الدرس الأول

فضيلة الشيخ د. فهد بن سعد المقرن

إحصائية السلسلة

2586 12
الدرس الأول

أصول الإيمان (1)

الحمدُ لله رَبِّ العَالمين، والصَّلاةُ والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أرحب بكم -إخواني وأخواتي المشاهدين- في مرحلةجديدة من مراحل البناء العلمي، أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لتحصيل العلم النافع والعمل الصالح، وأرحب بفضيلة الشيخ الدكتور/ فهد بن سعد المقرن -حفظه الله- الذي سيتولى شرح كتاب "أصول الإيمان" فأسأل الله أن ينفعنا به في الدنيا والآخرة.

{الحمد لله رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمشاهدين يا رب العالمين.
قال المؤلف: (باب معرفة الله عز وجلَّ والإيمان به -باب رد الشرك
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رواه مسلم)
}.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن تبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
هذا الكتاب المعنون بـ "أصول الإيمان" للشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- المتوفى سنة (1206ه)، وهو الإمام الأثري السلفي.
وقد ألف هذا الكتاب -رحمه الله تعالى- وجمع فيه أصول الإيمان.
المقصود بأصول الإيمان: أركان الإيمان هي التي جاءت في حديث جبريل الطويل، والذي رواه الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-لمَّا جاء جبريل في صورة بشر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، وفيه أنه سأله عن الإيمان، فقال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ». هذا الحديث خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث صحيح.
وهذه الأصول -أصول الإيمان وأركانه- مذكورة في غير هذا الحديث من نصوص من كلام الله ومن كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم.
طريقة الشيخ -رحمه الله- في تأليف هذا المؤلَّف: سار الشيخ -رحمه الله تعالى- على غرار سيره في كتاب التوحيد، وهذه هي الطريقة الأثرية المعروفة بطريقة المحدِّثين، وهي التَّبويب بأبواب، وإيراد أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- والنصوص من كلام الله، ومن كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدلك -بحمد الله- على أنَّ هذه الدعوة السلفية والطريقة المرضية هي طريقة الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأنَّ هذا المنهج منهج أثري، منقول عن سلف هذه الأمة، فالاستدال يكون بكلام الله وبكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم.
ولهذا فإنَّ هذا الكتاب -أصول الإيمان- على غرار كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد للشيخ الإمام -رحمه الله تعالى.
وبوَّب الشيخ -رحمه الله تعالى- بأبواب -كما سيأتي معنا- وأورد أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تنص وتدل على هذه الأصول التي هي أصول الإيمان، وهي العقيدة الصحيحة؛ لأن العقيدة تقوم على هذه الأصول، كالإيمان بالله -عزَّ وجلَّ، فالإيمان بالله -عزَّ وجلَّ- يشمل الإيمان بربوبيَّته، وبألوهيَّته، وبأسمائه وصفاته -سبحانه وتعالى- وعُلِمَت هذه الأقسام باستقراء النصوص؛لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يُبيِّن أنه يجب أن يُؤمن بأنه هو الرب -سبحانه وتعالى- الخالق المدبر الرازق المحيي المميت، الذي يعرفه أهل العلم بتوحيد الربوبية.
وأيسر تعريف، وأخصر تعريف لتوحيد الربوية -وهو النوع الأول من أنواع التوحيد- يوجَّه إليه طالب العلم حتى لا يلتبس بغيره، أن يُقال: "هو توحيد الله تعالى بأفعاله". هذا هو توحيد الربوبية، فالصغار يُعلَّمون هذا، ويكون أخصر عبارة، كالخلق والرزق، والإحياء، والإماتة، فتعتقد أنه لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر إلا الله -سبحانه وتعالى.
وهذا التوحيد مغروس في الفِطَر، وجميع الملل السابقة كانوا في الجملة على الإقرار بهذا التوحيد، وهذا لا ينفك إنسان عن الإقرار به إلا ما ندُرَ.
فهذا هو توحيد الربوبية، وحتى كفار قريش كانوا يُقرُّون بهذا التوحيد، قال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾[العنكبوت:61]، فهذا مستقر في نفوسهم، ولا يخاصمون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.
النوع الثاني من أنواع التوحيد -وكل الأنواع داخلة في أصول الإيمان- هو: توحيد الألوهية: ويعبر عنه أهل العلم بمسميات في دلالة على شيء واحد، فيقولون: "توحيد القصد والطلب"، وهو أن يُقصد ويُطلب من الله -سبحانه وتعالى.
وأخصر تعريف لهذا التوحيد، أي: توحيد الألوهية أو العبادة هو: "توحيد الله تعالى بأفعال العباد".
فأفعال العباد على وجه التَّعبُّد لا تُصرَف إلا لله -عزَّ وجلَّ- فكما أنك لا تصلي إلا لله، ولا تسجد إلا لله؛ فكذلك لا تدعُو إلا الله، ولا تستغيث إلا بالله، ولا ترجو إلا الله -سبحانه وتعالى- ولا تخاف خوف السِّر إلا من الله -سبحانه وتعالى- ولا تذبح إلا لله -سبحانه وتعالى- فهذا هو توحيد الألوهية، وهو ما يعبر عنه أهل العلم بـ "توحيد القصد والطلب"، فيكون قصدك ومطلوبك هو الله -سبحانه وتعالى.
وقلنا في أخصر تعريف له: "هو توحيد الله بأفعال العبد".
ولاحظ: قلنا في تعريف توحيد الربوبية: "بأفعاله" أما توحيد الألوهية: "بأفعال العباد" حتى يسهل على طالب العلم وعلى الصغير أن يتعلم هذه المختصرات، ويفهمها، ويعرفها، ولهذا يقبح بالمسلم ألا يعرف هذه الأصول، ولهذا فمن العلم ما يجب على كل مسلم أن يتعلمه، ولا يسع الإنسان أن يجهله، ومنه هذه الأنواع.
ولهذا فقد ألَّف الشيخ الإمام المجدد -رحمه الله- مختصرًا مشهورًا ومتداولاً، من كان عامِّيًّا يُلقَّن به، ويسمون هذا "تلقين العقيدة" فلهذا فإن العامي يجب عليه أن يعرف الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن هذه المور لا يُقبل فيها التقليد. لماذا؟
لأن إيمان المقلد لا يصح؛ ولأن هذه الجملة العظيمة يسأل عنها الإنسان في قبره، فأول ما يُقبر الإنسان ويُفارق الدنيا ويدخل في دار البرزخ؛ يتوجه إليه الإمتحان، الأسئلة التي تُوجَّه إليه:
- من ربك؟
- ما دينك؟
- من نبيك؟
ولهذا ألف الشيخ -رحمه الله- مِن حرصه وشفقته وإخلاص -نحسبه والله حسيبه- كتاب "الأصول الثلاثة" في الدلالة على هذه الأصول (من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟) التي لا يسع الإنسان أن يجهلها.لماذا؟
لأنه جاء في الحديث أنَّ المنافق يُسأل عن هذه الأسئلة فيقول: «هَاهْ هَاهْ لَا أَدْرِي»، «سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ»؛ لأنَّ مبناه على التقليد وليس على حقيقة الاعتقاد.
ولهذا فالإنسان يعتقد هذه الأمور ويعرفها، ولهذا يُعَلَّم الطفل وهو صغير هذه الأنواع، ويُفرِّق بينها، هذا هو توحيد "الإلهية" أو الأُلوهية" أو "القصد والطلب".
النوع الثالث: توحيد الله -عزَّ وجلَّ- بأسمائه وصفاته.
فتعتقد أن الله -عزَّ وجلَّ- لا مثيل له في أسمائه ولا في صفاته -سبحانه وتعالى- كما جاء في كلام الله، وفي كلام رسوله -صلى الله عليه وسلم.
هذه هي أصول الدين، وهذا هو جوهر العقيدة الإسلامية، وهذا هو دين الإسلام، وهذا دين الأنبياء، ما تغيَّر من أول الأنبياء آدم -عليه الصلاة والسلام- إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- فدينهم واحد، وأما شرائعهم فتختلف. هذه هي العقيدة التي جاء الأنبياء والرسل بتحقيقها.
والخصومة -كما سيأتي- بين أقوام الأنبياء إنما كانت في توحيد الإلهية، ولهذا فالإنحراف كان في توحيد الإلهية، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ [يونس:18]، ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾[سبأ:37].
إذن هم يعترفون أنَّ الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر، ولكن حصل لهم الخلط واللبس في جهة توحيد العبادة، فظنوا وأوحى إليهم الشيطان أن هؤلاء الشفعاء، سواء كانوا أصنامًا أو أوثانًا أو ملائكةً أو جنًا أو أي شيء كان؛ لأنه لا فرق بين الوثن والصنم وبين قبر الرجل الصالح أو الولي أو أي شخص كان يُدعى من دون الله -كما سياتي من الشيخ -رحمه الله- البيان وإيراد هذه الأحاديث في مثل هذا.

{الحديث الأول: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ»)}.
تحت هذا الحديث مسائل:
المسألة الأول: نعلم أن هذا الحديث قدسي.
ما معنى الحديث القدسي؟
هو ما يرويه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تبليغًا، ولهذا يقال:إن الحديث القدسي هو: كلام الله تعالى لفظًا ومعنى.
ولا يقال:إنه كلام الله معنى فقط، واللفظ من النبي -صلى الله عليه وسلم! هذا غلط في التعريف.
ما الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن؟
الفرق الأول: أن القرآن يُتعبَّد بتلاوته، وهذا لا يُتعبَّد بتلاوته.
الفرق الثاني: أنَّ القرآن مُعجِز، تحدَّى الله كفار قريش أن يأتوا بمثله، وأن يأتوا بِعَشْرِ سُور، وأن يأتوا بسورة؛ فما استطاعوا، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، أمَّا الحديث القدسي فليس بمعجز، ولهذا قد تجد من الأحاديث القدسية أحاديث موضوعة.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ»، هذا الحديث اشتمل على توحيد الربوبية، فالله -عزَّ وجلَّ- ما كان أغنى الشركاء عن الشرك إلا لكمال ربوبيته -سبحانه وتعالى؛ لأنه الرَّب المدبر، الذي أحاط بكل شيء، وكل ما في هذه العوالم تحت تدبيره -سبحانه وتعالى- وهذه العوالم منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو خفي، فالإنسان يُدرك من العوالم عوالم كثيرة جدًا، كعالم البحار، وعالم النجوم، وعالم الأرض، وهناك عوالم لا يدركها الإنسان، فالله -سبحانه وتعالى- يدبرها ويصرفها كيف شاء -سبحانه وتعالى، فهو ليس بحاجة لشريك لأنه كامل -سبحانه وتعالى- في أسمائه وصفاته.
ولهذا قال الله: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ»، فلربوبيته -سبحانه وتعالى- غني، وسوف نتعلم من خلال هذا الحديث التلازم بين أنواع التوحيد، فأنواع التوحيد يستلزم بعضها بعض.
فمثلًا: توحيد الربوبية، إذا أقررت أنَّ الله هو الخالق الرازق المحيي المييت المدبر؛ ماذا يحملك عليه؟
أن تخلص العبادة، فإذا كان التدبير بيده -سبحانه وتعالى- فنخلص له العبادة، كل أنواع العبادة تصرفها، ولهذا فإن الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن احتجَّ على المشركين بإقرارهم بتوحيد الربوبية أنه يجب عليهم أن يُقرُّوا بتوحيد الألوهية، فقال الله تعالى على وجه الاحتجاج: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ﴾[الزخرف:87]، فإذا كنتم تقرون أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت؛ فكيف تشركون معه غيره؟! هذا ضلال وانحراف!
فلهذا قال الله -عزَّ وجلَّ- لربوبيته «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ»، ثم قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»، وهذه مسألة عظيمة تدلك على توحيد الألوهية، وأن الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه -سبحانه وتعالى- فلا يقبل الشرك، فلا يُصرف التوحيد إلا له -سبحانه وتعالى- ولا يُشرَك معه غيره -سبحانه وتعالى؛ لأنه أغنى الشركاء عن الشرك.
وهذا يدلك إلى أن تحرص كل الحرص لتكون أعمالك خالصة لله -سبحانه وتعالى.
ولهذا فإن أعمال القلوب لها أثر عظيم في سلوك الإنسان، وفي ثوابه عند الله -سبحانه وتعالى- أَلَا ترى أن الله -سبحانه وتعالى- قد يُدخل الإنسان الجنة بعمل ظاهر بسيط، بغيّ من بغايا بني إسرائيل سقت كلبًا بموقها فغفر الله لها، ورجل أماط الأذى عن الطريق فغفر الله له؛ وهذا لعظم الإخلاص في القلوب.
ولهذا ينبغي للمسلم أن يُعنَى بقضية الإخلاص، وهذا باب طويل، وانظر إلى إخلاص السلف الصالح، وعنايتهم بالإخلاص في مثل هذه الأمور، وانظر إلى قول الله -عزَّ وجلَّ: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرً﴾[الإنسان:8]. انظر إلى الثواب العظيم!
إذن ينبغي للإنسان أن يعرف أن الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل الشرك في عبادته ولو كان شيئًا قليلًا، ولهذا ورد في كتاب التوحيد من حديث طارق بن شهاب عن أبيه عن جده: «دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَ فِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ النَّارَ رَجُلٌ فِي ذُبَابٍ» ، فهذا قَرَّبَ شيئًا قليلًا، وليس المقصود قلة الشيء ذاته، ولكن المقصود أنَّ العبادة لا تكون إلا لله، ولو كان شيء قليل يُصرف لغير الله فإنه يُحبط العمل ويوجب الخلود في النار لمن مات عليه -نسأل الله العافية.

{باب: إن الله لا ينام.
(عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ»وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ «النَّارُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ»وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ خَلْقِهِ وَقَالَ حِجَابُهُ النُّورُ.رواه مسلم)}.
الشيخ -رحمه الله- في هذا الحديث شرع في بيان صفات الله -عزَّ وجلَّ- وهي داخلة في الإيمان بالله؛ لأن الإيمان إمَّا إيمان بربوبيته، أو بألوهيته، أو بأسمائه وصفاته.
يقول أبو موسى الأشعري: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ)، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يختصر الكلام اختصارًا، وأوتي -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم.
فانتبه -يا رعاك الله- إلى هذه العبارات العظيمة؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يتكلم بكلام قصير، ولكنه عظيم المعنى.
قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ».
الله -عزَّ وجلَّ- لا ينام لماذا؟
لكمال قيُّوميَّته ولكمال حياته-سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ﴾[البقرة:255]، لينفي عمَّا يتبادر إلى الذهن أنَّ الله -سبحانه وتعالى- يغفل عن خلقه وعن هذه العوالم التي يدبرها -سبحانه وتعالى.
والله -عزَّ وجلَّ- لا يوصف بما يوصف به خلقه، وهذا يبعث في النفس أنَّ الله مطلع على كل شيء، فالله تعالى «لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ»، فمن أوصاف الرب -سبحانه وتعالى- أنه ﴿الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾.
والسِّنة: هي مقدمة النوم.
والنوم: هو الاستغراق.
فلا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم؛ لأن الله -سبحانه وتعالى﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى:11].
قال: «يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ».
العبارة تحتاج لدلالات لغوية، وقد وردت في أحاديث.
القسط: هو الحظ والنصيب والرزق الذي يوسعه الله لمن شاء، ويضيقه على من شاء بتدبيره الموافق لحكمته -سبحانه وتعالى.
وهذا يبعثك على أن تتعلق بالرب -سبحانه وتعالى- أنه «يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ»، الذي هو النصيب والرزق، فأرزاق الناس ليست على وجه واحد، وأحوالهم ليست على وجه واحد، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾[الرحمن:29]، قال أهل العلم: يُفقر غنيًّا، ويُغني فقيرًا، ويُمرض صحيحًا، ويشفي مريضًا، ويدبر خلقه وهو الحكيم الخبير -سبحانه.
فالقسط يشمل معانٍ كثيرة جدًا، فهو النصيب والحظ والرزق.
قال: «يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ»، فالقسط هو الحظُّ والنَّصيبُ، وما يكون من حال الإنسان، فتارة يخفضه، وتارة يرفعه، بما يوافق تدبيره وحكمته في مُلكه -سبحانه وتعالى.
ثم قال: «يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ».
أعمال بني آدام ترفعها الملائكة، ولهذا ورد في الحديث أنَّ الملائكة تجتمع في صلاتي الفجر والعصر، ولهذا يحسن بالمسلم ألا يغفل عن هاتين الصلاتين.
وجاء في الحديث الصحيح: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» ؛ ولأن الأعمال ترفع فيها، فالملائكة تتعاقب في صلاة الفجر وصلاة العصر.
قال: «يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ»، وهذا يدلك على أنَّ أعمال العباد محفوظة، وأن الليل والنهار راحلتان ومستودعان لأعمال الإنسان.
فيا عبد الله! احرص ألَّا ينقضي عليك النهار وألَّا ينقضي عليك الليل إِلَّا وقد تزودت فيهما بعمل صالح بهذه المراحل التي توصلك إلى الدار الاخرة.
ثم قال: «حِجَابُهُ النُّورُ».
هذه هي المسألة الثالثة، وفي رواية «حِجَابُهُ النَّار».
الله -عزَّ وجلَّ- احتجب عن خلقه بالنور، ولهذا لا يستطيع خلقه الوصول إلى رؤيته، ولا يكون ذلك إلا في الآخرة، يوم المزيد، يوم يطلع عليه أهل الجنة، ولهذا احتجب الله تعالى عن خلقه، فهذا الرب عظيم -سبحانه وتعالى.
وهذا النور الذي هو حجاب عن رؤيته -سبحانه وتعالى- (لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ)، يعني: كل شيء من العوالم.
ولذلك من رحمة الله -سبحانه وتعالى- بهم أنه احتجب عنهم بهذا الحجاب، وهذا الحجاب يُرفع إذا دخلوا الجنة حينما يرون ربهم، فيكون هذا أعظم النعيم الذي يحصل لأهل الجنة.

{قال: (باب إثبات أن لله يمينا:
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْفَيْضُ أَوْ الْقَبْضُ يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ». أخرجاه )
}.
هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم تحته مسائل:
أول هذه المسائل: إثبات صفة اليد -سبحانه وتعالى- على الوجه اللائق به التي وردت في النصوص؛ لأنَّ الله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11].
قال تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64]، وورد وصف اليد في كونه -سبحانه وتعالى- يقبضها ويبسطها، فصفة القبض والبسط لهذه اليد التي نقطع أنها ليست كأيدينا؛ لأن الله تعالى قال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى:11].
وإثبات اليد من عقيدة أهل السنة والجماعة، فالله -سبحانه وتعالى- له يد، وهذه الصفة لها أثر، فالله تعالى وصف هذه اليد بأنها يمين، فقال: «يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى»، يعني: ملأى بالخير.
قال: «لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ»، عطاء الرب -سبحانه وتعالى- لا ينقص منه شيء، والإنسان إذا أعطى ينقص منه، أما الرب فعطاؤه لا ينقص من ملكه شيء.
وكما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في وصف اليد «سَحَّاءُ»، يعني: دائمة الصَّبِّ بالعطاء والنفقة.
قوله: «سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، يعني: عطاء الله لا ينقطع عن خلقه بالليل والنهار، وهذا يبعثك على حُسن ظنك بالله -سبحانه وتعالى- فتعرف أنَّ الله كريم، وكرمه لا ينقطع.
تتمثل هذه النصوص وتستقر في نفسك، فتعرف أن الله -سبحانه وتعالى- إن منعك عطاءً فهو لحكمته، وإِلَّا فهو الكريم -سبحانه وتعالى.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ»، يعني: إنفاق الرب وعطاؤه لخلقه لم يُنْقِص ما في يمينه سبحانه.
ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «وَالقسط بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ».
تكلمنا عن القسط وقلنا هو: العطاء والنصيب والحظ والرزق، وأحوال الإنسان لتي يتقلب فيها؛ فكلها بين خفض ورفع لموافقة حكمته -سبحانه وتعالى.
تحت هذا الحديث كذلك وصف الرب -سبحانه وتعالى- بصفة اليد، وأن كلتا يديه -سبحانه وتعالى- يمين بالخير والإنفاق، وليس ثَمَّ فضل يدٍ على أخرى.
وجاء في بعض الروايات أنَّ الرب -سبحانه وتعالى- له يَدَان، وجاء في بعض الرويات ذكر "الشمال"، قال بعض أهل العلم: إنَّ الرواية التي في مسلم غير محفوظة -يعني شاذَّة- أي: انفرد بها.
ومن العلماء مَن أثبت هذه الرواية، وذكر أنه وإن ذكرت "الشمال" في الحديث أنها كاليمين في اليُمنِ والبركة، فوصفها بالشمال لا يتضمَّن نقص بأي وجه؛ لأن صفات الرب -سبحانه وتعالى- كاملة من جميع الوجوه.
وتقدم أن القسط هو: الرزق والحظ والنصيب.

{(باب علم الله سبحانه:
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ:«يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ ؟ قَالَ: لَا قَالَ لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي وَسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا وسيحكم بينهم» رواه أحمد)
}.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه مسائل:
المسألة الأولى: يتضمن هذا الحديث إثبات صفة العلم لله -سبحانه وتعالى- فالله يعلم كل شيء، ودراية الله -عزَّ وجلَّ- هي عِلمه، ووصف الله تعالى بأنه يدري خطأ؛ فلا يوصف الله تعالى بها، وإنما هذا من باب الإخبار، وباب الإخبار أوسع من باب الصفات كما هو مقرر في قواعد الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة، وهي من فروع صفة العلم، فكون الله يدري أي: أنه يعلم -سبحانه وتعالى.
المسألة الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَأَى شَاتَيْنِ تَنْتَطِحَانِ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ هَلْ تَدْرِي فِيمَ تَنْتَطِحَانِ؟»، هذا على وجه الاستفهام لإخباره بهذه الصفة وبآثار هذه الصفة؛ لأن العجماوات لا تفصح عن مكنونات نفوسها، ولا شك أن لها إحساس، ولها شعور، ولها حاجيَّات، ولكنها عجماويات لا تفصح ولا تنطق، ولا يعرف الإنسان ما يكون بينها، ولا شك أن بين هاتين الشاتين شيء، لأنهما ينتطحان، فتغلب هذه الشاة الأخرى.
قال: «لَكِنَّ اللَّهَ يَدْرِي»؛ لأنَّ عِلم الله محيط بكل شيء، حتى بهذه البهائم والحيوانات والحشرات، ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾[الأنعام:59]. الله أكبر!
علم الله الشامل محيط بكل شيء، فلا يخفى عليه شيء.
ثم أفادك الحديث إفادة عظيمة ينبغي أن لا تغفل عنها، وهي: أن عدل الله -عزَّ وجلَّ- في غاية التَّناهي، فهذه العجماوات وهذه البهائم لا تكليف عليها، ولهذا سيحكم بينهما الله -عزَّ وجلَّ- ولهذا سمي يوم القيامة بيوم "الدين" يوم يوفى الإنسان ما عمل، فإذا كان الله -سبحانه وتعالى- لم يغفل عن شاتين تنتطحان؛ فكيف يغفل عن مكلفين يختصمان؟!
والله -عزَّ وجلَّ- أعلم بما كانت فيه الخصومة؛ ولذا يحكم الله -عزَّ وجلَّ- بين الناس.
فإذا كان عدل الله تناهى إلى العجماوات والبهائم ومَن لا تكليف له؛ ففي هذا الحديث أن يوم القيامة تُؤدَّى الحقوق حتى بين الحيونات، وجاء في صحيح مسلم «حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء»، الجلحاء: التي ليس لها قرون. والقرناء: هي التي لها قرون.
فالقرناء يكون أذاها أكبر للجلحاء، ومع ذلك يحكم الله بينهما.
فبما بالك أنت يا عبد الله في حقوقك التي تُسلب، فأبشر فالله -عزَّ وجلَّ- سيوفيها لك يوم القيامة غير منقوصة، وإن حُرمت حقك في الدنيا.
وذلك الظالم حَري به أن يُعدَّ العدَّة لأداء الحقوق يوم القيامة، فإنه سَيُجْزى بها يوم القيامة؛ فَتَخَلص من الحقوق في الدنيا قبل أن تؤديها في الآخرة؛ لأنَّ عدل الرَّب -سبحانه وتعالى- متناهي في كل شيء، وسيحكم الله -عزَّ وجلَّ- بين الناس جميعًا، ويتناهى عدله -سبحانه وتعالى- إلى مَن لا تكليف له، فمن باب أولى تعرف أنَّ هناك يوم ستقضى فيه الحقوق.

{(باب إثبات السمع والبصر لله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي قرأ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِير﴾[النساء:58]، ويَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ. رواه أبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم)
}.
هذا الحديث كما رواه الأئمة ثابت وصحيح من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- وأفادك في مسائل:
المسألة الأول: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية، وذكر صفتي السمع والبصر. وهذا هو الشاهد، فلما ذكر هاتين الصفتين قال: "ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينيه"، وهذا يفيدك أن إثبات الصفة بالإشارة منقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هو ظاهر الحديث.
المسألة الثانية: أنَّ الإشارة مقصود بها إثبات الصفة بما يعهده المخاطب مع نفي المماثلة.
أمران لا ينبغي للإنسان أن يغفل عنهما:
- أنَّ الله لا مثيل له، هذا متقرر ومحكم وهذا هو الأصل، فعلى وجه الإثبات أنه سميع بصير، فيجبإثبات هذه الصفات، مع نفي ما يدَّعيه المعطلة والمؤولة لهذه الصفات.
ولهذا جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إثبات ذلك، فهذا لا يتعارض مع النصوص، بل هذا يدل على أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يسمع بسمعه -سبحانه وتعالى- وبصير ببصره، وهذا السمع لا يماثل أسماعنا، وهذا البصر لا يماثل أبصار المخلوقين؛ لأن الله ليس كمثله شيء.
فإذن حقيقة الصفة: إثبات أن الصفة ثابتة على وجه الحقيقة، ليست على وجه التأويل، ولا على وجه المثال والمجاز كما يدَّعيه أهل التأويل وأهل التعطيل.
وهذا الحديث خرَّجه الأئمة وهو ثابت في إثبات هذه الصفات.
ولهذا لما سُئِلَ الإمام مالك عن الاستواء قال: "الاستواء معلوم" أي: معلوم دلالته في اللغة، وكذلك السمع معلوم دلالته في حق الله، فالله يخاطب العرب وهم يعلمون المعنى، فهم يعلمون أنه له سمع وله بصر -سبحانه وتعالى- مع نفي المماثلة.

كيفية اتِّصاف الله -عزَّ وجلَّ- بالصفات:
هذا لا سبيل له، وهذا مما استأثر الله تعالى بعلمه، ولهذا فإنَّ من قواعد السلف: قطع الطمع عن إدراك كيفيَّة الصفات، فلا يمكن أن تصل إلى كيفيتها، مع إثبات هذه الصفات وآثار هذه الصفات -كما سياتي معنا إن شاء الله في بعض النصوص.
إذن كون الله سميع وبصير، وله يد، وله وجه، وسائر ما وصف الله -سبحانه وتعالى- به نفسه، أو وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- نثبتها كما جاءت مع قطع المماثلة، فالله -عزَّ وجلَّ- ليس سمعه كأسماعنا، ولا بصره كبصرنا، ولا كلامه -سبحانه وتعالى- ككلامنا، تعالى الله في عظمته.

{(باب: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضى الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ، لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللَّهُ»الحديث رواه البخاري ومسلم )
}.
الحديث فيه مسائل:
- قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾[لقمان:34]، هذه مفاتح الغيب، ذكرها الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إليها.
ولهذا يحسن أن نبين معنى الغيب:
الغيب: هو: ما غاب عنك، وهو نوعان:
- غيب مطلق: وهو ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما ورد في الآية:﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾[الزخرف:85] ، والوارد في الحديث.
- غيب نسبي: يغيب عنك، ولكن يطلع بعض الخلق عليه، هذا يسمى غيبًا بالنسبة لك، ولا يقال في حق من عَلِمَ مَا جَهلتَه أنت أنه يعلم الغيب؛ لأنه غيب بالنسبة لك أنت، فقد يعلم أشياء وحوادث بالأجهزة الحديثة والتي ربما قربت بعض الأمور، فهذا يسمى الغيب النسبي، وهذا يطلع عليه آحاد الناس، وهو لا يُعدُّ من علم الغيب.
وهذا يبعث على إشكال يتصوره بعض الناس مما جاء في الحديث «وَلاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللَّهُ»، يعني: ما سوف يأتي في الغد لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالى- على وجه التفصيل والشمولية.
«لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ»، يعني: الأرحام وما فيها.
تغيض: يعني تُنقص، فحينما تحمل المرأة أو تحمل أي دابَّة؛ فكمال الحمل ونقصانه وسقوطه؛ هذا كله بعلم الله تعالى.
وهذا يبعث على إشكال، قوله «لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ»، بعض الناس الآن يقولون: هذا من علم الغيب؛ لأنَّه قد صار من خلال الأجهزة الحديثة التي تسمى "السونار" معرفة جنس المولود في الأشهر الأخيرة من الحمل. فهل هذا علم ما في الأرحام؟
الجواب: لا؛ لأنَّ المقصود بقوله:«لاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللَّهُ» "ما" هنا اسم موصول بمعنى "الذي" أي: الذي يعلم كل شيء، فعلم الله -عزَّ وجلَّ- لما في الأرحام شامل لجنسه، ولما يكون عليه من الرزق والأجل، والشقاوة والسعادة، وما سوف يكون عليه.
فهل علم جنس الجنين يعد من قبيل علم ما في الأرحام أم علم جزء بسيط لما في الأرحام؟
مع أنه علم ظني وليس قطعيًّا، ولا يكون إلا في الأشهر الأخيرة، وهذا أصلا موجود قبل الأجهزة الحديثة، كان القافة وأهل العناية بهذه الأمور قد يميزون من خلال حمل المرأة جنس المولود، وقد تقطع بذلك، فهل يقال:إنه علم الغيب؟
ولهذا بعض النساء من خلال تجربة الحمل قد تقطع بأن ما في بطنها ذكر أو أنثى من حركة الجنين، وقد يكون ذلك صحيحًا؛ فهل يقال:إن هذا علم ما في الأرحام؟
هذا إشكال حتى تُدفع الشبهة فيها.
فما يتعلق بهذا فيه مُلحة، وهذا يدلك على أنَّ الأمور بيد الله -سبحانه وتعالى- ومفاتح الغيب هذه بيد الله تعالى.
يذكر أهل السِّيَرِ أنَّ رجلًا رأى ملك الموت في المنام، فسأله سؤالًا -ما كان ينبغي له أن يسأله- فقال: كم بقي من أجلي؟ فأشار إليه ملك الموت بخمس.
فلما أفاق من نومه استشكل عليه، لكن كان في زمن إمام المعبرين ابن سيرين، فجاءه فقال له: يا إمام، إني رأيت ملك الموت، فسألته كم بقي من عمري، فأشار إليَّ بخمسٍ. فلا أعلم هل هي خمسة أيام أو خمسة أشهر، أو خمسة سنين، فأفتنا!
وهذا يفيدك في علم التعبير، أنَّ من قواعد التعبير: العلم بالشريعة.
قال محمد بن سيرين: يقول لك ملك الموت: أنت سألت عن خمسٍ لا يعلمها إلا الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:34]، أنت سألته عمَّا لا يعلم.
فحتى الملائكة -كما ذكر أهل العلم- أن علمهم بموتك إنما يكون في التقدير الحولي السنوي، وهذا يبعثك على أن تعلق قلبك بالله -سبحانه وتعالى- فتعلم أنَّ الأمور بيد الله -عزَّ وجلَّ، فلا يعلم ما في الغد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر على وجه اليقين إلا الله -سبحانه وتعالى- ولهذا يتفاجأ الناس بالأمطار والزلالزل مع ما يملكون من أجهزة واستشعارات عظيمة، ومع ذلك يتفاجأ أهل الأرض بأشياء لم يحسبوا له حساب، وما تسونامي الذي حدث في إندونيسيا ولا تسونامي الذي حدث في اليابان عندهم به علم.
إذن كل هذه الأمور في غيب الله -سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:34]، فلا يعلم أحد متى تقوم الساعة التي أخفاها الله عن خلقه.
وهذه الأحاديث التي نسمعها الآن ونقرأها تفيد الإنسان بالتعلق بالله -سبحانه وتعالى؛ لأنَّ الله تعالى بيده الحياة والموت، فلا أنا ولا أنت نعرف متى نموت، ولا نعرف في أي مكان نموت، وحتى إذا عرفت هذا فإن الإنسان إذا أراد الله أن يقبضه في بلد معيَّن جعل الله له فيها حاجة، فيأتي فيموت، فتعرف أن الله قَدَّر أن هذا يموت في المكان الذي أراده الله -عزَّ وجلَّ.

{(باب: إثبات صفة الفرح لله.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ، فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَ»، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ»أخرجاه)
}.
أورد الشيخ -رحمه الله تعالى- هذا الحديث، وفيه مسائل:
أول هذه المسائل وهي من فروع الأسماء والصفات: إثبات صفة الفرح لله -سبحانه وتعالى- فالله يفرح، ويرضى، ويسخط، ويغضب؛ وهو في هذه الصفات لا يماثل صفات المخلوقين بوجه من الوجوه، ومن أثبت له هذه الصفة هو مَن أوحي له بذلك -صلى الله عليه وسلم.
هذه الأوصاف التي يوصف بها الرب أنه يفرح، وأنه يغضب، وأنه يرضى ويسخط، وأنه -سبحانه وتعالى- يضحك إلى رجلين؛ لا يفهم منها كما يُفهم من صفات المخلوقين؛ لأن الله -عزَّ وجلَّ- ليس كمثله شيء -سبحانه وتعالى.
ولهذا بعض الناس قد يستشكل مثل: صفة الضحك؛ لأن هذا الحديث يبين أنَّ فرح الله -عزَّ وجلَّ- بتوبة عبده، وأن الله يفرح لكون العبد يتوب، وهذا يبعثك على أثر هذه الصفة، ولهذا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ» ، قال الصحابي: أوَيضحك ربنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم». فهل قال: إن الله -سبحانه وتعالى- يضحك، ثم دخل في دائرة التمثيل، وإن كان الله -عزَّ وجلَّ- يضحك فإن له كذا وكذا من لوزام ما يعتقده في ذهنه؟!!
لا؛ بل انتقل إلى الأثر مباشرة، وهذه فائدة أثر الصفات، فالله أخبرك أنَّ له يد كما في قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ اللَّهِ مَلْأَى» ، وكما قال تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾[المائدة:64]، بالخير والإحسان والإنعام والإكرام -سبحانه وتعالى.
فقال: "لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا" ، وهذا هو أثر الصفة، أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يفرح بتوبة عبده، مع أن الله -سبحانه وتعالى- هو المحسن، وهو الغني عن خلقه، فالله تعالى يفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه.
فالعبد قد يحصل منه العصيان والجنوح، والابتعاد؛ ومع ذلك فالله -عزَّ وجلَّ- يمهله، ويرزقه، ويعافيه، ويفسح له في الأجل، ويعطيه الرزق، ويفتح له؛ حتى يرجع ويتوب، فإذا حصلت منه التوبة فرح الله تعالى به، فإذا كان الله يفرح بتوبة العبد ألا تسارع لتوبة يا عبد الله!
ومثَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثال حتى يتضح عظيم فرح الرب -سبحانه وتعالى- فقال: إنسان كان على راحلته بأرض فلاة -أي صحراء- فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يخاطب الناس بما يعقلون، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بُعث في مكة، والصحراء تحيط بها، وقلة الماء والمرعى، فهذا رجل أضل راحلته، فراحلته هي سبيل النجاة، فإذا ما كان عنده راحلة يموت.
قال: «فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ»، يعني: شردت.
والراحلة: هي الناقة، وقد يصيبها شيء فتنفلت.
والراحلة كان عليها طعامه وشرابه، قال: «قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ»، وهذا يفيد أنَّ العبد مخلوق لله -عزَّ وجلَّ- فإذا انفلت وأعرض وسلك سبيل الغواية ثم رجع؛ فإن الله يفرح بهذا الرجوع، كما أنَّ ذاك فرح برجوع دابته.
قال: «فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَ» ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».
وهذا يفيدك مسألة: أنَّ الألفاظ المكفِّرة -لأن هذا الكلام كفري- إذا وقع فيها الإنسان من غير قصد؛ فهو من الخطأ المعفو عنه؛ لأن الله -عزَّ وجلَّ- لا يؤاخذ الناس إلا بما تعمَّد المرء فيه، قال الله -عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة:225].
فهذا وقع في لفظ كفري على وجه الغلط، أي: ما لم يقصده، لكن لو قاله بقصد لكان هذا الكلام كفريًّا، فكيف يصف الرب بأنه عبد؟!!
فلمَّا لم يقصد اعتُبِرَ القصد، ولكن لغلبة الفرح عليه أخطأ.

{وفي الختام نشكر فضيلة الشيخ على ما أجاد به وأفاد، وأيضًا نشكركم أيها المشاهدون الأعزاء على استماعكم.
هذا والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك