الدرس الثامن
فضيلة الشيخ د. إبراهيم بن عبدالكريم السلوم
إحصائية السلسلة
{بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حياكم الله معاشر طلاب العلم في المستوى الرابع من (برنامج جادة المتعلم) والذي نستكمل شرح كتاب "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني المقدسي -رحمه الله- تعالى.
يشرحه لنا فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبد الكريم السلوم، باسمكم جميعاً نرحب بفضيلة الشيخ حياكم الله شيخنا}.
حياكم الله وحيا الله الإخوة والأخوات من طلاب وطالبات العلم، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياهم العلم والعمل الصالح.
{أستأذنكم شيخنا في إكمال القراءة؟}.
نعم على بركة الله.
{قال: -رحمه الله تعالى-: (عن سعدِ بنِ أبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قالَ: جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعُودُني - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ - مِن وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَلَغَ بِي مِن الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قالَ: «لا». قلتُ: فَالشَّطْرُ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «لا» قلتُ: فَالثُلثُ؟ قال: «الثُلُثُ، وَالثُّلثُ كَثِيرٌ. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حتَّى مَا تَجْعَلُ في فِي امْرَأَتِكَ» قالَ: فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لكِن البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ» يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أنْ مَاتَ بِمَكَّة) }.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد، فقد ذكر المصنف -رحمه الله- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في كتاب "الوصايا"، وهذا الحديث من عُمَدِ كتاب "الوصايا"؛ لأنَّ النبي ﷺ قد ذكر فيه ضوابط الوصية، فبين ﷺ أنَّ الوصية إنما تكون في الثلث فما دون، وأن ما جاوز الثلث ليس للإنسان فيه حق، بل إنَّ الله -عز وجل- قد تولى فيه الحق، يقسمه -سبحانه وبحمده- كيف شاء.
وذكر حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: (جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعُودُني - عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ - مِن وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي) ، وسعد -رضي الله عنه- هو من أخوال النبي ﷺ؛ لأنه من بني زُهرة، ومن المعلوم أنَّ أمَّ النبي ﷺ هي: آمنة بنت وهب، الزهرية، فإنها من بني زهرة، فكان سعد -رضي الله عنه- من أخوال النبي ﷺ لذلك.
وقد كان النبي ﷺ بارًا بأخواله، رحيمًا رفيقًا بهم، وكان مُفاخرًا بهم أيضًا؛ لأنه قد جرت عادة بعض الناس من أهل الجاهلية أنه ربما ينفر من أخواله، فنقول: لا، بل إنَّ النبي ﷺ على الرغم من أنه قد تبوأ المنزلة العليا في الشرف، إلا أنه كان يعجب بأخواله، وكان ﷺ إذاً رأى سعدًا -رضي الله عنه- قال: «هَذَا خَالِي فَليُرِني امرُؤٌ خالَه»[1]، إشادة بسعد -رضي الله عنه-.
وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بعد وفاة النبي ﷺ كذلك بأخوال النبي ﷺ، حتى إنَّ عبد الله بن الزبير الذي كان أحب الناس إليها بعد رسول الله ﷺ وأبي بكر، بل إنها لَمَّا قالت للنبي ﷺ: أريد أن أكتني، قال لها: «فاكتَني بابنِكِ عبدِ اللهِ» أي: ابنَ أُختِها عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَير، فكانتْ تُكنَى: بأُمِّ عبدِ اللهِ، فصارت عائشة هي أم عبد الله.
وكان عبد الله بن الزبير أبر الناس بها، ومع ذلك فإنه لَمَّا حصل بينه وبين عائشة -رضي الله عنها- شيء ما، هجرته عائشة وغضبت عليه، وهذه القصة في صحيح الإمام البخاري، فاستعان عبد الله عليها بكل أحد فلم تقبل، حتى استعان عليها بأخوال النبي ﷺ، فلمَّا دخلوا عليه وشفعوا فيه، قبلت عائشة –رضي الله عنها-شفاعتهم، وكان منهم المسور بن مخرمة الزُّهري، وهو من بني زهرة، أي من أخوال النبي ﷺ.
وهذا إذا تقرر في أخوال النبي ﷺ فلئن يتقرر في آل النبي ﷺ من باب أولى، ولهذا قال: الله -عز وجل-: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى:23]، ومن التفسيرات -كما هو تفسير مجاهد وعكرمة- أنه قال: قربي آل محمدٍ ﷺ.
إذًا الأصل فيهم أنهم يُوادون، ويحبون وينزلون في المنزلة العلية التي أنزلهم الله -عز وجل- فيها، وتكفيهم هذه المنزلة، وما يحتاج أن نغلو فيهم، وأن نضفي عليهم قداسة، وأن نعصمهم من الخطأ، وإذا كان سيد آل البيت وهو عليٌّ -رضي الله عنه- بشر يقع فيما يقع فيه غيره من الخطأ، فكيف الحال بمن سواه من آل البيت؟ يعني: حاشا رسول الله ﷺ.
إذًا جاء النبي ﷺ يعود خاله سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في مكة عام الفتح، ومن المعلوم والمتقرر أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يَرهبون أن يموتوا في البلد التي هاجروا منها، حتى إن بعضهم كان يظنُّ ذلك رجوعًا عن الهجرة أو انتقاصًا منها؛ لأنَّ الأصل أنك إذا هاجرت من بلد، أن تتركه لله -عز وجل- وما تعود إليه أبدًا، حتى لو فتح وأصبح بلد إسلام، فلا تعد إليه أبدًا، ومكة قد فتحت على عهد النبي ﷺ في السنة الثامنة، وأصبحت بلد إسلام، أليس كذلك؟ هل رجع إليها النبي ﷺ؟
الجواب: لا لم يرجع إليها، بل إنه شدد في ذلك فقال: «يُقِيمُ المُهَاجِرُ بمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا»[2]، أي إذا فرغ من الحج في يوم ثلاثة عشر، فما يجوز له أن يقيم بعد ذلك أكثر من ثلاثة أيام، وإذا فرغت من عمرتك في يوم واحد، فتمكث ثلاثة أيام ثم تخرج، ولهذا في عمرة القضاء كم أقام النبي ﷺ في مكة؟
ثلاثة أيام، وكذلك عمرة الجعرانة أقام النبي ﷺ فيها ثلاثة أيام.
جاء النبي ﷺ يعود سعدًا، وفي بعض الروايات: عام "حجة الوداع"، وفي بعضها: "عام فتح مكة"، وهذا خلاف في الروايات في حديث سعد -رضي الله عنه-، ولكن الظاهر -والله أعلم- أنَّ ذلك كان عام حجة الوداع، يعني: أصح الروايات أنه كان عام حجة الوداع. لماذا؟ لأنه هو العام الذي تُوفي فيه سعد بن خولة.
قال: (يَعُودُني -عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ- مِن وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي) ، وقد كان سعد يظن أنَّ هذا الوجع مُهلكه، فأخذ يُوصي، وقال: (قَدْ بَلَغَ بِي مِن الْوَجَعِ مَا تَرَى) ، أي: اشتد بي الوجع، (وَأَنَا ذُو مالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنةٌ لي) ، كانت ابنته على ما قيل: هي عائشة بنت سعد، (أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟) ، وفي بعض الروايات أنه قال: (أَفَأَتَصَدَّقُ بمالي كله؟) قال ﷺ: «لا»، قال: بثلثيه؟ قال: «لا»، قال: فالشطر؟ الذي هو النصف يا رسول الله؟ قال: «لا»، قال: فالثلث؟ قال: «الثُلُثُ، وَالثُّلثُ كَثِيرٌ».
فكان هذا هو المقصد من إيراد هذا الحديث ها هنا، أنه يَسوغ لك أيُّها الإنسان أن توصي بالثلث فما دون في مالك، على ألا يكون للوارث، وأنه ينبغي لك إن كان لك مال كثير، أن تُوصي بالثلث، فإن لم يكن لك مال كثير أن تُوصي بدون الثلث، وعلى أنك إذا أوصيت؛ فإنه لا ينبغي لك أن توصي لِذِي القرابة الذين يرثونك، وإنما توصي لِذِي القرابة الذين لا يرثونك، وهذا من أعظم ما يكون من أبواب البر والحكمة، والفتح الذي يفتحه الله -عز وجل- على من يشاء من عباده.
ما يرشد إليه للموفق، كيف؟ قد يكون لك مثلاً ابن توفي، ولهذا الابن أبناء، وأبناء الابن لا يرثون مع وجود أعمامهم، ولذا ينبغي للإنسان العاقل أن يقول: وأوصي لأبناء ابني فلان بمثل نصيب أحد أعمامهم، هذا من أعظم ما يكون من البر.
توصي لأبناء بناتك، تعرف أن من أبناء بناتك مثلاً من كان فيه فقر أو شيء، توصي لأبناء أولادك، توصي لأعمامك، لأخوالك، لعماتك، لإخوانك وأخواتك الذين لا يرثون منك إذا كان أولادك موجودون؛ لأنهم محرومون ومحجوبون عن الميراث، فلك أن توصي لهم، أو اجعل وقفًا للقرابة غير الوارثة، هذه كلها من أعمال البر التي ينبغي للإنسان أن يقصد إليها.
وأعظم ما يقصد إليه أن يجعل معروفه في قرابته، فاجعل معروفك في قرابتك ابتداء حتى يَستغني القرابة؛ لأنها صدقة وصلة، وهي مما يبارك الله -عز وجل- به في المال، فإن النبي ﷺ قال: «مَن أَحَبَّ أن يُبْسَطَ له في رزقِه، وأن يُنْسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَه»[3]، ولا يوصل الرحم بشيء كما يوصل بالمال، قد يكون الرحم غاضب عليك أو ناقم عليك أو كما نسميه نحن شاري عليك، فإذا وصلته بالمال رضي أعظم الرضا.
نحن لا نقول: إن الصلة كلها بالمال، ولكن نقول: مَنْ فَتَحَ الله -عز وجل- عليه، وأعطاه المال، فليجعل من أبواب الصلة أن يصل قرابته بالمال؛ لأنَّ هذا من أعظم أبواب الصلة، تُعينهم على أمور دنياهم، وعلى أمور دينهم.
إذًا قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ» ثم أخبر النبي ﷺ بقاعدة: «إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»[4]، وما من شك أنَّ هذا مما يأثم به الإنسان، أن يعمد الإنسان وهو قليل المال، إلى ثلث ماله فيوصي به ثم يدع الورثة يتكففون الناس، ويصبحون فقراء محتاجين، نقول: هذا بلا شك مخالف، والنبي ﷺ لم يرخص لسعد إلا في الثلث مع أنَّ سعدًا لم يكن له إلا ابنة واحدة.
ثم كأنما أشار عليه بأن الثلث كثير، فقال: «الثُلُثُ، وَالثُّلثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». إذًا هذا من المقاصد التي ينبغي أن ينظر إليها الإنسان.
بعض الناس يجمع وهو لا يبصر مصيره، نقول: من الأمور الحسنة التي ينبغي للإنسان أن يُبصرها في جمعه للمال، أن يجمع المال حتى يجعل ورثته من بعده أغنياء، ما يحتاجون إلى الناس، ولا يتكففون لهم.
نحن نرى الآن ورثة قد مضى عليهم ثلاثة أجيال أو أربعة أجيال، ولا زالوا ينعمون بخير أجدادهم، لماذا؟ لأنهم قد وقفوا عليهم الأوقاف الضخمة العظيمة، التي أصبحت تذهب إليهم، هذه أيضًا من الأبواب الحسنة، وهي أبواب الأوقاف على القرابات، أن يوقف الإنسان على القرابة.
ثم بين أن الوجه الشرعي في النفقة والأجر لا يقتصر على مسمى الصدقة للأجنبي؛ لأنَّ بعض الناس ما يفهم من الصدقة إلا إذا كانت لأجنبي.
قال: (وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا) ، هذه قاعدة عامة، نفتقدها افتقادًا عظيمًا، وقد ذكرناها حينما شرحنا حديث «إنما الأعمال بالنيات»، وهذه قاعدة مهمة، أنه ليس بين العبادات والعادات، إلا النية، فإنَّ النية هي التي تصير العادات عبادات، وقد تكون هناك أمور درج عليها الناس مثل: النفقة، نفقة الوالد على أولاده، وسعيه عليهم، وعمل الوالد في عمله، وكسبه للرزق، هذه كلها أعمال اعتيادية، أليس كذلك؟ لا يؤجر عليها الإنسان إلا إذا اقترنت بالنية الصالحة.
يذهب الإنسان إلى عمله، وهو يعلم أنه ما ذهب إلى عمله إلا ليكسب المال الحلال الذي يكف الله -عز وجل- به وجهه عن سؤال الناس، ويُغني به ورثته؛ فيؤجر عليه، يُنفق على أولاده، وما ينفق عليهم إلا لأجل هذا الغرض، والمرأة تحضن الصبي الصغير فتلقمه ثديها بهذه النية، وتأتي إلى صبيها الصغير فتطعمه بهذه النية، وتأتي إلى أولادها فتعلمهم من العلم الشرعي بهذه النية! أجور عظيمة تبلغ بها المرأة منازل أعظم العلماء وأعظم العباد، ويبلغ بها الرجل العادي المنازل العلية عند الله -عز وجل، كل هذا بالنوايا الصالحة فقط، وليس هناك أية أعمال إضافية يكسب بها الأجر عند الله -عز وجل- وتحصل بها البركة في الدنيا؛ لأنَّ المال الذي اقترن بالنية الصالحة ليس كالمال المجرد عنها أبدًا، والنفقة المقترنة بالنية الصالحة ليست كالنفقة بدونها.
إذاً احتسب نفقتك على أولادك، احتسبها عند الله -عز وجل-، فإذا احتسبتها علمت أنك إذا مت وخلفت لهم ميراثًا، فإنَّ هذا الميراث ما دام أنك قد احتسبته عند الله -عز وجل-؛ فإنه سيكون خيرًا وأجرًا لك، وربما كان أعظم من الوصية.
بعض الناس يعتب على بعض من توفاه الله أنه ما أوصى بشيء، نقول: لا تعتب عليه إلا إذا اطلعت على نيته، وما يُدريك أنه أراد أن يوصي، ولم يكن بينه وبين الوصية إلا أن يخط بيده، فقال: لا، أنا لا أملك مال وافر، وذريتي كثير، وهم أولى بهذا المال مني، فنقول: نِعمَ ما فعل، ونيته ها هنا عند الله -عز وجل- خير من وصيته، «إنَّكَ أن تَترُكَ ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهُم عالةً يتَكَفَّفونَ النَّاسَ»، وهذا في الحقيقة مما ينبغي أن يُستصحب حتى يحسن الظن بالمسلمين؛ لأنَّ بعض الناس يقول: فلان مات ولم يجدوا له وصية. أين الإشكالية في ذلك؟
ما دام أنه ليس له ولا عليه حقوق، فليس من الشرط أن يوصي، وما يدريك لعله أراد أن يوصي فأراد أن يترك ماله كله لورثته، وتصدق به عليهم.
فلربما فكر وقال: هل الثلث لي؟ قيل: نعم، فقال: هل يجوز لي أن أوصي به للورثة، قليل: لا، أي: لا يجوز لك الوصية للورثة. فإذا به يقول: إذًا سأعمل حيلة شرعية، ما هي الحيلة الشرعية؟
قال: الحيلة الشرعية ألا أوصي، وأجعله نفقة لهم.
نقول: إنَّ هذا لشيء عظيم، يحبه الله -عز وجل-؛ ولهذا يقول النبي ﷺ: «إنَّكَ أن تَترُكَ ورثتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهُم عالةً يتَكَفَّفونَ النَّاسَ».
إذًا ينبغي أن يُحسن الظن بالمسلمين، ولا يَظن الإنسان أنَّ فلانًا من الناس رجلاً سيئًا؛ لأنه لم يوصِ بشيء. نقول: لا، غير صحيح، بل ربما كان رجلاً حكيمًا، لأنه نظر إلى الأمر نظرة شرعية، فعمل بها.
قال: «وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حتَّى مَا تَجْعَلُ في فِي امْرَأَتِكَ»، أي: حتى اللقمة التي تُعطيها للمرأة، لماذا ذكر المرأة هنا ولم يذكر الولد؟
قالوا: لأنَّ العلاقة بين الرجل والمرأة قائمة على المبادلة والنفع المحض، أعطيني وأعطيك، في مبدأها بوجه عام، فإذا كنت تُؤجر على هذه العلاقة التي واجب عليك أن تنفق عليها، لأن من أعظم حقوق المرأة على الرجل النفقة.
ولهذا قال: النبي ﷺ «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»[5]، فأول الحقوق التي تجب للمرأة على الرجل: النفقة والكسوة، ولهذا يجوز فسخ النكاح بالعجز عن النفقة، ومع ذلك فإنَّ هذه النفقة الواجبة عليك إن كنت قد استصحبت فيها النية لله -عز وجل-؛ فإنك ستؤجر عليها، ولهذا قال: («حتَّى مَا تَجْعَلُ في فِي امْرَأَتِكَ»)
الآن فرغنا من قضية الوصية، وفرغ سعد -رضي الله عنه- من قضية الوصية، واستقر عنده أنه لا يُشرع له الوصية إلا بالثلث فما دون ذلك.
ثم انتقل إلى مسألة ثانية، وهي أنه قال: (يا رَسُولَ اللهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟) يعني: سأموت في مكة؟ فقال: له النبي ﷺ: («إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً») . فما دام أنك تعمل أعمالاً صالحة، وما دام أنك قد خُلفت ليس بطوعك ولا باختيارك، فإنَّ الحرج مرفوع عنك، وفيه دلالة على ماذا؟ فيه دلالة على أنَّ الإنسان ينبغي له في كل موطن من المواطن أن يتلمس أحب الأعمال لله -عز وجل- في هذا الموطن، ترى موطنك في حال المرض وعبادتك في حالة المرض ليست كعبادتك في حالة الصحة، وعبادتك في المكان الفلاني ليست كعبادتك في المكان الفلاني.
إذاً عليك أن تبحث عن العمل الذي يرفعك الله -عز وجل- به، واحرص على أن تكون أعمالك كلها لله -عز وجل-، («فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً») ، يعني: عند الله -عز وجل-.
(«وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ») ؛ لأنَّ النبي ﷺ مسح على سعد -رضي الله عنه- بيده الشريفة، وقال: («وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ») ، وهذه من معالم النبوة، فإنَّ النبي ﷺ عَلِمَ ما سيؤول إليه حال سعد -رضي الله عنه- وقد حصل، فإنَّ سعدًا -رضي الله عنه- قد كان أطول العشرة المبشرين بالجنة عُمرًا، فَعَمَّرَ عُمرًا طويلاً -رضي الله عنه-، وقد نفع الله -عز وجل- به الإسلام، فإنه هو فاتح العراق؛ لأنه هو من قاد معركة القادسية، بأمر عمر -رضي الله عنه-، وفتح الله -عز وجل- به فتوحًا عظيمة، («وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ») فنفع الله به أهل الإسلام، («ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ») ، فأضرَّ الله -عز وجل- به أهل الكفر.
وقد عصم الله -عز وجل- سعدًا -رضي الله عنه- من الفتن، فإنَّ سعدًا -رضي الله عنه- كان من الصحابة الذين لم يشاركوا في شيء من الفتن التي وقعت بين الصحابة بعد مقتل عثمان -رضي الله عنه-، فقد كان مُعتزلاً لها، على الرغم من أنه كان مرشحًا وبامتياز كما يقال: للخلافة في أحوال الحكمين، فإنَّ الحكمين كان أحدهما من جهة عليٍّ -رضي الله عنه- وهو أبو موسى الأشعري، ومن جهة معاوية -رضي الله عنه- كان عمرو بن العاص -رضي الله عنه-.
قد ذكروا فيمن ذكر من الأسماء: اثنين أو ثلاثة، ذكروا سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر، ولكن سعدًا -رضي الله عنه- كان يأبى، أي ليس له رغبة، وكان قد عاش في الصحراء لَمَّا وقعت الفتنة، ولَمَّا جاءه ابنه عمر، وأقبل إليه، قال سعد -رضي الله عنه-: (أَعُوذُ باللَّهِ مِن شَرِّ هذا الرَّاكِبِ، فقال له: أَنَزَلْتَ في إبِلِكَ وَغَنَمِكَ، وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ المُلْكَ بيْنَهُمْ؟، فَضَرَبَ سَعْدٌ في صَدْرِهِ، وقالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَنِيَّ، الخَفِيَّ») ، فكان سعد -رضي الله عنه- على ذلك، في الجمل وفي صفين، وفيما بعد ذلك، حتى توفاه الله -عز وجل.
قوله: («اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ») ، هذا دعاء النبي ﷺ لأصحابه المهاجرين -رضي الله عنهم- أن يُمضي الله -عز وجل- لهم هجرتهم. كيف؟
يعني: أن يتممها عليهم، وألا يموتوا في البلد الذي كانوا فيه، فلم يمت أحد منهم بعد في مكة، وإنما ماتوا كلهم -رضي الله عنهم- في بلد مهجرهم الذي هو المدينة أو غير ذلك.
قوله: («وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ») ، الرد على الأعقاب هو الارتداد عن دين الله -عز وجل-، ولهذا لم يكن في الصحابة المهاجرين رجلاً واحدًا قد ارتدَّ بعد وفاة النبي ﷺ، حتى لَمَّا حصلت الردة بعد وفاته ﷺ، لم تحصل في المهاجرين استجابة لدعوة النبي ﷺ، («اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ») .
قوله: («لكِن البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ») ، سعد بن خولة أحد الصحابة المهاجرين الأخيار -رضي الله عنهم-، وقد استبأس النبي ﷺ حاله؛ لأجل أنه تُوفي في مكة، ولقد كان مُهاجريًا، قال: (يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ أنْ مَاتَ بِمَكَّة) .
{أحسن الله إليكم.
قال المصنف -رحمه الله-: (عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُمَا- قالَ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِن الثُّلُثِ إِلى الرُّبُعِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ») }
هذا أيضًا من فقه ابن عباس -رضي الله عنه-، وقد مضى معنا هذا الأثر عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِن الثُّلُثِ إِلى الرُّبُعِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ») ، هذا من الفقه الذي يدل على فهم ابن عباس -رضي الله عنه-؛ لأنَّ النبي ﷺ قال لسعد -رضي الله عنه- لَمَّا أخذ سعد -رضي الله عنه- ينازله، النصف، الثلث، قال: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»، فقال: -رضي الله عنه-: (لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِن الثُّلُثِ إِلى الرُّبُعِ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ») .
إذاً نقول: أفضل وصية هي: الربع فما دونه، أي: الربع أو الخمس أو العشر، يوصي بحسب ما يتيسر له، ويحرص أن تكون وصيته في وجوه الخير، ويحرص أيضًا على أن تكون وصيته في الأوقاف الدائمة؛ لأنَّ الوقف ما ينتهي وهو دائم ما ينقطع، ولكن ينبغي إذا أراد أن يُوصي بالأوقاف، أن تكون هذه الأوقاف من الأوقاف ذات النفع المتجدد، وليست من الأوقاف التي تحتاج إلى إعمار.
مثال: بعض الناس يوقف في أرض، وهذه الأرض تحتاج إلى مبالغ حتى تعمر، فيقال له: الأولى في مثل هذا، أن يكون الوقف على ما يُنتج، وعلى ما يُغل؛ لأنَّ هذا هو الثمرة من الوقف، ليست الثمرة من الوقف تحبيس الأصل فحسب، ولكن الثمرة تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، فإذا حبست الأصل ولم تُسَبَّلَ المنفعة كان هذا وقفًا منقوصًا.
إذاً هذا الحديث فيه مجموعة من الفوائد:
- منها: مشروعية عيادة المريض؛ لأنَّ النبي ﷺ عاد سعدًا -رضي الله عنه.
- منها: استحباب التذكير بالوصية، وأن يذكر الإنسان المريض بالوصية بكل الأحوال، ولا يكون هذا من تجزيعه، ولكن يقال للإنسان: ينبغي للإنسان أن يوصي في كل أحواله، وفي حال المرض من باب أولى، فإذا كان لك على غيرك حق أو لغيرك عليك حق، أو كان لك شيء تريد أن توصي به؛ فإنه ينبغي للإنسان أن يبادر.
- ومنها أيضًا: أنَّ الإنسان يستشير من هو أعلم منه، كما استشار سعد -رضي الله عنه- النبيَ ﷺ.
- ومنها: أنه لا يجوز الزيادة على الثلث في الوصية وغيرها.
وهناك الكثير من الفوائد أيضًا في حديث سعد -رضي الله عنه-، فهو من أعظم الأحاديث وأكثرها فوائد.
{أحسن الله إليكم.
قال: -رحمه الله تعالى-: (بَابُ الفَـَرائِضِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُمَا-، عن النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»، وفي روايَةٍ: «اقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كتَابِ اللهِ، فَمَا تَرَكَت الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَر») }.
قال المصنف -رحمه الله-: (بَابُ الفَـَرائِضِ) ، والفرائض عند العلماء -رحمهم الله- هي المواريث؛ لأنَّ لفظ الفرائض قد كان يُطلق في الزمان الأول على الأمور المفروضة بكل الأحوال، فمثلاً لَمَّا سأل عمر -رضي الله عنه- عن عبد الرحمن بن أبزى. فقال: «إنَّهُ قارئٌ لِكِتابِ اللَّهِ تعالى، عالمٌ بالفرائضِ، قاضٍ»[6]، والفرائض هنا لا يُراد بها المواريث، وإنما يُراد بالفرائض أحكام الشرع، ومن جملة أحكام الشرع: المواريث، فهذا هو الإطلاق الذي يكون عند الصحابة -رضي الله عنهم-.
نعم قد جاء في الحديث: «أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها»[7]، ويراد به المواريث ها هنا، ولكن هذا اللفظ "الفرائض" من خلال تتبعه في كلام السلف وجد أنهم إذا قالوا: عالم بالفرائض؛ فإنه يُراد به العلم بوجه عام بالأحكام الشرعية، والتي من جملتها: علم المواريث. إذًا هذا هو الأصل في لفظ الفرائض.
والفرائض تسمى عند الحنابلة -رحمهم الله- بالفرائض، وتسمى عند غيرهم: أبواب المواريث، ففي الفقه المالكي على سبيل المثال يتناولونها على أنها أبواب المواريث؛ لأنهم يرون أن كلمة الفريضة أوسع من ذلك، فهي إذًا العلم بقسمة المواريث على قسمة الله -عز وجل- وقسمة رسوله ﷺ.
والأصل في المواريث أنَّ الله -عز وجل- قد تولى قسمتها، فإن الله -عز وجل- قد ذكر في كتابه أربع آيات قد اشتملت على عامة أحكام المواريث، منها قول الله -عز وجل-: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، هذه آية، والآيتين التي بعدها، وهنام آية أيضاً في آخر سورة النساء، ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾ [النساء:176].
فما وَكَلَ الله -عز وجل- قسمة المواريث لأحد، وهذا يدل على معنيين جليلين:
المعنى الأول: عناية الشرع بالمال، يأتي رجل ويقول: المال لا يُلتفت إليه، نقول: لا، لا يلتفت إليه من حيث أنه لا يُقاتل عليه، ولا يكون في قلبك، ولكن الله -عز وجل- اعتنى به، ولهذا هو أحد الضرورات الخمس، فإنَّ من الضرورات الخمس: "حفظ المال"، ومن العناية بالمال أنَّ الله -عز وجل- قد تولى قسمة المواريث، ولم يقل: إن هذا مال سيخلفه الميت، يُعبث فيه، ويُلعب فيه، ويصنع فيه كما شاء، بل نزع الله -عز وجل- يد الميت من ذلك، وتولى -سبحانه وبحمده- قسمته بنفسه، هذا واحد.
الأمر الثاني: أنه يدل على مبدأ التكافل بين الأسرة الواحدة، ومبدأ صلة الرحم، فإنَّ الله -عز وجل- لَمَّا نزع قسمة الميراث من الإنسان أو الميت أو صاحب المال، وجعلها إليه -سبحانه وبحمده- إنما أراد بذلك نزع الأحقاد والآثار والبغضاء التي تكون بين الورثة، ولهذا في الدول الأوروبية بوجه عام، والتي تعطي حق قسمة الميراث للميت، لا تحصل القطيعة غالبًا إلا بعد الوفاة، فتجد أنَّ هناك صراعات بينهم، تجد أنها تؤدي إلى القتل والقطيعة الدائمة، وذلك بسبب عدم القسمة الصحيحة للميراث، أي: يجور في قسمة الميراث، فنفى الله -عز وجل- ذلك، وجعلها له -سبحانه وبحمده- وقسمها قسمة عادلة، قسمة حسب القرب من الميت، فمن كان أقرب إلى الميت كان أحظَّ بالمال، ومن كان أبعد منه كان أبعد عن ذلك، حتى يصل إلى مرحلة تنقطع، ولا ترث شيئًا.
على سبيل المثال: بنت العم لا ترث شيئًا، وبنت الأخت ما ترث شيئًا، مع أنهما من أرحامك وقراباتك، ولكنهما لا يرثان.
فبنت العم ليست رحمًا محرمًا، ولكنها من الأرحام العامة، وما ترث، وبنت الأخت يجوز لك أن تراها، ويحرم عليك الزواج بها، وأنت محرم لها، ولكنها ما ترث منك، تولاها الله -عز وجل- وجعلها كما ذكرنا بحسب القرب من الميت.
ذكر في حديث ابن عباس -رضي الله عنه-، وهو أحد الأحاديث الجوامع، وأحد الأصول في بابه، فهو أصل في باب الفرائض، قال النبي ﷺ: («أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ») وقبل أن نشرح في هذا الحديث، نقول: إن الصحابة -رضي الله عنهم- قد كانوا يتنافسون في علم المواريث، ولهذا من المسائل الكثيرة التي اختلف فيها الصحابة -رضي الله عنهم- مسائل المواريث، ومن أكثر النوازل الواقعة في فقه الصحابة -رضي الله عنهم- نوازل المواريث، ولو لم يكن من ذلك مثلاً إلا "العمريتان، والأكثرية، وغيرها من المسائل المشهورة عند الفقهاء"، وهذه كلها مسائل وقع فيها الخلاف بين الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد كان إمام هذا الباب من الصحابة -رضي الله عنهم- هو: زيد -رضي الله عنه- بتسليم الصحابة كلهم له.
فإنَّ النبي ﷺ قد ثبت عنه أنه قال: «وأفرضُهم زيدُ بنُ ثابتٍ»، وهذا لا يعني الأخذ بفقه زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في الفرائض كلها، بل يعني أنَّ زيدًا -رضي الله عنه- قد كان مختصًا بهذا الباب، عالِماً به، وأنَّ قوله فيه مُقدم، ولكن لا يلزم من ذلك الأخذ بقول زيد -رضي الله عنه-.
ومما يدل على ذلك أن زيدًا -رضي الله عنه- قد كان يقول بتوريث الإخوة مع الجد، وله في ذلك مسائل كثيرة، وتقسيمات معروفة، والأكثرية إنما هي واردة على أصول زيد في هذا الباب؛ لأنها كدرت أصوله في هذه المسألة.
قالوا: إنما سميت أكثرية لأجل ذلك، ومع ذلك فإنَّ الراجح عند جماعة من العلماء أن الإخوة لا يرثون مع الجد، وهو قول الصديق الأكبر -رضي الله عنه-، فإنَّ الصديق -رضي الله عنه- أنزله أبًا، يعني: عامل الجد معاملة الأب، فحجب به الإخوة.
إذا تقرر أنَّ زيدًا -رضي الله عنه- هو أفرض الصحابة، فنقول: إنه ثم أيضاً من الصحابة -رضي الله عنهم- من كانوا ذوي علم بالفرائض والمواريث، ومنهم عليٌّ -رضي الله عنه- وابن مسعود -رضي الله عنه- وعثمان وعمر وابن عباس، وكل هؤلاء كانوا من أئمة الصحابة -رضي الله عنهم- في الفرائض، وإلى مسائلهم في هذا الباب يرجع.
لكن ابن عباس كان كثير الخلاف للصحابة -رضي الله عنهم-، قد خالفهم في غير ما مسألة، من المسائل التي قد كان يظن أن فيها إجماع، مثل: مسألة العول مثلاً فإنَّ ابن عباس -رضي الله عنه- لم يكن يقول بالعول، والعول هو ازدحام الأصول على التركة.
إذاً قوله: ﷺ: «ألحِقوا الفرائضَ بأصحابِها، فما أبقَت الفرائضُ فلأَولَى رجُلٍ ذَكَرٍ»، فأمر النبي ﷺ أن تلحق الفرائض بأهلها، والفرائض هي الفروض؛ لأن العلماء -رحمهم الله- يقولون: الورثة يرثون بنوعين، إمَّا بالفرض أو بالتعصيب، الفرض هو الذي ذكر له في كتاب الله -عز وجل- نصيب مسمى، مثل من؟
مثل: الزوج والزوجة، ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ﴾ [النساء:12]، وقال: -عز وجل- في الآية: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾ [النساء:12]، هذه فروض مفروضة، لك الربع ولك الثمن ولك النصف، هذا في حال، وهذا في حال، هذه فرائض.
إذا توفي الميت نظرنا إلى ورثته وألحقناهم بفرائضهم، على سبيل المثال: هلك هالك عن زوجة وأم وثلاثة أولاد ذكور، نأتي فنقول: الزوجة لها الثمن، لماذا؟ لوجود الفرع الوارث، الأم ها هنا لها ماذا؟ لها السدس، لوجود الفرع الوارث، لماذا؟ الأم مذكور نصها بالقرآن، والزوجة مذكور نصها في القرآن، والبقية لأولى رجل ذكر، الباقي للأولاد.
{لو كان مثلاً في إخوة ما يرثون}
نعم، لو كان في إخوة ما يرثون، افرض أننا الآن سحبنا الأولاد، إذاً أولى رجل ذكر ها هنا من؟ هؤلاء الأولاد، فأعطيناهم البقية.
فرضنا أن الأولاد غير موجودين، وأنَّ الموجود الآن زوجة وأم وأخ، كيف تكون القسمة؟ نأتي بالزوجة ونقول: لك الربع، لعدم وجود الفرع الوارث، والأم: لك الثلث، لعدم وجود الجمع من الإخوة، وما بقي فلأولى رجلٍ ذكر. من هو أولى الناس الآن وأقرب الناس في هذه المسألة؟
الأخ، نقول: خذ فلوسك، فهذا هو معنى قول النبي ﷺ: («فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ») ، و «لأَوْلَى» يعني: لأقرب رجل.
أول شيء نلحق الفرائض بأهلها، ثم ما تبقى من ذلك نعطيه «لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»، وهو ما يسمى عندهم: التعصيب، والميراث إمَّا أن يكون فرضًا، وإمَّا أن يكون تعصيبًا، والعصبة قال: «لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ»، حتى يدل على أن العصبة إنما هم الذكور، وأن الإناث لا يكن معصبات إلا إذاً كانوا مع ذكور، وهذا على الخلاف بين العلماء -رحمهم الله- في تعصيب بنات الابن مع الأخوات، هذه مسألة خلافية أيضًا بين العلماء -رحمهم الله- وقد خالف فيها ابن عباس -رضي الله عنه-
ولكن ثبتت بها السنة عن النبي ﷺ.
وفي الحديث الآخر قال: «اقسِموا المالَ بينَ أهْلِ الفرائضِ علَى كتابِ اللَّهِ» وهذا أظهر وأبين في المعنى من السابق.
نأتي إلى التركة وإلى الورثة، كما أتينا قبل قليل، فنقول: عندنا زوج وعندنا أم، كم نصيب الزوج؟
نقول: لا نستطيع أن نحدد نصيب الزوج، حتى نحدد هل فيها أبناء أو لا؟ فإذا لم يكن هناك أبناء أعطيناه النصف.
طيب الأم، ما نستطيع أن نحددها حتى نعرف هل يوجد جمع من الإخوة أو لا؟ فإذا كان هناك جمع من الإخوة حجبناها من الثلث إلى السدس، وإذا لم يوجد أعطيناها الثلث.
ثم ننظر إلى البقية فنعطيهم الباقي.
قوله ﷺ: «اقسِموا المالَ بينَ أهْلِ الفرائضِ علَى كتابِ اللَّهِ فما ترَكَتِ الفرائضُ فلأولَى رجُلٍ ذَكَرٍ»[8]، والأصل أنَّ أسباب الميراث عند العلماء -رحمهم الله- ثلاثة.
السبب الأول: الرحم، وهو القرابة، يعني: يكون بينك وبينه قرابة، مثل: الابن، والأب، والأخ، والعم، هؤلاء كلهم قرابات.
السبب الثاني: نكاح، مثل: الزوج والزوجة.
السبب الثالث: الولاء، وهو العتق، وهذا سيبينه النبي ﷺ في حديث بريرة -رضي الله عنها-، يعني: يرث الإنسان بالعتق، أو بكونه مُعتقًا المملوك، وهذا في حال ما إذا توفي المملوك ولم يكن عنده أحد يرثه، لمن يرجع ماله؟ نقول: يرجع ماله لمعتقه الأول؛ لأنه هو أقرب الناس بهم.
قد ذكر الله -عز وجل- هذه الأقسام وفصلها في كتابه، ولكن الميراث بالولاء إنما ذكره النبي ﷺ، في قوله ﷺ: «إنَّما الوَلَاءُ لِمَن أَعْتَقَ»[9].
يبقى أيضًا أن يعلم أنَّ الميراث يكون على درجات، فهناك أصول وهم: الوالدان، ويسمى عندهم: الأصل الوارث، وهناك فروع وهم: الذرية، ويسمى عندهم: الفرع الوارث، وهناك الحواشي وهم: من سوى هؤلاء وهؤلاء، مثل: الإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، هؤلاء حواشي.
وأقرب الناس للميراث وأولاهم به هم: الفرع الوارث، ثم الأصل الوارث، ثم يأتي بعدهم الحواشي، وهم من عدا الأصول والفروع.
يبقى تقسيم الميراث، تقسيم الميراث بلا شك أن له بابه الخاص به، وهو تقسيم طويل في الحقيقة ولكنه ميسر، فإنَّ من حَفِظَ كتاب الله -عز وجل- لم يعجزه شيء من الميراث في الأعم الأغلب، لم يعجزه شيء من الميراث، والحقيقة أنَّ هذا العلم من العلوم التي ينبغي للناس أن يحيوها أو يتدارسوها، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يعلمونه لأولادهم ويدرسونه، وهو من العلوم التي تحرك العقل، لإنه علم فيه نوع من الرياضيات الشرعية التي تنشط العقول.
نعم، لعلنا نكمل -إن شاء الله عز وجل-.
{أحسن الله إليكم.
(عن أسامةَ بنِ زيدٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- قالَ: قلتُ يا رَسُولَ اللهِ: أَتَنْزِلُ غَدًا في دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ قالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِن رَبَاع؟»، ثم قال: «لاَ يَرِثُ الْكَافِرُ المُسْلِمَ، ولا المُسْلِمُ الْكَافِرَ») }.
هذا حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه- وهو وارد في حكم ميراث المسلم من غير المسلم، وهو ما يُسمى عند العلماء -رحمهم الله- بأبواب الحجب، فإنَّ الحجب أحيانًا قد يكون بوجود بعض الورثة، وقد يكون الحجب بالقتل، وقد يكون الحجب باختلاف الدين، وقد يكون بالرق. أي: رق، وقتل، واختلاف دين.
فإذا كان مثلاً الأخ رقيق، فإنه لا يرث، على سبيل المثال: توفي رجل وقد كان له ابن رقيق، يقول: الرق يحجب، ويكون مانعًا من موانع الميراث.
اختلاف الدين هو ما ذكره ها هنا في حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنه.
والقتل: لو أنَّ رجلاً قتل والده، أو والدًا قتل ابنه، يقول: ما يرث حتى إن بعض العلماء -رحمهم الله- قد عمم هذا حتى على القتل الخطأ، قال: ما يرث حتى في القتل خطأ. لماذا؟
قالوا: حتى لا يكون ذريعة، فهم يقولون هذا من باب سد الذرائع؛ لأنه قد يتوصل إلى قتل والده ويقول: قتلته بالخطأ، يقول: كنت أقود السيارة فانفجر الإطار وقُتِلَ والدي، فقالوا: لا، حتى في مثل هذه الصورة لا يرث، لماذا؟ لأنه من باب سد الذرائع.
والأمر الثالث: اختلاف الدين.
والسبب الثالث: "اختلاف الدين" هو ما جاء بسببه حديث أسامة بن زيد؛ لأنَّ النبي ﷺ لَمَّا فتح مكة سأله أسامة -رضي الله عنه-: (أَتَنْزِلُ غَدًا في دَارِكَ بِمَكَّةَ؟) يعني: يوم فتح مكة، فهل ستنزل في دارك؟ قال: («وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِن رَبَاع؟») الرباع: الأراضي ونحوها، والدور: المنازل. وعقيل: هو عقيل بن أبي طالب، وقد كان من أبناء أبي طالب أربعة، اثنان مؤمنان، واثنان كافران، إلى فتح مكة.
فأما المؤمنان فعلي وجعفر -رضي الله عنهما-، وأمَّا الكافران فعقيل وطالب، وطالب قُتِلَ على الكفر، وأمَّا عقيل فكان كافرًا حتى كان فتح مكة، فهداه الله -عز وجل- للإسلام.
وقد كان الكفار -من كفار قريش- يعمدون إلى كل من هاجر من أهل الإسلام، فيذهبون إلى أموالهم ويحتازونها لأنفسهم، فكان كل واحد يفرح بأن يهاجر أكثر الناس من عائلته، يقول: إذا هاجروا سأحوز ما تركوه.
فلما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة، كان أقرب الناس له ابن عمه عقيل، أمَّا عليٌّ فقد هاجر، ولكن لم يكن له شيء؛ لأنَّ عليًا -رضي الله عنه- كان ذاك الوقت صغيرًا، ولكن النبي ﷺ كانت داره بمكة، وكان له رباع، يعني: أملاكًا، فاحتازها عقيل كلها، وباعها وقبض ثمنها، وما أبطل النبي ﷺ هذا البيع؛ لأنَّ هذا مما تُرِكَ لله، فلا يرجع فيه.
وما أتى النبي ﷺ إلى هؤلاء وقال: إنَّ البيع باطل، كيف يبيع عقيل ما ليس له؟ فلمَّا استولى عليه عقيل وباعه أمضاه النبي ﷺ، قال: («وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِن رَبَاع؟») وجاء في بعض الروايات: «من رباع أو دور».
ثم قال ﷺ: («لاَ يَرِثُ الْكَافِرُ المُسْلِمَ، ولا المُسْلِمُ الْكَافِرَ») ، أقام النبي ﷺ حينها بالْمُحَصَّبْ، والمحصب هو الحجون الآن، وهي أرض منبسطة، أقام فيها ﷺ وما أقام في داره بمكة، وأمضى بيع عقيل على ما هو عليه.
ثم قال ﷺ: («لاَ يَرِثُ الْكَافِرُ المُسْلِمَ، ولا المُسْلِمُ الْكَافِرَ») ، فبين النبي ﷺ هذه القاعدة الشرعية، وهو أنه لا يقع التوارث بين المسلم والكافر.
فإذاً، إذا توفي المسلم وكان له وارث كافر، فإنَّ وجود الوارث الكافر كعدمه، يعني: لو أنَّ المسلم توفي فكان والده كافرًا، نقول: نصيبه من الميراث يسقط، ويقسم الميراث على البقية.
لو أنَّ هذا الرجل توفي وكان له ابن كافر، نقول: يسقط نصيبه ويقسم بين إخوته، وبين بقية الورثة، هذا هو الأصل، وبالتالي: يُعد وجوده كعدمه، يعني: يُسقط من الميراث.
والعكس كذلك، لو أنَّ الكافر توفي وله وارث مسلم، فهل يرثه أو لا؟
نقول: الصحيح أنه لا يرث، مع أنَّ معاوية -رضي الله عنه- قد جاء عنه أنه كان يورث المسلم من الكافر، ويقول: لنا الاستعلاء، نرثهم ولا يرثوننا، إنَّ الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقد قال بهذا القول أيضاً: ابن عباس -رضي الله عنه-، فكانوا يرون أنه نوع من السياسة الشرعية، قالوا: الآن أصبح لنا الإسلام والاستعلاء فنحن نرثهم ولا يرثوننا، كيف أمنعك أنت أيها المسلم من المال، وأعطيه لغيرك من الكفار؟
قالوا: "وهذا الحديث، أي قوله: («ولا المُسْلِمُ الْكَافِرَ») إنما هو مبني على الكافر الحربي، قالوا: لأنه قد سيق في مساق الكافر الحربي؛ لأنَّ أهل مكة كانوا محاربين، وهذا قد قال به بعض العلماء -رحمهم الله-، قالوا: إن هذا الحديث إنما هو محمول على الكافر الحربي، فكيف ترث أنت الكافر الحربي؟ إنما يرثه قرابته، ومن كانوا معه على دينه، وأمَّا غيره من المسلمين فإنهم لا يرثونه.
لكن قالوا: الكافر الذي في ديار الإسلام يرثه المسلم، هذا قد قال به: معاوية -رضي الله عنه-، وهذا القول فيه شيء من الوجاهة من جهة ما قررناه سابقاً، من أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
وقوله ﷺ: («لاَ يَرِثُ الْكَافِرُ المُسْلِمَ، ولا المُسْلِمُ الْكَافِرَ») هذا محمول عند العلماء -رحمهم الله- حتى على اختلاف الدينين.
قالوا: لو أنَّ يهوديًا كان له وارث نصراني أو العكس، هل يرثان من بعضهما أو لا؟
قال بعضهم: لا يرثون، للاختلاف في الدين، والظاهر -والله أعلم- أنهما يرثان؛ لأنَّ الكفر ملة واحدة.
ولعلنا نكتفي بهذا القدر.
{أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، والشكر موصول لكم أيها المشاهدون، ونلتقي -بإذن الله- في الحلقة القادمة، وإلى ذلك الحين نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
---------------------------
[1] أخرجه الترمذي (3752) .
[2] أخرجه البخاري (3933) بمعناه، ومسلم (1352) .
[3] أخرجه مسلم (2557) .
[4] رواه البخاري (5668) .
[5] متفق عليه.
[6] أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (180) .
[7] أخرجه البخاري (6737) ، ومسلم (1615) .
[8] أخرجه مسلم (1615) .
[9] أخرجه البخاري (456) ، ومسلم (1504) .