الدرس السابع

فضيلة الشيخ أ.د. فهد بن سليمان الفهيد

إحصائية السلسلة

12803 18
الدرس السابع

كتاب التوحيد 3

{بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أهلاً وسهلاً بكم أعزاءنا المشاهدين، في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) نشرح فيها متن (كتاب التوحيد) لإمام الدعوة الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ الدكتور فهد بن سليمان الفهيد، أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ}.
حياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين والمشاهدين، ونسأل الله -جل وعلا- للجميع العلم النافع والعمل الصالح.
{توقفنا أحسن الله إليكم عند باب قول الله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ }.
تفضل بالقراءة.
{قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل:83]
قال مُجَاهِدُ مَا مَعَناهُ: "هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: هَذَا مَالي، وَرِثْتُهُ عَنْ آبائِيَ".
وقال عَوْنُ بنِ عَبْدِ اللَّهِ: "يَقُوُلُونَ: لَوْلَا فُلَانُ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَا".
وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ: "يَقُولُونَ هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا".
وقال أَبُو الْعَبَّاسِ -بَعْدَ حَدِيثِ زَيْدٍ بنِ خَالِدٍ -رضي الله عنه- الَّذِي فِيهِ: «إِنَّ اللَّهَ تعالى قال: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بي وَكَافِرٌ..» الْحَدِيثُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسَّنَّةِ، يَذُمُّ سُبْحَانَهُ مَنْ يُضِيفُ إِنْعَامَهُ إِلَى غَيْرهِ، ويُشْرِكُ بِهِ.
قال بَعْضُ السَّلَفِ: هُوَ كَقَوْلِهِمْ: كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقاً".
وَنَحْوُ هَذَ مِمَّا هُوَ جارٍ عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ)
}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فيقول الشيخ العالم الإمام المجدد/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل:83])، وهذا ذمٌ من الله -سبحانه وتعالى- للكفار، ففي سورة النحل عَدَّدَ الله -عز وجل- النعم، ولهذا تسمى سورة النحل: سورة النعم؛ لأنَّ الله -عز وجل- من أول هذه السورة إلى آخرها أو إلى أكثر من وسطها بين فيها تعداد لنعم الله -عز وجل-، والثناء على الله -عز وجل- بها، ووجوب عبادته وحده لا شريك له، وإبطال عبادة ما سواه.
ففي ضمن هذه السورة الكريمة جاء الذمُّ للكفار لَمَّا عبدوا غير الله -عز وجل-، فقال الله -عز وجل-: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ ، يعني: إذا سئلوا يقولون: الله هو الذي يرزق، الله هو الذي يخلق، فهم يُقرون بالربوبية، ويعترفون بأن الله -عز وجل- هو الخالق لكل شيء، لكنهم يضيفون النعم إلى غيره سبحانه، ولهذا قال: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا﴾ أي: ينكرونها بعدة صور سيأتي ذكرها، وكل منها هو إنكار لنعم الله -عز وجل-.
إذًا الواجب على المؤمن أن يعترف بنعمة الله -سبحانه وتعالى-، وأن يشكر الله -عز وجل-، وأن يخصه وحده بالعبادة، فيجعل كل عباداته خالصة لله -سبحانه وتعالى- ومن ذلك الثناء باللسان والحمد والشكر، فيعترف بفضل الله ونعمته، ويتحدث بنعم الله، ويضيفها إلى الله -جل وعلا-، ولكن كثيرًا من الناس وحتى بعض المسلمين يغفل عن هذا المعنى، ويضيف النعم إلى غير الله -عز وجل-، ولهذا عقد الشيخ هذا الباب لينبه على الأدلة الواردة في هذا المعنى، فقال: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل:83]).
إذًا لا نكن من الكافرين المنكرين لنعم الله، وهؤلاء الكافرون بلغوا هذا الكفر؛ لأنهم أشركوا، ولأنهم جعلوا النعم -كما سيأتي- من آلهتهم، وإذا سئلوا ونوقشوا فيما بينهم هل آلهتكم تخلق؟ هل آلهتكم ترزق؟ هل آلهتكم تدبر الكون؟ يقولون: لا. إنما ذلك لله -عز وجل-.
هذا حال أكثر أهل الأرض، وهو أنهم يقرون بالربوبية، ويشركون في الألوهية.
قال -رحمه الله-: (قال مُجَاهِدُ مَا مَعَناهُ) مجاهد عالم كبير، وإمام من أئمة التفسير، وهو من تلامذة عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، ومجاهد من كبار التابعين ومن علمائهم، واسمه: مجاهد بن جبر المكي.
هذا العالم المفسر يقول: "هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: هَذَا مَالي، وَرِثْتُهُ عَنْ آبائِيَ"، أي أنَّه لا يقول: هذا من فضل الله عليَّ. وحتى لو كان موروثًا من الآباء، فالذي أبقاه حتى يصل إليك هو الله -سبحانه وتعالى-، والذي قدر موت ذلك المورث هو الله -سبحانه وتعالى-، والذي رزق آبائك هو الله -سبحانه وتعالى-، والذي يرزقك هو الله -جل وعلا- فرزقك مستمر حتى تموت، فكيف تضيف النعم إلى الآباء وإلى نفسك فتتبجح وتتفاخر بهذا الشيء؟
وكان من الواجب عليه أن يقول: هذا من فضل الله علي، وقد يسر الله لي هذا الميراث، ويسر لي أن ورثته من أبي، أو تركة مورثي كذا وكذا، وكان عليه أن يضيف النعم إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولا بأس أن يذكر السبب، ولكن ينبغي أن نتذكر أنه سيأتي معنا حديث بعد عدة أبواب في قول المصنف: (بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا﴾ ) وفيه حديث: الأعمى والأقرع والأبرص، وأن كل واحد من هؤلاء كان فقيرًا، فالأقرع لم يكن يكلك شيئًا، والأبرص والأعمى كذلك، ولَمَّا أغناهم الله -عز وجل- وابتلاهم واختبرهم، فقال كل واحد منهم: "هذا مالي ورثته عن آبائي"، وهذا معناه أنَّ النفس البشرية فيها طغيان، ففي حال فقرها وفي حال حاجتها تسأل وتطلب ما تحتاجه، فإذا شعرت بالغنى، وهذا الشعور لا يدل على أنها في الغنى حقيقة، لكن إذا استغنت هذه النفس الأمارة بالسوء طغت وتكبرت، قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ﴾ [العلق:6-7]، فهدده الله -جل وعلا- بقوله: ﴿إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ﴾ [العلق:8]، فهذا الطغيان موجود، فالحذار الحذار منه، يعني: نحذر أنفسنا وجميع إخواننا المسلمين من هذا الطغيان.
فأنت عندما تطلب الشيء وهو ليس معك، وتحتاجه وهو ليس في مقدورك، فأنت ستتضرع وتسأل وتفكر، ثم بعد مدة أو قريبًا يرزقك الله فيغنيك، فماذا تفعل؟
بعض الناس يقول: لقد أغناني الله، ويشكر الله، ثم يستعمله في طاعته، بينما بعض الناس ينسى مباشرة، وإذا قيل له: أنت عندك كذا؟ قال: هذا جهدي، وهذا عرق جبيني، وهذا علمي، وهذا ثمرة دراستي، فتراه يفتخر بنفسه ويطغى ويتكبر، ولهذا كان هذا من كفران وإنكار نعمة الله.
إذًا قول مجاهد: (هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: هَذَا مَالي، وَرِثْتُهُ عَنْ آبائِي) يعني: تفسيرًا لقوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ ، ولو جاء إنسان وقال: أنا لم أقل صراحة أني أكفر بنعمة الله، لماذا تقولون: إني أنكرت النعمة؟ نقول: أنت أنكرت النعمة لَمَّا نسبتها إلى نفسك ونسيت المنعم -سبحانه-، وقد قال الله -عز وجل-: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل:83]، ومجاهد من أئمة التفسير قال: (هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: هَذَا مَالي، وَرِثْتُهُ عَنْ آبائِيَ)، فمن قال هذا القول مُتفاخرًا، وناسيًا نعمة الله، ولم يذكر الله -عز وجل-، ولم يُثن على الله، فهو داخل في معنى قوله: ﴿ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ ، ومذموم من يقول هذا القول، وما أكثرهم، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
قال: (وقال عَوْنُ بنِ عَبْدِ اللَّهِ: "يَقُوُلُونَ: لَوْلَا فُلَانُ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَا")
هذا نوع ثان من إنكار النعم فانتبه له، (وقال عَوْنُ بنِ عَبْدِ اللَّهِ: "يَقُوُلُونَ: لَوْلَا فُلَانُ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَا")، وعون بن عبد الله، هو كوفي من التابعين، ومن أهل الحديث، وعم أبيه هو عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم أجمعين-، وقد فَسَّرَ قوله: ﴿ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ بقوله: (يَقُوُلُونَ: لَوْلَا فُلَانُ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَا) كيف لم يكن كذا وكذا؟
مثال ذلك: رجل كان فقيرًا ثم صار غنيًا، فتراه يقول: لولا التاجر فلان، أو لولا الأمير، أو لولا الوظيفة لم يكن كذا وكذا، فينسب ذلك إلى الأشياء الحسية، ولا يذكر الله لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي لا يشكر الله -عز وجل-.
إذًا هذا تفسير للسلف -رحمهم الله- في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ .
هل هناك فرق بين التفسير الأول والثاني؟
نعم هناك فرق؛ فالأول: قد نسب النعمة لنفسه ولجهده، والثاني: علق وجود النعمة على سبب آخر، فقال: هذه النعمة ما جاءت إلا بسبب المخلوق الفلاني، ولولا فلان لم يكن كذا وكذا.
سؤال: من الذي خلق فلانا؟ ومن الذي علمه؟ ومن الذي هداه؟ ومن الذي لين قلبه؟ ومن الذي سخرك أنت حتى تنال هذا؟
أسباب كثيرة، وكلها لا يمكن أن تنفرد بوجود هذه النعمة حتى تصل إليك، فانفراد هذه الأسباب يقطع هذه النعم، فالله -عز وجل- جمعها وهيأها حتى وصلت النعم إليك ثم تنساه! وتشكر غيره! وتثني على غيره! هذا من كفران النعم ومن إنكارها.
قال: (وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ) هذا تفسير ثالث، وكل هذه التفاسير حق.
قال: (وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ: "يَقُولُونَ هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا") يعني: ينسبونها إلى أمر غيبي، أي: إلى هذه المعبودات التي تُعبد من دون الله، ويجعلون هذه المعبودات التي عبدوها من دون الله هي التي تسببت بوجود النعم، من: مال، أو رزق، أو صحة، أو عافية، أو غير ذلك عندهم.
ولا شكَّ أنَّ التفسير الثالث أقبح، ومن قال به فهو مشرك كافر، ومن قال: هذا بشفاعة الأصنام، أو بشفاعة الأولياء الميتين، أو بشفاعة الجن، فهم شفعوا لي حتى صار عندي رزق ومال، أو حتى حُفِظتْ، أو نجوت، أو شُفيت من مرض، فكل من فعل هذا فهو مشرك بالله -عز وجل- شرك الجاهلية الصريح.
ولنا وقفة مع قوله: (وقال ابْنُ قُتَيْبَةَ: "يَقُولُونَ هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا")، وهي أنَّ المشركين يطلبون من معبوداتهم الشفاعة، والشفاعة عند الله -عز وجل-، قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ [يونس:18]. وهنا قد يسأل بعض الإخوة ويقولون: نعلم أنَّ كفار قريش ما كان أكثرهم يؤمن بالآخرة أو يؤمن بالبعث، فكيف يقولون: ﴿هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾ ؟
الجواب: كانوا يطلبون شفاعتهم في تحقيق مقاصدهم الدنيوية، ولهذا (يَقُولُونَ هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا) أي أنَّ هذا الرزق، أو النصر على العدو، أو هذه العافية، أو الشفاء من المرض، أو الولد، حصل لنا بشفاعة آلهتنا، وهذا شرك المشركين.
وكان من المشركين من يُقِرُّ بالبعث، فكان يطلب هذا الشيء الذي هو الشفاعة لتحقيق أمور الدنيا، ويطلب الشفاعة في الآخرة أيضًا، لأنَّه كان يظن أنَّ المعبودات التي عبدها من دون الله تمنع عنه عذاب الله -عز وجل-، وليسوا هم على طريقة واحدة، فالمشركون والوثنيون أنواع شتى، تفرقت بهم الأهواء، والضلالات، والشركيات، على أنحاء شتى.
إذا هذا صار عندنا الآن ثلاثة أنواع من إنكار النعم:
النوع الأول: أن يضيفها إلى نفسه مُفتخرًا.
النوع الثاني: أن يضيفها إلى سبب آخر، يقول: (لَوْلَا فُلَانُ؛ لَمْ يَكُنْ كَذَا).
النوع الثالث: أن يضيفها إلى المعبودات التي عبدها من دون الله.
ونستفيد من هذا أيضًا، أنَّ طلب الشفاعة من الأموات والغائبين هو من الشرك الأكبر المخرج من الملة. طيب طلب الشفاعة في ماذا؟
الذي كان عليه الجاهليون، أنهم كانوا يطلبون الشفاعة من الموتى، من: هبل، واللات، والعزى، ومناة، وعيسى ابن مريم، وغيرهم مما يعبدون من دون الله، فكانوا يطلبون شفاعتهم بأن يرضوا عنهم، وأن يقربونهم إلى الله، وأن يشفع لهم عند الله في تحقيق مطالب الدنيا والآخرة، أو تحقيق مطالب الدنيا فقط لمن لم يُقر بالبعث والآخرة.
وأيضًا صار في المنتسبين للإسلام من المتأخرين، وكذلك في مشركي النصارى واليهود وغيرهم، من يطلب من الأموات الدعاء ورفع الحاجات إلى الله، ففي بعض كفرة النصارى يقولون: يا والدة المسيح اشفعي لنا عند الله حتى يغفر لنا، فهم يعلمون أنَّ والدة المسيح لا تغفر، وإنما يدعونها أن تشفع لهم عند الله، فهم يدعون مريم -عليها السلام، وهي أم عيسى من دون الله.
وهكذا في المشركين المنتسبين للإسلام، والإسلام من فعلهم وشركهم بريء، فيقولون: يا زينب، أو يا نفيسة، أو يا جيلاني، أو يقولون: يا رسول الله، اللهم صل على نبينا محمد، أو يقولون: يا علي، أو يا حسين، اشفع لنا عند الله، نطلب منك أن ترفع حاجاتنا إلى الله، ادع الله لنا، ادع الله أن يغفر لنا، ادع الله أن يشفينا. وهذا لم يكن عليه أهل الجاهلية، وإنما كان أهل الجاهلية يطلبون من التقرب لهم وإرضاء المعبودات أن تشفع لهم، ولكن هؤلاء فعلوا مثلما فعل الجاهليون، ولكن مع فرق يسير جدا، ولكنه غير مؤثر، وهو أنهم يتقربون إليهم، يأتون إلى قبورهم فيتمسحون بها، ويذبحون لهم، وينذرون لهم، لماذا؟
قال: يا فلان، أي يخاطب الميت، اشفع لنا، ادعوا الله لنا، ادعوا الله أن يغفر لنا، ادعوا الله أن ينصرنا على العدو، يخاطب ميتًا، وهذا هو الشرك الأكبر أيضا، وبالتالي لَمَّا نقرأ قول ابن قتيبة: (يَقُولُونَ هَذَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا)، نفهم أنهم يطلبون من آلهتهم حاجات، وأنَّ الآلهة شافعة عندهم.
من المشفوع إليه؟ الله هو المشفوع إليه عند هؤلاء المشركين، والشافع هي آلهتهم، والطالب للشفاعة هو هذا المشرك الجاهلي. فإذا جاء في عصورنا هذه من فعل نفس الشيء؛ أخذ نفس الحكم الشرعي، فإذا جاء من يطلب حاجة معينة، لنصر، أو لشفاء، أو لعافية، أو لمغفرة الذنوب، ثم ذهب إلى ميت حتى وإن لم يسمه إلهًا، وطلب منه الشفاعة، فقال: اشفع لي عند الله، ادعوا الله لي، دعاؤك غير دعائي، وأنت إذا دعوت استجيب لك، بينما أنا إذا دعوت ما يُستجاب لي، فهذا هو شرك المشركين، أعاده فقط في صورة جديدة.
{أحسن الله إليك.
أظن أنّ الأمر قد يزيد إذا ظنَّ أن الشافي هو القبر، أو الولي الميت هو الشافي بذاته}
هذا شرك الربوبية، وهؤلاء جمعوا بين الشرك في الألوهية بصرف العبادة له، والشرك في الربوبية باعتقاد أنه يتصرف، وهذا موجود عند كثير من المتأخرين من غلاة الصوفية، تراه يقول: إنه يتصرف في الكون، ويخدع أتباعه ويقول: إنَّ الله قد أذن له، ويفترون على الله الكذب، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ [الأنغام:21].
ويقولون: هو مخطئ؛ لأنَّه ظنَّ أن الله أذن له. نقول: المشركون أيضًا مخطئون وحكمهم الكفر والشرك، وهذا خطأ لا يغتفر؛ لأنه نقض لـ "لا إله إلا الله"، فأنت إذا قلت: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ فأنت تعاهد ربك ثم تنقضه وتقول: أنا أخطأت.
نقول: نعم أنت أخطأت، ولكن خطؤك أخرجك من دين الإسلام، فلَمَّا سجدت لغير الله، وعبدت غير الله، ولجأت إلى غير الله بالدعاء والاستغاثة، أخرجك ذلك عن الإسلام؛ لأنَّ كل هذا من حق الله عليك، ولا يجوز لك أن تصرفه لغيره سبحانه.
قال: (وقال أَبُو الْعَبَّاسِ) أبو العباس هنا هو: شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، المولود سنة "إحدى وستين وستمائة" من الهجرة، والمتوفى سنة "ثمان وعشرين وسبعمائة"، وهو عالم وإمام جليل، وهو شيخ الإسلام، وناصر الملة، وقامع البدعة، ومن اطلع على كتبه ومؤلفاته عرف تبحره، وقوته في العلم، وفي نصرة الدين، والرد على أهل البدع، والشرك، والإلحاد، وكفرة النصارى واليهود، والفلاسفة، وكفرة الجهمية والمبتدعة من الغلاة وعباد القبور، فكتبه نافعة جدًا، والشيخ نقل عنه، وهذا نادر في كتاب التوحيد أن ينقل الشيخ أقوالًا لأهل العلم في كتابه التوحيد، ولكن لأنَّ كلامه كان مناسبًا لهذا الباب نقل عنه.
قال: (وقال أَبُو الْعَبَّاسِ، بَعْدَ حَدِيثِ زَيْدٍ بنِ خَالِدٍ)، وحديث زيد بن خالد الجهني مرَّ معنا في أول الكتاب، والذي قال فيه: (صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَّةَ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَاَنَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ؛ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقال: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قال: رَبُّكُمْ؟!»، قالوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قال: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ: فَأَمَّا مَنْ قال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ؛ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قال: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا؛ فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوَكِبِ»)
.
(قال) أي: شيخ الإسلام بن تيمية، (وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسَّنَّةِ، يَذُمُّ سُبْحَانَهُ مَنْ يُضِيفُ إِنْعَامَهُ إِلَى غَيْرهِ، ويُشْرِكُ بِهِ)، أي أنَّ إضافة النعم إلى غير الله، والشرك بالله -عز وجل- مذموم في مواضع كثيرة جدًا في الكتاب والسنة.
ما الواجب على المسلم والمسلمة؟!
الواجب عليه أن يتذكر نعم الله، وأن يثني على الله ولا يُثني على غيره، وألا ينسى فضل الله عليه.
قال: (قال: بَعْضُ السَّلَفِ: "هُوَ كَقَوْلِهِمْ: كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقاً"، وَنَحْوُ هَذَ مِمَّا هُوَ جارٍ عَلَى أَلْسِنَةِ كَثِيرٍ)، يعني: كثير من الناس.
وقوله: (كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً)؛ لأنَّها وسيلة السفر، وخاصة في السفر بين البلدان البعيدة في البحر، و (كَانَتِ الرِّيحُ طَيِّبَةً) أي أنَّ الأشرعة تسير سيرًا جيدًا، فيصلون مبتغاهم في سفرهم براحة وطمأنينة، فإذا هاجت الرياح، وماجت البحور، وتحركت الأمواج، ربما يبقون، وربما يغرقون، وربما يتأخرون، فإذا كان السفرة طيبًا فبدلا من أن يقولوا: الحمد لله الذي سلمنا وأوصلنا بخير، واللهم لك الحمد على السلامة، وهذا من فضل الله علينا، أن سخر الله لنا هذه السفينة، أو هذه الطائرة، أو هذه السيارة، أو هذه الحافلة، أو كذا وكذا، تراه يقول: الريح طيبة، الطائرة ممتازة جديدة، والسائق ماهر، والملاح -قائد السفينة- كان حاذقًا، والملاح تطلق أيضًا على قائد الطائرة. وهذا خطأ عظيم، والصواب هو إضافة النعم إلى الله -عز وجل.
من الذي علَّم الملاح؟ من الذي سخر السفينة؟ هذا كله يوجب شكر الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعم، وقس على ذلك نظائرها، مثل:
رجل حرج من عملية بعد أن كاد يموت، أو رجل أصيب في حادث فسلمه الله، أو رجل أصاب بيته حريق فنجاه الله. فالواجب ألا نذكر الأسباب وننسى مسببها وخالقها -سبحانه- فهو الذي حمانا وحفظنا. ولا بأس بعد أن نذكر الله -سبحانه وتعالى- أن نقول: "ثم" ونذكر الأسباب المعتادة، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله -عز وجل، وهذا معنى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وفيه ضرورة اعتناء الإنسان بشكر لله -سبحانه وتعالى-، والثناء على الله، وألا ننسى فضله.
وفي حديث: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ» دليل على ماذا؟
دليل على أنَّ هذه النعم التي تصيب الإنسان وتأتيه، قد تتسبب في كفره. كيف؟ لأنَّ النبي صلَّى بهم على أثر سماء كانت من الليل، أي: مطر، والمطر نعمة كبيرة، فالآبار ارتوت وامتلأت، والأرض والزروع قد سقيت ورويت، بعد أن كانوا يجهدون أنفسهم ليستخرجوا هذا الماء بصعوبة، وقد لا يجدون إلا شيئًا قليلا.
فقال: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ» يعني -سبحان الله- بسبب النعمة صار كافرًا، ولهذا قد تكون النعم وبالاً على بعض الناس؛ لأنه لم يشكر الله -سبحانه وتعالى- نسأل الله العافية والسلامة.
نأخذ الباب الذي بعده.
{قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
قال ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فِي الْآيَةُ: "الْأَنْدَادُ: هُوَ الشِّرْكُ، أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ: وَاللَّهِ، وَحَيَاتِكِ يا فُلَانَةُ وَحَيَاتِي.
وَتَقُولُ لَوْلَا كُلْبُهُ هَذَا لَأَتَانَا اللُّصُوصُ، وَلَوْلَا الْبَطُّ فِي الدَّارِ لَأَتَانَا اللُّصُوصُ.
وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ.
وَقَوْلُ الرَّجُلِ لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانُ، لَا تَجْعَلْ فِيهَا فُلَانٌ. وهَذَا كُلُّهُ بِهِ شِرْكٌ" رَوَاهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُول اللَّهِ قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ الْحاكِمُ.
وقال: ابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: "لَأَنْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً أَحَبُّ إِلَيّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقاً".
وَعَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ قال: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ: "أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ. وَيَقُولُ: لَوْلَا اللَّهُ ثُمَّ فُلَانُ. وَلَا تَقُولُوا لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَان")
}.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾) وهذه الآية الكريمة، هي أول أمر يمر عليك في القرآن، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:21-22]، فأمر بعبادته، ونهى عن جعل الأنداد، ما معنى الأنداد؟
الأنداد جمع ند، والند هو المثل، أو يقال: النظير، أو الشبيه، أو الكفء، أو السمي، وكل هذه معان متقاربة، فلا تجعل لله ندًا في عبادتك، فأنت عبادتك ما هي؟
هي أعمالك، وتكون بالقلب، أو تكون باللسان، أو تكون بالجوارح، فهناك أعمال بالقلب مثل: الخشوع، الخوف، الرجاء، الحب.
وهناك أعمال تكون باللسان، مثل: الدعاء، والاستغاثة، والذكر.
وهناك أعمال تكون بالجوارح، مثل: السجود، الركوع، الطواف، حلق الرأس تعبدًا.
هذه أعمالك، لمن تصرف هذه الأعمال؟ تصرف لله -عز وجل-.
طيب إذا صرفتها لله وصرفتها لغيره، هل تكون قد وحدت الله في العبادة؟ لا، بل جعلت مع الله معبودًا آخر بعباداتك، وهذا يسمى الشرك في الألوهية، وهذا هو الشرك الأكبر.
فالواجب ألا يُعبد إلا الله، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا﴾ فتراه يقول: الله خلقنا ورزقنا، ثم هو نفسه يسجد للصنم، ويتبرك بالحجر والشجر، ويعتقد أنه مبارك، ويأخذ منه البركة، أو يقول: إني لأرجو من هذه الشجرة أن تحقق أمنيتي -شجرة الأمنيات-، وهذا شرك أكبر، هذا شرك ذات أنواط، قال : «سُبحانَ اللهِ! هذا كما قال قَومُ موسى: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: 138]، والذي نَفْسي بيدِه، لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَن كان قَبلَكم» .
وكذلك من الناس من يتخذ الكواكب من دون الله، فيعبد الكواكب، ويستغيث بها، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وكل هؤلاء قد اتخذوا مع الله أندادًا، ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ، وفي سورة البقرة أيضًا: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [البقرة:165].
إذًا الواجب علينا أن نفرد الله -عز وجل- بجميع العبادات، وألا نجعل له شريكًا في تلك العبادات، فإن جُعِلَ له شريك، فقد اتُّخِذَ ذلك الشريك ندًا، يعني: مثيلاً لله تعالى، فالله هو المعبود، وهو المرجو سبحانه، وهو الذي يُتألَّه له، فإذا صرفت شيئًا من العبادة لغيره؛ جعلت ذلك الغير ندًا له، إذًا افهم هذا المعنى؛ لأنَّ الله يقول: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ، أي: وأنت تعلمون أنه هو الخالق، الرازق، المدبر، المنفرد بإيجادكم ورزقكم. فكيف تجعلون له أندادًا؟ اجعلوا العبادة كلها له سبحانه، هذا حقه عليكم.
وهنا نجد أنَّ ابن عباس -رضي الله عنهما- قد فَسَّرَ الأنداد بشيء أعظم، وهو الشرك الذي يخفى على الناس، ويسمى عند العلماء: الشرك الأصغر، ولكنها مبادئ للشرك الأكبر الذي عند أهل الجاهلية، فقال -رضي الله عنهما- فِي الْآيَةُ: (الْأَنْدَادُ: هُوَ الشِّرْكُ، أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ، عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ، فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ).
لو أنَّ نملة تمشي على هذه الطاولة، فهل يمكن أن نرى أثرها، حتى وإن كان معنا ضوء وقوة إبصار؟
الجواب: لا نرى الأثر بسهولة، ولكن لو مشت على التراب فيمكننا رؤية الأثر بالمكبرات، فما بالك لو مشت على حجر أملس وليس على تراب؟!
ما بالك لو مشت على حجر أملس أسود اللون في ظلمة الليل؟
نقول: كثير من الناس يظن أنه سليم وبعيد عن الشرك الأصغر، وهو في حقيقة أمره واقع فيه، لماذا؟ لأنه خفي، وقد وقع فيه من حيث لا يشعر.
وهذا الكلام من عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- فيه تحذير للمسلمين من هذا الشرك الخفي، والذي هو أخفى من دبيب النمل، على حصاة سوداء في ظلمة الليل.
(وَهُوَ أَنْ تَقُولَ) هو الآن سيذكر أمثلة على هذا الشرك الخفي، وهو أصغر، قال: (وَهُوَ أَنْ تَقُولَ: وَاللَّهِ، وَحَيَاتِكِ يا فُلَانَةُ، وَحَيَاتِي)، فقوله: (والله) ما فيها شي؛ لأنه أ بالله، ولكن لَمَّا قال: (وَحَيَاتِي) فقد أقسم بحياته هو، وهذا قسم بغير الله -عز وجل-، وكذلك لو أقسم وقال: (وَحَيَاتِكِ يا فُلَانَةُ) فقد أقسم بحياة الشخص.
قال: (وَتَقُولُ لَوْلَا كُلْبُهُ هَذَا لَأَتَانَا اللُّصُوصُ، وَلَوْلَا الْبَطُّ فِي الدَّارِ لَأَتَانَا اللُّصُوصُ)
بعد أن تكلم المؤلف في المثال الأول عن الحلف بغير الله، انتقل إلى المثال الثاني، فانتقل إلى ذكر السبب ونسيان المنعم، فمثال السبب مثل: مثال الكلب أو البط؛ لأنَّ الكلب معروف عند الناس أنه من أسباب الحراسة، ومن عادة البط أنه إذا جاء شخص وكان غريبًا، حتى وإن كان المكان مظلمًا فإنَّ البط يشعر به، ويصيح عليه.
فإذا جاء شخص غريب صاح البط، فعرف الناس أنَّ غريبًا قد قدم عليهم، وهذه آية من آيات الله؛ لأنَّ الله -عز وجل- هو الذي سخر هذه المخلوقات.
فلماذا نقول: (لَوْلَا كُلْبُهُ هَذَا لَأَتَانَا اللُّصُوصُ، وَلَوْلَا الْبَطُّ فِي الدَّارِ لَأَتَانَا اللُّصُوصُ) وننسى الله -سبحانه وتعالى الذي سخر لنا هذا؟!
ولذا كان الواجب علينا أن نشكر الله تعالى، ولا بأس بذكر الأسباب بعد ذلك.
قال: (وَقَوْلُ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَقَوْلُ الرَّجُلِ: لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانُ، لَا تَجْعَلْ فِيهَا فُلَانٌ).
قوله: (مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ) هذا نوع ثالث، وهو التشريك في المشيئة، أو في الأمر، أو في القضاء، ونحو ذلك. يعني مثلا: لو جاء عند السلطان وقال له:
أيها السلطان إن الأمر لله ولك.
أو قال: الأمر بمشيئة الله وبمشيئتك أيها السلطان.
فهذا يعد من الشرك الأصغر، وهو من المحرمات. والصحيح أن يقول: الأمر لله ثم لك، أو يقول: الأمر بمشيئة الله ثم بمشيئتك.
قال: (وَقَوْلُ الرَّجُلِ لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَانُ) وهذا قد مَرَّ معنا.
قال ابن عباس: (لَا تَجْعَلْ فِيهَا فُلَانٌ، هَذَا كُلُّهُ بِهِ شِرْكٌ) يعني: شرك بالله -عز وجل، وعلى هذا فقد وضح عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وهو ترجمان القرآن، أمثلة على أنواع الشرك الأصغر، وهو شرك الألفاظ، ونسبة النعم إلى غير الله -عز وجل-، ولهذا يجب علينا أن نحذر منها.
قال: (وَعَنْ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُول اللَّهِ قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ الْحاكِمُ)، وهذا دليل على أن حكم الحلف بغير الله: شرك وكفر، وقال العلماء: هو شرك أصغر. لماذا لا يقال: هو شرك أكبر؟
قالوا: لأنَّه قد وقع من بعض الصحابة حلف بغير الله، ولم يأمرهم النبي بتجديد إسلامهم، ولم يخبرهم بأنهم ارتدوا عن الإسلام، وإنما أمرهم أن بالاستغفار مما قالوا، وأن يقولوا: "لا إله إلا الله"، وأن لا يعودوا لذلك.
وهذا يبين لنا أن من الشرك ما هو أكبر، ومن الشرك ما هو أصغر، ومرجع هذا إلى معرفة النصوص الشرعية.
وقال العلماء أيضًا: "من حلف بغير الله مُعتقدًا أنَّ المحلوف به من المخلوقين في منزلة الله أو مساوٍ لله -عز وجل- أو أعظم من الله؛ فهذا شرك أكبر.
لماذا نقول هذا القول؟
إذا كان الأمر مرتبطًا باعتقاده، حتى وإن لم يحلف؛ فإنه يكون مشركًا الشرك الأكبر باعتقاده، وهذا صحيح، ولكن السبب أنَّ هذا الشيء يظهر عند الخصومات، في المحاكم، وعند القضاة، فكثير من الناس يُخبرنا عن نزاعات تقع بين بعض الناس، فإذا قيل له: احلف بالله تراه يحلف بالله كاذبًا ولا يبالي، مع أنَّ هذا لا يجوز؛ لأنه أمر بالشرك، فإذا قيل له: احلف بالشخص الذي تعظمه من الأولياء، فتجده يمتنع عن الحلف، لكونه يخاف من تسلط الولي عليه أو غير ذلك، وهنا ظهر مسألة الحلف، ولهذا نصَّ العلماء عليها هنا، وهذا حكمه أنه شرك أكبر، وليس شركًا أصغر.
نسأل الله العافية والسلامة.
وكان الحلف بغير الله مشهورًا في الجاهلية، حيث كانوا يحلفون بالآباء، ويحلفون بعيسى ابن مريم، ويحلفون بالأمهات، ويحلفون بالطواغيت، فنهاهم الرسول ، وقال: «مَنْ كانَ حالِفًا فليحلِفْ باللهِ أو ليصمتْ» ، وقال: «لا تحلِفوا بآبائِكُم، ولا بأمَّهاتِكُم، ولا بالأَندادِ، ولا تحلِفوا إلَّا باللَّهِ، ولا تحلِفوا إلَّا وأنتُمْ صادِقونَ» ، وقال: «مَن حلَفَ بشيءٍ دونَ اللهِ فقدْ أشرَكَ» .
والمقصود أنَّ هذا من الشرك الأصغر، إلا إذا قام بقلبه تعظيم للمحلوف به من دون الله، أو أنه أعظم من الله، أو يتصرف في الكون، فهذا شرك أكبر.
قال الشيخ -رحمه الله-: (وقال: ابْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: «لَأَنْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً أَحَبُّ إِلَيّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقاً»)، هذا أثر عظيم، يُبين لك أنَّ الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- قد حققوا التوحيد، وأنهم يعرفون أهمية التوحيد وعظم شأنه، وأنهم كانوا يفرقون بين التوحيد وبين بقية الواجبات، كما يفرقون بين الشرك بالله وبقية الكبائر.
وهنا ذكر ابن مسعود كبيرتين، الأولى: كبيرة فيها شرك، والثانية: كبيرة ليس فيها شرك، فبين أنَّ الكبيرة التي ليس فيها شرك أحبُّ إليه، يعني: أهون، وليس المعنى أنه سيفعلها، ولكن أهون عنده من الكبيرة التي فيها شرك. فقال: "لَأَنْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً أَحَبُّ إِلَيّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقاً"، فالصدق محمود ومحبوب، والكذب مذموم ومبغوض.
طيب الآن عندنا كلام صدق وكلام كذب. أيهما أحب إليك يا شيخ عمر؟
الناس جميًعا يحبون الصدق ويكرهون الكذب.
ولكن ماذا لو خالط الصدق حلف بغير الله تعالى، وخالط الكذب حلف بالله -عز وجل؟
نقول: الكذب يزداد إثمًا على إثمه إذا خالطه حلف بالله؛ لأنه يحلف بالله على كذب، فصار قوله أو فعله كبيرة من كبائر الذنوب. ومثال ذلك: موحد يحلف بالله، ويعظم الله، ولكنه كاذب، فهو آثم بكذبه، وآثم لَمَّا عظم الله بيمينه، وهو على الكذب.
النوع الثاني: الصدق محمود، ولكنه جمع بين الصدق والحلف بغير الله، فقال مثلا: "واللات والعزى لقد فعلت كذا" أو ما شابه، فهذا ما حكمه؟
هذا شرك مع أنه صادق فيه، وهذا معنى قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لَأَنْ أَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِباً أَحَبُّ إِلَيّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقاً"، فهذا يُبين لك معرفة الصحابة للتوحيد، وعظم شأنه عندهم -رضي الله عنهم وأرضاهم-.
قال: (وَعَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ قال: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).
لماذا نهانا الرسول عن ذلك؟
لأنه جاء في الحديث، لَمَّا جاء رجل وقال للنبي : «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ»، فقال له النبي : «أَجَعَلْتَنِي للهِ نِداً؟» وهذا تفسير لكلمة الأنداد، ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ، حتى الألفاظ «أَجَعَلْتَنِي للهِ نِداً؟ قُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ»، وهنا صرح النبي وقال: «لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانُ».
قال: (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ: "أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ. وَيَقُولُ: لَوْلَا اللَّهُ ثُمَّ فُلَانُ. وَلَا تَقُولُوا لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَان")
إذًا هذا يُؤكد ما سبق، فكان يكره «أَعُوذُ بِاللَّهِ وَبِكَ»، ما المقصود بالكراهة هنا؟
الكراهة إذا ذكرت في الكتاب والسنة، أو في كلام الصحابة والتابعين والمتقدمين من علماء هذه الأمة، فإنهم يريدون بها التحريم، أي: هو يرى تحريم هذا القول. لماذا هو حرام؟ لِمَا فيه من الشرك الأصغر، ولِمَا فيه من التسوية بين الله وبين المخلوق، وذلك لَمَّا قال: "أعوذ بالله وبك"، لكن يجوز أن تقول: "أعوذ بالله ثم بك". لماذا؟
لأنَّ "ثم" تدل على التراخي، والتأخير في الرتبة والمقام والمنزلة، فمقام الله أعظم، فلمَّا تعوذ بالله -عز وجل- فالله هو الذي يحمي ويحفظ، وهو الذي يقيمك، ويصرف شر الأعداء، وأمَّا المخلوق ما عنده إلا أسباب يسيرة جدًا، وحتى المخلوق بأسبابه التي يملكها فهو من خلق الله وتدبيره وتسخيره، ولهذا لَمَّا تستعيذ أنت بالله، فأنت تعبده -جل وعلا-، ولكن لَمَّا تستعيذ بالمخلوق، هل تكون عبادة للمخلوق؟
نقول: لا، لأنَّك تستعيذ بالمخلوق فيما يقدر عليه المخلوق، وهذا جائز؛ لأنه شيء متعلق بما يجري بين الخلق عادة، فمثلا أنت تستعيذ بمخلوق، وتقول: أعذني من شر هذا السارق، الذي يريد أن يهجم عليَّ بالليل، أنتم الشرطة وتستطيعون حمايتي. فهو يطلب منهم شيئًا يستطيعونه، أو تقول مثلا: هذا أسد سيهجم علي، أعذني منه، ويكون معه من يساعده على حمايته من الأسد، فهذا لا بأس.
وكذلك الاستغاثة، وقد تقدم أنَّ: الاستغاثة، والدعاء، والاستعانة، والاستعاذة، بالمخلوق فيما يقدر عليه، فهو جائز؛ لأنه في الأسباب التي جرت العادة بتمكن البشر من فعلها، وليس هو بغائب أو ميت، ولا فيما لا يقدر عليه إلا الله.
قال: (وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ. وَيَقُولُ: لَوْلَا اللَّهُ ثُمَّ فُلَانُ. وَلَا تَقُولُوا لَوْلَا اللَّهُ وَفُلَان")، وكل هذا يُبين أن هذه الألفاظ يجب أن تقيد، ولا يطلق لها العنان، فمما يُعِينك على هذا أن تتعلم هذه الأحكام الشرعية، وأن تتعلم ما ورد في الكتاب، وما ورد في السنة، وما ورد عن السلف -رحمهم الله تعالى-.
ثانيا: أن تقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ» . "اللَّهُمْ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحَاً وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِكَ خَالِصَاً وَلا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئَاً".
ثالثا: أن تحذر من الألفاظ الشركية كما مر معنا، وهذه أمثلتها.
رابعًا: أن تعرف خطورة هذه الألفاظ ولا تتساهل فيها، لأن بعض الناس يتساهل ويحلف بالنبي أو بالنعمة، فيعرف خطورة هذه الألفاظ، وأنها من اتخاذ الند، كما قال ابن عباس في قوله: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:22] قال: هو كذا وكذا، فسمى هذا ندًا.
فإذا عرفنا هذا، وعرفنا أنه داخل في النهي الذي قال الله -عز وجل- فيه: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:22]، اتقيناه وابتعدنا عنه.
وفي هذا أيضا أننا نعرف طريقة الصحابة والسلف، يعني: كما مر معنا الآن من كلام مجاهد، وكلام عون بن عبد الله، وكلام ابن قتيبة في الباب الذي قبل هذا، والآن في هذا الباب مَرَّ معنا أقوال متعددة: لابن عباس -رضي الله عنهما-، وكذلك لابن مسعود -رضي الله عنه-، وكذلك لإبراهيم النخعي، وكذلك رواة الأحاديث.
إذًا طريقة السلف الصالح هي: تحقيق التوحيد، والبعد عن الشرك، وإذا كان الأمر هكذا فإننا سنصل إلى نتيجة أخرى مهمة جدًا، وهي عند كل من يعرف هذه الأمور، فإذا نُهي عن هذه الألفاظ مع أنها -كما يرى بعض الناس- أنها تخرج بغير قصد وكذا، ومع ذلك حُكم عليه بالشرك الأصغر، وأنها أنداد، وأنها كذا، وهذا حكم الصحابة كما مر معنا. فما بالك بمن يستغيث بالأموات، ويهتف بأسمائهم، ويرجوهم، ويطلب منهم الحاجات والمدد، أو يطلب منهم الدعاء؟
هذا لا شك أنه مخرج من ملة الإسلام، نسأل الله العافية والسلامة.
هذا ما يتعلق بهذا الدرس، ونسأل الله -جل وعلا- أن يجعلنا ممن حقق التوحيد، وسلم من الشرك كله، كبيره وصغيره، خفيه وعلنه، إنه -سبحانه وتعالى- هو الذي يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين.
نسأل الله أن يحفظنا بحفظه، وألا يشمت بنا الأعداء والحاسدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
{أحسن الله إليكم شيخنا، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والشكر موصول لكم أعزاءنا المشاهدين، على أمل باللقاء بكم في حلقة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
 

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك