الدرس الثاني عشر

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

5924 12
الدرس الثاني عشر

آداب المشي إلى الصلاة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم
{الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصَّلاة والسّلام على قائدِ الغرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، ضيف هذا الدَّرس هو سماحة العلَّامة الشَّيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء.
أهلا ومرحبًا بالشيخ صالح في هذا الدرس}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.

{بعضُ الإخوة يسأل عن سجود السَّهو ويقول: بعضُ أئمَّة المساجدِ يسجدُ للسَّهوِ بعدَ السَّلامِ اتِّباعًا للسُّنَّة، ألا ترونَ أن يكونَ السُّجودُ قبلَ السَّلامِ مُطلقًا؟ نرجوا أن تتفضَّلوا بالتَّفصيلِ}.

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آلهِ وأصحابِهِ أجمعينَ.
يجوزُ سجودُ السَّهو قبل السَّلامِ وبعدَ السَّلامِ، ولكن الأفضل أنَّه إن كانَ عن نقصٍ في الصَّلاة أن يكونَ قبلَ السَّلامِ؛ لأنَّه جبران، وإن كانَ عن زيادة في الصَّلاة أو عن شكٍّ فإنَّه يكونُ بعد السَّلام؛ لأنَّه ترغيم للشَّيطان.

{إذا تكَّرَّر السَّهو عندَ الإمام، هل يكفيه سجودٌ واحد؟}.
نعم يكفيه سجدتان لجميعِ ما حصلَ مِن السَّهوِ عنده في الصَّلاة.

{ما الدُّعاء المشروع في سُجودِ السَّهو؟}
يقولُ كما يقولُ في سجوده للصَّلاة: "سبحان ربي الأعلى"، ويُكرُّرها، وإن دعا "ربِّ اغفر لي وارحمني" فلا بأس، المهم أنَّه يُقال فيه ما يُقال في سجودِ الصَّلاةِ.

{هل لهاتين الآيتين ارتباط بسجود السهو في قوله تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾ [العلق/19] ، والآية الثانية: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]؟}.
لا، ليس لهاتين الآيتين ارتباط بسجود السهو.
فقوله تعالى: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب﴾[العلق: 19]، يأمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يسجدَ ويتقرَّبَ إليه، لأنَّ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» ، كما قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم.

{أخت سائلة تقول: إذا كان الأطفال على غير وضوء. هل يُمنعون من مسِّ المصحف؟}.
نعم، إِلَّا إِذا كَانوا يتعلَّمون، فإنَّه يُسمح لهم بمسِّ كتابة القرآن، فتكتب لهم في اللَّوح، أو يكون معهم الجزء الأخير -أو العُشر الأخير- مِن القرآن مَطبوع ليتعلمون، ويؤمرَون بالوضوء.

{هل ثبت عن الإمام أحمد -رحمه الله- أنه كان يُصلِّي في كلِّ يوم سبعمائة ركعة؟}.
لا أعلم هذا، ولا أظن هذا واقع من الإمام أحمد؛ لأنَّ هذا عمل شاقٌّ، والإمام أحمد هو إمام أهل السُّنَّة، فلا يعمل إلا بما ثبتَ عنده في السُّنَّة.

{ما فضل المحافظة على الأذكار؟ لأنَّ بعض النَّاس يتركها}.
الأذكار زيادة خير، وفيها اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فالأذكار بعد السَّلام أمر ثابت عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم.

{هل تُشرع صلاة النافلة في أوقات النهي؟ وهل تُشرَع تحيَّة المسجد في أوقات النَّهي؟}.
تُصلى ذوات الأسباب عند جماعة من أهل العلم في أوقات النهي، مثل: تحية المسجد؛ فما له سبب يُفعل عند وجود سببه في أي وقت.

{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (وَإِنْ نَسِيَ رُكْنًا غَيْرَ التَّحْرِيمِ فَذَكَرَهُ فِي قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بَطَلَتِ الَّتِي تَرَكَهُ مِنْهَ)}.
إذا نسي ركنًا من أركان الصلاة في ركعة، ثم قام إلى الثانية، أي: التي بعدها؛ فإنَّ الركعة التي ترك فيها الركن تبطل، وتقوم الثانية مقامها، فتكون هي الأولى.

{(وَصَارَتِ الأُخْرَى عِوَضًا عَنْهَ)}.
هذا معنى أنَّ الركعة الثانية تكون عِوضًا عن الرَّكعة التي بطلت.

{(وَلاَ يُعِيدُ الاسْتِفْتَاحَ قَالَهُ أَحْمَدُ)}.
لا يُعيد الافتتاح؛ لأنه سنة ولا يُكرَّر.

{(وَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ عَادَ فَأَتَى بِهِ)}.
إذا ذكرَ سهوًا في ركعة مضت، أو قام منها قبل أن يشرع في القراءة في الثَّانية؛ فإنَّه يرجع ويأتي بما سها عنه من ركنٍ أو واجبٍ، ثم يُكمل صلاته ويسجد للسَّهو.

{(وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ وَنَهَضَ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ)}.
إذا نسي التَّشهُّد الأوَّل وذَكَرَ -أو ذُكِّرَ- قبل أن يعتمد قائمًا يلزمه الرُّجوع، إذا اعتمد قائمًا وقبل أن يَشرع في القراءة اختلف العلماء هل يلزمه الرُّجوع أو يستمر ويسجد للسَّهو؛ لأنَّه شرع في ركن، فإذا اعتدل قائمًا فقد شرع في ركن.

{(وَالإِتْيَانُ بِهِ مَا لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)}.
يلزمه أن يرجع ويأتِ بما نسيه ما لم يستتم قائمًا، فإذا قام لا يرجع، لأنَّه شرعَ في الرُّكن الذي بعده، ولكن يسجد للسَّهو.

{(وَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُتَابَعَتُهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّشَهُّدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ)}.
إذا قام واعتمد قائمًا لا يرجع إلى الإتيان بالتَّشهد الأوَّل، فإذا شرع في ركنٍ لا يرجع من ركنٍ إلى واجبٍ؛ لأنَّ التَّشهد الأوَّل واجب.

{(وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ)}.
هذا هو النَّوع الثَّالث مِن أسبابِ سُجودِ السَّهو -وهو الشَّك- فإذا شكَّ في صلاته هل صلَّى ثنتين أو ثلاثًا فإنَّه يبني على اليقين، ويُكمل صلاته، ويسجد للسَّهو.

{(وَيَأْخُذُ مَأْمُومٌ عِنْدَ شَكِّهِ بِفِعْلِ إِمَامِهِ)}.
يلزم المأموم متابعة الإمام، فإذا شكَّ الإمام والمأموم لم يشك فإن المأموم يلزمه متابعة الإمام.

{(وَلَوْ أَدْرَكَ الإِمَامَ رَاكِعًا وَشَكَّ: هَلْ رَفَعَ الإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ إِدْرَاكِهِ رَاكِعًا؟ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ)}.
إذا شكَّ هل أدرك الرَّكوع مع الإمام، أو رفع الإمام قبل أن يُدركه؛ فإنَّه يأتي بركعة ويُكمل صلاته، ويَصح ما أشكل عليه في الصَّلاة.

{(وَإِذَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ أَتَى بِمَا بَقِيَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ)}.
وإذا شكَّ وبنى على اليقين أتى بما بقي من صلاته، فإذا شكَّ هل صلَّى ثلاثًا أو أربعًا فإنَّه يبني على الأقل، أي: يبني على أنها ثلاثًا، ويأتي بما شكَّ فيه ويسجد للسَّهو.

{(وَيَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ بَعْدَ سَلاَمِ إِمَامِهِ)}.
إذا كان المأموم مسبوقًا وسها مع الإمام، فالإمام لا يتحمَّل هذا السَّهو عن المأموم، فيأتي به المأموم بعد سلام إمامه.

{(وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْمُومِ سُجُودُ سَهْوٍ، إِلاَّ أَنْ يَسْهُوَ إِمَامُهُ فَيَسْجُدَ مَعَهُ)}.
ليس على المأموم سجود سهو إذا سها إمامه أو سها هو؛ لأنَّه تبع للإمام.

{ما سبب كثرة السَّرحان في الصَّلاة، وماذا يلزم الذي سَرَحَ كثيرًا في صلاته؟}.
على المأموم أن يُحاول الإقبال على صلاته، فيستعيذ مِن الشَّيطان الذي يُلبِّسُ عليه، فيعمل الأسباب الواقية من هذا، ويُعينه الله -عز وجل.

{أحسن الله إليكم، وبارك فيكم، نكتفي بهذا القدر من كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة".
كان معنا سماحة العلامة الشَّيخ صالح الفوزان -حفظه الله- وسوف نستكمل -إن شاء الله- ما بقيَ من هذا البابِ في الدَّرسِ القادمِ -بإذن الله تعالى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك