلة الفطرية، ما المبدأ؟ ما الغاية؟ ما النهاية؟ بينما تجد أذكى الأذكياء عرف ذلك فآمن بالوحي المنزل.
لذلك المصنف -رحمه الله- يشير هنا إلى ما يميز أهل الإيمان وأهل العقول وأهل الذكاء في هذا الباب عن غيرهم من أهل الضلال والزيغ والانحراف.
لاحظوا أيضاً أيها الإخوة الكرام أن موضوع الإيمان باليوم الآخر من الموضوعات المهمة، ولهذا كثيراً ما يقترن الإيمان باليوم الآخر بالإيمان بالله، تأملوا في كثير من نصوص الترغيب والترهيب، «ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ» لماذا هذا الاقتران؟ لأن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يدفع الإنسان للعمل، هو الذي يدفعه للإيمان بالوحي، هو الذي يدفعه للعمل الصالح؛ لأنه يؤمن أنه ثمة حساب وجزاء، والإيمان باليوم الآخر هو الذي يردعه عن الظلم، وعن الغش، وعن الكذب، وعن الغدر، وعن الاعتداء على الناس. لماذا؟
لأنه يعرف أنه ثمة حساب، ولهذا حتى لو فلت من العقاب الدنيوي بأي حيلة، فإنه لا يفلت من العقاب الأخروي، فتجد الإيمان باليوم الآخر هو رادع لأهل الإيمان عن التقصير في الطاعات، ورادع لهم أيضا عن ظلم الناس، حتى ولو فلت من العقاب الدنيوي، أو فلت من الرقابة الدنيوية، فيعلم أن ثمة رقابة أخروية، وأن ثمة حساب على أعماله يوم القيامة.
ولهذا كثيرا ما يأتي الاقتران بين الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر، الإيمان باليوم الآخر يتضمن أمورًا كثيرة.
ولهذا قال المؤلف: (ومن الإيمان باليوم الآخر)، و (من) هنا يسميها أهل العلم تبعيضية، يعني: هذا بعض ما يتضمن الإيمان باليوم الآخر، واليوم الآخر هو يوم القيامة، وسمي باليوم الآخر؛ لأنه لا يوم بعده، ومعلوم أن الإنسان يمر في حياته بمراحل ودور، كل دار تختلف عن التي قبلها.
أول مرحلة يمر بالدار الأولى لَمَّا كان في بطن أمه، وهذه الدار تسعة أشهر غالباً، قد تقل وقد تكثر، وهي ليست دار تكليف، ولها أحكامها الخاصة بها، كيف يتنفس كيف يتغذى؟
ثم ينتقل إلى الدار الدنيا ويمكث فيها ما شاء الله بحسب أعمار الأمم، لا يمكن أن يكون مخلّدا دائماً أبداً، ولهذا يسأل أين الأجداد؟ أين الأباء؟ هكذا سنة الله -عز وجل- في الحياة، هذه دار التكليف، دار الخير والشر.
ثم ينتقل بعد ذلك إلى دار البرزخ، من موته إلى أن ينفخ في الصور النفخة الثانية.
ثم ينتقل إلى الدار الآخرة.
وكل دار لا تقاس على الأخرى، كما أنك لا تقيس الجنين في بطن أمه على الحياة الدنيوية، كيف يفرح؟ كيف يحزن؟ كيف يتغدى؟ فهي لها أحكامها، وكذلك الدار الدنيا لها أحكامها، ثم دار البرزخ لها أحكامها، ثم الدار الآخرة لها أحكامه.
ولهذا الإشكالات التي ترد على أهل الأهواء وسقماء العقول، أنهم يعملون القياس الفاسد، فيقيس النعيم والعذاب في القبر على الحياة الدنيا.
نقول: هذا عالم آخر، لا وجه للمقايسة بينهما، ولهذا جاء من الزنادقة في القديم والحديث من يُنكر عذاب القبر ونعيم القبر، بدعوى أنه غير مشاهد، ونقول: لو كانت الأمور مشاهدة لَمَّا كان ثمَّة فرق بين المؤمن والكافر، فالذي يميز المؤمن عن غيره، هو الإيمان بالغيب، ولذا لاحظ أول وَصْفٍ وَصَفَ الله به المتقين في كتابه ما هو؟ هو الإيمان بالغيب، ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:٢]، إذن هو لا يهدي إلا المتقين، ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ﴾، لا شك فيه، لا يمكن للمؤمن أن يُكذب بأخباره.
﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ من هم؟ ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ فلو كانت الأمور مشاهدة، يعني: أنتم تشاهد الجن وتشاهد الملائكة وتشاهد كذا، فلا فرق، ولذا فالكافر عند حالة الاحتضار يؤمن، ولكن يُغلق باب التوبة، وهكذا إذا طلعت الشمس من مغربها، إذا طلعت الشمس من مغربها يؤمن الكل، الكافر يأتي ويؤمن، والعاصي يريد أن يتوب، ولكن هنا يغلق باب التوبة لماذا؟
لأن عالم الغيب قد انتهى، فإذا شاهد الملائكة يغلق باب التوبة، وهذا هو الفرق بين المؤمن والكافر، أن المؤمن يؤمن بالغيب، يصدق الوحي المنزل، يصدق ما أخبر به رسل الله ﷺ، هذه هي الميزة بينهم.
أما من ينكر هذه الأمور لأنه لم يشاهدها، فنقول له: هل كنت تنكر كل شيء لا تشاهده في حياتك الدنيا؟ أنت تتعامل مع أشياء كثيرة لا تشاهدها ولا تعرفها، فإذا تعطل جهازه هذا هل يعرف؟ ما يعرف، ومع ذلك هو مؤمن بأشياء هو لا يعرف حقائقها، فكيف بعالم الغيب الذي الأصل فيه الإيمان بالغيب!
قال: (وَمِنَ الإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الآخِرِ الإيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أين أخبر به النبي ﷺ؟ أخبر به في القرآن والسنة، وذكرنا فيما سبق -والأخوة يذكرون هذا- الفرق بين القرآن والحديث القدسي، والفرق بين الحديث القدسي والحديث النبوي، فكله تدخل فيما أخبر به النبي ﷺ، فهو أخبر بالوحي المنزل، والوحي المنزل القرآن والحديث القدسي والأحاديث النبوية، فكلها مما أخبر به النبي ﷺ.
(مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ) يقول الشيخ السعدي في كتابه: التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة، يقول: وهذا ضابط جامع يدخل فيه الإيمان بالنصوص الواردة في حالة المحتضر، وفي القبر والقيامة والجنة والنار، وجميع ما احتوت عليه هذه الأمور من التفاصيل التي صُنفت فيها المصنفات المطولة والمختصرة، وكلها داخلة في الإيمان باليوم الآخر، بمعنى أن الإيمان باليوم الآخر يؤمن بكل ما أخبر به النبي ﷺ مما يكون بعد الموت.
لاحظ كلمة (بعد الموت) والمؤلف يتحدث عن اليوم الآخر، ما وجه دخول ما بعد الموت في الإيمان باليوم الآخر؟ لأن من مات فقد قامت قيامته، لأنه إذا مات انتقل من الدار الدنيا إلى دار البرزخ، يعني الدار الآخرة بالمفهوم الأوسع.
ولهذا بعض الناس أحياناً يقولون في الميت: انتقل إلى مثواه الأخير، هل هذا صحيح؟ هل عالم البرزخ أو القبر هو المثوى الأخير؟
لا، هو برزخ، وبرزخ يعني: فاصل بين شيئين، أو بين مرحلتين، هو انتقل إلى دار، ولكنه يبقى في هذه الدار حتى ينتقل بعد ذلك إلى الدار الآخرة، ولهذا قال: (مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ)؛ لأن من مات فقد قامت قيامته.
ولهذا نقول للإنسان: أنت قريب من الآخرة، أنت قريب جدا من الآخرة، ما بينك وبين الآخرة إلا أن يأخذ الله بهذا النفس، ولا تدري ربما تلبس الثوب وتغلق الأزرار ولا يفكها إلا غاسل الموت!
ربما تخرج من بيتك، وتُودِّع أهلك، ويكون هو الخروج النهائي، وهو الوداع الأخير لأهلك!
ربما تصنع الطعام ولا تأكل! ربما تبني البيت ولا تسكن فيه! ربما تبني البيت وتؤثِّثه ولا تسكن فيه! فكن على استعداد، أنك ربما ترحل فجأة، كيف تستعد؟ لا تبقى ذمتك مُعلقة بحق من حقوق الله، ولا بحق من حقوق العباد.
فلا تبقى الذمّة مُعلقة وأنت مُقصّر في حق من حقوق الله، بل تؤدي حقوق الله في وقتها، لا تؤخّر الحج وتسوف، قد تموت وأنت ما أدّيت الفريضة، فما عذرك عند الله؟ لا تؤخّر الصلوات عن وقتها، ربما تموت وأنت ما أدّيت هذه الصلاة، وهكذا يقال في كل الواجبات، فلا تبقى ذمّتك مشغولة مُعلقة بحق من حقوق الله تساهلا.
وكذلك لا تبقى الذمة مشغولة بحقوق العباد، ومظالم العباد تماطل فيها، لا بد من براءة الذمة، وكما أوصى النبي ﷺ ابن عمر، «إذَا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وإذَا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ»[2]، هذا هو العقل، هذا هو الذي يعلم حقيقة الحياة، فيعلم أنها كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها، ولهذا فالإنسان قريب من الآخرة.
يقول: (الإيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ) سواء في القرآن أو في السنة، وعرفنا أن الإيمان بالقرآن يشترط فيه الدلالة، والسنة يشترط فيها الصحة والدلالة (بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ).
لذلك يدخل في هذا أمورًا كثيرة، والمصنف -رحمه الله- ذكر من هذه الأمور ما يتعلق بعالم البرزخ، الذي هو القبر، فذكر الفتنة، وذكر العذاب، وذكر النعيم، ثم انتقل إلى الموضوع الثاني وهو ما يتعلق بالبعث والنفخ في الصور، ثم انتقل إلى أحوال الناس في المحشر، وذكر أمورًا كثيرة.
قال: (الإيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ) هذا هو الضابط للإيمان باليوم الآخر، وهو -كما ذكر الشيخ ابن سعدي- ضابط جامع يدخل فيه الإيمان بالنصوص الواردة في جميع أحوال الآخرة.
ثم ذكر الأمر الأول مما يتضمنه الإيمان اليوم الآخر، فقال: (فيؤمنون) من هؤلاء؟ بالطبع أهل والجماعة؛ لأن الحديث عن معتقد الفرقة الناجية من أول الكتاب، (أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية الطائفة المنصورة)، وكذا كل ما ذكر فيما سبق- يريد أن يبين أن هذا معتقد الفرقة الناجية، الذين وصفهم النبي ﷺ بقوله: «مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي»[3] ومن لم يؤمن بهذه الأشياء فهو ليس منهم.
قال: (فيؤمنون) يعني: الفرقة الناجية، الطائفة المنصورة.
ما معنى يؤمنون؟ هل معنى يؤمنون أنهم يصدقون تصديقا مجرداً؟ أو يعرفون تعريفا مجرداً؟ أو هو اعتقاد يتبعه يقين يتبعه امتثال يتبع عمل؟
نعم بالفعل هذا هو الإيمان، وأما مجرد المعرفة، فالمعرفة عند إبليس، عند بعض المشركين، فإبليس كان يعرف، ولذا ليس المقصود بالإيمان هو المعرفة المجردة، وإنما هو التصديق الجازم، هو اليقين الذي يثمر العمل، الذي يثمر الخوف، يثمر الرجاء، يثمر تصديق الأخبار، فلا يكذب الأخبار، ولا يعترض على الوحي، ولا يعترض على كلام الله، ولا يعترض على كلام رسول ﷺ، يمتثل الأوامر قدر ما يستطيع، ويجتنب النواهي، هذا هو الإيمان الحقيقي، وليس المعرفة المجردة التي توجد عند إبليس، وتوجد عند المشركين، بل هذه المعرفة المجردة ليست هي الإيمان، لأن الإيمان هو يقين، هو تصديق، هو امتثال.
قال: (فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ)
لاحظ أنه أشار إلى ثلاثة أمور:
الفتنة وهي الاختبار والسؤال، وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، والعذاب الذي يكون بعد ذلك والنعيم.
فالقبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النيران، نسأل الله -عز وجل- أن يجعل قبورنا وقبور أمواتنا روضة من رياض الجنة، وأن يعيذنا من عذاب القبر، ومن فتنة القبر، فالقبر هو أول منازل الآخرة، ولهذا من نجا منه فقد نجا.
والفتنة هي السؤال والاختبار، ويسأل الإنسان عن الأصول الثلاثة التي يحفظها الإخوة المشاهدون، ويربون أولادهم عليها وهم صغار، وهي التي ألف فيها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب كتابه: الأصول الثلاثة، من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
وهذه والحمد لله من الأمور التي يُرب أهل السنة والجماعة على وجه الخصوص ينشئون أطفالهم منذ نعومة أطفالهم، وهو بحمد الله ومنه وكرمه من المقررات الأساسية عندنا في التعليم في المراحل الأولية، فيحفظ الصغار في المراحل الأولية الأصول الثلاثة التي يكون عنها السؤال في القبر، ما ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ كما جاء في الحديث.
قال: (فَإِنَّ النَّاسَ يفتنون فِي قُبُورِهِمْ) قوله: (الناس) هل المقصود به العموم أو أهل الإسلام؟
فيما يظهر والله أعلم العموم، وليست هذه الأسئلة في القبر خاصة بهذه الأمة، بل الظاهر والله أعلم أنه عام بكل الأمم.
(يفتنون فِي قُبُورِهِمْ، فَيُقَالُ للرِّجُلِ) طبعا الرجل على سبيل اسم الجنس، وإلا فيشمل جميع المكلفين.
(مَن رَّبُكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَن نَّبِيُّك؟ فيُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) كما جاء في الآية، ولهذا فالآية دليل على إثبات الفتنة في القبر، وكما جاء أيضا في حديث البراء بن عازب، وهو حديث مشهور مستفيض، ذكره ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "الروح"، بأنه أصل عند أهل السنة والجماعة في إثبات فتنة القبر، وفي عذاب القبر ونعيم القبر.
فالمؤمن يثبته الله، فَيَقُولُ: (رَبِّيَ اللهُ، وَالإِسْلاَمُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيِّي)، ولا يظن الإخوة الكرام أن السؤال والجواب أمره هين، فإن الأمر شديد، ولهذا فالمؤمن يثبته الله فيوفق للجواب الصحيح.
وأما المرتاب والذي عنده شك فيضيع الجواب عنه، فيلتبس عليه الأمور، فيقول: «ها ها»، وفي بعض الروايات: «آه آه» كما جاء في بعض الروايات، يعني: نوع من التردد، «لا أدري»، ثم يقول: «سمعت الناس يقولون شيئا فقلته» هل سمع أو لم يسمع؟ هو سمع، إذن لماذا لم يجب؟ لأن هذا لم يكن عن دليل، ولم يكن عن يقين، إنما هو تقليد.
ولهذا يقول أهل العلم: أمور العقائد ما ينفع فيها التقليد، بل لا بد فيها من اليقين والدليل، فيربط الناس بالدليل.
«فيضرب بمرزبة» يعني: تنطق بالتخفيف والتشديد، وهي المطرقة الكبيرة، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، نسأل الله السلامة والعافية.
هل الفتنة عامة لكل المكلفين أو هناك من لا يفتن؟
جاء في بعض الأحاديث أن الشهيد لا يفتن، «كفَى ببارقةِ السُّيوفِ على رأسِه فتنةً»، هذا الذي قتل في سبيل الله صادقاً لإعلاء راية الله، وإذا كان الشهيد لا يُفتن فمن باب أولى الصديق لا يفتن، لأنه أعلى مرتبة من الشهيد، ومن باب أولى الأنبياء، ومن ذلك أيضا السبعون ألف، فإنهم لا يُحاسبون، وظاهر العموم أنهم لا يُحاسبون في القبر، ولا في المحشر، ولا يعذّبون لا في القبر، ولا في المحشر، ولا في النار.
ثم بعد ذلك يكون النعيم أو العذاب، النعيم دلَّ عليه حديث البراء، ودلَّ عليه الآيات في آخر سورة الواقعة، والعذاب أيضا دلَّت عليه آيات كثيرة، ومنها قول الله -تبارك وتعالى- في آل فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية أصل كبير عند أهل السنة والجماعة في إثبات عذاب القبر، ووجه ذلك أن العرض على النار في الغدو والأصال قبل قيام الساعة.
وفي الآية دليل على أن العذاب في حق الكفار وبعض العصاة مستمر إلى قيام الساعة، وقد يخفف العذاب عن بعض العصاة كما فعل النبي ﷺ، لَمَّا مَرَّ بقبرين حديثين لمسلمين قال: «إنهما يُعذبان وما يُعذبان في كبير» ثم قال: بلى إنه كبير، «أما أحدهما فكان لا يستتر من البول» وفي رواية: «لا يستنزه» وفي رواية: «لا يستبرئ، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة».
فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» وقوله: «يخفف» يدل على أن العذاب في القبر قد يخفف، فهو قد يخفف باستغفار المؤمنين لموتاهم، بقضاء الديون، بأداء الواجبات التي في ذمته لم يؤدها، بالحسنات التي تُهدى له، إلى غير ذلك من الأسباب التي بها يخف العذاب عن بعض العصاة في القبور.
ثمة أسباب يُعذّب بها أصحاب القبور، وأسباب تُنجي من عذاب القبر، ومن أراد الرجوع إليها فليرجع إلى كتاب الروح لابن القيم، فقد بسط القول في هذا، وكذلك ردَّ على الملاحدة والزنادقة الذين ينكرون العذاب في القبر، بالأدلة من الكتاب والسنة، والأدلة أيضا العقلية والتي تدل على أن منكري العذاب في القبر لا يعتمدون على الوحي المنزل، ولا يعتمدون كذلك على العقل السليم، فهم ضلوا في هذا الباب.
هذا ما يتعلق بالمنزل الأول من منازل الآخرة، وما يتعلق بعالم البرزخ، عالم القبر، وما فيه من الفتنة، وما فيه من العذاب والنعيم.
نسأل الله -عز وجل- أن يثبتنا وإخواننا المستمعين والمشاهدين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يُعيذنا من عذاب القبر، والنبي ﷺ حثَّ أمته على الاستعاذة بالله من عذاب القبر دبر كل صلاة.
نسأل الله أن ينفعنا جميعا بما نقول ونسمع، وأن يعلمنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يعيذنا من عذاب القبر، إنه قريب سميع مجيب الدعاء.
{أحسن الله إليكم شيخنا، وشكر الله لكم على ما قدمتم وأفدتم، وجزاكم خير الجزاء}.
آمين وإياكم ولإخواننا المستمعين.
{وبهذا أيها الإخوة والأخوات نكون قد وصلنا إلى نهاية الحلقة، نشكركم على حسن الاستماع، ونلقاكم في حلقة قادمة بمشيئة الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
----------------------------
[1] أخرجه ابن ماجه (4077)، وابن أبي عاصم في السنة (429).
[2] رواه البخاري (6416).
[3] أخرجه الترمذي (2641)