الدرس الرابع
فضيلة الشيخ أ.د. فهد بن سعد المقرن
إحصائية السلسلة
{بسم الله الرحمن الرحيم.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحبُ بكم إخواني وأخواتي المشاهدين الأعزَّاء في حلقةٍ جديدةٍ من حلقات البناء العلمي، وأرحب بفضيلة الشَّيخ/ الدكتور فهد بن سعد المقرن. فأهلًا وسهلًا بكم فضيلة الشَّيخ}.
حيَّاكم الله يا شيخ عبد الرحمن.
{سنبدأ في هذه الحلقة -بإذن الله- من حديث العِرباض بن سارية، وقد شرعنا في بعض مسائله في الحلقة الماضية.
قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ: (وعن العِرباض بن سارية -رضي اللَّه عنه- قال: وَعَظَنَا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوعظةً بَليغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رسولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَا تَعْهَدُه إِلَينَا؟ فَقَال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافًا كَثيرًا، فَعَليْكُمْ بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ». رواه أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه.
وفي رواية له: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ...». ثم ذكره بمعناه)}.
الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شَريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وصحبه وَسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا وبعد:
فأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرزقنا العلم النَّافع والعمل الصَّالح، وأن يرزقنا الانتفاع بمواعظ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن هذه الموعظة وهذه الوصيَّة؛ وصية النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما في حديث العرباض، وفيه مسائل مهمَّة:
- أنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (وَعَظَنَا رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَوعظةً بَليغَةً)، ولا شكَّ أنَّ موعظة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تذكرهم بالآخرة، وَتُزَهِدُهم في الدنيا، ووصفت هذه الموعظة بأنها بليغة؛ لكونها أثَّرَت في نفوس أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذكر أنها ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، وهذا هو المقصود من الموعظة، وقد تحقق.
ولهذا فإنَّ الصَّحابة لمَّا رأوا هذا الأمر من الموعظة أحسُّوا أنها موعظة مُودِّع -أي: أنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُفارِق لهم، وأنَّ أَجَلَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد قاربَ؛ فانتهزوا الفرصة لطلب الوصيَّة، ومَن يُودِّع الحياة لا شكَّ أنَّه يُوصي، والوصيَّة كالموعظة ستكون بليغة، وسيقتصر فيها على المهمَّات، وعلى ما يحصل به العِصمة مِن الزَّلل، ولهذا كانت وصية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذه؛ فأوصى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بتقوى الله، وتقوى الله هي وصية الله -عزَّ وَجلَّ- لأهل الإيمان، وهي وصية أهل الإيمان بعضهم لبعضٍ.
ثم السَّمع والطَّاعة لمَن تولَّى أمر المسلمين، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ»، فهو يُخاطب السَّامعين بما يعرفون، والعرب كانوا يأنفون من إمامة مَن لحقه الرِّق، فلا يُتصوَّر من المملوك استقامة النَّاس له؛ فلا شكَّ أنَّ النَّاس يأنفونَ، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال وإن فقدَ شيئًا من الأهليَّة -وهو كونه مملوكًا.
وهذا يجرنا إلى مسألة الإمامة بِمَ تكون، وإذا بُحِثَت مسألة الإمامة بُحِثَت مسألة السَّمع والطَّاعة لمَن تكون.
والإمامة عند أهل الإسلام تنقسم إلى نوعين:
• ولاية اختيار، وهي الأصل في الولاية.
• ولاية التَّغلُّب.
وكلها واقعة في أهل الإسلام.
الولاية الأولى: ولاية الاختيار؛ هي اجتماع أهل الحل والعَقد وأهل الشَّوكة على اختيار إمامٍ تتوافر فيه شروط الإمامة المعتبرة شرعًا، وهي مَشهورة ومذكروة في كتب أهل العلم:
• أن يكون قرشيًّا؛ لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ» .
• سلامة الحواس من الآفات.
مثال ولاية الاختيار: كما فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- لما توفي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبايعوا أبا بكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وهي ولاية شرعيَّة ولا شكّ.
الولاية الثانية: ولاية التَّغلُّب، وهذه وقعت في الصَّدر الأوَّل في الإسلام، وقعت ولازالت تقع، وهذه كذلك ولاية شرعيَّة ويجب فيها السَّمع والطَّاعة لمن تولَّى أمرَ المسلمين، وهي التي أشار إليها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث العرباض: «وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ».
وولاية التَّغلب: هي أن يتغلَّب الإمام على النَّاس بأيِّ نوعٍ من أنواع التَّغلُّب، سواء بالسيف والقهر، أو بغيره من الأسباب، ويكون مَقصوده التَّغلُّب والقهر، وبعض أهل العلم يقول: "التغلب والقهر" تعبير واحد إشارة إلى هذه الولاية التي قد لا تكون عن اختيار، وإنما عن اضطرار وعن واقع يقع الناس عليه؛ فيجب عليهم السَّمع والطَّاعة.
وهنا يُشير إلى مسألة مهمَّة! أنَّه ينبغي أن يُفهم ويُعرَف في مسائل الإمامة أنَّه قد يكون من التكييف الفقهي والشَّرعي أن التَّغلب قد يُسمَّى في النِّظام الدِّيموقراطي بالعمليَّة الانتخابيَّة، فبعض النَّاس يتصوَّر أن التَّغلُّب إنَّما يكون بالسَّيف فقط؛ بل قد تكون العمليَّة الانتخابيَّة من ولاية التَّغلُّب؛ لأنَّ المنتخب تغلَّبَ على الآخر بصوته، فهي مِن أنواع الإمام المتغلِّب، حتى لا يُزايد بعضُ مَن يقع في الزَّلل، ويتكلَّم في ولاية المتغلِّب؛ لأنَّ الانتخابات ليست على اختيار كاملٍ؛ بل على اختيار بعضِ النَّاس دون بعض؛ فهذا مُتغلبٌ بسيفه وذاك متغلبٌ بصوته.
المقصود أنَّ الإمام المتغلِّب قد لا تجتمع فيه شروط الولاية كما جاءت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولكنَّه تغلَّبَ؛ فيجب له السَّمع والطَّاعة في المعروف، وهذا مُقرَّرٌ في الشَّريعة، وهذا الذي أشار إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمر فيه بالسَّمعِ والطَّاعةِ، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ»، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يُمكن أن يوصِي الأمَّة إلا بما فيه خيرٌ للأمَّة في مصالح دينها ودنياها.
ولهذا جاء في بعض الروايات: «وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ» ، وفي رواية: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» .
المسألة الثانية والتي أشار إليها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث العرباض؛ قال: «وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اختِلافًا كَثيرًا، فَعَليْكُمْ بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ».
فالاختلاف الكثير الذي أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو أنَّ مَن يَعش مِنَ الصَّحابة وتطول به الحياة فسيراه؛ ولذا جاء في بعض روايات الحديث «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ»؛ فالمقصود هو الاختلاف في أصول الدين وفروعه، في الأعمال الأقوال والاعتقادات؛ فإن الأمر اختلف!
ومن المسائل التي قد تَرِد: متى بدأ الاختلاف في الأمة وبدأ التغيُّر والنَّقص؟
الجواب: من حين وفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بدأ النقص، ولايزال حتى وقعت الفتنة في زمن عُثمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وظهر هذا الأمر، ولهذا نُقل عن أنسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه قال: "لما قُبض رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا، فما هي بالقلوب التي نعرف" .
فبدأ النَّقص والاختلاف في الأمَّة بعدَ وفاته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم ظهر واضحًا وبدا للنَّاس بعد مقتل عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفي ولاية عثمان صار التَّشغيب على عثمان والكلام في الوالي، والمجاهرة بالإنكار على ولي الأمر وقد وقع من آحاد الناس، ولهذا جاء في أثرٍ عن حذيفة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في صحيح البخاري، لما سألَه عمر عن الفتن؛ فقال حذيفة: "لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا" ، يقصد عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ لأنه في ولايته كان هو الذي يُمثِّل الباب.
فقال عمر: " أَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟". فقال حذيفة: "بَلْ يُكْسَرُ".
وحذيفة بن اليمان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- هو صاحب سِرِّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مَن حَفِظَ أحاديث الفتن. فقال عمر: "إذن لا يُغلق أبدًا".
ثم ظهر أمر التفرق بمقتل عثمان -كما هو معلوم- ووقعت الفتنة، ووقعت دلالة من دلالات النُّبوَّة وَصِدْقُ ما أخبر به النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففي الحديث: «وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، نسأل الله السلامة والعافية!
بعد ذلك ظهرت الخوارج والفِرَق الوعيديَّة، ولا يزال الاختلاف والتَّنقُّص في الأمَّة باقٍ!
كذلك من الاختلاف والتَّنقُّص الذي حصل في الأمَّة فيما يتعلق أمر الولاية والصَّلاة؛ وقد أدركه أواخر الصَّحابة -رضوان الله عليهم- فأنس بن مالك من أواخر من مات من الصحابة في العراق وعاصر الفتن ومن ذلك فتنة الحججَّاج بن يوسف الثقفي، وقد نُقل عنه أنه قال: "لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ" ، يعني: حصل فيها التَّنقُّص، فلا يعرفها كما كانت في عهد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمقصود مما أشار إليه أنس في مسألة تضييع الصَّلاة؛ أي: تأخير الصَّلاة عن وقتها، فكان الحجاج من نواب ولاة بني أميَّة، وكان بنو أمية يؤمُّونَ النَّاس للصلاة؛ فكانوا يؤخِّرون الصَّلاة، فبعض العلماء قال: إنَّهم كانوا يؤخِّرون الصَّلاة عن وقتها الاختياري إلى وقتها الاضطراري، وقيل: إنهم كانوا يؤخرونها عن وقتها حتى يخرج الوقت، كما صرَّحَ بذلك ابن تيمية -رَحَمَهُ اللهُ- فقد جاء عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ». قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» ، فإذن أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالصَّلاةِ على وقتها.
وهذا من علامات الاختلاف والتَّنقُّص.
والمقصود من كل هذا الكلام المتقدِّم: هو بيان الاختلاف الكثير الذي أشار إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث العرباض بن سارية -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ومن المسائل التي يحسن أن تُبحَث وأن تُعرَف في حديث العرباض، وهو حديث عظيم وفيه مسائل عظيمة جدًّا ينبغي لأهل الإسلام أن يتعلموها، وأن يعلموها غيرهم؛ قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَعَليْكُمْ بسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ من بعدِي، تمسَّكُوا بها، وعَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّواجِذِ»، النواجذ: هي أواخر الأضراس.
والمراد: شدَّة التَّمسُّك بها.
والمراد بسنَّة الخلفاء الراشدين هنا: هي طريقة الخلفاء الرَّاشدين التي توافق سنَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سياسة الناس، وفي أمر الدين والدنيا.
وليس معنى هذا الحديث: أنهم يُحدِثون أشياء في الدين، فبعض النَّاس يتصور أنَّ الخلفاء الراشدون لهم أن يُحدثوا؛ حاشاهم من ذلك وهم يسمعون قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» .
وممَّا يذكره أهل العلم من التَّمثيل على سنَّة الخلفاء الرَّاشدين: سنَّة قتال أبي بكر لأهل الرِّدَّة، وجمع عثمان للمصحف، والأذان الأول لصلاة الجمعة، وجمع عمر الناس على إمام واحدٍ في صلاة التراويح -كما مرَّ معنا- فكل هذه مِن سُنن الخلفاء الراشدين المهديين الذين حثَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على سلوك طريقتهم، فهو القرن الأول الذي ينبغي للناس أن يقتدوا به، وأن يفعل كما فعلوا في أمور سياسة الدين والدنيا.
ثم جاء النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد هذه الوصايا البليغة محذرًا، فقال: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ»، والمحدثات في أمر الدِّين هي المقصودة هنا في الحديث، وليس المقصود هو المحدثات في أمر الدُّنيا؛ لأن المحدثات في أمور الدنيا الأصل فيها الإباحة، والإحداث فيه ممَّا يتعلَّق بمصالح الناس، والشَّريعة جاءت بترتيب أصوله لا فروعه والكلام فيه.
فهذا ما يتعلق بهذا الحديث العظيم الذي أخبر فيه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه سيقع الاختلاف، وأمر بالسمع والطاعة؛ لأن وصية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث العرباض شملت أمر الدِّينِ والدُّنيا، أمر الدين من جهة أنه أوصى بتقوى الله -عزَّ وَجلَّ؛ لأنَّ تقوى الله -عزَّ وَجلَّ- بها صلاح الآخرة الدِّين، وصلاح الدُّنيا بالسَّمع والطَّاعة لولاة الأمر في المعروف، والفتنة والخروج على ولاة الأمر من أسباب ضياع أمر الدنيا، فكانت هذه الموعظة من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصية بليغة، فإذا أراد الناس السَّلامة لدينهم فعليهم بتقوى الله -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وإذا أرادوا السلامة لدنياهم فعليهم أن يسمعوا ويُطيعوا في المعروف، وليس معنى ذلك إقرار الحاكم على المعصية أو ما يقع منه، لأن الإصلاح له باب آخر وجاء في أحاديث أخرى، وهي أن يكون النُّصح سرًّا لا علانية كما جاء في الأحاديث المصرَّح بها، ولعلَّ -إن شاء الله- يأتي البيان لذلك.
{أحسن الله إليكم..
رواية: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا....»}.
يعني أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما من شيءٍ إلا وقد وضَّحه، فلم يبقَ شيء، فلهذا قال: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ»، وفي بعض الروايات: «المحجَّة البيضاء» وليس لها إسناد مشهور أو معروف.
ولكن رواية «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ»، يعني: أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما ترك شيئًا من الدِّينِ إلَّا وقد بيَّنه.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ: (ولمسلم عن جابرٍ - رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».
وللبخاري عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول اللَّه -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قال: «قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».
ولهما عن أنسٍ -رضي اللَّه عنه- قال: جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم- يسألون عن عبادة النبي -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم- فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها فقالوا أين نحن من النبي -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم- قد غفِر له ما تقدم من ذنبهِ وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال الآخر: أنا أصوم النهار ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء النبي -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم- إليهم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما واللَّه إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني»)}.
هذه الأحاديث التي أوردها المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ- في تقرير طاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد تقدَّم الكلام عن معنى طاعة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وحدُّها وتعريفها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر؛ فهذا طابطٌ يُعرَف به حد الطاعة للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذه الطاعة لاشكَّ انَّ فيها الرِّاد كما أخبر -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكما جاء بذلك مصرَّحًا به في النُّصوص، ولهذا قال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُو﴾ [النور: 54]، ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُو﴾ [الحشر: 7]، ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، قال الإمام أحمد: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشِّرك، لعلَّه إذا ردَّ بعضَ قوله أن يقع في قلبه شيءٌ من الزَّيغ فيهلك" ، يعني: إذا ردَّ قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا من الوعيد العظيم.
وصور معارضة أحاديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صور كثيرة جدًّا، وقد مرَّ معنا في الدَّرس السَّابق في الكلام على موقف الإنسان من النَّص الشَّرعي نماذج كثيرة جدًّا، ومن ذلك معارضة أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقياس العقلي، وبالتَّصورات العقليَّة السَّقيمة، هذا يصح أو هذا لا يصح، ومن ذلك التَّشكيك فيما أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في القبول والرَّد؛ فكلها من المعارضات.
ثم الحديث الذي يليه، وهو حديث عظيم كذلك، حديث أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وتحته مسائل مهمَّة:
المسألة الأولى: هذا الحديث يؤصِّل إلى مسألةٍ مهمَّةٍ جدًّا، وهي أنَّ الاقتداء والتَّأسِّي هو بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا هو الأصل، لقوله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: 21]، إلا ما جاء به النَّصُّ أنَّه خاصٌّ بالنَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولهذا فإنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذا الحديث أثبتَ أنَّه هو الأسوة، فهو يصومُ ويُفطِر، ويقوم الليل وينام، ويتزوَّج النساء؛ كما أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنه هو الأسوة.
المسألة الثَّانية: أنَّ الباعثَ الصَّحيحَ والنيَّةَ الطَّيِّبَةَ الصَّالحةَ لا تكفي في قبولِ العملِ؛ فلابدَّ أن يُعلَم الصَّواب، فبعضُ الناس يقول إنه يُريد الخير! فلا يكفي أن تريد الخير، أو أن تريد ما عند الله -عزَّ وَجلَّ- لأنَّ شرطا قبول العمل: الإخلاص والمتابعة.
الإخلاص لله -عزَّ وَجلَّ- هذه هي النِّيَّة الصَّالحة، تريد بها وجه الله -عزَّ وَجلَّ-، ولكن لا يكفي في قبول العمل الإخلاص؛ بل لابدَّ من المتابعة، وهي التَّأسِّي بالنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أمر الدِّينِ، فليس لك أن تُحدِث عبادة لم ترِد عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ هذا ابتداع في دين الله، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، أي: مردودٌ على صاحبه، لأنه لو فتح هذا الباب لصار الدين تبعٌ لآراء الناس، ولكن الدين محفوظ.
المسألة الثالثة: أنَّ نَازِعة الغلو والتَّطرُّف من طبائع الحياة البشريَّة؛ لأنَّك لو نظرتَ في أحوال الناس تجد أنَّ بعض النَّاس مِن طبعه أن ينزع للإفراط في الشَّيء، فإمَّا إفراطٌ وإمَّا تفريطٌ، وإمَّا الغلو والجفاء!
فلمَّا بلغَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غلو بعض أصحابه والميل إلى مثل هذا؛ سارع إلى الإنكار والبيان، ولهذا قال: «أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
المسألة الرابعة: أنَّ الله رفعَ عن هذه الأمَّة الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السَّابقة من جهة التَّكاليف، في أمر النَّجاسة، وفي أمر العبادة، وفي أمور كثيرة؛ لأنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُعثَ بالحنيفيَّة السَّمحة، ولهذا بيَّنَ الله -عزَّ وَجلَّ- أنَّ أهلَ الكتابِ وقعُوا في الغلوِّ، ونهانا عن الغلو والتَّنطُّع؛ كما أخبر الله -عزَّ وَجلَّ- عن أهل الكتاب من النَّصارى، فقال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: 27]، فثَمَّ ابتداء رهبانيَّة النَّصارى، وكلَّفوا أنفسهم ما لم يكلفهم الله به -عزَّ وَجلَّ، فالرَّهبانيَّة تُصادم الفِطَر، ولهذا لاتزال تسمع بينَ الفَينة والأخرى ما يندى له الجبين بسبب هذا المنهج الرَّهباني وإن كان في طائفة دون أخرى، تعرف طوائف النَّصارى من الكاثوليك أو البروتوستانت أو الأرثوذكس وغيرهم من الطوائف، فمثلا الكاثوليك عندهم هذه الرَّهابنيَّة، ولكن البروتوستانت لهم منهج آخر يُخالفهم، ومن رهبانيتهم ترك التَّزوُّج، وأنت تسمع من التعديات في هذه الأمور؛ لأن تركهم للزواج مُصادم للفِطَر، فديننا ليس فيه رهبانية، كما أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه تزوَّج النساء.
ونهانا الله -عزَّ وَجلَّ- عن الغلو، لأنَّه أخبرَ أنَّ أهلَ الكتاب وقعوا في الغلو، فما يُحذرنا الله -عزَّ وَجلَّ- من فعل أهل الكتاب إلا لأنَّه يُريد تحذير هذه الأمَّة من الوقوع فيما وقع فيه أهل الكتاب، فقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ [المائدة: 77]، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ» ، إلى غيره من الأحاديث التي حذَّر فيها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الغلو ومن الجفاء، لأنَّ دين الإسلام دين وسطيٌّ.
وكذلك من المسائل التي تُبحَث والتي أشار إليها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنَّ أكمل الهدي وأحسنه هو هدي محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن زاغ عن سبيله فقد ضلَّ، ولهذا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتي فَلَيسَ مِنِّي»، وقد تبرأ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من هذه الطَّائفة الغالية ومن منهجهم.
وكذلك من المسائل التي تُبحَث وبخاصَّة في هذا الزَّمان، ولابدَّ لأهل الإسلام أن يُشهروا ذلك وأن يعرفوا الناس به لأنه من شريعة الإسلام: أنَّ الإسلام بشرائعه وأحكامه يُحقق التَّوازن بينَ الجسدِ والرُّوح، وهذا التوازن ليس بالعمليَّةِ اليسيرة، ولن تجده إلا في شريعة الإسلام، وأمَّا الأديان الأخرى فقد وقع فيها التَّحريف والتَّبديل والابتداع، ولهذا لا يوجد في الشَّرائع كلها هذا التَّوازن إلا في الإسلام الذي أتمَّ الله تعالى به على النَّاسِ النِّعمَة، لأنَّ الإسلام ليس دينُ جنسٍ ولا قوميَّة؛ بل دين الناس جميعًا، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينً﴾ [المائدة: 3]، فأتمَّ الله -عزَّ وَجلَّ- به النِّعمة.
ونعني بالتَّوازن: هو التَّوازن بين مُتطلِّبات الرُّوح والجسد وموافقة الفطرة، فالإسلام ليس في شرائعه ما يُخالف الفطرة، ولهذا جاء في بعض أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإنَّ المُنْبَتُّ لا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى». والغالي في الأمور لابد أن ينقطع، والمقتصد هو الذي يسير.
وجاء في الحديث: «فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ» وفيه أحاديث كثيرة جدًّا في إخبار النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما يتعلق بالمنهج الوسطي والتَّوازن، وهذا لن تجده إلا في شريعة الإسلام، التي تصلح في كل زمانٍ ومكانٍ.
ومن المسائل التي تُعتبر من مُلَحِ العلم والتي قد يسأل عنها بعض الطلاب: من هم هؤلاء النَّفر من الصَّحابة الذين كانوا من شباب الصَّحابة الذين كان فيهم الحرص على التَّعبُّد؟
جاء في مراسيل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق الصنعاني: أنَّ الثلاثة: علي بن أبي طالب، عبد الله بن عمرو بن العاص، عثمان بن مظعون -رضي الله عنهم- فكانوا من شباب الصحابة، وكان فيهم حرص على التَّعبُّد، وكذلك عبد الله بن عمرو بن العاص كان له مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمور فيما يتعلق بالتَّعبُّد، فكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوصيه بالقصد، فقال له «القصدَ القصدَ».
ومن المسائل التي يحسُن أن تُبحَث كذلك: ما الشُّبهة التي حملتهم على الزِّيادة على هدي النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
هي شبهة قريبة من شبهة الذين يقعون في البدع في زماننا هذا، وهي أن عَرَضَ لهم الشيطان فقال لهم: إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد غُفر له من ذنبه وما تأخر، وهذا قد جاء به مصرح في قوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمً﴾ [الفتح 1، 2]، وهي من خصائصه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التي لا يُشاركه فيها أحد، أنَّه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع ذلك فكان -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقوم من الليل ويصلِّي ويقيم الليل، ومع ذلك في مقام التشريع وضَّحَ لهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه كان يقوم من الليل وينام -كما جاء في الحديث.
ودائمًا نجد أنَّ منهج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتعلَّق بالاعتدال والوسطيَّة، فكثيرًا ما يُرفع هذا الشِّعار الاعتدال والوسطيَّة- ولكن لابدَّ أن يُنظَر في مضمونه؛ لأنَّ الأمر ليس بالدَّعاوى ولا بالشِّعارات، ودائمًا جملة من هذه الشعارات المرفوعة تكون خادعة، فالأمر ليس بالألقاب، كما مرَّ معنا في أثر أبي قلابة الجرني "لَا تَغُرَّنَّكُمُ الأَلْقَاب"، فليس الأمر بالشعارات، ولكن بالمضامين، فالاعتدال والوسطية إنما يكون باتباع منهج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي بيَّنَه في هذا الحديث وفي غيره من أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد قال: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ» ، فالعمل لن يدخلك الجنة، وإنما هو سبب، ولكن دخول الجنة يكون بفضل الله -عزَّ وَجلَّ- رحمته، ولابدَّ أن تعرف هذا!
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» ، وكان -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمله ديمة، فهذه وصية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للناس جميعًا، فكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا عمل عملًا استدامه، وأخبرَ الأمَّة أنَّ خيرَ الأعمالِ أدومها وإن قلَّ، فهذا هو الاعتدال، وهو المحافظة على الفرائض، واجتناب المحارم، فهذا هو الاعتدال والوسطية.
والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرشدَ الناس إلى العمل الذي يكون قليلًا ويُستدام عليه؛ لأنَّ من طبيعة النفس البشريَّة أن يكون لها إقبال وإدبار، فلمَّا تأخذ من العمل القليل وتستديم هذا العمل؛ فلا شكَّ أنَّه بهذا القليل يحصل الخير الكثير، وهذا هو منهج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذه هي شرائع الإسلام، وهذا هو اعتدال الإسلام، فموافقة سنة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مطلوبة، ومنها ما أرشد إليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من سنَّة النِّكاح، فأن يترك الناس النكاح فليس هذا من شريعة الإسلام؛ لأنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «وأتزوج النساء»، والزواج وقيام والأسرة من العبادات بالنسبة للمسلم، ويحصل به الخير الكثير؛ ولأنَّ التَّأثير الذي يأتي من الغرب على بلاد المسلمين يُزهِّد في مثل هذه الشَّرائع، ومن سنَّة النكاح؛ وهي سنَّة المرسلين، فلابدَّ الإنسان أن يعرف هذا، وأن يكون موافقًا لهدي النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أراد لنفسه الصَّلاح وأراد لأمَّته كذلك، فما تركَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من خيرٍ إلا وبيَّنه لهذه الأمَّة، وما تركَ من شرٍّ إلا وَحَذَّرَ الأمَّة منه، فهذه هي وصيَّة الإسلام، وهدي النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومَن أرادَ لهذه الأمَّة السَّلامة والارتفاع والنُّهوض والتَّقدُّم فعليه بهدي النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا لا يكون تبعًا للهوى ولا للشِّهار؛ لأنَّ الأمرَ يُردُّ إلى كتاب الله، وإلى سنة نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأنَّ اللهَ -عزَّ وَجلَّ- أرشدَ والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرشدَ أنَّه مَن تمسَّكَ بكتاب الله وبسنَّة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد أفلح، وهذا التَّمسُّك لا يكون عن هوى ولا عن فهم ذاتي، وإنما هو طريقة المرسلين والعلماء، ومنهج أهل السُّنَّة والجماعة في التَّلقِّي لهذا العلم وهذا الهدي النَّبوي، لأنَّ مَن يُبيِّن لك هذا الهدي وأنَّه موافق للسُّنَّة أو مخالف لها هم العلماء، لأنَّهم هم هُداةُ النَّاس، فليسَ الأمر للأفراد أو عوام المسلمين، فثَمَّ مَن يقول إنه يفهم هدي النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكذا أو يفهم النصوص بكذا؛ فهذه فوضى لا يحصل بها الاهتداء.
فمَن أرادَ الاهتداء فعليه بأخذ العلم عن أهله فيما يتعلَّق بأصول الدِّين وفي فروعه؛ لأنَّ التَّشكيك لأهل الإسلام طالَ حتَّى أصول الدِّين وفروعه، فكل شيءٍ داخل في منظومة التَّشكيك التي يُراد بها التَّنفير عن هذا الدِّين القويم، فالله -عزَّ وَجلَّ- أرسل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رحمةً للعالمين، فنقلةُ هذا الدين هم العلماء، وهم الذين يُفسِّرون النُّصوص، وبحمد الله لم يُترك هذا العلم لكل أحد، فليس هو فهمًا لدنيًّا، أو فهمًا يصدر من العقول فقط؛ بل هو منقول ومحفوظ في كتب أهل العلم، ويُراجَع ويُعرَف، فهذا فيما يتعلق بمنهج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبما أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذه الأحاديث العظيمة.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ: (وعن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أن رسول اللَّه -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم- قال: «بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ». رواه مسلم)}.
هذا الحديث تحته مسائل كثيرة جدًّا، ولكن نشرع في بدياته، ثم نكمل -إن شاء الله- في الحلقة القادمة.
فهذا الحديث فيه إخبار من النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّ الإسلام في أوَّلِ أمرهِ بدأ قليلًا، ثمَّ كثُر، ولا يزال يكثُر حتى كما ترى، فهذا ما يتعلَّق ببداية الإسلام، وأنَّه سيعود غريبًا كما بدأَ، وهذه الغرابة تشمل أصول الدين وفروعه، وهذه من دلائل نبوَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنَّه يُخبر بأشياء، وهذه الأشياء تقع كما أخبر بها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد أخبر -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأشراط السَّاعة، وهي علامات السَّاعة، ومنها علامات صغرى وعلامات كبرى، كما ذكر هذه الأقسام أهل العلم.
أمَّا العلامات الصُّغرى؛ فأكثرها قد وقعَ. وأمَّا العلامات الكبرى؛: فهي لم تقع بعد، وسيأتي -إن شاء الله- الكلام عليها.
فما أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به الأشراط منها قد وقع، وهي كثيرة جدًّا، وقد صُنِّفَت فيها مصنَّفات تتعلَّق بأشراطِ السَّاعة وأحوال الفتن، كما جاء في الأحاديث السَّابقة.
ومن دلائل النُّبوَّة: أنَّه وقع ما أخبرَه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفيما يتعلَّق بأحاديث الفتن وأشراط السَّاعة وما هو واقعٌ إلى آخر الزَّمان؛ قام النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقامًا طويلًا كما جاء في بعض الأحاديث أنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (صلَّى الفجر وارتقى المنبر، فقام من صلاة الفجر حتى غربت الشمس، لا يحول بين كلامه وإخباره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا أوقات الصَّلوات)، وهذا نقله جمعٌ من الصَّحابة في روايات متعدِّدَة. قال الراوي: (حتى أدخل أهل الجنة الجنة، وأدخل أهل النار النار، وسمَّاهم؛ بل سمَّى عرفاء الفتن، وأمراء الفتنة، فكان أعلمنا بهذا هو أحفظنا بما أخبر به النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
فهذا ممَّا يتعلق بإخبار النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهذا يدلُّك على ما ذكرناه من حديث: «تركتم على البيضاء»، ومن البيضاء: أنَّه أخبرَ بكلِّ شيءٍ واقع.
وفيما يتعلق بتبليغ الدِّين: فهذا حفظه الصَّحابة -رضوان الله عليهم- ونقلوه للأمَّة.
أمَّا ما يتعلَّق بإخبار النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأشراط السَّاعة أخبرَ به العموميَّات.
وأمَّا ما يتعلَّق بأمراء الفتنة والخلفاء وما سيقع: فبعض الصَّحابة رأى المصلحة في عدم الإخبار به، ولهذا نُقلَ عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه قال: "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ" -وهو ما يتعلَّق بالدِّين والبلاغ- "وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ" ، ومنها تسمية بعض أُمراء الفتنة، وما وقع في خلفاء بني أميَّة.
وأمَّا ما يتعلق بأمر الدِّين فقد بَلَّغَه الصحابة، ومنه ما أخبر به حذيفة وما جاء في أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ»، وهذا من الأمارات التي وقعت في بني أميَّة، فكانوا مشهورين بتأخير أوقات الصَّلاة -كما بيَّنا- فما ترك شيئًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا وأخبر به.
ومن هذه الأشراط: إخبار النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنَّ الإسلام كما بدأ سيعود غريبًا كما بدأ، وذكرنا أنَّ التَّنقُّص والنَّقص بدأ بوفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبوفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حصل التَّنقُّص في القلوب، فما هي بالقلوب التي كانوا يعرفونها، ووفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هي أعظم مصاب لأهل الإسلام، لأنَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما كان بينَ أظهرهم كان يُحلل لهم المعضلات، ويكشف لهم ما يتعلق بما يُشكِل عليهم؛ فبوفاته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انقطع الوحي، ولا شكَّ أنَّ انقطاع الوحي بالنِّسبة للصَّحابة مُصيبة عظيمة، ولا شكَّ أنَّ نزول الوحي من أعظم ما يحصل به ثبات الإيمان وقوَّته، فبدأ التَّنقُّص ولا زال..
ولهذا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ، ويقول بعض أهل العلم: إنَّها القرون المفضَّلة.
ولا يزال الناس يتنقَّصون ويقل الخير، ولمَّا شكر بعض الناس إلى أنس بن مالك -عزَّ وَجلَّ- ظلم الحجَّاج الذي كان من ولاة بني أميَّة الذين كانوا يؤخرون الصلاة؛ فقال أنس: "اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ. سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، فما زال التَّنقُّص في الناس! وهذا من دلائل نبوَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والمقصود هو عموم أهل الإسلام، ولكن قد يقع في بقعةٍ من البُقَع أنَّ الإسلام يقوَى ويظهر، وأما أصل الدين فهو محفوظ حتى يرث الله الأرض ومَن عليها؛ لأنَّ الغرباء لا يزالون لهم بقيَّة، وسيأتي تفصيل هذه المسائل -إن شاء الله- في الحلقة القادمة، وأحببنا أن نعطي بداية لهذا الحديث فيما يتعلق بمسائله.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- لي ولكم التوفيق، والعمل النَّافع، والعمل الصَّالح، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
{وفي الختامِ نشكركم فضيلة الشَّيخ على ما تقدِّمونَه، أسألُ الله أن يجعلَ ذلك في موازين حسناتِكم.
هذه تحيَّةٌ عطرةٌ من فريقِ البرنامج، ومنِّي أنا مُحدثِّكم عبد الرحمن بن أحمد العمر، إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائِعه، والسَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته}.
سلاسل أخرى للشيخ
-
2524 22
-
3243 12
-
3327 12
-
4637 12