الدرس السادس

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

1322 11
الدرس السادس

آداب المشي إلى الصلاة 6

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على قائد الغرِّ المحجَّلين، نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيها الإخوة والأخوات- في درسٍ من كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، وضيف هذا الدَّرس هو سماحة العلَّامة الشَّيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
باسمكم جميعًا -أيُّها السَّادة- نرحب بسماحته، ونشكر له تفضله بشرح هذا المتن من هذا الكتاب المبارك، فأهلًا ومرحبًا بالشيخ صالح}.
حيَّاكم الله وباركَ فيكم.
{وقفَ بنا الحديث عند كتاب الصيام.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (كِتَابُ الصِّيَامِ)}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله.
وبعد؛ فالصِّيامُ هو أحدُ أركانِ الإسلام، وهو صوم رمضان المبارك، وهو صومٌ واجبٌ، وكذلك صوم ما له سبب، كصوم الكفَّارة، مثل: كفارة القتل، وكفارة اليمين.
والله شرع الصيام؛ لأنَّه أحب الأعمال إلى الله -عزَّ وَجَلَّ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (صَوْمُ رَمَضَانَ أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلامِ، وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ)}.
صوم رمضان هو أحد أركان الإسلام؛ لأن الله -جَلَّ وَعَلَا- أمرَ به في مُحكَم كتابه، وهو أحب الأعمال إلى الله -عزَّ وجلَّ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَصَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ)}.
فُرضَ صيام رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وأمَّا الصلاة فإنها فُرضَت في السنة الأولى من الهجرة، ممَّا يدلُّ على آكديَّة الصَّلاة والصِّيام.
وابتدأ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- الصيام الواجب في السنة الثانية، واستمرَّ يصوم شهر رمضان بقيَّة حياته -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- وهي تسع سنين، فصام تسع رمضانات ثم توفاه الله إليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ.
{قال: (وَيُسْتَحَبُّ تَرَائِي الْهِلالِ لَيْلَةَ الثَّلاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ)}.
يعني: يستحب طلب رؤية الهلال بالعين المجرَّدة، أو بالمراصد النَّظريَّة التي يُنظر بها إلى الهلال، ويُتأكَّد من ظهوره.
وتراءي الهلال سُنَّة، وقد كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- يحثُّ على تراءي الهلال، ويُقبل فيه شهادة شخصٍ واحدٍ؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- قدم عليه أعرابي ضُحَى في يوم الثلاثين من شعبان، فشهد عند الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- أنه رأى الهلال، فصامه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- وأمرَ بصيامه؛ فدلَّ على أنَّه يُقبَل في دخول الشهر شهادة شخصٍ واحدٍ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ أَكْمَلُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ صَامُوا مِنْ غَيْرِ خِلافٍ)}.
فإن لم يُرَى مع صحو السماء وليس فيها سحابٌ ولا قطر ولا ما يمنع الرؤية؛ فإنَّهم يُصحبون مفطرين يوم الثلاثين ولا يصومون؛ لأنَّه لم يُرَى الهلال، ويكفي أن يراه شخص واحد؛ لأنَّ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- قبِلَ شهادة الأعرابي لرؤيته، وأمرَ الناس بصيامه.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِذَا رَأَى الْهِلالَ كَبَّرَ ثَلاثًا، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَاهُ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، هَلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ»)}.
الدعاء الذي يُقال عند رؤية الهلال: يُكبِّر ثلاثًا «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلامَةِ وَالإِسْلامِ وَالتَّوْفِيقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَاهُ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ هَلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ»، وهذا في رمضان وغيره من الأهلَّةِ.
وقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ»؛ لأنَّ الله ربَّ كلِّ شيءٍ وخالق كلِّ شيءٍ -سبحانه وتعالى.
وقوله: «هَلالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ»، أي: الهلال هو نفسه هلال خير وهلال رشد.
وهذا دعاءٌ مُستحبٌّ عند رؤية الهلال، ويُكرر ذلك ثلاث مرات.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ وَاحِدٍ عَدْلٍ)}.
يُقبَل في الشهادة في دخول الشهر شهادة واحد عدلٍ ليس بفاسقٍ، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُو﴾ [الحجرات: 6]، فلا تُقبَل شهادة الفاسق، وإنَّما تُقبل شهادة العدل في دينه، والعدل يكون بين الغلو والإهمال.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِنْ رَآهُ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ)}.
إن رآه غير العدل وحْدَه رُدَّتْ شهادته لكونه فاسقًا، ويلزمه الصوم في نفسه عملًا بما رآه.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَلا يُفْطِرُ إِلاَّ مَعَ النَّاسِ)}.
لا يُظهر الفطر إلَّا مع الناس، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «الْصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، والفِطْرُ يَوْمَ تَفْطِرُونَ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَإِذَا رَأَى هِلالَ شَوَّالٍ لَمْ يُفْطِرْ)}.
إذا رأى الواحدُ هلالَ شوال لم يُفطِرْ، فخروج الشهر لابدَّ له من شاهدين عدليْنِ يشهدان لرؤية الهلال، وليس كالدخول.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالْمُسَافِرُ يُفْطِرُ إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ)}.
الله -جَلَّ وَعَلَا- أباحَ للمسافر أن يُفطر في رمضان، لكن لا يُفطر حتى يخرج من عامر القرية، فما دام يمشي في البلد فلا يُفطر؛ بل يلزمه الصيام؛ لأنَّه لا يُسمَّى مسافرًا إلا إذا خرج من البنيان.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالأَفْضَلُ لَهُ الصَّوْمُ خُرُوجًا مِنْ خِلافِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ)}.
الأفضل له الصيام، وإلَّا فلو أفطر في بيته ثم سافر جازَ له ذلك.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدَيْهِمَا أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ)}.
من رحمة الله -سبحانه وتعالى- أن أباح للحامل أن تفطر لأجلِ الرحمة بها والرحمة بحملها من مشقَّة الصِّيام.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (فَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا فَقَطْ أَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينً)}.
إن كان إفطار الحامل أو المرضع خوفًا على نفسها وعلى ولدها فإنها تقضي وتُطعم مسكينًا عن كل يومٍ كفَّارة عن الإفطار، وأمَّا إن خافت على ولدها فقط؛ فإنها تفطر وتقضي يومين.
{نختم هذا اللقاء بسؤال: ما حكم صيام المريض الذي لا يُرجَى بُرؤه؟}.
المريض الذي لا يُرجَى برؤه لا صيام عليه، وإنما يتعيَّن عليه الكفَّارة.
{ماذا لو طلبَ منه الأطباء عدم الصوم؟}.
لابدَّ من شهادة الأطباء أنَّ الصيام ضرُّه.
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح الفوزان، وبارك الله فيكم وفي علمكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
يتجدَّد اللقاء في هذه الدروس الطَّيِّبة المباركة التي تتابعونها، حتى ذلكم الحين تقبلوا تحيَّات الزَّملاء الذين شاركوا في تسجيل هذه الحلقات، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك