الدرس الثاني عشر

فضيلة الشيخ عبدالله بن حسن الحارثي

إحصائية السلسلة

14279 15
الدرس الثاني عشر

الآجرومية

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله الذي شرح صدور أوليائه بالإيمان، وفتح لهم أبواب النصوص بقواعد البيان، وصلى الله على مَن أنزل الله عليه الكتاب والميزان، وعلى آله وصحابته ومَن تبعهم بإحسان.
مرحبًا بطلاب العلم، حياكم الله وبياكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم، نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) للمستوى الثالث، والذي نشرح فيه المقدمة الآجرومية، للإمام محمد بن آجروم -رحمه الله- يصطحبنا بشرح هذه المقدمة فضيلة الشيخ/ عبد الله بن حسن الحارثي. باسمكم جميعا نرحب بفضيلته حياكم الله يا شيخ عبد الله}.
أهلًا وسهلًا ومرحبًا.
{أسعد الله أيامكم وأوقاتكم.
قبل أن نبدأ فضيلة الشيخ نريد أن نأخذ ملخصًا أو إجمالًا لِمَا قد درسناه قبل أن نبدأ في (باب المنادى)}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد؛ فسبق الكلام معنا عن التقسيم العام لهذا الكتاب المبارك، وهو (المقدمة) ، وما تضمنته من أقسام الكلام، وعلامات كل قسم، وما يتعلق بالإعراب، وأقسام الإعراب، وعلامات الإعراب الأصلية والفرعية، والكلام عن الأفعال: الماضي والمضارع والأمر، وعلامات كل نوع من هذه الأنواع، وأنَّ فعل الأمر مَبني على ما يجزم به المضارع، وأن المضارع يكون معربًا، وأن الماضي مفتوح الآخر أبدًا، إلى غير ذلك مما يتعلق بالمضارع من جهة نصبه وجزمه، وأقسام الجوازم.
ثم تكلم -رحمه الله تعالى-عن المرفوعات وضمنها سبعة أبواب، ثم انتقل الكلام عمَّا نحن بصدده الآن، وهو الكلام عن المنصوبات، وذكر فيها خمسة عشر، ومضى معنى الكلام عن المفعول به، والمفعول المطلق، وظرف الزمان، وظرف المكان، وكذلك ما يتعلق بـ "لا" وعملها ونحو ذلك، والآن انتقل إلى باب جديد وهو (باب المنادى) الذي سنأتي على بعض جمله وأحكامه -بإذن الله تبارك وتعالى.
قال- رحمه الله: (بَابُ اَلْمُنَادَى
اَلْمُنَادَى خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: المفرد اَلْعَلَمُ، وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ، وَالنَّكِرَةُ غَيْرُ اَلْمَقْصُودَةِ، وَالْمُضَافُ، وَالشَّبِيهُ بِالْمُضَافِ.
فَأَمَّا اَلْمُفْرَدُ اَلْعَلَمُ وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ فَيُبْنَيَانِ عَلَى اَلضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ، نَحْوَ: "يَا زَيْدُ" وَ "يَا رَجُلُ"، وَالثَّلَاثَةُ اَلْبَاقِيَةُ مَنْصُوبَةٌ لَا غَيْرُ)
.
بسم الله، والحمد لله، هنا المؤلف -رحمه الله تعالى- ذكر أمرين، وخلاصة الباب: أنواع المنادى، وكيف نعرب هذه الأنواع؟ لأنَّ كل منها له أحكامه الخاصة.
والمنادى: هو الاسم الذي يقع بعد حرف النداء.
قلنا: "الاسم" ليخرج الفعل والحرف، فالحرف لا ينادى، أي: ما تقول: "يا من يا على، يا إلى"، ولا ينادى الفعل، أي: لا تقول: "يا يحفظ" إلا إذا سمي به شخص فهذا أمر آخر؛ لأنَّ هناك من يسمي على أسماء الأفعال، مثل: "يزيد". هذه أسماء على صيغة الفعل.
المقصود أنَّ المنادى هو: الاسم الذي يقع بعد حرف النداء، يعني: المطلوب إقباله، فالمنادى والمطلوب إقباله بأداة من أدوات النداء الكثيرة ومنها وأشهرها "يا".
قال: (اَلْمُنَادَى خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ) ، تنصيصه على هذه الخمسة للتفريق بين أحكامها في الإعراب وما يتفق مع بعضها البعض في الإعراب.
بدأ بالنوع الأول من أنواع المنادى الخمسة وقال: (المفرد اَلْعَلَمُ) .
والمقصود بالعلم كما هو معلوم: هو ما يُعيَّن سماه مطلقًا، كقولك: "يا محمد، يا سعيد، يا بكر، يا محمدان، يا خالدون"، فالمقصود بالمفرد هنا -كما مر معنا في باب "لا"- هو ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف، فقوله: (المفرد) يشمل ما يدل على الواحد، وما يدل على الاثنين، وما يدل على الثلاثة، وباب المنادى هنا كما هو الحال في باب "لا"، والمفرد كقولك: "يا محمد"، هذا مفرد، "يا محمدان" هذا مفرد، "يا محمدون" هذا مفرد، صحيح أن "محمد" يدل على الواحد و"محمدان" يدل على اثنين، و"محمدون" يدل على الجماعة والمجموعة؛ لكنه يسمى مفردًا في هذا الباب.
والفائدة من توحيد إطلاق المفرد على هؤلاء: لأنَّ علامتهم الإعرابية ستكون واحدة من حيث الأصل.
النوع الثاني، قال: (وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ) ، وهي التي يقصد بها واحد معين مما يصح إطلاق اللفظ عليه، إذا قال الخطيب وهو يخطب على المنبر: "يا ظالِمًا تب إلى الله، يا مذنبا"، فـ "مذنبًا" هذا نكرة لكنها غير مقصودة، فليس هناك شخص معين هو يشير إليه، فيقول: "يا مذنب" فهذه تسمى نكرة غير مقصودة.
وضدها: النكرة المقصودة، فلمَّا تخاطب شخصًا بعينه وتتوجه إليه بالكلام وبالقصد وتقول: "يا مذنب" أصبحت هذه نكرة مقصودة، لكن لَمَّا أتكلم أنا بكلام عام وأقول: "يا مذنبًا، يا ظالمًا، يا جانيًا"، فهذه نكرة صح، لكنها غير مقصودة، ولا يقصد بها واحد معين، وهذا أخف في الخطاب مما لو عينت شخصًا وقلت: "يا ظالم" لوعظه أو زجره أو أمام الناس فلا يقبل، لكن لما تقول: "يا ظالِمًا" إذًا هذه نكرة غير مقصودة.
لماذا التفريق بين النكرة المقصودة والنكرة غير المقصودة؟
لأن لها حكمًا إعرابيًا مختلفًا، فلذلك سنبين -إن شاء الله- بعد قليل.
قال: (وَالْمُضَافُ) الذي مر معنا في قولك مثلا: "يا طالبَ العلم اجتهد".
قال: (وَالشَّبِيهُ بِالْمُضَافِ) ، هو الذي اتصل به شيء من تمام معناه، كما لو شخص ينادي مثلا: "يا حميدًا خلقَه، يا طالعًا جبلًا احذر"، أو نحو ذلك.
إذًا، عندنا المنادى:
- إمَّا أن يكون مفردا علمًا.
- وإمَّا أن يكون نكرة مقصودة.
- وإمَّا أن يكون نكرة غير مقصودة.
- وإمَّا أن يكون مضافًا.
- وإمَّا أن يكون شبيهًا بالمضاف.
الأصل في المنادى أنه يكون منصوبًا؛ لأنه في معنى المفعول به، فأنت لَمَّا تقول: "يا زيدُ" كأنك قلت: "أنا أنادي زيدًا"، فلمَّا تفك هذه الياء إلى فعل يدل على مقصود الياء، فلما تقول: "يا زيد" يعني: "أدعو زيدًا"، فـ "زيدًا" في الأصل هي مفعول به منصوب، فلذلك دائمًا المنادى يكون منصوبًا في الأصل، لكن تعرض له أحوال يكون مبنيًا في محل نصب، كما أن "لا" فيما مضى معنا لَمَّا تدخل على الاسم النكرة يُبنى في محل نصب، فكذلك عندنا هنا في باب النداء تدخل "يا" -هذه الأداة- مع ما بعدها فتتركب معه تركيبًا يوجب بناء ذلك الاسم في محل نصب، وهذه قضية مهمة جدًا.
وبعد أن استعرضنا الآن أنواع المنادى الخمسة؛ سنأتي لإعرابها تفصيلًا، كيف أنادي المفرد العلم وكيف أعربه؟
نأخذ عدة أمثلة على القسم الأول في قولك: (المفرد للعلم) ، قلنا: العلم هو الذي يعين مسماه، مثل: "محمد" يعين مسمى، "محمدان" هذان الشخصان، "محمدون" هؤلاء المجموعة من بين الناس الذين يطلق عليهم هذا الاسم وهو "محمد".
طيب لما أقول أنا: "يا محمد"، نعرب "يا" حرف نداء، "محمد" هل هذا نكرة مقصودة أو نكرة غير مقصودة؟ ليس واحدا من هؤلاء إنما هو مفرد علم، فنقول: "يا" حرف نداء مبني على السكون لا محل من الإعراب، "محمد" هنا في هذا الباب نبني المنادى الذي هو مفرد علم على ما نرفعه به، بينما هناك في باب "لا" قلنا: نبنيه على ما ننصبه به، فإذا كان في باب "لا" ذلك الاسم ينصب بالفتح فإننا نبنيه على الفتح، وإذا كان ينصب بالياء فإننا نبنيه على الياء، عندنا هنا في باب النداء نبني المنادى أيضًا، لكن لا نبنيه على ما ننصبه به، وإنما نبنيه على ما نرفعه به، فـ "محمد" لو جاءنا في سياق الكلام العادي مثل: "جاء محمد" سيرفع بالضمة، نقول: "محمدٌ" فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وأمَّا في باب النداء احذف "جاء محمد" ونادِه، ستقول: "يا محمدُ" بالضم وليس بالتنوين؛ لأنه مبنى هنا.
فنقول: في باب النداء المفرد العلم -سواء كان يدل على واحد أو اثنين أو جماعة- ستبنيه على ما ترفعه بذلك الاسم، فإذا كان هذا الاسم مفردًا ويرفع بالضمة فستقول: منادى مبني على الضم.
طيب لو قلنا: "جاء المحمدان"، فـ "محمدان" فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف؛ لأنه مثنى، وأمَّا "محمدان" في باب النداء فسنقول: " يا محمدان"، فـ "يا" حرف نداء، "محمدان" اسم مبني على الألف في محل نصب، هذه ضرورية، لماذا نقول في محل نصب؟
لأنَّ المنادى في الأصل منصوب، تقول: "أدعو محمدًا"، لكنك استعضتَّ عن هذا الفعل بأداة وهي الياء، لتعطي نفس المقصود الذي يعطيه ذلك الفعل، فلمَّا تركبت هذه الياء مع ما بعدها أصبح في هذا الحال مبنيًّا، فنقول: "يا محمدُ" منادى مبني على الضم في محل نصب منادى.
ونقول: "يا محمدان" منادى مبني على الألف في محل نصب.
ولما نقول: "يا محمدون" نقول: "يا" حرف نداء لا محلها من إعراب مبني على السكون، "محمدون" منادى مبني على الواو في محل نصب.
لو قلنا: "يا سعاد"، سنقول: "يا" حرف نداء، "سعاد" هذا اسم علم على أنثى، فنقول: "سعاد" منادى مبني على الضم في محل نصب -هذا مثل الختم- منادى مبني على الضم، منادى مبني على الألف، منادى مبني على الواو، في محل نصب.
طيب أريد أن أنادي على امرأتين كليهما تسمى "فاطمة" فنقول: "يا فاطمتان" ما نقول: "يا فاطمتين"، لأننا نبنيه على ما نرفعه به، فـ "فاطمتان" في المثنى ترفع بالألف، إذًا في باب النداء تبنيه على الألف، فتقول: "يا" حرف نداء، "فاطمتان" منادى مبني على الألف في محل نصب -لا بد من تتمة الجملة بهذا القول- كيف في محل نصب؟ نقول: لأن "يا" هذه قائمة مقام "أدعو" أي: "أدعو فاطمتين" فـ "فاطمتين" فلذلك أنا نقول مبنيًا في محل نصب.
طيب أريد أن أنادي مجموعة من الفاطمات أقول: "يا فاطماتُ" منادى مبني على الضم، لأن جمع المؤنث السالم يرفع بالضمة؛ إذًا هنا نبنيه في باب النداء على الضم، فنقول: "يا فاطمات" ونعرب "يا" حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب، "فاطمات" منادى مبني على الضم في محل نصب منادى.
إذًا هذا القسم الأول من أقسام المنادى وهو: المفرد العلم، فلما نقول: "مفرد" يشمل ما يدل الواحد وعلى الاثنين وعلى الجماعة، سواء كان لمذكر أو لمؤنث.
نأتي للقسم الثاني وهو النكرة المقصودة، هذه النكرة المقصودة التي توجهت لها بالخطاب وعينتها بالكلام وأصبح بينك وبينها صلة من جهة التَّوجُّه والقصد، هذه تأخذ نفس أحكام المفرد العلم من جهة الحكم الإعرابي، مثال: أنا أريد أن أخاطب رجلًا أمامي لا أعرفه وواحد بجواري اسمه "محمد"، فلما أنادي "محمدًا" سأقول: "يا محمدُ"؛ لأنه مفرد علم، فبَنيْته على الضم، أمَّا الرجل الذي بجواري إذا عينته بالخطاب أقول: "يا رجلُ" فنعطيه نفس حكم المفرد العلم، فكما أن المفرد العلم يُبنى في حال النداء على الضم فكذلك النكرة المقصودة تبنى على الضم، فنقول: "يا" حرف نداء، "رجل" اسم "يا" مبني على الضم، لأن "الرجل" أصلًا في حالته الإعرابية يُرفع بالضمة؛ فنحن نبنيه في باب النداء إذا كان نكرة مقصودة على الضم.
طيب عندي اثنان اسمهما "محمد" سأقول: "يا محمدان" منادى مبني على الألف في محل نصب.
طيب عندي "رجلان" نكرة إذا عينتهما بالخطاب سأقول: "يا رجلان" فأبنيه على ما يرفع به، فنقول: "رجلان" اسم "يا" مبني على الألف؛ لأنه مثنى في محل نصب منادى.
طيب لو كان عندي مجموعة من الرجال اسمهم "محمد" كيف سأناديهم؟
نقول: "يا محمدون" هنا نقول: منادى مبني على الواو في محل نصب.
طيب عندي مجموعة من المسلمين فهنا تقول: "يا مسلمون" فتقول: منادى مبني على الواو في محل نصب.
الخلاصة في هذا: أنَّ في باب النداء إذا كان المنادى نكرةً مقصودةً أو مفردًا علمًا فإننا نعطي النكرة المقصودة نفس الأحكام الإعرابية التي نعطيها لمفرد العلم في النداء، فإذا كان المفرد العلم يدل على واحد "يا محمدُ" بنيناه على الضم، كذلك في النكرة المقصودة نقول: "يا رجلُ" مبني على الضم، وإذا قلنا: "يا محمدان" وبنيناهما على ألف باب النداء فنقول كذلك في باب النكرة المقصودة: "يا رجلان"، إذا قلنا: "يا محمدون" بنيناه على الواو، فنقول "يا مسلمون" منادى مبني على الضم، إذًا يتفق عندنا المفرد العلم مع النكرة المقصودة في الحكم الإعرابي.
فالقاعدة في ذلك: أننا نبني المنادى في باب العلم المفرد، وفي النكرة المقصودة على ما يرفع به ذلك المنادَى، فإن كان في أصله يرفع بالضمة نبنيه في باب النداء على الضمة، وإن كان يرفع بالألف بنيناه في باب النداء على الألف، وإن كان يرفع بالواو نبنيه على الواو في باب النداء.
{هل حرف النداء واحد فقط "يا" هل نستطيع نقول: "أيها المباركون" مثلًا؟ ويدخل ذلك في النداء}.
لا شك أن حروف النداء عندنا كثيرة، فمنها: "يا، أيا، هيا، أي، والهمزة"، فهذه يذكرها العلماء في المطولات ولها معانٍ بلاغية.
لو أردنا أن نأخذ فائدة في هذا الباب: الشخص القريب منك تناديه بـ "أي" فتقول: "أي بني".
وأحيانًا يستخدم هذا لنداء البعيد جدًّا إشارة إلى القرب القلبي، يعني امرأة تخاطب ابنها البعيد في دولة بعيدة جدًّا وتكلمه بالهاتف وتقول: "أي بني" المفترض أن تقول: "يا بني" لكن لقرب القلب وهذا الشعور فتناديه بـ "أي"، وأحيانا فتنادي القريب منك بـ "يا" التي هي في الأصل نداء للبعيد لشرود ذهنه، أو لعدم إلقاء البال إليه؛ فتناديه بـ "يا" التي تدل على أنه عنك. إذًا هي تستخدم أحيانا بحسب، فسواء نادينا بـ "أي" أو "يا" أو "أيا" أو "هيا" أو نحو ذلك، فإننا نبنيه على حسب حاله إن كان مفردا علم أو نكرة مقصودة.
إذًا؛ انتهينا من المفرد العلم والنكرة المقصودة.
طيب في قوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ﴾، "يوسف" هنا منادى مبني على الضم؛ لأنه مفرد علم، أصلها "يا يوسفُ" لكن حذف حرف النداء.
لو أنَّ رجلًا أعمى ويسير في السوق، فقال: "يا رجلًا خذ بيدي"، هل الصواب أن يقول: "يا رجلُ" أو يقول: "يا رجلًا"؟ هو الآن ما يرى أحدًا، فهل هو عين شخصًا بالنداء؟ أو نادى نداءً لأي أحد يمكن أن يأخذ بيده؟ كيف سيقول في هذه الحالة؟
سيقول: "يا رجلًا"؛ لأنه الآن لا يعين شخصًا بعينه، هو يسمع أصواتًا حوله وناسًا يتكلمون؛ فقال: "يا رجلًا".
إذا هذه النكرة الغير مقصودة، وكما قلنا في حال الخطابة فإن الخطيب يخطب ويقول: "يا ظالما تب إلى الله"، "يا صائمًا الزم صومك"، إذا عندنا النكرة غير المقصودة هذه حكمها الإعرابي أنها تكون منصوبة، لاحظ قبل قليل قلنا: منادى مبني على الضم، منادى مبني على الألف، منادى مبني على الواو -في النكرة المقصودة في مفرد العلم- أما في النكرة غير المقصودة فإننا ننصبها، فنقول: "يا ظالمًا تب إلى الله" نقول: "يا" حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب، "ظالمًا" منادى منصوب مباشرة تسلَّطت أداة النداء أو العامل على هذا المنادى.
ولذلك قال: (وَالثَّلَاثَةُ اَلْبَاقِيَةُ مَنْصُوبَةٌ لَا غَيْرُ) ، يعني: النكرة غير المقصودة، والمنادى المضاف، والشبه المضاف.
نأخذ المنادى المضاف، مثل: "يا طالبَ العلم اجتهد، يا طالبَ النحو احفظ النحوَ وإلا ستبقى سنين عددًا"، نعرب "يا" حرف نداء، "طالب" هل هو علم على شخص معين؟ الجواب: لا، هذا نكرة يشمل أي أحد لكنك أضفته، لو قلت: "يا طالبًا" هذه نكرة غير مقصودة، لو قلت: "يا طالبُ" هذه نكرة مقصودة، فلما قلت: "يا طالبَ العلم" أصبح هذا المنادى مضافًا، فنقول: "طالبَ" منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، وهو مضاف و "العلمِ" أو "النحوِ" مضاف إليه مجرور، "اجتهد" أو نحو ذلك هذا أمر آخر.
الشبيه بالمضاف قلنا: هو المشتق الذي اتصل به شيء من تمام معناه، كما لو قلت لشخص مثلًا: "يا حافظًا القرآن اجتهدت، يا طالبًا المغفرة تب إلى الله، يا مستغفرًا في الأسحار أدمن الاستغفار"، فـ "مستغفرًا في الأسحار" شبيه بالمضاف يعني اتَّصل به شيء لا بد أن يتمم معناه، كما أن المضاف لا يتم معناه إلا بذكر المضاف إليه، فعندنا كذلك الشبيه بالمضاف الذي يتصل به شيء يتم به معناه، فنقول: "يا مستغفرًا، يا حميدًا خلقه، يا طالعًا جبلًا يا كاتبًا درسه" إذًا عندنا أن النكرة غير المقصودة تكون منصوبة بالفتح.
لو أردنا أن ننادي نكرة غير مقصودة وكانت مثنى أو كانت جمعًا كيف سنعربها في هذه الحال؟
تقرر معنا أنَّ النكرة المقصودة تنصب مباشرةً، تقول: "يا غافلًا" منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، طيب لو أردت أن أنادي اثنين غافلين؛ سنقول: "يا غافلَين" أنا يعني لا أخصص أحدًا بعينه، وإنما أتكلم عن وجود اثنين غافلين في هذه الدنيا من غير تعيين لأحدهما، فنعرب "يا" حرف نداء، "غافلين" منادى منصوب وعلامة نصبه الياء.
لو أردت أن أعيِّن نكرة مقصودة اثنين من الغافلين، سأقول: "يا غافلانِ" لأني عينتهم بالخطاب، فنقول: "غافلان" منادى مبني على الألف في محل نصب، لكن لما كانوا نكرة غير مقصودة فأقول: "يا غافلَيْنِ" ففرق بين النكرة المقصودة فإنك تبنيها على ما تُرفع به، وهنا لما كانت نكرة غير مقصودة مباشرة نصبتها بالياء فقلت: "يا غافلين.
طيب الشخص يكلم مجموعة من المسلمين أمامه، سيقول: "يا مسلمون اعتصموا بحبل الله"، فنعرب "يا" حرف نداء، "مسلمون" منادى مبني على الواو في محل نصب.
أما لو شخص على المنبر أو في قناة أو نحو ذلك يخاطب عموم المسلمين، فيقول: "يا مسلمين اعتصموا بحبل الله"؛ فهنا لما كانت نكرة غير مقصودة أصبحت نعاملها معاملة مختلفة، وهي أن نقول: منادى منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم.
إذًا الاسم المفرد العلم "محمد، محمدان، محمدون" والنكرة المقصودة تأخذ نفس الأحكام "يا رجل، يا رجال، يا رجلان" هذه كلها في باب النداء تُبنى على ما ترفع به، أما إذا كانت نكرة غير مقصودة سواء كانت تدل على واحد أو على اثنين أو على ثلاثة أو نحو ذلك؛ فإننا نقول: منصوب وعلامة نصبه الفتحة، منصوب وعلامة نصبه الياء مباشرة، أما إذا كان ذلك المنادى مضافًا أو شبيهًا بالمضاف فإننا ننصبه مباشرة.
طيب لو أردنا أن نمثل أيضا على المنادى المضاف بغير نصبه على الفتحة، تريد أن تخاطب مثلا اثنين من طلاب العلم، تقول: "يا طالبي العلم"، نعرب "يا" حرف نداء، "طالبي" منادى منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى وهو مضاف، و"العلم" مضاف إليه، قال الله -عز وجل: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ [يوسف:41].
لو أردت أن أنادي مجموعة من الناس، ولكنها وقعت مضافة، نقول: "يا طلاب العلم"، هذا منصوب.
لو أردت جمع مذكر سالم، أقول: "يا طالبي العلم"، نعرب "يا" حرف نداء، "طالبي" منادى منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وهو مضاف و"العلم" مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
مثال: "يا حفَّاظًا كتبهم" هذا منادى شبيه بالمضاف، ومثل: "يا كاتبين دروسهم، يا حافظين أوقاتهم اجتهدوا"، هذا المنادى شبيه بالمضاف، ولذلك نصبناه مباشرة.
إذًا هذا ما يمكن قوله حول قضية باب النداء، ونعيد الخلاصة في دقيقة واحدة فنقول:
المنادى: هو المقصود به الإقبال، الاسم الذي يقع بعد حرف النداء ويراد منه الإقبال.
وهذا المنادى خمسة أنواع:
- إمَّا أن يكون مفردًا علمًا، مثل: "محمد، محمدان، محمدون"، كل هذه مفرد.
- وإمَّا أن يكون نكرة مقصودة توجَّهت إليها بالخطاب، تقول: "يا مسلمُ، يا مسلمان، يا مسلمون"، هذان النوعان -الذي هو مفرد العلم، والنكرة المقصودة- القاعدة فيهما أنهما يبنيان على ما يرفعان به، فإن كان في حالة الرفع يرفع بالضمة ففي باب النداء تبنيه على الضمة، وإذا كان في حالة الرفع يرفع بالألف فتبنيه على الألف في باب النداء، وإن كان يرفع بالواو فإنك في باب النداء تبنيه على الواو، فتقول: "يا محمدُ" مبني على الضمة، و "يا رجلُ" نكرة مقصودة تبنى على الضم، و "يا محمدان" بنيته على الألف، و "يا رجلان" بنيته على الألف، و "يا محمدون" بنيته على الواو، و "يا مسلمون" بنيته هنا على الواو.
أمَّا إذا كان نكرة غير مقصودة أو مضافًا أو شبيهًا بالمضاف كقولك: "يا طالبَ العلم، يا طالعًا جبلًا، يا غافلًا" ففي كل هذه الأحوال يكون منصوبًا.
ولهذا قال -رحمه الله تعالى: (فَأَمَّا اَلْمُفْرَدُ اَلْعَلَمُ وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ فَيُبْنَيَانِ عَلَى اَلضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ) ، يقصد بالبناء على الضم فيما إذا كانا يرفعان بالضم، لكن لو كانا يرفعان بالألف فسيبنيان على الألف، ولو كانا يرفعان بالواو فسيبنيان على الواو، نحو: "يا زيدُ ويا رجلُ".
وقوله: (وَالثَّلَاثَةُ اَلْبَاقِيَةُ) ، يقصد النكرة غير المقصودة والمضاف والشبيه بالمضاف.
قال: (مَنْصُوبَةٌ لَا غَيْرُ) ، فتقول: منادى منصوب، أما هناك فتقول: منادى مبني.
{نأخذ التطبيقات يا شيخ، نكمل ما قد أخذناه في تطبيقات سورة الفتح، نكمل منها على بركة الله تعالى.
قال تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [الفتح: 6]}.
أحسنت -بارك الله فيك-، قال -تبارك وتعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ﴾، ولا زال هنا العطف مستمرًا على ما مضى، فلما ذكر -سبحانه وتعالى- المغفرة وإتمام النعمة ونصر المؤمنين وإدخالهم الجنات؛ عطف عليهم يضاد حالهم، ولذلك سمي القرآن "مثاني"؛ لأنه يأتي بالبشرى ثم بالإنذار، ويأتي بالإنذار ثم بالبشرى، ويأتي بأحوال أهل الجنة ثم النار، والعكس كذلك، فبعد أن ذكر حال المؤمنين قال: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ﴾، والعذاب أصل الكلمة هذه معناها المنع، في أصلها من حيث المعنى اللغوي "عذاب" هذه المادة -العين والذال والباء- مشتقة من المنع، تقول: "ماء عذب"؛ لأنه يقطع العطش، ويسمى "الحد" حدًا لأنه يمنع من الوقوع في الجرم مرة أخرى، قال تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2].
 فالمقصود بالعذاب: هو المنع.
وأحيانًا يقصد به: الإيلام الشديد أو نحو ذلك مما يمكن بحسب السياق.
هنا الله -عز وجل- قال: ﴿وَيُعَذِّبَ﴾ الواو حرف عطف، أحد الحروف العشرة التي مرت معنا، حروف العطف قلنا هي: "الواو، الفاء، ثم، أم، أو، بل، لا، لكن، حتى"؛ فهذه عشرة حروف، منها هذه الواو.
قوله: ﴿يُعَذِّبَ﴾ فعل مضارع، أو أمر، أو اسم، أو حرف؟
نقول: فعل مضارع، لأنه يقبل السين وسوف، تقول: "سيعذب، سوف يعذب"، إذا هذا لما قسناه وجدنا أنه يقبل علامة الفعل، إذًا هذا فعل مضارع.
هذا المضارع هل هو منصوب أو مجرور أو مجزوم؟
ننظر في حركته الأخيرة في الباء، وجدنا أن عليه فتحة، إذًا هو فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
والذي يعذب هو الله، فالفاعل ضمير مستتر تقديره "هو".
أشرنا سلفًا في الآيات في قوله: ﴿ليزدادوا إيمانًا﴾ فـ "إيمانًا" هنا تمييز منصوب
قوله: ﴿الْمُنَافِقِينَ﴾، من هم الذين سيقع عليهم العذاب؟
المنافقون، إذًا ﴿الْمُنَافِقِينَ﴾ هنا مفعول به.
هذا المفعول به ما علامة نصبه؟ نحن مرَّ معنا أن المفعول به منصوب، قال المؤلف: (وَهُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَنْصُوبُ، اَلَّذِي يَقَعُ بِهِ اَلْفِعْلُ) ، طيب إذا كان منصوبًا، ننظر هل هو اسم مفرد؟ أو جمع تكسير؟ أو جمع مؤنث سالم؟ أو جمع مذكر سالم؟ أو هو من الأسماء الخمسة؟
"المنافقون" جمع مذكر سالم، وكما مر معنا في علامات الإعراب أنَّ العلامة الأصلية في النصب هي الفتحة، وينوب عنها الألف في الأسماء الخمسة، تقول: "أكرمت أباك"، وينوب عنها الياء في المثنى والجمع، فهنا تطبيق لتلك الحالة الإعرابية، وهي الإعراب النيابي في باب علامات الإعراب، قلنا: الأصل في الأعراب في باب علامات الإعراب أن النصب يكون بالفتحة.
قال المؤلف: (وينوب عنها خمسة أشياء) ، وذكر مما ينوب عن الفتحة في الإعراب الياء، إذًا لو قلنا: "المنافقين" مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة فخطأ! وإنما علامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، إذا هذا تطبيق لتلك الحالة الإعرابية التي مضى التنبيه عليها بذكر أن الأصل فيها هي الفتحة، وينوب عنها غيرها ومنها هنا نابت الياء عن الفتحة.
قوله: ﴿وَالْمُنَافِقَاتِ﴾، الواو هنا عندنا حرف عطف، و "المنافقاتِ" معطوف على "المنافقين"، والمعطوف على المنصوب منصوب.
طيب منصوب هنا بماذا؟
الجواب: منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة، لأننا قلنا: إن جمع المذكر السالم ليس له إلا علامتان: إما الضمة في حالة الرفع، وإما الكسرة في حالة الجر والنصب.
وهنا "المنافقين" لَمَّا كانت منصوبة بالياء عطف عليها ما يناسبها في الحكم الإعرابي، فـ "المنافقاتِ" هنا معطوفة على "المنافقين" والمعطوف على المنصوب منصوب، وعلامة نصبه الكسرة الظاهرة على آخره نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث.
قوله: ﴿وَالْمُشْرِكِينَ﴾، كذلك الواو حرف، و ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ مثل ﴿الْمُنَافِقِينَ﴾، من جهة أنه مفعول به منصوب أو معطوف على "المنافقين" والمعطوف على المنصوب منصوب، وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.
قوله: ﴿وَالْمُشْرِكَاتِ﴾ كذلك معطوفة على "المنافقين"، لأن كل هذه معطوفة على "المنافقين"، فلما أخذت الحكم الإعرابي وهو النصب لأنه مفعول به، عطف ما بعده عليها فكلها أخذت نفس الحكم من جهة أنها منصوبة، إما بالياء كـ "المشركين" وأما منصوبة بالكسرة نيابة على الفتحة كما هو الحال في "المنافقات" و"المشركات".
قوله: ﴿الظَّانِّينَ﴾ هذا نعت لـ ﴿الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ﴾، يعني الصفة المشتركة لهم هو ظنهم السيئ، لذلك قال: ﴿الظَّانِّينَ﴾ وما قال: "الظانون"؛ إذًا هي وصف لهم، فنقول: ﴿الظَّانِّينَ﴾ نعت منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم، " ظن، ظانٌّ، ظانُّون" إذًا هم مجموعة من الذين يظنون هذا الظن السيئ، فحكمه الأعرابي يتبع المنعوت، فـ ﴿الْمُنَافِقِينَ﴾ هذا منعوت، و ﴿الظَّانِّينَ﴾ هذا نعت، والنعت لا بد أن يطابق المنعوت فيما مضي، فلو تلاحظ أن كليهما مجموع "المنافقين، المنافقات، المشركين، المشركات" ما قال: "الظَّان بالله ظن السوء، أو: الظَّانَّة بالله ظن السوء"، وإنما قال: ﴿الظَّانِّينَ﴾.
كذلك نجد أنها معارف، فـ "المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات" فيها الألف واللام، فناسب أن يكون هنا الوصف مطابقًا له من حيث الجمع، ومن حيث التعريف والتنكير، وكذلك من حيث الإعراب، فكلها التي مضت معنا منصوبة، وكذلك "الظانين" منصوبة وعلامة نصبها الياء.
بقي من التطابق: أنها وافقتها في الجمع، فكلاهما مجموع وكلاهما منصوب وكلاهما معارف.
قوله: ﴿بِاللَّهِ﴾ الباء هنا حرف جر، ولفظ الجلالة اسم. كيف يستبدلنا على أنه اسم؟
لأنه أتى بالألف واللام، وأيضًا دخلت عليه الباء، فلما ذكر المؤلف حروف الجر قال: (وَالْبَاءُ) .
إذًا؛ لفظ الجلالة فيه ثلاث علامات: الباء، والألف واللام، والكسرة التي في آخره "للهِ".
قوله: ﴿ظَنَّ السَّوْءِ﴾ الظاهر -والله أعلم- أنه مفعول مطلق لبيان النوع، أن ظنه هنا ظنًّا سيئًا -والعياذ بالله- والمفعول مطلق -كما مر معنا- يكون منصوبًا، تقول مثلًا: "ضربته ضربًا، أكرمه إكرامًا، عاقبته عقابَ المجرم، عقابَ اللصِّ"، فهنا بيان لنوع هذا الظن، هل هو ظن الحسن -كما هو الحال عند المؤمن- أو الظن السيئ؟ قال: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾، إذًا؛ هنا هو مفعول مطلق لبيان النوع.
لكن لو قال: "الظانين بالله ظنا" لكان هذا مفعولًا مطلقًا لتأكيد العامل، وأنهم يظنون بالله ظنا، لكن لما قال: ﴿ظَنَّ السَّوْءِ﴾ قيده بالمضاف بيَّن نوعه أنه الظن السيء -والعياذ بالله.
قوله: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾.
﴿عَلَيْهِمْ﴾ جار مجرور، "على" حرف جر، والهاء هنا ضمير متصل في محل جر بحرف الجر، والميم علامة للجمع، و ﴿عَلَيْهِمْ﴾ خبر مقدم.
قوله: ﴿دَائِرَةُ﴾ مبتدأ مؤخر، أصل الكلام: "دائرة السوء عليهم"، فـ ﴿دَائِرَةُ﴾ مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهر على آخره وهو مضاف، و ﴿السَّوْءِ﴾ مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
طيب ﴿السَّوْءِ﴾ هذه اسم أو فعل أو حرف؟
الجواب: اسم، لوجود الألف واللام.
طيب ﴿دَائِرَةُ﴾ هل هي اسم أو فعل أو حرف؟
لو جئنا نختبرها بوضع علامات الأفعال عليها، هل نستطيع أن نقول: "قد دائرة، سوف دائرة"؟
الجواب: لا، ما قبلت.
هل تدخل عليها الألف واللام نقول: "الدائرة"؟
الجواب: نعم، إذًا هذا اسم لقبوله الألف واللام.
وهناك علامة أخرى نذكرها وهي: أنها مضافة "دائرة السوء" لأن من علامات الاسم أنه يضاف إلى غيره.
إذا عندنا هنا ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ مبتدأ وخبر.
قوله: ﴿وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، وهذا عطف على ما مضى، أنه حكم عليهم بالظن السيئ، وأن دائرة السوء عليهم، وغضب الله عليهم.
قوله: ﴿وَغَضِبَ﴾ هل هذا فعل، أم حرف، أم اسم؟
نطبق علامات الفعل: "قد غضب".
يأتيك شخص يقول لك "قد" تدخل على الفعل الماضي والمضارع، فأنت الآن جئتني بعلامة مشتركة؛ فبين لي نوع الفعل؟
ندخل السين: "سغضب، سوف غضب" هل يستقيم الكلام؟
إذًا هو لا يمكن أن يكون مضارعًا.
طيب هل يدل على الطلب؟
الجواب: لا، إذًا هذا ليس فعل أمر، لأن فعل الأمر يدل على الطلب.
إذا جربنا علامة "السين وسوف" التي ترفع المضارع لم يقبلها، وجئنا ننظر فيه هل يدل على الطلب، وجدنا أنه لا يدل على الطلب، ولا يقبل الياء، ما يمكن أن تقول "غضبِي"!
إذًا لم يقبل علامات فعل الأمر ولا علامات الفعل المضارع.
إذًا تبقى عندنا علامة الفعل الماضي الخاصة، وهي: دخول تاء التأنيث في آخره، يصح أن تقول: "غضبت هند، وغضبتُ"، إذًا لما قبل تاء الفاعل وتاء التأنيث اكتشفنا في هذه الحال أنه فعل ماض.
إذًا؛ نقول ﴿غَضِبَ﴾ فعل ماض.
ومر معناه أنَّ المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: (فَالْمَاضِي مَفْتُوحُ اَلْآخِرِ أَبَدًا) ، ننظر في "غضبَ" هل هو مفتوح فعلا؟ نعم، الباء مفتوحة، إذًا هو فعل ماض.
قوله: ﴿اللهُ﴾ من الذي قام بالفعل وهو الغضب؟
الجواب: الله تبارك، إذًا لفظ الجلالة فاعل، هل الفاعل ضمير أو اسم ظاهر؟
الجواب: اسم ظاهر. إذًا هذا تطبيق أيضا لباب الفاعل من جهة أنه وقع اسمًا ظاهرًا.
فنقول: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
طيب لماذا كانت الضمة ولم تكن الألف ولم تكن الواو؟
الجواب: لأنه اسم مفرد، ونحن مرَّ معنا أن الاسم المفرد يرفع وعلامة رفعه الضمة.
والغضب لله- تبارك وتعالى- تليق بجلاله وعظمته، من مقتضياتها الانتقام والتَّدمير وغير ذلك مما ينتج عن آثار هذه الصفة.
قوله: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ "على" حرف جر والهاء ضمير متصل بحرف الجر في محل جر اسم مجرور. لماذا نقول: "في محل" ولا نقول: "اسما مجرورا"؟ لأن الهاء هذا ضمير، والضمائر كلها مبنية، فنقول: "هم" ضمير مبني على الكسر في محل جر بـ "على" متعلق بـ "غضب".
قوله: ﴿وَلَعَنَهُمْ﴾ الواو هذا حرف عطف -كما مر معنا- يعني حصل منه غضب عليهم، وحصل منه كذلك اللعن وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله- عز وجل.
طيب "لعن" هذا الآن فعل مضارع أو فعل ماض أو فعل أمر؟
نأتي ونقيس، أولًا: هل هو يدل على الطلب؟
الجواب: لا، لو دل على الطلب لقال: "العنهم، العنيهم"، فلو قبل ياء المخاطبة لدل على فعل الأمر. إذًا؛ هذا لا يدل على الطلب.
نأتي بعلامة المضارع مثلا، هل تقول: "سلعنهم، سوف لعنهم"؟ ما يُمكن!
هل يُمكن أن تقول: "قد لعنهم" نعم استقام.
"قد" هذه مشتركة بين المضارع والماضي، طيب نريد أن نميز أكثر حتى نعرف هل هو ماضٍ أو مضارع؟
ندخل التاء التي تميز، فنقول: "لعَنَت، لعَنْتُ الكافرَ"، إذًا قبل تاء التأنيث وتاء الفاعل، إذًا "لعن" هذا فعل ماض.
والنون هي نهاية الفعل "لعنَ" ووجدنا مفتوح الآخر أبدًا، فيكون فعل ماضٍ، كما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: (فَالْمَاضِي مَفْتُوحُ اَلْآخِرِ أَبَدًا) .
والضمير "هم" ضمير متصل، ومرَّ معنا أن المفعول به قد يقع اسمًا ظاهرًا، مثلًا لو قال شخص: "لعنتُ الكافرَ" ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ [الأحزاب: 64]، "الكافرين" مفعول به منصوب، ونحن قلنا إن المفعول به قد يكون اسمًا ظاهرا، وقد يكون ضميرًا، وهنا الهاء وقعت مفعولًا به، لكن هذا المفعول به هل هو اسم ظاهر أو ضمير؟
الجواب: الهاء هنا ضمير، إذًا هذا تطبيق للمفعول به الذي يقع ضميرًا، لأن المؤلف -رحمه الله تعالى: (وَهُوَ قِسْمَانِ ظَاهِرٌ، وَمُضْمَر... ثم قال: وَالْمُضْمَرُ قِسْمَانِ مُتَّصِلٌ، وَمُنْفَصِل... ثم قال: وَالْمُنْفَصِلُ اِثْنَا عَشَرَ، وَهِيَ: إِيَّايَ، وَإِيَّانَا، وَإِيَّاكَ) ، والمتصل مثل الضمير هنا "لعنهم"، إذا نقول: الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به لـ "لعن"، والميم علامة للجمع.
قوله: ﴿وَأَعَدَّ﴾، الواو حرف عطف هنا كما هو ملاحظ.
﴿وَأَعَدَّ﴾ هي من الأفعال.
نطبق العلامات، فنقول: "قد أعد" هنا قبلت، وهي العلامة المشتركة بين الماضي والمضارع.
نحتاج أن نقيس قياسًا آخرًا، فنقول: "سوف أعد، سأعد" ما يستقيم! إذًا هو ليس بمضارع.
هل هو يدل على الطلب؟
الجواب: لأن الطلب سيكون "أعِدَّ أنت"، ولكن هنا "أعَدَّ" ليس فيها طلب، إذًا لم يبق عندنا إلا التاء التي تميز الفعل الماضي، فنقول: "أعدت هند واجبها، أعدت الطعام"، إذًا "أعد" لما قبل التاء دلَّ على أنها فعل ماض.
إذًا "أعدَّ" هذا فعل ماض مبن على الفتح.
قوله: ﴿لَهُمْ﴾ اللام هنا حرف جر، و "هم" ضمير متصل في محل جر باللام.
قوله: ﴿جَهَنَّمَ﴾ والعياذ بالله! وسميت "جهنم" من الجهومة، وقيل لبعد قعرها -والعياذ بالله.
فـ "جهنم" مفعول به، يعني: "أعدَّ جهنمَ لهم" لكن قدَّم ذلك -والعياذ بالله- كأن فيه اختصاص لجهنم لهذا النوع من المجرمين، الذين المنافقون والمنافقات لأنهم أشد خطرًا، فكأن فيه اختصاص أو نوع من التنبيه على قضية أنها مُعدَّة لهذا الصنف -والعياذ بالله.
إذًا؛ "جهنم" مفعول به منصوب لـ "أعد".
قوله: ﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾، الواو هنا للاستئناف، "ساء" هل هو فعل ماض أو مضارع أو أمر؟
كما هو ملاحظ أنه فعل ماض لوجود التاء في آخره، فنقول: "ساء" فعل ماض مبن على الفتح.
قوله: ﴿مَصِيرًا﴾ والله أعلم أنه تمييز، لأنها ساءت من جهة المصير وليست من جهة الحر مثلًا، وإن كانت سيئة من جميع الأحوال، فهنا تعرب -والله أعلم- أنها تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
والفاعل: ضمير مستتر تقديره "هي" يعود على "جهنم"، والتقدير: ساءت هي مصيرًا.
{قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: 7]}.
قوله: ﴿وَلِلَّهِ﴾، الواو هنا -والله أعلم- أنها للاستئناف لبدء كلام جديد.
قوله: ﴿لِلَّهِ﴾، اللام حرف جر، ولفظ الجلالة اسم مجرور، فهو اسم، والدليل على ذلك ثلاث علامات فيه: دخول اللام عليه، ووجود الألف واللام، وهنا طبعا الألف محذوفة، وهذه من المواطن التي تحذف فيها الألف، ففي باب الإملاء: أنه إذا اتصلت لام الجر بالاسم فإنه تحذف الألف التي في أول الاسم، تقول: "جئت للعلم"، أصل الكلام "لـ العلم"، لكن هنا من قواعد الإملاء أنه إذا اتَّصلت لام الجرِّ بالاسم المعرَّف بها فإنك تحذف الألف منه، هي تُنطق، ولكنها لا تكتب.
إذًا قوله "لله": جار ومجرور خبر مقدم.
قوله: ﴿جُنُودُ﴾ مبتدأ مؤخر وهو مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف و ﴿السَّمَاوَاتِ﴾ مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة، وما فيه نيابة هنا لأن الكسرة جاءت على مقتضى الأصل، فالأصل أن الجر يكون بالكسرة.
طيب "السماوات" هل هي مفرد، أو مثنى، أو جمع مؤنث سالم، أو جمع مذكر سالم؟
الجواب: جمع مؤنث سالم، يعني ما جُمع بألف.
قوله: ﴿وَالْأَرْضِ﴾، الواو حرف عطف و"الأرض" معطوفة على "السماوات"، قال: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ والمعطوف على المجرور مجرور، إذًا هذا تطبيق لباب العطف في أن المعطوف الذي يأتي بعد الحرف يكون حكمه الإعرابي موافقًا لما قبله من حيث الحكم، فـ "السماواتِ" مجرورة، فإذا عطفت عليها كلمةً فلا بد أن تأخذ حكمها، فتقول: "والأرضِ" ما تقول: "والأرضَ، أو الأرضُ"، في أحوال هناك لها تفاصيل في غير هذا الموطن، لكن المقصود أننا لما عطفناها عليها جررناها مثل جر ما قبلها.
قوله: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾، "كان" فعل ماض ناقص، "الله" لفظ الجلالة اسم "كان" مرفوع -كما مر معنا- ليست "كان" ترفع وتنصب، تدخل على المبتدأ والخبر، أصلها: "اللهُ عزيزٌ حكيمٌ"، فهي مبتدأ وخبر، دخلت عليها "كان" فغيَّرت لفظ الجلالة هذا من كونه مرفوعًا بالابتداء إلى كونه أصبح اسم لها، فنقول: لفظ الجلالة هنا اسم "كان" مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
قوله: ﴿عَزِيزًا﴾ خبر "كان" منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
قوله: ﴿حكيمًا﴾ خبر ثانٍ للفظ الجلالة، طبعا هو خبر "كان"، لكن في أصله هو خبرٌ للفظ الجلالة قبل الدخول "كان" عليه، "اللهُ عزيزٌ حكيمٌ" فـ "عزيزٌ" خبر أول، و "حكيمٌ" خبر ثانٍ، ولكن هنا في هذا السياق: ﴿وَكَانَ اللَّهُ﴾ نقول: لفظ الجلالة اسم "كان" مرفوعًا، و "عزيزًا حكيمًا" خبر أول وخبر ثان لـ "كان" منصوبان كما تلاحظ.
{قال تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ [الفتح: 8]}.
هنا أيضا في تطبيق معنا في باب "إن"، وفي باب المفعول به وفي باب الحال، هذه ثلاث تطبيقات سنتكلم عنها هنا.
قوله: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ﴾ أصلها: "إنَّنا أرسلناك"، ولكن أُدغِمَت "ناء" في "إنَّ" فصارت "إنَّا".
ونقول: "إنَّ" حرف توكيد ونصب، و "ناء" ضمير متصل بـ "إن" مبني على السكون في محل نصب اسم "إن"، لأن اسم "إن" قد يقع اسمًا ظاهرًا كما تقول: "إن زيدًا"، وقد يقع ضميرًا مثل: "إنَّه، إنَّنا، إنَّكَ"، فالكاف والنون والهاء كل هذه ضمائر وقعت أسماء منصوبة لـ "إن" يعني ضمائر في محل نصب اسم "إن".
فنقول: "إن" حرف توكيد ونصب، "ناء" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم "إن".
قوله: ﴿أَرْسَلْنَا﴾ هذه فيها ثلاث تطبيقات:
أين ينتهي الفعل؟ عند اللام، واللام هنا حركتها السكون، لاتصالها بضمير الفاعل "ناء"، ومر معنا في باب الفاعل: أن الفاعل قد يكون اسمًا ظاهرًا وقد يكون ضميرًا، والضمير هذا قد يكون متصلًا، فلما نقول مثلًا: "أكرمنا" فـ "ناء" هذه فاعل، طيب الله -عز وجل- قال: ﴿أَرْسَلْنَا﴾، فنقول: "ناء" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، يعني الله هو المتكلم هنا.
فنقول: "أرسل" فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الفاعل الذي هو "ناء".
و "ناء" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وقلنا "في محل" لأنه ضمير.
والكاف هذا مفعول به، لاحظ هذا الآن تطبيق للمفعول به، والمفعول به قلنا: إنه قد يكون اسمًا ظاهرًا، وقد يكون ضميرًا متصلًا، تقول: "أكرمتكَ" الكاف هذه ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
قوله: ﴿شَاهِدًا﴾ حال للنبي ﷺ من الكاف في "أرسلناك".
من المرسَل هنا؟ النبي ﷺ الرسول الذي هو الكاف، فالكاف ضمير يدل على الرسول -ﷺ.
كيف كانت الحالة عندما أرسلناك؟
أنك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، فـ "شاهدًا" حال من الكاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
قوله: ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ الواو حرف عطف، و "مبشرًا" معطوفة على "شاهدًا" والمعطوف على المنصوب منصوب.
قوله: ﴿وَنَذِيرًا﴾ الواو حرف عطف آخر، و "نذيرًا" هذا معطوف على "شاهدًا"، والمعطوف على المنصوب منصوب، لو حذفنا هذه العواطف لقلنا: "أرسلناك شاهدًا مبشرًا نذيرًا"، فهي في المعنى أحوال كلها، لكن لما جئنا بحرف العطف ما نقول: "حال" وإنما نقول: معطوف على "شاهدًا" و "نذيرًا" معطوف على "شاهدًا" أيضًا، فنقول معطوفًا، والمعطوف على المنصوب منصوب.
لو جردناه من الواوات هذه لقلنا هذه إما تحتمل:
- أنها أحوال ثلاثة.
- وإمَّا أن تكون نعوتًا لـ "شاهدًا"، والنعت أيضًا تابع لما قبله، فإن كان ما قبله منصوبًا فهو منصوب، فكذلك جاءت عندنا "شاهدًا" منصوبة فأتبعنا ما بعدها حكمها، سواء كانت توكيدًا أو كانت عطفًا أو غير ذلك من أبواب التوابع.
{فتح الله لكم شيخنا، وبارك الله فيكم ونفع بكم، وكذلك ننوِّه لكم أيها المشاهدون أنَّ شيخنا جزاه الله خيرا اهتمَّ بالتطبيق من أجل رسوخ المعلومة وتثبيتها، فنسأل الله -تبارك وتعالى- بأن يجزيه عنا خير الجزاء، والشكر موصول لكم مشاهدينا الكرام على طيب المتابعة، نستودعكم الله ونلتقي بكم -بإذن الله- في حلقات أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ