الدرس السابع

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

1322 11
الدرس السابع

آداب المشي إلى الصلاة 6

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائد الغرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في درسٍ من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة". ضيفُ هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
حيَّاكم الله يا شيخ صالح}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{أحد الإخوة أرسل بسؤال، يقول: سماحة الشيخ صالح؛ أي العبادات أقرب إلى الله -عزَّ وجلَّ- حيث جاء الصيام في الركن الرابع، والله يقول في الحديث القدسي: «الصَّوْمَ لي وَأَنَا أَجْزِي به» ، وتقدَّمت عليه الزكاة}.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من المعلوم أنَّ أركان الإسلام خمسة:
أولها: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
الثاني: إقام الصلاة.
الثالث: إيتاء الزكاة.
الرابع: صوم رمضان.
الخامس: حج البيت مَن استطاع إليه سبيلًا.
هذه الأركان جاءت مرتَّبة في الحديث الصَّحيح عن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ.
ولا شكَّ أنَّ الصيام من أحب الأعمال إلى الله -عزَّ وجلَّ- كما قال الله سبحانه في الحديث القدسي: «الصَّوْمُ لي وأنا أجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وأَكْلَهُ وشُرْبَهُ مِن أجْلِي، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ» .
{أحد الإخوة يسأل ويقول: هل ورد أن القرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة؟}.
نعم، وردَ في الحديث الصحيح «الصِّيامُ والقرآنُ يشفعانِ يومَ القيامةِ يقولُ الصِّيامُ ربِّ إنِّي منعتُه الطَّعامَ والشَّرابَ بالنَّهارِ فشفِّعني فيهِ ويقولُ القرآنُ ربِّ إنِّي منعتُه النَّومَ باللَّيلِ فشفِّعني فيهِ فيشفَّعانِ» ، ولا مانع أن يأتي عدَّة شفعاء عند الله -عزَّ وجلَّ- لشخصٍ واحدٍ.
{ما صحة حديث «صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ»؟}.
«صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ» حديث صحيح، فلا أحد يشذ عن الناس فيصوم قبلهم أو يتأخَّر عنهم في رمضان؛ بل يصوم مع المسلمين، ويُفطر في آخر الشَّهر مع المسلمين؛ لأنه واحدٌ منهم، فيقتدي بهم في ذلك.
{هل الصوم يُكفر جميع الذنوب؟}.
في الحديث أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة، وفي الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 116]، فالشرك لا يُكفَّر إلا بالتَّوبة، وعبادة الله وحده لا شريك له، وأمَّا بقيَّة الكبائر لا تُكفَّر إلا بالتَّوبة، وأمَّا الصَّغائر فإنها تُكفَّرُ باجتناب الكبائر، قال تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمً﴾ [النساء: 31].
{سائل يقول: في دراستي لأعوام مضت، ذهبتُ للدراسة في الخارج، ودخل عليَّ أربعة رمضانات لم أصمها، لأني اعتقدتُّ أنَّ الصيام للمسافر ليس بلازم، فماذا يلزمني الآن وأنا شاب في الثلاثين من عمري؟}.
أنت أخطأت في هذا؛ لأنك إذا نويت إقامةً أثناء سفرك تزيد عن أربعة أيَّام فإنَّك تأخذ أحكام المقيم، ولا تترخَّص برُخص السفر؛ لأنَّ السفر انقطع بهذه الإقامة، فتكون أحكامك أحكام المقيم، فتصوم رمضان، وتُؤدِّي الصلوات الخمس في أوقاتها تامَّة.
{الذين يقصرون ويجمعون في سفرهم بحجَّة أنَّ هذه رخصة، وهم يُقيمون سنوات وأشهر كثيرة. فما حكم ذلك؟}.
هذا خطأ، ويجب عليهم أن يُعيدوا الصلوات التي صلوها على هذا النمط، وهم ينوون إقامةً طويلة للدراسة أو للتجارة أو لغير ذلك؛ إقامةً طويلةً تزيد عن أربعة أيام؛ فهم صاروا في أحكام المقيمين، يصومون مع المسلمين، ويفطرون مع المسلمين، ويصلون مع المسلمين، ويُتمُّونَ الصلاة معهم.
{يقول السائل: ما معنى حديث «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ»؟}.
معناه واضح، وهو أنَّ الصوم إنَّما يجب برؤية هلال الشهر دخولًا ورؤيته خروجًا، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وإذَا رَأَيْتُمُوهُ فأفْطِرُوا، فإنْ غُمَّ علَيْكُم فَاقْدُرُوا لَه» ، وجاء تفسير قوله «فَاقْدُرُوا لَه»، في حديث آخر: «فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ» .
{يقول السائل: حديث «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» ، فيُقال: إنَّ الصيام يسد هذه المجاري. فما صحَّة ذلك؟}.
حديث «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» صحيح، بمعنى أنه يُلاطفه، ويدخل في جسمه، إلَّا مَن عصمه الله منه، وأبعده عنه، ولذلك يجب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 200].
{يقول السائل: هل وردَ عن السلف كثرة صيامهم في الشتاء؟}.
نعم، كانوا يُحبون الشتاء لأجل طول الليل، فيُطيلون القيام بالليل، وكان عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يفرح به من أجل أن ليله طويل فيغتنمونه بالقيام.
{ما معنى حديث «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» ؟}.
«الصِّيَامُ جُنَّةٌ»، يعني: سُترة، فالصيام يستر الإنسان من السيئات والذنوب، ولذلك تجد حال الصائم أحسن من حال المفطر.
{تقول السائلة: لزمتُ والدتي المستشفى أكثر من سنتين، ودخل عليها أكثر من رمضان، ولم تصم نظرًا لوجود الأجهزة على وجودها. فماذا نعمل الآن بعدَ أن خرجَت وتعافت ولله الحمد؟}.
إذا كانت تقدر على الصيام فإنها تقضي ما أفطرته من رمضان، وإذا كانت لا تقدر على القضاء بصفةٍ دائمةٍ فإنها تُطعم عن كل يومٍ مسكينًا كما قال -عزَّ وجلَّ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184].
{سوف نستكمل -إن شاء الله- هذه الأسئلة التي بعثتم بها في كتاب الصيام لسماحة الشيخ ليُجيب عليها في الدروس القادمة -بإذن الله تعالى.
كما نشكر الزُّملاء الذين ساهموا في تسجيل هذه الحلقات وهذه الدروس المباركة، وشكرًا لحضراتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك