الدرس الثالث

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

5598 24
الدرس الثالث

المحرر في الحديث (1)

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أمَّا بعد، فهذا هو لقاؤنا الثالث في دراسة كتاب "المحرَّر" للإمام العلامة الحافظ ابن عبد الهادي -رحمه الله تعالى- وهو كتابٌ قد أوردَ فيه المؤلفُ أحاديثَ الأحكامِ، مُرتَّبةً على الأبواب الفقهية.
في اللقاءين السَّابقين ابتدأنا بكتاب الطهارة، وأخذنا أحكام المياه، وفي هذا اللقاء نتدارس -بإذن الله عز وجل- بدءًا مِن كتاب الآنية، فلعنا نقرأ هذه الأحاديث التي أوردها المؤلف.
والآنية: جمعُ إناءٍ.
ومناسبة ذكر باب الآنية: أنَّه لما ذكر المظروف -الذي هو الماء- ذكر ظرفه الذي يوضع فيه وهو الآنية، فلنبتدئ بقراءة أحاديث هذا الباب.
{الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم اغفر لشيخنا، وللمستمعين والمشاهدين.
قال المصنف -رحمه الله: (باب الآنية
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالْإِسْتَبْرَقِ» ولم يذكر السابع، متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وفي لفظ مسلم: «وعن شُربٍ بالفضةِ»)
}.
هذا الحديث متفق عليه –أي: أخرجه البخاري ومسلم.
قوله في هذا الحديث: " أَمَرَنَا " المراد بالأمر: الطلب الجازم للفعل، والأمر يَقتضي الوجوب، ويقتضي أنَّ المأمور به عِبادة، وأنَّ الفاعل له يُجزئه ويُسقط عنه القضاء عندما يفعله.
وقوله: " بِسَبْعٍ ": أي: بسبع خصال، وهي سبعة أفعال؛ لأن الأحكام الشرعية تتعلق بالأفعال، ولا تتعلق بالذوات.
وقوله: " وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ ": النهي المراد به طلب الترك الجازم، والأمر والنهي ألفاظ لها صيغ، منها الصيغة الصريحة -كما هنا.
والنهي يدل على عدد من المعاني، منها:
-       التحريم، لقوله تعالى: ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُو﴾ [الحشر: 7].
-       وفساد المنهي عنه، وعدم إجزائه في الشرع.
وقوله: " بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ ": الجنائز جمع جنازة.
واتباعها: تشييعها إلى أن يُصلَّى عليها، ثم تُقبر.
واتباع الجنائز هذا خاصٌ بالرجال، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء عن اتباع الجنائز، وقال لمن اتبعن الجنائز: «فَارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ»[2].
وقوله هنا: " أَمَرَنَا ": الأصل في الأمر أن يدل على الوجوب، ولذلك فإنَّ تشييع الجنازة واجب، ولكنه واجب كفائي، إذا قام بِه البعض سقط الإثم عن الباقيين؛ لأن المعنى هنا: هو التمكن مِن الصلاة على الجنازة ودفنها؛ وهذا يتحقق بفعل بعض النَّاس، ولا يَلزم أن يكون فِعلًا مِنَ الجميع.
وقوله: " وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ ": المريض هنا مفرد مُعرَّف بـ"ال" الاستغراقية فيفيد العموم - أي كل مريض- سواءً كان المرض مرضًا شديدًا أو مرضًا خفيفًا، سواءً كان في المستشفى أو في بيته.
والعيادة أي: الزيارة، وسميت عيادة؛ لأنها تُكرر، وقيل للعيد "عيد" لأنه يتكرر، وجمهور أهل العلم على وجوب عيادة المريض متى كان هناك سبب أو علاقة.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّها مِن فُروض الكفايات، وقد استدل مَن قال إنَّها من واجبات الأعيان، بما ورد في الحديث أنَّ الله -عز وجل- يقول للعبد يوم القيامة: «مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعِزَّةِ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، وَلَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟»[3].
وقوله: «وَإِجَابَةِ الدَّاعِي»: الداعي مِنَ الدعاء -أي الطلب- والمراد به: الطلب من الآخرين الحضور من أجل المشاركة في الوليمة.
وقد أوجبت أحاديث أخرى إجابة الداعي في وليمة الزواج، ولذا قال طائفة من أهل العلم: إنَّ مُطلق -أو عموم- لفظة "الدَّاعِي" هنا تُخصَّص بما ورد في الحديث الآخر مِن كون الدعوة الواجب إجابتها هي دعوة الزواج؛ ولذا ذهب جماهير أهل العلم إلى أنَّ إجابة دعوة الزواج واجبة بشرط أن لا يكون هناك معصية أو منكر؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يَحضر في مواطنَ المعاصي والمنكرات، والإجابة تحصل بالحضور ولو لم يطعم الإنسان، إن طعم فهذا فيه جبر لخاطر الداعي، وفيه زيادة للأجر.
وهذا يجعلك تؤكد على أنَّ هذه الأفعال -اتباع الجنازة، وعيادة المريض، وإجابة الداعي- هي مِنَ القُربات؛ ولذا ينبغي للإنسان أنْ يَنوي بفعلها استجلاب رضا ربِّ العزة والجلال، ورفعة الدرجة في الآخرة.
وننبه على أنَّ نية الأجر الأخروي هي التي ينبغي أن تكون الداعية لهذه الأفعال، ومن هنا لا ينبغي ولا يحسن بالإنسان أن يفعلها مجاملة، أو على سبيل المقابلة، أو مِن أجل أن يكون له حظ ومكانة، أو نحو ذلك، وإنَّما يفعلها مِن أَجل أن يَحصل على رضا الله، ورفعة الدرجة في الآخرة.
وقوله: " وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ ": المظلوم هو مَن وَقَعَ عليه الظلم، ونصره بإزالة الظلم عنه متى كان الإنسان قادرًا على إزالة الظلم.
ونصر المظلوم مِنَ الواجبات الكفائية، التي يجب على الأمة أن يُوجد فيها من يقوم بنصر المظلوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومً» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ: «تَحْجِزْهُ عَنِ الظُّلْمِ»[4].
ونصر المظلوم مطلوب حتى ولو كان الظالم قريبًا بشروط، منها:
ألا يتجاوز الإنسان الحدود المشروعة في طريقة نُصرة المظلوم.
وألا يُفسد حتى ولو كان على الظالم، إنما يأخذ منه الحق.
وأن يتيقن أنه مظلوم؛ لأن بعض الناس يستمع لطرف واحد، فيحكم لذلك الشخص بأنه المظلوم.
ونصر المظلوم قد يكون بنصح الظالم.
وقد يكون بدلالة بعض الأشخاص على الظالم مِن أجل القيام بنصحه، وهذا مشروع في كل حال.
وقد يكون بحجزه عن الظلم، وهذا إنما يكون لأصحاب الولايات، على اختلاف مراتب الولاية، مدير المدرسة صاحب ولاية في مدرسته، وهكذا إلى أن تصل الولايات إلى الإمام الأعظم.
وقوله: " وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ "، المقصود به: أن لا يُحنِّث صاحبه في قسمه، وإنَّما يَفعل ما يَطلب منه صاحب القسم، لكن ينبغي أن يُلاحظ أنَّ القسم لابد وأن يكون قسمًا مشروعًا، فلو كان القسم بغير الله فإنه لا يُشرع إبراره، لماذا؟ لأنه أمر مخالف للشرع، فلا يجوز أن يُسار عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»[5].
ويُشترط أيضًا: ألا يتناول به حقًّا على المُقسَم عليه، يأتيك ويقول: "أقسم عليك أن تعطيني ألف ريال". هذا تجاوز، وأخذ لحقوق المُقسَم عليه، وبالتالي لا يلزم المُقسَم عليه الإبرار بهذا القسم.
ومن الشروط المعتبرة في هذا الباب: ألا يترتب عليه مفسدة في إبرار القسم.
والأمر السادس مما أُمر به: "وَرَدِّ السَّلَامِ"، فإذا قيل لك: السلام عليكم، تقول: وعليكم السلام ورحمة الله.
ورد السلام إنما يَجب بمثل ما سُلِّمَ به؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَ﴾ [النساء: 86].
وقد اختلف أهل العلم في ردِّ السلام: هل هو واجب كفائي، أو واجب عيني؟
لو سلَّمت على مجموعة، هل يجب على الجميع أن يردوا السلام؟ أو إذا ردَّ أحدهم فإنه يكفي؟
موطن خلاف بين العلماء، والظاهر مِن مدلول الآية السابقة أنَّه واجب عيني، وبالتالي يجب على كل مِن سَمِع السلام أن يرد.
وقوله: "وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ"، معناه: أنَّ العاطس يُقال له: "يرحمك الله"، وقد جاء في الأحاديث أنَّ هذا إنما يُشرع عندما يحمد العاطس ربه، أمَّا إذا لم يَحمد فإنه لا يُشَمَّت، والتشميت أن يقول: "يرحمُك اللهُ"[6].
وقد اختلف العلماء في تشميت العاطس، هل هو من واجبات الأعيان، أو من الواجبات الكفائية؟
الجمهور على أنَّه من الواجبات الكفائية، أي: إذا وُجِدَ مَن يُشَمِّت -ولو كان واحدًا- فإنه يكفي.
ثم ذَكَرَ الخصال المنهي عنها، فالخصلة الأولى قال: "وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ"، وهذا هو مناسبة ذكر هذا الحديث في هذا الباب.
وكما تقدَّم فالنهي يدل على التحريم، لكن هنا ينبغي أن نلاحظ ثلاثة أشياء:
الأول: التفريق بين باب الأواني، وباب اللباس، فإن باب الأواني يُشَدَّد فيه ما لا يُشَدَّد في باب اللباس، ولذلك يجوز للمرأة أن تلبس الفضة -في باب اللباس- لكن في باب الآنية لا يجوز لها أن تستعمل آنية الفضة.
وهنا حُذف الفعل، الأصل أنَّ النَّهي والأمر إنما يصدق على الأفعال، لا على الذوات، وآنية الفضة هذه ذات، وبالتالي نحتاج إلى تقدير فعل، فما هو الفعل؟
هل نقدِّره كما ورد في رواية مسلم: «ونهانا عن شربٍ في آنية الفضة»؟
أو نقول: إنَّه قد حُذف الفعل فيه، فنحمله على العموم؟ وهذه يسمونها عموم المقتضى، المراد بالاقتضاء أن يكون في الكلام حذف، لا يكمل  -أو لا يصح- الكلام إلا بذكر -أو بتقدير- هذا المحذوف، وهنا نحتاج إلى تقدير فعل، فهل نقدِّر جميع الأفعال؟ أو نقصره على الفعل المعتاد، وهو الشرب؟
هذا من مواطن الخلاف عند الأصوليين، وجمهور الأصوليين على عموم دلالة الاقتضاء.
إذا تقرر هذا، فإن هذا –النَّهي- يدخل فيه اتخاذ الآنية ولو لم يُشرب فيها، ووضع الآنية للزينة -آنية الذهب أو آنية الفضة- هل يجوز أو لا؟
إن قلنا: التقدير بالشرب فقط، فلا يدل الحديث على النهي عن الاتخاذ.
وإن قلنا: التقدير بعموم الأفعال؛ فإنه حينئذ يشمل جميع الأفعال ومنها الاتخاذ.
والجمهور على تحريم اتخاذ آنية الفضة والذهب، ولو لم تستعمل؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: « .... وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»، «لَهُمْ» معناها: أنهم هم الذين يملكونها –أي غير المسلمين- «وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»، يعني أنكم لا تملكونها في الدنيا.
ويبقى البحث المهم: ما الذي يدخل في الآنية؟
وما الذي يدخل في باب اللباس؟
باب الآنية مثل: الأواني التي يُشرب فيها -فهذه آنية- ومنها: "الملاعق، والسكاكين، والشوك" هذه آنية، لا تستعمل في اللباس.
يبقى هناك أشياء يقع الاختلاف فيها، مثل: "القلم"، هل نلحقه بباب الآنية؟ أو نلحقه بباب اللباس؟ ومثله مثل: "المرايات" التي توضع على العينين، هل هي باب لباس، فيجوز للمرأة أن تضعه من الفضة، أو هو باب آنية، وبالتالي يمنع من قليله وكثيره؟ فهذه مسائل يقع التردد فيها بناءً على التردد في ذلك.
ولما نُهِيَ عَن آنية الفضة، دَلَّ هذا على أنَّ آنية الذهب تُماثِلها، وقد يُقال له دلالة التنبيه، مفهوم الموافقة، فإنَّ الذَّهب فيه مِنَ المعنى ما في آنية الفضة، فيكون الحكم لهما واحدًا، وقد وَرَدَ التَّصريح بآنية الذهب كما تقدم في الحديث الذي ذكرته قبل قليل.
وقوله: «وَخَاتَمِ الذَّهَبِ» الذهب هُنا يُراد به نَوعٌ مِن أَنواع المعادن وهو معروف، وهو الذي كان يُسمى في الزمان الأوَّل بهذا الاسم، أمَّا ما استجده الناس من أشياء حاليا لا تدخل في مسمى الذهب السَّابق -لكن المُحْدَثين سمَّوها ذهبًا، ومن أمثلة هذا: "الذهب الأبيض"، بعضهم يُسمي البترول بـ "الذهب الأسود"، فلا يدخل في هذا الباب.
وقوله «وَخَاتَمِ»: النهي هنا عن الخاتم فقط، لكن بقية أنواع الحُلي تدخل في هذا اللفظ، مثل: "السوار، القلادة، الساعة، المخزم، الخلخال في الأقدام" كلها تدخل في هذا الباب.
وهذا النهي الذي جاء في الأحاديث يُبين أنَّه مُختص بالرجال، وبالتالي فإنَّ النساء يجوز لهنَّ لبس خاتم الذهب.
وهنا تفرِّقون بين ما كان تحريمه للجميع فَيَحرُم اتخاذه، وَمَا كَان تحريمه للبعض دون البعض فَيَجُوز اتخاذه، فـ "خاتم الذهب" جاز للنساء، فجاز للرجل أن يتملَّكه، وأن يتخذه بدون أن يلبسه، بخلاف "آنية الذهب والفضة" فإنَّها محرَّمة على الجميع بلا استثناء، وبالتالي فلا يجوز اتخاذها ولا تملُّكها.
ثمَّ ذَكَرَ الحرير، والديباج، والقسي، والإستبرق، وهذه كلها أنواع من أنواع اللباس، وهي منسوبة إلى الحرير، فهذه أشياء قد نُهي عنها.
{(وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ» متفق عليه.
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» متفق عليه أيضً)
}.
هنا ذكر المؤلف حديثين متعلقين بآنية الذهب والفضة، قال: «لا تَشْرَبُو»، "لا" أداة نهي. "تَشْرَبُوا" فعل مضارع مجزوم. "فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ"، يعني تحريم الشرب فيهما، أي: آنية الذهب والفضة.
أمَّا الذهب والفضة فهذه ألقاب، وبالتالي لا يدخل في حكمها -إثباتًا أو عدمًا- غيرها مِن أنواع المعادن، فنقول: إنَّ بقية أنواع المعادن لا بأس مِن جَعل الآنية منها، ولا حَرَجَ في ذلك.
قال: «وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَ»، الصِحاف: نوع من أنواع الأواني، وذلك أنَّ الأكل يحتاج إلى إناء مبسوط، بخلاف الشرب فإنَّه لا يحتاج لذلك. وفي هذا تحريم الأكل في آنية الذهب والفضة.
وقوله: «فَإِنَّهَ» "إنَّ" هنا للتعليل، «لَهُمْ فِي الدُّنْيَ» أي أنَّ الكفار هم الذين يَملكونها؛ لأن اللام هنا لام التمليك، فَأَخَذنا مِن هذا أنَّ المسلم لا يتملك آنية الذهب والفضة، وبالتالي لا يجوز لمسلم أنْ يَبيع آنية الذهب والفضة حتى ولو على الكفار.
قال: «وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ» هذا يسمونه دلالة التقسيم، قسّم الأزمان إلى دنيا وآخرة، فلما قال: «لَهُمْ فِي الدُّنْيَ» معناها أنها ليست لكم في الدنيا، «وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ» معناها أنها ليست لهم في الآخرة، وفي هذا ينبغي للإنسان أن يَجعل الآخرة بين عينيه في كل عمل يُريد أن يُقدم عليه، هل ينفعه في آخرته أو لا؟
ثم ذكر المؤلف حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ» ذَكَرَ الأقل وَهُو الشرب، فدلَّ على أنَّ الأكثر وهو الأكل مما يدخل في هذا.
«فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ» فَذَكَر الأَقل وهو الفضة، ومعناه أنَّ الأكثر وهو الذهب يدخل في هذا الحكم، وهذه دلالة تنبيه وأولوية، أي مفهوم موافقة.
قال: «إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ»، لمَّا أَكَل في هذه الأواني أو شَرب فيها، قال ذلك.
وَيُؤخذ مِن هذا أنَّ آنية الفضة لا يجوز الشرب فيها، ويؤخذ مِن هذا أيضًا أنَّ الإناء الذي فيه نسبة مِن الفضة سواء صُبِغ به ظاهره، أو رُصِّع، أو نحو ذلك، فإنه لا يجوز الشرب فيه.
وقد استثنى أكثر العلماء ما إذا كان في الإناء ضبَّة أو ثلمة يسيرة فلا بأس أن يُلَحَّم الإناء بالفضة ولا حرج في ذلك. واستدلوا بما ورد في حديث أنس رضي الله عنه.
{(وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» أخرجوه إلا البخاري، ولفظ مسلم: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ» وقد تكلم فيه الإمام أحمد، ورواه الدارقطني من حديث ابن عمر وحسن إسناده)}.
هذا الحديث يتعلق بجلد الحيوانات، والحيوانات منها ما هو مُذكًّ، وبالتالي يكون جلده مباح الاستعمال طاهرًا ولا حرج في ذلك، كما لو ذبحوا شاة فأخذوا جلدها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يستعملون هذه الجلود في أمورهم، ومن ذلك: بيوت الشَّعر، ومن ذلك: بعض الأواني، ونحو هذا.
أمَّا بالنسبة للحيوانات التي لم تُذكى فهل جلدها طاهر يجوز استعماله أو لا؟
هناك حيوانات متعددة؛ منها الخنزير ومنها الكلب، فهذه لا يَطهر جلدها مطلقًا.
وهناك الحيوانات التي يجوز استعمالها، لكنها غير طاهرة، مثل: الحمار ونحوه من البغل وما يماثله من الحيوانات، فهذه أيضًا على الصحيح لا يجوز الانتفاع بجلدها، وذلك لأنها ميتة، ولأنه لا يمكن تذكيتها.
ويبقى عندنا الحيوانات التي تُذكَّى لكنها ماتت، فهل يجوز الانتفاع بجلدها، أو لا يجوز؟
هذا من مواطن الخلاف، ومذهب الإمام أحمد أنَّه لا يجوز الانتفاع بجلدها، وكان مما استدل به الإمام أحمد قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المائدة: 3]، فقال: ﴿الميتة﴾ فعرفها بـ "ال" الاستغراقية فتشمل جميع أجزائها.
ويستدلون بما ورد في حديث عبد الله بن حكيم رضي الله عنه قال: جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بشهر «أَلَّا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ»[7].
وجمهور أهل العلم يقولون: جلد الميتة التي يؤكل لحمها يمكن تطهيره بالدباغ، واستدلوا عليه بحديث «أَيُّمَا إِهَابٍ» الإهاب هو الجلد، «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ»[8]، قال أخرجوه -يعني السبعة- إلا الإمام البخاري.
فهذا ظاهره يدل على مذهب الجمهور، وهناك مَن قَال: إن َّكلمة "إِهاب" للجلد قبل الدباغة، وبالتالي الممنوع منه هو الجلد قبل الدباغة.
{(عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، قَالَ: «لَا تَأْكُلُوا فِيهَا إِلَّا أَنْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَ» متفق عليه)}.
هذا الحديث يتعلق بآنية غير المسلمين –أي آنية الكفار- وهل يجوز الانتفاع بها أو لا؟ وهل هي طاهرة أو نجسة؟
وللعلماء ثلاثة أقوال:
-       منهم مَن يقول: إنَّ الأصل طهارة الآنية بما فيها آنية الكفار، ويستدلون عليه بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل في الآنية المصنوعة عند الكفار ويشرب فيها.
وجاء في الحديث أنهم أتوا بمزادتي امرأة مشركة فيها ماء، فشربوا من الماء وتوضأوا منه[9].
-       وهناك مَن يَرى أنَّ آنية أهل الكتاب نجسة وأنها لا تتطهر، واستدلوا بما ورد في حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، قَالَ: «لَا تَأْكُلُوا فِيهَا إِلَّا أَنْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَ»[10]، ولكن ظواهر الأحاديث كما تقدم تدل على أنه يجوز استعمال آنية المشركين.
{(وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه توضأوا من مزادة امرأة مشركة. متفق عليه، وهو مختصر من حديث طويل.)}
قوله "من مزادة": المزادة يعني القربة الكبيرة، سميت مزادة لأن الناس يتزودون من الماء الذي هو فيها، وقصة هذه المرأة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لحقهم العطش في سفرة سافروها، فأرسل بعض أصحابه ليأتوا بخبر الماء، فوجدوا امرأة تغادر من أهلها يومًا كاملاً لتصل إلى الماء، فتملأ مزاديتها وتعود إليهم في يوم آخر.
هؤلاء الصحابة الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم وجدوا هذه المرأة فقالوا: انطلقي إلى هذا الرجل -إلى رسول الله- قالت: الصابئ؟! قالوا: كما تقولين.
فذهبت معهم وأُخذ ماؤها وَسُقى مِنه النَّبي صلى الله عليه وسلم وَسُقى أصحابه، ثم لم ينقص من المزادة شئ، بقيت المزادة على حالها، بركة من عند الله -سبحانه وتعالى.
الشاهد في هذا: أن هذه مزادة مملوكة لامرأة مشركة، ومع ذلك أجاز النبي صلى الله عليه وسلم استعمالها والوضوء من مائها.
{(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْكِ سِقَاكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إنَاءَكَ وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»)
}
ذكر المؤلف هنا حديث جابر قال فيه: «أَوْكِ سِقَاكَ»: فالسقاء ما يضعون فيه الماء من القِرب ونحوها.
والوكاء: الحبل الذي يربط به رأس السقاء، ولذلك في الحديث الآخر قال: «اعْرِفْ عِفَاصَهَ»[11]، العفاص: قطعة القماش، والوكاء: الحبل الذي يربط فيه ذلك القماش الذي يوضع لحفظ المال. فهنا أمر بتوكية السقاء.
قال: «وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ» أي: عندما تفعل هذا الفعل يُشرع لك أن تذكر اسم الله، بأي نوع من أنواع الذكر سواءًا تهليلًا أو غيره.
قال: «وَخَمِّرْ إنَاءَكَ»: أي: غطِّ الإناء، لماذا نذكر اسم الله؟ لنحفظه –أي الإناء- فهناك ذكر وهناك بذل للسبب، فبذل السبب في وكاء السقاء –أي في تخمير الإناء- وهناك توكل على الله، قال: «وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ» لحفظ ذلك المال.
قال: «وَخَمِّرْ إنَاءَكَ» خَمِّر يعني غطِّ إناءك، لأن الآنية ينبغي ألا تكون مكشوفة، وإنما تكون مغطاة لئلا يدخل فيها شئ من الهوام.
قال: «وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودً»، سبق أن طالَبَهُ بتخمير الإناء، فيقول: أقل مقدار مجزئ أن تأتي بعود وتضعه على الإناء، مِن أجل أن يحفظه مِن مثل هذه الهوام، قال: «وَخَمِّرْ إنَاءَكَ» أي: غطِّه.
« وَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ...» يعني ولو لم تستطع مِن تخمير الإناء إلا أن تعرض عليه عودًا، تأتي بعود من أعود الأشجار فتعرضه على ذلك الإناء.
وفي اللفظ الآخر قال: «غَطُّوا الْإِنَاءَ» أمر للمجموع، قال: «وَأَوْكُوا السِّقَاءَ» أي: اربطوا أسقيتكم، لأنهم كانوا يضعونها في قِرب فتحتاج أن يُربط رأسها مِن أَجل ألا يصب زيتها أو ماؤها أو سمنها.
قال: «فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً» يعني في إحدى ليالي السنة «يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ» أي: مرض ينتقل وينتشر بسرعة، «لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»، وذلك لأنها لم تحفظ على الطريقة المشروعة.
وبهذا نكون قد انتهينا من كتاب الآنية، وأُذَّكر هنا بعدد من المسائل التي أخذناها في هذا الباب:
أولها: النهي عن أواني الذهب والفضة، لكن هل يدل هذا على أنَّ الوضوء بهذه الأواني فاسد أم لا؟ لماذا؟
لأن النهي عن أمر خارج عن الفعل، عندك إناء ذهب، فأنت تغرف ثم تغسل يدك، العبادة في غسل اليد، وغسل اليد أمر منفك عن استعمال آنية الذهب والفضة.
وأما المسألة الثانية من مسائل هذا الباب: فتتعلق بحكم الجلد، واتخاذه وذكرنا تفصيل المسألة، إن كان من حيوان مذكًّ فإنه يكون حلالًا، ينتفع به، ويصلى فيه، ويجوز بيعه.
والمسألة الثالثة: الجلد من الميتة من غير المذكى، وهذا إن كان من الحيوانات التي لا تؤكل فالجمهور على منع القول بطهارتها، وإن كانت مما يؤكل فإن العلماء مختلفون فيها إذا ذكيت، هل تحل أو لا.
ثم ذكر المؤلف بعده ما يتعلق بآنية المشركين، وذكر فيه حديثين، وتفصيل المسألة فيما إذا لم يجد غير هذه الأواني، وعُلم أن هذه الأواني ليست مما يخالط النجاسات، فيقع الخلاف والنزاع هنا.
ثم تكلم عن وكاء السقاء وتغطية الآنية، وذكر العلة والسبب في هذا الباب.
وفي هذا إثبات أن الأمراض تنتقل بين الناس، وأن معنى حديث «لا عدوى» أي: لا تنتقل بنفسها، وإنما تنتقل بقدر الله -سبحانه وتعالى.
وفي هذا الحديث مشروعية بذل الأسباب، من تغطية الإناء ووكاء السقاء؛ فهذه أسباب، قد أُمر بها لتحصيل الماء.
هذا خلاصة ما في هذا الباب، ولعلنا نستمع إلى شئ من تعليقاتكم أو أسئلتكم في هذا الباب.
{جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل، بالنسبة لاتخاذ آنية الذهب والفضة للرجال، فمثلا لو أن رجلًا ما كان يعرف الحكم سابقًا وكان يملك آنية الذهب والفضة ويتخذها، فإذا عرف أنه لا يجوز له بيعها. فماذا يفعل فيها؟}
العلماء يقولون: إنَّ مَن كان عنده آنية الذهب فإنه يصهره ويقلبه حليًا، وبعض العلماء يقول بعدم جواز الاتخاذ وبالتالي يجيز له البيع كما تقدم، لكن الأظهر هو عدم جواز البيع وعدم صحته، وبالتالي فإنه يتمكن من قلبه إلى أشياء أخرى يتمكن من الانتفاع بها.
{أحسن الله إليكم وبارك فيكم، ما حكم اتخاذ سنِّ الذهب}
ما رأيكم؟ سنُّ الذهب لباس أو آنية؟
{لباس}
هو لباس، إذن هو حلال للنساء، بشرط ألا يشاهده الرجال، يعني لا يجوز للمرأة أن تظهر أي زينة، قال تعالى: ﴿ولَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: 31]، إذن النساء واضح الحكم فيهن، ما الحكم للرجال؟ هو من باب لباس وليس من باب الآنية، فبالتالي نقول هو يمنع منه الرجل؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذان حلالان على إناث أمتي حرام على ذكوره»[12] قصد بذلك الحرير والذهب.
نقول: الأصل أن الرجل ممنوع من استعمال الذهب في بدنه، إلا أوقات الضرورات، إن كان عنده ضرورة فللضرورة أحكامها.
{ما يتعلق بعيادة المريض، الآن فيه جوالات واتصالات، فهل ممكن يقوم مقام عيادة المريض؟}
ما رأيكم؟
على كلٍّ؛ هو لا شك أنه مأجور باتصاله، لكن هل يكفي عن العيادة؟ إن أذِنَ له صاحبه المريض وقال لا تأتي، أو استأذنه فقال لا آذن لك في المجيء، حينئذ واضح أنه لا يلزمه.
أسأل الله -جلَّ وعلا- أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
اللهم فقهنا في سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وأسأله -جل وعلا- أن يوفق إخواني من مخرجين وفنيين ممن يُرَتِبُ هذا اللقاء، وأشكركم إخوتي الأعزاء، وأشكر المشاهدين الكرام بارك الله فيهم، وجزاهم الله خير الجزاء، وأشكر الجميع، وأسأل الله -عز وجل- للجميع التوفيق لخيري الدنيا والآخرة، وأسأله -جل وعلا- أن يصلح أحوال الناس جميعًا، كما أسأله جل وعلا أن يبعد عنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن ينزل في قلوب العبادة مهابة له وخشية منه وخوفًا يجعلهم لا يقدمون على شيء من معاصي الله، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-------------------------
[2] المجموع للنووي 5/277 وضعفه، العلل المتناهية لابن الجوزي 2/902 وضعفه، وقد ضعفه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2742)
[3] صحيح مسلم 2569
[4] صحيح البخاري 2444، ولفظه "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، أنصرُه إذا كان مظلومًا، أفرأيتَ إذا كان ظالمًا كيف أنصرُه؟ قال: "تحجِزُه، أو تمنعُه، من الظلمِ فإنَّ ذلك نصرُه".
[5] صحيح البخاري (6270) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[6] صحيح البخاري (6224) ولفظه: "إذا عطس أحدُكم فليقلْ: الحمدُ للهِ، وليقلْ له أخوهُ أو صاحبُه: يرحمُك اللهُ، فإذا قال له: يرحمُك اللهُ، فليقلْ: يهديكم اللهُ ويصلحُ بالَكم".
[7] سنن الترمذي (1729)، صححه الألباني في صحيح أبي داود (4128).
[8] المجموع للنووي (1/214)، صححه الشيخ أحمد شاكر في التعليق على مسند الإمام احمد (4/144).
[9] صحيح ابن حبان (1301)، وأصله في صحيح مسلم.
[10] صحيح البخاري (5788) ولفظه: "أمَّا ما ذكَرْتَ أنَّك بأرضِ قَومٍ أهلِ الكتابِ تأكُلُ في آنِيَتِهِم : فإن وجدْتُم غيرَ آنِيَتِهِم فلا تأكُلوا فيها، وإن لم تجِدوا فاغسِلوها ثم كُلوا فيها".
[11] صحيح مسلم (1722). ولفظه: " فاعْرِف عِفاصَها ووِكاءَها".
[12] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (8/13)، وابن حزم في المحلى (7/421)، وصححه الألباني. ولفظه: " إنَّ هذَيْنِ حرامٌ على ذُكورِ أُمَّتي وأُحِلَّا لإناثِهم".

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك