الدرس العاشر

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

2108 11
الدرس العاشر

آداب المشي إلى الصلاة (6)

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائد الغرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في درسٍ من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة". ضيفُ هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلًا ومرحبًا بالشيخ صالح مع الإخوة والأخوات}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{في الدرس السابق ذكرتم حديث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «أَفطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ» ، فما المراد به -مأجورين؟}.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحديثُ واضح، وهو أنه يفسد صيام الحاجم الذي يمتص الدم بواسطة المحجم، ويُفطر المحجوم لأنه استخرج الدم الذي به قوَّته، وإعانته على الصيام؛ ففسد صوم كل من الحاجم والمحجوم، ويجب عليهما القضاء إذا كان الصيام واجبًا.
{قال المصنف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلَهُ الأَكْلُ وَالشُّرْبُ مَعَ شَكٍّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ)}.
الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187]، يعني: ظلام الليل من بياض النهار، فالصيام يبدأ بطلوع الفجر، كل يوم يبدأ صيامه بطلوع فجره، فإذا طلع الفجر فإنه يُمسك عن الطعام والشراب.
{شخص صائم ولم يتسحَّر، فقام في الضُّحى؛ فهل الصيام بهذا يكون صحيحًا؟}.
إذا كان ناويًا النِّيَّة العامَّة لصيام رمضان؛ فإنَّ صيامه يكون صحيحًا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَفْطَرَ بِالْجِمَاعِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ)}.
من مبطلات الصوم: الجماع؛ فإذا جامعَ بطل صيامه وصيام المرأة التي جامعها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ مَعَ الْقَضَاءِ)}.
إذا جامع في نهار رمضان وجب عليه أمران:
الأول: القضاء، فيقضي ذلك اليوم؛ لأنه أفسده بالجماع.
الثاني: الكفارة، وقد بيَّنها الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- بأنها كفارة الظهار.
{هل الكفارة هنا واحدة أو مترتبة أو يختار منها؟}.
الكفارة واحدة، فإذا جامع في نهار رمضان بطل صيامه، وعليه الكفارة، وهي كفارة الظهار.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لِمَنْ تَتَحَرَّكُ شَهْوَتُهُ)}.
يُكرَه للصائم أن يُقبِّل امرأته إذا كان يعرف من نفسه أنه تتحرَّك شهوته عند ذلك، وأمَّا إذا لم تتحرَّك شهوته فإنه يُقبِّل وهو صائم؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- كان يُقبِّل نساءه وهو صائمٌ؛ لأنه مالكٌ لإربه كما في الحديث.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجِبُ اجْتِنَابُ كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَشَتْمٍ وَنَمِيمَةٍ كُلَّ وَقْتٍ)}.
هذه مُفطِّرات معنوية يتجنَّبها الصَّائم ويبتعد عنها:
الأولى: اجتناب الكذب، فالصائم لا يكذب، بمعنى أنه لا يُخبر بخبرٍ غير صحيحٍ، فهذا محرَّمٌ على الصَّائم، ولكنه لا يفطره.
الثاني: الغيبة، وهي: ذكرك أخاكَ بما يكره في حال غيبته، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
الثالث: الشَّتم، وهو: اللعن، فيلعن إنسانًا أو يدعو عليه باللعنة وهو صائم، فهذا لا يجوز من الصائم؛ لأنَّه يُخلُّ بصيامه.
الرابع: النَّميمة، وهي: نقل الحديث بين الناس على وجه الوشاية بينهم، قال الله -جلَّ وعلَا: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [القلم: 10، 11]، وهو الذي يمشي بالنَّميمة.
فهذه الأمور تحرمُ دائمًا: الغيبة والنَّميمة والشَّتم، فتحرم في رمضان وفي غيره، ولكنها في وقت الصيام أكثر تحريمًا؛ لأنها تُبطل ثواب الصيام.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُسَنُّ كَفُّهُ عَمَّا يُكْرَهُ)}.
يُسنُّ كفُّه عن الأمور المكروهة التي لا تصل إلى درجة التَّحريم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ شَتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ)}.
إن شتَمَ أحدٌ الصَّائمَ فإنَّ الصائم لا يرد عليه بالمثل، ويقول له: "إِنِّي صَائِمٌ"؛ ليُخبره أنه لولا الصيام لردَّ عليه؛ لأنه يجوز له أن يرد على مَن شتمه أو سبَّه من باب القصاص، ولكن في الصيام يتوقَّف عن ذلك إحرامًا للصيام.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُسَنُّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ إِذَا تَحَقَّقَ الْغُرُوبَ)}.
هذا ممَّا يُسنّ في الصيام، فيُعجِّل الفطر إذا تحقَّقَ من غروب الشَّمس، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- في الحديث الصَّحيح: «إنَّ الله -جلَّ وَعَلَا- يَقُولُ: أَحَبُّ عبادِي إلَيَّ، أَعْجَلُهُم فِطْرً» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلَهُ الْفِطْرُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ)}.
له الفطر بغلبة الظن في غروب الشَّمس إذا كان في مكانٍ لا يرى الشَّمس، فإنه يبني على غلبة الظن، فإذا غلب على ظنه غروب الشَّمس فإنَّه يُفطر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ السُّحُورِ مَا لَمْ يَخْشَ طُلُوعَ الْفَجْرِ)}.
يُسنُّ تأخير السُّحور ما لم يخشَ طلوع الفجر؛ لأنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- حثَّ على تأخير السحور، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ السُّحُورِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَإِنْ قَلَّ)}.
يتحقق السحور بأكلٍ أو شرب ولو قليل.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُفْطِرُ عَلَى رُطَبٍ)}.
الرُّطب هو: التَّمر الجديد.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى التَّمْرِ)}.
يعني: التَّمر القديم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ)}.
فإن لم يجد رُطَبًا ولا تمرًا فإنه يُفطر على الماء؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- كان يُفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمرٍ، فإن لم يجد حسا حسواتٍ من الماء.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَدْعُو عِنْدَ فِطْرِهِ)}.
يدعو الصائم عند فطره ويقول: «اللَّهمَّ لكَ صُمْتُ وعلى رِزقِكَ أفطَرْتُ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ)}.
إن فطَّر صائمًا مسلمًا، يعني قدَّم له ما يُفطر به من صيامه فله مثل أجره، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائمًا كُتِبَ لَه مِثلُ أجْرِه لَا ينقُصُ مِن أَجْرِه شَيءٌ» . قالوا: يا رسول الله! ليسَ كُلُّنا يَجِدُ ما يُفَطِّرُ الصائِمَ؟ فقال رَسولُ اللهِ: «يُعطِي اللهُ هذا الثَّوابَ مَن فَطَّرَ صائِمًا علَى تَمرَةٍ أو شَرْبَةِ ماءٍ» .
{نذكر السادة الإخوة والأخوات بأن هذا هو الموقف في كتاب "ما يُفسد الصوم"، ونستكمل -إن شاء الله المتن في الدروس القادمة مع سماحة العلامة الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله ورعاه- وأنقلُ لكم تحيَّة الزُّملاء الذين شاركوا في تسجيل هذه الدروس المباركة، حتى ذلكم الحين، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك