الدرس الرابع عشر

فضيلة الشيخ د. إبراهيم بن عبدالكريم السلوم

إحصائية السلسلة

44876 18
الدرس الرابع عشر

عمدة الأحكام 1

{الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
حيَّاكم الله أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم برنامج (جادة المتعلم)، والكتاب المقروء في هذا الدرس هو كتاب (عمدة الأحكام) للإمام الحافظ عبد الغني المقدسي -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-، ويصحبنا فيه فضيلة الشيخ: إبراهيم بن عبد الكريم السلوم. باسمي وباسمكم جميعًا نرحب بفضيلة الشيخ فحياكم الله}.
حيَّاكم الله وحيَّا الله الإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات.
{كنا قد وقفنا -أحسن الله إليكم- في الدرس الماضي عند حديث ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- في باب صفة الصَّلاة، نستأذنكم في القراءة يا شيخ.
قال الإمام عبد الغني المقدسي -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ، وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ»)}.
 الحمد لله، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ما زال المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- يسترسل في بيان صفة صلاة النبي ﷺ، وحينما يبيِّن صفة صلاة النبي ﷺ فإنَّ العلماء -رَحِمَهم اللهُ- قد درجوا على ما كان عليه الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-، من أنَّ بيان صفة الصَّلاة لا يَعني أن يُؤتى بالأركان ثم بالواجبات ثم بالسنن، إنما يتداخل بعضها في بعض، وربما أفصح بعضُ الصَّحابة عن بعضِ السنن أو عن بعض الأمور المستحبة في الصَّلاة سواء كانت قولية أو فعلية مما لم يُفصح عنه البعض الآخر، فمِن ذلك أنَّ ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قد ذكرَ في هذا ما لم تذكره عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا-، ذكر هنا سنة جليلة تُعد عند العلماء -رَحِمَهم اللهُ- هي حِلية الصَّلاة وهي التَّكبير، والمراد به أيضًا رفع اليدين، رفع اليدين كان العلماء -رَحِمَهم اللهُ- يُسمونه حلية الصَّلاة، وكان أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- يقول: إنها إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد وبين ربه -عز وجل؛ لأنَّ حركة اليد لها معنى، ولهذا النبي ﷺ كان إذا خطبَ حرَّك يده ﷺ، تحريك اليد يُؤدِّي إلى معانٍ، ولهذا فإنَّ من إكرام الضيف إذا جاءك وقلت له: تفضل؛ أن تشير بيدك تفضل، ما يكتفي الإنسان بمجرد الكلام، وإذا ما رغب الإنسان في شيء قُدِّم له، ماء أو شيء فقال: لا؛ يشير بيده، دلالة على أنَّ الإشارة تدل على معنى، وتؤدي معنى أعظم من مجرد النطق.
ومن أعظم ما يكون من الإشارات في الصَّلاة حلية الصَّلاة التي هي التكبير، ورفع اليدين إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد وبين ربه -عَزَّ وَجَلَّ.
فأمَّا رفع اليدين في تكبيرة الإحرام؛ فإنَّ جماهير العلماء عليه، حتى حكي إجماعهم، وأمَّا ما سوى ذلك فقد وقع الخلاف فيه، والمرجعُ حينما يقع الخلاف إلى سنة رسول الله ﷺ فهي الفيصل، فنقول: إن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قد روى هذا الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري ومسلم في أصح الكتب عن النبي ﷺ، وأخرجوه من غير ما رواية، أخرجه الإمام البخاري من حديث ابن عمر.
وقد جاء أيضًا من حديث مالك بن حويرث، وفيه أنَّ النبي ﷺ كان يرفع يديه في ثلاثة مواضع[1]:
الموضع الأول: حينما يكبر تكبيرة وكان يرفعهما ﷺ حذو منكبيه، يعني: تحاذي أطرافهما المنكبان، وفي بعض الأحاديث كما في حديث مالك بن حويرث «فُرُوعَ أُذُنَيْهِ»[2].
والظاهر -والله أعلم: أنَّ هذا خلاف يسير في التقدير بين الصَّحابة، فإنَّ الشيء إذا كان في منزلة بين منزلتين تنازعته الوصف، يعني: حينما يرفع الإنسان هكذا؛ رجل يصف فيقول رفع إلى حذو منكبيه، ورجل يصف فيقول: إلى فروع أذنيه، وهذا الأمر واسع عند العرب، فالعرب -يا إخوان ويا أخوات- من أهل الفطرة، وما كانوا يتشدَّقون ويبالغون في الأرقام والقياسات، ما كان موجود عندهم هذا، ولهذا جعل الله -عَزَّ وَجَلَّ- الدين فيهم وأنزله على فطرتهم، وجعل المرجع في أغلب الشريعة إلى رؤية الناس وعرفهم وما تعارفوا عليه، رؤية الهلال ما قُيِّدت بالحسابات الدقيقة التي تقوم على الحزر والتَّخمين! وما وإنما قُيدت بالرؤية، فكذلك أيضًا هذه المعاني؛ ولهذا العرب درج عندهم بوجه عام ولا يعدُّ من الخلاف، فمن لم يفقه فقه الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- يظنه خلافًا، ونقول: لا، ليس بخلاف، لما يُسأل الصَّحابي عن عمر النبي ﷺ تجد واحد منهم يقول: توفي وعمره خمسة وستين، وبعضهم يقول: عمره ستين، مع أن نعلم أن النبي ﷺ قد توفي وعمره ثلاثة وستين، تجد من لا فقه له يستدرك، فيقول: أخطأ ابن عباس حينما قال وهو ابن خمس وستين!
نقول: الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- قد نشأوا على ما نشأ عليه العرب وهو التسيير في الأرقام، ثلاثة وستين، خمسة وستين، ستين؛ كلها مُتقاربة، ولهذا جاء عن بعض الصَّحابة أنَّ النبي ﷺ أقام بمكة عشرًا، مع أنه إنما قام ثلاثة عشر، لكنه كأنه يقول: العشر مُقاربة للثلاثة عشر، فنحن كعرب درجنا على التسهيل، ولهذا لَمَّا أراد الله -عَزَّ وَجَلَّ- التحديد قال: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: 196]، هذا له معنى؛ لأنه يعرف أنَّ العرب يسهِّلون، فلمَّا أراد أن يؤتى بها بتمامها قيَّدها وآكدها بـ ﴿كَامِلَةٌ﴾ .
هذا المعنى ينبغي أن يُستحضر، ومن المعاني الجليلة التي تُقرَّر: أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد جعل العبرة في الأشهر بالرؤية، مع أن الأشهر قد تختلف، لو يُسأل الإنسان كم الشهر؟ قال: ثلاثين، مع أن الشهر ليس كذلك، الشهر قد يكون ثلاثين وقد يكون تسعة وعشرين؛ فدلَّ على الأمر أن متقارب، لو قيل لك: ثلاثة أشهر وحسبتها أنت بالهلال، وكانت هذه الثلاثة أشهر وافق اثنان منها تسعة وعشرين، قال بعض الناس: ما وقعت ثلاثة أشهر، نقص عليك يومين! نقول: لا، هذه كلها من الأمور التي تتجاوز عنها العرب، لأن العبرة بالرؤية، وهذا شهر بتمامه، فهذا المعنى ينبغي أن يقرر.
فإذًا إذا قال: «رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى يَكونَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ»[3] وقال الآخر: «فُرُوعَ أُذُنَيْهِ» فالمعنى قريب، النبي ﷺ كان يرفعهما رفعًا قريبًا، بمعنى أنه لم يكن يبالغ ﷺ في رفعهما.
قال: «إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ»، وقد ذكرنا الموضع من المواضع التي قد أجمع العلماء على مشروعية الرفع فيها.
قال: «وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ»، هذه من مواضع الرفع، فإذا كبر للركوع فإنه يشرع له أن يرفع يديه.
قال: «وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ»، هذا من مواضع الرفع.
فهذه ثلاثة مواضع ثابتة بالسنة عن رسول الله ﷺ ، وقد يقال: إنها مما تواترت فيه السنة عن رسول الله ﷺ؛ لأنها قد جاءت عن أكثر من صحابي في أصح الكتب، وتلقَّتها الأمة بالقبول.
وأمَّا ما جاء فيما يعارضها من حديث البراء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «كان النَّبيُّ ﷺ إذا افتتحَ الصَّلاةَ رفعَ يدَيهِ إلى قريبٍ مِن أُذنَيهِ، ثمَّ لا يعودُ»[4]، فنقول: إن هذا حديث منكر لا يصح ولا يثبت عن النبي ﷺ، وقد استدل به الحنفية.
ومن اللطائف أنَّ الإمام ابن المبارك -رَحِمَهُ اللهُ- وكان من أئمة أهل الحديث وبين يديه هذا الحديث عن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كان يكبِّر في هذه المواضع عن رسول الله ﷺ، ومن المعلوم أنه تلميذ للإمام أبي حنيفة، فكبَّر يومًا مع أبي حنيفة، ورفع أبو حنيفة فرفع ابن المبارك، ثم لَمَّا هوى للركوع كبَّر أيضًا ابن مبارك ورفع يديه، وأبو حنيفة لا يرفع؛ لأنه لا يرى أنَّ الرفع إنما يكون في المرة الأولى، فلمَّا رفع من الركوع رفع يديه كذلك في الركعة الثانية، وفي الركعة الثالثة والرابعة، فلمَّا فرغ قال له أبو حنيفة: يا أبا عبد الرحمن كدتَّ والله تطير بنا، قال: والله لو طرنا لطرنا من الأولى! يعني: إذا كان في الرفع طيران نطير من الأولى.
فهذا أيضًا من السنن الثابتة عن النبي ﷺ التي لا ينبغي لمن وصلته السنة أن يعترض بقول أحد من الناس كائنًا ما كان.
قال: «وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ»، هذا نصٌّ صريحٌ يهدم كل ما جاء من النصوص في غير الصحيحين في أنَّ النبي ﷺ كان يرفع فيما بين السجود، كما جاء عن ابن عمر، نقول: كيف تعترض بحديث خارج الصحيحين فيه أن ابن عمر كان يرفع يديه إذا رفع من السجود، وفي الصحيح أنه كان لا يفعل ذلك في السجود؟
فإن قال: إسناده صحيح.
قلنا: حتى ولو أن كان إسناده صحيح، فالظاهر -والله أعلم- أنه خطأ من الرواة كالخطأ الذي يقع لي الآن، أنا حينما أريد أن أقول: "رفع" أقول "كبر"، فهو حينما أراد أن يقول: "كبر"، قال: "رفع يديه"؛ لأنَّ هذا مما يحصل فيه الخلط، خاصَّة أنَّ التكبير من انتقص، الجهر بالتكبير مما انتقص عهد الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم-، قال عكرمة: جاء لابن عباس يقول: صليت خلف إمام مجنون، خلف شيخ أحمق -في بعض الروايات- كبَّر اثنتين وعشرين تكبيرة، فقال له ابن عباس: تلك صلاة النبي ﷺ لا أم لك، ولكنك تجهلها! فربما أراد هذا الراوي أن يُبين أنَّ ابن عمر "كبر"، فقال: "رفع يديه"؛ لأنَّ عندنا نص عن النبي ﷺ أنه كان لا يفعل ذلك في السجود.
بقي موضع رابع هو محل خلاف بين العلماء، لم يفقهه إلا علماء الحديث كأحمد وغيره، وهو التَّكبير إذا قام من الثنتين، هذا إنما تفرَّد بذكره عبيد الله بن عمر النافع عن ابن عمر، ولهذا فإنَّ الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- كأنه تراخى فيه أحيانًا، فقال: إنه لم يذكره إلا عبيد الله، بمعنى أنه قد جاءت النصوص عن ابن عمر من وجوه كثيرة من رواية أصحابه فلم يُذكر فيها هذا الموضع، وقد جاءت أيضًا الأحاديث عن أبي حميد فلم يذكر فيها ذلك، وقد جاءت عن مالك بن الحويرث فلم يذكر فيها ذلك؛ فهذا الموضع من المواضع التي لا يُثرَّب على طالب العلم إذا ترك رفع اليدين فيه، ما يقال إنك تركت السنة، فهذا محل خلاف بين العلماء -رَحِمَهم اللهُ- حتى بين علماء الحديث؛ لأنه مترتب على تصحيح هذه الرواية، وقد أخرجها الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ- مصحِّحًا لها، لكن كما ذكرنا أن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- كأنه يعني لا يُشدِّد في هذا الموضع من رفع اليدين عن رسول الله صلى عليه وسلم.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ- وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ»)}.
هذا حديث ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفيه بيان هدي النبي ﷺ في السجود، وهو أنَّ النبي ﷺ كان يسجد كما أمره الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنَّ الأصل في لفظ "السجود" إذا قيل: "سجد الإنسان" أن تستقر أطرافه على الأرض، وأصل هذه الأطراف التي تستقر على الأرض في السجود: اليدان والركبتان والقدمان والوجه.
ثم الوجه ما هو تعريفه؟ أو ما هو السجود بالوجه؟ هل هو السجود بالأنف أو بالجبهة؟
أجمع العلماء -رَحِمَهم اللهُ- على أن السجود بالأنف فحسب لا يعد سجودًا، ما يقال للرجل الذي يلامس أنفُه الأرضَ وجبهته مرتفعة أنه ساجد، بل لابد من سجود الجبهة، لكن الأنف محل خلاف بين العلماء، ولهذا قال هنا: «عَلَى الْجَبْهَةِ»، التي هي أعظم ما يكون من السجود، ولهذا من الأمور التي لا تُشرع ما يصنعه كثير من الناس حينما يسلِّم عليك فيقبل يدك ثم يضعها على جبهته، هذه إشارة إلى السجود، ما الفائدة من أنك تضع يد هذا الرجل على جبهتك؟ تريد الإكرام؟ يكفي الإكرام أنك قبَّلتها، فأما حينما تضعها فكأنما هو سجود له كالسجود لله رب العالمين، وهذا من الأمور المنكرة التي لا ينبغي أن يتابَع عليها الإنسان ولا تُقر، تقع أحيانًا في بعض البلاد فلا ينبغي أن تُقر البتَّة، حتى تقبيل اليد ينبغي للإنسان أن لا يتيحه، وكان السلف -رَحِمَهم اللهُ- يتنزَّهون عنه، لأن تقبيل اليد نوع من السجود، فلهذا كان السلف -رَحِمَهُم اللهُ- يتنزَّهون عنه، يسلَّم على الرجل فيقبَّل رأسه، هذا ما في بأس، أمَّا تقبيل اليد فلا، الأصل فيه التنزه عنه، هذا هو الأحسن في هذا، وإلا فقد جاء عن بعض السلف -رَحِمَهم اللهُ- وقد جاء فيه بعض الأحاديث عن النبي ﷺ فيها نظر.
قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ»، دلَّ ذلك على أنَّ أصل السجود إنما هو على الجبهة، ولهذا قال العلماء -رَحِمَهم اللهُ-: إنَّ من سجدَ على جبهته وأنفه فقد أتى بالسجود الواجب، ومن سجد على جبهته فجماهير العلماء على أنه سجود مجزئ، ومن سجد على أنفه دون جبهته قالوا: لا يجزئ، ولهذا قال: «عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ»، معناه: أنَّ من تمام السجود: السجود على الأنف؛ لأنه نوع من الخضوع لله -عَزَّ وَجَلَّ- رب العالمين، ولهذا كان يتنزَّه عنه المشركون، ألم يقل ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "قرأ النبي ﷺ سورة النجم فسجد وسجدَ معه المسلمون والمشركون والجن والإنس إلا شيخ أخذ كفًا من تراب فسجد عليه وقال: يكفيني هذا"، دلَّ ذلك على ما قررنا قبل قليل من أنَّ رفع اليد ووضعها على الجبهة هو سجود، هو أخذ كفًّا من تراب وسجد عليه، وقال: يكفيني هذا.
قال: «وَالْيَدَيْنِ» بتمامهما.
قال: «وَالرُّكْبَتَيْنِ» بتمامهما أيضًا.
قال: «وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» فيه دلالة على أن إنما يكون على الأصابع، وقد جاء في حديث أبي حميد الساعدي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أن النبي ﷺ استقبل بأطراف أصابع قدميه القبلة، يعني: ثناهما تجاه القبلة».
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَع رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا، حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ»)}.
حديث أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يصح أن يسمى حديث إتمام التكبير؛ لأنَّ أبا هريرة إنما ساقه للإنكار على ما شاعَ في زمانه من ترك إتمام التكبير، وهذا الأمر إنما حصلَ في عهد عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا كبر وأسن فكان يشق عليه أن يجهر بالتكبير، فكان يترك التكبير فيما يراه الناس فيه، إذا هوى إلى السجود ما كبَّر، وإذا قامَ إلى الركعة ما كبَّر، فلمَّا توفي عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وجاء عهدُ علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وتنازع وحصلت الفتنة أصبح بنو أمية على مذهب عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، لا يُتمِّون التكبير، ودرجَ على ذلك خلفاؤهم، حتى كانوا يصلُّون فلا يتمُّون التكبير، ولهذا قال عمران بن حصين لما صحب مطرف بن عبد الله فصلوا خلف علي رضي الله عنه، قال: "فكان يكبر إذا ركع وكان يكبر إذا رفع"، قال: لقد ذكرني هذا بصلاة كنا نصليها مع محمد ﷺ، فدلَّ على أنَّ سنة النبي ﷺ وسنة صاحبيه الصديق والفاروق وسنة عثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في أوائل حتى كبر هو إتمام تكبيرات الانتقال بتمامها، وإتمامها بمعنى الجهر بها، هذا أمر.
الأمر الآخر: أنَّ الناس درجوا على عدم الإتمام، وهذا في عهد أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ولهذا صلَّى بهم أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حتى يعلمهم هذه الصَّلاة، فقال: "إني لأصلي بكم وما أريد الصَّلاة، ولكني أصلي بكم كما كان النبي ﷺ يصلي"، كما قال مالك الحويرث.
قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ»، أي: تكبيرة الإحرام.
قال: «ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ» فيه دلالة على مشروعية أن يقول الإمام: "سمع الله لمن حمده"، وأن يقول المأموم خلفه: "ربنا ولك الحمد"، وهذا هو القول الصحيح.
هل يقول الإمام مع "سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد"؟
نقول: نعم، يشرع للإمام أن يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَوَاتِ ومِلْءُ الأرْضِ، ومِلْءُ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بَعْدُ»[5] كما جاء في حديث ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفي حديث أبي سعيد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قال: «ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَع رَأْسَهُ»، كل هذا من لا يفقه الحال الذي وقع فيه الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- يقول: ما فائدة منه؟
نقول: الفائدة منه أنَّ أبا هريرة كان يريد أن يُبين أنَّ التكبير الذي أميت كان من سنة النبي ﷺ، هذا معنى.
المعنى الآخر: أنه مما استدل به بعض العلماء كأصحاب المذاهب الثلاثة سوى أحمد على أنَّ تكبيرات الانتقال ليس بواجبة، قالوا: لأنها لو كانت واجبة لما سكت عنها الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- ولأنكروها، فدلَّ على أنها سنة، فهذا مما ذكره بعض العلماء.
وقال بعض العلماء: لا، بل هذا يدل -والله أعلم- على أنَّ هذا خطأ وقع في بعض الأئمة، والأصل في الإمام أن يُتابع فيما ليس في معصية، وهذا اجتهاد منهم، اجتهدوا فتوبعوا عليه.
هذا مما تنازعه العلماء، فذهب الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللهُ- إلى وجوب تكبيرات الانتقال.
وهذا كله بوجه عام يدل على أنَّ تكبيرات الانتقال مما يُسهَّل فيها، حتى مَن قال بوجوبها يسهل فيها، والتسهيل فيها يدل على أن ما يصنعه كثير من الناس من التشدد في إيقاع تكبيرة الانتقال عند الانتقال وإنكارهم على مَن يُكبِّر مثلًا وهو قائم ثم يهوي، أو مَن لا يكبر إلا وقد قارب السجود؛ نقول: كل هذا خلاف السنة، ما عُهد هذا عن الصَّحابة، نقول: بعض الصَّحابة ترك أصلًا التكبير كله، فإذًا ليس هذا مما يُشدد فيه، ولو كان يشدد فيه لبيَّنه النبي ﷺ؛ لأنَّ هذا مما يقع فيه الخطأ كثيرا ويقع فيه التَّسهُّل، وقد جاء عن بعض الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- أنه كان يصف صلاة النبي ﷺ فيقول: «ثم يكبر حين يركع» في بعضها «ثم كبر وركع»؛ فدلَّ ذلك على أنه إنما أنشأ التكبير قبل ركوعه، وقال: «ثم كبر وسجد» دلَّ ذلك على أنه إنما أنشأ التكبير قبل سجوده، فدلَّ الأمر على التوسعة، وهذا هو القول الصحيح في مثل هذه المسألة، فلا ينبغي أن يُشدد، والأصل أن يُقال: إنه يشرع التكبير لِما جاء عن أبي هريرة وهو سنة النبي ﷺ وأنه لو وقع التكبير ثم تلاه فعل الركن، أو وقع فيما بينهما، أو وقع عند تمام الركن أو تمام الانتقال؛ نقول: كل هذا مما يُسهَّل فيه إن شاء الله -عَزَّ وَجَلَّ.
قال: «ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا، حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ»، هذا أيضًا من المواضع التي كان الناس قد أهملوا التكبير فيها، لأنها من المواضع التي يشاهدها المأموم، فالمأموم يشاهد الإمام وقد قام، فكان النبي ﷺ يكبر، فدلَّ ذلك على مشروعية تكبيرات الانتقال بوجه عام، وهو تفسير قول النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. فَكَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ ﷺ أَوْ قَالَ: صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)}.
هذه الصَّلاة وهي الصَّلاة التي صلاها مطرف بن عبد الله وعمران بن حصين خلف علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في الكوفة لما كان إماما للمسلمين، فإنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وأرضاه لما تولى الخلافة انتقل إلى الكوفة لوجود أنصاره وأشياعه في ذلك المكان، فصلى معه عمران -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فكان علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يتم التكبير، ومتى ما ذكر إتمام التكبير فالمراد به إتمام تكبيرات الانتقال بمعنى الجهر بها في المواضع في درج الناس على عدم الجهر بالتكبير فيها، لأنهم كانوا يكبرون إذا نهضوا من السجود حتى يعلم المأمومين، لأنه لو نهض من السجدة الأولى خاصة ولم يكبِّر ما عرف المأمومون يقتدون به، فهذه المواضع كانوا يكبِّرون فيها، لكن التي يراها المأموم لم يكونوا يكبرون فيها، فإذا قيل "إتمام التكبير" بمعنى أن تكبر في كل انتقالٍ، فكان علي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يتم التكبير، ولهذا قال: (فَكَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ)، هذه من المواضع التي كانوا يسرون، أو لا يتمون التكبير فيها.
قال: (فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ ﷺ أَوْ قَالَ: صَلَّى بِنَا صَلَاةَ مُحَمَّدٍ ﷺ)، فيه دلالة على مشروعية إحياء السنن عن رسول الله ﷺ.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: رَمَقْتُ الصَّلَاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ، فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالِانْصِرَافِ: قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ.» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ»)}.
حديث البراء بن عازب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هذا من عُمَد الأحاديث التي تدل على أنَّ النبي ﷺ كانت صلاته صلاة معتدلة، كانت صلاة تامَّة، يعني يتم فيها الأركان، وتمامُ الأركان بمعنى التسوية فيها، فيسوي بين الركوع وبين السجود وبين القيام من الركوع، والاعتدال من السجدتين، هذه كلها يسوي بينها حتى في الزمن.
قال البراء -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (رَمَقْتُ الصَّلَاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ، فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالِانْصِرَافِ: قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ)، يعني متساوية، وفي بعض الروايات (ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء).
القيام: هو قراءة الفاتحة والسورة.
والقعود: هو التشهد.
بمعنى أنه ﷺ كان يطيل فيهما شيئًا يسيرًا أطول من غيرهما من الأركان.
فإذًا الأصل في الصَّلاة: أن يكون القيام فيها والتشهد أطول مما سواهما من الأركان، والأصل في بقية الأركان أن تكون متساويةً معتدلةً، ولهذا قال بعض العلماء: يُقدَّر مثلًا الركوع بثلاث تسبيحات، أو بخمس، أو بعشر، ويُقدَّر السجود بذلك، إنما قدَّروا هذا رغبة في أن يُسوى بين هذه الأركان في الذكر حتى تكون مستوية أيضًا في القدر، كما نقله جماعة من الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- عن النبي ﷺ، فإنَّ النبي ﷺ قد كان يصنع هذا حتى في صلاة الليل، حذيفة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وابن مسعود يقول: «فركع النبي ﷺ وكَانَ رُكُوعه قريبًا مِن قِيَامِهِ وَسَجَدَ فكَانَ سُجُودُه قريبًا مِن قِيَامِهِ»، هذا فيه دلالة على أن النبي ﷺ كان يُسوي بين هذه الأركان، وهذه هي الصَّلاة المعتدلة، صلاة النبي ﷺ التي كان يصليها غالبا.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ-: (عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «إنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِنَا قَالَ ثَابِتٌ فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ. كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ: انْتَصَبَ قَائِمًا، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ: مَكَثَ، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ»)}.
حديث ثابت عن أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «إنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ» يعني: لا أقصر أن أصلي بكم كما كان رسول الله ﷺ يصلي بنا.
قال ثابت: «فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ: انْتَصَبَ قَائِمًا، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ: مَكَثَ، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ»، تكلَّم فيهما عن ركنين من أركان الصَّلاة، وعن هدي النبي ﷺ فيهما، مع أنه قد جاء الكلام عنهما في حديث البراء، وهذان الركنان هما: ركن الاعتدال من الركوع، وركن الجلسة بين السجدتين، وإنما أوردها المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- ها هنا للردِّ على بعض المذاهب، فإن من المذاهب من لا يرى مشروعية الإطالة في هذين الركنين، ولهذا نجد بعض الناس إذا صلَّى فرفع رأسه من الركوع قام يسيرًا بقدر ما ينتصب ثم هبط، وإذا رفع رأسه من السجدة هبط أيضًا إلى ثانية؛ نقول: هذا خلاف السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ن وهو خلاف حديث البراء، قال: «فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ بيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ ما بيْنَ التَّسْلِيمِ والانْصِرَافِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ»[6]، وخلاف حديث ثابت البناني عن أنس، فإنَّ ثابتًا حكى عن أنس أن أنسًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كان يقوم به حتى يقول القائل: قد نسي، ويقوم أيضًا بين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي ؛ لطول ذلك، وهذا الطول طولًا مستويًا مع السجدة مع الركن الذي قبلها والركن الذي بعدها، لأن هذا هو سنة النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
فإذًا هذه من السنن التي لا ينبغي للإنسان أن يتركها، خاصة إذا أفضى ذلك إلى العجلة التي تُخرج هذا الركن عن أن يؤدَّى فيه حقُّ الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وحق الله أن يستوي الإنسان حتى يعود كل فقارٍ إلى مكانه في القيام، وحتى يعود كل فقار إلى مكانه أيضًا في الجلوس بين السجدتين.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً. وَلَا أَتَمَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»)}.
هذا وصفٌ كاشفٌ لصلاة النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وبوجه عام: لا يصلي إمامٌ صلاة تامَّة كما أمرَ النبي ﷺ إلا تكون خفيفة، الأصل أنهما متساويتان أو متقاربتان في التَّمام والخفة؛ لأنَّ النبي ﷺ كان يصلي صلاة تامة، بمعنى أنه يسوي فيها بين أركانها، ويأتي فيها بما أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولكنه أيضًا لا يطيلها إطالة تشق على المأمومين، فحكى أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هذه الصَّلاة، والأصل أن كل مَن حكى صفة صلاة النبي ﷺ لا يكاد يخلو مِن ذكر أنَّ النبي ﷺ كان يخفُّ الصَّلاة، وحتى من ذكر إطالة الصَّلاة من الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- يذكرون إطالتها في اعتدالٍ، بمعنى أنه لا يكون طولًا يشق على الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- أو على المأمومين، هذه هي سنة النبي ﷺ أن تتمَّ الصَّلاة وأن تخفها، تتم الصَّلاة بمعنى أن تأتي بما أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وتخفَّها بمعنى أن تراعي المأمومين فلا تُطيل إطالة تشق عليهم.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيِّ الْبَصْرِيِّ قَالَ: «جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، فَقَالَ: إنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي، فَقُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ فَقَالَ: مِثْلَ صَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا، وَكَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ»)}.
حديث مالك بن حويرث -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هذا هو أصل في الجلسة المشهورة عند العلماء -رَحِمَهم اللهُ- بجلسة الاستراحة، وهي من أفعال الصَّلاة المختلف فيها، يعني هل هي من السنن الواردة عن النبي ﷺ التي إنما فعلها النبي ﷺ لكونها سنة؟ أو أنَّ النبي ﷺ إنما فعلها لحاجة؟
وأصل جلسة الاستراحة بوجه عام: هي أن يجلس الإنسان جلسة خفيفة بين الركعة الأولى والركعة الثانية، وبين الثالثة والرابعة، يعني كل وتر من صلاته، أنت الآن في الركعة الأولى تقوم إلى الركعة الثانية فهذا وتر، الثالثة تقوم للرابعة هذا وتر، فتجلس جلسة خفيفة ليس فيها شيء من الذكر، هي جلسة كجلسة التشهد الأول، يكون الإنسان مُفترشًا فيها، كان النبي ﷺ يجلسها.
قال: (إنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ، وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي، فَقُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ فَقَالَ: مِثْلَ صَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا، وَكَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ).
هذا هو الأصل والعمدة في جلسة الاستراحة وقد جاء في حديث خالد الحداد عن أبي قلابة عن مالك بن حويرث «فَإِذَا كانَ في وِتْرٍ مِن صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدً»[7]، وقد جاء ذكر جلسة الاستراحة أيضًا في حديث أبي حميد الساعدي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفيه خلاف، فوقع الخلاف بين العلماء -رَحِمَهم اللهُ- في مشروعية هذه الجلسة، هل تُشرع أو لا؟ وهل النبي ﷺ إنما صنعها لكبر سنِّه أو أنه فعلها ﷺ لكونها مسنونة؟
فيُقال -والله أعلم: إن المحفوظ عن الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- أنهم لم يكونوا يجلسون هذه الجلسة، خاصَّة مَن كان منهم متبعًا كابن عمر وغيره ما كانوا يحفظون هذه الجلسة؛ فدلَّ ذلك -والله أعلم- على أن هذه الجلسة إنما فعلها النبي ﷺ لحاجته، ولهذا كان إذا نهضَ اعتمد ﷺ على يديه.
ومن المتقرر أنَّ مالك بن الحويرث إنما أدرك النبي ﷺ في آخر حياته، وقد قدم عنده فجلس عنده عشرين يومًا، في آخر حياة النبي ﷺ في السنة التاسعة أو العاشرة، وقد كان النبي ﷺ في ذلك الوقت قد حطمه الناس، تقول حفصة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا: "كان يصلي كثيرًا من صلاته جالسًا، فإذا بقي قريبًا من ثلاثين آية أو أربعين آية قام فقرأها -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ"؛ فدلَّ والله أعلم- على أنَّ هذه الجلسة إنما صنعها النبي ﷺ ليستعين بها على النهوض، هذا هو الظاهر.
ومما يدل على ذلك ويقرره: أنَّ كل من وصف صلاة النبي ﷺ ما ذكرها، وأنَّ عامة الصَّحابة من بعد النبي ﷺ لم يفعلوها.
ولأجل ذلك يقال: إنَّ الأمر في ذلك واسع، مَن رأى أنَّ هذه سنة عن النبي ﷺ فليفعلها، ومَن رأى أنَّ النبي ﷺ إنما فعلها لحاجته إليها فلا يثرَّب عليه في ذلك، هذا معنى.
المعنى الآخر: أنه ينبغي متابعة الإمام فيها، فإذا كان الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة كان خلافًا على صلاته من صلاة المأموم أن يجلس المأموم جلسة استراحة، لأن هذا في زيادة فعل لم يفعله الإمام، وفيه تأخُّر أيضًا في متابعة الإمام.
ويقال: إنَّ متابعة الإمام أولى بالإجماع عند العلماء، من جلسة الاستراحة المختلَّف فيها، فإن كل العلماء متفقين على أنَّ من أعظم سنن الصَّلاة متابعة الإمام، ومن المعلوم أن قيام الإمام إلى الركعة الثانية وجلوسك أنت هذه الجلسة ثم صعودك إلى متابعته بلا شك أنه تأخُّر عنه، تأخُّرٌ لو فعلته في غير هذا الركن لعُدَّ تأخرًا.
فيقال أيضًا: الظاهر -والله أعلم- أنه إذا كان الإمام لا يجلس جلسة استراحة؛ فإنه لا ينبغي للمأموم أن يجلسها، حتى لو كان ممن يعتقد سنيتها. هذا هو القول الصحيح -والله أعلم- ولهذا ما أحفظ أنَّ أحدًا من الصَّحابة كان يجلسها خلف الإمام، نعم مالك بن حويرث -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قد صنعها وهو إمام، فيقال: إذا صنعها وهو إمام لا بأس أن يصنعها من خلفه.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنِ بُحَيْنَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ»)}.
هذا الحديث هو حديث عبد الله بن مالك بن بحينة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مع حديث سلمة بن الأكوع -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- من الأحاديث التي كشفت صفة سجود النبي ﷺ وفيها: أنَّ النبي ﷺ كان إذا سجدَ فرَّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه، كان النبي ﷺ إذا سجد باعدَ بين اليدين، يقول سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «فلوْ أنَّ بُهْمَةً أرادتْ أنْ تمرَّ بينَ يديهِ لمرَّتْ»، وبدو بياض الإبطين إشارة إلى المبالغة في التفريج والمباعدة، وهذا -والله أعلم- لأن النبي ﷺ كان إمامًا، فلم يكن شيء يمنعه من فعل هذا، فأمَّا إذا كان الإنسان مأمومًا معه غيره فإنه لا ينبغي له أن يأتي بالسنن التي تشق على مَن حواليه من المأمومين، لأن الأصل أن النبي ﷺ كان ربما ترك بعض السنن العظيمة في الصَّلاة التي هي أعظم من هذه السنة لترك المشقة على المؤمنين كما قال النبي ﷺ: «إنِّي لَأَدْخُلُ في الصَّلَاةِ وأَنَا أُرِيدُ إطَالَتَهَا، فأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجَوَّزُ في صَلَاتي ممَّا أَعْلَمُ مِن شِدَّةِ وجْدِ أُمِّهِ مِن بُكَائِهِ»، فهذا أيضًا من المعاني التي ينبغي أن يلتفت إليها.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ)}.
هذا الحديث ذكره المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- وهو من أحاديث الفضائل، فقد ذكر أنَّ النبي ﷺ كان يصلي في نعليه، وأغلب صلاة النبي ﷺ إنما كانت من عليه، ولكن قد ثبت عن النبي ﷺ أيضًا أنه كان يأمر بخلع النعلين، وكان يأمر ﷺ بأن توضع بين الرِّجلين، فدلَّ ذلك -والله أعلم- على أنه يشرع خلعهما ويشرع أيضًا لبسهما، نعم السُّنة والأعم والأغلب في هدي النبي ﷺ أنه كان يصلي منتعلاً، -والله أعلم- إنما هو مخالفة لهدي اليهود، لأن اليهود يخلعون نعالهم اقتداء بموسى ﷺ، فإنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد أمر موسى ﷺ بخلع نعليه، فكان اليهود يصنعون ذلك، فإذا دخلوا إلى دور عبادتهم خلعوها، فخالفهم النبي ﷺ، فيقال: نعم، يشرع للإنسان أن يصلِّي في نعليه، وقد كان هذا هو هدي عامة الصَّحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم- أنهم كانوا يصلون في نعالهم، ولهذا في حديث أبي مسلمة عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «بَيْنَما رَسولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي بأصْحابِه، إذ خَلَعَ نَعْلَيه فوَضَعَهما عن يَسارِه، فلمَّا رأى ذلك القَوْمُ أَلْقَوا نِعالَهم، فلمَّا قَضى رَسولُ اللهِ ﷺ صَلاتَه قالَ: ما حَمَلَكم على إلْقائِكم نِعالَكم؟، قالوا: رَأيْناك أَلْقَيْتَ نَعْلَيك فأَلْقَيْنا نِعالَنا، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: إنَّ جِبْريلَ أتاني فأَخبَرَني أنَّ فيهما قَذَرً» -أو قالَ: «أذًى»- وقالَ: «إذا جاءَ أحَدُكم المَسجِدَ فلْيَنظُرْ، فإن رأى في نَعْلَيه قَذَرًا أو أذًى فلْيَمسَحْه ولْيُصَلِّ فيهم»[8]، هذا معنى.
المعنى الآخر: أن يقال: إذا كان دخول النعال إلى المسجد مما يلوثه، كأن يكون المسجد مفروشًا ودخول النعال إليه مما يلوثه أو يفسد هذا السجاد فيُسن هنا خلعهما.
الأمر الثالث أيضًا أن يقال: إن دخول الإنسان بنعليه في المسجد الحرام ونحوه من الأماكن المبلَّطة التي لا يُفسد النعل فيها السجاد أو نحوه، وإنما هي بلاط ونحو ذلك؛ فهو مما لا ينبغي أن يُنكَر، لأن كثير من الناس ينكر هذه السنة، ومن المعلوم أن النبي ﷺ طاف بنعليه وسعى بنعليه ﷺ ما حُفِظَ أنه ﷺ طاف حافيًا.
ولا يصح أن يقال: إن من إكرام بيت الله -عَزَّ وَجَلَّ- الطواف حافيًا!
نقول: هذا خلاف سنة النبي ﷺ، وهذا مزايدة على هدي النبي ﷺ، ومن المعلوم أن الطواف للإنسان وسعيه ليس فيه تلويث لهذا البلاط؛ لأنَّ البلاط مما يمسح. فإذًا؛ هذا من المعاني التي ينبغي أن تُلحظ.
ومن العجيب أن كثيرًا من الناس ربما دخل إلى الحرم بنعليه وطاف بنعليه، فإذا جاء إلى الصَّلاة خلعهما!
نقول: مما لا شك فيه أن هذا من خلاف هدي النبي ﷺ، وخلعهما من غير حاجة هو خلاف لهدي النبي ﷺ بل يصلي الإنسان في نعليه ما دام أنه قد طافَ بهما وقد دخل يمشي في الحرم بهما فليصلِّ بهما كما كان هديه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
{أحسن الله إليكم. قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَ»)}.
حديث أبي قتادة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هو عُمدة في ضابط الحركة في الصَّلاة عمدة في ضابط الحركة في الصَّلاة، وهو مما يدل على أن الحركة يسيرة في الصَّلاة لا تبطلها، فإن أبا قتادة الأنصاري -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قد روى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ»، أمامة هذه هي بنت أبي العاص، وأبو العاص بن الربيع هو زوج زينب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- بنت رسول الله ﷺ وكثير ما يُنسب أبناء بنات النبي ﷺ إلى أمهاتهن تشريفًا لقدرهن، كما يقال مثلا في الحسن -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابن فاطمة، والحسين بن فاطمة، وإمامة ابنة زينب، مع أن لهم آباء لكن شرف بنوة النبي ﷺ هو شرف عظيم.
قوله: «أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ»، يعني إنها هي ابنة أبي العاصم من الربيع بن عبد شمس، كان النبي ﷺ يصلي وهو حاملها، مع أن هذا الحمل مما لا يحتاج إليه غالبًا ولكنه شيء يسير مما يقع فيه دائمًا التَّسهُّل والتَّسامح، فكان النبي ﷺ يصلِّي وهو حاملها، وفيه دلالة -والله أعلم- على أن شيئًا قد يُخفف في النجاسات إذا كانت محمولة، فإن الجارية أحيانًا قد لا تخلو من شيء من النجاسة، وقد يحملها الإنسان مثلًا ويكون عليها حفاض مثلًا عندنا الآن في زماننا، ما كان عندهم في الزمان الأول، فيكون فيه شيء من النجاسة، فمثل هذه النجاسة لا تؤثر في الصَّلاة.
قال: «فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَ»، هذا ضابط من ضوابط الحركة اليسيرة التي لا تفسد الصَّلاة، فإن حملها لا يحتاج إلى كثير حركة، ووضعها لا يحتاج إلى كثير حركة، ثم أنه ليس من الحركات المتوالية، وفيه ردٌّ على من قال إنه إذا كان ثلاث حركات فأكثر تبطل الصَّلاة، نقول: ما هناك دلالة على هذا الأمر، ولا يقال إن هذا هو ضابط الحركة الكثيرة أو الحركة هذه اليسيرة.
بل الأظهر في ذلك -والله أعلم- أن ضابط الحركة المبطلة للصلاة: هي الحركة التي إذا رآك مَن كان خارج الصَّلاة ظنَّ أنك لست بالصَّلاة، وهذه إنما تكون بالحركة الكثيرة المتوالية التي تُستنكَر، وما سوى ذلك فالأصل فيها أنها ليست مبطلة للصَّلاة، لكنها قد تكون مُنقِصَة للصلاة إذا لم تكن لحاجة، فأمَّا إن كانت لحاجة فإنه يعفى عنها، لأن النبي ﷺ لا يفعل شيئًا يُنقص صلاته -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وقد جاء عن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عن حذيفة أنهم كانوا يقولون فيمن كان يتحرك: "لو خشع هذا لخشعت جوارحه"، وقد كان هدي النبي ﷺ وأصحابه قلَّة الحركة في الصَّلاة، ولهذا ما يكاد أحد ينقل عن النبي ﷺ أنه كان يتحرك في الصَّلاة إلا حركات يسيرة وكلها لحاجة، مثل هذه الرواية، ومثل كون النبي ﷺ كان أحيانًا يفتح الباب لمن كان يطرقه، هذه أشياء يسيرة مُتجَاوَز عنها، ومثل تقدُّم النبي ﷺ يسيرًا وتأخره يسيرًا لما رأى الجنة والنار؛ فهذه كلها من الحركات اليسيرة المعفو عنها.
والأصل بوجه عام أن يقال: إن كل حركة لا يحتاج إليها فينبغي التنزه عنها، لأن سكون الظاهر يعين على سكون الباطن، وخشوع الظاهر أيضًا معين على خشوع الباطن.
{أحسن الله إليكم.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ»)}.
هذا حديث أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وقد جاء معناه في حديث عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- الذي سبق وشرحناه، وفيه أنَّ النبي ﷺ «ويَنْهَى أنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ»[9].
قال النبي ﷺ في حديث أنس: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ»، الاعتدال في السجود بوجه عام: أن يسجد على كفيه وأن يرفع مرفقيه.
قال: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ»، فيه أن النبي ﷺ قد نهى عن التشبه بالحيوانات الصَّلاة، كل فعل يشبه الحيوان فإنه ينهى عنه، أو كل فعل من أفعال الشيطان ينهى عنه، وأفعال الشيطان قد لا نراها لكن تُنقل لنا بالنصوص كما نهى النبي ﷺ عن عقبة الشيطان، ونهى عن عقص الشعر وقال: «ذلِكَ كِفلُ الشَّيطانِ»[10]، يعني مقعده؛ فهذه جاءت بها النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأفعال الحيوانات أشياء مشهودة، منها: انبساط اليدين كانبساط الكلب، وبسط ذراعين كما ذكرناه سابقًا.
قد جاء عن النبي ﷺ أنه «نَهى عن نَقْرةِ الغُرابِ»[11] وهو الإسراع فيها كما يفعله كثير من الناس، تجد أنه ربما يصلي الركعة فلا تشعر به من سرعة صلاته، نقول: هذا مما ينهى عنه، لابد للإنسان أن يعتدل في صلاته وأن يأتي بما أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ- كما قال أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً. وَلَا أَتَمَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وقد نهى النبي ﷺ أيضًا عن «أنْ يوطِنَ الرجُلُ المَقامَ الواحدَ كإيطانِ البعيرِ»[12]، وهذا الحديث وإن كان في إسناده ضعف، لكن العلماء -رَحِمَهم اللهُ- قالوا: هذا معنى متقرر، وقوله: «كإيطانِ البعيرِ» أن يكون الإنسان مكان واحد في المسجد ما يصلي إلا فيه، نقول: هذا ما جاءت بالسنة، وهذا هو الإيطان الذي قال النبي ﷺ فيه: «أنْ يوطِنَ الرجُلُ المَقامَ الواحدَ كإيطانِ البعيرِ».
فإذًا نهى النبي ﷺ في الصَّلاة عن التشبه بالبهائم، أو بالأفعال الغير محمودة، والأصل في وجه عام في الصَّلاة: أن تكون على أكمل الهيئات، لأنها هي أكمل العبادات، فالأصل أن تكون الصَّلاة على أكمل الهيئات وعلى أكثرها مهابة وفخامة، ولهذا أمر النبي ﷺ في السجود أن يجافي ويفرج؛ لأنَّ هذا أعظم في المهابة للسجود، وأمرَ النبي ﷺ بحسن الاعتدال؛ لأنَّ هذا أعظم في الركوع، وأمر النبي ﷺ بالانتصاب في القيام؛ لأنَّ هذا أكمل، هذه كلها من تحسين أفعال الصَّلاة لتحسين القيام بين يدي الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذه كلها من المعاني التي ينبغي أن تُراعى، وهي كلها أيضًا مما يعين على الخشوع في الصَّلاة، فإنَّ الإنسان كلما استحضر هذه السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر خشوعًا في صلاته.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (بَابُ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» - ثَلَاثًا - فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ ﷺ: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا. وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَ»)
}.
هذا هو حديث المسيء صلاته، وهو من أعظم الأحاديث الواردة عن النبي ﷺ، وقد قصدها العلماء -رَحِمَهم اللهُ- بالشرح والتصنيف لوحدها؛ لأنَّ هذا الحديث هو عند جماعة من العلماء معيار بين ما يجب في الصَّلاة وما لا يجب، قالوا: النبي ﷺ علَّم هذا الرجل الجاهل الذي لم يكن يحسن صلاته علَّمه الصَّلاة، فدلَّ على أنَّ ما ذكره النبي ﷺ مِن أفعال إنما هو الواجب، وما سواه فإنه لا يجب، قالوا: لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، والنبي ﷺ منزَّهٌ عن ذلك، قالوا: فنأتي إلى هذا الحديث فنرى ما الذي ذكره النبي ﷺ فنقول بوجوبه، وما الذي لم يذكره النبي ﷺ فنقول أنه غير واجب.
لكن هذا التقرير ليس على إطلاقه، فإنه قد جاءَ ذكرُ بعض الواجبات عن النبي ﷺ في غير هذا الحديث، وليس أحد من العلماء يلتزم بهذا إلا ويُلزَم ببعض الواجبات التي قال بها مما لم ترد في هذا الحديث.
فإذًا؛ الأصل في السنة بوجه عام أن يكمل بعض بعضهم، ويقال: لعل النبي ﷺ حينما قال له ذلك إنما قاله لأن هذه هي الأمور التي لم يكن يحسنها، فأمَّا ما كان يحسنه أو ما أتى به من واجبات الصَّلاة فإن النبي ﷺ لم يذكره له، لأنه ما قال إن هذا الرجل لم يكن يحسن شيئًا من صلاته، وإنما صلَّى لكن ما كان يحسن صلاته بتمامها.
قال: (فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ»)، أمره النبي ﷺ بإعادة الصَّلاة ثلاثًا.
قال: (فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ»)، ذكر تكبيرة الإحرام، وتكبير إحرام قد انعقد الإجماع بين العلماء -رَحِمَهم اللهُ- على وجوبها، فهي أولى وأوجب التكبيرات.
قال: «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ»، ما أمره بقراءة الفاتحة، وإنما أمره بقراءة ما تيسر، فقال بعض العلماء: إنه دلالة على أنه يجوز قراءة غير الفاتحة.
ونقول: لا، هذا الإطلاق قد قيَّده حديث «لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ»[13]، فقوله: «مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ» إنما يراد به الفاتحة، وإنما يقال بجواز قراءة ما تيسَّر من القرآن مما سوى الفاتحة لمن لا يحسنها، ما يحسن الفاتحة لكن ما يحفظ إلا ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ، نقول: ما فيه بأس، اقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ، هذا هو الواجب في حقك، إذا كان ما يحسن الفاتحة ولا ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ، سبَّحَ وهلَّلَ كما جاءَ في حديث ابن أبي أوفى، «وإنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ قُرْآنٌ، فاحمَدِ اللهَ وهلِّلْه وكبِّرْه»[14].
قال: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعً»، فدل على أن الطمأنينة ركن من أركان الصَّلاة، وأنها هي لُبُّ الصَّلاة، لا بد من طمأنينة.
والطمأنينة الواجبة: أن تأتي بأقل قدر من الواجبات عليك، فمثلًا من قال بوجوب التسبيحات، قال: أن تأتي بتسبيحة، ومن قال: إنَّ التسبيح لا يجب -كما هو قول الحنفية والشافعية والمالكية- قال: الطمأنينة هي استقرار الأعضاء في هذا الموضع، أن تستقر أعضائك في الركوع، ثم ترفع وتستقر أعضائك في القيام، ثم تسجد أعضائك في السجود، بمعنى أن تأتي بها على هيئتها الشرعية بأقل القدر؛ ثم الناس بعد ذلك مستقلٌّ ومستكثرٌ.
قال: «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمً»، أمره النبي ﷺ بالاعتدال.
قال: «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا. وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَ»، يلاحظ أن النبي ﷺ ما ذكر ها هنا التكبير، وهذا أحد ما دفع بعض العلماء -رَحِمَهم اللهُ- إلى أن يقول: إنَّ تكبير الانتقالات ليست واجبة؛ لأنه ﷺ ما قال: "كبر"، قالوا: وما ذكر ها هنا التسبيحات؛ فدلَّ على أنها ليست بواجبة.
فيقال: مما يُعترض به عليكم أن يقال: ما ذكر النبي ﷺ التشهد هنا، مع أن التشهد الأخير واجب عند جماهير العلماء، وقد حُكي الإجماع عليه، فدلَّ على أنَّ الأصل في السنة أن يكمل بعضها بعضًا.
ويقال: هذا الحديث إنما هو -والله أعلم- أتى على رجلٍ قد أساء صلاته في الطمأنينة، فلمَّا أساء صلاته في الطمأنينة أرشده النبي ﷺ إلى تصحيح ما أخطأ فيه، وقد كان يصلِّي فينقُر صلاته نقرَ الغراب، فأنكر عليه النبي ﷺ وأرشده إلى الطمأنينة الواجبة في الصَّلاة.
فهذه من الأمور التي ينبغي أن تقرر في حديث المسيء صلاته -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ولعلنا نكتفي بذلك وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد.
{شكر الله لكم صاحب الفضيلة، والشكر موصول لكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام، نلقاكم بإذن الله -عَزَّ وَجَلَّ- في حلقة أخرى من هذا البرنامج والله أعلم، وصلَّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين}.
 --------------------------------
[1] فيه حديث: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وإذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ". البخاري (735).
[2] صحيح مسلم (391).
[3] صحيح البخاري (736).
[4] مسند أحمد (1713)، سنن أبي داود (749).
[5] صحيح مسلم (476).
[6] صحيح مسلم (471).
[7] صحيح البخاري (823).
[8] أخرجه أبو داود (650)، وأحمد (11169)، صححه الألباني.
[9] صحيح مسلم (498).
[10] صحيح أبي داود (646) وفيه: "رأى أبا رافعٍ مولى النَّبيِّ ﷺ مرَّ بحسنِ بنِ عليٍّ عليهما السَّلامُ وَهوَ يصلِّي قائمًا وقد غرزَ ضَفرَهُ في قفاهُ فحلَّها أبو رافعٍ فالتفتَ حسَنٌ إليهِ مغضبًا فقالَ أبو رافعٍ: أقبِلْ علَى صلاتِكَ ولا تغضَب فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ ذلِكَ كِفلُ الشَّيطانِ يعني مَقعدَ الشَّيطانِ يعني مغرزَ ضفرِهِ".
[11] صحيح أبي داود (862).
[12] أخرجه أبو داود (862)، والنسائي (1112)، وابن ماجه (1429)، وأحمد (15534).
[13] صحيح البخاري (756).
[14] صحيح البخاري (757).

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك