الدرس الثاني

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

3608 24
الدرس الثاني

المحرر في الحديث (3)

بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحييكم إخواني، وأخواتي المشاهدين الأعزاء الأكارم في درس جدي من دروس البناء العلمي، وكما لا أنسى أن أحيي باسمي وباسمكم جميعًا معالي الشيخ الدكتور: سعد بن ناصر الشثري. أهلًا بكم معالي الشيخ}.
الله يحييك، وأهلًا وسهلًا، وأرحب بك وبإخواني المشاهدين، وأسأل الله -جلَّ وعَلا- أن يجعل هذا اللقاء لقاءً نافعًا مباركًا من أسباب رضى رب العزة والجلال.
{سنشرع في هذا اليوم -بإذن الله- من كتاب المحرر عند قول المؤلف -رحمه الله: (بَابُ الْإِحْرَامِ وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ
عَنْ سَالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: بَيْدَاؤُكُم هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا، مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، يَعْنِي ذَا الحُلَيْفَةِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَلمْ يَذكر البُخَارِيُّ: الْبَيْدَاءَ.
وَعَنْ خَلاَّدِ بنِ السَّائِبِ الْأنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِيَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُم بِالإهْلالِ -أَو قَالَ: بِالتَّلْبِيَةِ» يُرِيدُ أَحَدَهُمَا. رَوَاهُ أَحْمدُ وَأَبُو دَاوُد -وَهَذَا لَفظُهُ- وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّان وَالتِّرْمِذِيُّ -وَصَحَّحَهُ.
وَعَنِ ابْنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم: «لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاويلاتِ، وَلَا البَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُما أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ، وَلَا الوَرْسُ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لمسلمٍ، وَفِي لَفْظٍ للبُخَارِيِّ: «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ».
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لإحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ. متفقٌ عَليه.
ولمسْلمٍ: كُنْتُ أُطَيِّبُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يَطُوفُ على نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيْبًا.
وَعَنْ صَفْوَانَ بنِ يَعْلَى بنِ أُميَّةَ: أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمرَ بنِ الْخطَّابِ: لَيْتَني أَرَى نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالجُعْرَانَةِ، وَعَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ، مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِم عُمَرُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطيبٍ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاعَةً، ثُمَّ سَكَتَ، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ: تَعَالَ، فجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغِطُّ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنهُ فَقَالَ: «أَيْنَ الَّذِي سَأَلَني عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفَا؟» فَالتُمِسَ الرَّجُلُ فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا الطِّيْبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَع فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ». مُتَّفقٌ عَلَيْهِمَا وَاللَّفْظُ لمسْلمٍ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ -رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ». رَوَاهُ مُسلمٌ.
وَعَنْ أَبي قَتَادَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى إِذا كُنَّا بالقَاحَةِ فَمِنَّا الـمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيرُ الـمُحْرِمِ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَراءَونَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ فَإِذا حِمَارُ وَحْشٍ، فأَسْرَجْتُ فَرَسِي، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي -وَكَانُوا مُحْرِمِينَ- نَاوِلُوني السَّوْطَ؟ فَقَالُوا: وَاللهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَنَزَلْتُ فَتَناوَلْتُهُ، ثمَّ رَكِبْتُ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي، فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُم: كُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُم: لَا تَأْكُلُوهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَامَنا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: «هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ». مُتَّفقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لمسلمٍ، وَفِي لفظٍ: «هَل مِنْكُم أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَ».
وَعَنْ الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ: أَنَّهُ أَهْدَى لرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بالأَبْواءِ -أَو بِوَدَّانَ- فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا فِي وَجْهِي قَالَ: «إِنَّا لم نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، والحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، والفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لفظٍ: «فِي الحِلِّ وَالحَرَمِ»، وَلمسلمٍ: «والغُرَابُ الأَبْقَعُ».
وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. وَلفظُ مُسْلِمٍ: «مَنْ أَتَى هَذَا البَيْت».
وَعنْ ابنِ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. مُتَّفقٌ عَلَيْه.
وَعَنْ عبدِ اللهِ بنِ حُنَينٍ عَن عبدَ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ والمِسْوَرَ بنِ مَخْرَمَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّهُما اخْتَلَفَا بالأَبْواءِ فَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، فَأَرْسَلَني ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْألُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَينَ القَرْنَيْنِ وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقلْتُ: أَنا عَبدُ اللهِ بنُ حُنَيْنٍ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عبدُ اللهُ بنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ: «اصْبُبْ» فَصَبَّ عَلَى رَأْسَهُ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لمسلمٍ.
وَعَنْ عبدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِي لَكُمْ عَامَّةً. حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَرَى الوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى» أَو «مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً؟» فَقُلْتُ: لا،فَقالَ: «فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَو أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِيْنٍ نِصْفُ صَاعٍ». مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا لفظُ البُخَارِيِّ)
}.

الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أمَّا بعد:
قول المؤلف -رحمه الله: (بَابُ الْإِحْرَامِ).
الإحرام المراد به: نيَّة الدخول في النُّسك، فإذا وُجد عقد جازم في القلب أن الإنسان سيدخل في النُّسك في الحال، ويُرتب عليه اجتناب المحظورات؛ قيل: إنه أحرم.
أما الرغبة وإرادة الإحرام فهذه ليست إحرامًا، إنما الإحرام: النية الجازمة بدخول النسك في الحال.
وقوله: (وما يُحرم فيه)، أي: ما هي الثياب التي يجوز للمحرم أن يُحرم فيها؟.
وأورد المؤلف في هذا الباب عددًا من الأحاديث المتعلقة بأحكام الإحرام، وذكر محظورات الإحرام.
فأول ذلك: حديث سَالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: بَيْدَاؤُكُم)، البيداء: مكان مرتفع في جوار وادي ذي الحليف، كما تقدَّم معنا أنَّ المواقيت أودية، وذو الحليفة وادٍ، والبيداء طرف هذا الوادي الذي ارتفع عن مجرى السَّيل، وعنده شجرة.
قال: (بَيْدَاؤُكُم هَذِهِ)، اختلف الصحابة في الموطن الذي أحرم فيه النبي -صلى الله عليه وسلم:
فروى جماعة أنه أحرم بعد الصلاة.
وروى آخرون أنه أحرم بعدما ركب ناقته.
وروى آخرون أنه أحرم بعدما ارتفع على البيداء عند الشجرة.
فهذه ثلاث روايات، ظاهرها التعارض، ولكن في حقيقة الأمر ليس بينها تعارض، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحرم ولبَّى بعد الصَّلاة، ثم بعد ذلك لمَّا ركبَ لبَّى مرةً أخرى، فظنَّ بعض الناس ممَّن لم يسمع تلبيته الصَّلاة أنَّه إنَّما لبَّى عندما أراد أن يصعد على ناقته، ثم لمَّا ارتفع على البيداء واستقل بها وجاء عند الشجرة لبَّى مرةً ثالثة، فظنَّ آخرون أنَّه إنما أحرمَ في هذا الموطن، وهو إنَّما لبَّى في هذه المواطن الثلاثة، فيكون إحرامه على الصحيح في الموطن الأول.
ولذا نقول: إنه يستحب للإنسان عند وروده لوادي الميقات أن يُحرم في جانبه الأول، ولكن لو أحرم في أي جزء من أجزاء الوادي جاز له ذلك وصحَّ إحرامه؛ لأنَّ الشَّرع قد علق حكم الإحرام بكونه في الوادي، ففي أي جزء من أجزاء الوادي أحرم الإنسان صحَّ إحرامه، وإن كان الأفضل والأحسن أن يُحرم في أول الوادي كما هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عمر: (بَيْدَاؤُكُم هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَ)، أي: أنكم تقولون إنه أحرم لما ارتفع على البيداء.
فرد عليهم ابن عمر فقال: (مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ)، أي: من مكان الصَّلاة الذي يُصلَّى فيه، وابن عمر شاهد إهلال النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتلبية هنا.
وفي هذا دلالة على أنه يُستحب رفع الصوت بالتلبية أول النُّسك؛ لأنه أهلَّ، والإهلال فيه رفع صوتٍ، ولذا يقال للصبي عندما يخرج من بطن أمه: "أهلَّ" بمعنى أنه رفع صوته صارخًا باكيًا بعد الولادة.
وقوله: (يَعْنِي ذَا الحُلَيْفَةِ)، يعني: مسجد ذا الحليفة.
ثم أورد من حديث خَلاَّدِ بنِ السَّائِبِ الْأنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ»، أي: أتاه بوحي يذكر له حُكمًا شرعيًّا، فقد يأتي إليه بالوحي المتلو من كتاب الله -عزَّ وجلَّ- وقد يأتي إليه بحكم شرعي.
قال: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي»، هنا قاعدة أصولية وهي: هل الأمر بالأمر بالشيء أمر به؟ فهنا أُمِرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يَأْمُر أصحابه، فهل هو مأمور بذلك؟
الصواب أن نقول: نعم هو مأمور بذلك.
قال: «فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي»، والأصل في الأوامر أن تكون للوجوب، ولذلك ذهب الحنفية إلى وجوب التلبية، والجمهور على عدم وجوبها، وقالوا: إن الحديث إنما هو في رفع الصوت، وبالاتفاق بيننا وبين الحنفية أن رفع الصوت ليس بواجب.
قال: «فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي» لفظة "الأصحاب" تطلق على الرجال دون النساء، ولذلك رأى بعضهم أن رفع الصوت بالتلبية إنما يكون للرجال.
وبعضهم رأى أن هذا اللفظ يدل على استحباب أن تكون التلبية بلفظ جماعي، ولكن ليس في الحديث شيء من ذلك، إنما هو أمر برفع الصوت بالتلبية، ولذا لم يكن من شأن الصحابة أن يلبُّوا بتلبية جماعية، بل كان لهم ألفاظٌ في التلبية مختلفة، ولذا قال أنس: (فمنَّا المكبر، ومنا الملبي، ولم يعب أحد على أحد شيئً).
وقوله: «أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُم بِالإهْلالِ -أَو قَالَ: بِالتَّلْبِيَةِ»، فيه استحباب رفع الصوت بالتلبية للرجال على أن يكون ذلك على سبيل الانفراد لا على سبيل الاجتماع.
أورد المؤلف بعده حديث ابْنِ عُمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- بإسناد صحيح متفق عليه: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)، لاحظ كلمة "رجل" لأن هذه الأحكام متعلقة بالرجال، وذلك أن ترك المخيط وترك تغطية الرأس إنما تجب على الرجال في الإحرام دون النساء.
قال: (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟)، أي: حال إحرامه.
قوله: (مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ) أي: ما الذي يجوز له أن يلبسه؟.
فانظر! السؤال عن المباح والحلال، والجواب عن المحرَّم والمحظور، وذلك أن المحرَّم محصور، والمباح غير محصور.
قوله صلى الله عليه وسلم:«لَا تَلْبَسُوا القُمُصَ».
الأمر الأول مما يتركه المحرم: القميص.
القميص: ثوب يُغطي جميع البدن، هذا الذي نلبسه على أبداننا ويغطي جميع البدن يُقال له: "قميص"؛ لأنه يُغطي جميع البدن، وما كان له أكمام ويغطي البدن ويدخل الإنسان برأسه فيه هذا يقال له "قميص"، أمَّا مثل هذا الثوب بعضهم يسميه "قباء" وقد يكون له تسميات أخرى، والمحرم كذلك ممنوع من مثل هذا اللباس؛ لأنه قد فُصِّل على قدر العضو ويشبه القميص، وإذا أدخل أكتافه ويديه كان كذلك بالاتفاق، وأمَّا إذا أدخل كتفيه ولم يدخل يديه فهناك اختلاف فقهي في حكمه، والأولى بالمحرم أن يجتنبه.
قوله صلى الله عليه وسلم: «وَلَا العَمَائِمَ»
الأمر الثاني مما يتركه المحرم: العمائم.
والعمامة: لباس على الرأس، ويشعر هذا أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه، كما أنه ممنوع من لبس ما فصل على قدر العضو في بدنه.
ومثل العمائم: الغترة والشماغ والطاقية والطربوش، ونحو ذلك؛ فإنها تماثله في الحكم من حيث كونها تغطية للرأس.
قال: «وَلَا السَّرَاويلاتِ»، وهي ثياب مفصلة على قدر أسفل البدن، وما كان مثل السراويل فإنه يأخذ حكمها في منع المحرم من لبسها، ومن ذلك "التُّبان" وهو الذي يكون قصيرَا لستر العورة المغلَّظة.
وكثير من علماء العصر يرون أنَّ ما كان مخيطًا على مقدار البطن فإنه يأخذ حكم السراويل، وذلك أنه قد فُصِّل على هذا المقدار، ومن أمثلة هذا "التَّنورة"، وما ماثلها.
قال: «وَلَا البَرَانِسَ»، البرنس: ثياب تغطي جميع البدن والرأس، فهذه أيضًا يُمنع المحرم منها.
ومثل: القُمُص ما كان لباسًا على قدر أعلى البدن، مثل البالطو والجاكيت، والفنائل؛ فإنها تماثله في الحكم.
قال: «وَلَا الْخِفَافَ»، الخف: ما يغطي القدمين ويسير فيه الناس، ويكون مغطيًا للقدمين والكعبين وشيء من الساقين. والخف يُمنع المحرم من لبسه.
قال: «إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ»، يدخل في النعلين الأحذية التي ليس لها عقب، ويدخل فيها ما كان له سيور تربط القدم به، فمن وجد النعلين لم يجُز له لبس الخفاف، ومن لم يجد النعلين فحينئذٍ لا بأس أن يلبس الخف.
قال: «إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ»، وقوله هنا: «فَلْيَلْبَسِ» هنا فعل مضارع مسبوق بلام الأمر، الأصل أنه يدل على الوجوب، ولكنه أمر بعد النهي فيُحمل على الإباحة.
قال: «وَلْيَقْطَعْهُما أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ»، أي: أنه إذا لم يجد إلا خفافًا تغطي الكعبين فظاهر هذا الخبر أنه يؤمر بقطع الخفين ليكون الخف أسفل من الكعبين، وظاهر هذا الخبر قال به طائفة من الفقهاء، لكن ورد في حديث ابن عباس -رض الله عنهما- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ» ، ولم يذكر القطع، ولذلك قال بعض الفقهاء: لا يلزم لمن فقد النعلين أن يقطع الخفين عند لبسهما.
ومنشأُ الخلاف في هذه المسألة: أن حديث ابن عمر هذا كان في الطريق من المدينة إلى مكة، وحديث ابن عباس في يوم عرفة.
فقال طائفة: حديث ابن عباس المتأخر فنأخذ به.
وقال آخرون: حديث ابن عمر مقيِّد، والتقييد والتخصيص لا يشترط فيه التأخر.
والقول الثاني أظهر من جهة القاعدة الأصولية.
قال: «وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ»، فيه النهي عن استعمال الطيب، ومن أنواع الطيب: الزعفران.
قال: «وَلَا الوَرْسُ»، وهو نوع من أنواع الطيب، وفيه دلالة على أنَّ المحرم ممنوع من استعمال الطيب حال الإحرام، سواء كان الطيب في ثيابه، أو كان الطيب في بدنه.
ولكن هناك تفريق: الطيب الذي لا يلمسه المحرم مُطلقًا، وأما ما كان على البدن قبل الإحرام يجوز إبقاؤه، ولكن لا يجوز وضع شيء من الطيب جديد بعد الإحرام والدخول في النسك، وهذا هو ظاهر النصوص في هذا الباب، وهو قول الجماهير، وخالفهم الإمام مالك -رحمه الله تعالى.
قال المؤلف: (وَفِي لَفْظٍ للبُخَارِيِّ: «وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ»)، النقاب: هو غطاء للوجه يكون فيه نقب أمَّا العين، معناه أن المرأة تلبس سادلًا تسدله على وجهها، لكنها لا تلبس النقاب؛ لأنَّ وجه المرأة يماثل بدن الرجل، فبدن الرجل لا يلبس فيه ما كان مفصلًا على مقدار العضو، والنقاب مفصل على مقدار الوجه وهو عضو من أعضائها، فبالتالي تُمنع المرأة من النقاب حال الإحرام، وتؤمر بلبس السادل الذي ليس فيه نقاب.
وفي هذا دلالة على أنَّ المرأة غير المحرمة يجوز لها لبس النقاب بشرط أن يكون نُقبًا أما العين، لا يُبدي شيئًا من الوجه؛ لأن هذا هو مفهوم النقاب في لغة العرب.
قال: «وَلَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ»، القفاز مفصل على مقدار اليد، ففيه أصابع على مقدار أصابع المرأة، فالمرأة المحرمة ممنوعة من لبس القفازات، فتغطي يديها بطرف عباءتها وجلبابها، ولا تلبس قفازات، وفي هذا دلالة على أنَّ المرأة في غير الإحرام يجوز لها أن تلبس القفازين.
ثم أورد المؤلف حديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- أَنَّهَا قَالَتْ: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لإحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ)، يعني: في بدنه، فكما تقدم أنَّ الثياب يُمنع من وضع الطيب عليها، وإنما يجوز وضع الطيب على البدن، ثم يدخل في النسك.
قالت: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لإحْرَامِهِ)، فيه دلالة على أنَّ الأصل في الأحكام الموجهة للنبي -صلى الله عليه وسلم- تشمل جميع أفراد أمته.
قالت: (وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ)، من المعلوم أن الفكاك من الإحرام يُقال له: "التحلل"، وهو نوعان: تحلل أول، وتحلل أكبر -أو أخير.
التحلل يرتبط بثلاثة أمور:
أولها: رمي جمرة العقبة في يوم العيد.
ثانيها: الحلق أو التقصير.
ثالثها: الطواف بالبيت.
فإذا فعل اثنين منهما فحينئذٍ يتحلل التحلل الأول، يحل له كل شيء من محظورات الإحرام إلا ما يتعلق بالنساء، فإذا فعل الأمر الثالث فحينئذٍ يحل له كل شيء حتى النساء.
يبقى أمر الطيب، هل هو من أمور النساء، وبالتالي لا يجوز أن يُفعل إلا بعد التحلل الأكبر كما قاله عمر وجماعة؟ أو أنه ليس من أمور النساء وبالتالي يجوز أن يُفعل بعد التحلل الأول ولو لم يكن قد وصل الإنسان إلى التحلل الأكبر؟
قالت عائشة: (وَلِحِلِّهِ)، أي: كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحلِّه قبل أن يطوف بالبيت، يعني: بعد التحلل الأول، عندما رمى الجمرة، وحلق -صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا دلالة على أنَّ الطيب يجوز استعماله بعد التحلل الأول، ولم يحصل هناك تحلل أكبر.
وفي هذا استحباب استعمال الطيب، فإنه فعل النبي -صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الاستدلال بأفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنَّ الأصل أن الأمة تشاركه في حكم أفعال.
{أحسن الله إليكم يا شيخ..
بعض النساء تستثقل السادل، فترققه فقد يكون كاشف للوجه. فما رأيكم؟}.
هذا من الأمور التي يجب على المرأة أن تلاحظها بتغطية وجهها أمام الرجال الأجانب.
أورد المؤلف هنا من حديث عائشة، انها قالت: (كُنْتُ أُطَيِّبُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ يَطُوفُ على نِسَائِهِ)، فيه جواز مرور الإنسان على نسائه في ليلة واحدة.
قالت: (ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَحُ طِيْبً)، فيه دلالة على جواز إبقاء الطيب على البدن لمن دخل في الإحرام والنسك كما هو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم.
ثم أورد المؤلف من حديث صَفْوَانَ بنِ يَعْلَى بنِ أُميَّةَ، وصفوان تابع، ووالده يعلى صحابي.
قال: (أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمرَ بنِ الْخطَّابِ -رضي الله عنه: لَيْتَني أَرَى نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ)، وفي لفظ (حين يَنزِلُ عليه) يعني: الوحي.
قال: (فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بالجُعْرَانَةِ)، بعد معركة الطائف، فالجعرانة في حدود الحرم.
قال: (وَعَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ)، يعني: فوقه الثوب قد ظلل من الشمس بهذا الثوب.
وهذه اللفظة يحتمل أن تكون حال إحرام النبي -صلى الله عليه وسلم- مما يدل على أنَّ تغطية الرأس بغير ملاصق جائزة بالنسبة للمحرم، وإنما يُمنع من تغطية المحرم لرأسه بغطاء ملاصق.
قال: (وَعَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ عَلَيْهِ)، فيه جواز مزاولة الأسباب.
قال: (مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِم عُمَرُ)، فيه استحباب الصحبة في الأسفار ونحوها.
قال: (إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةٌ من صوف)، الجبة: نوع من أنواع الثياب يغطي جميع البدن.
والصوف: نوع من أنواع النبات يُستقى منه الثياب.
قال: (مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ)، أي: يجعل على بدنه الطيب وخالطه ببدنه.
فَقَالَ الرجل الذي جاء وعليه جبة وطيب: (يَا رَسُولَ اللهِ كَيفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطيبٍ؟)، هذا الرجل جاهل، ولا يعرف الحكم، وبالتالي أفتاه النبي-صلى الله عليه وسلم- بإزالة محظور الإحرام.
قال: (فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاعَةً، ثُمَّ سَكَتَ، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ)، في هذا دلالة على أنه لا يجوز للإنسان أن يتكلم بمسألة وأن يذكر حُكمًا شرعيًّا إلا إذا عرف أدلة المسألة، وعرف ما ورد فيها من الكتاب والسنة، فإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يتوقف عن إعطاء الحكم حتى ياتيه الوحي، فنحن من باب أولى.
قال: (فَجَاءَهُ الْوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ: تَعَالَ)، فيه جواز استعمال الإشارة في الخاطب بين الناس متى كانت مفهومة.
قال: (فجَاءَ يَعْلَى فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ)، يعني في الخيمة التي فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في منطقة الثوب الذي ظلل به النبي -صلى الله عليه وسلم.
قال يعلى: (فَإِذا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُحْمَرُّ الْوَجْهِ)، يعني: سينزل عليه الوحي، وشأن الوحي شديد.
قال: (يَغِطُّ سَاعَةً)، لأنه قد تأثر بهذا الوحي الذي جاءه.
قال: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنهُ)، أي: كُشف ما كان به من احمرار الوجه ومن الغطيط الذي هو فيه.
فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ الَّذِي سَأَلَني عَنِ الْعُمْرَةِ آنِفَا؟»، فيه جواب كل واحد من الناس بمسألته؛ لأن في مرات قد يأتي الجواب العام، ويظن بعض الناس أن هذا الجواب يتعلق حكمه به، ويكون عنده ضابط أو شرط أو مخالفة في ذلك الفعل.
قال: (فَالتُمِسَ الرَّجُلُ)، أي: بُحث عنه.
قال: (فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا الطِّيْبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»؛ لأنه لا يجوز أن يوضع الطيب على ثياب المحرم).
وهنا قاس بعض المالكية الطيب الذي في الإحرام أو في الثياب على الطيب الذي في البدن، ولكن هذا القياس مخالف لحديث عائشة المتقدم، وبالتالي لا يُلتفت إليه.
قال: «أَمَّا الطِّيْبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، ليزيل أثر هذا المحظور، وفيه دلالة على أن من محظورات الإحرام استعمال الطيب، وهنا لم يأمره بفدية ولا بشيء، وذلك لأن استعمال الطيب ليس فيه إتلاف، وبالتالي فإنه لا يؤمر بدفع فدية الأداء.
قال: «أَمَّا الطِّيْبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَ»، لم يأمره بتمزيقها، ولا بإتلافها، وإنما أمره بالنزع وهو إبعادها عن البدن.
قال: «ثُمَّ اصْنَع فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ»، أي: من اجتناب المحظورات التي تكون في إحرام الحج، فيكون إحرام العمرة مماثلًا لها.
ثم أورد من حديث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ»، أي: لا يتزوج، فالمحرم لا يكون زوجًا على إحرامه، يعني يبتدئ عقد النكاح، وفيه دلالة على أن من محظورات الإحرام عقد النكاح.
وهذا القول يقول به الجماهير خلافًا للحنفية، فإنَّ الحنفية يرون أن المحرم يجوز له أن يعقد عقد النكاح، ويستدلون عليه بما ورد من حديث ابن عباس ر-ضي الله عنهما- أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- عقد على زوجته ميمونة، قال: (وهما محرمان)، ولكن ابن عباس إنما وصل إليه الخبر متأخرًا، والعقد كان قبل ذلك، بدلالة أن ميمونة وهي صاحبة القصة قد فسرت ذلك، وأن من كان سفيرًا بينهما كان قد أبلغ بأنه عقد عليها وهما حلالان، فدل هذا على أنه إنما عقد حال الإحلال، ومن ثمَّ فيكون الحديث الذي في الباب صريحًا في كونه ألا يعقد المحرم لنفسه، وهكذا لا يعقد لغيره بان يكون وليًّا عليه.
قال: «وَلَا يُنْكَحُ»، أي: لا يكون وليًّا في عقد النكاح.
وهذا يشمل المرأة التي في الإحرام، فلا يجوز أن يعقد عليها، والأصل في النهي أن يكون للتحريم وأن يكون للفساد، ولذا فإن مذهب الجمهور من القول بفساد عقد النكاح الذي وقع في الإحرام أرجح لهذا الخبر.
قال: «وَلَا يَخْطُبُ»، أي: لا يتقدم بطلب عقد قران له على امرأة أخرى.
أورد المؤلف بعده حديثأَبي قَتَادَةَ-رضي الله عنه- قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى إِذا كُنَّا بالقَاحَةِ)، هو اسم مكان يبعد عن المدينة قرابة المائة كيلًا.
قال: (فَمِنَّا الـمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيرُ الـمُحْرِمِ)، هم كلهم يريدون النُّسك، فبعضهم أحرم من ذي الحليفة، وبعضهم أرجأ إحرمه ليكون من الجُحفة، ولذا قال طائفة من أهل العلم: إن من كان ميقاته أقرب إلى مكة يجوز له أن يُحرم من الميقات الأقرب، ولا حرج عليه في ترك الميقات الأبعد؛ لأن أبا قتادة ومَن معه لم يحرموا إلا من الجُحفة مع مرورهم بذي الحُليفة.
قال: (إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَراءَونَ شَيْئً)، يعني وجدهم يلتفتون وينظرون إلى شيء معهم.
قال: (فَنَظَرْتُ فَإِذا حِمَارُ وَحْشٍ)، الحمار الوحشي يجوز أكله، وهو الحمار المخطط، بخلاف الحمار الأهلي فإنه لا يجوز أهله، وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث مناديًا يُنادي: «أَلَا إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهلية» ، ولعله إن شاء الله يأتي في كتاب الأطعمة.
قال: (فأَسْرَجْتُ فَرَسِي)، أي: وضعت عليه السُّرُج، من أجل يتمكن من الجلوس عليه
قال: (وَأَخَذْتُ رُمْحِي)، لأنه يحتاج إلى الرمح في صيده.
قال: (ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي -وَكَانُوا مُحْرِمِينَ- نَاوِلُوني السَّوْطَ؟ فَقَالُوا: وَاللهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ)؛ لأن المحرم ممنوع من الصيد ومشاركة الصيد.
قال: (فَنَزَلْتُ فَتَناوَلْتُهُ، ثمَّ رَكِبْتُ، فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ)، أي: صخرة كبيرة. قال: (فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي، فَعَقَرْتُهُ)، أي: أقعدته وأجلسته لئلا يتمكن من المشي.
قال: (فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي)، أي: رجع إليهم.
قال: (فَقَالَ بَعْضُهُم كُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُم: لَا تَأْكُلُوهُ)، تحرجوا منه؛ لأنهم محرمون.
قال: (وَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَامَنا فَحَرَّكْتُ فَرَسِي)، أي: جعلته يُسرع.
قال: (فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: «هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ»).
وَفِي لفظٍ: «هَل مِنْكُم أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟»، فيه دلالة على أنَّ المحرم لا يأمر باصطياد الصيد، ولا يشير إليه بشيء ولا يُعاون عليه بأدنى شيء.
قَالُوا: (لَ)، أي: ليس منا أحد أمره أو أشار عليه.
قَالَ: «فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَ».
ثم أورد من حديث الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ: (أَنَّهُ أَهْدَى لرَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حِمَارًا وَحْشِيًّ)، والحمار الوحشي صيد.
قال: (وَهُوَ بالأَبْواءِ -أَو بِوَدَّانَ) منطقة قرب رابغ، ومثله َودَّانَ.
قال: (فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم)؛ لأن الصعب بن جثامة إنما صاد هذا الصيد لأجل النبي -صلى الله عليه وسلم- بخلاف ما لو صاد صيدًا لنفسه ثم جاء به إلى المحرم فأكل منه، فهذا جائز.
قال: (فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا فِي وَجْهِي قَالَ: «إِنَّا لم نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»)، وفي هذا أن الأفضل والأولى بالإنسان أن يقبل بالهدية، فإذا ردَّها بيَّن السبب الذي من أجله لم تقبل الهدية كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم.
ثم أورد المؤلف من حديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ»، يعني: التي تدبُّ على الأرض.
قال: «كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ»، أي: لا حرج على الإنسان في قتلها، وهو استثناء من القاعدة السابقة بتحريم الصيد على المحرم.
قال: «الْغُرَابُ»؛ لأن الغراب يُفسد مزارع الناس.
وفي لفظ قال: «والغُرَابُ الأَبْقَعُ»، أي: الذي فيه بقعة سوداء أو بيضاء.
قال: «والحِدَأَةُ»، وهي نوع من أنواع الطيور يمنع المحرم من اصطياده.
قال: «وَالْعَقْرَبُ»، يمنع المحرم من اصطياده.
قال: «والفَأْرَةُ»؛ لأنها من الدواب الفواسق.
قال: «وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»، أي: الذي يعتدي على الناس ويعقر عليهم.
لماذا أجاز هذه الأشياء؟
قالت طائفة: لأنها مؤذية بطبعها.
وقال آخرون: لأنها لا تؤكل، وبالتالي أجازوا قتل كل ما لا يؤكل.
وقال آخرون: لأنها ليست صيدًا.
ولعل الأظهر هو القول الأول من كونها تؤذي الناس بطبعها.
ثم أورد من حديث أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ للهِ»، يعني: نيته خالصة لله.
قال: « فَلَمْ يَرْفُثْ»، أي: لم يزاول شيئًا من الأمور المتعلقة بالنساء.
قال: «وَلَمْ يَفْسُقْ»، أي: لم يفعل معصية من المعاصي.
قال: «رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، أي: ليس عليه شيء من الذنوب.
وفي لفظ أنه قال: «مَنْ أَتَى هَذَا البَيْت».
ثم أورد المؤلف حديث ابنِ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (أَنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ)، فيه دلالة على أن المحرم تجوز له الحجامة.
ومثل هذا أيضًا تحليل الدم، والتبرع بالدم، فيجو للمحرم أن يفعله.
وحينئذٍ هل من لازم الحجامة قص شيءٍ من الشعر، فقد يحتجم الإنسان في مكان لا شعر فيه، وبالتالي لا يستدل بهذا على جواز أخذ الشعر، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة:196].
ثم أورد من حديث عبدِ اللهِ بنِ حُنَينٍ (أن عبدَ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ والمِسْوَرَ بنِ مَخْرَمَةَ -رضي الله عنه)، وهم صحابة من أهل مكة.
قال: (أَنَّهُما اخْتَلَفَا بالأَبْواءِ)، يعني: بمنطقة الأبواء.
وفي هذا دلالة على أنهم لم يكونوا يزورون قبر أم النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن قبرها بالأبواء، فلم يكونوا يزورونه، ولا يُعلم أين مكان القبر بالتحديد، وهناك من جاء في عصرنا الحاضر وقال: القبر على رأس جبل! وهذا فهم سقيم، فكيف تُجعل القبور على رؤوس الجبال؟! فإنها تجعل في المواطن الحصينة على مستوى الأرض.
قال: (فَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ)، هل يجوز للمحرم أن يغسل رأسه أو لا يجوز له ذلك؟
قال ابن عباس: يغسل.
قال: (وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ), وبالتالي وقع اختلاف بينهما.
قال عبد الله بن حنين: (فَأَرْسَلَني ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَسْألُهُ عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَينَ القَرْنَيْنِ)، أي: عمودان شاخصان قد ربط بينهما بثوب.
قال: (وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقلْتُ: أَنا عَبدُ اللهِ بنُ حُنَيْنٍ)، فيه جواز السلام على من يغتسل.
قال: (أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عبدُ اللهُ بنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ)، أي: أنزله.
قال: (حَتَّى بَدَا لي رَأْسُهُ)، أي: أصبحت أشاهد رأسه.
قال: (ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ: «اصْبُبْ» فَصَبَّ عَلَى رَأْسَهُ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ)، وفيه أن المحرم يفعل ذلك.
قال: (فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُ).
ثم أورد المؤلف حديث عبدِ اللهِ بنِ مَعْقِلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بنِ عُجْرَةَ) كعب بن عجرة كان مع النبي-صلى الله عليه وسلم- في عمرة الحديبية وكثر القمل على رأسه، فنزلت فيه الآية: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: 196]، فعبد الله بن معقل سأل كعب بن عجرة عن الفدية ما هي.
قال: (فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفِدْيَةِ؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً وَهِي لَكُمْ عَامَّةً)، وفيه أنَّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قال: (حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم: «مَا كُنْتُ أَرَى الوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى. هل تَجِدُ شَاةً؟») فيه دلالة على أن من حلق شعره من أجل الوجع أنه يجب عليه الفدية، ول كان معذورًا بمرض أو بنسيان أو بجهل؛ لأن هذا الفعل فيه إتلاف، ومثله تقليم الأظافر عند جماهير أهل العلم.
وظاهر هذا الخبر أن الفدية على الترتيب، والآية ظاهرها على التخيير، ﴿فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [البقرة: 196].
قال: (فَقُلْتُ: لا،فَقالَ: «فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ») ولم يحدد أن تكون في الحرم.
قال: «أَو أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِيْنٍ نِصْفُ صَاعٍ»، وهؤلاء المساكين يكونون من مساكين مكة.
وبهذا ننتهي من باب الإحرام.
بارك الله فيك، وفيمن يشاهدنا، ورزقكم الله جميعًا علمًا نافعًا، وعملًا صالحًا، ونية خالصة. هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، على آله وصحبه أجمعين.

{وفي الختام نشكركم معالي الشيخ على ما أجدتم به وأفدتم، ولا ننسى أن نشكركم أنت أيها المشاهدون إلى أن نلتقيكم في الحلقة القادمة.
إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك