الدرس الثاني
فضيلة الشيخ أ.د. فهد بن سعد المقرن
إحصائية السلسلة
{بسم الله الرحمن الرحيم.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحبُ بكم إخواني وأخواتي المشاهدين الأعزَّاء في حلقةٍ جديدةٍ من حلقات البناء العلمي، وأرحب بفضيلة الشَّيخ الدكتور/ فهد بن سعد المقرن. فأهلًا وسهلًا بكم فضيلة الشَّيخ}.
حيَّاكم الله يا شيخ عبد الرحمن.
{سنبتدئ في هذه الحلقة -بإذن الله- من عند قول المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ: (ولهما عن أنس -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ، أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».
ولهما عنه مرفوعا: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»)}.
أحسنت، بارك الله فيك.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شَريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
لازال الاستكمال في بحثِ المسائلِ المتعلِّقة بهذا الباب، ومنه حديث أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ومِن المسائل التي يجدرُ بنا أن نتدارسها: ما ذكره النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الخِصَال التي يجد بها المؤمن حلاوةَ الإيمان، فدلَّ على أنَّ للإيمان حلاوةٌ وطعمٌ ولذَّةٌ يجدها الإنسان المؤمن، فهذه الحلاوة وهذه اللذائذ التي يجدها المؤمن يجدها في قلبه، ولهذا قال في بعض الرِّوايات: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ» ، فتارة يُعبر بــ "الحلاوة" وتارة بــ "طعم" الإيمان، فقال: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولً».
وكما ذكرنا أنَّ هذه الحلاوة يجدها العبد في قلبِهِ، وهذه الحلاوة وهي من بشائر المؤمن، ومن النَّعيم الذي يُعطيه الله -عزَّ وَجلَّ- في الدُّنيا؛ ولأجلها يتحمَّل المشاقّ والصِّعاب، ومن خلال هذه المشاق والصِّعاب يُميز الله -عزَّ وَجلَّ- بين الصَّادق والكاذب في الإيمان، قال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:1–3]، فالصادق في محبته لله ولرسوله يجد هذه الحلاوة في قلبه.
ولهذا قال بعض العُبَّاد ممَّن كابدَ التَّعبُّد لله -عزَّ وَجلَّ- والطَّاعة وأَلِفَ ذلك: "مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها ولم يذوقوا منها أحلى ما فيها". قيل: وما أحلى ما فيها. قال: "محبة الله" . هذا عبدٌ ذاق طعم محبَّة الله -عزَّ وَجلَّ.
وذُكر عن تقي الدِّين شيخ الإسلام ابن تيمية أنَّه قال: "إنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الْآخِرَةَ" .
ونُقل عن بعضِ الصَّالحين والعبَّاد أنَّه قال: "إنَّنا في لّذَّة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بالسُّيوف".
هذه اللَّذة هي حلاة الإيمان، وهذه يجدها المؤمن، ولهذا كما قالَ بعض العباد: "لذة الطاعة عند أهلها ألذُّ من لذَّة المعصية عند أهلها"، وذلك لأنَّهم ألِفُوا هذه الطَّاعات، فوجدوا حلاوة هذه الطَّاعة في قلوبهم وتلذَّذُوا بها، فذاقوا طعمَ الإيمان الذي به تسْلُو الحياة، ويُتحمَّل لأجلهِ المشاقّ، فليس المحبوس ولا المأسور ولا المنغَّص مَن كان في بلاء، ولكن من حُبسَ عن طاعة الله -عزَّ وَجلَّ- وعن الإيمان بالله -عزَّ وَجلَّ- فهذا هو المنغَّص وهذا هو المنكَّد، وهذا صاحب المعيشة الضَّنك الذي قال الله عنها: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكً﴾ [طه: 124].
وهذه الحلاوة لا تُنالُ إلا بالمجاهدة، ولهذا قال ثابت البناني -رَحَمَهُ اللهُ- أحد شيوخ البخاري: "كابدتُّ الصَّلاة عشرين عامًا، وتنعمت بها فيما بقي"، أي: فيما بقي من عمره، فدلَّ هذا على أنها مجاهدة.
ولهذا قال الله -عزَّ وَجلَّ- مُخبرًا أنَّ هذه الأمور لا تُنال إلا بجهادِ النَّفسِ والشَّيطان والهوى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].
وإمام الأتقياء وخاتم المرسلين كان يقول في أمر الصلاة: «أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلَالُ» ، فدلَّ على أنَّ هذه الأمور يُتلذَّذُ بها.
ولذَّةُ الإيمانِ إنَّما تكون بإصلاحِ السَّريرة، فمَن أصلَحَ سريرتَه أصلَحَ الله علانيته -كما كان يقول السلف- ومَن أصلَح ما بينه وبينَ الله أصلَحَ الله ما بينه وبينَ النَّاس.
إذن هذه اللذة تُنال بالمجاهدة والتَّقرُّبِ والتَّعبُّدِ والخضوعِ والإنابةِ، وهذه مرتبةٌ من مراتب الإيمان، ومن لذائذ الإيمان، ومن عاجلِ بشرى أهلِ الإيمان.
قال: (ولهما عنه مرفوع)، يعني: عن أنسٍ مرفوعًا.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ، وَلَدِهِ، وَوَالِدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».
هذا الحديث تحته مسائل:
المسألة الأولى: المقصود بالإيمان هنا في هذا الحديث: الإيمان الكامل، يعني: لا يؤمنُ الإيمان الكامل إلا أن يكونَ الله ورسوله أحبَّ إليه من ولده ووالده والنَّاس أجمعين، فلا يبلغ حقيقة الإيمان وأعلَى درجاتِ الإيمان إِلَّا بهذه المنزلة.
المسألة الثَّانية: مَن لم يكن الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحب إليه من ولده ووالده والنَّاس أجمعين؛ فعليه أن يُراجع نفسَه، ويستكمل مِن الإيمان؛ لأنَّه لم يصِلْ إلى المرتبة التي يُحمَد لأجلها، فدلَّ على أن إيمانه ناقص.
المسألة الثالثة: مَن قدَّم محبَّةَ غيرِ الله تعالى ومحبَّةَ غيرِ الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على محبَّةِ الله ورسوله دلَّ ذلك على نقصٍ في إيمانه، فعليه أن يُراجع نفسَه، وأن يستكمل هذا الإيمان، حتى يكون له الإيمان الكامل.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ: (وعن المقدام بن معدِيكرِب الكِندِي - رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ». رواه الترمذي وابن ماجه)}.
هذا الحديث حديثٌ عظيم، وأحسنَ المؤلف صنعًا حينما أورده بعد الحديث الذي قبله، ليبيِّن المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ- حجيَّة السُّنَّة، وأنَّ الاتباع مطلوب لكتاب الله ولسنَّة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ الكتاب والسُّنَّة من الوحي، قال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31]، فدلَّ على أنَّ أمر الله وأمر رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من جهة الامتثال والطَّاعة يجب أن يمتثل النَّاس جميعًا لأمر الله ولأمر رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن المسائل المهمَّة التي ينبغي أن تُذكر في هذا الحديث: أنَّه من دلائل نبوَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فالنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبر أنَّه سيقع، وهذا وقعَ ولا يزال يقع، فمِن أشراط السَّاعة ومِن علامات قُربها هو التَّغيير في أحوالِ المسلمين، وأن تَظهَرَ طائفة تدَّعي مثل هذه المقالة، ولهذا وصفهم النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّهم يقولونها على وجه التَّساهل وذلك في قوله: «مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي»، وهذا وقع ولا يزال يقع!
ولازالت أمثال هذه الطَّوائف المنحرفة تظهر بين فترة وأخرى، فقد ظهرت طائفة من المنتسبين للإسلام يدَّعون مثل هذه المقالة:
- إمَّا تصريحًا، فيصرِّحون بذلك ويقولون: لا نلتزم إلا للكتاب، وأمَّا السنَّة فلا، كما في الطَّائفة التي سمَّت نفسها بالقرآنيين، وهذه الطَّائفة ظهرت متأخرًا.
- أو موافقةً لبعض هذه المقالة، كمَن يقول في بعض أجزائها، فيقولون: إنَّ أخبار الآحاد لا يُحتجُّ بها في العقائد! وهذه مخالفة لأمر الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- أو بنظرٍ في نصوص السُّنَّة النَّبويَّة بطريقة مَن يسمُّون أنفسهم في العصور المتأخرة بــ "العقلانيين" وسلفهم المعتزلة الطَّاعنين في سنة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء؛ فهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالعقلانيين أو المدرسة العقليَّة الحديثة، أو ما شاكل ذلك؛ فهم سلف للمعتزلة وورثتهم -كما ذكرنا.
وقد ألَّفوا المؤلفات في التَّشكيك في حُجيَّة السُّنَّة من أوجه، لا يلزم إنكار السُّنَّة بالكليَّة، كما أنَّ بعضهم ألَّف مؤلفًا سماه: "السُّنَّة النَّبويَّة بينَ أهلِ الفقهِ والحديثِ" وهو يقصد بأهلِ الفقه أهل الاعتزال والذين يُحكِّمونَ عقولَهم القاصرة في أحاديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما حصل من إنكار حديث الذباب، وأحاديث من أشراط الساعة، وسجود الشَّمس إذا غربت، إلى غير ذلك...، فيُعمِلون عقولهم فيما جاء عن الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سنَّته، مع أنَّ الإسناد صحيح.
وبعضهم ألَّف مؤلفًا -وكأنَّ الأمَّة كانت غافلة حتى ينبهها- فسمَّى مؤلَّفه "كيفَ نتعامل مع الأحاديث النَّبويَّة"، وكأنَّ أمَّة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضالَّةٌ أربعةَ عشر قرنًا حتى يأتي هذا الذي هو من الأصاغر لينبهها ويعرِّفها الطَّريق الصَّحيح للتَّعامل مع سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أمَّا الطَّائفة المسمَّاة بالقرآنيين فهؤلاء جاءت الرُّدود مِن أهلِ العلم عليهم، وأوَّل ما ظهرت هذه البدعة كانت في بلاد الهند بدعم من الدُّول الاستعماريَّة؛ لأنَّها إنكار لسُّنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا شكَّ أنَّ ذلك يعني إسقاطٌ للدِّينِ، وإن كانت هذه المقالة قديمة، ولكن لازال مَن يبعثها ويحييها، لأنها ظهرت قديمًا على يدِ الزَّنادقةِ في العصورِ الأولى للإسلام، والأئمَّة -رَحَمَهُم اللهُ- ردُّوا على هؤلاء، وبيَّنوا مخالفتهم لِمَا جاء عن الله وما جاء عن رسوله، ومخالَفتهم لما جاء في القرآن، ولهذا فإن الإمام الشافعي -رَحَمَهُ اللهُ- في رسالته المشهورة بــ"الرِّسالة" ضمَّنها الرَّد على الطَّاعنين في سُنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولازالت الدَّعاوى مستمرَّة، فجملةٌ من المستشرقينَ الذين درسوا الإسلام شكَّكوا في حُجيَّة سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي أخبارِ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما ذكرت لكم ممَّا يتعلَّق بأنَّ هذه الدعوى لها جزئيات، ولازال التَّشكيك باقٍ على أيدي بعض المعاصرين من المفكِّرين الذين يشكِّكونَ في أحاديث صحيحة، ويزعمون أنَّ الميزان في القبول والرَّد لهذه السُّنَّة هو القرآن، وهذا يعود إلى إنكار السنَّة، وبعضهم يشكِّك في جزئيات السُّنَّة النَّبويَّة، كأن يُشكِّك في رواية أحاديث أبي هريرة كما ظهر أحد المعاصرين قبل ثلاثين أو أربعين سنة، وأنكر الأحاديث التي رواها الصحابي الجليل أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وزعم أنَّها ليست من سُنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشكَّكَ في هذا؛ فردَّ عليه العلماء، كالشَّيخ المعلي -رَحَمَهُ اللهُ- في "الأنوار الكاشفة" وبيَّن أنَّ هذا مخالفٌ لأقوالِ أهلِ السُّنَّة، ولأقوال أهلِ العلم وإجماعهم؛ فكلُّ هذه الأقوال تعود إلى التَّشكيك في هذا الأصل من أصول الإسلام، وهو السُّنَّة النَّبويَّة.
وهذا يبعث على أنَّ أهل الإيمان يحتاجون أن يستديروا على هؤلاء بالأدلة التي تُبيِّن أنَّ السُّنَّة النَّبويَّة جاء ذكرها في القرآن من وجوهٍ متعدِّدةٍ، منها:
- أنَّ الله -عزَّ وَجلَّ- قال: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: 80]، فدلَّ على أنَّ طاعة الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هي اتِّباع سنته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- ومنها قول الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [الأحزاب: 21]، فدلَّ على أنَّ التَّأسِّي لا يكونُ إلا باتِّباع النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّ السُّنَّة عن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هي السُّنن القوليَّة والفعليَّة والتَّقريريَّة.
- وقال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، فدلَّ على أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُطاع استقلالًا.
وحذَّر الله تعالى مِن معصية النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعصية النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تكون بعدم الإيمان بما جاء عن سنَّته وما جاء عنه من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ، قال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾، أي: أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال:﴿أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
ولهذا قال إمام أهل السُّنَّة في زمانه -الإمام أحمد- ليُحذِّر الإنسان الحذرَ البالغ أن يردَّ أحاديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو يُشكك فيها: "لعل إذا ردَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيءٌ من الزَّيغ فيهلك"، يعني: إذا ردَّ قول النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعقله.
والصَّحابي الجليل عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وعَنْ أبِيهِ- لَمَّا تكلَّم أحدُ أبنائه في حديثٍ؛ غضِبَ عليه غضبًا شديدًا، وقال: "أراني أحدثك عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتقول كذا وكذا..."، وكذلك نُقل عن عبد الله بن مسعود، وغيره من أصحابِ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عمران بن حصين لَمَّا دخلَ عليه جماعة ومعهم رجلٌ ممَّن يقرأ في كتبِ المتقدِّمينَ، فلمَّا حدَّثهم عُمران بن حصين -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بحديثِ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ». أَو قَالَ: «الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ» ، فقال ذلك الرجل: "إنَّا نجد في بعض الكتب أنَّ منه سكينةٌ ووقار"، ويظهر مِن هذا أنَّ الرَّجلَ كان قارئًا لكتبِ المتقدِّمين وكتبِ الثَّقافَات الأخرى! فلمَّا قالَ هذا غضِبَ عليه عمران بن حصين وقال له: "أحدثك عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وتُراجع فيه!".
فلا يجوز للإنسان إذا جاءه الأمر مِن الله ومن رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يُعمل فيه عقلَه السَّقيم وفَهمَه السَّقيم، بل عليه الامتثال، وما يُشكِل عليك في ذهنك فعليك أن تسأل عنه أهل العلم.
ولهذا أجمعَ أهلُ العلم والأئمَّة قاطبة على حُجيَّة السُّنَّة، كالإمام الشَّافعي، وأحمد، ومالك، وقبلهم أبي حنيفة؛ فهذا إجماع لا يسع الإنسان أن يخرجَ عنه.
وإنَّ إنكارَ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ وإنكارَ حُجيَّتها فيه إبطالٌ للشَّريعة، ووجه ذلك: أنَّ فرائض الإسلام وشرائعه إنَّما جاءت عن طريق سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلاة الظُّهر أربع والمغرب ثلاث، وأوقات الصَّلوات، ودخول الشَّهر وخروجه في صيام رمضان، ونصاب الزَّكاة؛ فكلُّ هذه الأحكام مِن أركان الإسلام جاءت عن سُنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يُمكن للإنسان أن يَستقل بفهم الإسلام دون فهم سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولهذا فكل مَن خالفَ سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقعَ في البدعة، فأهلُ البدع ليسوا هم أهل السُّنَّة؛ بل هم مُفارِقون للسُّنَّة، فمَن الفِرَق التي خالَفت أهلَ السُّنَّة والجماعَة في حجيَّة السُّنَّة النَّبويَّة فضَلُّوا عن الصِّراط المستقيم واتَّبعوا غير سبيل المؤمنين طوائف من الشِّيعة الذين يعتمدون على مصادر غيرَ مصادر السُّنَّة المعروفة، كروايات "الكافي" و"بحار الأنوار" وما شاكل ذلك مماَّ لا إسنادَ له، وإنَّما هي منسوبة للأئمَّة الاثني عشر، وكل هذا مُخالفٌ لسنَّة النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فهذه عندهم هي السُّنَّة المرويَّة، ولا إسناد لهم، وإنَّما بدأ تدوين هذه الرِّوايات تقريبًا في المائتين والتِّسعين بعد هجرة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأوَّل مَن جعلَ هذه الآثار والروايات هو أبو جعفر القُمِّي.
وكذلك رواياتهم عن آل البيت دون سندٍ، وإن وُجد هذا السَّند فيكون من المجاهيل! وهذا بخلاف الرِّواية عند أهل السُّنَّة، فالرِّواية عند أهلِ السُّنَّة بالإسنادِ الثَّابت، فلو نظرتَ في صحيح البخاري وصحيح مسلم؛ تجد مثلًا أنَّ الإمام البخاري لا يقبل أيَّ حديث، فيشترط المعاصرة وثبوت اللُّقي بين الشَّيخِ والتِّلميذ، وينظر في الإسناد وضبط الحديث، وكتب الجرح والتَّعديل تراث عظيم لأمَّة الإسلام، لا نظير له في تاريخ البشريَّة، كلُّ ذلك حفظًا لسُنَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنَّه لا يُمكن أن يُفهَم القرآن إلا بسنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مِن حفظ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لدينه، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].
فكل هؤلاء مُفارقون لسُنَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنَّ هؤلاء الذين يعتمدون على رواية أهل البيت طَعنُوا في أصحابِ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بضعُ نفرٍ، والرِّواية عندهم عن الإمام المعصوم الذي يُنتَظَر خروجه.
ولهذا -بحمد الله- أهلُ الإيمان وأهلُ السُّنَّة صارت لهم في العصور المتأخرة مجامع علميَّة، ولهذا صارت فتاوى في الرَّد على منكري السُّنَّة النَّبويَّة، فمجمع الأزهر في مصر أفتوا بأنَّ مَن أنكرَ سنَّة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو خارج عن دائرة الإسلام، وهذه فتوى رسميَّة، وكذلك المجمع الفقهي الإسلامي حكم بأنَّ مَن أنكر سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقد وقع في الرِّدَّة، وكذلك هيئة كبار العلماء واللَّجنة الدَّائمَة للإفتاء؛ وكل هذا يدلُّ على أنَّ أهل الإسلام بالاتفاق يرون أنَّ السُّنَّةَ حجَّةٌ، وأنَّهم يُفارقون أهل البدع فيها، وهذا هو الفَيْصَل بينَ أهلِ السُّنَّة وبينَ غيرهم.
كذلك نالت مَقولة إنكار حُجيَّة السُّنَّة النبويَّة والتَّكشيك فيها هذه العناية من الأئمَّة، وهذا شيءٌ عظيمٌ جدًّا في تنقية أحاديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الدَّخيل من جهةِ الإسناد ومن جهة المتن، حتى جاءت لنا السُّنَّة وحديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كأنَّه قاله بالأمس، واضحٌ وبيِّنٌ ومحفوظٌ.
وتكلَّمنا عن طائفةٍ من أهلِ البدعِ، والطَّائفة الأخرى هم المعتزلة، فإنَّهم في خانة مَن يشكِّك في بعض حُجيَّة السُّنَّة النَّبويَّة من وجوه:
فمثلًا المعتزلة لا يَقبلون مِن السُّنَّة إلا ما وَافقَ عَقولهم، فميزان القَبولِ والرَّد عندهم ليس هو الإسناد، فأهلُ السُّنَّة عندهم ميزان القبول والرَّد في الحديث المروي عن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الإسناد والمتن، أن يكون الإسناد خالي من الشُّذوذ والعلَّة، والمتن كذلك، والإسناد ثابت، فكل رجال السَّند عندهم قاعدة، أنَّه إذا صحَّ الحديث قالوا به.
أمَّا المعتزلة فلا ينظرون لإسنادٍ ولا لمتنٍ؛ إنما ينظرون إلى عُقولهم في القبول والرَّدِّ، ولأجلِ هذا قالوا بتقديم العقل على النَّقل، وألَّفَ شيخ الإسلام ابن تيمية كتاب "درء تعارض العقل والنقل"، فالعقلُ الصَّريحُ لا ينافي النَّقلَّ الصَّحيح، بل يوافقه، فهم قدَّموا العقلَ وجعلوه الأصلَ وحكَّموا عقولهم في سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنَّ صحَّة النَّقل عندهُم وصِدق الرِّسالةِ إنَّما ثبتَ بالعقلِ، فهم جعلوا العقلَ هو الأصل، فلا يعود على أصلِهِ بالإبطالِ، وهذا أصلٌ متَّفقٌ عليه بينَ أهل الكلام جميعًا.
ومرَّ معكم هذا في شرح "العقيدة الطَّحاوية" الدَّليلُ العقلي المسمَّى بدليلِ حدوثِ الأجسام والأعراض، الذي ورثَه أهلُ الكلام من المنطق الأرسطي، ومن الثَّقافات السَّابقة من الفلسفات اليُونانيَّة وجعلوه أصلًا في صدق النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأجله فارقوا السُّنَّة وقالوا بهذه المحدثات البدعيَّة، وترتَّب على ذلك إيجاب النَّظر، أنَّ أوَّل واجب هو القصد إلى النَّظر أو الشَّك، إلى غيرِ ذلكَ ممَّا يُخالف سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهؤلاء مفارقون لما يجب عليهم تجاه سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويصدق عليهم بعض ما أخبر به النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كذلك الفِرَق الكلاميَّة لهم موقف، كالأشاعريَّة والماترديَّة، ويعبِّر شيخ الإسلام في صفتهم بــ "الصِّفاتيَّة"، فأهل الحديث يقولون: إنَّ من الحديث ما هو متواترٌ ومنه ما هو آحادٌ، مثل حديث عمر بن الخطاب: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» ، فهذا عند أهل الحديث يُسمَّى آحادًا، يعني: واحدًا يرويه عن واحد عن واحد، ثم يحصل انتشار للحديث، فإذا جاءت أحاديث الآحاد في العقائد فإنَّ الأشاعرة والماترديَّة لا يقبلونَها، فلو جاء حديث آحاد فيه وصف الله -عزَّ وَجلَّ- بوصف فلا يُقبل عندهم، وهذا في الحقيقة غلطٌ وانحرافٌ في قبول أحاديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا شكَّ أنَّنا نُفرِّق من جهةِ الإسناد، أنَّ هذا حديثٌ متواترٌ وهذا حديث آحاد، ولكن من جهةِ القبولِ والرَّدِ لا يجوز لنا أن نُفرِّق؛ لأنَّ الصَّحابةَ ما فرَّقوا، ولا يُعرف هذا التَّفريق، وإنَّما حدث بعد المائة الثَّالثة كما قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيميَّة، بل إنَّ أهل قباء لما بلغهم تغيير القِبلةِ وهم يصلُّون انحرفوا، مع أنَّ المُخبر لهم واحد، فكذا أخبار الآحاد.
وهذا التَّفريق أوقعهم في تناقض، وتسلَّط عليهم المعتزلة بسببِ ذلك وألزموهم بإلزامات، وهذا كلُّه أنكارٌ لجزءٍ من السُّنَّة النَّبويَّة ومن حجَّتِها.
وكذلك لازال التَّشكيك في ثوابت الإسلام قائم من الطَّوائف المتأخِّرة، وهذه المدافعة من سنَّة الله -عزَّ وَجلَّ، ولا يزال هناك مَن يُلقي الشُّبهات على أهلِ الإيمان وأهلِ التَّوحيدِ، ولكن واجبَ أهلِ الإيمان وأهلِ التَّوحيد أن يردُّوا هذه المتشابهات إلى العلم، فأهلُ العلم يكشفون هذه الشُّبهة، فهناك مَن يُشكِّك في صحيحِ البخاري وفيما جاء فيه من الأحاديث، مع أنَّ الأمَّة تلَّقت الصَّحيحين بالقبول، وها ممَّا أجمعت عليه الأمَّة، على اختلافهم بين المشارقة والمغاربة في تقديم أحدهما على الآخر من جهةِ الصَّنعةِ الحديثيَّةِ لا من جهةِ القبولِ والرَّدِ، ومع ذلك هناك من يُشكِّك!
وواجب على أهلِ الإيمانِ أن ينصرفوا عن هذه الدَّعاوى، وأن يردُّوا على هؤلاء المشكِّكين الذين يُشككون في سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولا يحصُل الإيمان حتى تكون الطَّاعة لله ولِرسولِه، كما جاء عن الله وما جاء عن رسوله، فهؤلاء الذين أخبر عنهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: «بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ»، فالتَّنازع لا يُرد إلا للكتابِ عندهم، والقرآن لا يُمكن أن يُفهم إلا بالسُّنَّة النبويَّة، فكيف نفهم كلام الله -عزَّ وَجلَّ!
وهذا -والعياذ بالله- يعود على الإسلام بالإبطال، حتى أتت الفلسفات وأتت الأقوال الشَّاذَّة والمخالفة لِما أجمعَ عليه أهل العلم لما يُقال بمثل هذا القول أنَّ الحجَّة إنَّما هي في القرآن، وأمَّا السًّنَّة فلا، فهذا يعود على الإسلام بالإبطال، ومعنى ذلك أنَّ الشَّريعة تُنسَخ وتُغيَّر، فيكونُ الإنسان بذلك على غيرِ الجادَّةِ السَّليمَةِ، ومخالفٌ لِما أجمعَ عليه أهل العلم، كلُّ هذه أخطارٌ ينبغي على أهلِ الإسلام أن يحذروها، وإنَّ ما حرَّم الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثل ما حرم الله -عزَّ وَجلَّ- لأنَّ السُّنَّة هي الوحي الثَّاني، قال الله تعالى عن نبيِّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾ [النجم: 3]، فالسُّنَّة وحي آخر، ولهذا فإنَّ من السُّنَّة ما أخبره النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربِّه -سبحانه وتعالى- ويُسمِّيه العلماء بالحديث القدسي.
فلا شك أنَّ هذا مِن الأخطارِ التي ينبغي للمسلمِ أن يحذرَها، وألا يدلِفَ هذا الباب الذي -بحمد الله- أُغلق، وأنَّه إذا رأى هؤلاء الذين يشكِّكونَ في حديث النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يحذرهم كما قال بعض السَّلف: "إذا رأيتم مَن يتَّبع المتشابه؛ فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم"، فكل مَن يُشكِّك في حديث النِّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا من جهة القبول التَّام، فيشكك في قبول السنَّة بالكليَّة أو في جزئياتها؛ فعلَى المسلم أن يحذر هؤلاء وأن يبتَعِدَ عنهم ولا يسلك مسلكهم.
{شيخنا أحسن الله إليك.
ما موقف العامِّي أو طالب العلم المبتدئ من هذه المقالات، هل يقرأها ويدخل المواقع الإلكترونيَّة الخاصة بها، أو أنه يبتعد عنها؟}.
الإنسان العامِّي وأنصاف المتعلِّمين وغيرِ المتخصِّصينَ في العلومِ الشَّرعيَّة عليهم بالمُحكَمَات، فالمُحكَم هو أنَّ القرآن والسُّنَّة حُجَّة، قال تعالى: ﴿إِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: 59]، وقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» ، فالرَّد عن التَّنازع يكون للكتاب والسُّنَّة، ومَن يشكِّك في هذا فهو يشكِّك في أصلِ الإسلام، فلا يجوزُ للإنسان أن يُجالس هؤلاء؛ لأنَّه لا يؤمَن أن يقع في قلبه شيءٌ من الزَّيغ فيهلك، وكما قال السلف -رحمهم الله: "الشُّبهات خطَّافة"، وإنَّما سُمي القلبُ قلبًا لتقلُّبِهِ، والحيُّ لا تؤمَن عليه الفِتنة، والإنسان -بحمد الله- آمنَ على يقينٍ وبيِّنةٍ، ولا يجوز له أن يزعْزِعَ هذا اليقين بالشُّبهات، فيحذر من مجالسة هؤلاء ومجادلتهم في مثل هذا؛ لأنَّ هذا -كما ذكرت لكم- إجماع للمسلمين قاطبة، فهذا يُشكك في الإجماع، فما يُقبَل قوله، ولا تُقبَل الشُّبهات التي يُدلي بها، وأنَّ هؤلاء مصيرهم ومقاصدهم التَّشكيك في الإسلام، والعود على الإسلام بالإبطال، ولا يزال المعادين للإسلام منذ بُعث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والعداوة باقية، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرً﴾ [الفرقان: 31]، وقال: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ [الأنعام: 112]، ولكن حكمةً وامتحانًا مِن الله -عزَّ وَجلَّ- أن تظهرَ هذه الأقوال حتى تُدفَع، فينبغي أن يكونَ الإنسان على يقينٍ وعلى صريحِ الإيمان، وأن يحذرَ هذه الشُّبهات، خاصَّة أن شبكات التَّواصل الآن حافلة بمثل هؤلاء المشكِّكين، وباب التَّشكيك بحرٌ لا ساحلَ له، سيشكِّكونَكَ في دينكَ، وفي سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعضهم يشكِّك في القرآن -نسأل الله السَّلامة والعافية- ويشكِّكونَكَ في وجودِ الله -عزَّ وَجلَّ- فالتَّشكيك بحرٌ لا ساحلَ له، والشَّيطان لايزال يقودهم إلى هذا التَّشكيك، فالوسوس بضاعة التَّشكيك، والوسوسة تارةً تكون شيطانيَّة من جهة القَلبِ، وتارةً تكون وسوسة إنسيَّة؛ لأنَّ هذه بضاعتهم التي يُنفقونها، ولهذا ينبغي للإنسان أَلَّا يُضيع وقته مع هؤلاء، وأن يتعلَّم العِلمَ النَّافعَ، فالعلم النَّافع هو ما جاء عن الله وجاء عن رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولن تجد أمثلَ من قراءة كلام الله -عزَّ وَجلَّ- بتدبُّرٍ لصرفِ هذه الأهواء عن قلبكَ وهذه الوساوس، فإذا أقبلَ الإنسان على ربِّه وهذا القرآن وهذا الوحي أزالَ اللهُ عنه هؤلاء المشكِّكين، والتزم الصَّراط المستقيم.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ: (باب تَحْرِيضِه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم على لُزُومِ السُّنَّة والتَّرغيبِ فِي ذَلِكَ وترك البِدعِ والتفرقِ والاخْتلافِ والتحذيرِ من ذلك)}.
هذا هو الباب الثَّامن، وسيورد المؤلف الآيات الدَّالة على ذلك، وسنعلق عليها.
قال المؤلف: (باب تَحْرِيضِه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم)، التحريض: هو الحثُّ، ولهذا قال الله -عزَّ وَجلَّ: ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 84].
قال: (على لزوم السنة)، اللزوم: هو الثَّبات والإقامة، فبعد أن أورد المؤلف حُجيَّة السُّنَّة وثبات ذلك، ذكر له ما جاء عن الله وما جاء عن رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أنَّه يجب عليكَ أن تلتزم هذه السُّنَّة، ورغَّبكَ في ذلك؛ لأنَّ لزوم السُّنَّة يُقابله الإحداث والبدعة، فإذا لم تلزم السُّنَّة وقعتَ في البدعة، وإنَّما إحياء السُّنن إماتة للبدعة، وإماتة البدعة هي إحياءٌ للسُّنَّة.
والسُّنَّة في عبارة المؤلِّف تشملُ الاعتقاد، وتشملُ متابعة النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في العبادة، قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وفي الأمر والنَّهي فيما جاء عن أمرِ الله وجاءَ عن أمرِ ونهي رسولِه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا كلَّه من السُّنَّة.
فيُعبَّر بالسُّنَّة: تارةً بالتَّوحيدِ، أي أنَّ السُّنَّةَ هي الاعتقاد، مسائل توحيد الرُّبوبيَّة، وتوحيد الألوهيَّة، وتوحيد الأسماء والصِّفات، ولهذا صنَّفَ العلماء كتبًا ورسائل في السُّنَّة، وأوردوا مسائل الاعتقاد، ككتاب "السُّنَّة" لعبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، و"السُّنَّة" للبربهاري، و"أصول السُّنَّة" للخلَّال تلميذ الإمام أحمد، و"شرح أصول السُّنَّة" للالكائي، و"شرح الإبانة في أصول السنة" لابن أبي بطَّة، إلى غيرِ ذلك من المصنَّفات، فدلَّ هذا على أنَّ السُّنَّة هي مسائل الاعتقاد.
وتارة يُعبَّر بها عند الفقهاء: بما قابل الواجب، يعني: هو ما حُثَّ على فعلِه على غيرِ وجه الإلزام.
والسُّنَّة عندَ الأصوليين: هي ما أُضيفَ إلى النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ، وهكذا عند المحدِّثين. فتُعرَّف السُّنَّة بحسبِ اختصاص مَن يبحث في السُّنَّة النَّبويَّة.
والمرادُ هنا من كلام المؤلِّف: هو لزوم ما كان عليه النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الهدي الظَّاهرِ والاعتقادِ والعملِ، ويشمل المسائل العلميَّة والمسائل العمليَّة، فكلُّ مخالفةٍ لسُنَّةِ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن هذا الوجه هو مخالفةٌ للسُّنَّة؛ لأنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين» على سبيل الحثِّ، وقال الله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً﴾ [الأحزاب: 21]، ولهذا قال المؤلِّف: (باب تحريضه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم على لزوم السنة والترغيب في ذلك)، فحرَّضَ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على لزومِ السُّنَّة، فدلَّ ذلك على أنَّ الإنسان لا يُفارق هذا، لأنَّ اللزوم هو عدم المفارقة، وعلى ألا يرغب عنها؛ بل يرغب في البقاء على ذلك.
ثم ذكر المؤلِّف أمرًا مهمًّا، وهو ترك البدع، والبدع هي الإحداث في دين الله، لأنَّ الدِّين كامل، هذه تقريرات لقواعد مهمَّة قبل أن نُفصِّل.
فالدِّينٌ كاملٌ، وشرائع الإسلام كاملة، لا تحتاج لأن يكمِّلها أحد، قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينً﴾ [المائدة: 3]، ولمَّا أنزلت هذه الآية حسدَنا عليها اليهود مِن أهلِ الكتاب، لأنَّ الدِّين تام، فمِن ثوابت الشَّريعة أنَّ الدِّين ما يحتاج أن يُكمَّل، فكمال الدين بأنَّ الله أتمَّه بالإسلام، والنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال عن نفسه: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ» ، فهذه قواعد مُهمَّة لابدَّ للإنسان أن يعرفها، قال الصحابي: "ما ترك النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شيئًا إلا وأخبرنا عنه"، فمَا مِن طائرٍ يقلِّبُ جناحيه إلَّا وأخبرنا الله عنه، حتى أخبرهم النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأخبار التي ستقع مِن شدَّة شَفقَتهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على هذه الأمَّة، فبلَّغَ البلاغ المبين.
إذن البدع: هي الإحداث على ما هو تامٌّ ومكمل.
فالمُحدث والمبتدع ينسب للدِّين -أو يُحدِث في الدِّين- ما ليسَ منه، ولهذا فإنَّ الله أغلق هذا الباب على لسانِ رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث عائشة، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» ، أي: من أحدث في هذا الدِّين ما ليس منه فهو مردود، ولهذا ما يشبه أحد بالمتشابه من الآيات والأحاديث على أنَّ البدعة فيها حسنة وفيها سيئة؛ بل إنَّ البدعَ كلَّها سيئةٌ؛ لأنَّ الدِّينَ كاملٌ، ولا يحتاجُ أحدًا ليكمله.
قال: (وترك البِدعِ والتفرقِ)، دلَّ على أنَّ البدعة يتبعها الفُرقَة، فيحدث الاختلاف أولًا ثم تحدث الفُرقَة.
والفُرقَة: هي الافتراق، ولهذا أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبرًا واقعًا لا محالة، ولكن على سبيل التَّحذير، قال: «افْتَرَقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» . قالوا: يا رسول الله من هي؟ قال: «ما أنا عليه اليوم أنا وأصحابي» ، فالميزان هو لزوم السُّنَّة، وترك المحدثات والابتداع في دين الله -عزَّ وَجلَّ.
إذن يحدث الاختلاف في الدِّين، ثم بعد ذلك يحدث الافتراق، وهذا وقع في الأمَّة، فالفِرَق موجودة ولا زالت تُفارق هذا السَّبيل، قال تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرً﴾ [النساء: 115].
إذن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حرَّضَ على لُزومِ سنَّته ورغَّبَ في ذلك، وحذَّرَ من إيقاع البدع، وأخبر أنَّ سبيل البدع هو الاختلاف والافتراق، والافتراق لا يكون بعده اجتماع، وهذا خلاف ما أمر الله به وما أمر به رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُو﴾ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: 153]، فهذه السُّبُل هي الإحداثِ والافتراقِ.
والمؤمنُ في كلِّ صلاةٍ وفي كلِّ ركعةٍ يقول: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]، وعلَّمنَا النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نقولَ: «للَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» .
نسأل الله -عزَّ وَجلَّ- أن يهدينا الصِّراطَ المستقيمَ، وأن يُلزمنا السُّنَّة، وأن يتوفَّانا على التَّوحيدِ والسُّنَّة غيرَ مبدِّلين ولا مُحدِثين، وصلَّى الله وسلم علَى نبينا محمد.
{وفي الختامِ نشكركم فضيلةَ الشَّيخ على ما تقدِّمونَه، أسألُ الله أن يجعلَ ذلك في موازين حسناتِكم.
هذه تحيَّةٌ عطرةٌ من فريقِ البرنامج، ومنِّي أنا محدثِّكم عبد الرحمن بن أحمد العمر، إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائِعَه، والسَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته}.
سلاسل أخرى للشيخ
-
2524 22
-
3243 12
-
3327 12
-
4637 12