الدرس السابع

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

23141 18
الدرس السابع

أخصر المختصرات 2

{الحمد لله، الحمد لله الملك العلام، القدوس السَّلام وصلى الله وسلم على خير من صلى وصام وتعبد وقام، محمد بن عبد الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وأتم سلام.
أمَّا بعد، فأهلًا وسهلًا بكم أعزاءنا المشاهدين والمستمعين في كلِّ مكان في مجلس جديد من مجالس شرح متن (أخصر المختصرات) يشرحه فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الحكيم بن محمد العجلان، أهلًا وسهلًا بكم صاحب الفضيلة}.
أهلًا وسهلًا، حياك الله.
{أحسن الله إليك وبارك فيكم. نستأذنكم في استكمال ما توقفنا عنده.
أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ تَخَطِّي الرِّقَابِ إِلَّا لِفُرْجَةٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِهِ، وَإِيثَارٌ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ لَا قَبُولٌ) }.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمَّا بعد، فأسأل الله -جَلَّ وَعَلَا- أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بالله من مضلات الفتن، ونعوذ بالله أن نرد على أعقابنا أو أن نفتن، ونعوذ بالله من فتنة القول وفتنة العمل، وأن نفتن في أمر من أمور الدنيا أو الدين، يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولأزواجنا وذرياتنا وأحبابنا والمسلمين.
أيها الإخوة طلاب العلم وطالباته الحريصون على هذا الدرس المتابعون لهذه الجادة، أسأل الله أن يتم عليكم فضله وأن يزيدكم من خيره، وأن يبلغكم العلم وأن يعقبكم العمل، وأن يجعله أجرًا لكم ودرجة عند ربكم وأن يجعله بركة لكم وبُلغة لكم في حياتكم.
لا يزال الحديث موصولًا فيما يتعلق بالفصل الذي عقده المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في أحكام صلاة الجمعة، إلى أن قال المؤلف-رَحِمَهُ اللهُ: (وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ) ، يعني لغير الإمام، أمَّا الإمام فإنَّه لو تخطى فلا غضاضة في ذلك ولا حرج؛ لأنه لابد من أن يصل إلى المنبر وأن يرقى عليه وأن يتحدَّث بين يدي الناس ويخطب، فلا غضاضة عليه لو تخطَّى الرقاب ولا غضاضة عليه لو دخل بينهم، ولأنَّ السنة في حقه أن يتأخر، أمَّا وقد جعل له مدخل خاص فإنَّ هذا قد يمنع منه التَّخطي، وتبقى في حقه الكراهة لعدم الحاجة إلى ذلك، فالفقهاء -رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى- إنَّما لم يكرهوا ذلك له لخصوصية حاله، أمَّا إذا لم يحتج إلى ذلك لكون الطريق إلى المنبر لا يعوزه المرور بين يدي الناس لإمكان الدخول من هذا المدخل؛ فلا شك أنه قد يلحق به الكراهة ويدخل في الملامة، وهذا محل بحث ونظر، أمَّا غيره من المأمومين فينبغي للمأموم أن يبكِّر وأن يأتي المكان الذي يتقدَّم إليه قدر استطاعته، لكن لو تأخر الإنسان فإنَّه لا يزيد على ذلك أن يتخطَّى رقاب الناس فيفسد عليهم ويدخل عليهم شيئًا من ذهاب سكينتهم وخشوعهم وحضورهم وإنصاتهم.
قال: (إِلَّا لِفُرْجَةٍ) ، أمَّا إذا وجدت فرجة فإنَّ أهل العلم يقولون: إن هؤلاء الذين تأخَّروا قد أحلوا لهذا المتخطي تخطيه؛ لأنَّ الأولى بهم أنهم يسدوا تلك الفرجة، وألا يتركوها، فالأمر دائر بين أن يكون الإنسان خارج المسجد، أو يكون في الصفوف المتأخرة، وثمة مكان في المكان المتقدم؛ فمن لم يجلس فيه فإنَّه قد أسقط حقه وأباح لغيره الوصول إلى هذه الفرجة، فكأنه أذن في أن تتخطى رقبته وأن يتعدى مكانه، فلأجل ذلك قال: (إِلَّا لِفُرْجَةٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا إِلَّا بِهِ) ، أمَّا إذا أمكن وصوله إلى هذه الفرجة بدون التخطي فإنَّ ذلك يبقي ما يلحقه التبعة والملامة، وهذا أيضًا يمكن أن يكون مأخذًا لأن الإمام إذا وجد له مدخل لم يحتج إلى أن يتخطَّى الرقاب، فلا يكون ذلك مسوغًا له أن يتخطاها وأن يؤذي الناس والمتقدمين إلى الصلاة والمتربصين والمنتظرين للخطبة وما يتبعها.
قال: (وَإِيثَارٌ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ لَا قَبُولٌ) ، يعني: يُكره للإنسان أن يُؤثر بمكانه فيقدم غيره إليه ليتأخَّر، أو يكون هو عن يمين الإمام فيأذن لغيره أن يكون في مكانه ليذهب في شماله؛ فإن هذه كلها أماكن مفضلة ومقدمة على غيرها.
وينبغي للإنسان أن يحرص على أن يتقدم إلى المكان الفاضل، وأن لا يؤثر غيره، لأنَّ الله -جَلَّ وَعَلَا- قال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة/148]، وقال: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [آل عمران/133]، وقال: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين/26]، فلم يكن لأحد أن يؤثر غيره.
واختلف في أن يؤثر الإنسان والده، وظاهر كلام الحنابلة عمومُ عدم الإيثار في ذلك مُطلقًا، وأنَّ أمور العبادات والطاعات فيها التسابق والتنافس والمسارعة والرغبة، لا التَّأخُّر والتَّواني، ولا إيثار الغير مهما كان.
قال: (لَا قَبُولٌ) ، أمَّا لو آثرك شخص بمكانه وقدمك إلى محله فلا يُكرَه ذلك، وإنما يُباحُ.
هل للإنسان أن يبلغ هذا المؤثِر أنَّ الأولى له عدم الإيثار؟
في هذا نصحٌ وتوجيهٌ وبيانٌ للحكم الشرعي، لكن قد يفوِّت عليه فضيلة هذا المكان الذي قُدِّم له وأُعطيَ له.
على كل حال؛ هي محل نظر، لكن إذا قلنا: إنَّ النصح للغير أسبق وأوجب؛ فإنَّه يكون الأولى في حق من أوثِرَ بالمكان، فإذا بقي على إيثاره وتقديمه فلا بأس أن تقبله بعد ذلك.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَ صَبِيٍّ مِنْ مَكَانِهِ فَيَجْلِسُ فِيهِ، وَالْكَلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ عَلَى غَيْرِ خَطِيبٍ، وَمَنْ كَلَّمَهُ لِحَاجَةٍ) }.
قوله: (وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَ صَبِيٍّ) ، فلا يجوز للإنسان أن يقيم أحدًا ليجلس مكانه، فإنَّ مَن تقدم قد استحقَّ، ومن جلسَ فقد سبقَ، وليس لأحد في هذا خصوصية البتة، وظاهرُ هذا حتى ولو كان مؤذنًا؛ لأنه لا يختص بمكان بخلاف الإمام، فبناء على ذلك كل مَن تقدَّم فهو أولى بالمكان الذي تقدَّم إليه.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (غَيْرَ صَبِيٍّ) لأنَّ النبي قال: «يلينِّي منكم أولو الأحلامِ والنُّهى» ، فكان مكان الصبيان بعد مكان الرجال وأولي النهى، فبناء على ذلك في قول الحنابلة وقول جمع من الفقهاء وإن كان للحنابلة كما عند شراح الحديث كلام؛ هل المعنى أنهم يؤخَّرون؟ أو المعنى أنه حثٌّ لأولي النهى وأولي العقل وأصحاب الحجا وأهل المعرفة وأهل الوجوب أن يستعجلوا ويسارعوا؟
فبعضهم حملها على الثاني دون الأول، لكن ظاهر الحديث أنهم مستحقون في ذلك مقدمون، كما أن المرأة مؤخَّرة في آخرِ صفوفِ المسجد، وخيرها آخرها بالنسبة لها، فكذلك ينبغي أن يكون الصبيان بعد الرجال، والأمر محلُّ بحثٍ كثيرٍ وخلافٍ فيه تجاذبٌ للأقاويل ونظرٌ في الاستنباطات والأدلة.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالْكَلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ) ، الكلام حال الخطبة لا شك أنه محرم وممنوع، فلا يجوز للإنسان لِمَا يجب عليه من الإنصات وجاء بذلكم الحديث، ونُهي حتى عن مس الحصى وعن كل ما يكون فيه إشغال.
قال: (وَالْكَلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ) ، فلو كانوا في غيرِ حال الخطبة كما لو كانَ بين الخطبتين فإنَّ ذلك غير ممنوع، ومثل ذلك لو كانوا لا يسمعون الخطبة لبعدهم أو نحو ذلك، ولا يحصل منهم إيذاء لغيرهم، فإنَّ هذا لا يمنع منه؛ لأنَّ المنع إنَّما هو لاستماع الخطبة، فإذا كان استماع الخطبة غير حاصلٍ فبناء على ذلك لم يكن الكلام محرمًا ولا ممنوعًا.
قال: (عَلَى غَيْرِ خَطِيبٍ) ، أمَّا الخطيب فإنَّه يخطب ويتكلَّم ويتحدَّث إلى الناس، فلو كلم شخصًا وقال: قم فصلِّ، أو: لا تتحدث يا فلان، أو: اترك الجوال والعبث به؛ فللخطيب أن يفعل ذلك، وهذا حاصل من النبي ، فإنَّه قال لسليك الغطفاني: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» ، وعمر كلم عثمان، وفي ذلك أحاديث كثيرة ولا يختلف في ذلك البتة.
قال: (وَمَنْ كَلَّمَهُ لِحَاجَةٍ) ، يعني ومن كلم الخطيب لحاجة، ولذلك أيضًا أمثلة كثيرة، كمثل ذلك الرجل الذي دخل وطلبَ من النبي الاستسقاء، وكما دخل في الجمعة التي بعدها وطلب من النبي بأن يدعو بأن تمسك السماء مطرها وماءها، ومثل ذلك لو أنه كلم الإمام بأنه قد ارتفع صوته بحيث لا يسمعون، أو التبست عليهم الأصوات، خاصَّة مع وجود هذه المكبرات التي قد يزيد معها الصوت فيتأذى الناس، أو العكس بأن يبلغه بأن الناس لم يسمعوا، إما ليقرب من المكان الذي يوصل الصوت، أو لغير ذلك من الأمور، فلا غضاضة في ذلك ولا حرج كما جاءت بذلك السنة وصحَّت في ذلك الأحاديث.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ دَخَلَ -وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ- صَلَّى التَّحِيَّةَ خَفِيفَةً) }.
قوله: (وَمَنْ دَخَلَ) ، أي: دخل المسجد، فيفهم من ذلك أن الإنسان لو جاء إلى الجمعة والمسجد ممتلئ وجلس خارج المسجد، فلا يصلي ركعتين، لأن الركعتين إنما هما للمسجد، والمسجد لم يدخله، والخطبة حقها أن تُسمَع، وليس فيهما ما يقتضي أن ينشغل عن الخطبة بركعتين ولا بغيرها، وهذا كثير ما يحصل، بعض الناس إذا أتى والناس صفوفٌ خارج المسجد صلى ركعتين، وهذا المكان إنما يتعلق به متابعة الإمام وحصول الجماعة بإمكان المتابعة، لا أنه يدخل في أحكام المسجد ويكون للماكث فيه ما للماكث في المسجد من أحكام، فبناء على ذلك إذا دخل فإنه يصلي ركعتين حتى ولو كان الإمام في خطبته، وكما قلنا: في هذا حديث الذي في الصحيح في قصة سليك الغطفاني حينما أمره النبي أن يقوم فيصلي ركعتين.
قال المؤلف: (صَلَّى التَّحِيَّةَ خَفِيفَةً) ، ولا يصلي غيرها، وتكون خفيفة، فلا تكون طويلة، لأن النبي قال: «وتجوَّز فِيهِمَا»، ولما يحصل له من استماع الخطبة والانتفاع بالموعظة، وما يتبع ذلك من الدعاء والخير الكثير.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) }.
هذا من المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- انتقال إلى أحكام صلاة العيدين، فالمؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- انتهى من الصلوات الخمس وما يكون مثلها في الحكم أو أوجب منها -وهي صلاة الجمعة- ثم انتقل إلى الصلوات الأُخَر، وبدأ بصلاة العيد؛ لأنها فرض كفاية، فهي من أهم الصلوات وأعظمها.
إذًا؛ هذا الفصل معقودٌ لبيان أحكام صلاة العيدين، وعيد أهل الإسلام هو عيد الفطر وعيد الأضحى، لا عيد لهم سواها، والأعياد هي أعياد دينية يحصل فيها السرور والفرح بنعمة الله -جَلَّ وَعَلَا- وما أتمَّ الله من العبادة، وما يسر للناس من إتيان هذه الشعيرة في الصيام، وأيضًا إذا حجَّ الحجيج فإن لغيرهم من موافقة فضل تلك الأوقات وما اجتمع فيها من العبادات ونحو ذلك ما يحملهم على أن يفرحوا بصلاة العيد وما يتبع ذلك من أحكام ستُذكَر في ثنايا هذا الباب.
فلا عيد لأهل الإسلام سواها، وما كان من أعياد المشركين وموافقتهم فإنَّ هذا من أعظم ما يكون خطأ ومنعًا، فإن الله -جَلَّ وَعَلَا- قال: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان/72]، قال غير واحد من أهل التفسير كمجاهد وغيره: قوله ﴿لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ أي: أعياد المشركين.
ولأن أعياد المشركين إنما هي أعياد دينية، فمشاركتهم فيها إقرارٌ لعقائدهم الفاسدة ودياناتهم الباطلة، وهذا فيه من البلاء ما فيه، فسواء شعر بذلك -وهذا أعم ما يكون من البلاء والشر- ويشاركهم مع شعوره وعلمه بذلك، أو أن يكون مشاركة من غير ما علم أو غير ما معرفة، وحتى لو كان المشركون يشاركون أهل الإسلام في أعيادهم فلا يكون ذلك مسوِّغًا في أن يشارك أهل الإسلام المشركين في أعيادهم، لأن دينهم باطل، وعقائدهم فاسدة فهم لا يلوون على شيء، ولا يمتنع منهم أمر، وغاية ما أمور الدنيا والتكثر فيها وإظهار أنهم متسامحون أو غير ذلك، وهذا ليس بمجوِّز لنا لأن نبادلهم ذلك، لأن الإنسان موقوف على الشرع ومحكوم بحكم ما جاء في به الكتاب والسنة.
وأمَّا الإحسان إلى غير المسلمين والقيام بحقوقهم في جوارٍ أو في عملٍ أو في شراكةٍ أو في غير ما ذلك من تعاقدات أو تعاملات أو إتيان ديارهم أو غير ذلك؛ فإنَّ هذا أوجب ما يكون وألزم ما يكون، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخل بهذه الحقوق أو أن يتجاوز هذه الأمور، لكن المشاركة فيها معنى ديني، فينبغي أن يتنبه لذلك المسلم ويحفظ نفسه من مثل هذه الأمور.
يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) ؛ لأنَّ الله -جَلَّ وَعَلَا- قال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر/2]، فإنَّ المقصود بذلك صلاة العيد كما قال أهل العلم في صلاة الأضحى، والنبي صلَّى صلاة العيد ودعا إليها، وعُلِّق عليها فضل كثير وأجر عظيم، حتى أمرت الحيَّض بأن يشهدنَ صلاة العيد مع أنهن لا يصلين، ومع ما سقط عنهن من صلاة الفريضة، لكن لما فيها من الخير الكثير أمرنَ أن يحضرنها فيشهدن الخير ودعوة المسلمين، وفي هذا إشارة إلى أن الدعوة في صلاة العيد وخطبتها فيها من الإجابة بحصول المقصود، وإجابة الله -جَلَّ وَعَلَا- لعبده وإثابته عليه بالأجر الكبير والفضل العظيم؛ فينبغي أن تعلم هذه الفضائل وأن يحافظ عليها المسلم، وأن يسرع إليها؛ فإنَّ ذلك فضل الله -جَلَّ وَعَلَا- ومنته.
وقولنا بأنها فرض كفاية: يعني إذا قام بها من يكفي سقط الإثم على الباقين، فإذا تخلَّف مَن تخلَّف مع قيامها في كل بلد وحضور العدد المعتبر؛ فإنَّ ذلك كافٍ في حصول فرض الكفاية ومخلِّصٍ للغير من التَّبعة عند الله -جَلَّ وَعَلَا- فيما لو تخلفوا عنها وتركوها، ولا ينبغي أن يتساهل في ذلك إلا لعذر ولا أن يتخفَّف الإنسان من ذلك إلا لسببٍ، لما ذكرنا من الخير الكثير فيها.
فيقول المؤلف-رَحِمَهُ اللهُ: (وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ) يعني عيد الفطر وعيد الأضحى.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى وَآخِرُهُ الزَّوَالُ) }.
قوله: (وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى) ، ابتداء وانتهاءً، ووقت صلاة الضحى هو من طلوع الشمس وارتفاعها قيد الرمح، فأما بعد طلوع الشمس فليس بوقتٍ لها، ولا يجوز فعلها فيه، وآخر ذلك إلى آخر وقت صلاة الضحى الذي هو دخول وقت النهي، فيقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَآخِرُهُ الزَّوَالُ) .
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَهُ صَلَّوْا مِنَ الْغَدِ قَضَاءً) }.
قوله: (فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعِيدِ) ، خاصة في الأزمنة الماضة كان الرائي قد يراه وهو في عرض الصحراء فلا يصل إلى البلد إلا بعد وقت طويل، وقد لا يكون غيره رآه؛ فبناء على ذلك إذا أخبر أنه رأى وحصلت الشهادة وتم اعتبارها وكان ممن تعتبر شهادته وهما شهادته عدلين كما في حديث زيد بن الخطاب «شهد بذلك شاهدان»؛ فيقبل، وما دام أن وقت العيد قد ذهب فإنَّها تصلى من الغد، كما جاء ذلك في الحديث لما شهد الرجلان بأنهما رأيا الهلال البارحة ولم يصلا إلى الناس إلا بعد صلاة الظهر، فأمر الناس أن يخرجوا من غَدِهم، فهذا بالنسبة لصلاة العيد في أنها تُقضى من الغد.
أمَّا بالنسبة لمن فاتته صلاة العيد: يعني إذا صُليت فإنَّه يقضيها مباشرة، هل تُقضى على ركعتين أو أربع؟
جاء عن بعض السلف هذا وذا، والمشهور عند الحنابلة كما هو قول ابن مسعود أو غيره من الصحابة أنها تقضَى على صفتها ركعتين، وهذا هو الأشهر والمعتبر عندنا.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَشُرِطَ لِوُجُوبِهَا شُرُوطُ جُمُعَةٍ) }.
وهو أن تكون على مسلم، مكلف، ذكر، وأن يكون حرًّا، مستوطنًا ببناء، وأن يبلغ ذلك العدد.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَلِصِحَّتِهَا اسْتِيطَانٌ، وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ) }.
وشرط لوجوبها أن تكون على: مسلم، مكلف، حر، ذكر، فلا تجب على الأنثى ولا على العبد، لكن لا شك أن حضورهم حضورٌ للخير، وحضور النساء مما يحصل في ذلك من الخير والفضل على ما ذكرنا.
قال: (وَلِصِحَّتِهَا اسْتِيطَانٌ) ، فإذًا هي معتبر لها ما اعتبر للجمعة من أنَّ أصل إقامتها يكون على المستوطنين، يصلي معهم المقيمون، ويصلي معهم مَن حضر لا غضاضة، إلا أن يكون للإنسان شغل آخر، وهذا مثل ما يكون في عيد الأضحى، فإنَّ الحجيج إذا وفدوا إلى البيت فإنَّ الأولى في حقهم أن يشرعوا في أعمال يوم النحر، فالأولى بهم أن يشرعوا فيما أتوا إليه مِن طواف ومِن سعي ومِن حلق ومِن ذبح، وألا يتوقفوا للصلاة، وهذا هو الأولى في حقهم وهو الأتم في جهتهم؛ لأنهم يعملون ما شرع لهم، وهذا حكم غيرهم من غير الحجيج، فينبغي أن يُتنبه لذلك ويُحفظ.
قال: (وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ) ، يعني ما ذكرناه من أن عدد الجمعة أربعين فكذلك صلاة العيدين، باعتبار أنه إذا كان هذا العدد معتبرًا للاجتماع في الأسبوع، فالاجتماع السنوي أولى أن يكون ذلك اعتبارًا فيه واشتراطا له.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (لَكِنْ يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ أَوْ بِبَعْضِهَا أَنْ يَقْضِيَهَا، وَعَلَى صِفَتِهَا أَفْضَلُ) }.
إمَّا أن تفوته فلا يأتي إلا بعد الانتهاء من الصلاة، فيقضيها على صفتها، وإذا كانوا في الخطبة فالأحسن أن ينتظر ليسمع الخطبة، لأن الصلاة لا تفوت، ولئلَّا تفوت عليه الخطبة وما فيها من الدَّعوة وما فيها من الخير، وإذا فاته بعضها كأن تفوته ركعة أو أن يأتي والإمام في التشهد قبل أن يسلِّم فيقضيها، فيدخل معهم ويقضيها.
قوله: (وَعَلَى صِفَتِهَا أَفْضَلُ) ، لما ذكرنا من أنها على ركعتين وهذا هو الأتم، وقد جاء عن الصحابة هذا وذاك، فإذا قضيت على الركعتين فهذا هو الأفضل لأن القضاء يحكي الأداء، ولأن هذا آتٍ عن بعض أصحاب النبي ، ومَن قال بأنها أربع فهذا أيضًا جاء عن بعض أصحاب النبي وله وجه، فلا غضاضة فيه، لكن فضَّل المؤلف أن تكون على صفتها وهو قضاؤها ركعتان.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَتُسَنُّ فِي صَحْرَاءَ، وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ فِطْرٍ، وَأَكْلٌ قَبْلَهَ) }.
تُسنُّ في الصحراء كما كان النبي يخرج فيصليها في أطراف المدينة، ولا يكون ذلك في مكانٍ بعيدٍ لئلَّا يشق بالناس، ولئلَّا يقتضي ذلك أن يكون سفرًا والمسافر لا يتعلق به حكمها.
إلا لعذرٍ كما لو كان مطر ونحوه، وقد جاء عند أبي داود أنه في يومِ مطرٍ صلوا في المسجد، واستثنى بعض الفقهاء في ذلك الصلاة بمكة، فإن الصلاة بمكة في الحرم أولى من غيرها، وفيه من الفضائل ما لا يتأتَّى بالصلاة في الصحراء والفضاء.
قال: (وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ فِطْرٍ، وَأَكْلٌ قَبْلَهَ) ، السنَّة في صلاة العيدين إن كانت صلاة عيد الفطر فتأخيرها أولى، قال أهل العلم: لأنه يشرع للآتي إلى صلاة العيد أن يفطر على تمراتٍ، فيُجعل للناس فرجة في الوقت وفسحة حتى يطبقوا هذه السنة، وأما الأضحية فيستعجلون بها، لأن المستحب أن يُسرع الناس إلى أضاحيهم وأن لا يأكلوا قبل أن يطعموا من الأضحية التي ضحوا، فيأكلوا من لحمها وكبدها وما تيسر منها، فلأجل ذلك قال: (وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ فِطْرٍ، وَأَكْلٌ قَبْلَهَا، وَتَقْدِيمُ أَضْحَى) ، يعني وعدم الأكل حتى يأكل من أضحيته. وإذا أكل فإنه يأكل سبع تمرات كما جاء ذلك عن النبي .
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَتَقْدِيمُ أَضْحَى، وَتَرْكُ أَكْلٍ قَبْلَهَا لِمُضَحٍّ) }.
إذا كان الإنسان عنده أضحية فالأولى به ألا يأكل شيئًا حتى يطعم من أضحيته، فإن في هذا إظهارًا لهذه الشعيرة، ولأن النبي لما كان في الحج وأهدى مائة من الإبل أخذ من كل واحدة بُضعة -أو قطعة- وطُبخت له وأكل منها؛ فدل على أن الأكل من الأضحية سنة، فإذا كان مضحياً فالأولى أن لا يأكل حتى يكون أكله من أضحيته التي تقرَّبَ بها إلى الله -جَلَّ وَعَلَا- بذبحها وإراقة دمها.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ، وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سِتًّا، وَفِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ خَمْسًا) }.
صلاة العيد ركعتان، ومحلها قبل الخطبة، فإنَّ هذه صلاة النبي وأبي بكر وعمر، كما في الحديث المتفق عليه، ولا يصح تقديم الخطبة قبل الصلاة، وأنكر الصحابة ومن بعدهم من التابعين على فعل مَن خلفاء بني أمية تقديم الخطبة على الصلاة طلبًا لمكث الناس وبقائهم، فإنَّ السنة أولى وأن الاتباع أوجب وأكمل، حتى ولو خرج من خرج وتفرق الناس بعد الصلاة، فإنَّما يحصل من الاقتداء بالسنة واقتفاء هدي النبي والاستنان بسنته وعدم تجاوز ذلك أعظم مما يحصل من بقاء الناس واستماعهم للخطبة وما فيها من وعظ وخلافه، فلأجل ذلك قال: (وَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) .
قال: (يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ) ، صلاة العيد ركعتان وإنَّما تختص بالتكبيرات التي فيها، لأنه موضع تعظيم وأكثر ما يكون التعظيم بتكبير الله -جَلَّ وَعَلَا- فإذا قال المسلم "الله أكبر" فالله أكبر من كل شيء وما دون الله -جَلَّ وَعَلَا- فهو حقير وهو ذليل وهو مخلوق لله -جَلَّ وَعَلَا- صغير، وهو بين يدي الله -جَلَّ وَعَلَا- لا شيء، فيلتفت العبد بقلبه إلى الله وينكسر بين يديه، ويتوجه لله معظمًا، وبين يديه متخشِّعًا وله قاصدًا وفيما عنده راغبًا، وأظهر ما يكون ذلك في يوم العيد بالتكبير، فكان من خصائصها التكبير الذي في ليلتها -وسيأتي الكلام عليه- في عشر ذي الحجة وما يتبع ذلك أيضًا في أيام التشريق، لكن حتى في صلاتها فإنَّها مخصوصة بزيادة التكبيرات، فالتكبيرات في صلاة العيد في الأولى: سبع، وفي الثانية: ست، لكن هنا قال: إنه يكبر تكبيرة الإحرام وست تكبيرات مكملات، فتكبيرته لإحرامه هي ركن لها ولا تصح الصلاة إلا بها، وأمَّا التكبيرات الست التي بعدها فإنَّما هي سنة مستحبة، من أداها فقد أحسن، ومن نسيها أو فاتته فقد فلا غضاضة عليه ولا حرج، فلأجل ذلك قال: (يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ) ، لأن بعض أهل العلم قالوا: إمَّا أن يؤخر الاستفتاح إلى أن ينتهي من التكبيرات، وبعضهم قال: إن الاستفتاح أول ما يكون في الصلاة؛ فبناء على ذلك يكون بعد تكبيرة الإحرام، وتكبيرات العيد تكون بعدها، والأمر محل نظر، فعلى كل حال؛ هذا هو ما ذكره المؤلف-رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قال: (يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الِاسْتِفْتَاحِ، وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سِتًّا) ، فهذا إذًا بعد الاستفتاح لكنه قبل التعوذ والقراءة، فإذا كبر التكبيرة الأولى من الست فيرفع يديه، وهذا هو الأشهر عند أهل العلم وهي من المسائل التي حارَ فيها أهل العلم والفقه كثيرًا، وهي محل للنَّظر، وابن المنذر-رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وهو مَن هو في الفقه وهو أول مَن فتقَ الفقه، يعني أن الفقهاء قبل ربما توسَّعوا في مسألة لحاجةٍ إليها وقصَروا في أخرى لعدم مسيس الحاجة إلى ذلك، لكن ابن المنذر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- هو أول من ابتدأ الفقه فكتب فيه من أول مسألة إلى آخر مسألة، وجمع فيها أقاويل أهل العلم وما فيها من الأحاديث وما فيها من الآثار، والخلاف فيها بين السلف وأهل الفقه، فكان هو كما يقال: أول من فتق الفقه وفتحه، ومع ذلك لما جاء إلى هذه التكبيرات حارَ فيها، ما فيها يعني مأخذ من السنة مرفوع إلى النبي ، وإنَّما هي تأمُّلٌ ونظرٌ واستنباطٌ، فهل تلحق بتكبيرة الإحرام فتكون مثلها فيشملها عموم المعنى -ما نقول قياس وإنَّما هو عموم المعنى- أم أن أنها مسكوت عنها فجاء فيها التكبير فيقتصر على التكبير لا غير بدون رفع اليدين؟
فقال: قال به فلان وفلان وفلان وعدَّ أئمة كثيرا.
ثم قال: "وبقول الجماعة أقول"، وهذا فيه إشارة إلى أن طالب العلم ينبغي أن يلحظ شيئًا من التؤدة وعدم الجرأة في الأقاويل، ومخالفة الراسخين في العلم والمتقدمين في الفضل ومن لهم حملُ لواءِ العلم والنَّظر والأدلة سبرها، وما يتبع ذلك من مناقشتها والنظر فيها، وإن كثيرًا من الطلاب أول ما يبدؤون العلم فإنهم أنفسهم بإزاء الأئمة الكبار، فيرجِّحون ويخطِّئون ويتعقَّبون ويدخلون على غير وجهٍ، فربما خلطوا وربما لفَّقوا وربما ذلُّوا وانحرفوا ونسأل الله السلامة والعافية!
وما وقعت العظمة في قلب صغيرٍ إلا أفسدت عليه ما هو فيه، حتى ولو كان على علمٍ، حتى ولو كان على طلب للسنة والاهتداء، فإن هذا العلم إنما يؤتى بتذلل النفس وتصغيرها، ومواصلة العلم والجلد فيه قبل أن يتكبَّر في ذلك أو أن يُظهر نفسه أو أن يركن إليها، فإذا كان العالم الجليل إذا وقع في نفسه موقع العظمة ورؤية نفسه على غيره؛ فإن ذلك مظنة حصول زله وفوات الصواب عليه وعدم التوفيق له؛ فما الظن بمَن لم يصل إلى هذه المرحلة ولم يقاربها؟
إذًا؛ هي تكبيراتٌ يكون معها رفعُ اليدين كما قلنا في قول جماعة أهل العلم، كما ذكر ذلك ابن المنذر، وعلى هذا الفتوى عند مشايخنا.
ويقول بين هذه التكبيرات: "اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا"، هذا جاء عن ابن مسعود وكيف ما اشتغل بذكرٍ فإنها من مواطن الصلاة التي يذكر فيها الله -جَلَّ وَعَلَا- فإذا ذكر الله واشتغلَ به وبتسبيحه كان ذلك أيضًا محصِّلًا للمقصود، لكن الأولى ما جاء عن الصحابة، وهذا أصل عند أحمد وعند جمع من أهل العلم.
قال: (وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ سِتًّا) ، فإذا أنتهى من التكبيرات تعوذ ثم شرع في القراءة، وتأخير التعوذ -مع أن الاستفتاح يقدم- لأن التعوذ تعلقه بالقراءة، وهو إنَّما يكون بين يديها فكان بعد الانتهاء من التكبيرات الست والفراغ من ذكرها وقولها.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَفِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ خَمْسًا) ، التكبيرات في الركعة الثانية لها طريقتان في العد:
- إمَّا أن تعد مع تكبيرة الانتقال، فيقال ست.
- وإمَّا أن يقال: إن تكبيرة الانتقال هي شيء مختص، ثم إذا قام واستقر قائمًا يكبر خمسًا.
فعلى كل حال؛ كيفما عُدَّت هذا هو المقصود، وهذا هو الأشهر عند الفقهاء، ولأهل العلم في التكبير أيضًا كلام: بعضهم يقول ثلاث تكبيرات ويجعلها بعد القراءة، كما هو عند الحنفية ولهم في ذلك تفاصيل مختلفة، لكن هذا هو الأشهر وهذا هو المحفوظ والآتي عن أصحاب النبي .
قال: (خَمْسًا) مثل ذلك أيضًا فيها رفع اليدين وما بينهما يقال ما ذكرنا عن ابن مسعود الله "اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ".
قال: (رَافِعًا يَدَهُ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) ، على ما ذكرنا من المعنى وما سبق من الحديث عن ذلك، ومأخذ هذا الكلام وأصله عند الفقهاء واستمداده في الشرع، لأن بعض أهل العلم.
وهنا استطراد لكنه مهم للغاية: نحن قلنا إنه ليس فيه حديث مرفوع بأن ترفع الأيدي، وإنَّما يقال فيها ما قِيل في تكبيرة الإحرام، بعضهم يقول: هذا قياس، ومن القواعد المتقررة عند العلماء أن لا قياس في العبادات.
نقول: هذا صحيح من حيث الأفضل، لكنه من حيث النَّظر في هذه المسألة لا، فهذا ليس بابه باب القياس، وإنَّما عموم المعنى، يعني أن هذا فيشمل هذه الصورة وهذه الصورة على حد سواء لاستوائهما، فيكون كما ذكرَ كثيرٌ من أهل الأصول وأرباب هذا العلم أنَّ هذا يدخل فيما يسمى بعموم المعنى لا في القياس ونقل الحكم إلى مسألة أخرى.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَيَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ: "اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ") }.
مثل ما قلنا إنه يقول هذا لمجيئه عن الصحابة أو غيره من الأذكار، فالمهم أنه لا يستمر ساكتًا، بل يشتغل بذكر وتعظيم لله -جَلَّ وَعَلَا- وهذا فيه من مجامع الذكر ما فيه، فلا ينبغي أن يُتجاوز إلى غيره، فهو تكبير وتأكيد لهذا التكبير لله -جَلَّ وَعَلَا- وحمد -جَلَّ وَعَلَا- والثناء عليه، والحمد حق لله -جَلَّ وَعَلَا- ويليق به حبًّا وتعظيمًا، فله الحمد لذاته ولأسمائه ولصفاته ولإحسانه إلى عباده، فهو المحمود بكل لسان، وهو المعبود في زمان، سبحانه وتعالى من رب عظيم، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فهو المنزَّه عن النَّقائص في كلِّ الأحوال، في الصباح وفي المساء، وفي كل حركاتنا وسكناتنا، فإنا لا نزال لله منزِّهين وله معظِّمين، فالله -جَلَّ وَعَلَا- لكمال صفاته وأسمائه، ولعدم وصول النقص إليه، فإنَّه مسبَّح -سبحانه وتعالى- في كل حال وآنٍ.
ثم الصلاة على النبي وعلى آله، فآله هم أهل بيته الذين أوصى بهم، فما أحسن أن يدخل ذلك في ذكر العبد وصلاته على نبيه، وفي هذا رد على بعض أهل الأهواء الذين يتَّهمون أهل السنة بأنهم لا يعظِّمون آل بيت النبي ، فهم آله وهم أقرب الناس ونسبه ما أشرف النسب، والقيام بحقهم شريعة ووصية للنبي ، قال: «تَرَكْتُ فيكُمْ ما إنْ أخذْتُمْ بهِ لَنْ تَضِلُّوا كتابَ اللهِ وعِتْرَتِي» ، يعني: عليكم بعترتي في الوفاء بحقها والقيام بفضلها وأداء ما ينبغي أن يؤدى لها.
وقول: "وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا"، تسليما لله -جَلَّ وَعَلَا- وتسليم على نبيه .
قال: (أَوْ غَيْرَهُ) ، يعني: من الأذكار والأدعية.
{أحسن الله إليك.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى "سَبِّح" وَالثَّانِيَةِ "الْغَاشِيَةَ") }.
بعد ذلك يقرأ الفاتحة لأنها أصل في صحة الصلاة، قال : «لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ» ، ثم ذكر ما يشرع في قراءة صلاة العيد، فإنَّه يقرأ فيها بسبح والغاشية، وهذا جاء أيضًا في الأحاديث الصحيحة، وثابت في السنة المرويَّة عن النبي ، ولأن صلاة العيد كصلاة الجمعة، فكلاهما يجتمع لها الناس، وكلاهما عيد، فذاك عيد الأسبوع وهذا عيد العام، ولأنها تجزئ بعضها عن بعض، فمَن صلى العيد فإنه لو وافق يوم جمعة فإنه يكفيه ذلك عن صلاة الجمعة، قال : «قَدِ اجتَمَعَ في يَومِكم هذا عيدانِ؛ فمَن شاءَ أجزَأهُ مِنَ الجُمُعةِ، وإنَّا مُجمِعونَ» ، لكنه لا يترك إلى غيره شيء بل يتركه إلى صلاة الظهر، أمَّا الإمام فيلزمه إقامتها لكي يقيموا الجمعة من لم يكن قد حضر صلاة العيد ولزمته ووجبت عليه.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (ثُمَّ يَخْطُبُ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ لَكِنْ يَسْتَفْتِحُ فِي الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةِ بِسَبْعٍ) }.
خطبة العيد كالجمعة سواء بسواء، فهما خطبتان ويعتبر فيهما ما يعتبر في خطبة الجمعة مما ذكرنا من الشروط، وما يعتبر فيهما من الأمور، مِن حمد الله -جَلَّ وَعَلَا- والثناء عليه، والصلاة على النبي ، وقراءة آية، والوصية بتقوى الله -جَلَّ وَعَلَا-، ووعظِ الناس وحثهم على الخير.
قال: (لَكِنْ يَسْتَفْتِحُ فِي الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَالثَّانِيَةِ بِسَبْعٍ) ، لأن الموضع موضع تعظيم لله -جَلَّ وَعَلَا- فبين يدي الخطبة يستهل بذلك، ويعظم الله -جَلَّ وَعَلَا- ويكبَّر، وهذا جاء عن السلف، لأن هذه المواطن -التي هي مواطن العيدين- هي مواطن تعظيم، وأعظم ما يكون فيها من شعائر الدين، إن كان ذلك من صدقة الفطر أو كان ذلك من تمام الصيام، أو كان ذلك من الخروج لهذه الصلاة والاجتماع لها، وإذا كان في الأضحى فما فيه من الأضحية، وما فيه من الإهداء إلى البيت، وما فيه من قطع الأراضي والفيافي والقفار من كلِّ حدبٍ وصوبٍ ومن كلِّ راجلٍ وماشٍ وراكبٍ؛ كلٌّ ملبٍّ لله -جَلَّ وَعَلَا-، وكلٌّ متنسِّكٌ محرمٌ، وكلٌّ متعبِّدٌ لله -جَلَّ وَعَلَا- هوى قلبه إلى بيت الله وتنسَّك بهذه النسيكة؛ فأي شيء أعظم من اجتماع هذه العبادات، وتوافد الناس على هذا البيت من كل صقع ومن كل بلد ومن كل جهة، وتنفق في ذلك الأموال، وتجهد في ذلك الأرواح، وتترك في ذلك الأعمال، ويفارَق الأهل والأحباب ويلحق بالإنسان من البلاء والشدة ما يلحقه؟! فكان محلًّا للتكبير، فلأجل ذلك جاء الأمر بذكر الله وفسَّره الصحابة بالتَّكبير في مواطن كثيرة، فكان مما يكون في ذلك هو أن تستهل الخطبة بالتكبيرات التِّسع في أولها، ثم يبدأ بحمد الله -جَلَّ وَعَلَا- والثناء عليه، فلا يمنع أن يكون ذلك ابتداءٌ بالحمد، لأن التكبير إنَّما هو تعظيم لله -جَلَّ وَعَلَا- فهو أيضًا بين يدي الحمد ومعه.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُبَيِّنُ لَهُمْ فِي الْفِطْرِ مَا يُخْرِجُونَ وَفِي الْأَضْحَى مَا يُضَحُّونَ) }.
هكذا قال الفقهاء -رحمهم الله تعالى- في أنه يبيَّن لهم في الفطر ما يخرِجون، لأن الحنابلة -رحمهم الله تعالى- يرون أن زكاة الفطر باقٍ وقتها إلى نهاية يوم العيد، لكن لا شك أنَّ توضيح ذلك وتبيينه قبل ذلك أحسن، ليستعد له الناس وليمكنهم أداؤه في الوقت، ولئلَّا يتأخروا فيه، لكن لا يمنع ذلك أيضًا ما ذكره الفقهاء هنا تنبيهًا لمن كان غافلًا وتأكيدًا لمن كان عاملًا، وإن اجتمع مع ذلك ذكرٌ سابق وتنبيهٌ قبل ذلك، وحثٌّ في أول ما يمكن مِن بذل هذه الصدقة والاستعداد لها؛ فيكون زيادة خير على خير وتوافر الناس فيه، ولما ذكره الفقهاء أيضًا ملحظٌ من حيث أنه حتى ولو ذُكِّر الناس قبل ذلك الوقت؛ فإنهم قد لا يجتمعون كما يجتمعون في يوم العيد، وقد يوجد من بينهم من سها عن ذلك ونسي أو غفل عن ذلك وجَهِل، فلم يكن بدٌّ من التنبيه على ذلك.
وقوله: (وَفِي الْأَضْحَى مَا يُضَحُّونَ) ، وهذا وارد عن النبي لما ذكر للناس في خطبة العيد ما يضحُّون به، وما لا تُجزئ من الأضاحي، وما كان من قصة بردة بن نيار، وفي هذا ما هو معلوم.
{أحسن الله إليكم.
قال-رَحِمَهُ اللهُ: (وَسُنَّ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ، وَالْفِطْرُ آكَدُ، وَمِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ) }.
التكبير المطلق: يعني من غروب الشمس في آخر يوم من أيام رمضان، أو غروب شمس يوم التاسع من ذي الحجة إلى وقت صلاة العيد -عيد الفطر عيد الأضحى- فإنَّ هذا يشرع فيه التكبير، قال تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة/185]، والفطر قد نُصَّ عليه والأضحى بمعناه، وعلى هذا تتابع أهل العلم، وإن كثيرًا من الناس يشغِّبون في مثل هذه المسائل فيقولون مثلاً: أين الدليل على هذه أو أين الدليل على هذه؟ فقد لا يوجد دليل في بعض الأحوال منصوصٌ، لكنه مفهوم من العموم، وفُسِّر ذلك بفعل الصحابة ومَن تبعهم، فلم يختلف أهل العلم في ذلك ولم يتردَّدوا فيه.
قال: (لَيْلَتَيْ الْعِيدِ، وَالْفِطْرُ آكَدُ) ، لمجيء النص به، لكن كلاهما الذكر فيهما مستحب والتكبير فيهما معتبر.
قال: (وَمِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ) ، هذا هو الذي جاء عن الصحابة وقال به عامة أهل العلم، ومَن شغَّب في ذلك من المتأخرين أو تكلم في ذلك من المحدثين فلا يُلتفت إليه البتَّة، وهذا مفهوم من ذكر الله -جَلَّ وَعَلَا- في الأيام المعدودات وفي الأيام المعلومات، وهو مفهوم من الآيات في كتاب الله -جَلَّ وَعَلَا- من قوله: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة/185]، وقوله: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج/28]، وكل ذلك دال على هذا، وجاء عن الصحابة تفسيره والتتابع فيه، وجاء عنهم أنهم يتواصون على ذلك ويعملون به، فلم يكن في ذلك شكٌّ ولا تردد، وعلى ذلك تتابع الفقهاء والعلماء على مر العصور والأعوام والقرون وما اختلفت أماكنهم واتفقت على ذلك سنتهم اتباعًا لما جاء في عموم أدلة كتاب الله -جَلَّ وَعَلَا- وسنة نبيه .
قال: (مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ) ، يعني: من يوم العيد، فهي عشرة أيام يُشرَع فيها التكبير المطلق.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَالْمُقَيَّدُ عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ لِمُحِلٍّ وَلِمُحْرِمٍ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) }.
التكبير المقيد هو الذي نصَّ عليه المؤلف هنا، وهو مما نقله الفقهاء وأُجمِعَ على ذلك، وهذا يؤكِّد لنا المسألة السابقة، لم يختلف في هذا أهل العلم ونُقل فيه الإجماع، وهو والذي قبله سواء من حيث أن الدال عليه هو عمومات النصوص وما جاء من عمل الصحابة والسلف، وتتابعوا على ذلك وألفوه، فالتكبير المقيَّد هو عقيب كل فريضة، من فجر عرفة من اليوم التاسع، فيكبر الناس إذا صلوا في صلاة الفريضة، فلا يكون عقب صلاة نافلة كالضحى أو الوتر أو غيرها؛ لا يكبر، لكن إذا صلوا صلاة فريضة.
ويشترط في ذلك أن تكون جماعة فلو صلى منفردًا لم يشرع له، وهذا قد جاء أيضًا عن الصحابة، فهذا هو الذي أتى عن الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم.
ثم التكبير المقيد ليس بعد الصلاة على الإطلاق، لا، قال أهل العلم: واحدة، واستحسن بعضهم ثلاثًا، لأن هذا هو الذي يتأتى به المقصود، ويؤدَّى به ما جاء عن السلف -رضوان الله تعالى عليهم ورحمهم- ولأن للصلاة ذكرٌ مخصوصٌ يجب ألا يُفوَّت وألا يُغيَّر عن مكانه، فلا ينبغي أن يكون ذلك مطلقًا.
فإذًا؛ الذي جاء عن الإمام أحمد أنه واحدة، وهذا جاء عن جمع من أهل العلم، واستحسن ابن قدامة وبعض أهل العلم أن تكون ثلاثًا، وهذا هو الذي تكاثر عليه الناس، وتتابع عليه الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فالأمر في ذلك واسع بين الواحدة والثلاث لما ذكرناه.
قال: (مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ لِمُحِلٍّ) ، يعني غير المحرم، أمَّا المحرم فيقولون: إنه في وقت إحرامه مشتغل بالتلبية، ولأن مواضع التلبية التي تتأكَّد فيها والذي جاء أيضًا عن السَّلف ولم يُحفظ في ذلك حديث مرفوع وإن روي مرفوعًا إلا أنَّ فيه ضعف، لكن العمل مستقر عليه، وهو أن المواطن التي تتأكد فيها التلبية من بينها عقيب الصلاة، فيلبِّي المحرم عقب الصلاة مرة واحدة أو ثلاثًا، ثم يشتغل بذكره، فلما كانت التلبية في شأنه أخص، وفي عبادته التي تلبس بها أولى؛ كان سابقًا التكبير المقيَّد، ولذلك قالوا: إنه لا يشرع في المقيد إلا بعد أن يحلَّ، وذلك بعد رمي الجمرة العقبة والشروع في أعمال يوم النحر؛ فبناء على ذلك يبدأ من ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.
ولو أن شخصًا قدَّم أعمال النحر بعد منتصف الليل ففرغ منها قبل الفجر، فيقولون: إن الحكم عام فيبقى إلى الظهر ويحتمل أنه لو كبَّر من الفجر فقد يكون له وجه وهو محل بحث ونظر.
{أحسن الله إليكم، لعلنا نكتفي بهذا القدر}.
نكتفي بهذا القدر، ولعلنا ننبه لأيام التشريق وما فيها من اسم ومعنى في مستهلِّ الدرس القادم، أسأل الله -جَلَّ وَعَلَا- أن يوفقنا وإياكم للهدى، وأن يحملنا وإياكم على البر والتقوى، وأن يوفِّقنا للهدى والصواب والحق والرشاد، وألا يضلنا ما بقينا، وأن يعيننا على السنة والتَّمسُّك بها، وأن يجعلنا ممن أقام عليها وأقام بناءها، على ذلك نحيا وعلى ذلك نموت، وبه نلقى الله -جَلَّ وَعَلَا- رب العالمين، إن ربنا جواد كريم، وصلى الله وسلم على النبي الآمين.
{اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد، بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين، نستكمل ما بقي في مجالس قادمة إن شاء الله، إلى ذلكم الحين نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

 

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك