الدرس الثامن

فضيلة الشيخ أ.د. سليمان بن عبدالعزيز العيوني

إحصائية السلسلة

7962 11
الدرس الثامن

ملحة الإعراب (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وحياكم الله وبيَّاكم في هذا الدرس، وهو التاسع عشر، من دروس شرح ملحة الإعراب للحريري البصري -عليه رحمة الله تعالى-، نلقيه -بإذن الله تعالى- في هذه الليلة، ليلة الثلاثاء السابع من شهر رجب، من سنة ثمانٍ وثلاثين وأربعمائةٍ وألفٍ، في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، وهذا الدرس يُلقى في مدينة الرياض -حرسها الله تعالى.

الدرس الماضي كنا تكلمنا على المفعول به، واليوم -إن شاء الله- سنتكلم على باب "ظننتُ وأخواتها".

نبدأ الدرس كالمعتاد، بقراءة ما قاله الحريري -رحمه الله تعالى- في هذا الباب، فنستمع إلى هذه الأبيات. تفضل.

{بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وللحاضرين وللمشاهدين أجمعين.

قال الناظم الحريري -رحمه الله وإيانا-: (باب "ظن وأخواتها".

وكُلُّ فعلٍ مُتَعَدٍّ يَنصِبُ
 

 

مفعولَهُ مثلُ سَقَى ويَشرَبُ
 

لكنَّ فعلَ الشكِّ واليَقينِ
 

 

يَنصِبُ مفعولينِ في التَّلقينِ
 

تقولُ قدْ خِلتُ الهِلالَ لائحَا
 

 

وقدْ وجَدتُ المُستَشَارَ ناصحَا
 

وما أظنُّ عامِرًا رفيقَا
 

 

ولا أرَى لي خالدًا صَديقَا
 

وهكذا تَصنَعُ في عَلِمْتُ
 

 

وفي حَسِبْتُ ثم في زَعَمْتُ}
 

بعد أن تكلم الحريري -رحمه الله تعالى- في الباب السابق على باب المفعول به، ألحقه هذا الباب، وهو باب "ظننت وأخواتها"، ولكي نفهم الرابط بين هذين البابين وبين الباب الذي سيأتي، وهو باب إعمال اسم الفاعل، لابد أن نذكِّر بأن الأفعال على نوعين:

النوع الأول: الفعل اللازم.

والنوع الثاني: الفعل المتعدي.

النوع الأول: الفعل اللازم ويُسمَّى القاصر، هو: الفعل الذي يرفع فاعلًا، ولا يحتاج إلى مفعولٍ به، يعني أنه يرفع الفاعل، يحتاج إلى فاعلٍ يرفعه، ولا يحتاج إلى مفعولٍ به ينصبه، كقولك: "ذهب محمدٌ ورجع" و"دخل الطالب وخرج"، و"نجح محمدٌ" و"رسب المهمل"، ومات، و"غرق الرجل" و"جلس وقعد، وقام".

هذه كلها أفعالٌ تحتاج إلى فاعل، لكنها لا تحتاج إلى مفعولٍ به، فتسمى الأفعال اللازمة، سميت اللازمة؛ لأنها تلزم الفاعل، ولا تتعداه إلى مفعولٍ به.

وأما النوع الثاني: فهو الفعل المتعدي، ويُسمَّى المجاوز، وهو: الفعل الذي يرفع فاعلًا وينصب مفعولًا به، يحتاج إلى فاعلٍ يرفعه، ثم يتعداه، ويتجاوزه إلى مفعولٍ به ينصبه، يعني: أنه يحتاج إلى فاعلٍ مرفوعٍ، وإلى مفعولٍ به منصوبٍ، كقولك: "أكرم زيدٌ ضيفه"، و"ضرب الرجل اللص"، و"أخذتُ العلم"، و"كتبتُ الدرس"، و"فتح الحارس الباب"، و"قرأ المسلم القرآن"، وما إلى ذلك.

فإذا علمنا ذلك، علمنا أن الفعل ينقسم إلى لازم، يرفع فاعلًا، ولا يحتاج إلى مفعولٍ به، وإلى متعدٍّ يرفع فاعلًا ويحتاج مع الفاعل إلى مفعولٍ به.

 

يمكن أن نميز بين الفعل اللازم والفعل المتعدي بضابطٍ، لو صعب على الطالب أن يميز بينهما بالتعريف الذي قلناه قبل قليلٍ، فنقول:

إنَّ الفعل المتعدي تتصل به هاء الغائب باطرادٍ، وأمَّا الفعل اللازم فلا تتصل به هاء الغائب باطراد، يعني: "أكرم" تقول: "أكرمه"، و"ضربه، وأخذه، وأعطاه، وفتحه، وأغلقه، وكتبه، ودرسه" هذه أفعالٌ متعديةٌ، لماذا؟ لاتصال هاء الغائب بها، طبعًا هاء الغائب، أو هاء الغائبة، يعني "أكرمه أو أكرمها"، "أخذه أو أخذها"، الحكم واحدٌ.

وأما الفعل اللازم فلا تتصل به هاء الغائب باطرادٍ، لا تقول: "جلسه، قعده، ماته، غرقه، فرحه"، فهذا فعلٌ لازمٌ.

قال ناظمٌ:

المتعدي ضبطه يسيرٌ
 

 

أن يقبل الهاء كيستعيرُ
 

إذا عرفنا هذا، ينبغي أن نذكر هنا معلومةً، وهي: أن هناك من الأفعال أفعالًا قليلةً جاءت متعديةً، ولازمةً، بالمعنى نفسه.

من ذلك: "شكرتُ محمدًا، وشكرتُ له"، فـ"شكرتُ محمدًا" متعدٍّ، و"شكرتُ له" لازمٌ، قال -سبحانه وتعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾ [لقمان:14].

ومن ذلك: "نصح"، تقول: "نصحتُ محمدًا، ونصحتُ له" بمعنى واحدٍ، قال سبحانه: ﴿وَأَنصَحُ لَكُمْ﴾ [الأعراف:62].

ومن ذلك: "مَكَّنَ"، تقول: "مكَّنتُ محمدًا، ومكَّنتُ لمحمدٍ"، قال -سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [الأعراف:10].

فهذه أفعالٌ قليلةٌ جاءت متعديةً ولازمةً، فلهذا نقول عنها: إنها متعديةٌ ولازمةٌ بمعنى واحدٍ، لكن الأغلب في اللغة أن الفعل إما متعدٍّ، وهو غير لازمٍ، وإما لازمٌ، فهو غير متعدٍّ.

ما معنى الفعل اللازم؟

هو الذي يرفع فاعلًا، ولا يحتاج إلى مفعولٍ به، ليس معنى ذلك أن الجملة معه يجب أن تنتهي بالفاعل، لا، يمكن أن تُكمل الجملة، لكن بغير مفعولٍ به، قلنا مثلًا: "ذهب محمدٌ"، هذا لازمٌ، تُكمل الجملة بما شئتَ، لكن بلا مفعولٍ به، تقول: "ذهب محمدٌ إلى المسجدِ" جارٍّ ومجرورٍ، "ذهب محمدٌ ليلًا" ظرف زمانٍ، "ذهب محمدٌ مُسرعًا" حالٌ، "ذهب محمدٌ وخالدٌ"، "ذهب محمدٌ الكريمُ"، تُكمل الجملة، لكن الفعل لا يحتاج إلى مفعولٍ به.

فإذا عرفنا ذلك، ينبغي أن نعرف أيضًا أن الفعل المتعدي، الذي يحتاج إلى مفعولٍ به على ثلاثة أنواعٍ؛ لأنه يختلف من حيث القوة، فبعضه أقوى من بعضٍ.

النوع الأول من الأفعال المتعدية:

أغلب الأفعال المتعدية، تتعدى إلى مفعولٍ به واحدٍ، كـ "أكرم محمدٌ الضيف"، و"فهم الدرسَ"، و"فتح الحارس الباب"، و"قرأ المسلم القرآن"، هذه أفعالٌ متعديةٌ إلى مفعولٍ به واحدٍ، وقلنا: هي الأغلب في الأفعال المتعدية.

النوع الثاني من الأفعال المتعدية:

هي الأفعال المتعدية إلى مفعولٍ به ثانٍ، وإلا فإنَّ معناها لا يتم، هذه الأفعال التي تحتاج إلى مفعولين، تنصب مفعولين، على ضربين:

الضرب الأول من الأفعال التي تنصب مفعولين: ما ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وهذه الأفعال، هي أفعال باب: "ظننتُ وأخواتها"، التي سنشرحها -إن شاء الله- في هذا الدرس، كقولك: "ظن محمدٌ البابَ مفتوحًا"، و"خالَ"، "خالَ محمدٌ القمرَ طالعًا"، و"علِم"، "علِم محمدٌ العلمَ مفيدًا"، وهكذا.

نقول: تنصب مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر؛ لأنك إذا حذفتَ الفعل وفاعله، فإن المفعولين يعودان إلى مبتدأٍ وخبرٍ أصلهما المبتدأ والخبر، وقولك: "ظن محمدٌ البابَ مفتوحًا"، الأصل: "البابُ مفتوحٌ"، مبتدأ وخبر، ثم أدخلت الفعل "ظن" وفاعله.

الضرب الثاني من الأفعال التي تنصب مفعولين: الأفعال التي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، وتُسمَّى أفعال باب "أعطى وأخواتها"، وهي باب الإعطاء والمنح، التي تدل على الإعطاء والمنح، يعني إعطاء من طرفٍ لطرفٍ آخر، كقولك: "أعطى المحسنُ الفقيرَ ريالًا"، أو "مَنَحَ الأستاذُ الطالبَ جائزةً"، فإذا نظرت إلى "أعطى المحسنُ الفقيرَ ريالًا"، احذف الفعل وفاعله "أعطى المحسن" فيبقى المفعولان: "الفقيرُ ريال" ليس أصلهما المبتدأ والخبر، لا تُخبر عن الفقير بأنه ريال، الفقير ريال، هذا ليس مبتدأً وخبرًا، وكذلك: "مَنَحَ الأستاذُ الطالبَ جائزةً"، لو حذفنا "مَنَحَ الأستاذُ"، فـ"الطالبَ جائزةً" لا تعود إلى مبتدأٍ وخبرٍ. فهذا هو النوع الثاني من الأفعال المتعدية، وهي الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين.

النوع الثالث من الأفعال المتعدية:

هي الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل، وهذه أقوى العوامل في اللغة، أفعالٌ تنصب ثلاثة مفاعيل، وقبل ذلك رفعت الفاعل، هذه أقوى العوامل في اللغة، وهي أفعالٌ قليلةٌ، مجموعةٌ في باب يُسمَّى: "أعلمَ، وأرى"، مثل: "أعلمَ، وعلَّمَ، وأخبرَ، وخبَّر، وأرى، وأنبأ، ونبَّأ".

تقول مثلًا: "أعلمَ الطبيبُ المريضَ العمليةَ سهلةً"، "أعلمَ الطبيبُ" مَن؟ "المريضَ" أعلمه ماذا؟ "العمليةَ سهلةً" فـ"أعلم" رفعت الفاعل "الطبيبُ"، ونصبت "المريضَ" المفعول الأول، و"العمليةَ" مفعولًا ثانيًا، و"سهلةً" مفعولًا ثالثًا.

تقول: "أخبرَ الشرطيُّ السائقَ الطريقَ مُغلقًا".

"أخبرَ الشرطيُّ" فعلٌ وفاعلٌ "السائقَ الطريقَ مُغلقًا" مفعولٌ أول، وثانٍ وثالثٍ.

أما الفعل المتعدي لثلاثة مفاعيل، وهو باب "أعلم وأرى"، فلم يذكره الحريري في هذا الكتاب، لم يذكره في هذه المنظومة، وهي في المعتاد تُدرس في نحو الكبار، كـ"ألفية ابن مالك".

وذكر هنا الفعل المتعدي، في قوله:

وكُلُّ فعلٍ مُتَعَدٍّ يَنصِبُ
 

 

مفعولَهُ مثلُ سَقَى ويَشرَبُ
 

لكنَّ فعلَ الشكِّ واليَقينِ
 

 

يَنصِبُ مفعولينِ في التَّلقينِ
 

فذكر أنَّ الفعل المتعدي لابد له من مفعولٍ به ينصبه، فالمتعدي لمفعولٍ به واحدٍ، مثَّل له بـ "يشرب"، كقولك: "يشربُ العطشانُ ماءً"، فعلٌ وفاعلٌ، ومفعولٌ.

وأما المتعدي لاثنين، فمثَّل له بـ "سقى"، وهو ينصب مفعولين، ليس أصلهما المبتدأ والخبر، تقول: "سقى المسلمُ الكلبَ ماءً".

وأما المتعدي لاثنين أصلهما المبتدأ والخبر، فهي أفعال: "الشك واليقين"، التي نصَّ عليها في البيت الثاني في قوله:

لكنَّ فعلَ الشكِّ واليَقينِ
 

 

يَنصِبُ مفعولينِ في التَّلقينِ
 

هذا هو باب "ظننت وأخواتها" ومثَّل له بعدة أمثلةٍ، ستأتي -إن شاء الله- في أثناء شرحنا لهذا الباب، باب "ظننت وأخواتها".

إذن، عرفنا الآن لماذا ذكر الحريري هذا الباب بعد باب المفعول به، أراد أن يقول: إن المفعول به الأكثر فيه أن فعله ينصب مفعولًا به واحدًا، وهو الذي ذكره في باب المفعول به، الآن هنا نبَّه إلى أن بعض الأفعال قد تنصب مفعولين، أما الثلاثة ما ذكرها، قلنا: ما ذكر الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل، وإنما ذكر أن بعض الأفعال قد تنصب مفعولين، فعقد لها هذا الباب، فالباب في الفعل داخلٌ في باب المفعول به.

فإن سألت وقلت: ما ألفاظ هذا الباب؟ ما الأفعال التي تدخل في باب "ظننت وأخواتها"؟

الحريري كما قال: (لكنَّ فعلَ الشكِّ واليَقينِ)، أفعال الشك وأفعال اليقين، ولم يحصرها بألفاظ، وإنما ذكر في الأبيات القادمة شيئًا من الأمثلة عليها، لكن نستطيع أن نقول نحن: إن أفعال هذا الباب كثيرةٌ, إلا أنها بمعنى ظنَّ أو علم، أو صَيَّرَ، أفعال هذا الباب على ثلاثة أنواعٍ:

  • بعضها بمعنى: "ظنَّ" تدل على الظن.
  • وبعضها بمعنى: "عَلِمَ" تدل على العلم.
  • وبعضها بمعنى: "صَيَّرَ"، تدل على التحويل، والانتقال من حالةٍ إلى حالةٍ.

فالحريري في البيت قصَّر، فذكر أفعال الظن، وأفعال العِلم، ولكنه لم يذكر أفعال التَّصيير، وكأن عذره في ذلك، أنَّ هذا الباب صار علمًا، فإذا قيل: باب ظن، أفعال الظن، فهذا يشمل أفعال الظن، وأفعال العلم، وأفعال التصيير، إلا أنَّ المأخذ عليه أنه قال: (فعل الظن واليقين)، فذكر اليقين، فواضحٌ أنه هنا في موضع التفصيل، لو قال: "الظن" وسكت؛ لقلنا: أراد هذا الباب بعمومه، والمسألة سهلةٌ.

فمن أفعال الظن، الأفعال التي تدل على الظن: الفعل ظنَّ، نحو: "ظننت الفرجَ قريبًا"، و"حسِب"، نحو: "حسِبتُك صديقًا"، قال تعالى: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ [البقرة:273]، وقال تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا﴾ [الكهف: 18].

ومن أفعال الظن "خَاَلَ"، نحو: "خَاَلَ المهملُ النجاحَ هيِّنًا"، ومنها: "زَعَمَ"، نحو: "زَعَمَ الحارسُ البابَ مفتوحًا"، فـ"خَاَلَ، أو حسِب" بمعنى "ظنَّ"، تقول: "ظن محمدٌ البابَ مفتوحًا"، أو "خاله مفتوحًا" أو "حسِبه مفتوحًا" بمعنى الظن، وهو المخالف للعلم واليقين.

كيف نُعرب "ظنَّ الحارسُ البابَ مفتوحًا"؟

"ظنَّ": هذا فعلٌ ماضٍ يُعرب إعراب الأفعال الماضية، فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب.

"الحارس": فاعله مرفوعٌ، وعلامة رفعه الضمة.

"الباب" مفعوله الأول منصوبٌ، وعلامة نصبه الفتحة.

"مفتوحًا" مفعوله الثاني منصوبٌ، وعلامة نصبه الفتحة.

والنوع الثاني من أفعال هذا الباب:

أفعال العلم، من الأفعال التي بمعنى "عَلِمَ" الفعل "علِم"، نحو: "يعلمُ المسلمُ الصدقَ مُنْجِيًا"، والفعل "رأى"، إذا كان بمعنى: "علِم"، كقولك: "رأيتُ العلمَ نافعًا"، تريد أن تقول: "علمتُ العلمَ نافعًا". ومن ذلك "عدَّ"، إذا كان بمعنى: "علم"، كقولك: "يعدُّ المؤمنُ الصلاحَ سرَّ النجاح"، بمعنى: "يعلمُ المؤمنُ الصلاحَ سرَّ النجاح". ومن ذلك "ألفى"، نحو: "ألفيتُني حائرًا"، وكقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ﴾ [الصافات: 69].

ومن ذلك "وجد"، إذا كان بمعنى "علم"، كقولك: "وجدتُ الخبرَ صحيحًا"، بمعنى "علمتُه صحيحًا"، قال تعالى: ﴿وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ [الأعراف: 102]، يعني: عَلِمنَاهُم فاسقين.

لماذا نقول في بعض الأفعال السابقة: إن "وجد" تكون من هذا الباب إذا كانت بمعنى: "علِم"، و"عدَّ" إذا كانت بمعنى: "علم"، و"رأى" إلى كانت بمعنى "علم"؟

لأن هذه الأفعال قد تأتي في اللغة على غير معنى "علم"، فلا تكون حينئذٍ من هذا الباب، وإنما تعود إلى الأفعال التي تنصب مفعولًا واحدًا.

فـ "رأى" إذا لم تكن بمعنى: "علم" يعني: ليست "رأى" العلمية، وإنما "رأى" البصرية، التي بمعنى شاهد وأبصر، تقول: "رأى محمدٌ الكتابَ"، بمعنى: شاهده وأبصره، هذا مفعولٌ به، "رأى محمدٌ الكتابَ"، فلو أن هذا القائل قال: "رأى محمدٌ الكتابَ مفتوحًا"، بمعنى: أبصره وشاهده، فـ "مفتوحًا" حينئذٍ لا تكون مفعولًا به ثانيًا؛ لأن الفعل ليس من أفعال "ظن وأخواتها" التي تنصب مفعولين، وإنما تنصب مفعولًا واحدًا وهو: "الكتاب"، يعني: "رأى الكتاب"، أبصره، فماذا يكون إعراب "مفتوحًا"؟

حالًا، يعني: شاهده وأبصره حالة كونه مفتوحًا، يعني: "مفتوحًا" حال.

وكذلك: "عدَّ"، لو قلت: "عدَّ محمدٌ المالَ" هنا من العد، وليس في معنى العلم، إذن: فعلٌ، وفاعلٌ، ومفعولٌ به، وهكذا "وجد"، لو قلت: "وجدَ محمدٌ الضالةَ"، أضاعها ثم وجدها، هذا فعلٌ، وفاعلٌ، ومفعولٌ به، ولا تنصب مفعولين.

والنوع الثالث من أفعال هذا الباب:

هي الأفعال التي بمعنى: "صيَّر"، أفعال التصيير، الدالة على الانتقال والتحويل.

من أفعال التصيير، الفعل "صيَّر" كقولك: "صيِّرْ الصلصالَ لعبةً"، أو "صيَّرَ محمدٌ الصلصالَ لعبةً".

ومن ذلك: "جعل" إذا دلت على التصيير، كقولك: "جعلَ محمدٌ الصلصالَ لعبةً"، يعني نقله من حالةٍ إلى حالةٍ، وكقوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ [الفرقان: 23].

ومن ذلك: "اتخَذ"، و"تخِذ"، كقولك: "اتخذتُ محمدًا صديقًا" يعني: جعلته صديقًا، صيَّرته صديقًا، وكقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125].

فالخلاصة: أن أفعال هذا الباب ثلاثة أنواعٍ: أفعالٌ تدل على الظن، وأفعالٌ تدل على العلم، وأفعالٌ تدل على التصيير.

أمَّا الحريري -رحمه الله- فلم يذكر منها إلا سبعة أفعالٍ، ذكرها في معرض التمثيل، في قوله:

تقولُ قدْ خِلتُ الهِلالَ لائحَا
 

 

وقدْ وجَدتُ المُستَشَارَ ناصحَا
 

وما أظنُّ عامِرًا رفيقَا
 

 

ولا أرَى لي خالدًا صَديقَا
 

وهكذا تَصنَعُ في عَلِمْتُ
 

 

وفي حَسِبْتُ ثم في زَعَمْتُ
 

كم فعلًا ذكر؟ سبعةً، كم ذكر من أفعال الظن؟ "خال، وظن، وحسب، وزعم"، وذكر من أفعال العلم: "وجد، ورأى، وعلم"، ولم يذكر شيئًا من أفعال التصيير، فهذه ألفاظ هذا الباب.

ما عملها؟ ما عمل هذه الأفعال؟

{تنصب مفعولين}.

تنصب مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر.

ما عمل هذه الأفعال؟

تنصب مفعولين، أصلهما المبتدأ والخبر، بعد أن ترفع فاعلًا، إذن لابد أن ترفع فاعلًا، وأن تنصب مفعولين، الأول مفعولٌ به أولٌ، والثاني مفعولٌ به ثانٍ.

قلنا: هذه الأفعال لابد أن ترفع فاعلًا، ثم تأتي إلى المبتدأ فتنصبه مفعولًا به أولًا، وتأتي إلى الخبر، فتنصبه مفعولًا به ثانيًا، كقولك: "محمدٌ صديقٌ"، مبتدأٌ وخبرٌ، ثم تقول: "ظننت محمدًا صديقًا"، أو "علمت محمدًا صديقًا"، أو "اتخذت محمدًا صديقًا".

عندما نقول: إن هذه الأفعال ترفع فاعلًا، فمعنى ذلك أنها أفعالٌ ناقصةٌ، مثل: "كان وأخواتها"؟ أم تامةٌ مثل: "دخل، وخرج، وجلس، وذهب، وجاء"؟

الجواب: أفعالٌ تامةٌ، الفعل التام: هو الذي يرفع فاعلًا، والفعل الناقص: هو الذي يرفع اسمًا وينصب خبرًا، يعني: باب "كان وأخواتها"، فظن وأخواتها أفعالٌ تامةٌ، وليست أفعالًا ناقصةً، لكنها ناسخةٌ.

ما معنى ناسخةٌ؟

يعني: تدخل على الجملة الاسمية، وتنسخ الابتداء، وتعمل في المبتدأ، وفي الخبر، فهي ناسخةٌ لا ناقصةٌ. أما كان وأخواتها كما سيأتي، فهي ناسخةٌ وناقصةٌ.

فلهذا وجدنا أن المبتدأ والخبر بعدها "علمتُ محمدًا صديقًا"، المبتدأ والخبر بعدها لا يكون اسمًا لها وخبرًا لها، وإنما يُنصبان نصب المفعول به؛ لأنها أفعالٌ تامةٌ، ترفع فاعلًا وتنصب مفعولًا أو مفعولين، أو ثلاثةً، كل ما يقع في حيز المفعول به، يكون مفعولًا به.

وأمَّا هي في نفسها، أفعال الظن، وأفعال العلم، وأفعال التصيير، فهي في نفسها كيف تُعرب؟ وكيف تُعامل؟ تُعرب إعراب الأفعال، فإذا كانت على صيغة الفعل الماضي، مثل: "ظن، وعلم، وصيَّر"، فتُعرب كالفعل الماضي، يعني مثل: "دخل، وخرج، ونجح". وإذا كانت على صيغة المضارع، مثل: "يظن"، أو "يعلم"، أو "يجعل"، فتُعرب إعراب الفعل المضارع، وإذا كانت على صيغة الأمر، كـ"ظُن"، أو "صيِّرْ"، أو "اجعل"، أو "اعلم"، تُعرب إعراب فعل الأمر، وقد سبق الكلام على إعراب الفعل من قبل، بقي إعراب الماضي، سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى-.

فعلى ذلك، نريد أن نُعرب بعض الأمثلة؛ لنتأكد من التطبيق -بإذن الله تعالى-.

نُعرب "ظنَّ الحارسُ البابَ مفتوحًا". تفضل.

{ظن: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب}.

وإن شئت أن تقول: فعلٌ ماضٍ ناسخٌ، لا بأس، لكن ما نقول ناقصٌ.

{الحارسُ: فاعلٌ مرفوعٌ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره}.

والبابَ؟

{البابَ: مفعولٌ أول، منصوبٌ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة}.

مفتوحًا؟

{مفتوحًا: مفعولٌ ثانٍ}.

أحسنتَ. لو قلنا: "ظننتُ الخطينِ متقاطعين".

{ظنَّ: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على الفتح المقدر، منع من ظهورها التعذُّر}

السكون المجلوب للتخلف من أربع متحركاتٍ.

والتاء في "ظننت"؟

{والتاء: فاعلٌ في محل رفعٍ، مبنيٌّ على الضم}.

الخطين؟

{الخطين: مفعولٌ به أولٌ، وعلامة نصبه الياء}.

ومتقاطعين؟

{متقاطعين: مفعولٌ به ثانٍ، مفعولٌ به منصوبٌ، وعلامة نصبه الياء}.

أعرب: "ظننتك صديقًا".

{ظننت: فعل ماضٍ مبنيٌّ على السكون المُجلب}.

مبنيٌّ على الفتح المقدر. أين الفاعل؟

{تاء المتكلم}.

وأين المفعول الأول؟

{المفعول الأول هو الضمير الكاف}.

كاف المخاطب، وأين المفعول الثاني؟

{صديقًا هو المفعول به الثاني}.

وصديقًا هو المفعول به الثاني. أحسنتَ.

أعرب: "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً".

{جَعَلَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح المقدر}.

أين فاعله؟

{النون، جعلناه}.

هذه نون أم نا؟ هذه نا وليست نونًا، النون إذا كانت على حرفٍ واحدٍ، گنون النسوة، في "اذهبن"، نون النسوة، لكن هنا "جعلنا" هذه نون ألف، الكلمة إذا كانت على حرفين، تُنطق على لفظها، نعم، نا المتكلمين فاعلٌ في محل رفعٍ والمفعول الأول؟

{هَبَاءً}.

المفعول الأول هاء الغائب، الذي يعود إلى عملهم، جعلناه يعني جعلنا عملهم، والهاء هو المفعول الأول منصوبٌ أو في محل نصبٍ؟

{منصوب}.

لا، منصوبٌ مُعربٌ، وهذا ضميرٌ، والضمير مبنيٌّ.

{في محل نصبٍ}.

في محل نصبٍ، والمفعول الثاني؟

{هَبَاءً}.

هَبَاءً هذا المفعول الثاني، طيب "مَّنثُورًا"، "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا"؟ ما إعراب "مَّنثُورًا"

{مفعولٌ ثالث}.

لا، هذه طنَّ تنصب مفعولين، هذه "جَعَلْنَاهُ"، بمعنى صيَّرناه تنصب مفعولين، ما تنصب ثلاثةً، لماذا نقول نحن مفعولٌ ثانٍ؟ ومفعولٌ ثالثٌ؟ لماذا لا نقول عن المفعول الثاني إنه حالٌ في هذا الباب، في باب "ظننت وأخواتها"؟ متى نقول حالٌ؟ الحال فضلةٌ، إذا أمكن أن نقف وتكتمل الجملة والمعنى، فما بعده فضلةٌ حالٌ، لكن إذا كان هذا المنصوب عمدةً، ما يتم الكلام إلا به، فهذا يدل على أن نصبه كان خبرًا، لأن المبتدأ والخبر كلاهما عمدةٌ، فلا يصح أن تقول: "جَعَلْنَاهُ"، حتى تقول: "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً"، فـ"هَبَاءً" هنا عمدةٌ، لابد أن تقولها، أو لا يتم المعنى، بخلاف "أبصرتُ محمدًا" تم الكلام، "رأيتُ محمدًا" تم الكلام، فإذا قلت "رأيتُ محمدًا جالسًا"، فـ"جالسًا" عمدةٌ أو فضلةٌ؟ فضلةٌ، حالٌ، لكن لو كانت "رأى" بمعنى "علِم"، تقول: "رأيتُ محمدًا عالمًا"، بمعنى: علمته، وتيقنت ذلك، فحينما تقول: "رأيت محمدًا عالمًا"، "عالمًا" حالٌ أم مفعولٌ ثانٍ؟ مفعولٌ ثانٍ، ما يمكن تقول: "علمت محمدًا" وتسكت، حتى تقول: "علمته عالمًا"، "رأيته عالمًا".

فهنا "مَّنثُورًا" فضلةٌ أو عمدةٌ في الكلام؟

{فضلةٌ}.

تقول: "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً"، معنى ذلك أن "مَّنثُورًا" ليست مفعولًا، لا أولًا، ولا ثانيًا، ولا ثالثًا، لأنها فضلةٌ، كل المفاعيل تدخل في العمدة.

إذن ماذا نقول في "مَّنثُورًا"؟

{حالٌ}.

صاحب الحال لابد أن يكون معرفةً، ما المنثور؟ "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً".

{العمل}.

لا، ليس حالًا، هذا نعتٌ، "جَعَلْنَاهُ هَبَاءً" ثم وصف ونعت الهباء بأنه منثورٌ، "هَبَاءً مَّنثُورًا".

مثال: "يعدُّ المؤمنُ الصلاحَ سرَّ النَّجاحِ".

{يعدُّ: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامة رفعه الضمة. المؤمن: فاعلٌ مرفوعٌ}.

"يعد": فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ وعلامة رفعه الضمة.

"المؤمن": فاعلٌ، هو الذي يعد، فاعلٌ مرفوعٌ وعلامة رفعه الضمة. والصلاحَ؟

{الصلاحَ: مفعول أول، منصوب وعلامة نصبه الفتحة}.

أين المفعول الثاني؟ يعدُّ المؤمنُ الصلاحَ ماذا؟

{سرَّ}.

إذن، "سرَّ" هو المفعول الثاني، مفعولٌ ثانٍ منصوبٌ، وعلامة نصبه الفتحة. و"النَّجاحِ"؟ "سرَّ النَّجاحِ".

"سرَّ النَّجاحِ" كم اسمٍ؟

{اسمان}.

و"سرَّ النَّجاحِ" شيءٌ واحدٌ، اسمان يدلان على شيءٍ واحدٍ، ماذا يكونان؟

{بدل}.

لا، مضافٌ ومضافٌ إليه، شرحنا الإضافة، الإضافة كل اسمين يدلان على شيءٍ واحدٍ، مثل: "قلم الأستاذ"، "قلم الأستاذ" اسمان، لكن يدلان على شيءٍ واحدٍ، هذا مضاف ومضاف إليه.

إذن "سرَّ" مفعولٌ ثانٍ، وهو مضافٌ، و"النَّجاحِ" مضافٌ إليه مجرورٌ، لابد من كثرة التمرين، إلا أن الوقت لا يُسعفنا.

"أَلْفَيْتُنِي حَائِرًا"، مَن يُعرب "أَلْفَيْتُنِي حَائِرًا"؟

هذا الباب باب "ظن وأخواتها" من خصائصه في اللغة العربية: أنه الباب الوحيد، الأفعال الوحيدة في اللغة العربية التي يكون فاعلها مفعولها، يكون فاعلها هو في المعنى مفعولها، كقولك: "أَلْفَيْتُنِي حَائِرًا"، "علمتُني صائمًا"، "ظننتُني مسافرًا" فإذا قلت: "علمتُني مسافرًا"، مَن الفاعل الذي يعلم؟ أنا، مَن المعلوم؟ أنا، فالفاعل المتكلم، والمفعول به المتكلم، لكن في غير هذه الأفعال ما يصح، لا تقول مثلًا: "ضربتني"، أو "أكرمتني" ما تأتي، هنا لابد أن تعبِّر بالنفس، تقول: "أكرمتُ نفسي"، وهكذا، إلا في هذه الأفعال، هذه من خصائص هذه الأفعال.

نعم، "أَلْفَيْتُنِي حَائِرًا" تفضل.

{ألفى: هذا فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على الفتح المقدر}.

أين فاعله؟

{الفاعل هو التاء}.

تاء المتكلم الفاعل، والمفعول به الأول؟

{هو الياء}.

ياء المتكلم الفاعل، وياء المتكلم المفعول به. والمفعول الثاني؟

{حائرًا}.

والنون في "أَلْفَيْتُنِي"؟

{نون الوقاية}.

نون الوقاية، اسمٌ أم فعلٌ أو حرفٌ؟

{نون الوقاية حرفٌ}.

إذن، لا محل له من الإعراب.

أخيرًا: اعرب "صَيِّرِ الصلصالَ لُعبتينِ".

{صَيِّرِ: فعل أمرٍ، مبني على السكون}.

مبنيٌّ على السكون، ونحن نقول: "صَيِّرِ".

{صَيِّرِ: هذا مبنيٌّ على السكون المقدر، الذي منع من ظهوره الكسر العارض لالتقاء الساكنين، والفاعل ضميرٌ مستترٌ تقديره أنت. الصلصالَ: مفعولٌ به أولٌ، منصوبٌ وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. لُعبتينِ: مفعولٌ به ثانٍ، منصوبٌ، وعلامة نصبه الياء، نيابةً عن الفتحة؛ لأنه مثنى}.

أحسنتَ، بارك الله فيك. هل هناك من سؤالٍ في هذا الباب؟ أم أنه بابٌ واضحٌ؟

بذلك نكون قد انتهينا من باب "ظننت وأخواتها"، يمكن أن ننتقل إلى الباب التالي؛ لأن لا أسئلة عندكم، الباب التالي هو باب إعمال اسم الفاعل.

نبدأ بقراءة الأبيات التي ذكرها الحريري في أول هذا الباب، باب عمل اسم الفاعل المنوَّن.

{قال الحريري -رحمه الله-: (باب عمل اسم الفاعل المنوَّن.

وإنْ ذَكَرْتَ فاعلًا مُنوَّنَا
 

 

فَهْوَ كما لو كانَ فِعلًا بَيِّنَا
 

فارفَعْ بهِ في لازمِ الأفعالِ
 

 

وانصِبْ إذا عُدّي بكلّ حَالِ
 

تقولُ زيدٌ مُشترٍ أبوهُ
 

 

بالرّفعِ مثلُ يستَوي أخوهُ}
 

هذه رواية، لكن الأصح "مُستوٍ أبوه"

تقولُ زيدٌ مُستوٍ أبوهُ
 

 

بالرّفعِ مثلُ يستَوي أخوهُ
 

وسنذكر ذلك، يعني لماذا كانت الرواية الأصح. نعم.

{تقولُ زيدٌ مُستوٍ أبوهُ
 

 

بالرّفعِ مثلُ يستَوي أخوهُ
 

وقُلْ سعيدٌ مُكرِمٌ عثمانَا
 

 

بالنصبِ مثلُ يُكرِمُ الضِّيفَانَا}
 

بعد أن تكلم الحريري على المفعول به، ثم على باب "ظننت وأخواتها" اللاتي تنصب مفعولين، ذكر هذا الباب، وهو باب إعمال اسم الفاعل المنون، والمناسبة لهذا الباب مع البابين السابقين مناسبةٌ قويةٌ، وذلك أن الحريري أراد أن يقول: إن المفعول به قد ينصبه الفعل، كما سبق في البابين السابقين، وقد ينصبه اسم الفاعل، اسم الفاعل المأخوذ من الفعل قد يعمل عمل الفعل فينصب المفعول به، فلهذا كان من المناسب أن يذكر إعمال اسم الفاعل بعد كلامه على المفعول به.

وكلامنا على هذا الباب، باب إعمال اسم الفاعل المنوَّن، يقودنا في البداية إلى أن نتكلم على المراد باسم الفاعل، والمراد بالفعل، والمراد بالمصدر، ما المراد بهذه المصطلحات؟ وما الفرق بينها؟

لكي نستطيع أن نحرر منها اسم الفاعل، ونتكلم على إعماله الذي ذكره الحريري في هذا الباب.

فنقول: أما الفعل: فكلُّ كلمةٍ دلَّت على حدثٍ وزمانهِ، وأما اسم الفاعل: فكلُّ كلمةٍ دلَّت على حدثٍ وفاعلهِ، وأما المصدر: فكلُّ كلمةٍ دلَّت على مُجرَّد الحدث.

انتهى الوقت في هذا الدرس، فنقف هنا، ونكمل -إن شاء الله- في الدرس القادم، وجزاكم الله خيرًا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك