الدرس الثاني

فضيلة الشيخ د. إبراهيم بن عبدالكريم السلوم

إحصائية السلسلة

9851 9
الدرس الثاني

عمدة الأحكام 3

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي شرح صدور أوليائه بالإيمان، وفتح لهم أبواب النصوص بقواعد البيان، وصلى الله على من أنزل الله عليه الكتاب والميزان، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان.
مرحبًا بطلاب العلم، حياكم الله وبياكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم.
نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) للمستوى الرابع، والذي نشرح فيه كتاب (عمدة الأحكام) للإمام الحافظ المقدسي، ويصطحبنا بشرحه فضيلة الشيخ/ إبراهيم بن عبد الكريم السلوم، باسمكم جميعًا نرحب بفضيلة الشيخ.
حياكم الله شيخ إبراهيم}.
حياكم الله، وحيا الله الإخوة والأخوات، المشاهدين والمشاهدات، ونسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا وإياهم العلم النافع، والعمل الصالح.
{آمين، أحسن الله إليكم.
كنا قد توقفنا في اللقاء الماضي عند حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- نبدأ على بركة الله.
قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». وَفِي لَفْظٍ: «وَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلَاثاً»)}.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد، فقد سبق لنا شرح جزء من هذا الحديث، وقد ذكرنا أنَّ هذا الحديث يشتمل على خمسة من البيوع المحرمة:
أولها: تلقي الركبان.
وثانيها: بيع الرجل على بيع أخيه، وذكرنا ما يندرج تحته من المسائل.
والثالث: النجش، والنجش بوجه عام هو الزيادة، وهو مأخوذ من نَجْش الطير، وهو إثارته لأجل ابتغاء اصطياده، فهو مقتبس من هذا المعنى؛ لأنَّ الناجش يُثير البائع أو يثير المشتري لأجل أن يقع فريسة لهما، فالمشتري في مثل هذه الصورة كالطائر الذي يُثار حتى يُصطاد، فهذا هو معنى النجش.
إذًا النجش يعد بابًا من أبواب الغش، وكذلك الباب الذي قبله، وهو باب تلقي الركبان، أو المسألة التي قبله وهي مسألة البيع على بيع أخيه، كلها من المسائل التي يكون فيها نوع من الغش، ونوع من الإساءة، ونوع من إثارة الأحقاد بين المسلمين.
النجش ها هنا يقع كثيرًا وبصور مختلفة، وهو أن يأتي الإنسان إلى سلعة تُباع في مزايدة، الرجل ما يريد هذه السلعة، وقد يتفق مع البائع وقد لا يتفق، وإذا اتفق كان الأمر أعظم، يتفق مع البائع ويقول له: أنا سأزيد في هذه السلعة حتى تصل -كما يقول بعض الناس ويتأول- إلى الثمن العادل.
نقول: هذا لا يجوز، وعليك أن تدع الناس، ولست أنت من يحدد الثمن العادل، وهذا تجده كثيرًا في سوق الغنم أو سوق السيارات مثلا، فتجد أن المزاد يفتتح بخمسين ألف، من يزيد؟ هذا يقول: خمسة وخمسون، وآخر يقول: ستون، وبينهم رجل لا يريد الشراء، ولكنه يزايد. نقول: هذا من الغش، وإذا تبين للمشتري أنه قد نجش أو أنه قد اشترى السيارة بأكثر من ثمن مثلها بناء على هذا النجش؛ فإن الخيار له بين ردها وبين إمضائها، وليس له شيء ثالث.
بعضهم يقول: امسكها وأعد بالقيمة الزائدة، نقول: لا، هما خياران فقط، إمَّا أن تردها كلها -تفسخ البيع- وإمَّا أن تمسكها؛ لأنَّ موضوع إرجاع جزء من الثمن يوقع خلاف بينك وبين البائع، فالأصل في هذه أن يقال: الأصل إمَّا أن تمسكها وإما أن تردها.
هذه هي المسألة الثالثة من مسائل البيوع المحرمة في هذا الحديث.
المسألة الرابعة: قول النبي : «وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» هذه المسألة فيها شبه بمسألة تلقي الركبان، وذلك أنَّ البادي كما قال النبي في حديث آخر: «إنَّ زاهرًا بادِيَتُنا ونحن حاضِروه»[1]، وزاهر هو أحد الصحابة، وكان ضحوكًا -كثيرا ما يضحك الناس- وكان يأتي من البادية، فيأتي يتحف النبي بتحف أهل البادية، مثل: الأقط، السمن، الودك، الجلود، هذه كلها أشياء كانت تعمل في البادية، فيأتون ويبيعونها في سوق المدينة، ويشترون بدلا منها بعض بضائعهم التي يحتاجون إليها من: القمح، والدقيق، ونحو ذلك، والتي لا يجدونها في الصحاري. فيأتي هذا البائع المسكين أو هذا البادي، قد جلب بضاعته من: الغنم، ومن الجلود، وغير ذلك، يريد أن يبيعها بسعر السوق.
الحالة الأولى: يُضر الآن بالبائع، يضر بهذا البدوي المسكين، فيتلقاه الحضري خارج السوق ويكسر سلعته، بدلًا من أن يبيع سلعته بألف، يقول: تعال سآخذها منك بثمانمائة. في هذه الحالة لا، الإضرار حتى يُعلم أنَّ الدين الله -عز وجل- لا ضرر فيه ولا ضرار.
الإضرار بأهل السوق كيف؟
يأتي البائع -البدوي- يريد أن يبيع هذه السلعة بسعر السوق، دخل السوق فجاءه الحضري وقال: أعطني السلعة -كما يصنع الآن بعض السماسرة مع ملاك الأراضي- يقول: لك أعطني الأرض. البائع يقول: أريد أن أبيعها بسعر السوق، يقول: لا، أنا أبيعها لك بسعر أغلى من ذلك بكثير، وعندي طرقي الخاصة، فهذا البدوي قد دخل السوق ولا يعرف السعر فيه، وهو يريد أن يبيعها بسعر السوق، فيأتي الرجل من أهل الحضر ويقول: أنا سأكون سمسارًا أو مستشارًا لك.
وهذا الفعل محرم، ولهذا قال النبي : «وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» قيل لابن عباس راوي هذا الحديث في حديث آخر: "ما قوله: لا يبيع حاضر العباد؟" قال: لا يكون له سمسارًا، أو وسيطًا حتى يُغلي هذه السلعة، فإذًا من شرطها أن يكون البدوي يريد أن يبيع السلعة بسعر السوق، وأن يقصده الحضري، لكن لو كان البدوي صاحب تجارة. وذهنه كما يقال صاف. قال: لا، لو نزلت إلى هذا السوق الذي فيه الحضر فإنهم يغبنوني، ولذا سأذهب إلى أحد هؤلاء الحضر فأطلب منه أن يبيع لي هذه السلعة. هل هذا يجوز أو لا؟
يجوز؛ لأنَّ البائع هو من قصده، والغرض والحكمة من ذلك ما قاله النبي : «دعوا النَّاسَ يرزقُ اللَّهُ بعضَهم من بعضٍ»[2].
الخامسة: قوله ها هنا: «وَلَا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا؛ إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ».
التصرية تسمى عند أهل نجد بالتحيين، والتحيين هو ترك البهيمة إلى وقت الحلب وصر الضَّرع حتى ما تحلب، فيمتلئ ضرعها وتأتي وهي حافل -شاة محفلة-، وعندنا تسمي الحفلة، أي من الشي المهتم به، هذه محفلة، يعني: كبيرة ممتلئة، سواء كانت ناقة أو شاة أو بقرة، وكل ما يحلب تقع عليه التصرية، وهي من أصول النهي عن الغش، وأنَّ تزينك للسلعة بغير صورتها الحقيقية محرم، وعليك أن تخرجها بحالتها الطبيعية، وأمَّا تزيينها وتحسينها بغير ما فيها فلا يجوز شرعا.
تشتري سيارة فتفصل عداد المسافات حتى إذا أردت خُدِع المشتري وظنَّ أنها ما مشيت إلا ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف، وهي قد مشيت مسافات طوال، وكيلوات كثيرة، فهذا بلا شك من أعظم ما يكون من الغش والخداع، وصار من يفعل ذلك مثل أصحاب المحفلات وهم من رؤوس الغش في الزمان الأول، حيث كانوا يحترفون الغش بهذه الطريقة، يربط ضرع البهيمة ثم يأتي السوق، فينخدع المسكين طالب اللبن بها، تراه يقول: ما شاء الله هذه تسقيني وتسقي أهلي وجيراني، فإذا اشتراها لم يجد بها لبنًا كافيًا حتى لنفسه، وهنا يظهر له أنَّه قد خدع.
قال النبي : «وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا»، أي: إذا حلبتها تبين لك حالها بعد ثلاثة أيام، يعني: هل كانت فعلا شاة حلوبًا أو لا؟ أو أنها إنما كانت حلوبًا لأنها قد صريت يومين أو ثلاثة أيام، فإذا حلبتها فأنت بالخيار، إمَّا أن تردها، وإذا رددتها رددت معها صاعًا من تمر لماذا؟ مقابل الحليب أو اللبن الذي شربته.
أوليس الأصل في المثليات أن ترد بمثلها؟
{بلى}.
طيب إذا كان الأصل في المتلفات أن ترد بالمثل إذا كان لها مثل، وإذا لم يكن لها مثل ذهبنا إلى القيمة، وإذا ذهبنا إلى القيمة فإنَّ القيمة تكون بالنقود.
قالوا: هذا قد جاء على خلاف القياس، وهو عند العلماء -رحمهم الله- كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم مسألة أخرى أو أصل آخر يقاس عليه ما شابهه من المسائل.
قالوا ها هنا: لَمَّا كان رد الحليب بمثله صعبًا؛ لأنَّ المشتري كان طالبًا للبن، أي ليس بموجود لديه لبن، فكيف يؤمر برد اللبن!
وإذا أتى باللبن فقد يتلف وهو من قوام عيش الناس في الزمان الأول، فلما لم يستطع أن يرد اللبن بمثله لجأنا إلى الأقرب له. ما هو؟ لجأنا إلى التمر، وهو مما يتقوت به كاللبن اللبن؟ ولهذا كان طعام النبي غالبًا هو: اللبن والتمر، أو الأسودان، التمر والماء، وقد كان للنبي جيران من الأنصار لهم منائح، يعني: الناقة التي تهدى وتمنح للإنسان، ولهذا قال النبي : «نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً»[3]، وهذه حقيقة من الأمور التي يغفل عنها كثير من الناس، قد ما نحتاجها نحن في بلدنا هذا بما أنعم الله -عز وجل- علينا من النعم العظيمة، ولكن يحتاج إليها كثير من المسلمين في دول أخرى، مثل: اليمن أو في إفريقيا أو غيرها مما يقتاتون على اللبن، فالبقرة تمثل لهم شيئًا عظيمًا.
ما هي المنيحة؟ «نِعْمَ المَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، والشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغْدُو بإناءٍ، وتَرُوحُ بإناءٍ، إن أجرها لعظيم»[4]، والمعنى أن يقول الرجل لأخيه: سأمنحك هذه الشاة أو هذه الناقة منيحة وليست هدية، أي: تشرب من لبنها ويشرب أولادك. إلى أجل مسمى أو إلى غير مسمى، إلى أن تتوفى، أو إلى أن آخذها منك. هذه بلا شك أنها جائزة، وهي مما يعظم أجره.
إذًا التصرية ذكرنا أنَّ التمر إنما كان لأجل أنه هو أقرب الطعام الذي يقتات إلى اللبن، فلمَّا لم نستطع أن نرد اللبن رددنا مثله الذي هو التمر.
قال: «إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ»، قد يرضاها العبد مع أنه عرف أنها محفلة لأجل أنها لا بأس بها.
الأمر الثاني: يكون لك الخيار ثلاثة أيام، فاذا جاوزت الأيام الثلاثة فقد انقطع خيارك حتى لو كانت محفلة، وإن لم ترضها. ولو قلت بعد ثلاثة أيام أنا لم أرضاها نقول: سقط الخيار، إنما الخيار ثلاثة أيام، وهذا هو أصل المسألة في خيار الغبن.
وقد جاء في حديث حِبَّانُ بنُ مُنقِذِ بنِ عمْرٍو -رَضيَ اللهُ عنهما- وكان مُنقِذِ بنِ عمْرٍو رجلاً يُخدع، ومُنقِذِ بنِ عمْرٍو هو رجل من الصحابة قد ضربته أَمَّة على رأسه، فكان يخدع كثيرًا، فقال له النبي : «إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لا خِلَابَةَ»[5]، أي: لا خديعة، ثم جاء في بعض الروايات «ثم أنت بالخيار ثلاثة أيام» أي أن النبي أعطاه خيار ثلاثة أيام، وهذا هو الأصل عند العلماء -رحمهم الله- في الغبن إذا كان في المسائل السابقة، فأما ادعاء الغبن فيما سوى هذه المسائل -وهذه مسألة مهمة- يعني: الرجل ليس أعرابيًا، ولم يخدع بتحفيل أو غش أو نحو ذلك. وإنما ذهب إلى محل فاشترى السلعة التي يريد وكانت بمائة فاشتراها بمائتين.
نقول: الأصل في مثل هذا أن لا يُعترض عليه، لماذا؟ لأن هذا مما جرت به حاجة الناس. وهذا المرجع فيه إليك أنت؛ لأنك لا تحسن أن تمارس، وأنت لست مسترسلا. والمسترسل هو الذي لا يحسن أن يمارس، فإذا كنت مسترسلا، يعني: إنسان لا زال في بداية عمله في التجارة أو البيع والشراء فقد يقبل منك هذا، وأما إذا كنت إنسانًا عريقًا في التجارة فلا؛ لأنَّ هذا الأمر لو قيل به لردت أغلب بيوع الناس، والسبب أن السلع تختلف باختلاف أماكنها، السلعة التي تشتريها أنت مثلا من شمال الرياض ومن السوق الفلاني ربما تجدها غالية السعر، بينما إذا ذهبت إلى بعض أماكن الرياض النائية مثلا قد تجد أنك ربما أخذت مثيلتها بنصف ثمنها، ولو قيل بإبطال هذه البيوع لفسدت بيوع كثيرة، ولهذا قال العلماء: العتب ها هنا عليك، لماذا لم تبحث عن سلعة أرخص منها؟ وها هنا لم يقع فيه غبن.
{قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ» وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الشَّارِفَ وَهِيَ الكَبِيرَةُ المُسِنَّةُ بِنِتَاجِ الجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ)}.
هذا أيضًا من أصول بيوع الغرر، وهو المشهور عند العلماء -رحمهم الله- ببيع حبل الحبلة، الحبل ما هو؟ هو الحمل، يقال امرأة حبلى، أي: حاملًا، والحبلة هي الناقة الحامل، وقد «نَهَى النبي عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ»، وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة، ثم تُنتج التي في بطنها. يأتي الرجل فيقول: عندي جزور شارف، والجزور هو البعير المعد للأكل، أي: للجزر، وفي الزمان الأول كانوا يأكلون الشارف أكثر مما نأكل نحن الآن ما يسمى باللباني والهرفي وغيرها، كانوا يحبون الشارف الكبير. لماذا؟ لأنه أكثر في اللحم.
الشاهد أنهم كانوا يبحثون عن كثرة اللحم، فيأتي إلى هذا الشارف ويقول: أنا أبيعه لك. خذ الشارف واذبحه وتنعم به، ولكني سأشتري منك نتاج ما في بطن ناقتك، سواء كان هذا يقع على النتاج نفسه أو يقع على ما هو شر منه وهو نتاج نتاجه. كيف نتاج نتاجه؟ أي ليس ما في بطنها وإنما ما ستنتجه التي في بطن الناقة، أي: الجيل الثالث، وهذا كله محرم؛ لأنَّ الذي في بطن الناقة لا تدري هل يخرج حيًا أو ميتًا، حيث إنه قد يخرج ميتًا ولا تنتفع به.
إذًا هذه صورة من صور بيع الغرر، وهي مجهولة العاقبة؛ لأننا نجهل عاقبتها الآن، ولذا كانت صورة البيع محرمة، ولهذا «نَهَى النبي عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ».
{(وَعَنْهُ -رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؛ نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»)}.
هذه المسألة من كبار المسائل، ومن أصول المسائل التي يتعلق بها كثير من الأحكام الشرعية، فيما يتعلق بأبواب بيع الأصول والثمار، بيع الأصول يقصد به بيع المزارع ونحو ذلك، والثمار يقصد به بيع الثمرات التي تكون على رؤوس الأشجار وغيرها.
قال: (عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؛ نَهَى البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ») حيث كانوا في الزمان الأول، يأتي الرجل إلى صاحب الحقل أو البستان، وقد أبَّرَه، يعني: لقحه، وبدأ الثمر يظهر، فيقول: أشتري منك هذه الثمرة كلها. بكم؟ يقول: بمبلغ قدره كذا وكذا، واخرج منه، أي: اخرج من هذه الثمرة.
لاحظ: هو لا يشتري البستان، وإنما يشتري الثمرة. فيوافق صاحب البستان ويقول: بعتها بكذا وكذا. قال: فإذا حضر الجذاذ، قال صاحب الثمر: إنه قد أصابه الجذام، أو أصابه القشام، أو قد أصابه كذا. عاهات يحتجون بها. قد أصابت الغبيرة الآن عندنا، الغبيرة هو سواد يأتي على ثمر النخل فيصبح غير صالح للأكل، أو سوس النخل، وهو نوع من العيب -بلا شك- التي تأتي في الثمار، فيجعلها غير صالحة للأكل.
ماذا عن الثمن المدفوع؟ المالك الأول للثمرة يقول للمشتري: هي تلفت بعد أن اشتريتها أنت، ولذلك نهى النبي عن ذلك حتى يبدو صلاحها، أي: لا تبيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. ما المقصود ببدو الصلاح؟
بدو الصلاح يكون في كل شيء بحسبه، ومعناه هنا أن يطيب ويكون صالحًا للأكل، وعلى سبيل المثال في النخل أن يحمر أو يصفر، وما دام أن البُثر أخضر فلا يجوز بيعه حتى يصفر أو يحمر؛ لأنَّ بعض البثر يكون أصفر وبعضه يكون أحمر، فإذا أصفر أو احمرَّ جاز بيعه. والعنب حتى يسود، وهكذا كل شيء صلاحه بحسبه عند أهل الصنعة والاختصاص من المزارعين، فإذا بدى صلاحه جاز لك بيعه، وأما بيعه قبل ذلك فإنه محرم إلا في حالتين.
الحالة الأولى: أن يبيعه مع أصله، أي: يبيع المزرعة بثمرها. لماذا؟
لأنه عند العلماء -رحمهم الله- أنه يدخل تبعًا ولا يدخل استقلالًا، وها هنا قد دخل الثمر تبعًا للأصل.
الحالة الثانية: أن يبتاعه بشرط القطع على الفور، يقول: بعتك الثمر بشرط أن تقطعها الآن. ما هي الحاجة لذلك؟ يقول لأني أعلفها الدواب، وهذا جائز بدون بأس؛ لأنه لن يقع فيه الخلاف.
إذًا نهى النبي عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، نهى عن ذلك «البَائِعَ وَالمُشْتَرِيَ»؛ لأنَّه من المعلوم أن المزارع يعتريها كثير من الآفات، ثم إنَّ الثمر أيضًا قد لا يخرج بالكمية التي يريدها المشتري، فقد يتصور أنَّ الثمر كثير، ولكن تعتريه بعض الآفات وأكل الطير لبعضه ونحو ذلك فينقص.
{قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ؛ قِيلَ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟»)}.
حديث أنس -رضي الله عنه- هو كالتتميم لحديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- وفيه أنَّ النبي «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ»، حيث بين النبي أنَّ الثمار إنما يكون بيعها وقت إزهائها، وإزهاؤها هنا، يعني: حتى تحمر.
قَالَ: «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» هذا هو أحد المعاني في النهي عن هذا البيع؛ لأنَّ هذا من بيوع الغرر؛ لأنه مجهول العاقبة، ولا يُدرى على أي شيء يصير، فقد يصير إلى خير عظيم فيتندم صاحب الأصل الذي قبض المال، وقد يكون إلى شر عظيم فيندم صاحب الثمرة، ولذا قال النبي : «أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ»، وهذا يحصل كثيرًا، أي: يعتريها آفات «بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» يعني: على أي أساس تأخذ أنت المال! فالثمرة إنما منعت من الله -عز وجل-، فعلى أي أساس أخذت أنت؟ فإذا كان هذا هو الضابط أو هو المعيار أو السبب بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه.
{قال -رحمه الله-: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»، قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً)}.
هذا الحديث وهو حديث النهي عن تلقي الركبان قد سبق شرحه وبيانه في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- السابق، لَمَّا ذكرنا أنَّ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فيه خمسة أنواع من البيوع، فأولها قوله: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ» حيث نهى النبي أن تتلقى الركبان، «وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ» أيضًا سبق شرحناه.
قوله: (قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً) قد ذكرنا أيضا معنى السمسرة في الحديث السابق، وهو الوساطة، وأن يكون الحضري وسيطًا لهذا البادي أو العكس.
{قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ المُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْماً أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، أَوْ كَانَ زَرْعاً أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ؛ نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ»)}.
هذا الحديث هو من أحاديث النهي عن بعض البيوع لعلة الربا، وقد ذكرنا أنَّ هذا الباب وهو (بَابُ الرِّبَا) أعظم الأبواب، والربا الأصل فيه الزيادة، فهو الزيادة في المال، ولكنه نقص في البركة، ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة:276]؛ لأنه وإن كان اسمه مغريًا من جهة: الزكاة، والربو، والزيادة، إلا أن عاقبته وخيمة، وهذا مما يدل أيضًا على عدم الانخداع بالأسماء؛ لأنَّ الإنسان قد يقول الربا شيء جيد رب، فهو زيادة. نقول: حتى وإن كان؛ لأنَّ العبرة ليست بالأسماء، وإنما هي بالحقائق.
إذًا الأصل في الربا أنه على قسمين:
القسم الأول: ربا الديون -ربا النَّسَاء- وهو المسمى عند العلماء بربا الجاهلية، وهو أن يسلفه المال إلى أجل، مثال: يقول أحدهم للآخر: خذ عشرة آلاف ريال إلى سنة على أن تردها لي أحد عشر ألف. أو يبيعه سلعة إلى أجل ويقول: هذا الجوال بقيمة أربعة آلاف، خذه مُؤجلا بسعر خمسة آلاف ريال، فإذا حضر الوقت قال: ما عندي شيء، فيقال له: إمَّا أن تقضي وإما أن تُربي، أي: إمَّا القضاء وإمَّا الزيادة، فهذا هو ربا الجاهلية، وهو ما يسمى عند العلماء -رحمهم الله- بربا الديون، أو ربا النَّسَاء، قال النبي في الحديث الصحيح -حديث أسامة بن زيد-: «إنَّما الرِّبا في النَّسِيئَةِ» هذا نوع من أنواع الربا، وهو أعظم الربا وأشده تحريما، وهو الربا الذي قد وضعه النبي ؛ لأنه هو ما يؤدي الآن إلى هلكة أغلب الدول.
{ويكثر في المسائل المعاصرة الآن}.
هذا كثير جدًا، بل هو أصل الربا في المسألة المعاصرة؛ لأنَّ ربا الفضل قليل، لكن الأصل الآن هو ربا النسيئة وربا الديون، وربا الديون هو الذي هلكت به الآن كثير من البلدان، ولذلك تجد أن بعض البلدان الآن غارقة في الديون، ديونها بالمليارات، لا يمكن أن توفيها للعمر كله. ما السبب؟ مع أنك لو رأيت إلى ما يقابلها من السلع لما وجدتها بهذه القيمة!
السبب أنه يحل عليه الحول في كل سنة فما تجد فيزيد عليها، وبلا شك أنَّ هذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى جمود الأموال؛ لأنَّ الرجل يقول: ما عاد يحتاج إلى معاملة جديدة، فما دام الرأس المال يتضاعف.
ولذلك كان من الأمور الشرعية العظيمة التي تترتب على التعامل بالربا جمود السوق، بسبب الفائدة، وهذا هو ربا الديون.
{طيب يا شيخ الآن في المسائل المعاصرة، ربما هنالك بعض التطبيقات، كما لو علم الإنسان أنه فعلا لن يقع في الربا أو لن يقع في التأخير هذا، فلربما يعلم أنَّ راتبه مناسب لتسديد الدفعات، وهه الأمور صارت منتشرة الآن وموجودة، فهو يعلم علم اليقين أن راتبه سيقسمه على ثلاث دفعات، وبإذن الله لن يقع في الربا}
لا بأس بذلك بشرط: أن لا يدخل على اتفاقية ربا.
{لا، الاتفاقية موجودة، إذا تأخر ستكون هناك زيادة}
هذه محرمة؛ لأنَّ هذا إقرار بالربا.
{حتى لو أنه لن يتأخر وسيسدده في موعده؟}.
نعم حتى لو علم ذلك؛ لأنَّ هذا موافقة منك على شرعية العقد، وكأنك قلت: نعم إني أقر بأن هذا العقد وهو صحيح، ولكنه -بلا شك- فيه نوع من القبول بالربا، حتى ولو تمثل في كثير من الناس الآن، ويتمثل في كثير من وسائل الدفع المقسطة، وهذه في الحقيقة من أعظم الخدع التي يخدعون بها المستهلكين، ولهذا انظر كيف أنَّ المستهلك قد استهلك ماله دون تنظيم حساباته، فيتفاجأ أن أمواله قد ذهبت كلها. بسبب ماذا؟
بسبب وسائل التقسيط، هذه التي جرأت الناس على الشراء، وجعلت الإنسان يشتري شيئًا ليس في قدره.
انظر الآن إلى من كان راتبه 10 آلاف ريال، ويشتري ما يعادل 4 ألاف ريال، وهو يعلم أن راتبه المتبقي لن يكفيه! الذي جرأه على ذلك علمه أنَّه سيدفع الـ 4 آلاف على أقساط.
الشاهد أننا لسنا الآن في مقام التأديب للناس، ولكننا في مقام التعليم، والأصل بوجه عام أنه لا يجوز له الدخول في شرط يُشترط فيه الربا حتى لو كان يظن أنه يستطيع الوفاء.
ومن ذلك أيضًا بعض بطاقات الفيزا التي تكون فيها شروط من بينها إعادة جدولة الدين، فهي حرام بلا شك. يقول لك: إذا حلَّ عليك الحول وما سددت أجدول عليك الدين. كيف تجدوله؟ يقول: أنا آخذ لك تورق وأبيعه وأدخل عليك بفائدة.
نقول: المتقرر عند العلماء -رحمهم الله- أنه لا يجوز قضاء الدين بدين آخر من الدائن، يأتي إلى البنك فيقال له: نعطيك مبلغًا تسدد منه الدين السابق ويكون هذا المبلغ بفائدة جديدة، وهذا لا يجوز شرعًا بلا شك، وقد انعقد قرار مجمع الفقه الإسلامي على تحريم هذا الأمر، وعلى تحريم إعادة البيع من نفس البائع؛ لأنَّه نوع من اللعب.
إذًا نوع الربا الأول هو: ربا النسيئة.
النوع الثاني من الربا هو: ربا الفضل، وهو الزيادة في بعض الأصناف التي بينها النبي بقوله: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ» وقوله: «يَدًا بِيَدٍ» حتى ينفي ربا النسيئة، وقوله : «مِثْلًا بِمِثْلٍ» حتى ينفي ربا التفاضل.
وقوله : «مِثْلًا بِمِثْلٍ» يدل على أنَّ هذه الأصناف ينبغي فيها التماثل. كيف؟
إذا أتيت أن تشتري تمر بتمر، فيجب عليك أن يكون البيع بيعًا متماثلاً، حيث يشتري صاعًا بصاع، أو كيلو بكيلو، حتى لو كان التمر أجود؟ نقول: نعم حتى لو كان التمر أجود ما يجوز لك أن تزيد في ذلك.
قد يقول قائل: إذا بعت تمرًا فاخرًا جدًا بتمر آخر رديء مثلا بمثل، قد يكون فيه نوع من الغبن والظلم؟ نقول: هذا صحيح، ولذا إذا أردت أنك تخرج من الظلم والغبن، فعليك أن تبيع التمر الجيد في السوق ثم قم بشراء التمر صاعين أو ثلاثة من التمر الرديء في السوق، فهذا ليس فيه بأس، لكن أن تبيعه مباشرة متفاضلا فلا، وذكرنا في السابق أنَّ هذا أحد ما يعطل عملية البيع، والشارع يريد التداول، ويريد أن يكون النقدين هما أساس العمل، أنت تبيع الآن بالدراهم، فيكون الأمر قد تحرك، فإذًا هذا هو ربا الفضل، وسيأتي الكلام عليه -إن شاء الله عز وجل- وعلى تفصيلاته.
الشاهد أنَّ النبي نهى «عَنِ المُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ إِنْ كَانَ نَخْلاً بِتَمْرٍ كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْماً أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، أَوْ كَانَ زَرْعاً أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ»، والمزابنة في الزمان الأول كان يأتي الرجل إلى صاحب البستان والحائط، فيقول: كمْ تتوقع في حائطك هذا من الآصُع؟ فيقول: فيه خمسمائة صاع أو ستمائة من الرطب، فهو سيبيعها بعد بدو صلاحها.
فيقول: خذ مقابلُها خمسمائة أو ستمائة صاع من التمر الموجود عندي؛ لأنه يريد أن يبيع التمر الموجود عنده بهذا التمر الموجود في الشجرة. هل يجوز أو لا؟
لا يجوز. لماذا؟ لأننا لا نعلم بالتماثل الحقيقي، وعدم العلم بالتماثل كالعلم بالتفاضل، وهذه قاعدة شرعية.
كيف لا نعلم التماثل؟
لأنه بعد الحصاد قد تكون أقل أو أكثر مما كان متوقعًا، فإذا كان التوقع أن تكون ستمائة صاع أو ألف صاع، فقد تكون حقيقة بعد الحصد تسعمائة أو أكثر أو أقل.
فإذًا النهي عن هذه المسألة من باب ربا الفضل، وليس من باب ربا النسيئة.
قال: «وَإِنْ كَانَ كَرْماً أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً» الكرم هو العنب، شخص يريد أن يتفكه، فدخل إلى الحائط وقال: حائطك قد أزهر وأينع، وأريد أن أشتري منك ألف كيلو أو ألفي كيلو بزبيب، ألف كيلو عنب بألف كيلو زبيب. هذا لا يجوز.
ما الحل؟ الحل: أن تبيع ما عندك من الزبيب في السوق بالدراهم، ثم قم بشراء ما تريد من العنب بحسب ما معك من الدراهم، اشتر خمسمائة أو ستمائة أو سبعمائة بالخرص لا بأس، ولكن لا تشتريها بهذه الطريقة؛ لأن هذه الطريقة فيها جهل بالتماثل.
قوله: «أَوْ كَانَ زَرْعاً أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ» كذلك أيضًا يدخل في النهي إذا كان المبيع زرعًا أو حبوبًا أو بُرًّا أو غير ذلك، فعليه أن يبيعه بمثل هذه الطريقة.
قوله: «نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ» أي أنَّ كل تلك الصور محرمة.
{قال -رحمه الله-: (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ عَنِ المُخَابَرَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ المُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَأَنْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا العَرَايَا».
المُحَاقَلَةُ: بَيْعُ الحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ)}.
قوله: «نَهَى النَّبِيُّ عَنِ المُخَابَرَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ المُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا»، هذه على نفس نسق ما قبلها، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في المقصود بـ «المُخَابَرَةِ» على أكثر من قول.
فقال بعضهم: هي بيع ثمر الأرض لمدة سنوات طويلة، وهذا ما يسمى عندهم ببيع السنين أو بيع الأعوام.
وقال بعضهم: إن «المُخَابَرَةِ» نوع من المزابنة، فهي بيع الثمر الذي يكون على رؤوس النخل بثمر بين يديك، وهذا كله محرم.
قال: «المُحَاقَلَةُ»، وهي بيع الزرع الذي هو الحقل، والذي إمَّا أن يكون برًا أو يكون شعيرًا بِحَبٍّ محصود.
عندك طحين -على سبيل المثال- تريد أن تشتري مكانه حبًا في سُنبله. نقول: لا يجوز. لماذا؟ لأنَّ العلم بالتماثل ها هنا مجهول.
قال: «والمُزَابَنَةِ» قد سبق بيانها.
قال: «وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وقد مضى بيانها.
قوله: «وَأَنْ لَا تُبَاعَ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا العَرَايَا» هذه فيما سبق، أي لا يجوز بيعها إلا بالدينار والدرهم، والثمر لا يجوز بيعه قبل بدو صلاحه لا بالدينار ولا بالدرهم ولا بغيره. ولكن ما سبق يجوز، أي أنَّ المُخَابَرَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، والمُزَابَنَةِ يجوز بيعها بالدينار والدرهم إذا بدا صلاحها.
قوله: «إِلَّا العَرَايَا» هذه مسألة مشهورة عند العلماء -رحمهم الله- وفيها حديث زيد بن ثابت، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنهم- «أنَّ النبي رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا»[6]، وفي حديث أبي هريرة: «فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أو فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ»[7] والوسق ستون صاعًا، فخمسة في ستين يصبح عندنا ثلاثمائة صاع، والصاع اثنين كيلو وشيء يسير، "اثنين كيلو فاصلة صفر أربعة" أي: "2.04"، أي أنَّ الإجمالي يكون تقريبًا: "ستمائة وخمسة كيلوات" أو أقل، أو قل: ستمائة كيلو.
نقول: يجوز لك أن تشتري الثمر الذي على رؤوس النخل بتمر لديك إذا كان من قبل العرايا. ما هي العرايا؟
العرايا من المسائل التي اختلف العلماء -رحمهم الله- في تفسيرها اختلافًا طويلا، وسيأتي -إن شاء الله عز وجل- بيان ذلك في حديث أبي هريرة، ولذا نؤجل الحديث في ذلك إلى ذلك الحين.
{قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ»)}.
هذه أيضًا من البيوع المحرمة التي ذكرها المصنف -رحمه الله-، فقد ذكر النبي في هذا الحديث ثلاثة أمور كلها محرمة.
الأول: ثمن الكلب، وثمن الكلب حرام، ومعناه أنه يحرم بيع الكلب، يحرم أن تتلقى ثمنه، وهذا يشمل كل الكلاب -أكرمكم الله- سواء كان ذلك من الكلاب المأذون فيها أو غير المأذون فيها. لماذا؟
لأنه لم يخصص، وقول أبي هريرة عن النبي : «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ»[8]، هذا ما له علاقة بالبيع والشراء، فما يأتي رجل ويقول: لا، يُستثنى من ثمن الكلب كلب الزرع، وكلب الحراسة وكلب الغنم.
نقول: هو عام.
طيب هذا في ثمن؛ لأنه قال: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ»، وقد جاء في بعض الأحاديث عن ابن عباس -رضي الله عنه- كما رواه الإمام أبو داود -رحمه الله-، «إنْ أتاكَ صاحِبُ الكلْبِ يَلتَمِسُ ثمنَهُ فامْلأْ يديْهِ تُرابًا»، أي: إذا جاء يطلب ثمنه، فخذ التراب وقل له خذه، هذا هو ثمن الكلب أكرمكم الله. لا قيمة له.
قال: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ» وبناء عليه فما يفعله كثير ممن لا خلاق له، من شراء هذه الكلاب، وتربيتها في البيوت والدور، نقول بلا شك: إنه نوع من التعدي العظيم على الشريعة، التعدي الذي شمل شراءه ودفع الثمن فيه وهو محرم، وشمل إمساكه، ومن المعلوم أن إمساكه في البيت محرم، وأنَّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، وأن من فعل ذلك فقد أخرج الملائكة من بيته، وأنقص صاحبه كل يوم قيراطان، والقيراط مثل الجبل العظيم.
هذه أجور عظيمة كلها تذهب منك بسبب وجود هذا الكلب، فهو كائن مذموم، ولكنه لا يجوز التعدي عليه، وهو من حِكَمِ الله- عز وجل-، وقد أورده الله -عز وجل- حتى يَبتلي به هؤلاء، فيربونها ويعتنون بها ويبذلون فيها من الحنان ومن الأموال ما لا يبذلونه ربما في أولادهم، ومن العناية والرعاية.
{هل ينقص من أجرهم؟}
نعم بلا شك أنه ينقص من أجرهم، ويصيبهم بأمراض كثيرة، وأحيانًا يتعدى عليهم أحيانا وأشياء أخر -نسأل الله العافية- ويزداد الأمر شرًا وسوءًا فيمن اتخذ ذلك تقليدًا للغرب، فمن فعل ذلك فقد جمع الشر كله من أطرافه.
الشاهد أن قوله : «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ»، وهذا يشمل كل كلب، ولكن لو اضطر الإنسان كحال من كان كثر الأسفاء ويملك مزرعة أو بيتًا فيه مجوهرات، ومن الصعب وجود حارث لمزرعته إلا بتكلفة عالية، ويضطر إلى إيجاد كلب حراسة، فنقول: قد رخص النبي في ذلك، ومن صنع ذلك فإنه -إن شاء الله عز وجل- مُستثنى من النقص من أجره، ولكنه لا يُستثنى من عدم دخول الملائكة. بل نقول: الملائكة لا تدخل حتى لو قلت إنَّ الكلب للحراسة، بل لا تدخل الملائكة، ومما يدل عليه أن جبريل عليه الصلاة والسلام لَمَّا واعد النبي أن يلتقيه ولكنه جبريل تأخر، فقال النبي : «ما يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَا رُسُلُهُ، ثُمَّ التَفَتَ، فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَقالَ: يا عَائِشَةُ، مَتَى دَخَلَ هذا الكَلْبُ هَاهُنَا؟ فَقالَتْ: وَاللَّهِ، ما دَرَيْتُ، فأمَرَ به فَأُخْرِجَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لكَ فَلَمْ تَأْتِ، فَقالَ: مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذي كانَ في بَيْتِكَ؛ إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»[9]
إذا امتنع جبريل عليه الصلاة والسلام عن دخول البيت لوجود الكلب وعلى الرغم من أنَّ الكلب كان ميتًا، والنبي لم يكن يعلم بوجوده فهو معذور ؛ فدل ذلك على أنه حتى وإن كان الإنسان معذورًا في دخول الكلب إلا أن الملائكة لا تدخل، والحقيقة أنه كفى بالإنسان. يعني نقصًا أن لا تدخل الملائكة بيته.
فإذًا، إذا اضطر الإنسان إلى ذلك لسبب من الأسباب؛ جاز له أن يشتريه، يبذل الثمن، لكن يقال للبائع: سيبذل لك الثمن وسيكون حرامًا عليك قبضه؛ لأن الأصل أنه ما يجوز لك أن تبيعه. أنا يجوز لي أن أشتريه ضرورة.
هل جاء الشرع بمثل ذلك؟
نقول: نعم، قد جاء الشرع بمثل ذلك في أمور كثيرة، وهو أن يجيز الشرع بذل الثمن وينهى قابضه عنه. ولذلك على البائع أن لا يقبضه، فإنَّه إن قبضه إمَّا أن يكون إثمًا وإمَّا أن يكون أمرا قبيحًا مستكرها في حقك، مثل: الحجامة، حيث «نهَى رسولُ اللَّهِ عن كَسبِ الحجَّامِ»[10]، قال: «وكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ»[11]، وقد حجمه أبو طيبة وأعطاه النبي .
فإذًا يقال: لك أن تعطيه، ولكن الآخذ هو الذي يتحمل، فمن أخذ هذا الثمن فقد باء بإثمه.
قال: «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ» البغي ليس لها مهر؛ لأنها لو كانت مهر متزوجة، وإنما هو الثمن الذي يُدفع لها مُقابل الفجور بها، أعاذنا الله -عز وجل- وإياكم من ذلك، وهذا بلا شك من أخبث الكسب، سواء لها أو للدافع. كلاهما غير مأذون له في ذلك.
قال: «وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ» الكاهن هو الذي يدعي علم الغيب، أو يتكهن لك، والتكهن هو محاولة تكشف المستقبل، فالكاهن الذي يدعي علم الغيب، ويدعي الاطلاع على مكان المسروق أو الضالة، وماذا سيحصل لك في المستقبل، ويقرأ لك الكف والفنجان وغير ذلك، هذا -بلا شك- أنه كاهن، وهو من أدعياء علم الغيب، ويأخذ الثمن على ذلك، وغالبهم لم يعمل هذا العمل الخبيث القبيح إلا لأجل أن يأخذ، فإذا دفعت له فهذا أيضًا أمر محرم، بل هو -بلا شك- من أعظم ما يكون من الحرمة.
النبي «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ» وهو أهونها، وَ «مَهْرِ البَغِيِّ» وهو أعظمها و «حُلْوَانِ الكَاهِنِ» وهو شر ذلك؛ لأنه يتعلق بجانب الربوبية.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمه الله-: (عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «ثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ»)}.
حديث رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ -رضي الله عنه- هو كالحديث السابق، إلا أنه قد زاد عليه «وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ»، وقد جاء في الحديث الأول -حديث ابن مسعود- أنَّ النبي نهى، وها هنا قال: «خَبِيثٌ» فبين النبي أنَّ ثمن الكلب خبيث، وبناء عليه يجوز لك أن تدفعه إذا اضطررت إليه، لأنَّك ستتخلص منه، لكن متى ما قبضته الآن قد أصبح ثمنًا. فمتى ما قبضته؟ فإنه سيكون خبيثًا في حقك.
قال: «وَمَهْرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ». قد ذكرنا أن النبي قد احتجم وأعطى الحجام أجره.
قال ابن عباس: ولو كان حرامًا لم يعطه. فدلَّ ذلك على أن بعض الكسب يكون أحيانا من الكسب الخبيث أو من الكسب المذموم ولا يكون محرمًا بكل الأحوال، ولكنه يكون مما لا بركة فيه، ولهذا -يا إخوان- تتفاضل الصنائع بتفاضل أثرها، فتجد أنَّ بعض الصنائع صنائع ليس لها أثر كبير، وبركتها ليست بذاك، وبعض الصنائع لها بركة عظيمة، فمن شر الصنائع الحجامة وما يقرب من الحجامة، مثل: الحلاقة ونحوها، فالحلاق قد يأخذ من اللحية، وقد يقع في أمور كثيرة محرمة، ولهذا تجدون أنَّ الحجام عند غير العرب يسمى الحلاق، لماذا هم يسمون الحجام الحلاق؟ تجد في اللغة الفارسية واللغة الأردية أن الحلاق يسمى حجامًا، فإذا قال أريد حجامًا، فإنَه يقصد حلاقًا، ولهذا بعض الإخوة في مكة مثلا في أيام الحج يذهب إلى هذه الأماكن يريد أن يحتجم الحجامة المعروفة، فيتفاجأ بهم قد حلقوا رأسهم، فالحجام عندهم إنما هو الحلاق، وليس الحجام المعروف الذي يمص الدم.
وقوله: «وَكَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ» فيه دلالة على أنه ليس كسبًا طيبًا، فالكسب الخبيث يقابل الكسب الطيب، وأفضل الكسب مختلف فيه عند العلماء -رحمهم الله- لكنه قد تقرر عندهم أنَّ أعلى المكاسب هو مكسب النبي ، وهو: «وجُعِلَ رزقِي تحتَ ظلِّ رمحِي»[12]، أي أن الجهاد في سبيل الله، والغنائم هي أحب الكسب، وهي أحل الكسب؛ لأنها حلال زلال.
ثم بعد ذلك قد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيما هو أطيبه؟ فقال بعضهم: الزراعة، وقال بعضهم: التجارة، وقال بعضهم: الصيد، فاختلافهم في مثل هذا، إنما يدل على أن هذه كلها مكاسب حسنة.
{جزاكم الله خيرا شيخنا، وأحسن الله إليكم، ونفع الله بكم، وزادكم من فضله، والشكر موصول لكم مشاهدينا الكرام على طيب وحسن المتابعة، نلتقي بكم -بإذن الله- في الحلقة القادمة، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}
----------------------------------------
[1] مجمع الزوائد والإصابة في تمييز الصحابة عن أنس
[2] صحيح ابن ماجه: 1783
[3] أخرجه البخاري (2629)، ومسلم (1020).
[4] أخرجه البخاري (2629)، ومسلم (1020).
[5] رواه البخاري (2117)، ومسلم (1533) باختلاف يسير.
[6] رواه مسلم (1539).
[7] متفق عليه.
[8] رواه البخاري (5481)، ومسلم (1574).
[9] أخرجه مسلم (2104).
[10] صحيح ابن ماجه (1772).
[11] رواه مسلم (1568).
[12] أخرجه البخاري معلقاً بصيغة التضعيف قبل حديث (2914) مختصراً، وأخرجه موصولاً أحمد (5115) باختلاف يسير.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك