الدرس الخامس

فضيلة الشيخ د. عبدالحكيم بن محمد العجلان

إحصائية السلسلة

1827 12
الدرس الخامس

عمدة الفقه (6)

{بسم الله الرحمن الرحيم.
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرحبُ بكم إخواني وأخواتي المشاهدين الأعزَّاء في حلقةٍ جديدةٍ من حلقات البناء العلمي، وأرحبُ بفضيلة الشَّيخ/ الدكتور عبد الحكيم بن محمد العجلان. فأهلًا وسهلًا بكم فضيلة الشَّيخ}.
أهلًا وسهلًا، وحيَّاك الله، والإخوة المشاهدين والمشاهدات لكم أجمل تحيَّة، أسأل الله أن يغفر لنا ولكم وللمسلمين.
{اللهم آمين..
نستفتح في هذه الحلقة -بإذن الله- من كتاب الطلاق من عمدة الفقه للموفق ابن قدامة، قال المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (ولَا يَصِحُّ الطَّلاَقُ إِلاَّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، وَلاَ يَصِحُّ طَلاَقُ الْمُكْرَهِ وَلاَ زَائِلِ اْلعَقْلِ، إِلاَّ السَّكْرَانَ)}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، أسألُ الله -جل وعلا- أن يزيدكم من رحمته، وأن يُفيض علينا وعليكم من فضله، وأن يجزينا وإيَّاكم خير الجزاء.
كنَّا في الدَّرس الماضي ابتدأنا بإطلالة يسيرة جدًّا على كتاب الطلاق، وذكرنا الدليل على ذلك من كتاب الله، والدليل على ذلك من سنَّة النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أمَرَ عمر أن يقول لابنه: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلً» ، والإجماع مُنعقدٌ على ذلك، والحاجة داعيةٌ إلى هذا، فلا إشكال في صحَّةِ الطَّلاق.
هنا قال: (كتَابُ الطَّلاق)، وفي الخلع قال: (باب الخلع)، فما الفرق بين الباب والكتاب؟
جَرَت عادة الفقهاء أنَّ ما كان فيه جملة وافرة من المسائل فإنَّهم يجعلونه كالكتابِ؛ لأنَّه يجتمع فيه أشياء كثيرة، ولذلك فإنَّ كلَّ كتابٍ يُقسَّمُ إلى أبواب، والأبواب إلى فصولٍ، والفصول إلى مسائل مندرجة في ذلك، أمَّا إذا كان أقلَّ فيكونُ بابًا، وقد يكون تحت ذلك الباب فصولًا كما في باب عشرة النساء، وقد لا يُحتاج فيه إلى تفصيل كما في باب الخلع الذي تقدَّمَ معنَا.
هذا فقط في طريقة التبويب، وسبيل الفقهاء في التَّأليف -رَحَمَهُم اللهُ تَعَالَى.
والمتقدِّمونَ أقلُّ ترتيبًا، وأعظمُ علمًا، وأغزرُ فقهًا، وأقلُّ كلامًا، والمتأخِّرونَ أكثرُ في ترتيبٍ وأبينُ في تنسيقٍ ونحوه، وإن كانوا لا يُقاربونَ المتقدِّمينَ فيما جمعوه مِن العِلم وحقَّقوه.
يقول المؤلف: (ولَا يَصِحُّ الطَّلاَقُ إِلاَّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ).
بدأ بالكلام عَمَّن يصح طلاقه ومن لا يصح طلاقه.
وقبل ذلك نحتاج إلى مسألةٍ مُهمَّةٍ، وهي: حكمُ الطَّلاق من حيثُ أصله، فهل يجوز الطَّلاق أو لا يجوز؟ هل هو واجبٌ أو مُستحبٌّ أو غير ذلك؟
الفقهاء -رَحَمَهُم اللهُ تَعَالَى- يجعلون الطلَّاق ممَّا تأتي عليه الأحكام التَّكليفيَّة الخمسَة، فقد يكون مُباحًا: لسوء عشرة الزَّوجة وعدم قيامها بحقِّ الزَّوج، أو عدم أُنسِ الزَّوجِ بها، وليس المقصود بذلك حصول ما يُعثِّرُ الحياةَ فإنَّ هذا لا ينفكُّ منه بيت، حتى بيتُ النُّبوَّة، وإنَّما المراد بذلك ألا يقومَ بيتُ الزَّوجيَّة، فملؤه بالعثرات وسوء العشرة وما يتبع ذلك من السُّوء، ويعلم أنَّه بالفراق يكون أتمُّ حالًا منه بالزَّواجِ والنِّكاح.
ويُكرَه مع استقامَة الحال، فإذا كانت حالهم طيِّبة فيُكره له الطَّلاق، ولكنه ليس بمحرَّم؛ لأنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ» ، فهو مُبغض لله -جلَّ وعلا- وبغيض عند الله تعالى ولكنَّه حلال، وبناء على ذلك يكون مَكروهًا -كما قرَّرَ الفقهاء رَحَمَهُم اللهُ تَعَالَى.
ويحرُم إذا كان في حال الحيض، أو في طهرٍ جامعها فيه؛ لأنَّه ممنوع كما جاء في حديث ابن عمر وغيره، وسيأتينا في سنَّةِ الطَّلاق وبدعته.
وذكر بعض العلماء أنه يكون مُستحبًّا إذا كان هناك تقصيرٌ في أمور الشَّريعة، وليس المقصود أن يكون التَّقصير في السُّنَن أو المستحبَّات أو صيام النَّافلة وغيره؛ بل إنَّما يكون في الواجبات، مثل: الصَّلاة ونحوها، حتى أدخلوا في ذلك إتيانها للفاحشة أو فعلها للمحرَّم، وإن كان بعضهم يجعل هذا الحكم ممَّا يتوجَّبُ فيه الطَّلاق، ولكن المشهور عند الفُقهاء أنَّ ذلك يُستحب فيه الطَّلاق، وقد يمكث بها الزَّوجُ من جهةِ أنَّه يمنعها من الشَّرِّ، ويرى أنَّ بقاءها أسلمَ لبيته في حفظ أولاده وبناته، وأنَّهم لا يتفرَّقون، أو قد يُحال بينهم وبينه لكون البنات يخترْنَ أمَّهنَّ، أو لغير ذلك من الأمور، فيعظُم في ذلك الشَّر والفساد، فأيًّا كان؛ فقد ذكر الفقهاء في ذلك الاستحباب، وقال شيخ الإسلام وبعض الفقهاء بوجوب الطَّلاق في مثل تلك الحال، وهو ليسَ ببعيدٍ لِمَا يترتَّب عليه من الشَّرِّ.
وفي ثنايا هذه المسائل ما يفترق فيه الحكم، ويختلف فيه الحال، ومَن ابتُليَ بذلك -نسأل الله السَّلامة والعافية- ينظُر في ذلك بحسبِ ما اجتمع له من الأحوال، ويستشير في ذلك من أهل الفضل والعلم والدِّيانة.
وقد يجب الطَّلاق عند الإيلاء، فإذا آلى منها وحلف ألا يُجامعها أكثر من أربعةَ أشهر، ثم لمْ يرجِعْ ولم يفيء؛ فيجب عليه التَّطليق، وإلا طلَّقَ عليه الحاكم -كما تقدَّم معنا.
فهذه أحوالٌ خمسَة لِمَا يتنقَّلُ فيه الطَّلاق من حالٍ إلى حالٍ، وينبغي للإنسان أن يحفظَ زوجَه، وأن يحتسب الأجر في ذلك قدرَ استطاعته، فإنَّ الله -جلَّ وعَلا- يقول: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً﴾ [النساء: 19]، فقد يجعل الله له منها ولد يكون سببًا للبركة والرَّحمات، أو سببًا للدَّعوات والفضائل، أو يفتح الله بسببه من الخيرات الدِّينيَّة أو الدُّنيويَّة، ويُنشَر له به من الرَّحمَة والدَّعوة والفضل والهُدى ما الله به عليم، فقدرَ الاستطاعة ألا يحتاج إلى ذلك، ولكن إذا احتاج إليه فهو أمرٌ مشروعٌ وأمرٌ مسنونٌ وأمرٌ مسلوكٌ، فعلَهُ أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومَن بعدَهم ومَن لحِقَهم، ولم يزلْ ذلك في الأمَّة إلى قيام السَّاعة، ولكن مَن سَلَكه على وجهٍ صحيحٍ فيُرجَى أن يكونَ فرجَةً له وسببًا للخير، ومَن تقحَّمه على سوءٍ أو حصل منه تلاعب فلعله لا يُوفَّق، ولا يكون له هَناء، وقد يُبتَلى في نفسِهِ أو في بعض مَن يُحب ونحو ذلك. فينبغي أن تُحفَظ في ذلك الحقوق.
يقول المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (ولَا يَصِحُّ الطَّلاَقُ إِلاَّ مِنْ زَوْجٍ).
هل يقع الطَّلاق من غير زوجٍ؟
لو أنَّ شخصًا طلَّقَ امرأته قبل أن يتزوَّجها، كأن يقول لها: إن تزوَّجتُكِ فأنتِ طالق، ثم تزوَّجها؛ فهل يقع عليها الطَّلاق؟
الطَّلاق لا ينعقدُ إلا من زوج، وهذا ليس بزوجٍ، فبناء على ذلك ما كان من تطليقه قبل نكاحه فإنَّه لا اعتبار به، فالطَّلاق إنَّما يكون من زوجٍ.
{ماذا لو شرَطَ؟}.
حتى ولو شرَطَ؛ لأنَّ حالَ إنشائه للطَّلاق لم يكن مالكًا له، بخلاف الزَّوج إذا قال: إن ذهبتِ فأنتِ طالق؛ فهو مالك للطَّلاق، فانعقدَ منه الكلام، ولكن غير الزَّوج لم ينعقد منه، وهذا ما يسمَّى عند الفقهاء: سقوط الشَّيء قبل وجوبه؛ لأنَّه ساقط لم يجب.
قول المؤلف: (مُكَلَّفٍ).
المكلَّف يشمل وصفين: العقل والبلوغ.
أمَّا العقل فظاهر، فغير العاقل -كما لو كان مجنونًا أو معتوهًا أو طفلًا صغيرًا مُزوَّجًا لا عقل له- فلو طلَّق فلا اعتداد بتطليقِهِ، والزَّوجيَّة باقيةٌ بحالها، ولو أنَّ هذه المرأة كَلَّتْ مِنه وَمَلَّتْ وهو صغير -كأن يكون في الخامسة من عمره- فلقَّنتْه التَّطليق، كأن تقول له: قلْ: أنتِ طالقٌ؛ فإذا قالها لم يقع الطَّلاق؛ لأنَّه ليسَ ممَّن يعقل الطَّلاق ويُميِّزُه.
وأمَّا البلوغ: فهذا اختيار المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- وإلا فمشهور المذهب عند الحنابلة أنَّه لو لم يكن بالغًا ولكن كان مميِّزًا يعقل الطَّلاق -وهو المراهق الذي قارَبَ البلوغ ولم يبلغ- فإذا كان مزوَّجًا فيقع طلاقه، وأصل ذلك أنَّه جاء عن بعض الصَّحابة، فرُويَ في ذلك أثرٌ عن ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرضاه- ومن أصول الحنابلة المصير إلى قول الصَّحابي؛ فقالوا بذلك هنا.
وجمهور أهل العلم على ما ذكره المؤلف من أنَّ الطلاق لا يقع إلا من بالغٍ.
ثم يقول المؤلف: (مُخْتَارٍ).
فيُخرِجُ بذلك: طلاق غيرَ المختار، فلو كان مُكرهًا فإنَّه لا يقع منه الطَّلاق، ولذلك قال: (وَلاَ يَصِحُّ طَلاَقُ الْمُكْرَهِ)، والمُكرَه: هو الذي أُلجِئَ إلى الطَّلاق إلجاءً.
يقول أهل العلم: لابدَّ أن يكونَ الإلجاءُ صحيحًا، كأن يكون الإكراه من شخصٍ قادرٍ على المُكرَه، كأن يتوعَّده ويتهدَّده إمَّا بقتلٍ أو بإزهاق نفسِهِ، أو عضوٍ من أعضائه، أو حبسٍ أو ضربٍ، وهو قادرٌ على ذلك، أمَّا لو كان ليس بقادرٍ فلا يُعتدُّ بالإكراه، أما لو كان له قوَّة أو جاه أو سلطانٌ أو مَن يُعرَف عنه أنَّه يُمضي مثل ذلك التَّهديد وجرت عادته بذلك؛ اعتُبِرَ الإكراه، فلا يقع الطَّلاق لو طلَّق.
ومع ذلك يقولون: لو حصل مع الإنسان إكراه فينبغي له أن يورِّيَ في طلاقه، فيقول مثلًا: هذه طالق -ويقصد يده- ولا يقصد زوجه، وهكذا..
فلابدَّ أن يكون مختارًا مُريدًا لذلك، مقبلًا عليه، عارفًا بما يترتَّبُ عليه.
قال: (وَلاَ زَائِلِ اْلعَقْلِ).
زوال العقل سواء كان بجنونٍ، أو كان بشربٍ مأذونٍ فيه، كأن يكون لم يعرف أن هذا الشَّراب خمرًا، وظنَّه عصيرًا فشربَه وسَكِرَ، فطلَّقَ زوجَه؛ فنقول: هذا شُربٌ معفوٌّ عنه؛ لأنَّه غيرُ محاسبٍ على ذلك، وبناء عليه فشُربُه لا يترتب عليه تبعةٌ.
ومثل ذلك أيضًا لو كان قد غصَّ غصَّةً وليس بإزائه إلَّا شربة خمرٍ، فشربها لدفعِ غصَّةً قد تُميته وتُهلكه فسَكِرَ فطلَّق، فنقول: لا شيءَ عليه.
أو أنَّه أُكرِهَ على شُربِ المسكِر، فشربه فسَكِرَ فطلَّقَ فليس عليه في ذلك شيء.
ومثل ذلك: مَن يزول عقله ببنجٍ ونحوه، فيجري على لسانه الطَّلاق؛ فلا يُعتبَرُ الطَّلاق.
قال: (إِلاَّ السَّكْرَانَ)، فإنَّ السَّكران فإنَّه يقعُ طلاقه.
وكأنَّ المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- جرى على مذهب بعض أهل العلم، وهو أنَّ طلاق السَّكران نافذ وصحيح، وأصل هذا القول جاء عن بعض الصَّحابة، والمشهور من المذهب عند الحنابلة وقولٌ لجمعٍ من أهل العلم أنَّ طلاق السكران نافذ، وذلك لأنَّه تقحَّمَ الحرام، وتقحُّمه للحرام يرفع عنه عدمَ المؤاخذَة.
وبيان ذلك: أنَّ السَّكران يعرف أنَّ عقله سيذهبُ إذا سَكِرَ، ومع ذلك سَكِرَ، ويعرف أنَّه إذا سَكِرَ ضربَ هذا، وأتلفَ مالَ هذا، أو طلَّقَ زوجتَه؛ فلمَّا علمَ أنَّه يكونُ منه هذه الأشياء وتقحَّمَ السُّكرَ فكأنَّه تعمَّد فعل هذه الأشياء، فيكونُ مؤاخذًا بها، وإمضاء الطَّلاق على السَّكران هو الذي جاء عن الصَّحابة، فقد جاء عن علي وغيره.
وهذا هو الذي يظهر من النُّصوص، فإنَّ الله -جلَّ وعَلا- يقول: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَ﴾ [البقرة: 286]، فرفع الحرجَ عمَّن لا وُسعَ له في ذلك، ولكنَّ السَّكران تقحَّم هذا الشَّرَّ، وقصدَ هذا السُّوء، فتلحقه تبعته -كما هو مشهور- والخلاف في ذلك طويلٌ عندَ أهل العلم، ويسع في مثل هذه المسألة الاجتها لمَن هو أهلٌ لذلك.
في بعض النُّسخ يقول: (ولا زائل العقل ولا سكران).
وكأنَّ المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- لم يذكر مسألة الغضبان؛ لأنَّ كثيرًا من الناس يسأل عن هذا، هل يقع طلاق الغضبان أو لا يقع؟
هذه مسألة كثيرة الوقوع، ويتشبَّث بها قليل العقلِ لإرادة الرُّجوع إلى الزَّوجَة، وهو أسرعُ ما يكون إلى الطَّلاق إذا تغيَّرَ مزاجه، ثم يكون أسرع ما يكون من الندم.
فالمتقرِّرُ عندَ أهل العلم، ونصَّ على ذلك ابن رجب، ونصَّ على ذلك جماعة من أهل العلم؛ أنَّ الغضبَان يقع طلاقه، بل من حيث النَّظر في الغالب أنَّ الشَّخصَ لا يُطلِّقُ إلا حالَ غضبه، ولا يُمكن أن يكون ذلك في حال اعتدال المزاج، وأنَّ هذا أقلَّ ما يكون في الطَّلاق.
وبناء على ذلك؛ فالأصل هو طلاق الغضبان، ومهما اشتدَّ الغضب وتغيُّر المزاج فإنَّه لا يزول عقله، فما دام عقله باقيٍ فإنَّه مكلَّفٌ، وما دام مكلَّفًا فتتعلَّقُ به تبِعَةُ كلامِهِ، فلو قَذَفَ أُخِذَ بقذفه، ولو طلَّقَ أُخِذَ بتطليقهِ، ولو فعل أيَّ شيءٍ لترتَّبَ عليه ما فعلَ وقالَ.
ولكن لو وصل الأمر إلى أن زالَ عقله، أو غاب عن وعيه، وهذه تحصل قليلة لبعض المرضى ممن فيهم نوعٌ من انفصام شخصيَّة أو ما يسمى من هذه الأمراض ونحوها؛ فيُمكن أن يُقال: إن هذه حالٌ ينظُرُ فيها القاضي بحسبِهِ، فيسبُرُ في ذلك أحواله، وينظرُ إلى وضعه، ويسأل عن حاله، وإلا فالأصل لا يُمكن أن نقول: إنَّ طلاق الغضبان لا يقع، وإلا لأفضَى ذلك إلى ألا يقعَ طلاقٌ في هذه الدُّنيا البتَّة.
وإنَّما تكلَّم النَّاسُ عن هذا؛ لأنَّهم يستهينون بهذا الأمر، وهو على ألسنتهم، وجارٍ في سبابهم مع أزواجهم، ثم بعدَ ذلك يندم!
ولذلك ترى كثيرًا من الناس -نسأل الله السَّلامة والعافية- ربَّما طلَّقَ زوجَه عشرات المرَّات، ثم يقول: كنت غاضبًا، وطلاق الغضبان لا يقع، ويعاشرها بالحرام؛ فينبغي ألا يُتساهَل في هذا، وعلى النساء أن ينتبهنَ، وألَّا يُمكنَّ الزَّوجَ قبلَ أن يتيقنَّ أنَّ تطليقَه غيرَ واقعٍ، إمَّا بسؤالِ أهلِ العلم والنَّظرِ فيه.
ثم إنَّ التَّطليق حال الغضب هو أظهر ما يدلُّ على عدم رجولة الرَّجل وعدم قِوامته، وأنَّ ذلك يدلُّ على سفاهةِ عقله، وأنَّه لم يستطع أن يؤدِّبَ زوجَه، وأن يحملها على الخير، وأن يُنهيَ الخلاف إلَّا بمثل هذا الكلام الذي يفصل الزَّوجيَّة ويُنهيها.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَمْلِكُ اْلحُرُّ ثَلاَثَ تَطْلِيْقَاتٍ، وَاْلعَبْدُ اثْنَتَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً)}.
الحرُّ يملك ثلاث طلقات؛ لأنَّ الله -جلَّ وعَلا- ذكرَ ذلك في كتابه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: 229]، فهاتان مرَّتانِ، ثم قال: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، فذكرَ ثلاث تطليقات، فقال أهلُ العلمِ: إنَّ الحرَّ يملك هذه التَّطليقات الثَّلاث، ولا يملك أزيدَ منها.
ولمَّا قالَ رجلٌ لابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إنِّي طلَّقتُ زوجتي عددَ نجوم السَّماء.
فقال ابن عباس: بانت منك بالثَّلاث، والباقي إثمٌ عليك.
إذن هي ثلاث تطليقات، لِمَا جاء بذلك في الكتاب والسُّنَّة وإجماع أهل العلم.
قال: (وَاْلعَبْدُ اثْنَتَيْنِ)؛ لأنَّ العبد على النِّصف من الحرِّ، كما جاء ذلك في حكم الصَّحابة مستمَدًّا من قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: 25].
فقال أهل العلم: إذا كان للعبد نصف الحرِّ، فإنه يكون له تطليقة ونصف، وبما أنَّ الطَّلاق لا يتجزَّأ فجُبرَت النِّصف وصارت واحدة، فلأجل ذلك كانت اثنتين، وإلا فالأصل أنَّ له تطليقة ونصف تطليقة.
ولو قال الرجل لزوجته: أنتِ طالقٌ نصف طلقة؛ فتعتبر طلقة واحدة؛ لأنَّ الطَّلاق لا يتجزَّأ.
قال المؤلف: (سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَهُمَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً).
كأنَّه يُشير بذلك إلى أنَّ المِلْك للتَّطليقات مردُّه إلى الرَّجل، وليس مردُّه إلى الزَّوجة، فقد ذهب المؤلِّف وجمعٌ من أهل العلم إلى ذلك، وبناء على ذلك قال لا ننظر إلى زوجته هل هي حرَّة أو أمة.
وفي هذا إشارة إلى قول بعض العلماء إلى أنَّ النَّظر يكون باعتبار المرأة، فإذا كانت الزَّوجة حرَّة فيكون له ثلاث تطليقات، وإذا كانت أمةً فيكون له تطليقتين، فبيَّن المؤلف أنَّ هذا قولٌ مخالف، وأنَّ الاعتبار عنده بحال الرَّجل حرًّا كان أو عبدًا، وأن هذا هو مناط المِلك في التَّطليقات.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَمَنِ اسْتَوْفى عَدَدَ طَلاَقِهِ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، نِكَاحًا صَحِيْحًا، وَيَطَأَهَا لِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاِمْرَأَةِ رِفَاعَةَ «لَعَلَّكِ تُرِيْدِيْنَ أَنْ تَرْجِعِيْ إِلى رِفَاعَةَ. لاَ، حَتَّى تَذُوْقِيْ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوْقَ عُسَيْلَتَكِ»)}.
قوله (فَمَنِ اسْتَوْفى عَدَدَ طَلاَقِهِ)، فيه إشارة إلى ما يترتَّب على هذه التَّطليقات، فكأنَّه يقول: إذا قلنا مِن أنَّه يملك ثلاثًا، فإذا استوفاها بَانتْ منه هذه المرأة، ولا يُمكنه أن يتزوَّجها بحالٍ من الأحوال، ولا أن يُراجعها حتى في زمنِ العدَّة، وسيأتينا في باب الرَّجعة أنَّه إذا طلَّقها طلقة أو طلقتين فإنَّ له أن يُراجعها في زمنِ العدَّة، فإذا انتهت العدَّة فله أن يتزوَّجها، وتعود إليه على ما بقيَ لها من عدد الطَّلاق، فإذا كان قد طلَّقها طلقة واحدة بقيَ لها طلقتان، فيُمكنه أن يعود إليها بنكاحٍ جديدٍ؛ لأنَّ بعض النَّاس يظنُّ أنَّ المرأة لا تطلق ولا تَبين إلا بثلاثة تطليقات، وأصل هذا هو بعض ما تلقوه من بعض المسلسلات والأفلام ونحوها، من قولهم أنتِ طالق بالثلاث ونحوه؛ فهذا كله مخالفٌ وليسَ على أصلٍ صحيح، فهو يطلقها واحدة، وإذا نتهت عدَّتها بانت منه.
ولكن لو أنَّه طلَّقها ثلاث تطليقات، إمَّا أنَّه طلَّقها ثم راجعها ثم طلَّقها ثم راجعها ثمَّ طلَّقها ثالثةً فاستوفى العدد؛ أو كان مخلًّا فأمضى التطليقات الثلاث مرة واحدة -على ما سيأتي معنا من الكلام في هذه المسألة.
فنقول: إذا استوفى العدد لم تحلْ له حتى تنكح زوجًا غيره، وهذا كما قال الله -جلَّ وعَلا: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، وكما ذكر المؤلِّف الحديث في زوجة رفاعة، أنَّها لمَّا أرادت أن ترجع قال له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ، حَتَّى تَذُوْقِيْ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوْقَ عُسَيْلَتَكِ».
إذن لابدَّ أن تكون قد نكحَت نكاحًا صحيحًا على رغبة، لا نكاحَ تحليلٍ، فإنَّ نكاحَ التَّحليل وجوده كعدمه؛ لأنَّه نكاحٌ باطلٌ، وقد تقدَّمَ بنا صفة نكاح التَّحليل، ومتى يكون نكاح تحليلٍ ومتى لا يكون، وقد سمَّاه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّيس المستعار»، ولعنَ المحلل والمحلل له، وبناء على ذلك قال المؤلف: (نِكَاحًا صَحِيْحًا، وَيَطَأَهَ).
وقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى تَذُوْقِيْ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوْقَ عُسَيْلَتَكِ» فيه إشارة إلى حصول الجماع بينهما، وحصول الجماع هو الذي يؤكِّدُ إقبال الرَّجل على المرأة، وأنَّ هذا النِّكاح نكاحَ رغبةٍ لا نكاح إرادة التَّحليل ونحوه.
{قال: (وَلاَ يَحِلُّ جَمْعُ الثَّلاَثِ، وَلاَ طَلاَقَ الْمَدْخُوْلِ بِهَا فِيْ حَيْضِهَا أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيْه، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذلِكَ عُمَرُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيْضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَ»)}.
ذكر المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- ما لا يحل من الطَّلاق، ثم بعد ذلك سيذكر ما يحصل به التَّطليق طلاقًا صحيحًا وما لا يكون كذلك، فقال: (وَلاَ يَحِلُّ جَمْعُ الثَّلاَثِ)، يعني: لا يجوز للإنسان أن يقول لزوجته: أنتِ طالق طالق طالق، ولا أن يقول: أنتِ طالقُ بالثَّلاث، أو أن يقول: أنتِ طالق عددَ أبنائك -وكان أبناؤها خمسة- أو أن يقول: أنتِ طالق عددَ نجوم السَّماء -كما جاء في قصة الرجل مع ابن عباس- فلا يحل جميع ذلك؛ لأنَّ الله -جلَّ وعَلا- في كتابه قال: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]، فدلَّ ذلك على أنَّ الطَّلاق لا يُجمَع في حالٍ واحدةٍ.
ثم من جهةٍ ثانيةٍ: أنَّ جمعَ التَّطليقات الثَّلاث لا فائدةَ منه إلا التَّضييق على الإنسان، فالطَّلقة الواحدة والطَّلقتان يحصل بهما فراق الزَّوجة، وإذا انتهت العدَّة انتهى بينهما من الزَّوجيَّة؛ فلماذا يجمع هذه التَّطليقات؟! فما سيحصل بالتَّطليقات الثلاث سيحصل بالتَّطليقة الواحدة.
وبناء على ذلك قال أهل العلم: إنَّ الآية دالَّةٌ على أنَّها تُفرَّق ولا تُجمَع، ثم إنَّ في الجمع من التَّضيق، وحملِ النَّفس على الحرج، ومنعها ممَّا أباح الله لها من إمكان الاجتماع وتجديد النِّكاح ونحوه؛ فلأجل ذلك كان هذا ممنوعًا.
وهذا هو مشهور المذهب عند الحنابلة وهو قول الجمهور، خلافًا للشَّافعيَّة.
قال المؤلف: (وَلاَ طَلاَقَ الْمَدْخُوْلِ بِهَا فِيْ حَيْضِهَ).
الطلاق الثاني المحرَّم، أو الطلاق البدعي -كما يلقبه الفقهاء- هو الطَّلاق حال الحيض، فإنَّ ذلك غيرُ جائزٍ.
والدليل على هذا: أنَّ الله -جلَّ وعَلا- قال: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: 1]، وجاء تفسيرها عند السَّلف: أنَّه في طهرٍ لم يُجامعها فيه.
ثم إنَّ ابن عمر أيضًا لَمَّا طلَّق زوجه في حالِ حيضها غضِبَ عليه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال لعمر: «مُره فليُراجعه»؛ فدلَّ ذلك على أنَّ التَّطليق في الحيض ممنوع ومحرَّم.
والعلَّة في ذلك:
أولًا: فيه تطويل للعدَّةِ عليها.
ثانيًا: أن منعه من التَّطليق في الحيضِ أو في الطُّهرِ الذي جامعها فيه؛ هو أَمْنَع من حصول الطَّلاق؛ لأنَّ الإنسان يغضب ويُطلق لأوَّلِ وهلة، ولكن لمَّا كان أكثر الأزواج إمَّا أنَّ زوجته حائض، أو أنَّه قد جامعها في الطُّهر، فأكثر الأزواج إذا طهُرَت زوجته جامعها؛ فيكون سببًا لإعادة النَّظر والفِكر واستجماع الذِّهنِ والنَّظر في الأصلح هل يطلِّقها أو لا يُطلِّقها، فلأجل ذلك مُنع من الطَّلاق حال الحيض وحال الطهر الذي جامعها فيه.
وبعضهم يلتمسُ حكمةً أيضًا، فيقول: إنَّ المرأةَ في حالِ الحيض يكون فيها شيء من النَّقصِ والضَّعفِ، وربَّما يلحقها من امتعاض نفسها وتغيُّر مزاجها، فقد تنشأ بسبب ذلك الخلافات، فمُنع الزَّوج من التَّطليق، لئلا يكون ذلك سببًا لتفويت هناء عيشهما مع ما يكون منها من الأنسِ والمودَّةِ في غير حال حيضها.
أيًّا كانَ؛ فالطَّلاق حال الحيض ممنوع، وهذا بالنِّسبةِ للمدخول بها، أمَّا غير المدخول بها فإنَّها تبينُ بالطَّلقةِ الواحدة، فلم يختلف الحال سواء كانت حال الحيض، ما دام أنَّه لم يدخل بها.
قال المؤلف: (أَوْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيْه).
الحال الثَّالثة من الأحوال التي يكون الطَّلاق فيها محرمًا: أن يطلِّقها في طهرٍ جامعها فيه.
وكما قلنا: إنَّ هذا أيضًا لئلا تطول عليها العدَّة، وفيه إشارةٌ إلى ما ذكرنا قبل قليلٍ من أنَّه حملٌ للرَّجلِ إذا تحرَّكت نفسُه للطلاق أن يقف حتى تحيض ثم تطهر، فيكون في ذلك من الوقت ما يستجمعُ به رويَّتَه، ويُعيد النَّظرَ في قراره، وما يتوجَّه إليه.
وذكرَ المؤلف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- الدليل هنا: لَمَّا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعمر: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيْضَ ثُمَّ تَطْهُرَ».
لماذا قال: «ثُمَّ يَمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ»؛ لأنَّه هنا في هذا الحديث طلَّقها في هذا الحيض، والطُّهر الذي بعدَ هذا الحيض تابعٌ لهذا الطُّهر، فكأنَّه شيءٌ واحدٌ، فلأجل ذلك قال: «ثُمَّ يَمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيْضَ ثُمَّ تَطْهُرَ»، فيكون حصل منه تطليق في طهرٍ جديد لم يحصل فيه ما مضى.
فأمَّا الطُّهر الأوَّل الذي بعدَ الحيضة الأولى التي وقع فيها الطَّلاق كأنها وقع فيها أيضًا هي الطَّلاق، وهي تابعةٌ للحال؛ فلأجل ذلك لم يُسوِّغُ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمَن وقع منه الطَّلاق حال الحيض أن يُطلقها لأوَّلِ طهرٍ تطهره، بل لابدَّ أن تحيضَ مرَّةً أخرى ثم تطهر ثم يُطلقها بعدَ ذلك.
ولهذا قال: «فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَ»، فإذا مسَّها فيكون طهرًا جامعها فيه فلا يجوز فيه الطَّلاق، ولذلك قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض الأحاديث: «مره فليمسكها حتى تطهر، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملً»، فإذا كانت حاملًا فإنَّه يجوز تطليقها؛ لأنَّه لا حيضَ في الحمل؛ ولأنَّ عدَّتها تنتهي بوضع حملها في كل الأحوال.
إذن اتَّضح ما يتعلَّق بالأحوال الثَّلاث التي يُمنع من التَّطليقِ فيها، وأكثر النَّاس اليوم يُطلِّقون في الطَّلاق المُحرَّم، إمَّا حال الحيض، أو في طهرٍ جامعها فيه، أو يجمع الثَّلاث تطليقات، أو أنَّه يفعل أمرين جميعًا، فيكون طلَّقها في طُهرٍ جامعها فيه وجمع ثلاث تطليقات.
فنقول: لا يجوز ذلك البتة.
{أحسن الله إليك يا شيخ..
لَمَّا ذكر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيْضَ ثُمَّ تَطْهُرَ...»، إلى آخر الحديث. ثم قال: «فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَ»، فكأن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما احتسَبَ طلقة ابن عمر. فهل هذا صحيح؟}.
احتساب الطَّلقة في حالِ الحيض مِن عدمه مسألة فيها شيء من الخلاف، والخلاف فيها متقدِّمٌ ومتأخِّر، فكثير من أهل العلم من المتقدِّمين على أنَّ الطَّلقة محتسبة، حتى قال ابن المنذر وغيره: إنَّه لا يُخالف في ذلك إلا قليل.
ولكن ظهرت المخالفة وقوَّاها شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- وجرى على ذلك ابن القيم، وأفاضَ فيها القول في إغاثة اللهفان والكلام على هذه المسألة، وهل حُسبَت أو لم تُحسَب، وصحَّح الأثرَ في عدمِ حسابها فيما جاء من الأثر عن ابن عباس وغيره، وأطال الكلام في عدم حسابها.
والفتوى عند مشايخنا على نحو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- وإن كان قول جماهير أهل العلم بخلاف ذلك، حتى المذهب عند الحنابلة هو اعتبارها واحتسابها من التَّطليقات.
وقوله: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَ»، فإنَّ الرَّجعة لا تكون إلَّا بعدَ طلاقٍ، فكأنَّ ذلك دلَّ على أنَّ الطَّلقَة محتسبة، وأنَّ الرَّجعة تكون بعدَ الطَّلاق.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالسُّنَّةُ فِيْ الطَّلاَقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيْ طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيْهِ وَاحِدَةً، ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَمَتَى قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، وَهِيَ فِيْ طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيْهِ، طَلُقَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِيْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيْه أَوْ حَيْضٍ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ اْلحَيْضَةِ)}.
لَمَّا بيَّنَ المؤلِّف -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى- الطَّلاق الذي على غير وجهٍ صحيحٍ -أو الذي لم يأتِ به الشَّرع إباحةً وحلًّا- أراد أن يُبيِّن التطليق الذي يقع على وجهٍ صحيح، فقال: (وَالسُّنَّةُ فِيْ الطَّلاَقِ).
وتلاحظون أنَّ الفقهاء -رَحَمَهُم اللهُ تَعَالَى- في هذه المسائل بخصوصها يُعبِّرونَ بالطَّلاق السُّنِّي والطَّلاق البدعي، مع أنَّ هذه إنَّما هي مسائل تكليفيَّة، فإمَّا أن يُقال: طلاق صحيح، وفَعَلَ أمرًا جائزًا أو فعَلَ محرَّمًا؛ ولكن على كلِّ حالٍ هذا من اصطلاح الفقهاء.
والمقصود بالطَّلاق البدعي: الطَّلاق المحرَّم الذي لم يقع على وجهٍ صحيح، ولا يقصدون بذلك البدعة التي تُقابل السُّنَّة من جهة الابتداع في الدِّين أو ما أُحدِثَ على غير مثالٍ سابقٍ؛ بل يقصدون بالطَّلاق البدعي أنَّه الطَّلاقُ المحرَّم.
وسمُّوه بدعيًّا: لأنَّه وقع على غيرِ وفق ما جاء به الشَّرع، من عموم قول النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، ولكن من جهة النَّظر فالمقصود أنَّه طلاق محرَّمٌ، والتَّعبير عنه بالطَّلاق السُّنِّي أو البدعي هو اصطلاحٌ خاصٌّ، وإلا فغالب كلامهم على أنَّ هذا جائز وغير جائز، ومحرم وليس بمحرَّمٍ.
قال المؤلف: (وَالسُّنَّةُ فِيْ الطَّلاَقِ)، وليس المقصود هنا السُّنَّة المستحبَّة أو المأمور بها، وإنَّما المقصود بالسُّنَّةِ هنا ما يُقابل البدعَة، يعني: ما يُقابل المحرَّم، فهذا هو الطَّلاق الجائز، أو الطَّلاق المأذون فيه.
فيقول المؤلف: (أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيْ طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيْهِ وَاحِدَةً).
إذن مَن أرادَ تطليق زوجته؛ إذا كانت في طهرٍ قد جامعها فيه؛ فإنَّه ينتظر حتى تحيض، ثم تطهر، وقبل أن يمسَّها يُطلقها، فتستقبل عدَّتها ثلاث حِيَض، ثم تنتهي عدَّتُها فتبين منه بينونة كُبرَى، وإذا أراد أن يُراجعها في زمن الثَّلاث حِيَض فله ذلك، وإذا انتهت العدَّة الثالثة بانت منه، فهي أجنبية عنه، ولها أن تتزوَّج غيره، وله أن يتزوَّجها بعقدٍ جديد.
وقوله هنا (وَاحِدَةً)، يعني لا يجوز له أن يعقبها طلقةً بعدَ طلقةٍ، فيقول لها مثلًا: أنتِ طالق، ثم بعد يومٍ أو يومين أو بعد حيضةٍ يقول لها: أنتِ طالق ثانية، ثم بعد حيضة ثانية يقول لها: أنتِ طالق ثالثة؛ فلا يجمع التَّطليقات، فلأجل ذلك قال: (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَ).
قال المؤلف: (فَمَتَى قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ).
إذا قال لها ذلك فإنَّنا ننظر: فإن كانت في طهرٍ لم يُصبها فيه طلُقَت في الحال، لأنَّ وقتها وقتَ طلاقَ سنَّة، ووقت طلاقٍ مأذونٍ فيه ومباح، كأن تكون هي في طهرٍ لم يُجامعها فيه أو جاء من سفرٍ وكانت قد طهُرَت من حيضها ولم يُصبها بعدُ؛ فقال لها: أنتِ طالق للسُّنَة -كأن يكون أراد أن يتحفَّظَ فيقيدها بذلك حتى تقع على وجهٍ صحيحٍ- فإنَّها تطلق إذا كانت في طهرٍ لم يُجامعها فيه.
قال: (وَإِنْ كَانَتْ فِيْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيْه أَوْ حَيْضٍ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ مِنَ اْلحَيْضَةِ)، فتكون زوجةً له حتى تحيض، ثم تطهر، فيكون ذلك الطُّهرُ طهرًا لم يُصبها فيه، فيلحقه الطَّلاق.
أمَّا إذا قال لها: أنتِ طالق للسُّنَّة وكانت في وقتِ حيضٍ؛ فإذا طهرَت من حيضها فإنَّها تطلق في تلك الحال، وتكون الطَّلقةُ في تلك الحال طلقةُ سُنَّة.
قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ فِيْ طُهْرٍ أَصَابَهَا فِيْهِ، طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذلِكَ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُصِيْبَهَا أَوْ تَحِيْضَ).
قوله: (وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ)، كأنَّه أرادَ أن يتقحَّم الإثمَ، فالفقهاء هنا لا يقصدون أنَّه إذا قال "أنتِ طالق للبدعة" أنَّه لا يأثم، أو أنَّه لم يفعل محرَّمًا، وإنَّما يتكلَّمون عن الطَّلاق الذي تترتَّب عليه آثار الفُرقَة وبداءة العدَّة ونحو ذلك.
فيقول المؤلف: (وَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ)، فهذا من جهة متقحِّمٌ للحرام وآثمٌ، وقد بيَّنَ ذلك فيما مضَى، ولكن لو كان غضبانًا -مثلًا- وقيل له لا تطلق الآن لأنَّه يكون طلاق بدعة، فقال: هي طالق للبدعة؛ فإذا وقع الطَّلاق حالَ الحيضِ يكونُ طلاقًا بدعيًّا وهو طلاقٌ محرَّم.
أو إذا كانت في طُهر وقد أصابها فيه فتطلُق، لأنَّ الطَّلاق في الطُّهر الذي أصابها فيه طلاقُ بدعةٍ، أو طلاقٌ محرَّمٌ -على التعبير الثاني.
أمَّا إذا كانت في طهرٍ لم يُجامعها فيه فلا يقع الطَّلاق حتى تحيض، ثم تطهر، أو يُطيبها، فإذا جامعها وقعَ الطَّلاق بعدَ الجماع، لأنَّه صار طهرًا جامعها فيه، وقد علَّق الطَّلاق على حصول الطَّلاق البدعي، فيُناسب في تلك الحال، أو في حال الحيض إذا لم يُجامعها في ذلك الطُّهر لنشوب الخلاف أو لغيره.
{قال -رَحَمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُوْلِ بِهَا، وَاْلحَامِلُ الَّتِيْ تَبَيَّنَ حَمْلُهَا، وَاْلآيِسَةُ وَالَّتِيْ لَمْ تَحِضْ وَالَّتِيْ لَمْ تَحِضْ، فَلاَ سُنَّةَ لَهَا وَلاَ بِدْعَةَ، فمتى قال لها:أنت طالق للسُّنَّةِ أو للبدعةِ طلقت في الحال)}.
قوله: (فَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُوْلِ بِهَ)، فإنَّ غير المدخول بها فلا عدَّة عليها لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَ﴾ [الأحزاب: 49]، وتبين بطلقة واحدة.
وبناء على ذلك فبمجرد أن يطلِّقها، فإنَّها تبين بها بينونة كبرى، ولا يُنظر لها إذا كانت في حال حيضٍ أو طُهر أو غير ذلك، وهي غير مدخول بها فلم يصبها.
أيضًا تطليق الحامل التي تبيَّنَ حملها جائزٌ، لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال في الحديث: «ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملً»، فطلاق الحامل صحيح، ويسمى طلاقَ سنَّةٍ وليس ببدعة، فتنتظر حتى تضع فتنتهي عدتها.
وفيما مضى كان تبيُّن الحمل من الأمور الصَّعبة أو التي قد تتعسَّرُ في بعض الأحوال.
أما قوله: (وَاْلآيِسَةُ)، وهي التي أيسَت من حيضها بأن بلغت الخمسين مثلًا وانقطعت عادتها، وعدَّتها تكون بالأشهر، فبناء على ذلك ففي أي حالٍ طلَّقها يقع الطَّلاق، لأنَّها لا سُنَّة في حقها ولا بدعة، لأنَّ متعلَّق السُّنَة والبدعة هو الحيض من الطُّهر، وهذه طاهر دائمًا، فحتى لو طلَّقها في طهرٍ جامعها فيه فيصح الطلاق في تلك الحال، ومثل ذلك ذلك الحامل لو كان قد جامعها في حال الحمل ثم طلقها فيقع الطلاق.
والذي يظهر من كلامهم أنَّ تعلُّق الكلام، سواء كان التَّطليقُ بواحدةٍ أو كان بثلاث، فانتفاء السنَّة والبدعة هنا حتى في العدد.
والحقيقة أنَّ العدد في مثل هذا مُشكِلٌ، لأنَّ الشَّرع عن جمع الثَّلاث مطلقًا، ولم يفرِّق بين مدخولٍ بها وغيرٍ مدخولٍ بها، ولا حاملٍ ولا غير حاملٍ، والذي يحصل في طلاق السُّنَّة والبدعة بالنِّسبة للآيسة مع غير الآيسة أو الحامل مع غير الحامل ليس مثله الكلام في العدد، ومع ذلك سوَّوا.
فلذا لو أمكنَ أن يُقال: أنَّه يبقى جمع التَّطليقات الثَّلاث للحامل أو غير المدخول بها أو الآيسة على النَّهي والمنع؛ لم يكن ذلك بعيدًا، وهو محل بحثٍ ونظرٍ.
فلأجل ذلك قال بعدها: (فمتى قال لها:أنت طالق للسُّنَّةِ أو للبدعةِ طلقت في الحال)، لأنَّه لا سُنَّة لها ولا بدعة، فكأن هذه الصِّفة غير موجودة، فكأنَّه قال "أنتِ طالق"، فتطلُق في حالها وآنها.
ومثل ذلك الصَّغيرة، فلو قال لها "أنتِ طالقٌ للسُّنَّة" فإنَّ الصَّغيرة لا تحيض، وبناء على ذلك تطلق بمجرَّدِ قوله، إلَّا أن يكون له قصد أنَّكِ إذا حضتِّ فأنتِ طالق للسُّنَّة أو للبدعة، فيُنتظر حتى تحيض، فهي زوجته حتى تبلغ ويحصل لها حيض أو طهرٍ جامعها فيه؛ فيكون بعد ذلك حصول طلاق السُّنَّة أو البدعة، ويُقبَل قوله في ذلك، لأنَّه محتمَل.
هناك مسألة في باب الخلع كثيرة الوقوع نختم بها: أحيانًا ينشب خلاف بين الزوجين، ثم تقول الزوجة: أعطيك الصَّداق وتطلقني؟ فيقول: نعم، فتعطيه الصَّداق ويطلقها؛ فيظنون أنَّ هذا طلاق رجعي، فيُراجعها في زمنِ العدَّة ونحوه، والظَّاهر في هذا -كما نصَّ على ذلك الفقهاء- أنَّه طلاقٌ خُلعيٌّ، فبناء على ذلك تترتَّب عليه أحكام الخُلع، فليس له أن يُراجعها في زمنِ العدَّة حتى ولو وافقت على ذلك، فليس لهما طريق إلى أن يرجعا إلى بعض إلا أن ينكحها نكاحًا جديدًا، بأن يخطبها، ويمهرها مهرًا جديدًا، ثم يعقد عليها.
ولمَّا كانت هذه المسألة من المسائل التي تقع كثيرًا، ولا يتفطَّنُ كثيرٌ من الناس إلى أنها من مسائل الخُلع، وأنَّ الرَّجعةَ فيها غير ممكنة، وقد يحصل في أثناء ذلك رجعة، ويُعارشران بعضهما بعضًا مدَّةً طويلةً، ولا يشعرانِ أنَّ رجعتهما ليست صحيحة، وأنَّ الفُرقَة ثابتةٌ.
فبناء على ذلك مَن كان قد حصل له شيءٌ من ذلك فليرجع إلى أمره ولْيتفطَّن، فإن كان الطلاق قد وقع على هذا النحو؛ فليُصحِّح النِّكاح بأن يُنشئ نكاحًا جديدًا حتى لا يقع على وجهٍ غير صحيح، ويستمران فيما دخلا فيه من المعاشرة بغير وجه حقٍّ، ولو فاتُرض حصول ذلك فإنَّ أقل أحوالهما أن يكون الوطء الذي تبع ذلك هو وطء شبهةٍ، لكونهما غير عالمين وظانِّينَ أن زواجهما قد رجع لما كان، ولكن ينبغي لهما وقد علما أن يصححاه إذا حصل شيء من ذلك.
أسألُ الله أن يوفقنا للخير والهدى، وأن يجزيك ويجزي الإخوة القائمين على هذا البناء العلمي خير الجزاء، وأن يوفق المشاهدين والمشاهدات وطلبة العلم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأن يمنَّ علينا بالتوفيق والسَّداد، وصلى الله وسلَّمَ وبارك على نبينا محمد.
{وفي الختامِ نشكركم فضيلة الشَّيخ على ما تقدِّمونَه، أسألُ الله أن يجعلَ ذلك في موازين حسناتِكم.
هذه تحيَّةٌ عطرةٌ من فريقِ البرنامج، ومنِّي أنا محدثِّكم عبد الرحمن بن أحمد العمر، إلى ذلكم الحين نستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائِعَه، والسَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك