الدرس الثاني

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

5924 12
الدرس الثاني

آداب المشي إلى الصلاة (2)

بسم الله الرحمن الرحيم.
{الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ، نبيِّنا محمدٍ وعلَى آلِه وصحبِه أجمعين.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوةُ والأخوات في درسٍ مِن دروسِ كتابِ آدابِ المشي إلى الصَّلاة. ضيفُ هذا اللِّقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئةِ كبارِ العلماءِ، وعضو اللَّجنةِ الدَّائمةِ للإفتاءِ.
باسمكم جميعًا - أيُّها السَّادة- نُرحب بسماحته، ونَشكر له تفضله بتلبيَةِ الدَّعوةِ في شَرح هذا الكتاب، أهلًا ومرحبًا سماحةَ الشَّيخ صَالح}.
حيَّاكم اللهُ وباركَ الله فيكم.

{أسئلة للدَّرسِ السَّابقِ وصلت في كتابِ آدابِ المشي إلى الصَّلاة:
يسأل أحدُ الإخوة: ما هي جَلسة الاستراحة؟ وما حكمها؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين.
جَلسةُ الاستراحةُ تكونُ إذا قامَ المصلي مِن السُّجودِ إلى الرَّكعةِ الثَّانية، فيجلس جَلسةً خفيفةً قبلَ أن يقومَ؛ لأنَّه وردَ عن النَّبِّي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يفعلُ ذلك، واختلفَ العلماءُ هل فَعلها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم تَشريعًا أو فَعَلَها للحاجة؛ لأنَّه لم يفعلها إلا لمَّا كبُرت سِنُّه وثقُلَ -عليه الصَّلاة والسلام- فبعضُهم يَرى أنَّه فَعلَها للحاجة، فمَن كانَ يحتاجُ إليها فإنَّه يفعلها.
وبعضُهم يَرى أنَّها تشريعٌ وأنَّها سنَّةٌ، وعلى كلِّ حالٍ فمَن فعلَها فلا حرجَ عليه ولَه مُستَندٌ، ومَن لم يفْعلها فلَه مُستَندٌ.

{هَل هِي مشروعةٌ مُطلقًا؟}.
فيها الخلاف الذي ذَكَرتُ، فقيل: إنَّها مشروعةٌ مُطلقًا، وقيلَ: إنَّها مشروعةٌ للحاجةِ، أو مُباحةٌ لمَن احتَاجَ إليها.

{أحسنَ اللهُ إليكم. هلْ يُشرعُ في الجلوسِ الأوَّلِ للتَّشهُّدِ أن يزيدَ الصَّلاةَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؟}.
لا، إذا أتَى بالشَّهادتين بَعدَ التَّحيَّاتِ فإنَّه يقومُ ولا يتأخَّرُ، بلْ يُخفِّف جَلسةَ التَّشهُّدِ الأوَّلِ.

{مَن هم "آل محمد" في قولنا: "اللهمَّ صَلِّ على آلِ محمدٍ"؟}.
"آلُ محمدٍ" قيل: هم قرابتُه صلى الله عليه وسلم. وقيل: هم أتباعُه، وكلُّ مَن آمنَ بِه واتَّبعه فإنَّه مِن آلِه -يعني مِن أتباعِه.

{إذا سلَّم الإمامُ قبلَ أن يتعوَّذ المُصلِّي باللهِ مِن الأربَعِ؛ هلْ يُسلِّم أم يستعيذ حتَّى لو تأخَّر قليلًا؟}.
لا، مَا يتأخَّر عنِ الإمامِ، «إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، فيُسلِّم بعده ولا يتأخَّر.

{طاووس -رحمه الله- أمرَ ابنَه أن يُعيدَ الصَّلاةَ؛ لأنَّه لمْ يتعوَّذْ باللهِ مِن هذه الأربع. ما تعليقُ الشَّيخُ صالح؟}.
نعم؛ لأنَّه يرى أنَّ التَّعوُّذَ مِنه واجبٌ، وهذا رأيٌ لبعضِ العلماءِ.

{مَا المقصودُ بفتنَةِ المحيا والمماتِ؟}
فتنَةُ المحيا: الفِتنُ التي تَعرضُ للإنسانِ في حياتِه، وهي كثيرةٌ.
فتنةُ المماتِ: أنَّه يُمتحنُ في قبرِه، فيأتيه ملكان يسألانه.

{لو تحدَّثتم قليلًا عَن فتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ}.
فتنةُ المسيحِ الدَّجَّالِ فتنةٌ عظيمةٌ -وقانا الله شرَّها وإخوانَنا المسلمين- وما مِن نبيٍّ إلا حذَّرَ أمَّته من الدَّجَّالَ لِشدةِ فتنتِه، وأكثرُهم تحذيرًا نبيُّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه آخرُ الأنبياءِ، ولا نَبيَّ بعدَه، وفِتنتُه عظيمةٌ، وسرعتُه في الأرضِ كبيرةٌ، ويَأمرُ السَّماءَ فتُمطِر، ويأمرُ الأرضَ فتُنبت ؛ أعطاه الله ذلك مِن أجلِ فِتنةِ العبَادِ بِه، فعلى المسلمِ أن يَستعيذَ باللهِ مِن فتنتِه، وإذا أدركَه أن يعتقِدَ بُطلانَ مَا جاءَ به، حتى إنَّه يأتي بِجَنَّةٍ ونارِ، ويُخيَّلُ إلى النَّاسِ ذلك، وإنَّما النَّار التي معه هي الجنَّة، كما قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، والجنَّةُ التي معه هي النَّار ، ففتنته عظيمةٌ، ولذلك مَا مِن نَبيٍّ إلا حذَّرَ أمَّتَه الدَّجالَ.

{قول: "اللَّهُمَّ أعنِّي عَلَى ذِكرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبَادَتِكَ" هل تُقال قبلَ السَّلامِ أم بعدَه؟}.
يجوزُ هذا ويجوزُ هذا، ووردَ أنَّها تُقالُ في دُبُرِ الصَّلاةِ، ودُبُرِ الصَّلاةِ يُراد به آخرها، ويُراد به بعدها؛ فمَن جاءَ به قبلَ السَّلامِ فقد أصابَ، ومَن أخَّره إلى ما بعدَ السَّلامِ فقد أصابَ، كلٌّ يُسمَّى: دبر الصَّلاة.

{زيادة قولة "وبركاته" في التَّسليمِ، هل هي ثابتةٌ؟}.
لا أعلمُ ذلك.

{لو قال: "السَّلامُ عليكم" فقط. هل يجزئه؟}.
نعم يُجزئ.

{ مَا حُكم الاقتصارِ على تسليمةٍ واحدةٍ؟}.
يكفي هذا، وتكونُ على اليمينِ، والأفضلُ تسليمتان.

{يلاحَظُ على بعضِ النَّاسِ أنَّهم يَرفعون أيديهم مع التَّسليمِ. هل هذا جائزٌ؟}.
لا أصلَ له.

{بمَ تُدركُ الجماعة؟}.
تُدرَك الجماعةُ بإدراكِ ركعةٍ -وهذا هو الصَّحيحُ- فمنهم مَن يقول: تُدرَك بتكبيرِهِ قبلَ سلامِ الإمامِ. وهذا ورَدَ في متنِ الزَّاد، يقول: (وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ) ، ولكن الرَّاجح أنَّ الجماعةَ لا تُدرَك إلا بإدراكِ ركعة ٍكاملةٍ مثلَ الجُمُعةِ.

{إذا دخلَ الرَّجلُ والإمام في التَّشهُّدِ الأخيرِ، هل يَدخل معه أم يَنتظر جماعةً أخرى}.
إذا كان يغلِب على ظنِّهِ أنَّ جماعةً مُقبلون؛ فإنَّه ينتظرهم، وأمَّا إذا كان يعلم أنَّ لا أحدَ سيأتي فإنَّه يدخل مع الإمامِ فيما بقيَ ليَحصلَ على الأجرِ.

{قول: "أستغفرُ اللهَ العَظِيمَ الجَليلَ الكَرِيمَ التَّوابَ الرَّحِيمَ" بعد السَّلامِ. دائمًا نسمعه مِن بعضِ النَّاسِ بعدَالصَّلاة. فما حَكمه؟}.
لا بأسَ بذلك إذا أتى بِه؛ لأنَّ هذه أوصافٌ لله -جل وعلا.

{مَا مناسبةُ الاستغفارِ بعدَ السَّلامِ؟}.
لأنَّه يجبرُ النَّقصَ الذي في الصَّلاةِ، والعباداتُ تُختَم بالاستغفارِ ليَجبرَ ما يكونُ فيها مِن نقصٍ.

{بعضُ النَّاسِ يقومُ فورًا ويُصلِّي النَّافِلةَ، ولمْ يأتِ بالأذكارِ. فبمَ تنصحهم؟}.
هذا خلافُ السُّنَّةِ، فالسُّنَّةُ أن يأتيَ بالأذكارِ التي بعدَ السَّلامِ، ثمَّ يقوم ويأتي بالنَّافِلةِ.

{ما حُكمُ وصلِ الفريضةِ بالنَّافلَةِ في مكانٍ واحدٍ؟}.
يُكره هذا خُصوصًا للإمامِ؛ لأنَّ الإمامَ إذا أتى بالنَّافلةِ في موضعِ مُصلَّاهُ يظنُّه مَن يراهُ أنَّهُ لمْ يُكمِل الصَّلاةَ، فينبغي للإمامِ أن يتنحَّى عن مكانِهِ ويَأتيَ بالرَّاتِبة في مكانٍ آخرٍ.

{قال المؤلِّف -رحمه الله تعالى- في كتاب آداب المشي إلى الصَّلاةِ: (وَيُسَنُّ ذِكْرُ اللهِ، وَالدُّعَاءُ، وَالاسْتِغْفَارُ عَقِبَ الصَّلاة، فَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ -ثَلاثًا- ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، لا نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، «اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ»)}.
هذا الذِّكرُ مستحبٌّ بعدَالصَّلاةِ؛ لأنَّه ورادٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع.

{(ثُمَّ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُكَبِّرُ، كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَيَقُولُ تَمَامَ الْمِئَةِ:«لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»)}.
هذه الكلمات يقولُ كلَّ واحدةٍ منها ثلاثةً وثلاثين مرةً، فيكونُ المجموعُ تسعةً وتسعين كلمةً، ثم يقولُ تمامَ المئة: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، ومَن قالَها على هذا الوجهِ فإنَّها تنفعُه عندَ اللهِ -سبحانه وتعالى- وتكونُ متمِّمَةٌ لصلاتِه التَّتميمَ المستحبَّ، قال -جل وعلا:﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾[النساء: 103].

{(وَيَقُولُ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ -سَبْعَ مَرَّاتٍ)}.
نعم هذا وردٌ لكنَّ في سندِه نظر، وإذا فعلَه فلا بأسَ، والأولى تركُه.

{(وَيُكْرَهُ مَسُّ الْحَصَى، وَتَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ)}.
مَن ينتظر الصَّلاةَ يُكره له مسُّ الحصَى، يعني أن يُخطِّطَ في الأرضِ، وأن يشغَلَ أصابِعَه في الأرضِ بإزاحَةِ الحَصَى، وخُصوصًا مِن موضعِ سُجودِه، فلا يزيله، لقولِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الرَّحمةَ تواجهه ، لكن إذا كان يتأذَّى بشيءٍ منه بشوكٍ أو حصًى يُؤذِيه فإنَّه لا بأسَ أن يُزيلَه ليَطمَئِنَّ في صلاتِه.

{نختمُ هذا اللِّقاءَ بسؤالٍ لأحدِ الإخوة سبقَ وأن سألَه، يقول: هناكَ شخصٌ يحافظُ على الفرائضِ في أوقاتِها، ولا يترك فرضًا أبدًا، ولكنَّه يترك النَّوافل. فبماذا تنصحه؟}.
هذا نقصٌ، الرَّواتبُ والنَّوافلُ مُكمِّلاتٌ، وهو بحاجةٍ إليها، فيأتي بالنَّوافِلِ ما استطاعَ منها ويحرصُ على ذلك؛ لأنَّ فيها زيادةُ أجرٍ، وهي أيضًا مُكمِّلات للفرائضِ إذا حصَلَ فيها نقصٌ.

{شَكَرَ اللهُ لكم سماحةَ الشَّيخ صالح، وباركَ اللهُ فيكم وفِي علمكم، ونفعَ بِكم الأمَّةَ الإسلاميَّة على تفضُّلِكم بهذا الشَّرح الوافي لهذا الكتاب المُبارك، كِتابُ آدابِ المشيِ إلى الصَّلاةِ.
وشكرًا لكم أنتم أيُّها السَّادة على تَواصلِكُم مع سماحةِ العلَّامَة الشَّيخ صَالح في هذه الدُّروس المهمَّة، ونَستقبلُ الأسئلةَ والاستفسارات في الدُّروسِ السَّابقة. والسَّلامُ عليكُم ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك