الدرس الخامس

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

2108 11
الدرس الخامس

آداب المشي إلى الصلاة (6)

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قائد الغرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في درسٍ من هذه الدروس المباركة والتي تأتيكم من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
ضيفُ هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلًا ومرحبًا بسماحة الشيخ مع الإخوة والأخوات}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{قرأنا ما تيسر في باب أهل الزَّكاة، وتحدَّثنا عن بداية هذا الباب، ووصل بنا الحديث عند قول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (الثَّالِثُ: وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا، كَجَابٍ وَكَاتِبٍ وَعَدَّادٍ وَكَيَّالٍ)}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ.
ذكر الله -سبحانه وتعالى- أن من جملة المستحقين للزَّكاة: العاملين عليها من عدَّدٍ وكيَّالٍ وكاتبٍ؛ فهؤلاء يعملون على الزَّكاة فيُعطَونَ منها مُقابل عملهم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلا يَجُوزُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى)}.
لا يجوز أن يستعمل من ذوي قرباه، فلا يكون من العاملين عليها قريب للمزكِّي؛ لأنَّه يحيف معه.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ شَاءَ الإِمَامُ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ)}.
الإمام يُرسل السُّعاة لقبضِ الزَّكاة من غير أن يعقد معه عقد إجارة، فيكفي إرسال الإمام له.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ شَاءَ ذَكَرَ لَهُ شَيْئًا مَعْلُومً)}.
إن شاء الإمام ذكر للعامل شيئًا معلومًا، يعني: مقدارًا معلومًا من الزَّكاة في مُقابل عمله.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (الرَّابِعُ: وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ)}.
المؤلفة قلوبهم: هم ضعيفو الإيمان ويُرجى لهم قوَّة إيمانهم، وكذلك هم المؤلفة قلوبهم على الإسلام ممَّن يُرجَى بعطيته من الزَّكاة إسلامه أو إسلام نظيره.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَهُمْ السَّادَاتُ المُطَاعُونَ فِي عَشَائِرِهِمْ، مِنْ كَافِرٍ يُرْجَى إِسْلامُهُ، أَوْ مُسْلِمٍ يُرْجَى بِعَطَائِهِ قُوَّةُ إِيمَانِهِ، أَوْ إِسْلامُ نَظِيرِهِ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ مُسْلِمًا مِنْ سَادَةِ قَوْمِهِ؛ لِكَيْ يُسْلِمَ نَظِيرُهُ، أَوْ نُصْحُهُ أَوْ كَفُّ شَرِّهِ)}.
المؤلفة قلوبهم هم السَّادة المطاعون في عشائرهم، فيُعطَونَ من الزكاة ما يُرجَى به دخولهم في الإسلام، أو قوَّة إيمانهم، أو إسلام نظيرهم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَأْخُذَ مَا يُعْطَى لِكَفِّ شَرِّهِ كَرِشْوَةٍ)}.
لا يجوز لمسلم أن يُعطَى من الزَّكاة لكفِّ شرِّه؛ فالزَّكاة لا يُحابَى فيها أحد.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (الْخَامِسُ: وَالرِّقَابُ؛ وَهُمُ الْمُكَاتَبُونَ)}.
الرقاب: هم المماليك الذين يشترون أنفسَهم من سادتهم بمالٍ يدفعونه لهم على أقساطٍ تسمى: "النُّجوم"؛ فإذا أدَّوها عتقوا، فهؤلاء المكاتبون يُعطَونَ من الزَّكاة ما يُعينهم على دينهم.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (السَّادِسُ: الْغَارِمُونَ، وَهُمُ الْمَدِينُونَ)}.
الغارمون هم المدينون الذين عليهم ديونٌ تنقص النِّصاب.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَهُمْ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ غَرِمَ لإِصْلاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَهُوَ مَنْ تَحَمَّلَ مَالاً لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ. الثَّانِي: مَنِ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ)}.
الغارمون قسمان:
 مَن غرم لغيره لإصلاح ذات البين بين المتعادين من المسلمين والمتخاصمين، فيُصلح بينهم؛ فهذا يُعطَى من الزَّكاة مقابل غرامته، ولا يُجحف الغرامة بماله.
 من استدان لنفسه في مباح.
{قال: (السَّابِعُ: فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهُمُ الْغُزَاةُ)}.
السابع من أصناف أهل الزَّكاة: في سبيل الله، وهم الغُزاة المتطوعة للجهاد، الذين ليس لهم رواتب من الدولة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (الثَّامِنُ: ابْنُ السَّبِيلِ، وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطَعُ بِهِ، الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ إِلَى بَلَدِهِ)}.
ابن السبيل من أصناف أهل الزَّكاة، فيُعطَى ما يوصله إلى بلده.
وابن السبيل: هو المسافر الذي نفدت نفقته، ويحتاج إلى مالٍ يُواصل سفره، فهذا يُعطَى من الزَّكاة وإن كان له مالٌ في بلده.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لا يُعْرَفُ بِالْغِنَى قُبِلَ قَوْلُهُ)}.
يعني شخص ادَّعَى أنَّه فقيرٌ، ولم يُعرَف له مالٌ قبل ذلك؛ فهذا يُصدَّق ويُعطَى من الزَّكاة.
{بارك الله فيكم فضيلة الشيخ صالح.
بالنسبة للنيَّة، هل إذا أراد الإنسان أن يُعطي شخصًا الزَّكاة أو صدقة يُؤجر على نيَّته؟}.
لا شك؛ قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيّاتِ، وإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ، فالنيَّة الصَّالحة يُؤجر عليها الإنسان، وإذا أخرجَ مالًا بغير نيَّة فلا أجر له في ذلك، فلابدَّ أن ينوي أنه زكاة أو صدقة تطوع أو إعانة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مَسْنُونَةٌ كُلَّ وَقْتٍ)}.
صدقة التطوع لا وقت لها، فهي في كل وقتٍ بحسب الحاجة، بخلاف الزكاة فإنها تجب كل سنة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَسِرًّا أَفْضَلُ)}.
إخراج صدقة التطوع سرًّا أفضل من إخراجها ظاهرًا يراها النَّاس. قال الله -جَلَّ وَعَلَا: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة/271]، فإخفاء الصدقة أفضل من إظهارها؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- في الذين يظلهم الله في ظله يوم لات ظل إلا ظله: «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وأخفَاهَا حَتَّى لمْ تعلَمْ شِمَالُهُ ما أنْفَقَتْ يَمِينُهُ» .
{شكر الله لكم فضيلة الشيخ صالح على شرحكم هذه المتون المباركة من كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"، سوف نستكمل -إن شاء الله معكم- في الدروس القادمة.
حتى ذلكم الحين أشكركم على تفاعلكم واتَّصالاتكم، وتواصلكم لهذه الدروس، وحتى ذلكم الحين تقبلوا تحيَّات فريق العمل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك