{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمدٍ وعلى
آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات مع درسٍ من دروس كتاب "آداب المشي إلى الصلاة"،
وما زلنا نعرض الأسئلة والاستفسارات التي وصلتنا منكم -أيها الإخوة والأخوات شاكرين
لكم هذه المتابعة وهذا التفاعل مع هذه الدروس.
معنا سماحة العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو
اللجنة الدائمة للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بكم شيخ صالح}.
حياكم الله وباركَ فيكم.
{كنا نتحدث عن الزكاة في العسل، ولعل لكم تعليق على ذلك}.
العسل إذا بلغ نصابًا ففيه الزَّكاة؛ لأنَّه من جنس الخارج من الأرض.
{بارك الله فيكم.
ما العمل إذا اجتمع على الإنسان دينٌ وزكاة؟}.
هذه مسألة خلافيَّة، فإذا كان الدين ينقص النِّصاب فالمذهب أنه لا زكاة عليه.
{بعض الدَّائنين يخصم دين المدين من الزكاة بحجَّة أنه مدينٌ ومُعسِر، خاصَّة إذا
غلب على ظنِّه ضياع المال}.
نعم، الزكاة تجب في المال ولو كان على صاحبه دين، إلا على المذهب فيقول: لا زكاة في
الدين الذي يُنقص النصاب.
{ما حكم تعجيل الزكاة؟}.
يجوز تعجيل الزكاة لحولين فقط؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- تعجَّلَ
من عمه العباس زكاة سنتين.
{تأخَّر تقسيم الإرث عند بعض الورثة عدَّة سنوات بغير اختيارهم؛ فهل عليهم إثم؟}.
نعم، لا يجوز تأخير قسمة المواريث من غير سبب يُوجب ذلك؛ بل يُبادَر بقسمة المواريث
لأجل أن يتمكَّنَ الورثة من التَّصرُّف في أنصبائهم وما يستحقونه من المال.
{تقول السائلة: هل يكفي إذا قُبضَ المال المغصوب أن تُخرَج له زكاة واحدة عن جميع
السنوات الماضية}.
لا تجب عليه زكاة حتى يقبضه، ويبني حولًا جديدًا من قبضه؛ لأنَّه في السنوات
الماضية غير مُتمكَّن منه.
{هل يُضم الذَّهب والفضة لتكميل النصاب؟}.
نعم؛ لأنهما من جنسٍ واحدٍ، فيُضمُّ بعضهما إلى بعضٍ في تكميل النصاب.
{لِمَ خُصَّت الإبل والغنم والبقر بوجوب الزَّكاة دون سائر البهائم؟}.
لأنَّها أنفس الأموال عندَ العرب، فتجب فيها الزَّكاة.
{إذا كانت السائمة ترعى بعضَ الحول، وفي وقت آخر يعلفها صاحبها، ولا نعرف المدَّة
الزمنيَّة للرعي، فهل تُزكَّى؟}.
إذا لم يعرف المدَّة الزمنية فإنه يُزكي احتياطًا.
{راعيان لكل واحدٍ منهما نصيبٌ من الغنم؛ فهل يُضم ماليها لاستخراج الزكاة؟}.
نعم، تُضم الغنم إذا كانت ترعى في مرعًى واحد لراعٍ واحد وتبيت في مكانٍ واحد،
فإنها تجب فيها الزكاة، وكل على حسب نصيبه من هذا المال.
{ما هي المواضع التي يُجزئ فيها الذَّكر في بهيمة الأنعام؟}.
إذا كان النِّصاب كله ذكورًا؛ فإن الذكر يُجزئ، وإذا فقدَ الأنثى فإنه يُجزي ذكران
مكان الأنثى.
{حدثنا فضيلة الشيخ عن أثر الخلطة في زكاة بهيمة الأنعام}.
الخلطة تُؤثر، فهي تجعل المالين كالمال الواحد، وتجب فيها الزكاة، وكلٌّ يتحمَّل
بمقدار نصيبه من هذا المال المختلط.
{ما معنى قول الفقهاء: "لا يُفرَّق بين مجتمعٍ، ولا يُجمع بين مُتفرقٍ خشية
الصدقة"؟}.
هذه يسمونها الخُلطَة، فالماشية المختلطة التي ترعى في مكانٍ واحدٍ ومعها راعٍ
واحدٍ، وتبيتُ في مكانٍ واحدٍ تُصيِّرُ المالين كالمال الواحد في وجوب الزَّكاة.
{ما حكم نقل زكاة الماشية من بلد المال إلى بلدٍ فقير؟}.
يجوز نقل الزكاة من بلد المال إلى بلدٍ آخر أشد حاجة.
{بارك الله فيكم.
بعد أن عرضنا هذه الأسئلة القيمة من الإخوة والأخوات؛ نبدأ بقراءة المتن في باب
الزكاة، وقد وصلنا إلى باب "بَابُ أَهْلِ الْزَّكَاةِ".
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- في هذا الباب: (بَابُ أَهْلِ الْزَّكَاةِ
وَهُمْ ثَامَنِةٌ لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى غَيْرِهِمْ)}.
أهل الزكاة ثمانية مذكورون في الآية: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [التوبة/60]
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (الأَوَّلُ وَالثَّانِي: الْفُقَرَاءُ
وَالْمَسَاكِينُ)}.
الفقراء والمساكين بمعنًى واحد، ولكن الفقير: مَن لا يجد شيئًا، أو يجد بعض
الكفاية.
وأمَّا المسكين: فهو مَن يجد الكفاية أو يجد غالبَ الكفاية.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلا يَجُوزُ السُّؤَالُ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ)}.
لا يجوز للشَّخص أن يسأل الناس من أموالهم وعنده ما يكفيه من ماله؛ لأنَّ هذا من
جحدان النعمة التي أنعهما الله عليه، ولا شكَّ أن السائل له حق، ولكن إذا كان له
مال يُغنيه فلا يجوز له السؤال، وإنما يجوز له السؤال إذا كان ماله لا يكفيه.
{يقول -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شُرْبِ الْمَاءِ،
والاسْتِعَارَةِ، والاسْتِقْرَاضِ)}.
لا بأس للمحتاج إلى هذه الأمور، والاستعارة: أن يأخذَ المتاع وينتفع به، ثم يرده
إلى صاحبه.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجِبُ إِطْعَامُ الْجَائِعِ)}.
يجب على القادر إطعام الجائع؛ لأنه محتاجٌ، وهذا عنده ما يستطيع به سد حاجته، فيجب
عليه أن يسد حاجته.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَكِسْوَةُ الْعَارِي، وَفَكُّ الأَسِير)}.
العاري: هو الذي عنده ثوبٌ يستره.
وقوله: (وَفَكُّ الأَسِير)، أي: الأسير في الحرب الذي أسره العدو، فيُفكُّ أسره من
الزَّكاة.
{شكر الله لكم فضيلة الشيخ، وسوف نستكمل هذا المتن -إن شاء الله- في الدرس القادم
من هذه الدروس الطيبة المفيدة.
شكرًا لحضراتكم أنتم أيُّها السادة، ويتجدَّد اللقاء -إن شاء الله- في الدُّروس
المتبقية في هذا الباب، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.