{الحمد لله، الحمد لله الملك العلام القدوس السَّلام، وصلَّى الله وسلَّم على خير من صلَّى وصام وتعبَّد وقام، محمد بن عبد الله، عليه وعلى آله أفضل صلاة وأتم سلام.
ثم أمَّا بعد، فأهلًا وسهلًا بكم وأعزاءنا المشاهدين والمستمعين في كلِّ مكان، في مجلس من جارح شرح متن (أخصر المختصرات) يشرحه فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الحكيم بن محمد العجلان أهلًا وسهلًا بكم صاحب الفضيلة}.
أهلًا وسهلًا حياك الله.
{بارك الله فيكم ونفع بكم، نستأذنكم شيخنا في إكمال ما توقفنا عنده}.
استعن بالله.
{أحسن الله إليكم.
توقفنا عند صفة الصَّلاة، قال -رَحِمَهُ اللهُ: (ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا فَيَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ")}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد، فأسأل الله -جلَّ وَعَلَا- أن يتمَّ علينا وعليكم نِعمَه الظَّاهرة والباطنة، وأن يبلِّغنا الخيرَ وأن يجنبنا الشرورَ والبلايا والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يغفرَ لنا ولوالدينا وأزواجنا وذرياتنا أحبابنا والمسلمين.
لا يزال الحديث موصولًا -أيُّها المشاهدون والمشاهدات- في صفة الصَّلاة، وهي مِن أعظم ما ينبغي للعبد أن يتعلَّمه، وأن يحسنه، وأن يتقنه، وأن يقومَ به كما أمر الله -جلَّ وَعَلَا-، ويستنَّ بسنة النَّبي ﷺ في السنن كما في الواجبات والأركان.
يقول المؤلف: (ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكً)، يعني الجلسة للتَّشهد الأخير -أو التَّشهُّد الثَّاني.
والتَّورُّك: بأن ينصب قدمه اليمنى ويجعل اليسرى من تحت ساقه يخرجها، ويجلس على إليته، فهذا هو التَّورُّك، جاءَ في بعض الروايات أنه يجعل رجله اليسرى أو قدمه اليسرى بين ساقه وفخذه، إلا أنَّ هذه صورة ذكر بعض أهل العلم أنَّ فيها شذوذًا، لأنها متكلَّفةٌ وفيها صعوبةٌ مما يدلُّ على أنها انقلابٌ على الراوي كما ذكر بعضهم.
قال: (فَيَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ)، يعني المقصود بالتَّشهُّد الأول الذي ذكره المؤلف سابقًا، فأغنى عن إعادته وهو "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ"، بأيِّ صيغةٍ أوردها سواء بما جاء في حديث ابن مسعود الذي هو الأشهر والأكثر وذكره المؤلف، أو بما جاء في حديث عمر أو في حديث ابن عباس؛ كلها صِيَغٌ صحيحةٌ ثابتةٌ عن النَّبي ﷺ.
قال: (ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ")، فيصلي على النَّبي ﷺ.
وأتم الصَّلاة: الصَّلاة الإبراهيمية التي أوردها المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- هنا كما في الصَّحيح، وسواء بهذه الصيغة أو بالصيغة الأخرى "اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، بارك على محمد وعلى آل محمد كمات على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، ولها صِيَغ متعدِّدة أيضًا، بأيِّها ذكر حصل بذلك المقصود.
والصَّلاة على النَّبي ﷺ مشبَّه، والمشبَّه به: الصَّلاة على إبراهيم وعلى آله. ومن المعلوم أن المشبه منه أتم من المشبه، قال أهل العلم: فهل في ذلك أن الصَّلاة على إبراهيم وعلى آله أعظم من الصَّلاة على النَّبي ﷺ؟
قال أهل العلم: إن المقصود من ذلك القياس في أصل الشيء، يعني هو قياس على حصول الصَّلاة على محمد كما حصول الصَّلاة على إبراهيم وآله، وأمَّا اختلاف القدرِ فذلك شيءٌ آخر، أو يكون ذلك باعتبار السبق، فالصَّلاة على محمد وعلى آله معتبرة بالصَّلاة على إبراهيم وعلى آله باعتبار سَبْقهِ بها وتحصُّلهِ عليها قبل ذلك في الزَّمان.
هذا هو ما يتعلق بالصَّلاة على النَّبي ﷺ، وبأيِّ صلاة صلى حصل بذلك المقصود، لكن أتمُّ الصَّلاة على النَّبي ﷺ سواء داخل الصَّلاة أو خارجها فهي الصَّلاة الإبراهيميَّة.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَسُنَّ أَنْ يَتَعَوَّذَ فَيَقُولَ: "أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ")}.
التعوذ من هذه الأربع كما عند مسلم في صحيحه وهي: التعوذ من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة الدجال؛ وهي فتنة عظيمة أحوج ما يكون المرء في كلِّ صلاة إلى أن يسأل الله السلامة منها والفكاك من بلائها.
ويتعوَّذ فتنة المأثم المغرم، فإن الإنسان إذا غَرِم حدَّث فكذب ووعد فأخلف كما جاء ذلك في الحديث عن النَّبي الله عليه وسلم، وهذه الدَّعوات مرويات عن النَّبي ﷺ سُنة مُستحبة في قول عامة أهل العلم، مَن تأتَّى له ذلك فقد حصَّل الخير وأتمَّ السنة، ومن اكتفى بالتحيات أو دعا بغير ذلك فقد أحسنَ وأتمَّ صلاته.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَتَبْطُلُ بِدُعَاءٍ بِأَمْرِ الدُّنْيَ)}.
هذا هو مشهور المذهب عند الحنابلة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أن الدعاء بأمر الدنيا في الصَّلاة مما يبطلها؛ لأنهم يعتبرونه كلامَ آدميٍّ، فبناء على ذلك أبطلوا الصلاة بهذا، فينبغي أن يكون الدعاء الذي بعدَ التعوُّذات الأربع أن يكون بشيءٍ مما يتعلق بالآخرة أو مما للعبد به مصلحةٌ في الآخرة، فإذا سأل الله -جَلَّ وَعَلَا- زوجةً صالحةً ليقصد بذلك التخلُّص من الشهوة المحرمة وغيرها؛ فإن ذلك من أمر الآخرة، لكن لو سأل الله -جَلَّ وَعَلَا- وقال: وزوجة جميلة، وقصدَ بذلك أن يتنعَّم بها؛ فيقولون: إن هذا من أمر الدنيا.
وهذا تحوُّطٌ من الحنابلة -رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى- في أمر الصَّلاة وألا يدخلها ماء يشوبها، وإن كان هذا خلاف ظاهر الحديث، فإنَّ النَّبي ﷺ قال: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أعْجَبَهُ إلَيْهِ»[1]، فهذا يدخل فيه أمر الدنيا وأمر الآخرة، وأيضًا ما جاء في الحديث: «رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ»[2]، ولأجل ذلك فالمشهور عند الشافعية وجمعٍ من محققي الحنابلة وجمهور أهل العلم أنَّ له أن يسأل الله من خيرات الدنيا والآخرة.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (ثُمَّ يَقُولُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ عِنْ يَسَارِهِ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ"، مُرَتَّبًا مُعَرَّفًا وُجُوبً)}.
إذا فرغ المصلِّي من التَّشهُّد والصَّلاة على النَّبي ﷺ، وأيضًا أتمَّ ذلك وختمه بسؤال الله ودعائه وبدأ بما سُنَّ في ذلك واستُحِبَّ، فإذا انتهى من دعائه فإنه ينصرف من صلاته، والانصراف من الصَّلاة يكون بالتَّسليم، فيقول: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" عن يمينه، ثم "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" عن يساره، بهذا يتم الصَّلاة، فإن «تَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» كما جاء في ذلك، وأيضًا كان النَّبي ﷺ يختم صلاته بذلك كما في الأحاديث الكثيرة المتوافرة.
فيقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (مُرَتَّبً)، يعني ابتداء بـ "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ"، وليس الترتيب في اليمين والشمال، وإنما الترتيب في هذا اللفظ "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ"، فلا يقول مثلًا: "عليكم السلام، أو رحمة الله عليكم والسلام"، أو نحو ذلك؛ فلا، بل هذا ذكر، والأصل في أذكار الصَّلاة أن يُعتبَر لفظها كما يعتبر معناها، فلأجل ذلك قال: (مُرَتَّبًا مُعَرَّفً)، حتى ولو قال: "سلامٌ عليكم ورحمة الله" فإنَّ ذلك لا يكفي، ولذا قال: (وُجُوبً)، فيجب عليه أن يأتي بهذه الصيغة الثابتة الواردة عن النَّبي ﷺ، ويبتدأ عن يمينه ثم عن يساره، والالتفات سنة، وسيأتي الكلام عليه بإذن الله -جلَّ وَعَلَا.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ، لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا، وَتُجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً، أَوْ مُسْدِلَةً رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا وَهُوَ أَفْضَلُ)}.
قوله: (وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ)، أي: من جهة أحكام الصَّلاة، فالمرأة كالرجل سواء بسواء في ركنيَّة القيام واعتبار الفاتحة، والرُّكوع والسُّجود؛ كل ما تقدَّم معتبرٌ في صلاة الرجل فهو في صلاة المرأة سواء بسواء، والأصل أنَّ الأحكام تشرع للرجال والنساء إلا ما دلَّ الدليل على التفريق بينهم فيه، فقال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ)، لماذا قال امرأة كرجل؟ هذا لأجل ما سيستثنيه لاحقًا، وليس للتنبيه أن المرأة في هذه المسألة كالرجل، لأن هذا هو الأصل في الشريعة، لكن لأجل أن ثَم ما يريد التنبيه على الاختلاف بينهما أراد أن يبين أن القاعدة هو استواء الرجل والمرأة في الأحكام كما هو في الصَّلاة سواء بسواء.
قال: (لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَ)، فإن المرأة لما أُمرت بالستر وحفظ نفسها، ومنع ما قد يكون سببًا لتكشُّفها، قال: (لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا، وَتُجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً)، وهذا جاء عن بعض الصحابة بما يتأتى به حفظ نفسها.
قال: (أَوْ مُسْدِلَةً رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَ)، يعني تجلس على تستند على إليتها وتكون قدميها بإزائها، فتكون هذه الجلسة هي أكثر في حفظها لنفسها، وهذا جاء أيضًا في بعض الآثار فلأجل ذلك قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَهُوَ أَفْضَلُ) لما يتأتى به من كمال الحفظ.
فإذًا الفرق بين التربع والسدل على هذه الصفة: هو أن الصفة الثانية تكون ستر المرأة لنفسها أتم وأكمل.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَكُرِهَ فِيهَا الْتِفَاتٌ وَنَحْوُهُ بِلَا حَاجَةٍ وَإِقْعَاءٌ، وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا، وَعَبَثٌ وَتَخَصُّرٌ وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعَ وَتَشْبِيكُهَا، وَكَوْنُهُ حَاقِنًا وَنَحْوَهُ، وَتَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ)}.
المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- الآن انتهى من ذكر الصفة، ولعلكم تلحظون أنه بدأ بالمكروهات، فلِمَ لم يبدأ بالواجبات أو المستحبات أو الأركان؟ هذه مذكورة حقيقة في صفة الصَّلاة وسيبينها بعد ذلك، لكن المكروهات الأصل عدم ورودها في الصفة، فلأجل ذلك كانت أهم ما ينبغي أن يُذكر بعدَ ذلك.
قال: (وَكُرِهَ فِيهَا الْتِفَاتٌ) سواء كان التفات بعينيه كأن يُميلَ عينيه هنا وهنا، أو بوجهه؛ فإن هذا مكروه لما جاء في الحديث «اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِن صَلَاةِ العَبْدِ»[3]، فهذا الالتفات مكروه، فإن احتاج الإنسان إلى ذلك فإنه لا بأس؛ لأن الكراهة ترتفع بالحاجة كما لو كان بإزائه طفل صغير فتحرك فيخشى أن يقع من مكان أو أن يمسَّ نارًا أو نحو ذلك؛ فإنه يلتفت، أو خشي دخول لصٍّ فالتفتَ فلا يمنع ذلك صحَّة صلاته، ولم يفعل ما يُكرَه له للحاجة إلى ذلك، لكن الالتفات المكروه هو أن لا ينصرف عن القبلة، أمَّا لو انصرفَ عن القبلة فإنَّ صلاته لا تصح في مثل تلك الحال.
قال: (وَإِقْعَاءٌ) لأهل العلم في صفات الإقعاء كلام طويل، وأشهر ما يقال في الإقعاء المكروه: أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه وهذا يفعله كثير من الناس، يعني الآن هو يفترش اليسرى وينصب اليمنى، لو افترشهما جميعًا فجلس على عقبيه فإن هذا إقعاء مكروه.
وذكر بعض أهل العلم أيضًا من صفة الإيقاع المكروه: أن يجلس على إليتيه ينصب ساقيه وفخذيه، يعني بحيث تكون ركبتيه بإزاء وجهه، فهذا جلوس وهو إقعاء بأن نصب فخذيه وساقيه وجلس على إليتيه فهو مكروه.
أمَّا أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه فهذه صفة من صفات الإقعاء، فهذه عند الحنابلة مباحة، لأنه جاء ذلك في حديث ابن عباس فاعتبروا أن هذا مما استثني فيكون مباحًا لأنه بعد النهي عن الإقعاء، فالصفة على هذا النحو تكون مباحة إذا احتاج الإنسان إليها فلا بأس، وإلا تمام السنة أن يفرش اليسرى وينصب اليمنى.
قال: (وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدً)، يعني إذا سجد أن يضع ذراعيه هكذا، لا يرفعهما فيستند كفيه فقط، فهذا الافتراش عند أهل العلم مكروه، لأنه جاء النهي عنه باعتبار أنه مشابهة للكلب إذا يفترش ذراعيه، فلما كان الكلب هذه جلسته والإنسان منهي في الصَّلاة عن مشابهة الحيوانات؛ فكانت هذه الصفة من الصفات المكروهة كما ذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قال: (وَعَبَثٌ)، العبث في الصَّلاة الحقيقة أنه من أعظم ما ينبغي أن يُنبَّه عليه، وكلما عظَّم الإنسان صلاته فإنه يكون أكثر طمأنينةً وسكينةً في صلاته، فلا يحرِّك أطرافه ولا ينشغل عما هو فيه من قراءة وذكر، وركوع وسجود، فسواء كان ذلك كما يفعل كثير من الناس عندنا ينشغل عمامته وما يلبس، وأحيانا ينشغل بساعته، وأكثر ما يكون الناس اليوم انشغال بجوالاتهم حتى في الصَّلاة، إمَّا أن يرفع وينظر فيه أو يقلبه، لغير ذلك من الأمور بلا حاجة إلى ذلك، أحيانا لعب في وجهه أو بأنفه بأصابعه، وأيضًا هذا مما يسوء فإن هذه حال مُستقذَرة، والإنسان في أتم أحواله في لقائه بالله -جلَّ وَعَلَا- وإقباله عليه، فإنه قد جاء في الحديث: «فلا تلتفِتوا فإنَّ اللَّهَ ينصِبُ وجهَهُ لوجهِ عبدِهِ حينَ يصلِّي لَهُ، فلا يصرِفُ عنهُ وجهَهُ حتَّى يَكونَ العبدُ هوَ ينصرفُ»[4]، فينبغي أن يتعوَّد الإنسان أن يكون أكثر ضبطًا لحركته في الصَّلاة، وألا يتحرك إلا بقدر ما يؤدي صفات الصَّلاة إلا ما احتاج إليه حاجة لابد له منها.
ومما يتفرغ على هذا أن يقال: أن يعلم أولادنا الانضباط في الصَّلاة، وأن يعظِّموها، لأن كثيرًا من الأولاد إذا وقف مع المصلين فتجد أنه لا ينفك عن الحركة، يلعب ويأخذ منديلًا ويحرك هكذا ثم يرجع، في تصرفات كثيرة، فينبغي أن نعود أبناءنا على تعظيم الصَّلاة وإجلالها بأن يمنع من اللعب فيها.
قال: (وَتَخَصُّرٌ)، وهو أن يجعل يده على خاصرته، والخاصرة هي أعلى الفخذ في العظم الذي في الحقو، فإذا جلس على هذا النحو فإن هذه ليست حال مصلٍّ واقف بين يدي الله -جلَّ وَعَلَا-، ومن المعلوم أن هذه من الصفات التي يكون الإنسان فيها أظهر في التبذُّل وعدم الاهتمام، فلأجل ذلك كانت حالًا لا ينبغي أن يكون المصلي عليها.
قال: (وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعَ)، أي: ضربها أو تحريكها حتى تصدر صوتًا، وهذا أيضًا مما يحصل للناس كثيرًا، وهي إمَّا الخائف الوجل الذي ينتظر شيئًا أو الغافل، فدائمًا إذا سرح الإنسان بدأ يعمل أعمالًا لا ينتبه لحقيقتها، ومنها فرقعة الأصابع؛ فكل ذلك حال لا تناسب حال المصلي وهيئة القائم بين يدي الله -جلَّ وَعَلَا-، فلأجل ذلك كان مكروهًا؛ لأنه إظهار لعدم الإقبال على الصَّلاة، وتعظيم ما هو فيه من مناجاة الله -جلَّ وَعَلَا- والإقبال عليه.
قال: (وَتَشْبِيكُهَ)، كذلك التشبيك أيضًا حال من الأحوال التي يبدو فيها عدم الاهتمام، لأنه قد جاء في حديث أبي داود أنه نهي عن أن يشبك المرء أصابعه وهو ذاهب إلى الصَّلاة، فإذا كان ذلك منهيًّا عليه حال إقبال الإنسان على صلاته وقدومه لها؛ فمن باب أولى أن يكون ذلك في أثناء الصلاة، وأيضًا لما ذكرنا من أنه حال تنافي حال الصَّلاة الذي فيها خشوع وخضوع وإقبال على الله -جلَّ وَعَلَا.
قال: (وَكَوْنُهُ حَاقِنً)، الحاقن: هو الذي احتبس بوله، يعني يحتاج إلى دخول الخلاء. والحاقب: هو الذي احتبس من غائطه، فكلها مما ينبغي للمصلي ألا يكون في ذلك في أثناء صلاته، لأنها تمنع من كمال الخشوع والإقبال على الله -جلَّ وَعَلَا-، فلأجل ذلك نهى أن يصلي الرجل وهو يدافع الأخبثين أو يدافعه الأخبثان على الروايتين، فكلها مدافعة من هنا ومن هنا، فيصح التعبير بهذا وذاك.
يقول أهل العلم: إن محل الكراهة هنا أن يبتدأ الصَّلاة وهو على تلك الحال، أمَّا إذا عرضَ له في صلاته فإنه لا حكم له، ولا يمكن أن ينصرف من الصَّلاة تجنُّبًا لأمر مكروه فيفسد الصَّلاة وهي أمر لازم واجب. فإذًا يُستثنى من ذلك ما إذا كان الإنسان قد عرض له في أثناء صلاته.
ومثل ذلك إذا خاف فوات الوقت، فإنه إذا خاف فوات الوقت فإنَّ صلاته مع مدافعته لبوله أو غائطه وما قد يفوته تبعًا لذلك من خشوع فإنه يحصل فضيلة الوقت التي هي شرط من شروط الصَّلاة فكان أولى وأتم، ويجتهد في الخشوع قدر استطاعته.
قال: (وَنَحْوَهُ)، نحو ذلك: كل ما يشغله في صلاته، ذلك قالوا: التائق لجماع، فإذا تاقَ إلى شهوة وإتيان أهله جاز له ذلك، بل هو أعظم فيما يُشغل البال، ويحتاج الإنسان إلى التَّخلي من هذا الانشغال، كذلك لو كان لديه طفل يخاف إن صلى أن ينشغل حتى تأتي أمه، فينشغل به أو يمسكه، فنقول: أمسك طفلك حتى تأتي أمه فتصلي بخشوع وحضور، كذلك ما يعنُّ للإنسان من نحو ذلك فكذلك، لو كان الإنسان مثلًا له ما يحكُّه ويحتاج مثلًا إلى علاج يهدأ به، أو يدَّهن بشيء يُذهب عنه ما يجد، فإذا كان كذلك ومما يفوت عليه الخشوع فابتداء الصَّلاة على تلك الحال هي مكروهة، وهذا إذا كان أمرًا عارضًا، أمَّا إذا كان أمرًا مستمرًّا فلا فعل للإنسان في ذلك، فيُقبل على ما هو عليه، لكن لو كان عارضًا يمكن ذهابه فإن الإنسان يتخلى مما يَعرض له مما يشغله في صلاته حتى يُقبل على الصَّلاة وهو في أتمِّ ما يكون من الخشوع.
قال: (وَتَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ)، لو حضرت الصَّلاة والإنسان يتوق إلى الطعام، قال ﷺ: «إذا حَضَرَ العَشاءُ، وأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فابْدَؤُوا بالعَشاءِ»[5]، وجاء ذلك ابن عمر وغيره؛ لأنَّ الإنسان ينشغل بذلك، وربما يكون مدعاة لانشغاله عن صلاته وذهاب خشوعه.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ سَبَّحَ رَجُلٌ، وَصَفَّقَتِ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى)}.
قال: (وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ سَبَّحَ رَجُلٌ، وَصَفَّقَتِ امْرَأَةٌ)، فإنَّ التسبيح هو من جهةٍ ذكر لله -جلَّ وَعَلَا- وذكرُ الله في الصَّلاة مشروع، فكان تحصيلًا للذكر وتنبيهًا للآخرين، فالصَّلاة ممنوعٌ فيها الكلام، ولو تكلَّم لبطلت صلاته، ولو تركَ ذلك الأمر فلربما لحقه ما يضره، فلأجل ذلك قال: (وَإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ سَبَّحَ رَجُلٌ)، وهذا جاء في الحديث الذي في الصحيح.
ثم يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَصَفَّقَتِ امْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الْأُخْرَى)، يعني ليس الذي ببطنه الكفين فإن هذا له صوت كثير، وهو حال من الأحوال التي لا تكون مطلوبة لأنها عرفت في أثناء لهو أو غيره، لكن هكذا بطن إحدى يديها على ظهره الأخرى يحصل بها صوت يُنبَّه به يُعتد أن يكون ذلك من أحوال اللهو التي لا تناسب حال المصلي في صلاته.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُزِيلُ بُصَاقًا وَنَحْوَهُ بِثَوْبِهِ، وَيُبَاحُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَيُكْرَهُ أَمَامَهُ وَيَمِينَهُ)}.
قوله: (وَيُزِيلُ بُصَاقًا وَنَحْوَهُ بِثَوْبِهِ)، الثوب هو كل ما يلبس، سواء جعلها في طرف عمامته، لأن الأمر دائر لما يحتاج إلى أن يتخلص من هذا البصاق، أو نحوه مما علق بفمه، فإمَّا أن يلقيه فيدنِّس المسجد ويقذِّره على من حوله، أو يجعله في طرف ثوب من ثيابه؛ والأحسن أن يجعلها في ثيابه، وهذا أيضًا جاء عن النَّبي ﷺ، فبناء على ذلك كان هذا هو أخفُّ الضرر، فسواء كان في طرف عمامة أو في طرف إزاره ثم يجعل بعضه على بعض حتى يمسك به فلا يدنِّسه ولا ينزل إلى المسجد ونحو ذلك.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُبَاحُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ)، يعني مثلًا في الصحراء أو في مكان فضاء أو نحوه، لكن أمامه أو عن يمينه فلا، فإنَّ الله -جلَّ وَعَلَا- قِبَل صلاة المصلِّي، فلا يبصق أمامه ولا عن يمينه كما جاء ذلك في الحديث.
{أحسن الله إليكم قال -رَحِمَهُ اللهُ: (فصل: وَجُمْلَةُ أَرْكَانِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ)}.
هذا الفصل هو تلخيص ومحصل ما مرَّ في صفة الصَّلاة، فإنَّ صفة الصَّلاة ذُكر فيها كل يفعله المصلي، إن مستحبًّا أو واجبًا أو ركنًا، فأرادَ المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أن يبين ما يتعلَّق به حكم الركن، لأن الركن له اعتباره من جهة نسيانه أو تركه عمدًا على ما سيأتي في سجود السهو، وللواجب حكم آخر، وللمسنون حكم ثالث، فلمَّا كان الأمر كذلك فتختلف أحكامها مع اجتماعها في كونها أشياء مطلوبة؛ احتاج المؤلف أن يبيِّن ذلك حتى إذا أخلَّ المصلي بشيء من واحدٍ من هذه الثلاثة أن يعرف ما يلحق به، وإلا فإنه عند أهل العلم أن الإنسان لو لم يعرف الركن من الواجب من المستحب وكلها مأمور بها فأتى بها على وجهها فصلاته صحيحة، لكن الكلام على أن من لا يعرف أن هذا ركن وأن هذا واجب وأن هذا مستحب فإنه إذا أخلَّ بشيء فربما أخلَّ بركن فظنه مستحبًّا ففسدت صلاته ولم يأتِ بما يجبر صلاته ويصلحها، أو العكس: فربما تركَ المستحبات فظنَّه تارك لما هو لازم في صلاته، فاحتاج إلى إعادة صلاة في ظنه، فأعاد ما لا يلزمه إعادته، فإذا كثر ذلك عليه كان فيه عليه كُلفة، فمعرفة ذلك مما يعينه على فَهمِ أحكام الصَّلاة وما يتعلق بها من صحة ولزوم إعادة وتكميل وجبران.
قال: (وَجُمْلَةُ أَرْكَانِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ)، هذا هو في مشهور المذهب عند الحنابلة رحمهم الله تعالى.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَجُمْلَةُ أَرْكَانِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ: الْقِيَامُ، والتحريمةُ وَالْفَاتِحَةُ، وَالرُّكُوعُ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ، وَالسُّجُودُ، وَالِاعْتِدَالُ عَنْهُ)}.
تقدم معنا الفرق بين الركن والشرط، وأنَّ الركن هو جزء من الصَّلاة ومن ماهيتها، بخلاف الشرط فإنه معتبر للصلاة لكنه ليس جزءا من أجزائها، فالطهارة ليست جزءًا من الصَّلاة، لكن لا تصح الصلاة إلا بها، فلذلك سميت شرطًا، ولابد من استمرارها إلى نهاية الصَّلاة لكونها شرطًا، أمَّا الركن فهو من الصَّلاة، فالقيام من الصَّلاة والرُّكوع من الصَّلاة والسجود من الصَّلاة؛ لكنه أيضًا يفترق عن الشرط بأنه لا يستمر، وإنما يُنتقل من فعلٍ إلى فعلٍ ومن ركنٍ إلى ركنٍ أو واجبٍ على ما سيأتي بإذن الله -جلَّ وَعَلَا.
أولها: القيام، فالقيام من أركان الصَّلاة كما جاء في حديث عمران أنَّ النَّبي ﷺ قال: «صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدً»[6]؛ فدلَّ ذلك على أن القيام ركنٌ من أركانها، وكذلك كانت هيئة صلاة النَّبي ﷺ في كل أحواله، ويستثنى من ذلك النافلة، فإنَّ النافلة القيام فيها مستحبٌّ وليس بلازم، فلو أنَّ مستطيعًا صلَّى جالسًا وهو يستطيع القيام كانت صلاته صحيحة لما جاء في الحديث الذي في الصحيح أنَّ النَّبي ﷺ قال: «ومَن صَلَّى قَاعِدًا، فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ القَائِمِ»[7] قال أهل العلم: هذا في النَّفل لمن كان مستطيعًا للقيام في أشهر الأقوال عند أهل العلم.
وحدُّ القيام يقولون: ألا يكون كهيئة الراكع، فيعتدل؛ فإذا كان فيه انحناء يسير أو نحوه لكن النَّاظر له يسميه قائمًا لا راكعًا ولا قاعدًا فإنَّ ذلك يكون أدَّى ما عليه، وألا يعتمدَ على شيء لو رُفع عنه لسقط فإن هذا لا يعتبر قائمًا، أمَّا لو اعتمد على شيء لكنه لو أُبعد هذا الشيء لم يسقط فإنه يعتبر قائمًا ولم يمنع ذلك من صحة قيامه وحصول الركن منه، فهذا حدُّ القيام في الصَّلاة، ويستثنى من ذلك بعض الأحوال كحال المرض، وكحال الحرب إذا احتاج إلى ذلك، فهذه أشياء تُستثنى من ركنية القيام إذا احتيج إليها.
قال: (والتَّحرِيمَة) أي تكبيرة الإحرام قائلًا: "الله أكبر" على ما مرَّ بنا، فإنها ركنٌ من أركان الصلاة، لا تسقط لا سهوًا ولا جهلًا، ولا عمدًا من بابِ أولى.
ومن الأشياء التي تخص به تكبيرة الإحرام: أن السهو فيها لا يُجبَر إلَّا بالإتيان والابتداء بها، فلو افترضنا أن إنسانًا دخل في صلاته وسها أن يُكبِّرَ تكبيرة الإحرام؛ نقول: لم تنعقد الصلاة، ويحتاج إلى إعادة الصلاة من أولها.
قال: (وَالفَاتِحَةُ)، وهي: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، وهي ركن من أركان الصلاة، وقد تقدَّم معنا أنها سبعُ آي، وتفصيل ذلك على ما مرَّ في المشهور من المذهب عند الحنابلة كما هو قول جمهور أهل العلم.
وهي ركن لقول النبي ﷺ: «لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ»[8]، وقوله: «مَن صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فيها بأُمِّ القُرْآنِ فَهي خِداجٌ ثَلاثًا غَيْرُ تَمامٍ»[9]، إذًا هي ركن.
وهي على الإمام والمنفرد بإجماع أهل العلم أنها ركن، أمَّا بالنسبة للمأموم فالمشهور عند الحنابلة -رحمهم الله تعالى- أنها سنة، سواء كان ذلك في جهرية أو سرية؛ لأنَّ النَّبي ﷺ جاء في الحديث الذي صححه جمع من أهل العلم: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ»[10]، وهذا جاء عن عدد من أصحاب النَّبي ﷺ.
ومما يدل لذلك أن المأموم لو أدرك الإمام راكعًا فكبَّر وركع معه فصلاته صحيحة، ولو كانت الفاتحة فرضًا للمأموم أو ركنًا له فإن الصَّلاة لم يكن له لأن يدرك الركعة بدون أن يأتي بالفاتحة.
ويستحب للإنسان أن يقرأ بها إذا قدر على ذلك كما إذا سكت الإمام أو كان له سكتة طويلة، وكذلك في الصَّلاة السرية يستحب له أن يقرأها، لكن لو لم يقرأها فلا شيء في ذلك.
والدليل على هذا أيضًا -وهو من أهم الأدلة: أن الله -جلَّ وَعَلَا- قال: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُو﴾ [الأعراف/204]، قال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "بإجماع أهل العلم أن هذه الآية نزلت في الصَّلاة"، يعني أن لزوم الإنصات إنما هو في الصَّلاة، فلولا أنَّ قراءة الإمام قراءة للمأموم لأُمر المأموم أن يقرأ بها، وأن يفعل ما هو أوجب عليه وألزم.
هذا إذًا ما يتعلق بالفاتحة، وإن كانت الفُتيا عليه عند بعض مشايخنا بلزوم القراءة واعتبارها حتى للمأموم، لكن هذا خلاف مذهب الحنابلة، قول جمهور أهل العلم.
قال: (والرُّكُوع)، الرُّكوع من الأركان بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة/43] وقد بينا القدر الذي يتأتى به الركوع، وهو: أن يجعل متوسط الخلقة يديه أن يماس بها ركبتيه، فإذا ماسَّ بها ركبتيه فإنه ينحني بقدرٍ يعتبر راكعًا، فهذا أدناه، تمامه كما مرَّ: أن تستقيم ركبتيه فيبسطهما بسطًا، ثم يمسك كفيه بهما، ويفرد ظهره، ويجعل رأسه بإزائه لا يصوبه ولا يَشخص به يرفعه؛ فهذا تمام الرُّكوع.
قال: (وَالِاعْتِدَالُ منْهُ)، الاعتدال منه أيضًا ركن من أركان الصَّلاة في مذهب الحنابلة وقول جمهور أهل العلم، في حديث النَّبي ﷺ قال: «ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْدِلَ قَائِمً»[11]، فلابد من الاعتدال قائمًا، والقدر الواجب في ذلك: أن يعود كل عضو من أعضائه ومفصل من مفاصله إلى مكانه، فإذا عادَ فإنَّه أدَّى القدر الواجب، أمَّا إذا قامَ ثم ما أن يكون قائمًا أو يقارب الاعتدال حتى يهوي ساجدًا؛ فإن ذلك قد يفوِّته أداء هذا الركن، وهذا من الأشياء التي يعني يحصل الخلل فيها كثيرًا لكثير من الناس، فينبغي للإنسان أن إذا ارتفع من ركوعه أن يعتدلَ، وكلَّما أطالَ فإنَّ ذلك هو التَّمام، ففي حديث ثابت البناني قال: "كانَ أنَسُ بنُ مَالِكٍ يَصْنَعُ شيئًا لَمْ أرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ؛ كانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قدْ نَسِيَ، وبيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حتَّى يَقُولَ القَائِلُ: قدْ نَسِيَ"[12].
قال: (وَالسُّجُودُ)، وهو أيضًا بإجماع أهل العلم ركنٌ من أركان الصَّلاة على الأعضاء السَّبعة في المشهور من المذهب عند الحنابلة، قال -ﷺ: «أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ ولَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ والشَّعَرَ»[13]، فهذه هي الأركان، ويقتضي ذلك عند الحنابلة أنه لو سجد بدون أن يصيب الأركان السبعة فإنَّ سجوده لا يصح، وقول جمهور أهل العلم على أنَّ السُّجود ركنٌ لكن لو أخلَّ بواحدٍ منها جهلًا أو نسيانًا أو نحوه فإنه لا يمنع ذلك صحة صلاته لكونها ليست ركنًا كالسُّجود، فالسُّجود كيفما تأتَّى له بأن يلصق جبهته بالأرض، فيتأتَّى منه ذلك السُّجود، لكن الحنابلة يشدِّدون في اعتبار الأعضاء السبعة فيه.
قال: (وَالِاعْتِدَالُ منْهُ)، يعني جالسًا، فالجلسة بين السجدتين في المشهور من المذهب كما هو قول جمهور أهل العلم أنها ركنٌ من أركان الصَّلاة، فلابدَّ أن يجلس الإنسان ويعتدل جالسًا ويعود كل عضو إلى مكانه بأن يطمئن جالسًا كما في حديث المسيء صلاته، ثم يكبر ساجدًا مرة أخرى.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (وَالِاعْتِدَالُ منْهُ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)، يعني الاعتدال والجلوس بينهما هذان ركنان مستقلَّان، فمقتضى ذلك أنه لو اعتدلَ ثم لم يجلس وعاد فسجد مرة ثانية فإنَّه لم يؤدِّي ما طُلب منه كما ذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ.
قال: (وَالطُّمَأْنِينَةُ)، أي الطمأنينة في كل ركنٍ من أركان هذه الصلاة، والطمأنينة في كل واحدٍ منها بحسبها، فالقيام بقدر تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، وبالنسبة للركوع بقدر ما يقول: "سبحان ربي العظيم" مرة واحدة، وفي السُّجود بقدر ما يقول: "سبحان ربي الأعلى" مرة واحدة، وفي الاعتدال بقدر ما يقول: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" بالنسبة الإمام إذا قال "ربنا ولك الحمد" وهو قائم لأن المأموم يقولها حال الارتفاع، فإذًا في كل واحد بحسبه.
قال: (وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ)، التَّشهُّد الأخير ركن من أركان الصَّلاة لا تتأتَّى الصَّلاة إلا بذلك، بخلاف التَّشهُّد الأول فإنه سيأتي أنه واجب من واجباتها.
قال: (وَجِلْسَتُهُ)، بمعنى لو أتى بالتَّشهُّد غير جالس فإنه قد فوَّت الجلوس الذي هو ركنٌ من أركانها.
قال: (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ)، هذا هو مشهور المذهب عند الحنابلة، باعتبار الصَّلاة على النَّبي ﷺ ركنًا من أركانها، ويستدلون بما أمر الله -جلَّ وَعَلَا- من الصَّلاة على النَّبي ﷺ، في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً﴾ [الأحزاب/56]، فكأنهم جعلوا محل ذلك هو الصَّلاة، واستدلوا بما جاء في مسند أبي عوانة أنه قال: «فكيف نُصلِّي عليك إذا نحن صَلَّيْنا عليك في صَلاتِنا؟»[14]، فمن هذا أخذ الحنابلة أنها ركن، ونقل ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في "جلاء الأفهام" كلام أهل العلم هل هي ركن أو لا؟ لكن هذا هو مذهب الحنابلة وهذا هو مأخذهم، وإن كان هذان الدليلان لا يقويان على اعتبارهما ركنًا في الصَّلاة، لأن هذا مطلق في الأمر بالصَّلاة، والثاني هو سؤال عن إذا ما صلينا، فيدل على المشروعية لكنه لا يدل على الفرضية، فلأجل ذلك من أهل العلم من خفَّف فيه فجعله بعضهم واجبًا وبعضهم مستحبًّا، لكن لا شك أنَّ هذا مناسبٌ لبعض مَن يقول إنَّنا نُقلِّل من قدر النَّبي ﷺ فإنَّا جعلناه أعظم ما يكون لزومًا وجوبًا في الصَّلاة، فأيُّ قدرٍ أتم من هذا القدر! وأي اعتبار لحق النَّبي ﷺ إجلالًا واحترامًا وتعظيمًا وتقديرًا، كما أمر الله -جلَّ وَعَلَا- بتعزيره وتبجيله وإجلاله.
ولفظ {وعَزِّروه} من الألفاظ التي تُستخدم على معنيين:
- معنى التعظيم والاحترام.
- معنى والتأديب.
وآية سورة الفتح على المعنى الأول الذي هو إجلالٌ وتبجيلٌ.
قال: (وَالتَّسْلِيمَتَانِ)، التسليمتان أيضًا فرض، وبهما الخروج من الصَّلاة، قال ﷺ: «وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»[15]، وهذه سنة النَّبي ﷺ الثابتة في كل مَن روى صفة صلاته، وظاهر كلام المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أنه لا يتأتَّى الخروج إلا بالتسليمتين جميعًا، أمَّا في الفريضة فهذا ظاهر، وأمَّا النفل فللحنابلة كما لبعض أهل العلم فيه خلاف: فبعضهم يقول إنه يتأتى ذلك بتسليمة واحدة والثانية نافلة، وربما مال إلى ذلك بعض محققي الحنابلة -رَحِمَهُم اللهُ- لكن ظاهر كلام المؤلف كما هو المستقر من المذهب أن التسليمتين في عدا صلاة الجنازة هي التي يتأتَّى بها الخروج من الصَّلاة إن كانت نفلًا كما لو كانت فرضًا سواء بسواء.
قال: (وَالتَّرْتِيبُ)، يعني الترتيب في الصَّلاة، فلا يبتدأ بسجود قبل ركوع، ولا بجلوس قبل سجود، ولا بالتَّشهُّد الأخير قبل الرُّكوع وهكذا، والدليل على ذلك: أنَّ النَّبي ﷺ صلَّى مرتِّبا، وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»[16]، وهذه صفة موقوفة جاءت عن النَّبي ﷺ لا يُزاد فيها ولا يُنقص ولا يُقدم فيها ولا يُؤخر، فكان الترتيب فيها أصلًا، وجاء في حديث المسيء صلاته، قال: «ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمً»، فكلُّ ذلك جاء بألفاظِ الترتيب التي هي دالة على هذا.
{أحسن الله إليكم قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَوَاجِبَاتُهَا ثَمَانِيَةٌ: التَّكْبِيرُ غَيْرَ التحريمةِ، وَالتَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ، وَتَسْبِيحُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَقَوْلُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي"، مَرَّةً مَرَّةً وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، وَجِلْسَتُهُ)}.
ما الفرق بين الواجب والركن؟
الواجب والركن كلاهما مطلوب في الصَّلاة لزومًا، وتعمُّد تركهما يُبطل الصَّلاة، تعمُّد تركهما إن كان واجبًا أو ركنًا، لكن الفرق بينهما في السهو، فإنَّ السَّهو عن الواجب يُجبَر بسجود السهو، أمَّا السَّهو عن الركن لا يُجبر إلا بالإتيان به، فإذا نسيه الإنسان فإما أن يعود إليه في بعض المواطن كما سيأتي بإذن الله -جلَّ وَعَلَا- في سجود السهو وأما أن تبطل الركعة التي حصلَ فيها النسيان وتقوم الأخرى مقامها وسيأتي توضيح ذلك بإذن الله -جلَّ وَعَلَا.
يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَوَاجِبَاتُهَا ثَمَانِيَة)، وذلك في المشهور من المذهب عند الحنابلة.
قال: (التَّكْبِيرُ غَيْرَ التحريمةِ)، أي: تكبيرات انتقال، أمَّا التَّحريمة فقد تقدم أنها ركن من أركان الصَّلاة، أمَّا التَّكبيرات الأخرى فالمشهور من المذهب أنها واجب خلافا للجمهور الذين يرون أن التَّكبيرات إنما هي سنة مستحبَّة فلو تُركت لم تمنع صحة الصَّلاة ولا يلزم من تعمُّد تركها بطلان الصَّلاة ولا جبرانها، أمَّا عند الحنابلة فيقولون إنها واجب، لأن النَّبي ﷺ واظب عليها وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
يستثنى من ذلك: إدراك المسبوق للركوع، فلو كبَّر تكبيرة الإحرام وركعَ دون أن يكبر تكبيرة الرُّكوع فإن صلاته صحيحة وأدرك الركعة فتسقط عنه تكبيرة الانتقال في مثل تلك الحال. التَّكبير يعني للإمام والمنفرد سواء بسواء
قال: (وَالتَّسْمِيعُ)، يعني التَّسميع يعني قول: "سمع الله لمن حمده" عند الانتقال من الرُّكوع إلى القيام، وهذا بالنسبة للإمام والمنفرد لا المأموم، أمَّا المأموم فلا يُشرع له قول: "سمع الله لمن حمده".
وقال: (وَالتَّحْمِيدُ)، وهو قول: "ربنا ولك الحمد"، فيقولها إمام ومنفرد ومأموم.
لِمَ لَمْ يُشرع التَّسميع في حق المأموم عند الحنابلة، أن خلافًا للشَّافعية الذين يقولون إنه يقول: "سمع الله لمن حمده"؟
يقولون قول النَّبي ﷺ: «إذا قالَ الإمامُ: سَمعَ اللَّهُ لمن حمدَهُ، فقولوا: اللَّهمَّ ربَّنا لَكَ الحمدُ»[17]، هذا دلَّ على أنَّ تعلُّق التَّسميع بالإمام والتَّحميد بالمأموم.
وهنا ينبغي أن يُعلم أن التَّكبير والتَّسميع محله الانتقال، يعني منذ شروع الإنسان في الانتقال من القيام إلى الركوع، أو الرُّكوع إلى القيام للتَّسميع، أو من القيام إلى السُّجود؛ فيكون في محله، فلو تقدَّم عن ذلك أو تأخَّر فعند الحنابلة أنه إذا تعمَّد ذلك بطلت صلاته، لأنه انتقل به في غير محله، فوجوده هو عدَّمه سواء، لكن قول كثير من محققي الحنابلة أن مثل هذا من العُسر بمكان، وأنه لا يتأتَّى -كما قال ذلك ابن رجب وغيره- ولا يُتصوَّر أن يقول هذا الذكر بينهما دون أن يحصلَ تداخل إمَّا ابتداءً في أن يقولها أحيانًا قبل أن يشرع في الانتقال، أو انتهاء في أن يصل إلى السُّجود قبل أن ينتهي من ذكره أو نحو ذلك؛ فلأجل ذلك يقولون: إن هذا مما يتخفف فيه ولا يمنع صحة الصَّلاة، لكن ينبغي للإنسان أن يتوقَّى، يعني احتسابًا بمن قال من أهل العلم بأن ذلك مؤثر في الصَّلاة ومبطل لها.
بالنسبة للتحميد: فالإمام والمنفرد يقولونه إذا اعتدلوا، والتَّحميد للمأموم فإنه يكون أذكار الانتقال عند الحنابلة.
قال: (وَتَسْبِيحُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ)، يعني قول: "سُبْحَانَ رَبِيَ العَظِيم" في الرُّكوع و "سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى" في السُّجود لما جاء في الحديث لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «اجْعَلوها في رُكوعِكم»، فلمَّا نَزَلَتْ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ قالَ: «اجْعَلوها في سُجودِكم»[18]، ويتأتَّى ذلك بذكر مرة واحدة، فإذا قالها مرة واحدة أدَّى بذلك الواجب، فما زاد عن ذلك فهو مستحبٌّ مسنونٌ.
قال: (وَقَوْلُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي"، مَرَّةً)، مرة واحدة في الجلسة بين السجدتين، هذا إنما هو واجب، فإذا زاد وأعادها أكثر من مرة فهو مستحب، إذا قال: "رب اغفر لي واهدني وعافني واجبرني وارزقني"، أيضًا زيادة مستحبة، لأن المؤلف حصرَ ذلك في قول: "رب اغفر لي".
قال: (وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، وَجِلْسَتُهُ)، التَّشهُّد الأول واجب، والدليل على ذلك: حديث عبد الله بن بحينة «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِهِمْ الظُّهْرَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَلَمْ يَجْلِسْ. فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ: كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ»[19]، فلولا أنه واجبٌ لَمَا كان ليُجبَر بسجدتي سهو، ولَعادَ إليه النَّبي ﷺ، فأخذوا من ذلك أنه واجب وليس بركن كالتَّشهُّد الأخير.
{نستأذنكم في استكمال ما بقي في مجلس آخر لضيق الوقت}.
جزاكم الله خير، وجزى الله المشاهدين والمشاهدات خير الجزاء والإخوة القائمين.
{بارك الله فيكم ونفع بكم، نستكمل ما بقي في مجالس قادمة -إن شاء الله- إلى ذلكم الحين نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
--------------------------
[1] صحيح البخاري (835).
[2] أخرجه البخاري (6389)، ومسلم (2690).
[3] صحيح البخاري (751).
[4] صحيح ابن خزيمة (483).
[5] صحيح مسلم (557).
[6] صحيح البخاري (1117).
[7] صحيح البخاري (1115).
[8] صحيح البخاري (756)، صحيح مسلم (394).
[9] صحيح مسلم (395).
[10] أخرجه ابن ماجه (850)، وأحمد (14643)، وصححه الألباني.
[11] صحيح البخاري (757).
[12] صحيح البخاري (821)، صحيح مسلم (472).
[13] صحيح البخاري (812)، صحيح مسلم (810).
[14] أخرجه أحمد (17113)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3370)، وعبد بن حميد في ((مسنده)) (234)، وابن خزيمة (711).
[15] أخرجه أبو داود (61)، والترمذي (3)، وابن ماجه (275)، وأحمد (1006).
[16] صحيح الجامع (893).
[17] أخرجه البخاري (796)، ومسلم (409).
[18] أخرجه أبو داود (869) واللفظ له، وابن ماجه (887)، وأحمد (17414).
[19] صحيح البخاري (829).