الدرس السادس

فضيلة الشيخ أ.د. فهد بن سليمان الفهيد

إحصائية السلسلة

12803 18
الدرس السادس

كتاب التوحيد 3

{بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أهلاً وسهلاً بكم أعزاءنا المشاهدين، في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) نشرح فيها متن (كتاب التوحيد) لإمام الدعوة الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ الدكتور فهد بن سليمان الفهيد، أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ}.
حياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين والمشاهدين، ونسأل الله -جل وعلا- للجميع العلم النافع والعمل الصالح.
{وقفنا أحسن الله إليكم عند (بَاب قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ.. ﴾)}.
نعم، تفضل.
{قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾ [النساء:60-61]، وقولُهُ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُم لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ ، وقولُهُ: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ ، وقولُهُ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرُو -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكَونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» قال النَّوَوِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رُوِّينَاهُ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وقال الشَّعْبِيُّ: "كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَرَجلٌ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ، فَقال الْيَهُودِيُّ: نَتَحَاكَمُ إِلَى مُحَمَّدٍ -عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ-.
وَقال الْمُنَافِقُ: نَتَحَاكَمُ إِلَى الْيَهُودِ -لِعِلْمِهِ أَنَّهُم يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ- فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَا كَاهِناً فِي جُهيْنَةَ فَيَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ؛ فَنَزَلَتْ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ الْآيَةَ.
وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا، فقال: أَحَدُهُمَا: نَتَرَافَعُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وقال: الْآخَرُ: إِلَى كَعْبٍ بنِ الْأَشْرَفِ.
ثُمَّ تَرَافَعَا إِلَى عُمَرَ -رضي الله عنه-، فَذَكَرَ لَهُ أَحَدهُمَا الْقِصَّةَ، فَقال لِلَّذِي لَمْ يَرْضَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَكَذَلِكَ؟! قال: نَعَمْ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ؛ فَقَتَلَهُ")
}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعد، فيقول الشيخ الإمام المجدد/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-: في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء:60]) يبين -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة شأن المنافقين، ويذمهم -جل وعلا- على ما وقع منهم، وما زعموه من الإيمان، وحالهم التحاكم إلى الطاغوت، والتحاكم إلى الطاغوت كفر بالله، ورد لشرع الله -عز وجل-، وعدم إيمان به، فكيف يقولون: نحن نؤمن بالله، وإذا جاء شرع الله لا يقولون به، ولا يريدونه، بل يريدون غيره؟! أين الإيمان بالله؟
ولهذا بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أنَّ الواجب هو الكفر بالطاغوت، والتحاكم إلى شرع الله -عز وجل-، فإنَّ هذا من مُقتضى الإيمان بالله، لَمَّا يؤمن المؤمن بالله -عز وجل-، ويؤمن برسوله محمد ﷺ؛ فعليه أن يقبل شرعه، وأن يقبل دينه وأحكامه -جل وعلا-، وأن يقبل ما جاء به رسوله ﷺ.
وهذه الآيات الكريمات نزلت في هؤلاء المنافقين، الذين ذمهم الله -عز وجل- لَمَّا تحاكموا إلى كفرة اليهود، وتركوا حكم الرسول ﷺ، أو تحاكموا إلى الطواغيت الأخرى غير اليهود، من الكهان والوثنيين وغيرهم، وتركوا حكم الشرع، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ﴾ [النساء:60].
إذًا القرآن والسنة جاء فيهما الأمر بالكفر بالطاغوت، ﴿وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ﴾ ، فالكفر بالطاغوت من مُقتضى الإيمان بالله، قال تعالى في سورة البقرة: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:256]، وقال تعالى: ﴿وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ ، وهذا الضلال البعيد هو بالتحاكم إلى الطاغوت، وإلى غير شرع الله -عز وجل-.
والطاغوت على وزن "فعلوت"، وهو مأخوذ من "الطغيان"، طغى، يطغى، فهو طاغٍ، وصيغة المبالغة من الواحد الطاغي هو: الطاغوت، وأحسن التعريفات المذكورة في معنى الطاغوت: هو كل ما تجاوز به العبد حده من: معبود، أو متبوع، أو مُطاع. فمن تجاوز حده وهو عبد، أي: يجب أن يتعبد لله، وهو مملوك لله، أي: يجب أن ينقاد لله -جل وعلا- وأن يتعبد بشرعه، وإذا تجاوز هذا الحد فقال: أنا لست مملوكًا، أنا أتصرف، أنا أشرع، فقد تجاوز حده. ولهذا فكلمة الطاغوت مأخوذة من: "طغى"، والطغيان هو: الزيادة، فـ "طغى الماء" أي: زاد، وإذا طغى العبد، أي: زاد عن حده، وخرج عن وصف العبودية لله؛ صار طاغوتًا.
والطواغيت كثيرون، ومرجعهم إلى شياطين الإنس والجن، وأعظم الطواغيت هو: إبليس -لعنه الله-، وكذلك كل من عُبِدَ وهو راضٍ، وكذلك من دعا إلى عبادة نفسه، وكذلك الساحر والكاهن، وكذلك من حكم بغير ما أنزل الله عالِمًا متعمدًا. فهؤلاء جميعًا هُم الطواغيت، ولا يجوز أن يكونوا هم المرجع، لا إبليس، ولا شياطين الإنس والجن، ولا الكهان وأتباعهم، ولا غيرهم، أي: لا يجوز أن يكونوا هم المرجع في معرفة الأحكام عند التنازع، فإذا تنازع الناس؛ فإنهم يحتاجون إلى من يفصل بينهم، وكل مجموعة من الناس لهم قائد لا بد أن يحدث بينهم نزاعات في الدماء، أو في الأموال، أو غير ذلك، فإذا حدثت النزاعات ما الفاصل الذي يفصل بينهم؟ ما هو المرجع؟
هنا يظهر الإيمان من الكفر من النفاق، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾ [النساء:60-61] لا يريدون ما أنزل الله، ولا يريدون ما جاء به الرسول ﷺ، بل يصدون عنك صدودا، ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا﴾ [النساء:62]، هذا عذرهم، ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ [النساء:63-64]، أي أنَّ هذا في وقت وزمن الرسول ﷺ، ولو أنَّ هؤلاء المنافقون جاؤوا إلى النبي ﷺ وقت حياته وقبل موته، واعتذروا عن خطأهم، وطلبوا العفو منه عما بدر منهم، واستغفروا الله -عز وجل-، لصفح عنهم، وسيجدون الله توابًا رحيمًا، ولدعا لهم الرسول ﷺ بخير. ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:64-65].
وهذا أصل عظيم مذكور في كلام الله -عز وجل- وكلام رسوله ﷺ، وقد عقد الشيخ -رحمه الله تعالى- هذا الباب؛ ليبين وجوب التحاكم إلى شرع الله، والحذر من التحاكم إلى الطواغيت؛ لأنَّ هناك من يتحاكم إلى العرافين، أي يجعل العراف حكمًا، وهناك من يتحاكم إلى السحرة والكهنة، وهناك من يتحاكم إلى أعراف عند القبائل، ويسمونها "السُلُوم"، وهي جمع: "سَلْم"، يقول: سَلْمنا أي: عرفنا، أو كنا نفعل كذا وكذا، فإذا زنا أحدهم بامرأة فيقولون: نأخذ منه حق عشرين شاة، ويذبح كذا وكذا، ويدفع كذا وكذا! فإذا قيل من أين هذا؟ قالوا: هذا سَلْمُنا.
بينما في قبيلة أخرى تجد أن عندهم سلم آخر وعرف آخر، فإذا حدث عندهم مثل هذه النزاعات والمشاكل والأمور، فإنهم يحكمون بينهم بحكم الطواغيت، بحكم العادات العشائرية، أو بهذه القوانين الوضعية التي وضعها البشر، وهي مضادة ومخالفة لحكم الله -عز وجل-، مثل القانون الذي يقول مثلا: "إذا زنا الرجل بامرأة برضاهما فلا شيء عليهما؛ إذا ما كان قد بلغا السن القانوني، وهذا قانون مخالف لشرع الله، ويجب عليهم أن يتوبوا منه، وأن يعملوا على تعديله، ولا يجوز التحاكم إليه أو الرضا به.
أو كحال من يقول: السارق لا يمكن أن تقطع يده؛ لأنَّ قطع اليد صورة وحشية، وجلد شارب الخمر من صور الرجعية والتخلف، ولذا نقول: يجب تعظيم كلام الله، وكلام رسوله ﷺ مع الإيمان به، وألا نرضى بمثل هذه الأحكام الباطلة المخالفة لشرع الله.
ومن صور ما يفعله الطواغيت، ومن يتحاكم إلى الطواغيت: الرشوة، والحيل، والتحريف لشرع الله -عز وجل-، كما يفعل المنافقون واليهود.
وأقول لكم قصة وقعت في زمن النبي ﷺ لليهود، حيث رُفع إلى النبي ﷺ رجل وامرأة قد وقعا في الزنا، فسأل: ما الحكم في التوراة؟ قالوا: إنا نجد في التوراة أن نُسود وجهيهما بالفحم، ونطف بهما في الأسواق. فسأل هل هذا في التوراة؟ قالوا: نعم. فقال: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران:93]، فجاءوا بألواح التوراة عند الرسول ﷺ، وكان من الحاضرين عند النبي ﷺ بعض الصحابة، ومنهم عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- وكان من علماء اليهود، وقد مَنَّ الله عليه بالإسلام، فقال: اقرأ، فقرأ فوضع يده على آية الرجم -يريد إخفاءها عن الرسول ﷺ- فقرأ ما قبلها وقرأ ما بعدها، فقال عبد الله بن سلام لليهودي: ارفع يدك، فإذا آية الرجم بينة تلوح ظاهرة، فهذا ممن يحكم بالطواغيت، وهذا الفعل من حكم الطاغوت، يحرفون أدلة الشرع ويخفونها، ويظنون أنهم بذلك يسلمون من عقاب الله.
والواجب على جميع المسلمين التحاكم إلى شرع الله، والواجب على جميع حكام المسلمين أن يحكموا بينهم بشرع الله، والواجب على علماء المسلمين أن يتعاونوا مع ولاة أمورهم حتى يُحكم بينهم جميعًا بشرع الله -عز وجل-، ويدعون ولاة الأمور للتوفيق لهذا الأمر العظيم.
ومن نعمة الله علينا في هذه البلاد -السعودية أعزها الله وحرسها- أنها تَحكم بشرع الله منذ نشأتها، والمحاكم الشرعية في كل بلدة ومدينة ومنطقة، يُحكم بين الناس في نزاعاتهم بما قال الله، وبما قاله رسوله ﷺ، ويتولى ذلك القضاة الشرعيون المؤهلون في دراسة شرعية كافية ولله الحمد.
ولا صلاح للعباد والبلاد إلا بأن يحكم بينهم بشرع الله -عز وجل، ولهذا أورد الشيخ الآية بعد ذلك فقال: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة:11-12]، و (قولُهُ: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف:56]).
إذًا إصلاح الأرض يكون بماذا؟
يكون بالتوحيد، وبالإسلام، وبإقامة شرع الله -عز وجل-، والحذر من التحاكم إلى غير شرعه.
قال: (وقولُهُ: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة:50])، الجاهلية منسوبة إلى الجهل، ومعنى حكم الجاهلية: أي الحكم الذي كان قبل الإسلام، ويدخل في ذلك ما عليه كفرة اليهود، وما عليه كفرة النصارى المبدلين لشرعهم، وما عليه الوثنيون من مشركي قريش وغيرهم.
كيف كانت أحكامهم؟
كانت أحكامهم جاهلية باطلة، لا تسأل عن شدة الأغلاط والانحرافات، والظلم والإساءة في تلك الأحكام الطاغوتية الشيطانية التي كانت قبل الإسلام، ولهذا تتضمن هذه الأحكام الجاهلية، الظلم، واستمرار الثأر، واستمرار القتل بين الناس، وتتضمن كذلك إيقاد القلوب بالعداوات والإحن، وإفساد الأنساب، والعلاقات الاجتماعية بين الناس وبين الدول.
وهناك أمور أشد منها تتضمنها الأحكام الجاهلية، ولهذا قال الله -عز وجل- على وجه الاستفهام الاستنكاري ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ ؟ ثم قال: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ، أي: لا يوجد حكم أحسن من حكم الله أبدًا؛ لأن أحكام الله -عز وجل-، وأحكام الشرع المطهر مطهرة، وكلها في غاية العدل، وتحقيق المصالح، ودرء المفاسد، وحفظ الحقوق، وصيانة الأنساب والأعراف، وصيانة الدماء، وصيانة الأموال، والرعاية للعلاقات الاجتماعية. فهي مشتملة على كل خير، ودافعة عن الناس كل شر -ولله الحمد-.
فكيف يرضى الإنسان بحكم الجاهلية؟ فمن رضيه فهذا -والله- قمة السقوط والانحراف والخسارة والهلاك، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ .
ثم قال: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرُو -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكَونَ هَوَاهُ تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ») يعني: لا يؤمن الإيمان الواجب، «حَتَّى يَكَونَ هَوَاهُ» والهوى: شي داخلي، وهو الميل والإرادة والقصد، «تَبَعاً لِمَا جِئْتُ بِهِ» أي: تبعًا لِمَا جاء به النبي ﷺ، يعني: أن يكون في قلبه حب لحكم الرسول ﷺ، وحب لأوامر الرسول ﷺ، ومعرفة أنها خير عظيم، وهدى مطلق، فلا يمكن أن يكون في أوامر الرسول ﷺ أو تشريعاته شيء مكروه أبدًا، بل حتى الأمور الشاقة الصعبة؛ فإنها -ولله الحمد- تتضمن من المصالح والمحاسن والخيرات، ما لا يقاس، ولا يقارن بما فيها من صعوبات.
ولذلك جاءت الشريعة بتحقيق المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها ودفعها أيضًا، وهذا الحديث تكلم بعض العلماء في سنده، وهو من أحاديث الأربعين النبوية، وقد شرح ابن رجب الحنبلي الحديث شرحًا جيدًا يناسب الرجوع إليه لمعرفة فوائد هذا الحديث العظيم.
قوله: (وقال الشَّعْبِيُّ: "وقيل نزلت") يسمى سبب النزول، وهذا علم عظيم من علوم التفسير، ويسمى علم "أسباب النزول". وأسباب النزول، أي: عندما ترد آية أو أكثر أو سورة أيضا، ويكون في وقت نزولها لها سبب؛ فإنَّ العلماء يذكرون هذه الأسباب.
وأسباب النزول للآيات أو للسور قد جمعها العلماء في كتب، ومنها ما هو صحيح، ومنها ما هو فيه ضعف، ومنها وما هو غير صحيح على الإطلاق، ولكن هذه الأسباب جرت عادة المفسرين وأهل العلم على التسامح فيها؛ لأنها تُعين على فهم المعنى، ولكنهم لا يجعلونها حُجة في أحكام شرعية إذا ضعف سندها، ولذلك كانت طريقة المفسرين هي: إيراد هذه الأسباب، ومن هنا أتى الشيخ -رحمه الله- بهذين الأثرين لِمَا فيهما من الإعانة على فهم الآية، وليس احتجاجًا من المؤلف بأحاديث ضعيفة، فإن المؤلف قال: (وقيل) وقيل: أي بصيغة التمريض، والتي تدل على أنَّ العالم يعلم أن ذلك فيه ضعف، فالعالم لا يستخدم ألفاظ: "قيل، أو روي، أو نُقل" إلا لِمَا فيه ضعف، ولكن هل معنى هذا أنه لا يستفاد منه؟
الجواب: لا، بل يستفاد منه لفهم المعنى؛ ولأنَّ هذا مسلك سلكه أهل العلم قديمًا وحديثًا. إذًا ما الذي ذكر في سبب النزول؟
الشعبي، هو عامر بن شراحيل، وهو تابعي -رحمه الله-، وهو لم يدرك الصحابة كلهم، وتوفي بعد المائة، ولكن أدرك عصر أوساط الصحابة، وربما أدرك عصر عثمان -رضي الله عنه-؛ لأنه ولد في سنة عشرين من الهجرة تقريبًا.
يقول: ("كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَرَجلٌ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ")، إذًا المنافق يظهر الإسلام، ويظهر أنه مع النبي ﷺ. ("وَرَجلٌ مِنَ الْيَهُودِ خُصُومَةٌ، فَقال الْيَهُودِيُّ: نَتَحَاكَمُ إِلَى مُحَمَّدٍ، عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الرِّشْوَةَ") اليهودي أراد أن يتحاكم إلى النبي ﷺ؛ لأنه يعلم أنه لا يظلم؛ ولأنه علم أنَّه لا يأخذ الرشوة، بينما (الْمُنَافِقُ قال: نَتَحَاكَمُ إِلَى الْيَهُودِ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُم يَأْخُذُونَ الرِّشْوَةَ).
(فَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْتِيَا كَاهِناً فِي جُهيْنَةَ فَيَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ) أي أنهما اتفقا على ألا يحتكمان للنبي ﷺ ولا إلى اليهود، وإنما يحتكمان إلى كاهن في جهينة، وجهينة هي قبيلة، وكان في قبائل العرب قبل الإسلام كهان، والكهان يحكمون ويقضون بينهم بأحكامهم.
إذًا نفهم من هذا معنى الطاغوت، وهو: التحاكم إلى الكهان.
قال: (وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا، فقال: أَحَدُهُمَا: نَتَرَافَعُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وقال: الْآخَرُ: إِلَى كَعْبٍ بنِ الْأَشْرَفِ.
ثُمَّ تَرَافَعَا إِلَى عُمَرَ -رضي الله عنه-، فَذَكَرَ لَهُ أَحَدهُمَا الْقِصَّةَ، فَقال: لِلَّذِي لَمْ يَرْضَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَكَذَلِكَ؟!")
يعني: ألم ترض بحكم الرسول ﷺ؟ (قال: نَعَمْ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ؛ فَقَتَلَهُ)، ومثل هذا -والله أعلم- فيه ضعف؛ لأنَّ الشيخ قال: (وقيل) لماذا؟ لأنَّ عمر -رضي الله عنه- لا يتصرف بالقتل دون إذن الرسول ﷺ، وذلك لأنَّ عمر كان أعظم الناس تمسكًا بالسُّنة، وتمسكًا بهدي النبي ﷺ.
ولكن المقصود: أن هاتين القصتين لا يثبتان جهة السند لهما، ولكن يُستفاد منهما المعنى العام، وهو أنهم يتحاكمون إلى اليهود أو إلى الكهان، أو لمن يأخذ الرشوة، وهذا كله من أحكام الطواغيت، فإذا عرفنا هذا؛ عرفنا أنه يجب الحذر من هذه المسالك، وأن نرضى بشرع الله وحكمه، وأن نفرح بما يسر الله -عز وجل- لنا من وجود المحاكم الشرعية.
ونسأل الله -جل وعلا- أن يزيدنا من الخير والنعمة، وأن يُعيذنا من الشر والنقمة، ونسأل الله لجميع بلدان المسلمين التوفيق للحكم فيما بينهم بشرع الله -عز وجل-.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئاً مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد:30].
وفِي صَحِيحِ البُخَارِيّ: عَنْ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ ُيكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!".
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرَ، عَنِ ابنِ طَاوُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً أَنْتَفَضَ لَمَّا سَمِعَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الصِّفَاتِ؛ اسْتِنْكَاراً لِذَلِكَ، فقال: مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ؟ يَجِدُونَ رِقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ، وَيَهْلَكُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ" انْتَهى.
وَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ الرَّحْمَنَ؛ أَنْكَرُوا ذَلِكَ؛ فَأنَزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَهُمْ يكَفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد:30])
}.
قال الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى-: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئاً مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) هذا باب عظيم عقده الشيخ -رحمه الله-؛ ليبين أنَّ من الإيمان بالله، ومن توحيد الله -عز وجل- وتعظيمه، أن تؤمن بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق بالله، كما ورد في كتاب الله، وفي سنة رسوله الثابتة عنه ﷺ.
فالمؤمن يجب عليه أن يُثبت وأن يقرَّ وأن يؤمن بجميع الأسماء التي سمى الله بها نفسه، أو التي سماه بها رسوله ﷺ، ويؤمن أيضًا بجميع الصفات التي وصف الله -عز وجل- بها نفسه، أو وصفه بها رسوله ﷺ، من غير تحريفٍ، ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييفٍ، ولا تمثيلٍ.
والتعطيل هو الجحد، ولذلك قال المؤلف: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئاً مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ). ما حكم من جحد شيئًا من الأسماء والصفات؟
الشيخ لم يبين الحكم هنا، وإنَّما أطلق، فقال: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئاً مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) كيف جحد؟ يعني: أنكر أو عطل.
من الذي يجحد الأسماء أو بعضها أو الصفات؟
يفعل ذلك أهل التعطيل، والجهمية، والمعتزلة، وكذلك من سار في ركابهم من أهل الباطل. ومعنى جحد أي: أنكر وكذب وقال: لا أثبت هذا، والجحود هو الإنكار لِمَا جاء في الكتاب والسنة من أسماء الله -عز وجل- وصفاته.
ما حكم الجحد؟
الجحد الصريح كفر بالله، وخروج من ملة الإسلام.
ما مثال الجحد؟
مثاله كمن يقول: إنَّ الله -عز وجل- لا يسمى السميع، أي أنَّ السميع ليس من أسمائه سبحانه، والرحمن ليس من أسمائه، والرحيم كذلك ليس من أسمائه، فمن قال هذا فقد جحد شيئًا من الأسماء والصفات، ومن نفى الأسماء كلها فقد جحد أسماء الله الحسنى، ومن نفى الصفحات فقد جحدها كذلك؛ لأنَّه إذا نفى ذلك صراحة فهذا معناه أنه عارض القرآن وعارض السنة، فهذا ليس بمؤمن وليس بموحد لله -عز وجل-.
قال: (وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ ) هذه الآية الكريمة في سورة الرعد، وسبب نزولها أنَّ النبي ﷺ في صلح الحديبية أمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كتابة وثيقة الصلح -صلح الحديبية-، وقال لعلي: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم»، فقال المشركون -والنائب عنهم سهيل بن عمرو-: "إنَّا لا نعرف الرحمن، ولا نعرف إلا رحمن اليمامة، اكتب باسمك اللهم". هل هم جحدوا أو لم يجحدوا؟
هم جحدوا، فأنزل -سبحانه وتعالى- قوله: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ .
فإذا جاء رجل يتظاهر بالإسلام، وقال: لا نسمِّ الله "الرحمن"، ولا نسميه "الرحيم"، فهذا كافر، وهذا معنى قول المؤلف: (بَابُ مَنْ جَحَدَ شَيْئاً مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ).
وكذلك الجهمية، ومن شابههم من المعطلة، كلهم على هذا المنهج الذي عليه المشركون، فإنهم يقولون: هذه الأسماء ليست لله، ولا يسمَّ الله بها، بل هي من قبيل المجاز، ولذلك كانت أخبث الفرق والطوائف في هذا هي: الجهمية؛ لأنَّهم نفوا أسماء الله وصفاته كلها، وعطلوا الله -عز وجل- عن الأسماء والصفات، وأخذوا يحرفون الكلم عن مواضعه، ثم يليهم في الضلال المعتزلة، الذين أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات، فقالوا: إنَّ الله سميع، ولكن بلا سمع، وبصير بلا بصر، وهكذا في جُرأة وقبح وضلال عظيم، فهم جحدوا الصفات وأنكروها.
وشابه هؤلاء: الأشاعرة، والمَاتُريدِيَّةُ، وغيرهم ممن تأثر بهم وسلك سبيلهم، فأثبتوا الأسماء، وأثبتوا بعض الصفات وأنكروا بعضها، بالتحريف والتأويل وليس الجحود الحقيقي، والواجب على كل مسلم ومسلمة أن يتبع منهج الصحابة، والتابعين، وأتباعهم بإحسان، وسلف هذه الأمة، الذين آمنوا بأسماء الله وصفاته، من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ويمرون آيات الصفات ويقبلونها كما جاءت، من غير كيف، أي: لا يكيفون، ولا يفسرونها بالتفسيرات الباطلة، والتي هي تحريف وتبديل وتلاعب بالكلم، فهذا تحريف للكلم عن مواضعه.
ولا يتخيلون -وهذا يسمى التكييف- أي: لا يتخيلون بعقولهم، يقول صفة الله كذا، وكيفية صفته كذا وكذا، وهذا من أعظم الباطل، وهو قول على الله بغير علم.
ولا يمثلون الله، فيقولون: يد الله مثل يد المخلوق، أو وجه الله مثل وجه المخلوق، أو علم الله وسمعه مثل علم المخلوق وسمعه، فهذا كفر بالله، قال نعيم بن حماد الخزاعي -رحمه الله-: "مَنْ شَبَّهَ الله بخلقهِ فقد كَفَر، وَمَنْ نَفَى ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله -عز وجل- به نفسه تشبيه ولا تمثيل". فأبطل التمثيل والتشبيه، وأبطل النفي والتعطيل، ثم بَيَّنَ أن ما جاء في الكتاب والسنة ليس فيه تشبيه ولا تمثيل.
قال: (وَقَوْلِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ [الرعد:30]).
فالله -سبحانه وتعالى- هو الرحمن الرحيم، وهو ربنا وإلهنا، نتوب إليه ونستغفره، ونرجع إليه، له الأسماء الحسنى، قال تعالى في سورة الإسراء: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء:110]. فإذا قلت: يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا سميع، يا عليم، أنت تنادي إلها واحدًا لا شريك له، هذه أسماؤه، وتعدد الأسماء لتعدد الكمالات والأوصاف، ولتعدد الجلال والعظمة، الذي قد وصف الله -عز وجل- به نفسه، وأمَّا المعبود المسمى فهو إله واحد لا شريك له.
وعلى كل مسلم أن يحذر من شبهات المبتدعة، وشبهات الزائغين، وشبهات أهل الباطل، ولا يلقي سمعه إليها، وأن يسلك مسلك الصحابة والتابعين لهم بإحسان -رضي الله عنهم وأرضاهم-، وهذا المسلك موجود ومحفوظ، انظر في صحيح البخاري ستجده، كتاب التوحيد وغيره، كتاب التفسير في صحيح البخاري، ستجد كلام الصحابة والتابعون.
كيف تترك هذا الكلام وتذهب إلى كلام المتكلمين الذين يجادلون بالباطل، وهم أهل أهواء؟
تجده أيضًا في صحيح مسلم، في المقدمة، وتجده أيضًا في سنن أبي داود، حيث وضع كتابًا اسمه: "كتاب السنة" وهو في آخر سنن أبي داود في المجلد الخامس.
وتجد في سنن الترمذي أبوابًا متفرقة في الاعتقاد، وصرح فيها بعقيدة أهل السنة والجماعة.
وتجد في سنن النسائي، كتابا سماه: "كتاب النعوت"، وتجد في سنن ابن ماجه في المقدمة "الرد على الجهمية وبيان طريقة أهل السنة"، وتحد في سنن الدارمي في مقدمته تقرير مذهب أهل السنة والجماعة، وتجد كلام البخاري في صحيح البخاري، وفي كتابه المشهور: "خلق أفعال العباد، والرد على الجهمية وأصحاب التعطيل"، وتجد كلام الصحابة، والتابعين، والأئمة.
كيف تترك كل هؤلاء وتذهب إلى المتكلمين، الذين ضيعوا حياتهم بعلم الكلام والمنطق والجدل، وضيعوا من تابعهم وسار في ركابهم؟! نسأل الله السلامة والعافية.
قال -رحمه الله-: (وفِي صَحِيحِ البُخَارِيّ: عَنْ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- قَالَ: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ ُيكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!"، وفي لفظ للبخاري: أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟).
هذا معناه أن المحدث الذي يحدث الناس، أو الواعظ أو حطيب الجمعة، عليه أن يأتي بالألفاظ التي يعرفها الناس، ولا يأتي بالألفاظ التي لا يعرفونها، والناس يعرفون ما في كتاب الله وفي سنة رسوله ﷺ، فهو محل قبول، ولكن إذا قابل العجم أو قابل من لا ينطق العربية، فيتدرج معه لصعوبة الكلمات عليه،
وفي زمن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- كانت الفتوحات الإسلامية، وكانت الجيوش الإسلامية قد وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، ودخل كثير من الناس في دين الله أفواجًا، فالعرب لهم أساليبهم، واللغة العربية فضيحة جدًا، فإذا أرادوا الكلام مع غير العرب، فلربما فهموا غير ما يريد، فـ ("حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ) يعني بما كان سهلا سمحًا عليهم، حتى تقترب المعاني الصحيحة من أذهانهم، ولا تكون المعاني الباطلة هي التي تتشكل في تصوراتهم، بسبب الغلط في الترجمة، والغلط في الأساليب.
بل حتى العرب يتفاوتون في الأساليب والطرق اللغوية، ولذلك يحتاج الحدث والواعظ إلى أن يتعرف على أحوال الناس، ولهجاتهم، وما يتكلمون به.
ومن باب التقريب والمثل أذكر أن الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كان يكتب كتبًا ويرسل بها إلى البادية والحاضرة، وعلى سبيل المثال تجد أن من الكتب التي أرسلها كتاب: "الأصول الثلاثة"، وهو كتاب عظيم، وفيه: "فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله"، وفي بعض الرسائل التي أرسلها للبادية قال: فإذا قيل لك وش ربك؟، وذلك لأنَّهم لا يفهمون "من ربك؟"؛ لأنها تعسر عليهم، وتحتاج إلى تدريب وتعليم، بينما "وش ربك" يفهمونها بسرعة، وهي تؤدي نفس معنى: "من ربك؟".
ولذلك فعلى المحدث والواعظ أن ينتبه إلى الأساليب التي يتكلم بها مع الناس، واللهجات واللغات، ولا بد أن يكون حديثه سمحًا سهلاً، حتى يصل المعنى الصحيح الموافق للكتاب والسنة في ذهنه، ولا يتصور معان باطلة، فمثلاً إذا جئت عند بعض العجم الذين أسلموا حديثًا وهم لا ينطقون حرفًا واحدًا باللغة العربية، ثم ترجمت لهم بعض النصوص، وفيها أسماء وصفات لله -عز وجل-، قد يسبق إلى أذهانهم ما لا يليق، ولذا عليك ضرورة معرفة كيفية مخاطبة هؤلاء حتى يفهموا المعنى الصحيح، وهذا يدل على أنَّ من يحدث الناس لابد أن يكون عنده الدربة والأهلية الكافية، خاصة إذا كان فيها ترجمة، أو نقل للكلام، أو اختلافٍ في أفهام الناس.
قال: (وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ) هو عبد الرزاق الصنعاني.
(عَنْ مَعْمَرَ) هو معمر بن راشد، وهو شيخ عبد الرزاق الصنعاني.
(عَنِ ابنِ طَاوُوسَ) أي: عن عبد الله بن طاووس.
(عَنْ أَبِيهِ) أي: عن طاووس بن كيسان اليماني، وطاووس من تلاميذ ابن عباس.
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً أَنْتَفَضَ لَمَّا سَمِعَ حَدِيثاً عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الصِّفَاتِ؛ اسْتِنْكَاراً لِذَلِكَ) أي أنَّ هذا الرجل استنكر الصفات، فماذا فعل ابن عباس؟
غضب ابن عباس على الرجل، وقال: (مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ؟ يَجِدُونَ رِقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ، وَيَهْلَكُونَ عِنْدَ مُتَشَابِهِهِ" انْتَهى)، وقوله: (مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ؟) يعني: ما الذي جعلهم يجزعون؟ ما الذي جعلهم يرتابون؟ ما الذي جعلهم يستنكرون؟
الواجب عليهم ألا يستنكروا أو يستغربوا أو يستكبروا على النصوص؛ لأنَّها حق، فهي كلام الله، وكلام الوحي من الله حق ولا يمكن أن يسبب لك الاستنكار.
فمن أنت حتى تستنكر؟ إنما أنا وأنت والناس جميعا خلق من خلق الله تعالى، ولذا وجب علينا أن نعظم هذا الوحي، وأن نؤمن به تمامًا، وألا نجادل فيه، فهذا يعجبني وهذا لا يعجبني.
قال: (مَا فَرَقُ هَؤُلَاءِ؟ يَجِدُونَ رِقَّةً عِنْدَ مُحْكَمِهِ)، أي إذا سمع آيات الوعيد والجنة والنار؛ بكى، وتأثر، ورق قلبه. بينما إذا جاءه الخبر عن الله استنكر، أو أخذ يمثل الله بخلقه ويتخيل صورته.
نقول: تعوذ بالله من الشيطان، وَآَمِنْ بما أخبر الله -عز وجل-، وهذا يبين لك أنَّ الشيطان يدخل على الإنسان، بل حتى في زمن الصحابة هلك أناس في هذا المقام، بل حتى في زمن الصحابة هناك من الناس من يستمعون للصحابة، ويتظاهرون بشيء من الرقة، ويأتيهم عند الآيات المتشابهة. ما معنى المحكم والمتشابه؟
المحكم والمتشابه إذا ذكرا سويًا، فالمراد بالمحكم الواضح المعنى، البين الدلالة، الذي لا يحتمل أكثر من معنى. وأمَّا المتشابه فهو ما يحتمل أكثر من معنى، ويخفى معناه على بعض الناس دون بعض.
مثال: قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة:228]، ما المراد بالقرء هنا؟
قد يقول بعض الناس: لا أدري، وقد يقول بعضهم: القرء هو الحيضة، وقد يقول آخرون: القرء هو الطهر.
إذًا هنا اشتبه عليه ولا أُحكِمَ لديه هو؟ اشتبه عليه وخفي عليه المعنى، فإذا جاء العالم وقال: المراد بالقرب هو الحيضة هنا أزال الأشكال، فعند الرجوع لأهل العلم يزول الإشكال والاشتباه.
قوله: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275] هنا محكم؛ لأنَّ البيع واضح أنه حلال، وهذا الفرق بين المحكم والمتشابه.
سؤال: هل آيات الصفات من المتشابه؟
الجواب: كلا، لأنها من جهة معناها وما تدل عليه؛ فإنها تدل على ما وصف الله به نفسه، فالسميع معروف معناه، والسمع معروف معناه، ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة:1]، هل هذا معناه خفي أو معلوم؟ معلوم؛ لأن كل من يسمعه يفهمه، ويفهم المراد، وهو أنَّ الله يسمع كلامه، ولا يخفى عليه شيء، ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها-: «تبارَكَ الَّذي وسِعَ سمعُهُ كلَّ شيءٍ لقَد جاءتِ المُجادلةُ إلى رسولِ اللَّهِ ، صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ، تُكَلِّمُه في جانبِ البيتِ ما أسمعُ ما تَقولُ فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ » ، وهنا -كما هو واضح- لا يقال: اشتبه علي المعنى؟
قد يقول بعض الناس عن آيات الصفات من جهة الكيفية أنها خفية عن العباد، أي: لا يعلم كيف صفات الله إلا الله؟ وهذه الكيفيات -كيفيات الصفات- بالنسبة لجميع العباد، الملائكة فمن دونهم، والرسل فمن دونهم، لا يعلمون عظمة الله وكيفية صفاته، إذ لا يعلم كيف هو إلا هو سبحانه وتعالى.
أمَّا أن يقال: إنَّ آيات الصفات متشابهة، فهذا غير صحيح، بل لابد من التفصيل، فإذا أريد بذلك الكيفية فنعم، فالتشابه يعني: الخفاء، أي: لا يعلمها إلا الله -سبحانه وتعالى-.
وفي زمن الإمام مالك وشيخه ربيعة، جاء عندهم في المسجد من يقول لهم: الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ لاحظ السؤال بـ "كيف"، وهذه اعتراضات، وليس هذا من الإيمان، والواجب على المؤمن أن يسمع كلام الله، فأنا آمنت بالله على مراد الله، كما قال الشافعي: "آمنت بالله، وبما جاءني عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله ﷺ"، وأمَّا هذا الذي جاء للشافعي قال: كيف استوى؟
هنا اعتراض وابتداع، ودخول فيما لا يعنيه، وهو بدأ يتخيل ويسأل عن الكيفية، فغضب الإمام مالك، وقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
فلاستواء معلوم المعنى وليس مجهولاً، وأمَّا الكيفية فهي التي لا يعلمها العباد.
قال الشيخ محمد -رحمه الله-: (وَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ الرَّحْمَنَ؛ أَنْكَرُوا ذَلِكَ؛ فَأنَزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿وَهُمْ يكَفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ [الرعد:30]) أي أنَّ هذا هو سبب نزول مثل ما ذكره الشيخ في أول الباب، وهذا يُبين لك أن إنكار الأسماء هو من أمور الجاهلية، ومن مسائل الجاهلية، التي كان عليها الكفار، وأنَّ الواجب على أهل الإسلام وأهل الإيمان، أن يؤمنوا بأسماء وصفاته، وكل ما وصف الرب -جل وعلا- به نفسه، أو وصفه به الرسول ﷺ، ولكن يجب علينا أن نحذر من أربعة محاذير، وهي:
المحظور الأول: التحريف، وهو تغيير المعنى، ومع الأسف يسمى في بعض الكتب، وعند المتكلمين: التأويل، ومن التحريفات قول بعضهم في الاستواء في قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:5]، هو الاستيلاء، أي أنَّه -سبحانه- استولى على العرش، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه، والصواب أنَّ استوى تعني: علا وارتفع، كما قال التابعون وأئمة السنة، ولكن جاء هؤلاء وحرفوا الكلم عن مواضعه، ويقولون: لا نؤمن بأنه استواء حقيقي، بل هو مجاز. وهذا تحريف، وقس على هذا بقية تحريفات المبتدعة. هذا من أنواع الباطل.
والتحريف يكون لفظيًا ومعنويًا، فأما اللفظي فكان كثيرًا فيمن قبلنا، فكانوا يحرفون الكتب التي أنزلت عليهم ويخفون. وأمَّا في أمتنا فإنَّ الله -عز وجل- قد صان كتابه، قال -سبحانه-: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:9]، فلا يتجرأ أحد على تحريف كلام الله إلا ويفضح، وهكذا ما جاء عن رسول الله ﷺ.
ولكن التحريف المعنوي كثير في هذه الأمة.
المحظور الثاني: التمثيل، فمن مثَّل الله بخلقه فقد كفر، والتمثيل على نوعين:
النوع الأول من التمثيل: أن يجعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق، وهذا قليل في البشر، وهو مناقض للعقل، قال تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ ، و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11].
النوع الثاني من التمثيل: أن يجعل صفات المخلوق مثل صفات الله، فيغلو في المخلوق ويقول: إنه يعلم الغيب، ويتصرف في الكون، ويجيب الدعاء، وينجي من النار، ويشفي من المرض، ويغفر الذنوب، يجعل صفات الخالق -سبحانه- في المخلوق، وأكثر أنواع الشرك الموجودة في الأرض بسببه.
المحظور الثالث: التكييف، أي: التخيل والتفكر، فتراه يقول: صفة الله على هذه الكيفية، وهذا باطل ومحرم.
المحظور الرابع: التعطيل، وهو الإنكار والجحود، والواجب على المسلم أن يحذر من هذه الأمور.
نسأل الله -جل وعلا- أن يرزقنا وإياكم العلم النافع، والعمل الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
{أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والشكر موصول لكم أعزاءنا المشاهدين، على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك