الدرس السابع

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

5748 12
الدرس السابع

عمدة الفقه (5)

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحبُ بكم إخواني وأخواتي المشاهدين الأَعِزَّاء في حلقةٍ جديدةٍ مِن حلقاتِ البناء العِلمي، وأرحب بفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الحكيم بن محمد العجلان، فأهلًا وسهلًا بكم فضيلة الشيخ}.
أهلًا وسهلًا وحيَّا الله الإخوة جميعًا المشاهدين والمشاهدات، وأسأل الله لنا ولهم التوفيق.
{في الحلقة الماضية قَرأنا باب "المُحَرَّمات من النكاح" ولم يتسنَ لنا التَّعليق على مَسائل هذا الباب، فلعلنا في هذه الحلقة نقرأها -بإذن الله.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (باَبُ اْلمُحَرَّمات فِيْ النِّكاَحِ
وَهُنَّ اْلأُمُّهَاتُ، وَاْلبَنَاتُ، وَاْلأَخَــوَاتُ، وَبَنَــاتُ اْلإِخْــوَةِ، وَبَنَـــاتُ اْلأَخَــــوَاتِ، وَاْلعَمَّــاتُ، وَاْلخَالاَتُ، وَأُمُّهَاتُ النِّسَاءِ، وَحَلاَئِلُ اْلآبَاءِ، َالرَّبَائِبُ اْلمَدْخُوْلُ بِأُمَّهَاتِهِنَّ)
}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رَبِّ العَالمين، وَصلَّى اللهُ وسَلَّمَ وَبَارَكَ على نبينا محمدٍ، وعلى آلهِ وأصحابهِ وَسَلِّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّين، أمَّا بعد: فأسأل الله -جَلَّ وَعَلا- أن يَجعلنا وإيَّاكم مِن أهلِ العِلم والفَضلِ والتُّقى، وأن يُعقبنا العمل والتعليم والهُدى، وأن يُعيذنا مِن الشَّرِّ والبلاءِ والرَّدى.
كُنَّا في الدَّرسِ الماضي ابتدأنا مَا يتعلق بالكلامِ على المُحَرَّمات في النِّكاح، وقلنا -على حد قول القائل: وبضدها تتبين الأشياء، فلمَّا كانت المُحَرَّمات أضيق مما يجوز للإنسان أن يتزوجها، فإذا بُيِّنَت المُحَرَّمات بُيَّن مَا يَحِلُّ للإنسانِ نكاحه من النِّساء، فلأجل ذلك ذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في هذا الباب المُحَرَّمات، وسواء كانت المُحَرَّمات هنا على سبيل التأبيد، أو مُحَرَّمات إلى أمد، وسواء كنَّ مُحَرَّمات بالنَّسَب، أو مُحَرَّمات بالمُصَاهَرة، أو مُحَرَّمات بالرَّضاعة، وقد تحرم النِّساء بغير ذلك، كالمحرمة بلعانٍ ونحوه.
فبدأ المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- بالقِسم الأول مِن المُحَرَّمات، وهنَّ: المُحَرَّمات بالنَّسَب على سبيل التأبيد، فبدأ بالأمهات:
فكلُّ أمٍّ للإنسان لا يجوز له أن ينكحها، سواء كانت أمًّا صُلبيَّة، أو أمَّ أُمَّه، أو جداتها لأبيها أو لأُمِّها، أو جدات أبيه، أي: أم أبيه، أو جداتها لأمها أو لأبيها، فأم أبيه وأم أبي أبيه وأم أبي أبي أبيه وهكذا...؛ مُحَرَّمات.
إذن أي أمٍّ لك فهي مُحَرَّمٌ عليكَ نِكاحُها.
ومثل ذلك البنات، فَكُلُّ بنتٍ للإنسان يَحرم عليه أن ينكحها، سواءٌ كانت بنتًا صُلبيَّة، أو كانت بنتَ بنتٍ، أو بنت ابنٍ، أو بنت ابن ابن، أو بِنْتَ بِنْت بنتٍ، أو سواءٌ كانت بنت ابن بنت، أو بنت ابن ابن، أو بنت بنتِ ابن، أو غير ذلك وإن نزلت، فكلهنَّ مما يحرم على الإنسان نكاهنَّ.
وكذلك الأخوات: فالأخوات سواءٌ كُنَّ أخوات شقائق لأم وأب، أو سواء كُنَّ أخوات لأب، أو كانت أخوات لأم؛ فلا يجوز للإنسان أن ينكح شيئًا من أخواته.
وبنات الإخوة: فبنت أخيك سواء كان أخًا شقيقًا، أو أخًا لأب، أو أخًا لأم؛ فإنَّ الإنسان عَمُّ تلك البنت، فلا يجوز له أن يَنْكِحَها بحالٍ من الأحوال.
ومثل ذلك بنات أخواته: فبنت أخته َّ، وبنت أخته لأب، وبنت أخته لأم؛ كُلهنَّ مُحَرَّمٌ عليه نكاحهنَّ، وسواء كانت بنت أخواته، أو بنت بنت أخته، أو بنت ابن اخته، فكلهنَّ داخلات في مُسمى بنات الأخوات، فيحرم على الإنسان نكاحهنَّ، وكذلك بنات الإخوة سواء كُنَّ بنات الإخوة أو هُن أحفاد للإخوة، فلا يجوز للإنسان أن ينكحهنَّ؛ لأنَّ بنات إخوانه هو عمُّهنَّ، وبنات أخواته هو خالهنَّ، فأي امرأة أنت خالها فلا يجوز لك نكاحها، سواء كنت خالها أو خال أمها، أو خال أبيها، أو خال جَدِّها أو جدتها، فكلهن يدخلن في ذلك.
أيضًا العمات: والعمَّة هي أخت الأب، فكل عمَّةٍ للإنسان لا يجوز له أن ينكحها، سواءٌ كانت عمَّته التي هي أخت أبيه، أو عَمَّة أبيه التي هي أخت جَده، أو عَمَّة جده التي هي أخت أبي جده، أو سواء كانت عَمَّة أمه، أو عمَّة أم أمِّه، أو عَمَّت أبي أُمِّه؛ فكلهن داخلات في ذلك، فأي عَمَّة لك لا يجوز لك أن تنكحها أبد الأبد.
ومثل ذلك الخالات: فمن كانت خالة لك، أي: أختًا لأمك، أو خالة لأمك، أي: أختًا لجدتك، أو خالة لأم جدتك، فكلهنَّ لا يجوز للإنسان أن ينكحهن، وكذلك أيضًا خالات أبيه، فخالة أبيه، وخالة جده، وخالة جدِّ أبيه؛ كلهن محرم على الإنسان نكاحهن، وعلى نحو ذلك سواء كانت أختًا لِجَدِّه شقيقة أو لأب أو لأم؛ فما دامت خالة لك فلا يجوز لك نكاحها، وكذلك لو كانت عمَّة سواء بسواء.
إذن "الأمهات، البنات، الأخوات، بنات الإخوة، بنات الأخوات، العمات، الخالات" هؤلاء سبع، وقد جاء تحريمهنَّ في الآية، وهنَّ محلَّ إجماع، قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ﴾ [النساء:23] هؤلاء المُحَرَّمات لِنَسَبٍ.
ثُمَّ ألحقَ المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- بهنَّ المُحَرَّمات بالمُصَاهَرة، والمقصود بالمُصَاهَرة: النِّكَاح.
وأُمهات النِّساء، أي: أُمُّ الزَّوجة، لا يجوز نِكاحها، سواء كانت أمًّا لها، أو جدَّة من جهة أبيها، أو من جهة أمها، وإن عَلونَ، مثل: "أم زوجتك، وأم أبيها، وأم أبي أبيها، وأم أبي أمها، وأم أمها، وأم أم أمها، وأم أبي أمها، وهكذا".
لا يجوز للإنسان أن ينكحها ما دام قد تزوج تلك البنت، فكل أمهاتها مُحَرَّمات عليه للآية ﴿.... وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ [النساء:23].
ثُمَّ قال: (وَحَلاَئِلُ اْلآبَاءِ والأبناء)، أيُّ امرأة تزوجها أبوك فهي حليلته، فتكون مُحَرَّمة عليك، وهذا أيضًا جاءت به الآية، وكل ذلك محل إجماعٍ بينَ أهلِ العِلم لا يختلفون فيه، والمقصود سواء كانت حليلة أبيك، أو حليلة جدك، أو حليلة أبي جدك مِن جهةِ أبيك أو مِن جهة أُمِّك، فكل أبٍ لك وإن علا فحليلته - هي زوجته- والتي لا تكون أمًّا لك؛ فإنه لا يجوز لك أن تنكحها.
إذن قد انتهينا من الأم في المُحَرَّمات بالنَّسَب، ولكن لو أنَّ أباك أو جدك تزوج امرأة غير أمك أو أم أبيك أو أم أمك فإنَّه لا يجوز لك أن تنكحها.
قال: (وحلائل الأبناء)، اللاتي هُن زوجات الأبناء لا يجوز للإنسان أن ينكحها، سواء كانت حليلة ابنك، أو حليلة ابن ابنك، أو حليلة بنت ابن بنتك، كلهن داخلات في ذلك وإن نزلنَ للآية والإجماع.
قال: (وَالرَّبَائِبُ اْلمَدْخُوْلُ بِأُمَّهَاتِهِنَّ)، فالأمهات الثلاث: "أمهات النِّساء، وحلائل الآباء والأبناء" فبمجرد أن تتزوج المرأة فأمهاتها يحرمنَ عليك.
وبمجرد أن يعقد أبوك أو جدك على امرأة؛ فإنَّها تحرم عليك مُطلقًا.
وَمَن تَزوجها ابنك وكتب كتابها وإن لم يدخل بها فهي مُحرمة مُطلقًا، ولذلك يُسمون هذه "مُحَرَّمات بالعقد".

المُحَرَّمات بالمُصَاهَرة تنقسم إلى قسمين:
- مُحَرَّمات بالعقد.
- ومُحَرَّمات بالدخول.
والرَّابع مِنْهُنَّ: الربيبة، فلا تحرم إلا بالدُّخول بأُمِّها، فمن تزوج امرأة فدخل بها فإنَّ ابنتها تحرم عليه، فلو طَلَّقَ هَذه الأم وأراد بعد ذلك أن يتزوج ابنتها التي هي مِن زَوجٍ آَخر سواء كان سابقًا أو لاحقًا فإنَّه لا يجوز له؛ لأنها بنت زوجته، وبنت الزوجة ربيبة، بشرط أن يكون قد دخل بها، أي: بأمها.
أمَّا لو عقد الإنسان على امرأة ثُمَّ لَم يَدخل بها، وانحل النِّكاحُ بسببٍ مِنَ الأسبابِ، ثُمَّ بعد ذلك أراد أن يتزوج ابنتها فلا حرجَ عليه ولا غضاضة إذا لم يدخل بِأَمِّها، قال تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ .
واسم الربيبة: هو اسم لبنت الزوجة مُطلقًا، يعني سواء تربَّت في حجركَ أو لا، يعني ولو لم يكن قد رآها أبد الآباد، كأن كانت عند أبيها منذ ولادتها، فكونها بنتًا لزوجةٍ تزوجتها ودخلت بها فلا يجوز لك أن تتزوجها، وسواء كانت موجودة لمَّا تزوجتَ أمها أو لو أنك طلقت هذه المرأة ثُمَّ تَزَوَّجَت رَجُلًا آخرًا فأنجبت فكبُرَت ابنتها، فهذه بنت زوجتك، ويُطلق عليها ربيبة وإن لم تكن قد رُبيَتْ عندك، فالوصف هنا وصفٌ أغلبي -كما يقول أهل العلم.
وعلى هذا كل بنت للزوجة لا يجوز للإنسان أن يَنْكِحُهَا بوجهٍ مِن الوجوه مَا دام أنَّه قَد دَخَلَ بِأُمِّها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضاع مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)}.
هذا هو القسم الثَّالث مِن المُحَرَّمات تحريمًا أبديًّا، وهو المُحَرَّمات بالرَّضاع، فإنَّالرَّضاعة محرمة، وناقلة للمحرميَّة، ولذلك لما جاء في حديث عائشة وابن عباس عند مسلم في صحيحه، أنَّ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاع مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»، وهذا محل إجماع بين أهل العلم، فإذا كان لك أختًا مِنَالرَّضاع، بنتًا مِنَالرَّضاع، عمَّةً مِن الرَّضاع، خالةً من الرَّضاع، أُمًّا مِن الرَّضاع، جَدَّةً مِن الرَّضاع، فكما أنهنَّ يَحرمن من النَّسَب؛ فكذلك ما مَاثلهنَّ بالرَّضاع فإنهن مُحَرَّمات، الأم من النَّسَب محرمة وكذلك الأم مِن الرَّضاع، البنت مُحرمة وكذلك البنت مِن الرَّضاع، العمَّة محرَّمة مِن النَّسَب وكذلك العمَّة مِنَ الرَّضاع، وهكذا...
ولذلك أتى المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- بلفظ ما جاء به الحديث، فقال:(يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاع مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ).
مسائل الرَّضاع وما يتعلق بتفصيلها وكيفية انتشار المحرمية ستأتينا بعد هذا الباب في باب الرَّضاع؛ لأنَّه مما يتوقف عليه فَهم هذه المسائل والعِلم بها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَبَناَتُ الْمُحَرَّماتمُحَرَّمات، إِلاَّ بَنَاتِ اْلعَمَّاتِ وَاْلخَالاَتِ، وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَحَلاَئِلِ اْلآبَاءِ وَاْلأَبْنَاءِ، وَأُمُّهَاتُهُنَّ مُحَرَّمات، إِلاَّ اْلبَنَاتِ وَالرَّبَائِبَ، وَحَلاَئِلَ اْلآبَاءِ وَاْلأَبْنَاءِ)}.
لَمَّا قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَبَناَتُ الْمُحَرَّمات مُحَرَّمات)، بنات الأم هنَّ أخوات الإنسان، فكذلك تكون مُحَرَّمة، وبنات البنات كذلك، فهذا تأكيد لما ذكرناه، فيكون داخل في ذلك إِلَّا بَنَات العَمَّات، فبنات العمَّات لا يدخلن في التَّحريم بوجهٍ من الوجوه؛ لأنَّه لم يدل على ذلك دليل.
قال: (إِلاَّ بَنَاتِ اْلعَمَّاتِ وَاْلخَالاَتِ وَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ)، و(أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ)، يعني: بَنَاتُهُن لسنَ مُحَرَّمات على الإنسان، لماذا؟
لأنَّها أخت زوجتك، فغايةُ ما يكون تحريمها هو: ما دامت زوجتك في عصمتك؛ فإذا طلقتها أو ماتت؛ فإنَّه يجوز لك أن تنكح أختها التي هي بنت أم زوجته.
قال: (وَحَلاَئِلِ اْلآبَاءِ)، فلو أنَّ الأب تزوج امرأةً فأراد الابن أن يتزوج ابنتها لكان ذلك جائزًا ما دامت أنها بنتًا مِن غيرِ أبيه؛ لأنَّ بنت أبيه ستكون أختًا له مِن الأب، لكن لو أنَّ هذه التي تزوجها الأب كان عندها بنتًا من زوجٍ سابق؛ فأراد الابن أن يتزوجها فإنَّ ذلك يكون صحيحًا، أو كانت بنتًا من زوج لَاحِقٍ لأبيه.
وكذلك الأبناء: فلو تَزَوَّج ابنك امرأةً، فهذه المرأة مُحَرَّمَة عليك، لكن ابنتها مِن غيرِ ابنك غَير مُحَرَّمة؛ لأنَّ بنتها مِن ابنك ستكون أنت أبًا لها، لكن لو كان لها بنت مِن زوجٍ سَابق أو مِن زَوجٍ لاحق؛ فلا يَحْرم عليك أن تَنكحهَا.
قال: (وَأُمُّهَاتُهُنَّ مُحَرَّمات)، كذلك أُمَّهات المُحَرَّمات مُحَرَّمات، "أم الأم، أم البنت، أم الأخت" على نحو ما ذكرنا، فهذا زيادة تفصيلٍ وتوضيح.
قال: (إِلاَّ اْلبَنَاتِ وَالرَّبَائِبَ، وَحَلاَئِلَ اْلآبَاءِ وَاْلأَبْنَاءِ)، حلائلُ الأبناءِ والآباءِ لا تكون حَلالًا للإنسان؛ لأنَّها زوجة أبيك أو زوجة ابنك.

{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً حَلاَلاً أَوْ حَرَامًا حَرُمَتْ عَلى أَبِيْهِ وَابْنِهِ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَ)}.
تَقَدم مَا يَتَعَلَّق بالمُحَرَّمات بالنَّسَب والمُصَاهَرة والرَّضاع ونحوه، ولكن ربما وَطِئ امرأةً على وجهٍ حلال، يعني: لا يكون مُحَرَّمًا، إمَّا أن تكون مملوكة فيما مَضَى أو نحو ذلك، أو كان وَطْأً مُحَرَّمًا بالزِّنا -نسأل الله السَّلامة والعَافية- أو لو كانت مَوطوءة بالشُّبهة، كأن ظَنَّها زوجةً له وهي ليست بزوجةٍ، مثل:
دَخَلَ على امرأةٍ يَظُنُّها زوجته التي عَقَدَ عليها ولم تكن كذلك.
أو دَخَلَ بيته فَوَجَدَ امرأةً في فِراشه فَظَنَّها زَوجته فلم تكن كذلك وكان قد جَامعها، فهذا وطء وإن لم يكن مبنيًا على عقدٍ صحيحٍ، فقد يكون حَرامًا، وقد يكون شُبهة، ففي كل الأحوال هذه التي وطئتها فإنَّها تَحْرُم على أَبيك وابنك، مثل: حلائل الآباء والأبناء؛ لأنَّه لَمَّا وطئها انتشر المَحرَمية على الآباءِ والأبناءِ باعتبار أنَّها كانت فِراشًا لك بحالٍ مِن الأحوال.
قال: (وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَ)، كما أنَّك لو تزوجت امرأةً فحرمت عليك أُمِّها وأم أُمِّها وأم أبيها.
كذلك لو زَنَا شخصٌ بامرأةٍ -نعوذ بالله- فإنَّ أُمَّها وأم أُمِّها ونحو ذلك تكون مُحَرَّمة عليه، وكذلك بناتها، ومثل ذلك لو كان وطء شبهةٍ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَصْلٌ فِيْ اْلجَمْعِ بَيْنَ اْلأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ اْلمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخاَلَتِهَا فِيْ النِّكاَحِ.
وَيَحْرُمُ اْلجَمْعُ بَيْنَ اْلأُخْتَيْنِ، وَبَيْنَ اْلمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا؛ لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ اْلمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَ»)
}.
هذا الفصل الذي عقده المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في القِسْم الثَّاني: المُحَرَّمات إلى أمدٍ، أو المُحَرَّمات تحريمًا مُؤقتًا ينتهي إلى وَقتٍ مُعيَّنٍ.
فأول مَا ذَكَرَه المؤلف هنا: الجمع بين الأُختين، فلا يجوز للإنسان أن يجمع بين الأختين؛ لأنَّ الجمع بين الأختين نافية لما يجب للأخوات مِنَ الصِّلةِ والإحسانِ والبِرِّ ونحو ذلك، فلمَّا كان الجمع مُفضيًا إلى النُّفرة والنِّزاع حَرَّمَ الشَّارع ذلك ما دامت هذه المرأة تحت عِصمتك، فإذا ماتت أو طُلقت جاز للإنسانِ أن ينكح أُختَها، وهذا محل إجماعٍ واتفاقٍ بين أهل العلم.
وَذَكَر المؤلف مَسألةً ثانيةً وثالثةً: الجَمْعُ بين المرأة وَعَمَّتِها، والمرأة وَخَالَتِهَا، فلا يجوز للإنسان إذا كانت تحته امرأة أن ينكح عَمَّتِها، فلا يُجمع بين المرأة وَعَمَّتِها، ولا يُجمع بين المرأة وَخَالَتِهَا، وهذا محل إجماع، والحديث في ذلك قد ذكره المؤلف، «لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ اْلمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَالَتِهَ»، فإذا كانت عنده العَمَّة وأرد أن يأخذَ بنت أخيها فمثل ذلك، أو كانت عنده بنت أخيها ثُمَّ أراد أن يَنكح عَمَّتِها فكذلك.
المهم أنَّ الجَمْعَ بينهما محرم، فلا يجوز له أن يجمع بينهنَّ بحالٍ مِن الأحوال، لكن إذا انتهت علاقته بهذه المرأة بطلاق أو فسخٍ -كأن يكون خُلعًا- أو لعانًا -نسأل الله السَّلامة والعافية- أو كان ذلك بموتها، ثُمَّ أراد أن يتزوج بنت أخيها أو بنت أختها فلا بأس في ذلك، لكن المُحَرَّم هو الجمع بينهما، وهذا محل إجماعٍ بين أهلِ العِلم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلاَ يَجُوْزُ لِلْحُرِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ)}.
المسلم الحُرُّ لا يجوز له أن يجمع بين أكثر مِن أربعِ نساءٍ، لقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: 2-3]، وهذا محل إجماعٍ بينَ أهلِ العِلم لا يختلفون في ذلك عند مَن يُعتدُّ به، خلافًا لبعض أهل الأهواء والبدع، وأمَّا حالُ النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أنَّه جَمَعَ بينَ أكثرِ مِن أَرَبَعِ نِساء؛ فإنَّ هذا على سبيل الخصوصية للنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التي لا يُشركه فيها غيره، وذكرنا في أول كتاب النِّكاح أنَّ الفقهاء مِن عادتهم أنَّهم يَذكرون في هذا الباب خصائص النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنَّه يُذكر فيها هذه المسألة وهي تَزَوجه بأكثر مِن أربعِ نِساء.
قال: (وَلاَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَجْمَعَ إِلاَّ اثْنَتَيْنِ).
العبد الذي وَصْفُ العُبودية لازال قائمًا به لا يجوز له أن يتزوج بأكثر من اثنتين؛ لأنَّ العبيد على النِّصف مِن الأحرارِ؛لأنَّ أحكام العبيد والإِمَاء على النِّصف مِن أحكامِ الحَرَائِر والأَحرَار وهذا محلُ إجماعٍ بينَ أهلِ العِلم، وهذا ثبت عن الصَّحابة -رضوان الله عليهم- وَحَكَمَ بِهِ عُمر، أنَّ العبد يملك زوجتين، ويملك طلقتين اثنتين؛ لأنَّ الطلاق -الطلقة الواحدة- لا تتبعَّض، فهي طلقة ونصف ولكن الطلاق لا يتبعض كما ذكرنا فصارت طلقتان.

{يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلاَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَجْمَعَ إِلاَّ اثْنَتَيْنِ فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ مَنْ لاَ يَجُوْزُ اْلجَمْعُ بَيْنَهُ فِيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ، فَسَدَ، وَإِنْ كاَنَ فِيْ عَقْدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الثَّانِيْ مِنْهُمَ)}.
إن جَمَعَ مسلمٌ بين مَن لا يجوز له الجمع بينهنَّ في عقدٍ واحد، كأن يَعقِد على أُختين في عقدٍ واحد، "زوجتك فلانة وفلانة. فيقول: قبلتُ هذا النكاح"
فنقول في مثل هذه الحال: كلا العَقْدين لم يَصح؛ لأنَّه لا يُمكن أن يُجمع بين الأختين، ولا مزيَّة لإحداهما على الأخرى فَنُصَحح نكاح هذه ونبطل نكاح هذه؛ لأنَّهما وقعا في وقت واحد ففسد العقد بجملته، فلم يكن هذا النِّكاح صحيحًا، ولا تترتب عليه آثاره.
قال: (وَإِنْ كاَنَ فِيْ عَقْدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الثَّانِيْ مِنْهُمَ)، يعني: إن كان واحدٌ منهما مُتَقَدِّم على الآخر، فالمقَدم صحيح؛لأنَّه تزوج هذه المرأة، لكن إذا جَمَعَ إليها أختها لم يَصِح، فأبطلنا العقد الثَّاني، وأمَّا نكاح للأولى فصحيح.
وكذلك لو تزوج امرأة ثُمَّ أراد أن يتزوج بنت أختها؛ فإنَّه لا يجوز؛ لأنَّه لا يجوز للإنسان أن يجمع بينَ المرأةِ وخالتها، أو بنت أخيها، فلا يجوز للإنسان أن يَجمع بين المرأةِ وعَمَّتها، فالعقد الثَّاني يكون باطلًا.

كيف نعرف الجمع بين العَمَّة والخالة؟
يقول أهل العلم: لو افترضنا أنَّ إحداهما رجلًا والآخر أنثى لم يصح لهما أن يتزوجا، فكذلك لا يصح أن يُجمع بينهما إذا كانتا امرأتين.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلَوْ أَسْلَمَ كاَفِرٌ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ، اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً)}.
الأصل أنَّ أنكحة الكُفَّار صحيحة إِلَّا مَا جَاء في الشَّرعِ منعه وعدم تصحيحه كنكاح المحارم ونحوها، لكن لا نأتي إلى الكافر حينما يُسلم ونقول له:
- كيف عقدت النكاح؟
- هل كان هناك شهود؟
- هل كان هناك ولي؟
نقول: لا، فالأصل أنَّ أنكحتهم صحيحة، فيُجرَون على ما تعارفوا عليه مِن أَنَّه نِكَاحٌ، فيعدُّ نكاحًا.
لكن إذا أَسْلَمَ الكَافِرُ على زواجٍ لا يُقرّهُ الإسلام كأن يُسلم وقد تزوج بامرأةٍ لا تزال في عِدتها، فحينئذٍ نقول: يُفرق بينهما حتى تنتهي العِدَّة ثُمَّ إن شاء أن يتزوجها، وهكذا في المسائل المُقَاربة.
أمَّا لو كان عنده أختان فنقول: يختار واحدةً، ولا نقول:إنَّه تكون له الأولى منهما، لأننا ذكرنا أننا لا نتعرض لأنكحة الكفار مِن جهة الأصل، وهذا جاء في حديث فيروز الأسلمي، فقد أسلم وعنده أختان؛ فَخَيَّرَه النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في واحدةٍ منهنَّ.

{قال: (وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِاْلأُمِّ فَسَدَ نِكَاحُهَا وَحْدَهَا، وَإِنْ كاَنَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَسَدَ نِكَاحُهُمَا وَحُرِّمَتَا عَلى التَّأْبِيْدِ)}.
لو عَقَدَ على أُمٍّوابنتها ولم يدخل بالأم فَسَدَ نِكَاحُها وَحدَها؛ لأنَّه تَزَوَّج ابنتها، وإذَا عَقَدَ الإنسان على البنت حَرُمَت الأم بمجردِ العَقْد، لكن لو كان قد دَخَلَ بالأمِّ فَهُنا سَتحرم عليه الأم والبنت، البنت من جهة أنَّه دخل بأمِّها، والأم مِن جِهة أَنَّه عَقَدَ على ابنتها، فيكون نكاحهما غيرُ صحيحٍ ولا يَصِحُّ بحالٍ مِنَ الأحوالِ.

{قال: (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، أَمْسَكَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ)}.
يعني: لو أسلم وعنده ست زوجات، أو خمس، أو سبع، أو أكثر من ذلك؛ فهنا يختار أربعًا، وهنا لم نَقُل مِثلما ذكرنا في المسألة التي قبلها من أنَّه يَصِحُّ نكاح الأولى فالأولى، بل الأصل أنَّه نكاح في الكُفر، فهو نكاحٌ صحيحٌ ما داموا لا يَعتقدون بُطلانه، لكن لَمَّا لم يكن النِّكاح صحيحًا عند أهلِ الإسلامِ؛ فعليه اختيار أربعًا، وهذا جاء في حديث غيلان، وإن كان في أسانيده مَقال، أنه لَمَّا أسلم وتحته عشر نسوة، خيَّره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعً» ، فكان هذا مَعمولًا به عند الحنابلة، كما هو قول جمهور أهل العلم.

{قال: (سَوَاءٌ كَانَ مَنْ أَمْسَكَ مِنْهُنَّ أَوَّلَ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا أَوْ آخِرَهُنَّ)}.
مثل ما قلنا، فهو لا يصحح العقد الأول فالأول، بل يختار منهنَّ أربعًا، فلو اختار الأربع الأخريات، أو واحدة من الأوليات وواحدة الوسطيات، وواحدة من الأخريات؛ لكان له أن يختار ما شاء.
{قال: (وَكَذلِكَ إِذاَ أَسْلَمَ اْلعَبْدُ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْنِ)}.
فإنه لا يُقرُّ على أكثر من اثنتين، فبناء على ذلك يُطلب منه أن يختار اثنتين، وما سواهنَّ يُفسَخ في حقه نِكاحهن.
{قال: (وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَةً فَنَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ خَالَتَهَا أَوْخَامِسَةً فِيْ عِدَّتِهَا،لَمْ يَصِحَّ،سَوَاءٌ كاَنَ الطَّلاَقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنً)}.
ذكرنا أنَّ الإنسان لا يجوز له أن يجمع بين المرأة وعَمَّتِها، ولا بين المرأة وأختها، وذكرنا أنَّه لو طلق أختها أو عَمَّتِها أو ماتت وانتهت عُلقَة النِّكاح بكل وجه فتزوج الأخت أو العَمَّة أو نحوها؛ فذلك جائز بالإجماع، وهنا أراد المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- أن يبيِّن مَسألةً بَينَ مَسألتين، وهو أن يكون قد طَلَّق الأخت، ثُمَّ تزوج الأخت الثَّانية، ولكن لم تنتهِ عِدَّة الأولى، فهل بقاء أثر النِّكاح مؤثر؟ فنقول: هُنا لا يَصِح النِّكاح حتى تنتهي العدَّة أو لا؟
هذه المسألة لا يخلو فيها الأمر من حالين:
 أن يكون الطَّلاق رجعيًّا: فبإجماع أهل العلم يكون نكاحه للثَّانية باطلٌ؛ لأنَّ الرَّجعيَّة التي طُلِّقَت أقل مِن ثلاثِ طَلَقَات ولا زالت في العِدَّة يُمكن أن يُراجِعَها، فهي زوجةٌ مِن الزَّوجات، فلو مات تَرِثُه، ولو ماتت فإنَّه يَرِثُها، وبناءً على ذلك لا يجوز له في عدة الرَّجعية أن يَتزوج أُخْتَها أو عَمَّتِها، أو خالتها.
 أن يكون الطَّلاقُ بائنًا: فهل نقول إنَّ بقاء أَثر النِّكاح -الذي هو العِدَّة- كبقاء النِّكاح، فبناء على ذلك لا يحل؟
أو نقول: ما دَام أنَّ الطَّلاقَ بَائِنًا فلا يُمكن أن يرجع إليها ولا يؤثر في أن ينكح أختها أثناء عدتها؟
هذه مسألة دار فيها الخلاف وقويَ بين أهل العلم:
• فعند الحنابلة: يمنعون ذلك احتياطًا، واعتبارًا بأنَّ أثر النِّكاح كبقاء النِّكاح، فينتظر حتى تنتهي العدة، ومثل ذلك لو كان قد تزوج أربعًا ثُمَّ طلق واحدة؛ فإنَّه لا يتزوج امرأة بعد ذلك حتى تنتهي عدَّة تلك اعتبارًا بأنَّ أَثَرَ النِّكاح لا يزال باقيًا، فكأنَّ المرأة لازالت باقية بوجهٍ من الوجوه.
• ولبعض أهل العلم قول، وهو قول وجيه، والخلاف في ذلك مُتجاذب، والأدلة مُترددة بين القولين، فلكلِّ مَن رجَّحَ واحدًا من القولين له وجاهة واعتبار.
على كل حالٍ، من حيث الأصل نقول: يَحتاطُ الإنسانُ، ولا ينبغي له أن يتزوج في حالِ العِدَّة إِذَا كان الطَّلاقُ بائنًا، لكن لو تزوج فهل يبطل النكاح أو لا؟
هذ محل تردد على ما ذكرنا في هذه المسألة باعتبار قول الحنابلة ومَن خالفهم -وهم الجمهور.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَصْلٌ فِيْ اَلوَطْءِ بِمِلْكِ اْليَمِيْنِ.
يَجُوْزُ أَنْ يَمْلِكَ أُخْتَيْنِ، وَلَهُ وَطْءُ إِحْدَاهُمَا، فَمَتَى وَطِئَهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهَا حَتَّى تَحْرُمَ اْلمَوْطُوْءَةُ بِتَزْوِيْجٍ أَوْ إِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ)
}.
هذا الفصل عَقَدَه المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في الجمع بينَ الأُختين ونحوه في غيرِ النِّكاح، وهو مِلك اليمين، فلو مَلَكَ الإنسانُ أختين، كأن يكون اشتراهما مجموعتين في السُّوق، فهنا نقول:
باب المِلك أوسع مِن بِابِ النِّكاح؛ لأنَّ المِلك يُراد للانتفاع والاستخدام، ويُراد للتَّربُّح والتَّكسُّب، وقد يُراد للاستمتاع، فليس مُتمحِّضًا بالاستمتاع كالنِّكاح، فبناء على ذلك مِن حيثُ أصل المِلك فالملك صحيح، فجمعه لأختين أو خمس أو عشر صحيح، لكن إذا مَلَكَ هَاتين الأختين أو مَلَكَ مجموعةً من الأخوات فإنَّه لا يَجوز له حال المِلك أن يجمع في الاستمتاعِ بينَ أكثر مِن واحدة، فإذا استمتع بواحدةٍ حرُمَت مِن سواها مِنْ أخواتها، فلا يجوز له أن يستمتع بأخرى، فإذا استبرأها -يعني تركها حتى تحيض- ثُمَّ اعتزلها، فلا يكفي، ولذلك يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (يَجُوْزُ أَنْ يَمْلِكَ أُخْتَيْنِ، وَلَهُ وَطْءُ إِحْدَاهُمَا، فَمَتَى وَطِئَهَا، حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهَ).

متى يحل له الاستمتاع بالثانية؟
لميقل: "حتى يستبرئها"! ولكن قال: (حَتَّى تَحْرُمَ اْلمَوْطُوْءَةُ بِتَزْوِيْجٍ أَوْ إِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ) أي بأحد أمرين:
 إمَّا أن يستبرئها ثُمَّ يُزَوِّجَها، فإذِا زَوَّجَهَا صار الاستمتاع حِلًّا للزوج والمِلك له، فانقطع مِنه تعلق الاستمتاع ونحوه، فيجوز له بعد ذلك أن يَسْتَمتِعَ بِأُخْتِها.
 أو يُخرجها من مِلكه، سواء أخرجها مِن مِلكه بالبيع، كأن يَبِيعَها في السُّوق، أو أن يُهديها لأخيه أو لأخته، أو غير ذلك مِنَ الأمورِ، ولكن ما دامت فِي مِلكه وقد استمتع بها فإنَّه لا يجوز له أن يَسْتَمْتِع بأختٍ من أخواتها.
ولذلك قال: (حَتَّى تَحْرُمَ اْلمَوْطُوْءَةُ بِتَزْوِيْجٍ أَوْ إِخْرَاجٍ عَنْ مِلْكِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ)؛ لأنها لو كانت حاملًا فإنَّها تكون أم ولدٍ، ويتعلق بها أحكام أمهات الأولاد، وأم الولد لا يجوز له أن يبيعها -على ما تقدم ذِكْرُه فيما مضى.

{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَإِذَا وَطِئَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ عَادَتِ اْلأُوْلى إِلى مِلْكِهِ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَحْرُمَ اْلأُخْرى)}.
لو أنَّه أخرجَ الأولى من مِلكه ثُمَّ استمتع بالثَّانية، ثُمَّ اشتراها مَرةً ثانية، فَمَن تَحت يَدِه مِمَّا يَستمتع بها على ما هي عليه مِنَ الاستمتاع، لكن التي اشتراها مَرةً ثَانية وكان قد استمتع بها في المرة الأولى تكون مُحَرَّمة عليه، لا يجوز له أن يَمَسَّها ولا أن يَطأها ولا أن يَستمتع بها حتى يُحرِّمَ الثَّانية على نحوِ ما ذكرنا، إمَّا بتزويجٍ وإمَّا بإخراجٍ مِن مِلكه.

{قال: (وَعَمَّةُ اْلأَمَةِ وَخَالَتُهَا فِيْ هَذَا كَأُخْتِهَ)}.
إذا استمتع بالمرأة المملوكة فإنَّه لا يجوز له أن يستمتع بخالتها ولا بعَمَّتِها، ولا بواحدةٍ ممن لا يجوز له أن يجمع بينهنَّ مِنَ الحرائرِ، فكذلك هنا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَصْلٌ فِيْ مَوَانِعِ نِكاَحِ اْلأَمَةِ: وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا نِكاَحُ أَمَةٍ كَافِرَةٍ)}.
الأصل أنَّه لا يجوزُ للمسلم حُرًّا أو عبدًا أن ينكح كافرةً، واستثني مِن ذلك نساء أهل الكتاب وحرائر أهل الكِتَاب للآية، فبقيَ النَّص على هذا الاستثناء الذي هو خلاف الأصل، فيجوز للمسلم الحُرُّ أن ينكح الكتابيَّة فقط، أمَّا أن يَنْكِحَ غير الكتابيَّة فلا، أو أن ينكح غَيرَ الحُرَّة من الإِمَاء فلا، فلا يجوز لمسلمٍ حرًّا كان أو عبدًا نكاح كافرة، ولذا قال هنا:(وَإِنْ كَانَ عَبْدً)؛ لأنَّ العبد أحيانًا قد لا يجد أَمَةً مُسلمةً، فنقول: ولو لم يجد، فما دام أنَّه عبدٌ وهو مسلمٌ فإنَّه لا يجوز له نكاح الأَمَة الكافرة، وإنَّما أَحَلَّ الشَّرع نكاح الكتابيَّة الحرة على ما جاء به الدليل، وما سواها باقٍ على الأصل، وهذا لا اختلاف فيه.
{قال: (وَلاَ لِحُرٍّ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ طَوْلَ حُرَّةٍ، وَلاَ ثَمَنَ أَمَةٍ، وَيَخَافُ اْلعَنَتَ)}.
الآن بَيَّن المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- حُكْم نِكاح الحُرُّ للأَمَةِ، فَالحُرُّ لا يَنكح الأَمَة أبدًا وهذا من حيث الأصل، وهذا مَحل إجماع، إلا ما استُثني، فلو أراد مُسلم أن يَنْكِح أَمَةً لم نُجز له ذلك، لأنَّه يُعرض بنكاح الأمة نفسه إلى أن يكون أولاده عبيدًا؛ لأنَّه كما ذكرنا فيما مَضَى أَنَّ الابن يتبع الأب في نسبه، وَيَتْبَع الأم في حُرَّيتها ورقِّها، ويتبع خيرهما في الدين، فبناء على ذلك إِذَا تَزَوَّج هذا الحر المسلم أَمَةً فسيكون ولدها عبدًا لسيد الأمة، فنقول حينئذ: لا يجوز.
ولابد أن تفرقوا بين مسألتين:
 السَّيدُ حينما يَستمتع بالأَمَةِ فيكونُ لَه ولدٌ منها، فهذه تكون أم ولد، فَوَلدُ السَّيد حُرٌّ.
 أمَّا إذا زوَّج السَّيدُ أَمَتَه التي عنده، سواءٌ زوَّجها لعبدٍ أو لِحُرٍّ، فأولادها عبيدٌ له؛ لأنَّه نماء مِلكِه.
فمسألة إذا تزوج حرٌّ أَمةً فهذه لا تكون أم ولد؛لأنَّ أم الولد هي التي تلد مِن سَيدها الذي مَلكها إذا استمتع بها.
إذن الحُرُّ لا يجوز له أن ينكح أَمَةً مُسلمةً إِلا فِي حالٍ واحدة، قال أهل العلم: (لاَ يَجِدَ طَوْلَ حُرَّةٍ)، يعني: ما استطاع مَهر الحُرَّة، (وَلاَ ثَمَنَ أَمَةٍ)؛ لأنَّه إذا اشترى أَمَةً استطاع أن يَستمتع بها، (وَيَخَافُ اْلعَنَتَ)، يعني: يخاف الوقوع في الزِّنا.
والدليل في هذا قول الله -جَلَّ وَعَلا: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء:25]، فَدَلَّت الآية على أنَّه لا يجوز له أن يَتزوج الأَمَةُ إِلَّا إذا عَدِمَ القُدرةَ على الحُرَّة وَخَافَ العَنَتَ بالعُزُوبَة والبقاء بدونِ نكاح أن يقع في المحرم والزِّنا.

{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ إِذَا كَانَ الشَّرْطَانِ فِيْهِ قَائِمَيْنِ)}.
هذه مسألة ذكرها بعض الفقهاء، وهي: ما دام أَنَّنا أَجَزنا له نِكاح الأَمَة بهذه الشُّروط -لم يجد طول الحرة، ولا ثمن الأمة، ويخاف العنت بالعزوبة- فإذا نكح أَمَةً ولم يحصل له العَفاف، أو لا يَزال يخافُ على نفسهِ الوُقوع في الزِّنا، فهل يجوز له أن ينكح أَمَةً ثانية وثالثة؟
بعض الفقهاء يقول: لا، إنَّما هِي أمة واحدة، وما يحصل بها من العفاف كافٍ.
والمؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- يقول: ما دام الشَّرطانِ مَوجودانِ وهما:
خوف العنت، وعدم قدرته على نكاح الحرة أو شراء أَمَةً؛ فيجوز له حتى ولو بلغ أربع إِمَاء بالشُّروط المعتبرة.
{قال المؤلف: (باَبُ الرَّضاع)}.
ذكر المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- وعادة الفقهاء أن يذكروا باب الرَّضاع بعد الانتهاء من كتاب النِّكاح والطَّلاق ونحوه، لكن على كل حال فابن قدامة -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- ارتضى هذا الترتيب، فهو على ما ذكر، وهذا لبعض المتقدمين.
وهذا الباب تُذكر فيه من المسائل ما يختص به الرَّضاع مِن أَحكَام، وقد ذكرنا أنَّالرَّضاع له أحكام، وجاء في الشريعة ما يدل عليه، فالله -جَلَّ وَعَلا- قال: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء:23]، فدلَّ على أنَّالرَّضاع محرمٌ، وله حُكمٌ، وأيضًا دلائل السُّنة في ذلك كثيرة، ومنها قوله:«يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُم مِنَ النَّسَب» ، وفيها قصة عائشة مع أبي القُعيص، لما رفضت أن يدخل عليها حتى تسأل النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلمَّا سألته قال: «فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ قُلْتُ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ قَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» ، فدخل عليها -رضي الله عنها وأرضاها.
والإجماع مُنعقد على أنَّالرَّضاع له أحكام، وأنَّه تنتشر به المحرميَّة في الجُملة متى ما وُجدت الشُّروط ويُجمِع على ذلك أهل العلم في الجملة، فقد يختلفون في فروع بعض المسائل والتقييدات والشُّروط، لكنهم لا يختلفون في أصل هذا الباب.
وبالمناسبة -لأن الوقت يُداهِمُنا- فإنَّ مِن أكثرِ المسائلِ التي يحصل فيها إشكال عند عُموم النَّاس هو أمر الرَّضاع خاصة إذا جاء النِّكاح وأراد أن يتزوج امرأةً ممَّا قارب مِن جيرانٍ أو أقاربٍ أو نحو ذلك، فيكثر الكلام أن أرضعتها أُمُّك، أو رَضَعْتَ مِن أُمِّها، أونحو هذا..
ولما كان الأمر بهذه المثابة وتترتَّب عليه مسائل خطيرة، فإننا نقول: إنَّه مما ينبغي أن توثَّق الرَّضاعة في حينها، فمن أرضعت صبيًّا وثقت ذلك كتابة، وأشهدت على ذلك أَنَّها أرضعت فلان بن فلان خمس رضعات، وتتحقق من أنَّ الشُّروط قد اكتملت حتى لا يَقَع النَّاسُ في حيص بيص، وحتى لا تَكثر الشُّبَه، وتقع في قلوبِ النَّاس الرِّيبة، وربما يحصل بسبب ذلك لَغطٌ وكلامٌ، ولذلك لَمَّا جاءت امرأة إلى النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالت: قد أرضعتهما، فقال النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كيف وقد قيل»، فَأَمَر بِفَسْخ النِّكاح في هذه الحال.
فعلى كل حال؛ أنتم تتابعون وتنظرون أنَّ كثيرًا ما يرد على أهل العمل في الاستفتاءات هذه المسائل، فلمَّا كانَ الأمرُ بهذه المثابة، فينبغي للإنسان أَلَّا يُعرض نفسه لشيءٍ مِن هَذه الإشكالات، فإذا احتاج إلى هذا أو وُجدَ مَا يَستدعيه فإنَّه يُوثقه ويكتبه، فإنَّ ذلك أتمَّ في عدمِ الوقوعِ في الرِّيبة ودوران الشُّكوك إذا ما قَام النِّكاح أو قَاربَ الرَّجُل والمرأة من أن يتزوجا، بأن خطبها، ومالت إليه ومال إليها.
في هذه الدقيقة نختم: وأوصي الطُّلاب والطَّالبات بالاجتهاد في العِلمِ، وأبوابِ العِلم كثيرة، ومهما راجع الإنسان المسائل ونظرَ فيها فَسَيَجِدُ فيها إشكالًا، ووود الإشكال ليس معناه أنَّك لم تفهم، أو أنك لم تَتَرَقَّ في العِلم، فالعِلمُ إنَّما هُو الاستشكال، فَمَنْ استشكلَ فليعرف أَنَّه تقدم في العِلم حَتَّى استطاع أن يُفرق بين الصَّحيح وبين مَا سِواه، وبين ما تَنْطَبق عليه حُدود هذه المسألة وما لا تنطبق عليه، وما يختلف فيها تحقيق المَنَاط مِمَّا لا يختلف فيه فيكون بذلك ترقى، لكن لأجل أنَّ الإنسان يشعر أحيانًا بكثرة الترددات الداخلية يظن أنَّه لم يفهم المسألة، وما من أحدٍ مهما علت درجته في العِلم وارتفع كعبه إِلَّا أَنَّه يجد في بعض المسائل إشكالًا؛ لأنَّ الإشكال إمَّا أن يكون من عند الإنسان في نفسه لأنَّه لم يستوعب المسألة في كَمَالها، وإمَّا أَنَّ المسألة مِن حيث أصلها فيها شيء من الإشكال؛ فإنَّها لا تستقر على وجهٍ واحدٍ لوجود تجاذب الأدلة، أو وجود اعتراض على العِلَّة، أو نحو ذلك مِمَّا هُو مَساق للخلاف بين أهل العِلم وتجاذب الأقوال فيه.
وبهذه المناسبة أسأل الله أن يَزيدكم مِن العِلم، وأن يُطمئنكم به، وأن يَرفعكم فيه، وأن يُجَلِّيَ لكم مُشكلاته، وأن يَفتح لكم فيه مَا أُغلق، وأن يجعله نافعًا لكم ومُعينًا لكم لما فيه صلاح دينكم ودنياكم.
وشكر الله لهذا البناء العِلمي، وهذه المؤسسة العَامرة على مَا تَفتح مِن هذه المجالس المباركة، وأسأل الله أن يُوفقنا، وأن يُلهمنا الصَّواب، وأن يَرزقنا الإخلاص، وأن يجعل هذه المجالس حُجَّة لنا لا حجة علينا، وأن يُعيذنا مِن أَنفسنا والشَّيطان، إنَّ ربنا هو القادر على ذلك، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبينا محمد.
{وفي الختام نشكركم فضيلة الشيخ على هذه النَّصائح النَّافعة، أسأل الله أن يجعلها في موازين حسناتكم.
هذه تحيَّة عطرة من فريق البرنامج ومني أنا محدثكم عبد الرحمن بن أحمد العمر، إلى أن نلقاكم في حلقةٍ قادمةٍ، إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك