الدرس الحادي عشر

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

5947 12
الدرس الحادي عشر

آداب المشي إلى الصلاة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العَالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات مع هذه الدُّروس المباركة مِن كتاب: "آداب المشي إلى الصَّلاة".
ضيف هذا اللِّقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء، وهو يشرح هذه الدروس المهمَّة لكم جميعًا -أيُّها الإخوة والإخوات- فأهلًا ومرحبًا يا شيخ صالح}.
حياكم الله وبارك فيكم.

{بقي بعضُ الأسئلة المتعلِّقة بالدُّروسِ السَّابقة:
أحد الإخوة يسأل ويقول: هل القنوت في الصَّلاة ثابت؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابِه أجمعين.
القنوت في الوترِ ثابتٌ، وأمَّا القنوت في الفرائض فهذا ثابت في النَّوازل، فإذا حَصَلَت للمسلمين نازلةٌ فإنَّهم يقنتونَ لرفعها، وأمَّا المداومة عليها في الفرائض فمحلُّ خِلافٍ بين العلماء.

{قد يُبَالِغُ بعض الأئمة في المساجد -خصوصًا في رمضان- في قنوتِ التَّراويح، فيأتون بالألفاظِ المسجوعة ويطوِّلون حتى إنَّ البعضَ يجعل وقت القنوت أكثر من وقت الصَّلاة. فما توجيهكم لهذا}.
هذا غلطٌ وخطأٌ، القنوتُ كلماتٌ معدودات، فلا يشقُّ على المأمومين بطولها، ولا يُرتِّلها مثلما يُرتِّل القرآن؛ بل إنَّه يتوسَّط في ذلك، فخير الأمور الوسط.

{هل وردَ القنوت قبل الرُّكوع؟}.
المشهورُ أنَّ القنوتَ يكونُ بعد الرُّكوعِ، ومِن العلماء مَن يرى أنَّه قبلَ الرُّكوعِ.

{ما حُكمُ مسح الوجه بعد الدعاء؟}.
لا أصلَ لمسحِ الوجهِ بعد الدُّعاء.

{ما ضابط قنوت النَّوازل ومتى يُشرع}.
يُشرع عند حصول النَّوازل، فإذا نزلت بالمسلمين نازلة مثل: تسلُّطِ العدو، أو غير ذلك من النَّوازل؛ فإنَّ الإمام يقنت لرفعها، ويقنت معه المأمومون، فيؤمِّنونَ على دعائِهِ.

{لماذا كانت صلاة اللَّيل أفضل مِن صلاة النَّهار؟}.
لأنَّها أقرب إلى الإخلاص؛ ولأن هذا سُنَّة النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ولأنَّها وقت النُّزول الإلهي إلى سماء الدُّنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول الله تعالى: "هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟، هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟، هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ؟" .

{ما هو فضل المحافظة على النَّوافل والرَّواتب؟ لأنَّ بعضَ النَّاس يتهاونون في أدائها ويقولون: أنا أصلِّي الفرائض، ولا داعي مِن صلاة النَّوافل والرَّواتب!}.
هذا غلط؛ لأن من السنة أن يحافَظ على الرواتب، لأنها تُجبر بها الفرائض إذا حصل فيها نقص، ولأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يحافظ عليها.

{هل تُصلَّى التَّراويح في البيوت بالنِّسبة للرِّجال؟}
السُّنَّة في رمضان أنَّ التَّراويح تُعلن في المساجد، وتُصلَّى جماعة في المساجد.

{ما توجيهكم لحفظة القرآن الكريم مَن ينسى منهم القرآن؟}.
التَّوجيه لهم بأن يُحافظوا على ما حَفِظُوه مِن القرآن الكريم بتَكرار تلاوته وترديده، فإنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَ» .

{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (وَسُجُودُ السَّهْوِ يُشْرَعُ لِلزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ)}.
سجودُ السَّهوِ يُشرع لزيادةِ سهوٍ في الصَّلاةِ كما لو صلَّى خمسَ ركعاتٍ سهوًا، أو زادَ في المغربِ، أو زادَ في صلاةِ الفجر سهوًا؛ فإنَّه يسجدُ للسَّهوِ، ويكون بعدَ السَّلام، وهذا هو الأفضل، ويكونُ عن نقصٍ في الصَّلاة، ويكونُ عن شكٍّ في الصَّلاة؛ فله ثلاثة أسباب:
- إمَّا عن نقصٍ.
- وإمَّا عن زيادةٍ.
- وإمَّا عن شكٍّ.

{قال: (وَشَكٍّ فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ، إِلاَّ أَنْ يَكْثُرَ فَيَصِيرَ كَوَسْوَاسٍ فَيَطْرَحَهُ)}.
هذا هو السَّببُ الثَّالث لسجودِ السَّهو وهو: الشَّك في الصَّلاة، ما لم يكثر هذا الشَّك فإنَّه لا يُسجَد له؛ لأنه يكون وسواسًا وليس شكًّا.

{قال: (وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ)}.
وكذا الشَّك في الوضوءِ والغسلِ وإزالةِ النَّجاسةِ؛ فإنَّه إذا شكَّ في شيءٍ من هذه الأمور فإنَّه يفعله ليتأكَّد إلا إذا كبُرَ الشَّك وصارَ وسواسًا فإنَّه لا يلتفت إليه.

{قال: (فَمَتَى زَادَ فِعْلاً مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ قِيَامًا أَوْ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا أَوْ قُعُودًا عَمْدًا بَطَلَتْ)}.
إذا زاد في الصَّلاة قيامًا أو ركوعًا أو سجودًا متعمِّدًا ذلك بطلت صلاته؛ لأنَّه خالف المشروع في الصَّلاة متعمِّدًا؛ فتبطل صلاته، كما لو قال مثلًا: صلاة الفجر ركعتان، أنا أزيد ركعة أو ركعتين ليكون هذا من فعل الخير.
نقول: صلاتك باطلة؛ لأنَّك خالفتَ ما شَرَعَهُ اللهُ -سبحانه وتعالى- متعمِّدًا، فصلاتك باطلة، وكذلك في بقيَّة الصَّلوات المفروضة، فلا يُزاد فيها ولا يُنقَص منها، وإنما تؤدَّى كما ثبتت عن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم.

{قال: (لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ)}.
قال -صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فِي صَلاَتِهِ» يعني: الفريضة، فإذا زادَ في صلاتِه أو نَقَصَ غير متعمِّد. قال: «فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ»، إرغامًا للشَّيطان.

{قال: (وَمَتَى ذَكَرَ عَادَ إِلَى تَرْتِيبِ الصَّلاَةِ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ)}.
متى ذكر أنَّه نقصَ الصَّلاة وسلَّم قبلَ تمامِ الصَّلاة، فإذا ذَكَرَ هو أو ذُكِّرَ فإنَّه يأتي ويقوم بإتيانِ ما نقصَ مِن غيرِ تكبيرةِ انتقالٍ؛ لأنَّ التَّكبيرة التي قام بها من السُّجود تكفي.

{قال: (وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً قَطَعَ مَتَى ذَكَرَ، وَبَنَى عَلَى فِعْلِهِ قَبْلَهَ)}.
إذا زادَ ركعةً وعلم بأنَّها زائدة فإنَّه يقطعها ويعود إلى صلاته ويسجد للسَّهو.

{قال: (وَلاَ يَتَشَهَّدُ إِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَجَدَ وَسَلَّمَ)}.
إذا سجدَ للسَّهو بعد السَّلام فإنَّه لا يتشهَّد بعده، بل يسلِّم في الحالِ ولا يتشهَّد بعد أن يسجدَ للسَّهو.

{قال: (وَلاَ يَعْتَدُّ بِالرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ مَسْبُوقٌ)}.
الرَّكعة الزَّائدة لا تحتسب، فلا يعتدُّ بها المسبوق، فإذا فاتته ركعةٌ وقامَ الإمامُ إلى ركعةٍ زائدةٍ فإنَّه لا يعتدُّ بها، بل لابدَّ أن يأتي بما سُبق به بعد الإمام.

{قال: (وَلاَ يَدْخُلُ مَعَهُ مَنْ عَلِمَ أَنَّهَا زَائِدَةٌ)}.
ولا يدخل مع المصلِّي في ركعةٍ زائدةٍ مَن علمَ أنَّها زائدة، فلو جاءَ مسبوق وأدركَ الإمامَ في ركعةٍ زائدةٍ وهو يعلم أنَّها زائدة فإنَّه لا يعتدُّ بها.

{قال: (وَإِنْ كَانَ إِمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا فَنَبَّهَهُ ثِقَتَانِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ)}.
إذا قامَ إلى ركعةٍ زائدةٍ وسبَّحه به ثقتان فإنَّه يلزمه الرُّجوع لقولهما.

{قال: (وَلاَ يَرْجِعْ إِنْ نَبَّهَهُ وَاحِدٌ إِلاَّ أَنْ يَتَيَقَّنَ صَوَابَهُ)}.
لا يرجع الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة ولم ينبِّهه إلا ثقة واحد؛ فإنَّه لا يبني على تنبيهه؛ لأنَّه لابدَّ من شاهدين.

{قال: (لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ)}.
لأنَّه لمَّا سها -صلى الله عليه وسلم- وسلَّم عن نقصٍ وقام بعد أن سلَّم وانتقل من مكانه جاءه ذو اليدين وقال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَقَصَتِ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قال: «لَمْ تَنْقُصِ الصَّلاةُ، وَلَمْ أَنَسَ»، ثم إنَّه -صلى الله عليه وسلم- سأل أصحابه وقال: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟». قَالُوا : نَعَمْ، "فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ" .

{قال: (وَلا يُبْطِلُ الصَّلاةَ عَمَلٌ يَسِيرٌ؛ كَفَتْحِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَابَ لِعَائِشَةَ، وَحَمْلِهِ أُمَامَةَ وَوَضْعِهَ)}.
العمل اليسير من غير جنس الصَّلاة لا يُبطلها إذا كان لحاجة، كحمله شيئًا أو وضعه شيئًا، لأنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يصلِّي وهو يحمل أمامة بنت زينب -بنت بنته- وهي أمامة بنت أبي العاص، وكان يحملها فإذا سجدَ وضعها، وإذا قام رفعها معه، فدلَّ هذا على أن العمل اليسير لا يضرُّ في الصَّلاة إذا كان لحاجة.

{ما حكم الإشارة باليد للشخص الدَّاخل في أثناء الصَّلاة؟}.
لا بأس بذلك أن يُنبِّه على حاجة وهو يصلي بالإشارة.

{قال: (وَإِنْ أَتَى بِقَوْلٍ مَشْرُوعٍ فِي الصَّلاَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ: كَالْقِرَاءَةِ فِي الْقُعُودِ، وَالتَّشَهُّدِ فِي الْقِيامِ لَمْ تَبْطُلْ بِهِ)}.
إذا أتى بقول مشروع في غير موضعه، كالتَّشهد في القيام، والقراءة في الُّركوع أو السُّجود؛ لم تبطل صلاته، لأنَّ هذا قولٌ مشروعٌ أتى به في غيرِ مَوضعِهِ.

شكرَ الله لكم سماحةَ الشَّيخ على تفضُّلكم بشرحِ هذه النُّصوص المباركة في كتاب آداب المشي إلى الصَّلاة.
جزاكم الله عنَّا وعن المسلمين خير الجزاء، وأشكر الإخوة والأخوات على تواصلهم مع سماحته بإرسال الأسئلة عن الدُّروس السَّابقة والاستفسارات والمشاركة بنفعِ هذا البرنامج.

شكرًا لكم أيُّها الإخوة والأخوات، وشكرًا لفريق العمل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك