الدرس السادس

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

2957 12
الدرس السادس

آداب المشي إلى الصلاة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على قائدِ الغُرِّ المُجلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في لقاء مبارك، وفي درس مبارك مِن دُروس "آداب المشي إلى الصلاة".
ضيف هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضر اللجنة الدائمة للإفتاء. أهلًا مرحبًا بسماحة الشيخ}.
حيَّاكُم الله وبارك فيك.
{باقي أسئلة للإخوة والأخوات عن الدرس السابق.
أحد الإخوة يسأل عن العذر للمتخلف عن الجمعة، ما أبرز هذه الأعذار؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المتخلف عن الجمعة هو الذي لا يسمع النِّداء بدون مُكبِّر صوت، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة:9]، فدلَّ على أنَّ الذي لا يَسمع النِّداء لبُعده فإنه لا تجب عليه الجمعة، وكذلك لا تجب عليه صلاة الجماعة.
وكذلك المريض الذي لا يَستطيع حُضور الجمعة.
وكذلك المُرابط على ثَغرٍ مِنَ الثُّغور، أو على عَملٍ مِن أَعمال الأمن يحتاج إلى بقائه، فهذا لا يجب عليه حضور صلاة الجمعة، فيسقط عنه حضور صلاة الجمعة.
 
{إِذَا دَخَلَ الرجلُ المسجد، ووجد الصَّف قد اكتمل، هل يقف خلف الصف وحده؟}.
لا، ينتظر حتى يأتي من يصُفُّ معه، فإن لم يأتِ أحدٌ يدخل عن يمين الإمام، أو يُحاول أن يُوجد له فُرجة في الصف.
 
{هَل يجوز للمرأةِ أن تصفَّ بجانب زوجها إذا لم يكن معهما أحد بالبيت؟}.
تصف معه، ولكن تتأخر عنه.
 
{مَا حُكم الصَّلاة بين السَّواري؟}.
إذا قَطَعنَ الصُّفوف فيُكره الوقوف بين السَّواري.
 
{حديث «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً»[27] هل يصح؟}.
نعم هذا فيه دليل على مَشروعية صلاة النَّافلة قبل المغرب إذا كان في الوقت مُتَّسع.
{إذا صلى المريض مُستلقيًا، فكيف تكون هيئة صلاته؟}.
يُصلي ورجلاه إلى القبلة.
{ما صحة مَن يُصلي بالإشارة بإصبعه حالَ المرض}.
لا أصل لهذا، إنما يُشير برأسه، بعض العلماء يقول: فإن لم يستطع برأسه فبطرفه، ولكن يقول شيخ الإسلام: هذا لا أصل له.
{مريض كان يُصلي الصَّلوات جمعًا وقصرًا وهو مُقيم ظنًّا منه أنَّ القصر مُلازم للجمع، فهل يُعتد بتلك الصلوت؟}.
لا يُعتد بتلك الصَّلوات، ولابد من إعادتها؛ لأنَّ المقيم لا يجوز له القصر، لا سيما في بلده.
 
{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (وَلاَ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ المُصْحَفِ)}.
لا يجوز للمُحدِث مَسُّ المصحف مُباشرة إِلَّا بعد أن يتوضأ، لقوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة/79]، يعني: الملائكة، وهذا فيه إشارة ودلالة على أنَّ الآدميين كذلك، وفي الحديث الصَّحيح «لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ»[28].
 
{(وَلَهُ حَمْلُهُ بِعِلَّاقَةٍ، أَوْ فِي خُرْجٍ فِيهِ مَتَاعٌ)}.
لا بأس بحملِ المصحفِ للمُحدِثِ من وراءِ حائلٍ إذا بعِلَاقةٍ -وهي الكيس- أو كان يحمله مع متاعِهِ، فلا بأس.
 
{(وَفِي كُمِّهِ)}.
وكذلك له حملهُ في كُمِّهِ، بأن يجعله في داخل ِكُمِّه ويحمله؛ لأنَّ هذا مثلَ الكيس.
{(وَلَهُ تَصَفُّحُهُ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ)}.
له أن يتصفَّح القرآن بعودٍ ونحوهِ من الواسِطةِ التي يُديرها على الآيات والحروفِ أثناء القراءة، فلا بأس بذلك لأنَّه لم يمسَّ القرآن، وإنما مسَّه بواسطةٍ.
 
{(وَلَهُ مَسُّ تَفْسِيرٍ وَكُتُبٍ فِيهِ قُرْآنٌ)}.
أمَّا كُتب التَّفسير فله أن يمسها وأن يحملها؛ لأنَّها ليست مُصحفًا، وإنَّما هي كتب تفسيرٍ.
 
{(وَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ كِتَابَتُهُ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ)}.
يجوز للمُحدِث كتابة القرآنِ بالقلمِ ونحوه، مِن غيرِ أن يمسَّ المكتوب بيده.
 
{(وَأَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَى نَسْخِهِ)}.
يجوزُ أخذِ الأجرة على نسخِ المصحف؛ لأنَّ هذا فيه إعانة على نشرِ القرآن، ولقوله -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ»[29].
 
{(وَيَجُوزُ كَسْيُهُ الْحَرِيرَ)}.
يجوز كسيُ القُرآن الحرير، بأن يُجعل له كيسًا أو غلافًا من الحرير؛ لأنَّه إنما حُرِّمَ لُبس الحرير على ذكور هذه الأمة.
 
{(وَلاَ يَجُوزُ اسْتِدْبَارُهُ أَوْ مَدُّ الرِّجْلِ إِلَيْهِ)}.
لا يجوزُ استدبار المصحف، وذلك بأن يكون المصحف خلفَ ظهره، أو يمدَّ رجلَه إليه؛ لأنَّ هذا فيه إهانة للقرآن.
 
{(وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكُ تَعْظِيمِهِ)}.
كل ما فيه تركٌ لتعظيمِ القرآن فإنَّه لا يجوز.
 
{(وَيُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ)}.
لأنَّ هذا مِنَ الإسراف، فلا يجوز تحليته بذهبٍ أو فضةٍ، أمَّا تحليته بماء الذَّهبِ أو ماء الفضَّة فلا بأسَ بذلك، وهذا موجود في المصاحف الآن، فتُحلَّى غلافتها بماء الذهب.
 
{(وَكِتَابَةُ الأَعْشَارِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ)}.
يكرهون كتابة الأعشارِ في داخل المصحف، وإنَّما تكون على الهامش، أمَّا داخل المصحف فلا تُكتَب الأعشار، وهو من باب الكراهة لا من باب التَّحريم، وكتابة العُشر واسم الجزء واسم السورة موجود الآن داخل المصحف.
 
{(وَعَدَدِ الآيَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ)}.
لأنَّ هذا العمل لم يكن في عهد الصَّحابة، وهو ترقيم الآيات وأسماء الأعشار والأجزاء، فهذا من باب كراهة التَّنزيه.
 
{(وَيَحْرُمُ أَنْ يُكْتَبَ الْقُرْآنُ أَوْ شَيْءٌ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ بِغَيْرِ طَاهِرٍ)}.
تُكره كتابة القرآن بمادة غير طاهرة كالدَّمِ ونحوه تعظيمًا للقرآن.
 
{(فَإِنْ كُتِبَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ غَسْلُهُ)}.
إن كُتِبَ القرآن بِمدادٍ غيرِ طاهرٍ وجبَ غسْله تعظيمًا للقرآنِ وصيانةً له.
 
{(وَإِنْ بَلِيَ المُصْحَفُ أَوِ انْدَرَسَ دُفِنَ؛ لأَنَّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- دَفَنَ المَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالمِنْبَرِ)}.
المندرس من المصاحف يُدفن في مكان طاهرٍ أو يُحرَّق، ولا يُمتهن؛ لأنَّ عثمان -رضي الله عنه- لما جمعَ القرآنَ في مصحفٍ واحدٍ حرَّق بقيَّة المصاحف التي مع الصَّحابة خشيةً من التَّنازُع في هذا.
 
{(فصل في التطوع المطلق.
وَتُسْتَحَبُّ النَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ، إِلاَّ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ)
}.
النَّوافل من الصَّلوات تُستحبُّ في سائر الأوقات، إِلا في أوقات النَّهي التي نُهيَ عن الصَّلاة فيها، كالصَّلاة عند قيامِ الشَّمسِ حتى تزول، والصَّلاة بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشَّمس، والصَّلاة بعد العصر؛ فهذه أوقات نهي لا تجوز صلاة النَّافلة فيها.
{(وَصَلاَةُ اللَّيْلِ مُرَغَّبٌ فِيهَ)}.
صلاة الليل -وهي التَّهجُّد- مرغَّبٌ فيها في كلِّ وقتٍ؛ لأنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم من الليل في رمضان وفي غيره، وكان الصَّحابة يقومون من الليل، والسَّلف الصَّالح كذلك.
 
{(وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ النَّهَارِ)}.
صلاة الليل أفضل من صلاة النَّهار؛ لأنَّ الليل وقت النَّشاط للصَّلاة؛ ولأنَّه أخفى للعمل.
 
{(وَبَعْدَ النَّوْمِ أَفْضَلُ)}.
يُستحب أن ينام أول الليل، ثم يقوم ويُصلي، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلً﴾ [المزمل:6]، وناشئة الليل هي: القيام لصلاةِ الليل بعد النَّوم، فينام أوَّل الليل، ثمَّ يقوم من آخره.
 
{(لأَنَّ النَّاشِئَةَ لا تَكُونُ إِلاَّ بَعْدَهُ)}.
النَّاشئة لا تكون إلا بعد النَّوم، فهي مِن نَشَأَ إِذا قامَ، ولا تكون إِلا بعد نومٍ من أوَّل الليل.
 
{(فَإِذَا اسْتَيْقَظَ ذَكَرَ اللهَ تَعَالَى وَقَالَ مَا وَرَدَ)}.
إذا استيقظ من النوم ليقوم للصلاة فإنَّه بعدما يستيقظ مباشرة يذكر الله، ويقول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي»[30]، «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»[31].
 
{(وَمِنْهُ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الْحَمْدُ لِلهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ. ثُمَّ إِنْ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا؛ اسْتُجِيبَ لَهُ)}.
بعد قيامه من النَّوم يقول هذا الدُّعاء، وإن زاد عليه فإنه يُستحب له ذلك.
 
{(فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ)}.
إذا استيقظ من الليل وذكر الله فله أجر عظيم في ذلك، وإذا أتبعه بالوضوء وصلاة ما تيسر من صلاة الليل؛ فذلك أفضل وزيادة خير.
 
{شكر الله لكم يا شيخ صالح.
نكتفي بهذا القدر من هذا الدرس، ويتجدد اللقاء -إن شاء الله- في الدرس القادم من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
شكرًا لفريق العمل الذين قاموا بتسجيل هذه الدروس الطيبة المباركة، وأشكر المتابعين من الإخوة والأخوات، وأرجو أن يبعثوا بأسئلتهم واستفساراتهم عن هذه الدروس وما يتعلق بها.
يتجدد اللقاء -إن شاء الله- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
-----------------------
[27] البخاري (1128)
[28] صححه الألباني في صحيح الجامع (7780).
[29] صحيح البخاري (5323).
[30] سنن النسائي الكبرى (10690)، وأبو يعلى (1791)، والحاكم (2011). وحسنه الألباني في صحيح الجامع (329).
[31] صحيح البخاري (5864).

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك