الدرس الثاني
فضيلة الشيخ أ.د. فهد بن سعد المقرن
إحصائية السلسلة
{بسم الله الرحمن الرحيم.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحييكم إخواني وأخواتي الكرام في حلقة جديدة من حلقات البناء العلمي، وكما لا أنسى أن أرحب باسمي واسمكم جميعًا بفضيلة الشيخ الدكتور: فهد بن سعد المقرن.
أهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ}.
الله يحييكم.
{هذا هو اللقاء الثاني من لقاءات شرح "متن أصول الإيمان"، توقفنا في الدَّرسِ الماضي عند حديث أنس بن مالك «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ...»، والمتضمِّن لصفة الفرح لله -سبحانه وتعالى.
ونبدأ هذا الدَّرس -إن شاء الله تعالى- بحديث أبي موسى الأشعري:
قال المؤلف -رحمه الله: (وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَ» رواه مسلم)}.
الحمد لله رَبِّ العَالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وَسَلِّم تسليمًا كثيرًا، وبعد:
فهذا الحديث -كما قرأتَ- فيه مسائل:
المسألة الأولى: إثبات صفة اليد لله -سبحانه وتعالى- وتقدَّم أنَّ لله -سبحانه وتعالى- يدين كلتاهما يمين -كما ورد في الحديث- وهنا إثبات هذه الصفة لله -عزَّ وجلَّ- على طريقة أهل السُّنة والجماعة على حدِّ قوله تعالى:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11]، فلله يد ليست كأيدينا قطعًا؛ لأنَّ الله لا مثيل له -سبحانه وتعالى- وهذه اليد وَصَفَها الله –عزَّ وجل- بأوصافٍ، وجاء في هذا الحديث وصفها بأنها تُبسَط، فَيَدُهُ -سبحانه وتعالى- تُبسَط بالليل؛ ليتوبَ مُسيئُ النهار، وتُبسَطُ بالنَّهارِ؛ ليتوب مُسيئُ الليل، وتقدَّم الكلام على صفة اليد.
المسألة الثانية: مما يجدر التنبيه عليه عند هذا الحديث: أنَّ اليد نُسبَت إلى الله -عزَّ وجلَّ- وأُضيفَت، «يَبْسُطُ يَدَهُ»، فالضمير يعود إلى ذاته الكريمة -سبحانه وتعالى.
والمضاف إلى الله -عزَّ وجلَّ- كما هو مُقرر عند أهل العلم في باب الأسماء والصفات:
- إمَّا إضافة أعيانٍ قائمة، وهو من إضافة المخلوق إلى خالقه، وهي إضافة تشريفٍ وتكريمٍ، مثل: إضافة الناقة لله-سبحانه وتعالى- كما قال الله تعالى:﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَ﴾[الشمس:13]، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه.
- أو إضافة أوصافٍ ومعانٍ، وهذه الأوصاف والمعاني لا تقوم بذاتها، فهي من إضافة الصفة إلى الموصوف، وهنا إضافة اليد لله -سبحانه وتعالى- من إضافة الصفة إلى موصوفها، وهو الرَّبُّ -سبحانه وتعالى.
المسألة الثالثة: أنَّ الله -سبحانه وتعالى- وصف هذه اليد بأوصاف، ففي هذا الحديث وَصَفَها بالبسط، ووصفُها بالبسط يمتنع من خلال هذا النَّصِّ أن تُؤوَّل اليد كما يؤولها مَن تأوَّلها بالنِّعمة أو بالقدرة، أو ما شابه ذلك، وهذا ممَّا يُثبتُ أنَّ منهج السَّلف متوافق مع النُّصوص ومع دلالات النُّصوص، وأنَّه المنهج الأعلم والأحكم، والذي به تتَّسق النُّصوص الشَّرعيَّة، بينما سلوك مسلك التأويل هو خروج عن ظاهر النَّصِّ، وهذا الخروج يُوقِعُ في محاذير -كما سوف يأتي بيانها عند الحاجة إلى ذلك.
{قال -رحمه الله تعالى: (ولهما عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ»قُلْنَا: لَا والله! فقالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَ» الحديث)}.
هذا الحديث مخرَّج في صحيح مسلم، والشيخ نسبه إلى الشيخين، وهو من حديث عمر -رضي الله عنه- وفيه أنَّ امرأة من سبايا هوازن، هوازن: قبيلة عربية معروفة حصل بينها وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- معركة حنين.
ثم بعد هذه المعركة حدث هذا الحدث الذي رآه الصحابة -رضوان الله عليهم- حينما رأوا المرأة التي تبحث في السَّبي، ووجدت ذلك الصبي، فأخذته فألزقته ببطنها فأرضعته؛ فهذا المشهد المؤثر الذي يدل على رحمة الأم بولدها، قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَ»، ولهذا يأتي معنا في هذا الحديث مسائل:
المسألة الأولى: أنَّ الله -سبحانه وتعالى- موصوف بالرحمة، وأنَّ صفة الرحمة لله ثابتة، وإثباتها في هذا الحديث على وجهٍ يمنع تأويلها لِمَا يفعله المعطِّلة الذين يؤولون رحمة الله -عزَّ وجلَّ- بإرادة الإنعام أو إرادة الإحسان، فدلالة الحديث تدل على أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أراد الرحمة التي يعرفها النَّاس من أنفسهم ومن واقعهم، مع أنَّ الله -سبحانه وتعالى- رحمته لا تماثل رحمة المخلوقين.
المسألة الثانية: يدل هذا الحديث على عموم رحمة الله-عزَّ وجلَّ- لخلقه،ورحمته تعالى التي هي صفة من صفاته والتي لا مثيل لها -لأنَّ الله رحمته ليست كرحمة غيره- لها آثار، فآثار رحمة الله -عزَّ وجلَّ- لا تماثل رحمة المخلوقين بعضهم ببعض.
وهذه الرحمة التي جعلها الله -عزَّ وجلَّ- في هذه المرأة لولدها هي من الرحمة التي سوف يأتي -إن شاء الله- الكلام عليها من الرحمات التي يتراحم بها الخلق، وهي من آثار رحمة الله -سبحانه وتعالى.
{قال -رحمه الله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» رواه البخاري)}.
تحت هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- وهو مُخرَّجٌ في البخاري -كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى- مسائل:
المسألة الأولى: بحث هذا الكتاب الذي كتبه الله -عزَّ وجلَّ- لأن الحديث فيه «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ»، فدلَّ على أنَّ ثَمَّ كتاب وثَمَّ مكتوب، أمَّا الكتاب فهو بحث هذه المسألة:
هذا الكتاب الذي كتبه الله -عزَّ وجلَّ- هل هو اللوح المحفوظ؟ أو هو في اللوح المحفوظ؟ أو في كتاب؟ أو في كتاب خاصٍّ عنده فوق عرشه -سبحانه وتعالى؟
أقوال لأهل العلم، والذي يهمنا: أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- كتبَ هذا الكتاب لأجل هذه القضية المهمة، أو هذا الذي كتبه الله -عزَّ وجلَّ- على نفسه -سبحانه وتعالى- لبيان أنَّ رحمته تغلب غضبه، وأن رحمته -كما في بعض الروايات- تسبق غضبه-سبحانه وتعالى.
وهذا مما يبعث المؤمن على تعظيم الرَّب -سبحانه وتعالى- فتصور هذه الرحمة، وأن رحمته -سبحانه وتعالى- عظيمة بخلقه، كما سوف يأتي من سياق المصنف -رحمه الله تعالى- للأحاديث التي من خلالها يستفيد طالب العلم معانٍ عن الرحمة -كما سوف يأتي.
من المسائل التي يجدر أن يُنبَّه عليها: أنَّ هذه الرحمة هي من صفاته-سبحانه وتعالى- والله في صفاته لا يُماثل خلقه، كما قال-سبحانه وتعالى:﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّ﴾[مريم: 65]، وقال:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11].
وهذه الرحمة من صفاته الذاتية-سبحانه وتعالى- ومعنى قولنا "صفات ذاتية" أي: لا تنفك عن الرَّب -سبحانه وتعالى؛ لأنَّ الرَّب يوصف بالصفة الذاتية، والصفة الاختيارية الفعلية.
كيف أتينا بهذه التقسيمات؟
أتينا بها من خلال استقراء النُّصوص، فَعَلِمنَا أنَّ وصف الرَّب -سبحانه وتعالى- تارة يكون بصفة لا تنفك عنه بحالٍ من الأحوال، وتارة تأتي صفات مما يُبين أن هذه الصفة تحت مشيئته -سبحانه وتعالى- يفعلها أو لا يفعلها، وصفة الرحمة من صفاته الذاتية-سبحانه وتعالى- التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال.
ويُماثلها ويُقاربها صفة العلم، وصفة الحياة؛ فلا يمكن أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- في وقتٍ يعلم وفي وقت لا يعلم -تعالى الله عن ذلك- وكذلك صفة الحياة، فلا ينفك الرب أن يكون موصوفًا بهذه الصفات، وهي الصفات الذاتية.
كما أنَّ بعض صفات الرب -سبحانه وتعالى- تكون الصفات الفعلية -أو الاختيارية- يفعلها الله -عزَّ وجلَّ- متى شاء، فهي متعلقة بالمشيئة، مثل: صفة الغضب -كما سيأتي معنا إن شاء الله في بعض هذه النصوص وبيانها.
وكذلك مثل: صفة النزول، فالله -عزَّ وجلَّ- ينزل في الثُّلث الآخر مِنَ الليلِ، ونزوله -سبحانه وتعالى- ليس كنزول المخلوقين، والنزول ليس مُلازمًا له -سبحانه وتعالى- بل هو ينزل في وقت دون وقت، ويغضب في وقتٍ دون وقتٍ؛ أمَّا الحياة والعلم والقدرة والإرادة وسائر الصفات الذاتية؛ فهذه لا تنفك عن الرب -سبحانه وتعالى.
{شيخنا أحسن الله إليك...
مَن جَهِل الصِّفات الذَّاتية وأثبتها لكون العقل دَلَّ عليها، وينفي الصفات الاختيارية....}.
سيأتي -إن شاء الله- الكلام عن الكُلَّابيَّة وبعض أهل الكلام في هذه المسألة، إذ أن بعضهم جعل الصفات ذاتيَّة بإطلاق، ونفى الصفات الاختياريَّة.
المسألة التالية: آثار رحمة الله -عزَّ وجلَّ- باقية ودائمة، بينما آثار غضب الله -سبحانه وتعالى- غير دائمة، ويدل على ذلك حديث «إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ» ، فيه دلالة على أنَّ الرَّحمة سابقة لغضبه -سبحانه وتعالى.
{قال -رحمه الله: (ولهما عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ»، ولمسلمٍ معناهُ مِن حديثِ سلمان، وفيه: «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، كَمَّلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ»)}.
هذان الحديثان تحتهما مسائل جمعهما المصنف -رحمه الله تعالى- فأول هذه المسائل: أنَّ هذه الرَّحمة التي ذكرها الله-عزَّ وجلَّ- جعلها مائة جزءًا، «فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الْأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدً»، هذه الرحمة التي أنزلها الله -عزَّ وجلَّ- هي من آثار رحمة الله -سبحانه وتعالى- وهي من إضافة المفعول إلى فاعله، فهي رحمة مخلوقة، وليست الرحمة التي يُوصف الرب -سبحانه وتعالى- بها، إذن الرحمة المتعلقة بذاته لا يمكن أن يتطرق إليها هذا الوجه.
كذلك من المسائل التي ينبغي التنبيه عليها عند ذكر هذا الحديث: أنَّ الرحمة المضافة إليه -سبحانه وتعالى- تنقسم إلى قسمين:
- قسم يُضاف إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف، التي قلنا فيما سبق أنها المعاني والأوصاف، مثل قول الله -عزَّ وجلَّ:﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]، فهذه الرحمة من إضافة الصفة إلى الموصوف، فالله رحيم موصوف بالرحمة-سبحانه وتعالى.
- وقسم يُضاف إلى الله -عزَّ وجلَّ- من إضافة المخلوق إلى خالقه، ومنه هذا الحديث «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ»، هذه رحمة مخلوقة. ومثل قول الله تعالى في الحديث القدسي للجنَّة: «أَنْتِ رَحْمَتِي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ» .
وهذه الأحاديث لها آثار تربوية عظيمة، فمن آثارها التربوية العظيمة التي ينبغي للإنسان أن يفهمها وأن يعرفها: أن رحمة الله -عزَّ وجلَّ- واسعة، وهذه الرحمة حتى لا يقنط أحد من رحمته-سبحانه وتعالى- ويثق بهذا الرب الكريم الرحيم، ويتلمَّس رحمة الله -عزَّ وجلَّ؛ لأنَّ الرحمة لا تتأتَّى للعبدِ دون أسباب، فلابد لها من أسباب، قال تعالى:﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56]، الله أكبر!
إذن فالإحسان من أسباب الرحمة، وهكذا أشياء كثيرة جدًّا يفعلها الإنسان وهو يتعرض لآثار رحمة الله -سبحانه وتعالى- ومن ذلك:
الاستقامة على طاعة الله -عزَّ وجلَّ، والإحسان إلى الخلق، وبر الوالدين، وأشياء كثيرة في هذا الدين العظيم القويم الذي رَبَّى النَّاس على الإحسان وعلى البِرِّ وعلى الرَّحمة، فديننا -بحمد الله- دين الرَّحمة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو نبي الرحمة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107]، ولهذا فإنَّ الدُّعاة والوعَّاظ، ومَن يريدون أن يقومون بالدعوةِ إلى الله -عزَّ وجلَّ- لابد ألا يغيب عنهم خلق الرحمة، فديننا دين الرَّحمة، لابد أن يكون تعاملنا فيه الرحمة، ونجتنب البغي والظلم؛ لأنَّ هذا -والعياذ بالله- مِن أسباب منع الرحمة، فالإنسان يكون محسن، ويتسامح، ويتسامى على الأحقاد والضَّغائن، وعلى الظلم، يُعامل النَّاس بهذه الأخلاق العظيمة التي هي أخلاق أهل الإسلام؛ لأنَّه يُريد الله -عزَّ وجلَّ.
والآية العظيمة في سورة الإنسان ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ [الإنسان:9]، فالإنسان يعمل العمل ويتعرض إلى آثار رحمة الله، قال تعالى: ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرً﴾ [الإنسان 9 -12]. فهم يتعرَّضون لنفحات الرَّحمات طلبًا لهذه الرحمة التي أمسك الله منها تسعة وتسعين، وجعل للنَّاسِ رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق، حتى هذه العجماوات جعلها الله -عزَّوجلَّ- تتراحم بهذه الرَّحمة التي خلقها الله فيها، فإذا كان الله أمسك عنده رحمات عظيمة؛ ليرحم بها مَن يشاء فنسأل الله الرحمة، ونسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء الذين يُرحمون وهم في أمسِّ الحاجة إلى الرحمة.
ولهذا فالحديث الذي بعده: «كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا فِي الْأَرْضِ رَحْمَةً، فَبِهَا تَعْطِفُ الْوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَالْوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكْمَلَهَا بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ»، وهذا يبعث الإنسان على العمل، ولا يبعثه على التكاسل والتهاون -نسأل الله أن يرحمنا برحمته.
{قال المؤلف: (وعن أنس -رضي الله عنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ» رواه مسلم)}.
هذا الحديث العظيم يُبيِّن أحوال النَّاس في هذه الدنيا، فالناس إمِّا مؤمن وإمِّا كافر، فالكافر لا ينفك أنه قد يعمل حسنات، وأمور نافعة للخلق، لكن هذه الأعمال لا توافق التقوى، ولا يكون فيها مخلصًا -كما سيأتي إن شاء الله- في بيان هذه المسائل.
فَيُجيب النَّبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه التساؤلات، فالمسألة الأولى التي ينبغي للإنسان أن يستفيدها من حديث أنس: أنَّ هذا الحديث يدل على كمال عدلِ الربِّ -سبحانه وتعالى- وأنه لا يظلم الناس مثقال حبة من خردل، ويوم الدِّين هو يوم الحساب وهو يوم الجزاء، ويوم أن يُوفَّى كل عامل ما عمل، ومن عدله -كما تقدَّم- أنه يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، وكذلك فإنَّ الله -سبحانه وتعالى- مِن عَدله أنَّه لا يُبطل عمل الكافر من جهة الدُّنيا، فإنه يكون له نصيب منها في الدنيا، «أُطْعِمَ بِهَ»، كما في الحديث أنَّ الكافر قد يحصل منه بر لوالديه، قد يحصل منه إحسان للفقراء والمساكين، فهو يُطعَم بها في الدنيا، وهذه الطُّعمَة لم يُبيِّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد تكون مثلًا راحة نفسيَّة، قد تكون زيادة في المال، قد تكون دفع بلاء عنه؛ فهذا من أنه يُوفَّى عمله في الدنيا؛ لأنه ليس ذلك له في الآخرة.
المسألة الثانية التي يُفيدها هذا الحديث: أنَّ ما يعمله الكافر في الدنيا من عمل صالح فعمله في الآخرة حابط ولا ينفعه، قال الله -عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورً﴾[الفرقان: 23]، ولهذا استشكلت عائشة -رضي الله عنها- هذا، فقالت: "ابن جدعان" وهذا كان مشهورًا في الجاهلية أنه يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ» ، فنفعه في الآخرة منقطع؛ لأنَّ الله يُحبط عمله، فالتوحيد شرط قبول العمل؛ لأنَّ الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل من الأعمال إِلَّا ما كان خالصًا له، موحَّدًا فيه -سبحانه وتعالى- وصوابًا على سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبطل الأديان كلها، قال تعالى:﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: 85]، ولا يقبل من العمل إلا ما أُريد به وجهه -سبحانه وتعالى.
وقد يستشكل أنَّ الكافر قد يعمل -كما قلنا- الحسنات؛ فإنه يُطعَم بها.
في الحديث لمسة تربوية -إن صحَّت العبارة- يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المؤمن: «فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الآخِرَةِ»، وهذه لفتة مهمَّة؛ إذن الجزاء بالنسبة لأهل الإيمان ليس في الدنيا، ولذلك نهى الله -عزَّ وجلَّ- عن الالتفات إلى الدنيا، فقال: ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ [طه: 131]، فدار الدنيا ليست دار جزاء لأهل الإيمان، بل يدخر الله -عزَّ وجلَّ- لهم في الآخرة النعيم العظيم والنعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، فالمؤمن وهو يعمل العمل لا ينبغي له أن يلتفت إلى حظِّ الدنيا، فالكافر قد يعمل العمل لأجل ذلك، فهو يُطعم بها حسنة في الدنيا، وأما المؤمن فإنه يعمل العمل لأجل الآخرة، ولهذا في الآية ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورً﴾ [الإنسان: 9]، فالجزاء والشكور يكون في الدنيا، وما الذي حملهم على الإطعام؟
﴿إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرً﴾ [الإنسان: 10]، إذن خوفهم من يوم القيامة، ومما يكون في الآخرة حملهم على الإحسان، وحملهم هذا الإحسان وعظيم الإخلاص أنهم لا يطلبون جزاءً في الدنيا؛ بل إنَّ بعض أهل العلم ومنهم فقهاء الصَّحابة -رضي الله عنهم- ومنهم عبد الرحمن بن عوف وجمع من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يخافون إذا رأوا هذه الحسنة في الدنيا، ويخافون أن تكون عُجِّلَت لهم حسناتهم في الدنيا، فكانوا يخشون من هذا الأمر خشية عظيمة، وهذا يجعلك أنك تعمل وتدَّخر ما تعمله للآخرة لِمَا عند الله -عزَّ وجلَّ- في الآخرة.
ثم قال: «وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ»، وهذا من فضل الله -عزَّ وجلَّ، فمن بركة الطاعة أنَّ الله قد يمنحه شيئًا في الدنيا، لكنَّ الدنيا ليست هي المقصد، بل الآخرة.
{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (وله عنه مرفوعا: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَ»)}.
هذا الحديث فيه مسائل: أنه يُبيِّن أنَّ الله -سبحانه وتعالى- يرضى من عبده أفعال، وأنه عند أكله وعند شربه ينبغي أن يستشعر نعمة الله -عزَّ وجلَّ- فإن المَنعِم حقُّه أن يُشكر وأن يُحمَد، فالذي أنعم على العبد بالأكل والشُّربِ هو المَنعِم -سبحانه وتعالى- فحقُّه أن يُحمَد وأن يُشكّر -سبحانه وتعالى- وحمده باللسان، وشكره بالأعمال، بأن تُستعمَل هذه النِّعَم في طاعته -سبحانه وتعالى.
كذلك من المسائل المهمَّة في هذا الحديث: صفة الرضى، وهي من صفات الربِّ -سبحانه وتعالى- الفعليَّة الاختياريَّة، كصفة الغضب، وهي متعلقة بمشيئة الرب، فقد تقرر عندنا أن الصفات إمَّا ذاتية، وإمَّا فعلية واختيارية -فدائمًا نربط بين الصفات الفعلية والاختيارية.
فالله -عزَّ وجلَّ- يرضى في وقت دون وقت؛ لأنَّ الرضى متعلق بأفعال، قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَ».
كذلك مما يستدعيه المُقام من بيان المسائل العلمية في هذا الحديث: أنَّ الرضى لله -سبحانه وتعالى- من صفاته الفعلية الاختيارية التي يفعلها إذا شاء، وَيُعَلِّقَها بأعمالٍ يقومُ بها العبد، وهذا بخلاف ما عليه أهل الكلام من متكلمة الأشاعرة والكُلَّابيَّة الذين يجعلون الرضى صفةً أزليَّة لا تعلُّق لها بالمشيئة والاختيار.
ولا أريد أن أُطيل في هذه المسألة، ولكن أُجمل.
ما الذي حملهم على الوقوع في هذه المزالق ومخالفة النصوص؟
لاشك أنهم يُريدون التَّنزيه، ولكنهم لم يسلكوا مسلك السَّلف في باب أسماء الله وصفاته، هم معترفون بأنهم لم يسلكوا هذا المسلك، يعني أنهم يعرفون أن مسلكهم مخالف لمنهج السلف، ولهذا يقولون -كما يجعلون لهم شعارًا: "مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم".
فهم يعرفون ذلك، طبعًا هم ظنوا أنَّ مذهب السلف هو التفويض، وهذا ليس بمذهب السلف، ويعترفون أن مذهبهم مخالف لمذهب السلف، والذي حملهم على جعل الصفات الفعلية الاختيارية أنها صفات أزليَّة لا تتعلق بها المشيئة ولا الاختيار: دليل كلامي أخذوه من تراث اليونان والمنطق الأرسطي وعلم الكلام، وهو ما يسمى بدليل حدوث الأجسام -أو دليل الحوادث- فهذا الدليل من خلاله ومن خلال مقدمات أثبتوا أن العالم حادث وليس بمخلوق في مناظرتهم للفلاسفة، ولأجل لوازم هذا الدليل التزموا ما وقعوا فيه من نفي أن الرضى متعلق بالمشيئة والاختيار؛ لأنهم يظنون ويتصورون أنهم إذا أثبتوا الرِّضى لله -عزَّ وجلَّ- في وقت دون وقت أن الرب -سبحانه وتعالى- تحلُّ به الحوادث، وما تحل به الحوادث فهو حادث؛ وعلى ذلك ينفون هذه الصفات التي وُصفَ الرب -سبحانه وتعالى- بها لأجل هذه المقدمات الكلاميَّة، التي هي في الحقيقة دلائل عقلية مقدوح في مقدماتها وفي نتائجها، وهم ليسوا على منهج واحد في إثبات هذا الدليل، بل هم يختلفون في المقدمات؛ لكن المقصد والحاصل أنَّ الذي حملهم على جعل هذه الصفات صفات أزليَّة وثابتة ولا تعلق لها بالمشيئة والاختيار هو دليل الأعراض وحدوث الأجسام.
والشبهة التي لأجلها التزموا شبهة حلول الحوادث، فالله -سبحانه وتعالى- منزَّه عن ذلك ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
ونحن نُثبت ما أثبته الله -عزَّ وجلَّ- لنفسه، وما أثبته رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا نتجاوز القرآن ولا السنة، ونحن كما فَعَلَ أسلافنا على هذا المنهج.
طبعًا النصوص دالَّة على أنَّ الرضى والغضب يكون في وقتٍ دون وقتٍ؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَ»، فهذا دليل على أنَّ الرضى مُتَعَلِّق بحمد العبد لله إذا أكل أو شرب.
ولذلك فإن الله يقول في صفة الغضب: ﴿وَمَنْ يَحْللْ عَلَيْه غَضَبي فَقَدْ هَوَى﴾ [طه: 81]، فدلَّ على أنَّ الغضب يحلُّ في وقت دون وقت.
وفي الحديث: «إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ»، فهذه أدلة واضحة وبيِّنة.
ومن اللمسات التربوية في هذا الحديث: أنَّ أهل الإيمان -بحمد الله- على خير عظيم فيما يتعلق بما يفعلونه في هذه الدنيا، فإنهم في عبادة عظيمة لربهم -سبحانه وتعالى- من جهة أن كلَّ نعمةٍ تُسدَى إليهم فالرب -سبحانه وتعالى- يطلب منهم في هذه النعم الشكر والحمد، ولهذا لا يغيب عن الإنسان حينما يأكل أن يحمد الله-عزَّ وجلَّ.
كيف لا تحمد الله -عزَّ وجلَّ- وأنت قد سمعت من النبي -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ يَأْكُلُ الأَكْلَةَ أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَ»، فإذا انتهيت من الأكل فاحمد الله -عزَّ وجلَّ- على ما أولاك من نعمة، وتذكر نعمة الله -عزَّ وجلَّ- وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا فرغ من الطعام قال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَ» ، وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم: «الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَ» ، إلى غير ذلك من الأذكار التي يَتَعلمها الإنسان وَيُعَلِّمَها أبناءه.
وإذا انتهى العبد من الشرب يحمد الله -عزَّ وجلَّ- ويُسَمِّي قبل أن يشرب، ويُسَمِّي قبل أن يأكل؛ فهذه كلها معانٍ لا ينبغي أن يغفل عنه الإنسان، يتأدب الإنسان بها، ويؤدب غيره، ويذكر بها المؤمن نفسه، وَتُذَكِّر بها الأم أبناءها، والأبُ أبناءه، إذا انتهوا من طعام أن يحمدوا الله -عزَّ وجلَّ؛ لأنَّ الله هو المنعم -سبحانه وتعالى.
كيف لا تفعل هذا وأنت تلتمس رضى الله -عزَّ وجلَّ؟! فرضى الله -عزَّ وجلَّ- عظيم وفضله عظيم، وهو بعمل يسير -عمل اللسان.
ثم إنَّ هذه النِّعم التي أنعم الله بها عليك لابد أن تستعملها في طاعة الله -عزَّ وجلَّ- وتكون هذه القوة التي يمنحك الله إيَّاها بالطعام والشراب عونًا لك على طاعته-سبحانه وتعالى- وعلى شكره، لا على محاربته أو معارضته بالمعاصي -نسأل الله العفو والعافية.
{قال: (وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «أَطَتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسن. قال «وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرً» في الصحيحين من حديث أنس)}.
هذا الحديث فيه مسائل وهي متعلقة برحمة الله -عزَّ وجلَّ- فمن آثار رحمة الله -سبحانه وتعالى- أنَّ الله أخفى عن خلقه أشياء، ولم يبينها لهم لحكمته -سبحانه وتعالى.
أول هذه المسائل: عظمة ملكوت الرب -سبحانه وتعالى- وأنَّ ملائكته المُسبِّحة بقدسه خاضعة له -سبحانه وتعالى- وقائمة بعبادته، ومن عبادة الملائكة السجود، كما أن من عبادة الملائكة التسبيح لله-عزَّ وجلَّ، فقال في الحديث: «مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى»، فهذا يدل على عظمة الرب -سبحانه وتعالى- وأنَّ ملائكته هم عُمَّار السماء قد ملؤوا هذا الملكوت وملؤوا السماء بعبادته-سبحانه وتعالى- وبتسبيحه وبالخضوع له.
المسألة التي تليها: أنَّ السماء أطَّت، أي: صَدَرَ لها صوت، وهذا الصوت من كثرة عمَّارها ومَن فيها قائمون بعبادته -سبحانه وتعالى؛ لأنَّ الله غني عن عبادة خلقه -سبحانه وتعالى.
كذلك من المسائل المهمة: أنَّ الله أخفى عن عباده ما لو كشفه لهم لامتنع بقاؤهم في هذه الأرض، وهذه من آثار رحمة الله -سبحانه وتعالى- ويدلك على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ»، وهذا يدل على أنه لو حصل هذا حصل معه امتناع النَّسل؛ لأنَّ التناسل من أسباب بقاء الخلق في الأرض.
قال: «وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ»، يعني: الأفنية والأماكن الواسعة.
قال: «تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ -عزَّ وجلَّ»، أي: تُصدرون الصوت والخوف، فلا تنعمون بحياتكم، فالله-عزَّ وجلَّ- من آثار رحمته أنه أخفى عليهم ما يحصل به امتحانهم وابتلاؤهم في هذه الدنيا، ولهذا يُفضَّل أهل الإيمان على غيرهم بأنهم﴿الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ [البقرة 1-3]، موضع الشاهد قوله ﴿يؤمنون بالغيب﴾، فإيمانك بغيب الله -عزَّ وجلَّ- يحملك على العمل الصالح.
{قال -رحمه الله تعالى: (ولمسلم عن جندب «أَنَّ رَجُلًا، قَالَ : وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ : مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ»)}.
هذا الحديث في تعظيم الرب -سبحانه وتعالى- ومناسبة هذا الحديث لِمَا قبله: بيان أنَّ رحمة الله -عزَّ وجلَّ- لا يجترئ عليها أحد، ولا يجوز لأحد أيًا كان أن يجترئ على رحمة الله -عزَّ وجلَّ- فرحمته -سبحانه وتعالى- وسعت كل شيء، ولهذا جاء في الحديث وهو في إخبار مَن كان قبلنا، قال: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ...».
طيبعًا للحديث مناسبة كما جاء في بعض الروايات: أن رجلًا كان يعظ أخاه فيما كان يفعله من المعاصي، ثم إنَّه لما رأى اجتراءه على معاصي الله -عزَّ وجلَّ- غفل وأُعجِبَ بعمله واستصغر عمل هذا الرجل وجرأته على الله -عزَّ وجلَّ- فوقع في المحظور وهو التألِّلي على الله -عزَّ وجلَّ- إذ إنه حلف أن الله -جلَّ وعَلا- لا يغفر لفلان، وهذا لا شك أنه اجتراء على الله -عزَّ وجلَّ- ولهذا قال الله تعالى كما في: «مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ!» ، أي: من ذا الذي يحلف على الله -عزَّ وجلَّ؟!
قال: «... أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ»، المغفرة من خصائص الله تعالى، فيغفر لمن يشاء -سبحانه وتعالى- فلا يتأتى لأحد أيًا كان أن يتألَّى على الله -عزَّ وجلَّ.
قال: «فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ»، هذا يدل على أنَّ هذا العامل لم يقع في الكفر، ولكنه وقع في المعاصي، ولذا على الإنسان ألا ينظر للناس أهل المعصية بعين الازدراء والتَّنقُّص، ولكن بعين الرحمة، وألا يُعجب الإنسان بعمله، ولا يجترئ على ارتكاب المعاصي، فهذا صوَّر له الشيطان أنَّ ما فعله غيرَة على محارم الله، فوقع في منكر أعظم مما يفعله ذاك؛ فتألَّى على الله -عزَّ وجلَّ- فينبغي للإنسان ألا يجترئ على هذه الأمور.
كذلك من المسائل المهمة تحت هذا الحديث: تحذير العباد من الخوض في أعمال العباد، فالإنسان لا يتكلم في أحد، ولا يقول: هذا عمله مقبول، وهذا عمله مردود، هذا كذا، أو كذا؛ فينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه عن هذا، واللسان له مزالق، بل إنَّ اللسان من أعظم أسباب دخول النار -أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: «هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» .
{قال -رحمه الله: (وله عن أبي هريرة مرفوعًا: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَحَدٌ»)}.
هذا الحديث فيه الجمع بين الرحمة والعذاب، وأنَّ رحمة الله -عزَّ وجلَّ- كما أنها قريبة من عباده، كذلك غضبه وسخطه قريب من عباده، ولهذا نقول في مسائل هذا الحديث في تقرير صفتي العذاب والرحمة، ولهذا جمع الله تعالى بينهما فقال: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: 49]، فرحمته-سبحانه وتعالى- سبقت غضبه، ولكن لا يأمن الإنسان من آثار غضبه-سبحانه وتعالى- العذاب الأليم وهي النار -أعاذنا الله وإياك من النار، وهذا من التقابل.
ولهذا جاء في الحديث «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ أَحَدٌ» ، إذن يكون الإنسان بين هذا وذاك، بين الرحمة وبين العذاب، فلا يتَّكل على الرحمة، وفي نفس الوقت يخشى من العذاب؛ لأنَّ الله جمع بينهما، فهو الغفور الرحيم، فلا يأتي أحد ويقول: إنَّ الله هو الغفور الرحيم؛ ثم يجترئ على محارم الله وعلى المعاصي.
إذا قال: "إن الله غفور رحيم" قلنا: "وعذابه عذابٌ أليم"، فكما أنك ترجو رحمته ومغفرته فعليك أن تخشى عذابه ونقمته-سبحانه وتعالى.
كذلك من المسائل المتعلقة بهذا الحديث: أنَّ المؤمن يكون في حال الدنيا بين حالي الخوف والرجاء، ولهذا قال أهل العلم: "إنَّ الخوف والرجاء بالنسبة للمؤمن هما كجناجي الطائر"، هذا الطائر يطير بجناحين؛ إذن لا يغلب جناحٌ جناحًا، فيكون بين الخوف والرجاء، كما قال الله تعالى:﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: 49]، فلا يجترئ على محارم الله -عزَّ وجلَّ- بزعمه أنَّ الله غفور رحيم، وأنَّ رحمته سبقت غضبه، فيخشى من عذابه، فإنَّ عذابه هو العذاب الأليم -سبحانه وتعالى.
المسألة التالية: الأصل في الإنسان في حال الدنيا وحال السلام كما قرر أهل العلم في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح وغيره من أهل العلم، وكلام أصحاب الإمام أحمد فيما نقلوه عن الإمام أحمد، وعن عموم أهل السنة؛ أن الأصل أن يُغَلِّبَ الإنسانُ جانب الخوف على الرجاء في حال السلامة؛ لا يكون راجيًا بمزيد، ولا خائفًا بمزيد، فيكون الخوف أغلب، حتى يحمله الخوف على المسارعة؛ ولأنَّ الإنسان من طبعه أنه يميل إلى الدعَّة والكسل والتَّراخي، فإذا أحسَّ بالخوف حمله ذلك على الإقبال على الله -عزَّ وجلَّ.
ولكن عند حضور أجله أو أحس بقرب أجله فعليه أن يُغلِّب جانب الرجاء؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ» ، فيكون حسن الظن بربه، ولهذا ذكر أهل العلم أنَّ من حضرَ مُحتضَرًا عند أجله فعليه ألا يحدثه بأحاديث الخوف، وإنما يُحدثه بأحاديث الرجاء التي وردت عن النبي -صلى الله عليه وسلم، ومن أحاديث الرجاء قوله -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي» ، وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: 156]، يُحدثه بهذه الأحاديث، وبفضائل الأعمال الصالحة حتى يُغَلِّبَ عليه جانب الرجاء، فيموت وهو حسن الظن بربه -سبحانه وتعالى- والله تعالى يقول كما في الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» ، فيكون حسن الظن بربه -سبحانه وتعالى.
وهذه الأحاديث تربي في نفس طالب العلم أشياء عظيمة جدًّا، فيكون الإنسان بين الخوف والرجاء في أعماله، فلا يغلب جانب على جانب، ويحدوه ذلك إلى الآخرة وإلى العمل الصالح.
{أحسن الله إليكم يا شيخ..
بعضهم إذا حضر عند شخص مريض بمرض الموت، تجده يذكر جانب من أعماله الصالحة. فهل هذا حسنٌ؟}.
هذا شيء طيب، إذا كان الرجل مريضًا وَأَحَسَّ أَنَّه في آخر أيامه، فهذا جيد، وإن كان أهل العلم ذكروا أنَّه ذلك يكون في حال الاحتضار، يعني إذا بدأت مقدمات الموت، ولها علامات، فإنَّ الإنسان يُحدثه بذلك، والإنسان يُراعي في هذه الأحوال هذه الجوانب.
{قال -رحمه الله: (وللبخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ»)}.
هذا حديث عظيم، وفيه جوامع كلام النَّبي -صلى الله عليه وسلم، فلو بحثت على ما تُرقَّق به النفوس من الكلام الفصيح البليغ لن تجد خيرًا من كلام الله ومن كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث فيه موعظة عظيمة، فالجنة قريبة جدًّا منَّا -نسأل الله الجنة- وأن النار مثل ذلك.
وتحت هذا الحديث مسائل:
المسألة الأولى: أنَّ انتقال المؤمن للجنة، أو انتقال الفاجر أو الكافر إلى النَّار أقرب ما يكون؛ لأنَّ الإنسان لا يحول بينه وبين الجنة إلا مفارقة الروح للجسد؛ لأنَّ أول منازل الآخرة هي القبر، ويسميه أهل العلم "دار البرزخ" لأنَّ الدُّور ثلاثة:
- دار الدنيا.
- ودار البرزخ.
- ودار الآخرة.
والقبر هو أول منازل الآخرة، ولأرواح أهل الإيمان تعلُّق في الجنة، ولهذا ورد في الحديث أنَّ أرواح أهل الإيمان في الجنة تسرح ، وأنَّ الشهداء «أرواحُهم في جوفِ طيرٍ خُضرٍ» ، إلى غير ذلك، أما أرواح الكفار ففي سجِّين، فالإنسان انتقاله قريب، فإذا تذكر الإنسان أنَّ الجنة قريبة وأنَّ النَّار قريبة فعلامَ يجترئ على محارم الله! وعلامَ يظلم الخلق! ويتجرئ على ظلم الخلق ونهب أموالهم والتَّعدِّي على أموالهم العامة، والتخوُّض في أخذ حقوق الناس وظلمهم!
فما بينكم وبين الجنة والنار إِلَّا شيء بسيط، ولهذا مثَّله بشراك النَّعل؛ لأنَّ أقرب ما يكون لك هو شِراك النعل، يعني معقد النَّعل، لأن النعل في السابق كان له شراك، فهو قريب جدًّا منك، ولذا فإن الجنة قريبة منك، وكذلك النار قريبة منك، والحديث يدل على أنَّ دار البرزخ الحكم فيها للأرواح والأبدان تبعٌ -كما قرَّر ذلك أهل العلم- وأنَّ الإنسان ما يحول بينه وبين الانتهاء والانفصال عن هذه الدنيا والانتقال لدار الآخرة -وأول منازل هذه الدار هو البرزخ إلا الموت، فنسأل الله حسن الختام، وأن يتوفانا على الإسلام والسُّنَّة غير مبدلين ولا محدثين.
فالإنسان لا يكون في مأمن، وهذا يبعثك على الخوف من الله-سبحانه وتعالى- وعلى التَّعرُّض لرحمات الله -عزَّ وجلَّ- فإن الجنة قريبة، والنار قريبة، فكيف تجترئ أن تكون على حذر عظيم وحذرٍ بالغٍ من أنَّ قد يُختَم لك بعملٍ سوء، وما يدريك أن تُقبَض روحك وأنت على معصية من معاصي الله -عزَّ وجلَّ؟! فكيف تلقى الله -عزَّ وجلَّ؟!
أسأل الله أن يستعملنا في طاعته، وأن يتوفانا مسلمين غير محدِثين ولا مبدلين، مستقيمين على سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يغفر لنا، وأن يرحمنا برحمته التي وسعت كل شيء.
{وفي الختام نشكركم فضيلة الشيخ على أجدتم به وأفدتم، ولا أنسى أن أشكركم أنتم أيها المشاهدون على حسن إنصاتكم واستماعكم، إلى أن نلقاكم في الحلقة القادمة.
إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
سلاسل أخرى للشيخ
-
2524 22
-
3243 12
-
3327 12
-
4637 12