الدرس العاشر

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

8519 13
الدرس العاشر

الأربعون النووية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله حمدًا لا ينفد، وصلى الله وسلم على أفضل المصطفين محمدٍ، وعلى آله وأصحابه ومن تعبد..
أما بعد.. فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتم علينا نعمته، وأن يبلغنا طاعته، وأن يزيدنا من الخير والتمام، وأن يعاقبنا الفضل والإعانة والكمال، وأن يجعل هذا الشهر شهرًا مباركًا تمامًا مفيدًا نافعًا، خالصًا لوجهه الكريم، إن ربنا جوادٌ كريمٌ.
ما أحسن أن نلتقي وما أحسن أن يكون لقيانا على مثل هذه المائدة الطيبة، أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتفقه في سنته، والوقوف على ما جاء عن السلف في ذكر هذه المسائل واستنباطات الفوائد التي تكون زادا للمرء لمن أراد أن يتزود من الخير ،وأن يتبلغ من الطاعة، وأن يتفقه في السنة، وأن يكون بذلك صلاحًا لقلبه وصلاحًا لحاله، وبلغةً له عند ربه، نسأل الله الإعانة والتسديد.
أيها الأخوة الكرام، أظن أننا وصلنا إلى الحديث الحادي والعشرين، وبين يدي هذا الحديث أريد أن أشير إلى حديث «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، كنت قد ذكرت حديثًا وأظن أن بعض الإخوة استدركه علينا، «إن فيك خصلتيْن يحبهما الله ورسوله، الحلم والأناة»، هو جاء في بعض رواياته عند أحمد وغيره «الحلم والحياء»، وهذا هو محل الشاهد لكن ربما سبق اللسان بالرواية المشهورة التي في الصحيحين، فأردت التنبيه على ذلك.
أيضًا مما ينبغي أن يختم به هذا الحديث أن الحياء منبع الأخلاق، فإن الإنسان إذا أُلبس لباس الحياء لم يكن نمامًا، وإذا ألبس لباس الحياء لم يكن فاحشًا، وإذا ألبس لباس الحياء لم يكن مغتابًا، وإذا ألبس لباس الحياء فإنه لا يكون فظًّا غليظًا، وإذا لبس لباس الحياء فإنه يكون أكثر ما يكون طمأنينةً وهدوءًا وسكونًا، فلا يكون مستعجلًا ولا يكون غضوبًا، ولا يكون متعجلًا إلى أمورٍ تفوت به كمال الأخلاق وتمام السنن.
ولذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل يعظ صاحبه في الحياء، قال: «دعه فإن الحياء خيرٌ كله». أو «فإن الحياء لا يأتي إلا بخيرٍ»، كما جاءت بذلك الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والمقصود هنا بالحياء الذي هو محل الكلام، إنما هو الحياء الذي يحمل على الفضائل، لا الذي يعيق الإنسان عن فعل مكارم الأخلاق، والإتيان بالواجبات، وبذل الحقوق والانتهاء عن المحرمات.
فإذا كان حياء الإنسان الذي يسمى عند الناس بالخجل، والذي يمنعه أن يأتي بواجبٍ، أو أن يسابق إلى فضيلةٍ أو أن يفعل من مكارم الأخلاق وجيدها، فإن ذلك ليس مما هو حديثنا، فالحياء الممدوح الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يلبس على النفوس، ويكون مفيضًا عليها بأنواعٍ من الخلال والخصال الطيبة.
ننتقل إلى ما نحن بصدده في هذا اليوم وهو الحديث الحادي والعشرون، فنسمعه ثم نعود للكلام عليه.

{الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد.. فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمشاهدين وجميع المسلمين.
أورد النووي -رحمه الله- الحديث الحادي والعشرين
(عن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: «قل آمنتُ بالله ثم استقم» رواه مسلم)}
إذا قلت: أورد النووي الحديث الحادي والعشرين، لأنه يكون معمولًا للحديث.
هذا حديث أبي عمرة سفيان لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: «قل: آمنت بالله ثم استقم».
ينبغي على المرء أن يعلم أنه بحاجةٍ إلى الوصية، فإذا وجد أهلًا لأن يوصيه، فلا يتردد في أن يطلبه الوصية، أن يحثه على شيءٍ من أمور الدنيا إذا كان في إقبال عملٍ، أو إقبال دراسةٍ، أو رجوعٍ إلى بلده، أو استقبال نكاحٍ، أو غير ذلك من الأمور التي تستوجب أو تستدعي ما يكون فيها خيرٌ يحتاج الإنسان إلى غيره أن يعينه عليه ويبصره به، كان ذلك مناسبًا.
ولما كان الناس جميعًا يحتاجون إلى أمور دينهم، فإن أبا عمرو هنا طلب من النبي صلى الله عليه وسلم كلمةً ووصيةً في الإسلام، ولذلك كانت هذه من أعظم الوصايا، مع اختصار لفظها، فمعناها عظيمٌ.
لما قال: «قل آمنت بالله ثم استقم»، وفي هذا إشارةٌ إلى أن الإيمان أهم ما طلب من العبد، وأولى ما سعى إليه، وما ملأ به وقته، وما اشتغل به في حياته، وما كان طلبه في كل أحواله، وهو سابقٌ إلى أمور الدنيا، فإذا تعارض أمر من أمور دنياه، وأمور إيمانه وعقيدته، فإنه لا يقدم على العقيدة والإيمان شيئًا، فإن الإيمان مقدمٌ على ذلك كله، وهو أولها وأولاها وأعظمها وأنجحها وأنجعها وأنفعها وأصلحها للمرء في الدنيا وفي الأخرى.
ومن طلب الدين وقدمه، فإن الله يقدمه، وإن الله يتولاه، ومن قدم غيره فيوشك أن يكون ذلك عنوان خسرانه ووباله في الدنيا والآخرة.
«قل آمنتُ بالله ثم استقم» هو قولٌ وعملٌ ليس قولًا مجردًا، وليس تزينًا بالألفاظ ولا تكثرًا بالكلام، وإنما هو شيءٌ ينعقد به القلب ويلفظ به اللسان، وتستقيم عليه الجوارح أبد الدنيا.
ولذلك قال أبو بكر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله ثم استقم»، قال ألا يشرك بالله شيئًا.
وقال بعض السلف: ألا يلتفت إلى غير الله سبحانه وتعالى.
وجاء عن عمر قال: في قول الله -جلَّ وعلَا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُو﴾ [فصلت: 30]، يعني: لم يروغوا روغان الثعالب.
ففي هذا إشارة في قول أبي بكر إلى الاستقامة الباطنة، وفي هذا الاستقامة الظاهرة، يعني أو العكس، هنا الظاهرة وفي قول عمر الاستقامة الباطنة، أن يقر في قلبه الاستقامة الحقيقية وألا يكون محتالًا وألا يكيد، وألا يقتنص الفرص حتى يفعل ما فيه نفسه وما في هواه، وما في أموره التي هي اتباعًا للهوى وللشيطان.
ولأجل ذلك كان من أعظم ما يكون به الاستقامة ترك الهوى، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْ﴾ [هود: 112]، ﴿وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [الشورى: 15]، ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ [فصلت: 6].
في هذه الآيات الثلاثة إشارةٌ إلى أعظم أصول وأسباب الاستقامة، فمن أعظمها ترك الهوى، فمن شغل بهواه يوشك أن يحرفه ويوشك أن يضله، ويوشك أن يذله، ويوشك أن يحصل به بلاؤه في الدنيا والآخرة، هذا واحدٌ.
الثاني: أنه لا يطغى ولا يغلو ولا يتجاوز ولا يظلم ولا يتعدى، ولا تطغى، فأصل الاستقامة والإقامة عليها والتوبة إلى الله جلَّ وعلَا، والحفاظ عليها، ثم عدم الطغيان والظلم والمجاوزة الحد والتعدي فيه.
ثم قال: ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ قال أهل العلم: فإن المستقيم لابد وأن يحصل له عثرةٌ، وأن يكون منه هفوةٌ، وأن تجري منه الزلة، فيحتاج في ذلك إلى ترميم ذلك وتكمليه بالاستغفار لله جلَّ وعلَا والتوبة إليه في كل أحواله.
ولأجل ذلك كانت الاستقامة هي طلب الصراط المستقيم غير المعوج الذي لا يميل عنه يمينًا ولا شمالًا، ولأجل هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربو»، «سددوا وإنكم لن تحصو»، السداد هو الإتيان بالأمر على تمامه، ولما قال: «قاربو» لما عُلم أن المرء لكثرة مسائل الشرع وأحكامه وما جاء به، فإن المرء لا ينفك أن يكون منه شيءٌ من النسيان، أو الضعف، أو التضييع أو غير ذلك، فيحتاج في ذلك إلى المقاربة إذا حصل الفوات، أو حصل التقصير أو حصل النقص في ذلك بوجهٍ من الوجوه.
فتأمل ما في هذا المعنى من الفائدة العظيمة والمنة الكبيرة، وينبغي للإنسان أن تكون استقامته في كل أحواله، وفي كل أموره، وفي كل شؤونه، يبدأ بأعظم ذلك وأجله وأكبره وأولاه كما قلنا هو توحيد الله والإيمان به، كما جاء ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت».
والإيمان كما قلنا في أول حديثنا في الحديث الثاني، هو: إذا جاء في قولٍ واحدٍ فإنه يدل على الاثنين، على الأعمال الظاهرة والباطنة، ولذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قل لي في الإسلام، فقال: «قل آمنت بالله» فدل ذلك على أن الإيمان والإسلام شيءٌ واحدٌ، يرتبطان ويتفقان، ويتحدان، ويتكاملان، فكان ذلك هو الأمر بالإتيان بالأمور الظاهرة والباطنة، الاستقامة تكون بفعل الأوامر واجتناب النواهي، فإنه لا يتأتى للإنسان أن يكون مستقيمًا حتى يؤدي ما أمر الله سبحانه وتعالى ثم يترك النواهي وإلا فإنه لا يستقيم.
والاستقامة أيضًا متعلقةٌ بالإنسان في قلبه، ومتعلقةٌ به في لفظه، ومتعلقةٌ به في فعله، والاستقامة متعلقةٌ بحق الله وحق العباد، والاستقامة متعلقةٌ بالعبد في ليله ونهاره، والاستقامة متعلقةٌ بالعبد في حضره وسفره، وفي شبابه وفي مشيبه، وفي كل أحوال حياته وتقلبات أيامه، نسأل الإعانة والتوفيق.
نحاول نختصر حتى نأتي على أكبر قدرٍ ممكنٍ ونكمل هذه الأربعين بتوفيق الله وإعانته.

{الحديث الثاني والعشرون:
(عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت إذا صليتُ الصلوات المكتوبات، وصمتُ رمضان، وأحللتُ الحلال وحرمتُ الحرام، ولم أزد على ذلك شيئًا، أدخل الجنة، قال: «نعم». رواه مسلم
ومعنى حرمت الحرام اجتنبته، ومعنى أحللت الحلال فعلته معتقدًا حله)
}
نعم إذا هذا الحديث حديث جابر رضي الله تعالى عنه، ربما أتينا على جملةٍ من مسائله بوجهٍ من الوجوه، سواءً كان ذلك في حديث ابن عمر الذي مر معنا، وهو الحديث الثالث، أو كان ذلك في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام، فهذه جملةٌ من المسائل قد مرت بنا، فإذن ما الذي يُحتاج إلى الحديث عنه في هذا، لا شك أنه مثل ما ذكر الإمام النووي من المسائل التي يُحتاج الوقوف معها، لما قال: وأحللتُ الحلال وحرمتُ الحرام، هذا من جهةٍ.
ومن جهةٍ ثانيةٍ: فإن الحديث في مثل هذا، في إتيان الصلوات المكتوبة وصيام رمضان متعلقٌ بفضلها وأجرها وما يكون للمستمسك بها، فيكون حديثنا متعلقًا بما يكون من فضل إتيان هذه القُرَب والمحافظة على هذه العبادات.
كما قال النووي -رحمه الله تعالى: أحللتُ الحلال وحرمت الحرام، قال: جماعةٌ من أهل العلم إن المقصود بذلك أن يعتقد حل الحلال وحرمة الحرام، وبعضهم قال: أنه لما يقول أحللتُ الحلال يعني فعلته وأتيته وتعاطيته، وحرمتُ الحرام يعني ابتعدتُ عنه وامتنعتُ وجانبته.
وعلى كل حالٍ فإنه لا يبعد هذا المعنى عن المعنى الأول، فإن المرء إذا أحل الحلال فاعتقد حله، فإن ذلك موشكٌ بأن يكون أدعى لقبوله والاستمساك به وإتيانه، والبعد عن الحرام واجتنابه.
ويقولون: إنه إذا قيل بأن أحللتُ الحلال يعني فعلته، فيدخل في ذلك ما يتعلق بالحلال الذي هو مباحٌ وبالمستحب ويدخل في ذلك الواجب، فيكون كله داخلًا في هذا، ومتعلقًا به.
وجاء في أحاديث كثيرةٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم بل نزلت بذلك الآيات فيمن حرم ما أحل الله سبحانه وتعالى فإن ذلك مجانبٌ للصواب.
فإن الثلاثة النفر لما جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أما أنا فأقوم فلا أنام، والآخر يقول أصوم فلا أفطر، والآخر يقول أما أنا فلا أتزوج النساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما أني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
ولما جاء أقوامٌ قد حرموا بعض ما أحل الله لهم، أنزل الله جلَّ وعلَا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، فأمرهم بأكلها وتعاطيها وعدم الامتناع منها.
وعاتب الله جلَّ وعلَا نبيه في ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ [التحريم: 1]، وفي ذلك قصةٌ مشهورةٌ يصعب الوقوف عليها.
لما قال: أرأيت إذا صليتُ الصلوات المكتوبات، وصمتُ رمضان، وأحللتُ الحلال، كأن ظاهر هذا الحديث أنه يقتصر على ذلك ولا يزيد عليه، فما المقصود بعدم الزيادة عليه، ليس المقصود بعدم الزيادة عليه أنه لا يأتي إلا هذه الشعائر، والشرائع، وإنما المقصود بذلك أنه لا ينتقل من الواجبات إلى المستحبات، وما لا يتعين عليه فِعْله.
وهذا ظاهرٌ عند أهل العلم وإلا لأدى ذلك إلى أن يُفوِّت كثيرًا مما أمر الله جلَّ وعلَا به، ورتب عليه الأجر، ورتب على تركه من الوعيد، وذلك بلا شك أنه غير مقصودٍ.
فلأجل ذلك قال أهل العلم كما في حديث ضمام بن ثعلبة وغيره، لما قال: والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص، قال: «أفلح إن صدق»، قال أهل العلم: إنما أراد في ذلك أنه لا ينتقل من الواجبات إلى المستحبات، لا أنه يقتصر على هذه الواجبات التي جاءت في هذا الحديث.
هذا من جهةٍ، من جهةٍ ثانيةٍ أيضًا وهو مكملٌ لهذه الجهة، أن الإتيان بالواجبات هنا، لا يعني ذلك أنه يقتصر عليها، فيعفى من فعل المحرمات، وأنه لا يحاسب على ذلك، بل ترتيب الثواب هنا كما هو مقررٌ في قواعد أهل العلم، أن ذلك حاصلٌ لمن كمَّل الشروط وانتفت الموانع، وانتفاء الموانع يأتي في أحاديث كثيرةٍ في ترك ما جاء به الوعيد في أن فاعله يمنع من الجنة، «لا يدخل الجنة قاطع رحمٍ» «لا يدخل الجنة مدمن خمرٍ»، إلى غير ذلك من الأحاديث التي جاء فيها هذا.
فلا شك أن الشرع والأدلة إنما تؤخذ بالنظر إلى مجموعها، لا بالنظر إلى آحادها، فمن حرص على إتيان الواجبات، وهذه الشعائر والشرائع فإنه أحرى بأن يكون -بإذن الله جلَّ وعلَا- من أهل الجنان، كما أن المحافظة على هذه على وجهٍ صحيحٍ حاملةٌ لصاحبها إلى ما يكون به رضوان الله ودخول جنته، والامتناع عن محرماته ومعاصيه.
فإن كل من حرص على الصلوات المكتوبات وصام رمضان كما أمر الله، وكما حث الله -سبحانه وتعالى، فإن ذلك أدعى لأن يكون أقوم على الحق، وأكثر استقامةً عليه.
ولأجل هذا جاء في الحديث الآخر لما قال بمعنى هذا الحديث: يا رسول الله دُلني على عملٍ يدخلني الله به الجنة، وينجيني به من النار، أو يباعدني به عن النار، فقال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج بيت الله الحرام» بما هو أكمل من ذلك، وقد جاءنا ما جاء في الأحاديث المختصرة ثم يجيء ما هو أكمل منها، الحديث على ذلك أيضًا في حديث ابن عمر الذي هو الحديث الثالث، إن كنتم تتذكرون، وإلا تراجعونه وإن شاء الله ما فات على الإنسان ما راجعه وذاكره واستذكره بإذن الله سبحانه وتعالى.
ولأجل ذلك تعرفون أن أهل العلم يعني مما يدل على هذا ما يتعلق بكلمة التوحيد فإنها من أعظم ما جاء بها الوعد بالجنة، فهل هذا مقتصرٌ على قولها، بإجماع أهل العلم أن ذلك لا يكون، ولأجل هذا قال الزهري بعد رواية حديث عِتبان «فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» قال فإن الله قد فرض بعد ذلك فرائض، وشرع بعد ذلك شرائع، فلا يغتر بذلك مغترٌّ، يعني فلا يغتر أحدٌ بأنه قال لا إله إلا الله فسيدخل الجنة.
والحسن قال: إن لها حقوقًا وضوابط لابد أن يؤتى بها، وقال مرةً للفرزدق: لا إله إلا الله لها حقٌّ فإياك وقذف المحصنات.
لأن الشعراء يكون فيهم شيءٌ من الاستطالة والتجاوز، فأراد أن ينبهه على ذلك.
إذن هذا حديثٌ عظيمٌ جاء في الدلالة على بابٍ من أبواب الجنة، وطريقٍ من طرائق تحصليها، وحصول الخير فيها، وذلك لمن أدى هذه الصلوات المكتوبة وصام رمضان، واستقام على أمر الله جلَّ وعلَا بفعل الحلال والعلم به، والقبول له، والبعد عن الحرام واجتنابه، وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عنه في تحريمه وتجريم فاعله، والتشديد عليه.
هذا إذن على عجالةٍ شيءٌ مما يتعلق بحديث جابر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، لعلنا ننتقل بعد ذلك إلى الحديث الثالث والعشرين.

{(عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاة نورٌ، والصدقة برهانٌ، والصبر ضياءٌ والقرآن حجةٌ لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقه» رواه مسلم).}
أتى عليَّ ما أتى عليك، أنا قلت إلى الحديث الثالث والعشرون، وهو الحديث الثالث والعشرين.
حديث أبي مالك هذا من الأحاديث العظيمة، الأحاديث الجليلة، وفيها أيضًا مسائل كثيرةٌ إلا أننا سنختصرها بإذن الله جلَّ وعلَا.
لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان» لأهل العلم في معنى هذه الجملة كلامٌ كثيرٌ، فمنهم من رأى أن الطهور شطر الإيمان يعني هو النصف، والطهور هنا ما يتطهر منه الإنسان ويتنزه، فيتعلق ذلك بكل من ترك رذائل النفوس والمعاصي والسيئات ونحوها، فيكون بابه باب التروك، فيكون بابٌ في الأوامر والامتثال، وبابٌ في الاجتناب، فيكون هذا نصفه، إلا أن هذا المعنى مستدركٌ عند أهل العلم من حيث أنه جاء في بعض ألفاظ الحديث، «الوضوء شطر الإيمان»، فبناءً على ذلك قالوا من أن المقصود «الوضوء شطر الإيمان»، والإيمان تطلق على الصلاة، لأن الله جلَّ وعلَا لما قال: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: 143]، نزلت في الصلاة لما كانوا يصلون إلى بيت المقدس، ثم توجهوا إلى الكعبة، فنزلت هذه الآية في الدلالة على ثبات أجرهم وبقائه وحفظ صلواتهم المتقدمة ومجازاتهم عليها.
فالطهور شطر الإيمان، فإذا كان الطهور شطر الصلاة، فما المقصود بذلك، الشطر في الأصل يطلق على النصف، لكن قد يراد به جزء الشيء، ولأهل العلم في هذا كلام كثير، يعني بوجه من الأوجه، أو بمعنى من المعاني، وهذا لما كان الطهور كما يقول بعض أهل العلم أنه يحصل به المرء الخلاص من الأشياء الظاهرة، وتتنقى النفس من درنها، ومن نجاستها، ومن قذرها، وأيضًا يحصل له التخلص من الذنوب بالوضوء كما جاء ذلك في الأحاديث الدالة على فضله.
فالصلاة يحصل بها تزكية النفس والقلب بالأقوال والأعمال، والذكر لله جلَّ وعلَا، فكان كالجزأين، وهذا وجهٌ من أوجه كيف كان شطر الإيمان.
ولهم في ذلك كلامٌ كثيرٌ، ومن ذلك أن الصلاة لا تصح إلا بطهورٍ، نعم «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوض»، وقلنا: إن الشطر جزء الشيء، وليس بالضرورة أن يكون نصفه من كل وجهٍ، فيكون على ذلك المعنى صحيحًا.
وأيضًا من جهة أن الطهور والصلاة يحصل بهما أو يعلق بهما بعض الأجور أو كثيرٌ منها،فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبدٍ يتطهر أو يتوضأ فيحسن الوضوء فيصلي ركعتين لا يحدث بهما نفسه إلا غفر له ما تقدم من ذنبه»، فعلقها على إحسان الوضوء والصلاة.
في الحديث الثاني: «إلا فتحتْ له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء»، فدل ذلك على أن الطهور له مدخلٌ في الصلاة ظاهر.
قال: «والحمد لله تملأ الميزان»، الحمد لله، الحمد هو الثناء على الله جلَّ وعلَا، و "ال" دالةٌ على الاستغراق، فالمحامد والثناء كلها لله -سبحانه وتعالى، فهو المستحق لها لذاته، ولصفاته، ولأفعاله، ولإحسانه إلى عباده، وهو المحمود في ذلك بكل حالٍ وآنٍ.
وقوله: «تملأ الميزان» على ذلك توافرت الروايات، ولكن كيف تملأ الميزان؟
بعض أهل العلم يقول: لو كانت جسمًا لكانت مالئةً له، وبعضهم يقول: إن الأعمال يوم القيامة تكون أجسامًا، بدليل: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان»، وجاء أن البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كغمامتيْن تحاجَّان عن صاحبهما.
فدل ذلك على أنها تكون، وأيا كان فالمهم أنها دلالةٌ على عظيم فضلها وعظيم أجرها.
قال: «وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض» هنا قوله: «تملآن أو تمل» فيه ترددٌ أو شكٌّ في هذه الرواية، وفي روايةٍ أخرى قال: «وسبحان الله والتسبيح والتكبير تملآن أو تمل»، وكأن ابن رجب رحمه الله تعالى قال: هذه الرواية أشبه أو كأنه يقدمها، وذلك لأن الحمد جاء ما يتعلق به، فكيف يقال من أن سبحان والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، هل كل واحدٍ منهما يملأ ذلك، أو تملأه بوحدها.
يمكن أن يقال هذا وهذا، إذا انتقلنا إلى التسبيح والتكبير رواية باعتبار أن الحمد قد مضى، فقد جاء في التكبير روايةٌ أخرى تدل على أنه يملأ ما بين السماء والأرض، فالتسبيح يملأ ما بين السماء والأرض، ويقول ابن رجب -رحمه الله تعالى:
"ومع ذلك كله فإن الحمد أعظم من التسبيح، وذلك لأن الحمد مشتملٌ على الإثبات، والإثبات أعظم، أما التسبيح فإنه تنزيهٌ من النقائص، فلا شك أنه دون ذلك، والثناء على الله -جلَّ وعلَا- بالإثبات والأصل وهو الذي جاءت به دلالات الكتاب ودلالات السنة في الأكثر والأعم، وإنما جاء النفي في مسائل خاصةٍ، ولذلك قال أهل العلم: إن النفي أيضًا مع إثبات كمال ضده ليكون إثباتًا ولتكون دلالة مدحٍ، كما هو مشهورٌ ومقررٌ عند أهل السنة والجماعة، وهو ظاهرٌ أيضًا في دلالات النصوص والأدلة من الكتاب والسنة.
ثم قال: بعضها التكبير والتهليل، وتكلم أهل العلم أيهما أفضل التحميد أو التهليل؟ مع أن التهليل من أفضل ما جاء وقد تقدم حديث موسى، لو أن السماوات والأرض عمرهن غيري في كفةٍ، ولا إله إلا الله في كفةٍ مالت بهن لا إله إلا الله، ولا إله إلا الله تفتح له أبواب السماء حتى تدخل إلى العرش، وتلج إلى العرش ما لم تُجتنب الكبائر، كما جاء ذلك في فضلها، تكلم عليها أهل العلم، وكأنه لا يقطع في ذلك بشيءٍ، وإن كان بعضهم يقول الحمد لله أفضل من جهة أنها مشتملةٌ على التهليل الذي هو قول لا إله إلا الله، وعلى كل حالٍ مما يحتمل الكلام.
قال: والصلاة نورٌ، الصلاة نورٌ للمؤمن، لمن صلاها على وجهها، لمن أقامها بشروطها، لمن أدى واجباتها، لذلك جاء في بعض الأحاديث الصلاة نور المؤمن وهي تنير قلبه وتريح نفسه، وتذهب همه، وتجلي عنه تعبه وتجلب إليه الخير، وتذهب عنه الشياطين، فكيف لا تكون نورًا؟! لمن رعاها ولمن حفظها وحافظ عليها واستقام عليها، وهي نورٌ للإنسان في الآخرة، ولذلك من حافظ عليها كانت له عند الله نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، كما في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «والصدقة برهانٌ» البرهان في أصله ما هو؟
البرهان هو الشعاع الذي يكون على حجاب الشمس، وذلك لظهوره وقوته، ولذلك يسمى أيضًا الدليل برهانًا، ولأجل ذلك قيل هنا في إن الصدقة برهانٌ، يعني أن المتصدق كأن ذلك برهانٌ ودليلٌ وحجةٌ قاطعةٌ على صدق إيمانه وصحة معتقده، لأن النفوس شحيحةٌ ولأنها في الأموال قابضةٌ ولا تكاد تبذل ذلك إلا لمن عقد في نفسها من الإقبال على الله -جلَّ وعلَا- والفرح به والإيمان به، فيكون ذلك كالدليل على صحة إيمانها وظهور حسن اعتقادها، ولأجل ذلك لما حصل من العرب ارتدادٌ إنما أول ما كان مظهرًا لذلك هو بذل الزكاة وأدائها.
قال: "والصبر ضياءٌ"، ما الفرق بين قوله ضياءٌ وقوله نورٌ؟
يقول أهل العلم: الضياء هو إنارةٌ وفيه نورٌ لكن فيه حرارةٌ، ولذلك وُصفت الشمس بأنها ضياءُ ووصف القمر بأنه نورٌ، لما كان الصبر لا يتأتى للإنسان إلا مع شيءٍ من المشقة والتعب، فإنه يعقب العبد ضياءٌ، يعقبه نورٌ، يعقبه صلاحٌ، لكن مع ما يلحقه في نفسه من المشقة والتعب ونحو ذلك.
يقول والكلام على الصبر وحاجة الإنسان إليه من أعظم ما ينبغي الحديث عنه، وليس للإنسان غنيةٌ عن الكلام على الصبر، صبرًا على أقدار الله، وصبرًا على طاعة الله، وصبرًا على معصية الله، ويجتمع ذلك كله في الصيام، فإن الصيام صبرًا على الطاعة وصبرًا عن المعصية، لأنه يجتنب فيه المعاصي، وصبرًا على الأقدار لأنه قد يلحقه جوعٌ وعطشٌ وتعبٌ، فلا يزال محتسبًا الأجر عند الله -سبحانه وتعالى.
ثم قال: والقرآن حجةٌ لك أو عليك، هذا الكلام قد جاء في قول الله -تعالى- ﴿وَننَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ ولَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارً﴾ [الإسراء: 82]، يقول بعض أهل العلم: إنه لا يكون القرآن إلا نافعًا لصاحبه أو تبعةً عليه وبلاء، إذا لم ينتفع به وإنه لا يخرج من ذلك سالم، ولذلك جاء في بعض الآثار أن القرآن يأتي يوم القيامة يدفع صاحبه، يقول يا ربي تعدى حدودي وترك طاعتي واغترف نهي، فيخلي الله -جلَّ وعلَا- بينه حتى يكبه القرآن في النار، ويأتي الآخر ويقول يا ربِّ إنه امتثل أمري وصدق خبري، وابتعد عن حدودي أو استقام عليها، فيكون سببًا لنجاته عند الله -جلَّ وعلَا-، ولذلك قال: والقرآن حجةٌ لك أو عليك، ما أكثر الذين يحتجون بالقرآن وهو بلاغٌ عليهم لأنهم لا يعملوا، وهم أكثر ما يكون تزين به في مثل أحاديثه وقنوات وغيرها، لكنهم لا يستقيمون على ذلك، وعسى الله أن يعفو عنا، ما أكثر الكلام الذي قلناه وربما نكون أقل واحدًا مما يستمعون فيه الامتثال والابتداء، لولا رحمة الله -جلَّ وعلَا.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: «كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقه»، هذا حال الناس في هذه الدنيا، لا يخلو الإنسان إما من أن يخرج إلى خيرٍ أو يخرج إلى شرٍ، فليعلم المرء أن ذلك هو نجاته أو هلاكه، لذلك جاء في بعض الروايات، الناس غاديةٌ، فمعتقٌ نفسه أو موبقها، وجاء ذلك أيضًا في قول الله -جلَّ وعلَا- ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَ﴾ [الشمس: 7- 10]، ربما لا يشعر الإنسان حينما يسري أو يمشي إلى فاحشةٍ أو إلى جريمةٍ أو إلى فعل ربا أو قتل مسلمٍ أو شرٍّ من الشرور، لكنه يوبق نفسه ويهلكها، وأما الذين يمشون إلى الصلاة والصلاح ومجالس الذكر ومجالس العلم ويحفظون أنفسهم، فإنهم يوشك أن يكونوا معتقي أنفسهم، ولأجل ذلك قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ [التوبة: 111]، وفي المقابل قال الله -جلَّ وعلَا: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ [الزمر: 15].
جاء عن بعض السلف أنه يقول: حفظت في شبابي أن رجلًا قال لي أعتق نفسك في هذه الدنيا للآخرة، فإن رق الآخرة يوشك أن لا يحصل له فكاكٌ، نسأل الله أن يعتق نفوسنا ويصلحها.
هذه الجملة من الحديث السريع على هذا الحديث، لعلنا ننتقل إلى الحديث الذي بعده، الحديث الذي بعده فيه شيء من الطول، حديث أبي ذر، فلو رأيتم أننا نقرأه جملةً جملةً ليكون أسهل في شرحه وأيضًا أسرع في تناوله.

{الحديث الرابع والعشرون: (عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي»)}.
يعني: لو بدأنا بهذه الجملة، أولًا حديث أبي ذر هذا من أعظم الأحاديث، ويذكر أن أبا إدريس الخولاني كان إذا حدث به جثا على ركبتيه، من عظم ما فيه من المعاني وما فيه من الدلالات التي هي صلاحٌ للمؤمن لو نظرها ولو تأملها، ويقول الإمام أحمد: هو من أعظم أحاديث أهل الشام، وهو حديثٌ قدسيٌّ لأهل العلم كلامٌ بين الحديث القدسي وغيره، والفرق أيضًا بين الحديث القدسي والقرآن، لكن ربما لا نحتاج إلى الحديث هنا إلى ذلك، لأنه فيه استرسالٌ وهي من مسائل علوم الاصطلاح.
يقول الله -تعالى: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي» قد جاءت بها آياتٌ كثيرةٌ في كتاب الله -سبحانه وتعالى- ﴿ولَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً﴾ [الكهف: 49] وجاءت في ذلك ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46] وآياتٌ كثيرةٌ دالةٌ على هذا، والظلم هو جعل الشيء في غير موضعه، والله -سبحانه وتعالى- حرم الظلم على نفسه لماذا؟
لتمام عدله وتمام فضله وكمال رحمته وإحسانه لعباده، لا لعجزه تعالى الله -سبحانه وتعالى- فله القدرة الكاملة وله الفعل التام، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لكن لتمام رحمته وفضله وعدله حرم الظلم على نفسه، ولذلك جاء في بعض الآثار، لو عذب الله أهل السماوات والأرض لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته أوسع من أعمالهم، جاء ذلك عن بعض الصحابة ونقله زيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم.
يقول: «إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالمو» الظلم بين العباد محرمٌ، فالظلم ظلم العبد يكون ظلمه لنفسه، وذلك قد يكون بالإشراك بالله -جلَّ وعلَا- ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13] وقد يكون بالإسراف على نفسه بالمعاصي ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ﴾ [فاطر: 32]، وقد يكون الظلم ظلمًا بين العباد في أخذ الحقوق والتسلط عليها، وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرةٌ «الظلم ظلماتٌ يوم القيامة» ودلائل ذلك كثيرةٌ، فينبغي للإنسان أن يحفظ نفسه «لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطبية نفسٍ منه»، فينبغي للإنسان أن يمتنع عن الظلم ويحفظ نفسه منها، هذه على عجالةٍ وسنأتي إلى الجملة الأخرى.
{قال: «كلكم ضالٌّ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم»}.
كم في هذه الجمل من المعاني العظيمة، لما يقول الله -سبحانه وتعالى: «يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم»، فالهداية فضلٌ من الله -جلَّ وعلَا- ونعمةٌ، ورحمةٌ منه ومنةٌ، من هداه الله فهنيئًا له صلاحه في هذه الدنيا وفلاحه عند الله -سبحانه وتعالى.
لقائلٍ يقول: كيف يكون كل العباد ضالٌّ إلا من هداه الله، مع أنه جاء أنه خلق العباد أو خلقوا على الفطرة، «فطرة الله التي فطر الناس عليه» فالفطرة لا تعني الدلالة، فإن الإنسان يفطر على الخير لكن لا يعرف سبله وأحكامه ودلائله، ولذلك قال الله -جلَّ وعلَا- عن نبيه: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى: 7] والهداية هنا هدايةٌ إلى أصل الشريعة والإسلام، وهدايةٌ إلى تفاصيل الأحكام، كما قال الله -جلَّ وعلَا- ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]
قال أهل العلم: لو لم يكن العباد يحتاجون إلى الهداية في كل أحوالٍ من أحوالهم وفي كل شئونهم الدينية والدنيوية، لما كان ذلك أو من أعظم ما كان في سورة الفاتحة لحاجتهم إلى ذلك في كل حانٍ وآنٍ.
«فاستهدوني أهدكم» والله -جلَّ وعلَا- لا يظلم عباده ولا يعطي هذا ولا يمنع هذا إلا لاستحقاقه له، فإن الله -سبحانه وتعالى- يعلم من هذا أنه يقبل على الخير ويرغب فيه، فيزيده إعانةً وتسديدًا، ويعلم من ذلك إعراضًا فيخلي بينه فيكون سببًا لخذلانه وضياعه، نسأل الله السلامة والعافية.
وقد تقدم ما يتعلق بأنه ليس فيه من الله -جلَّ وعلَا- جبرٌ ولا ظلمٌ، وقلنا مثال ذلك -تقدم معنا- قلنا مثلًا لو أن شخصًا اشترى لولده سيارةً ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل: 60]، وأعطاه السيارة وقال له: هذه السيارة تستعين بها إلى الجامعة وإلى عملك وإلى طلب رزقك وإلى ما يكون فيه صلاحك، وإياك أن تذهب إلى غير ذلك مما يسوؤك، ثم أعطاه إياها، أليس الوالد هو الذي مكنه وهو الذي أعطاه وهو الذي أعانه وهو الذي يسر له، وهو الذي جاء له بما ينقله إلى ذلك؟
نعم ومع ذلك لو أنه أخطأ فذهب مذهب سوءٍ فعاقبه، هل يكون ظالمًا له؟
فكذلك الله -سبحانه وتعالى- وله المثل الأعلى، بيَّن للعباد ما يكون فيه صلاحهم وما يكون فيه بلاؤهم وشرهم، وخلق أفعالهم ويسر لهم طريق الخير والشر، فمن طلب ذلك يُسر له وأُعين، ومن طلب غير ذلك خلي بينه وبين نفسه، فحصل بذلك ضلاله واستولى عليه شيطانه.
«يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم»، والجملة التي بعدها تدل على عظيم فضل الله وغناه، وعظيم فقر العباد وشدة حاجتهم إلى الله ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر: 15]، فإذا كان الحال كذلك، أليس هذا أدعى لأن يكون العباد أكثر توكلًا واعتمادًا وطلبًا للأرزاق من الله -سبحانه وتعالى- واستمساكًا بحبله، واستهداء بهدي نبيه، وامتثالًا لأوامره واجتنابًا لنواهيه، فإن الأمر كله لله والأمر كله بيد الله، والأرزاق من عند الله، والرحمة من عند الله، والفضل من عند الله، حتى ما يكون من لباسٍ وما يكون من معاشٍ، وما يكون من نفسٍ، وما يكون من شربٍ، وما يكون من حالٍ إلا من الله -سبحانه وتعالى.
يقول: «يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم»، أحوج ما يكون العبد إلى أن يستغفر الله، وأن يؤوب إلى الله، وأن يتوب إلى الله، النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة يقول: «إنه ليستغفر الله ويتوب إليه في اليوم سبعين مرةً»، في حديث الأوراغي المزني «يأيها الناس استغفر الله وتوبوا إليه، فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرةً»، ويقول الصحابة: لم يكن أحدٌ أكثر من النبي -صلى الله عليه وسلم- استغفارًا، إلى غير ذلك من دلالاتٍ كثيرةٍ، فينبغي للعبد أن يلذ بالاستغفار وأن يملأ وقته بالأوبة إلى الله -سبحانه وتعالى.
{قال: «يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني فأعطيتُ كل إنسانٍ مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» رواه مسلم}.
«يا عبادي أنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني» الله -جلَّ وعلَا- غني لكمال ذاته وكمال صفاته، وكمال أسمائه ﴿قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ﴾ [الإسراء: 100] أما الله -سبحانه وتعالى- فإنه ينفق ويعطي ويتفضل ويمن على عباده ولا ينقص ذلك من ملكه شيئًا، ولأجل ذلك لم يكن العباد ليضروه، ولن يضروك وإنهم لن يضروا الله شيئًا، وجاءت في ذلك آياتٌ كثيرةٌ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ما كان من طلبٍ للعباد أن يمتثلوا أمره أو يجتنبوا نهيه، فإنما ذلك رحمة من الله -جلَّ وعلَا- بعباده، ويحب ذلك منهم، لا أن ذلك يزيد في ملكه، ولا عصيانهم ينقص من قوته وقدرته -سبحانه وتعالى، ولأجل ذلك قال: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، ولو كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ ما زاد ذلك في ملك الله شيئً» وفي ذلك دلالةٌ على كمال غنى الله -سبحانه وتعالى- هو الغني عن عباده وخلقه، لا يزيده طاعة طائعٍ ولا تضر معصية عاصٍ، وفي هذا إشارةٌ أيضًا إلى أن ملاك الأمور ومبدأها هو صلاح القلوب أو فسادها، فلأجل ذلك ينبغي للإنسان أن يعنى بقلبه وأن يكون ذلك مبدأ حاله، وأن يراجع نفسه، ولن يكون ذلك بأعظم من ذكر الله وتوحيد الله وعبادة الخلوات والصلوات والاستقامة على قراءة القرآن وذكر أوراد الصباح والمساء، والبعد عن ضغائن النفوس وفسادها وحظوظها وأهوائها.
ثم يقول: «يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسألوني فأعطيت كل إنسانٍ مسألته» يد الله ملئ لا تغيضها نفقةٌ سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإن ذلك لم ينقص من ملكه شيئًا، فإنها لا تغيظ بذلك خزائنه -سبحانه وتعالى- كما جاءت بذلك الأحاديث، ففيه دلالة أيضًا على أن العباد ملجؤهم إلى الله ومفزعهم إلى الله، ومرتجاهم عند الله، ورحمتهم من عند الله -سبحانه وتعالى، إن نزل بهم ضرٌّ، أو اشتد بهم سقمٌ، أو كثر عليهم ديْنٌ، أو تكالب عليهم عدوٌّ أو عظمت بهم النكبات، أو اجتمع لهم ذلك كله، فإنه لا مفزع لهم إلا الله، أو فسدت قلوبهم أو كثرت ذنوبهم، فإنه لا ينجيهم من ذلك إلى الله -سبحانه وتعالى، منه المهرب وإليه الملجأ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك -سبحانه وتعالى.
ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله -تعالى: «يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم» هذه هي الخلاصة، فإن الله لا ينتفع بذلك ولا يضره عصيان العاصي «فإنما هي أعمالكم أحصيهم لكم، ثم أوفيكم إياه» والتوفية في الدنيا وفي الآخرة، ولذلك قال الله -جلَّ وعلَا: ﴿مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِه﴾، ﴿إِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: 185] فالآية الأولى من يعمل سوءً يجزى به في الدنيا، وهذه في الآخرة، ولذلك ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنهُمْ أَجْرَهُم بأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97] فيحمد الله ويستقيم على الطاعة، ومن وجد غير ذلك فليستعتب ليتوب إلى الله -سبحانه وتعالى-، وهي أيضًا توفى في الآخرة فيحمد الله -سبحانه وتعالى- عند لقاء ربه ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ [الزمر: 74] والآيات في ذلك كثيرةٌ جدًا.
هذا ما يتعلق بهذا الحديث على عجالةٍ كثيرةٍ، لعلنا ننتقل إلى الحديث الخامس والعشرين، إن لم يبقَ في الوقت إلا ثلاث دقائق وهو حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- لما شكا بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ذهب أهل الدثور بالأجور، يعني ذهب أهل الأموال بالأجور من حيث أنهم يتصدقون ويبذلون وينفقون ونحن لا نستطيع ذلك، وفي هذا هل هو حسدٌ من الصحابة لغيرهم الذين كانوا أصحاب أموالٍ، وإنما باب ذلك أن الصحابة شكوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم لا يجدون ما يتصدقون به، فيريدون أن ينافسوا في الخير ويسابقوا في الصالحات، فإن الله -جلَّ وعلَا- قال: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [آل عمران: 133] فاستبقوا الخيرات، فمن أجل هذا ذهب هؤلاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلبون توجيهًا وأمرًا لما يكون فيه استدراكٌ ما يفوتهم من البذل والنفقة والإعطاء والصدقة التي سبقهم بها أهل الدثور وأهل الأموال وأهل الثروات، وفي هذا أن الصحابة كانوا يظنون أن الصدقة إنما تكون بالأموال لا غير، فأراد أن يوجههم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن باب الصدقة واسعٌ، وأن منها الصدقة بالأموال وربما لا يكون هو أكثرها أو أعظمها كما ستأتي الإشارة إلى ذلك، فلأجل ذلك في هذا الحديث إشارةٌ إلى أن الصدقة والبذل والعطاء يكون بالأموال ويكون بغيرها، ودلت على ذلك دلائل كثيرةٌ سيأتينا كل سُلَّامةٍ من الناس صدقةٌ، وفيها أنواعٌ من الصدقات، وأيضًا ما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بين له الرجل أنه لا يستطيع الإعتاق، وقال: فما تأمرني؟
قال: تعين صانعًا أو تصنع لآخرتك، قال: فإن لم أفعل؟
قال: فتكف أذاك عن المسلمين فإنه لك صدقةٌ، فدل إذن على أن أبواب الصدقة كثيرة، ما يعطيه الإنسان صدقةٌ، وما ينفقه على ولده صدقةٌ، وإماطة الأذى عن الطريق صدقةٌ، تبسمك في وجه أخيك صدقةٌ، أمر بالمعروف صدقةٌ، نهي عن المنكر صدقةٌ، كل ذلك يدل على أن أبواب البر كثيرةٌ جدًّا، فكل بابٍ من أبواب الإحسان صدقةٌ، بل حتى ما يكون من الله -جلَّ وعلَا- على عباده فهو صدقةٌ، في قصر الصلاة للسفر صدقةٌ تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، ولما ذكر الرجل ينام عن صلاة كان يعتادها، قال: كتب الله له أجرها وكان نومه صدقةً عليه من الله -جلَّ وعلَا- فكل هذا يدل على ما ذكرناه.
فإذن في هذا الحديث أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أن أبواب البر كثيرةٌ لمن أرادها ولمن طلبها، ولمن أراد أن يعملها.
بقي مسائل كثيرةٌ أو مسائل ليست قليلةً في هذا الحديث، لكن أظن أن الوقت انتهى، فنجعل ذلك مبدأ حديثنا في المجلس القادم.
أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك