الدرس السادس

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

4661 11
الدرس السادس

الاجتهاد والفتوى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد.
فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم في لقاءٍ جديدٍ، من لقاءاتنا في البناء العلمي، نتدارس فيه شيئًا من أحكام الاجتهاد والتقليد.
وكنا في ما مضى بحثنا عددًا من مسائل التقليد، ونواصل الحديث في ذلك، وكان من أواخر ما أشرنا إليه: مسائل التمذهب.
مِن المعلوم أنَّ الصحابة -رضوان الله عليهم- بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- تفرَّقوا في البلدان، فأخذ كلُّ أهل بلدٍ مِن هذه البلدان بعلم الصحابة، الذين وفدوا إليها، وقبلوا ما صدر عنهم من الاجتهادات الفقهية، وعملوا بها، وساروا عليها، وذلك أن العلماء كانوا يأخذون من أولئك الصحابة، الأحاديث التي رواها الصحابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعلم أهل بلد بما لم يعلمه أهل البلد الآخر، فحصل حينئذٍ شيءٌ من الاختلاف بين العلماء.
هذا الاختلاف الذي حصل بين العلماء، له أسبابٌ عديدةٌ:
مِن تلك الأسباب: الاختلاف في الحديث النبوي، من جهة وصوله إلى بعض البلدان دون بعضها الآخر، ومن جهة: كون بعض البلدان وصل إليها الحديث بطريقٍ ضعيفٍ، بينما صحَّ طريق الحديث الذي ورد إلى البلد الآخر، فيقع الاختلاف بين العلماء بسبب ذلك.
ومن الأسباب أيضًا: أن طرق الاستنباط تختلف أقوال الفقهاء فيها، فهناك من يرى مثلًا: حجية مفهوم المخالفة، بينما آخرون لا يَرون حُجية هذا النوع.
وهناك أنواعٌ من الدلالات يقع الاختلاف فيها، وكذلك قد يقع الاختلاف في شيءٍ من الصوارف التي تصرف الدليل عَن مدلوله، يعني: مثلًا بالاتفاق أن الأمر يفيد الوجوب، لكن هناك قرائن يقع الاختلاف في مدى صرفها الأمرَ عن الوجوب.
مثال ذلك: إذا وَرَدَ الأمر بعد الحظر، فهل يكون هذا صارفًا للأمر عن الوجوب؟ قال الحنفية والمالكية: نعم، يبقى الأمر على دلالته على الوجوب، بينما قال الحنابلة والشافعية: بأن الأمر الوارد بعد النهي، لا يفيد الوجوب، وإنما يفيد الإباحة.
وبالتالي وقع الاختلاف بين العلماء في مسائلَ فقهيةٍ عديدةٍ، نظرًا لوجود هذا الاختلاف في هذه المسألة الأصولية، وقاعدة الاستنباط، حيث رأى فيها طائفةٌ شيئًا، ورأى آخرون شيئًا آخر.
وهكذا من أسباب الاختلاف: وجود تعارضٍ ظاهريٍّ في نظر المجتهد بين الأدلة الشرعية، وبالتالي أنت تقوم بالجمع بين الأدلة بطريقٍ، بينما أنا أقوم بالجمع بين الأدلة بطريقٍ آخر، وبالتالي يقع الاختلاف.
ثم قد يقع الاختلاف في القاعدة التي يُردُّ إليها الحكم في المسألة الفقهية، وقد يَقع الاختلاف في طريقة إدراج الفرع الفقهي في تلك القاعدة، فيقع الخلاف في الحكم الفقهي.
إذن، اختلاف العلماء في المسائل الفقهية، ليس من الأمور الاعتباطية، بل هو مبنيٌّ على أصولٍ، يُعذر فيها كل واحدٍ مِن هؤلاء العلماء، ولا يجوز لنا أن نستدل بوجود هذا الاختلاف على الإنزال من مقام إمامٍ من هؤلاء الأئمة.
بعد ذلك العصر، جاء عصر التابعين فمَن بعدهم، فوجد فقهاء مجتهدون، يراجعهم الناس، هؤلاء الفقهاء، كثيرٌ منهم لم يوجد له أتباعٌ يدونون فتاواه وفقهه، وبالتالي اندثرت مذاهبهم، بينما وجد مِن هؤلاء العلماء مَن يكون عنده من الطلاب مَن يُسجِّل أقواله وفتاواه، وبالتالي حُفظتْ مذاهب هؤلاء العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة: الإمام أبو حنيفة -رحمه الله تعالى-، المتوفى سنة مائةٍ وخمسين، والإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المتوفى سنة مائةٍ وتسعةٍ وسبعين، والإمام الشافعي محمد بن إدريس، المتوفى سنة مائتين وأربعةٍ، والإمام أحمد بن حنبل، المتوفى سنة مائتين وواحدٍ وأربعين للهجرة.
هؤلاء الأئمة بقيت مذاهبهم؛ لوجود تلاميذ لهم يسجلون أقوالهم، وفتاواهم، فنُقلتْ إلينا.
يبقى عندنا مسألتان:
المسألة الأولى: كيف نستنبط مذهب الإمام في مسألةٍ من المسائل؟
هناك سبعة طرقٍ يمكن أن نعرف أن نُثبت للإمام مذهبًا في المسألة من خلالها.
الطريق الأول: فهناك النص الصريح من الإمام، فإذا نصَّ الإمام على حكمٍ في مسألةٍ، كان ذلك مذهبًا له؛ لأنه صريح كلامه.
الطريق الثاني: أن يكون الاستنباط بطريق ظاهر كلامه، بحيث يكون لكلام الإمام معنيان محتملان، أحدهما أظهر، فحينئذٍ نُثبت أن مذهب الإمام، هو الاحتمال الأظهر من هذين الاحتمالين.
الطريق الثالث: ما يكون بطريق المفاهيم والدلالات، فإننا إذا طبَّقنا هذه المفاهيم والدلالات على إمامٍ مِن الأئمة، كان هذا طريقًا مِن طرق معرفة مذهب ذلك الإمام.
الطريق الرابع: أن نجد أن الإمام ورد عنه فعلٌ من الأفعال، فهذا يدل على أن الإمام يرى جواز ذلك الفعل، وقد قال طائفةٌ: إن هذا الطريق لا يصح به إثبات مذاهب الأئمة؛ إذ قد يغفلون عن حكم المسألة، وقد يطرأ عليهم ما يطرأ عليهم مِن مخالفةٍ مَا يرونه باجتهاداتهم، إمَّا لسببٍ، كضرورةٍ أو غيرها، وإما لغير سببٍ.
الطريق الخامس: القياس على كلامه في ما نصَّ على علته، فإذا نصَّ الإمام في مسألةٍ على حكمٍ شرعيٍّ، وذكر العلة التي منها ينطلق الحكم في تلك المسألة، فحينئذٍ كل مسألةٍ وُجدتْ فيها تلك العلة، فإننا نثبت للإمام قولًا في هذه المسألة، بناءً على وجود علة تلك المسألة الأخرى فيها.
الطريق السادس: أن لا ينصَّ الإمام على علة المسألة، لكننا نجد مسألةً أخرى تماثلها، إمَّا بطريق نفي الفارق بين المسألتين، وإما بطريق الاستنباط، سواءً كان استنباطًا للعلة بطريق الدوران، أو السبر والتقسيم، أو المناسبة، أو غيرها من الطرق الاستنباطية التي نستخرج بها علل الأحكام.
الطريق السابع: التقرير، فإذا قرر الإمام قولًا أو أقرَّ قولًا، أو سكت عن الإنكار على فعلٍ، دل هذا على أن الإمام يرى جواز ذلك الفعل، ما لم يقم دليلٌ يدل على أنه لم يرض بذلك الفعل، ولم يتكلم بما ينافيه في ما مضى.
إذن هذه طرائق إثبات مذهب الإمام، وهذه يمكن أن يَعمل بها الباحثون، في ما يتناولونه مِن الدراسات عَن فقه الأئمة -رحمهم الله تعالى-.
هذه المذاهب تلاحظون أنها إنما يُراد بها التعلُّم والدراسة.
وقبل هذا نقرر، هل يمكن أن يقول الإمام بقولين متضادين في وقتٍ واحدٍ؟ أو لا يمكن ذلك؟
قال أهل العلم: لا يمكن أن يقول الإمام بقولين متفاوتين متضادين في وقتٍ واحدٍ، لكنه يمكن أن يقول بقولين في وقتين مختلفين، فيكون هذا كما يقول الشافعية: الأقوال الواردة عن الإمام، وعندهم قولٌ جديدٌ، وقولٌ قديمٌ، وعند الحنابلة يقولون: الروايات الواردة عن الإمام، ولهم طرائق في ترتيب هذه الروايات، ومعرفة الراجح من المرجوح منها، ومعرفة ما يتضاد منها وما لا يتضاد، وهناك كتبٌ مؤلفةٌ في معرفة مذهب الإمام من الروايات باختيار القول المناسب لأصوله من الروايات الواردة عن الإمام -رحمه الله تعالى-.
فمثلًا في كتاب "الإنصاف" للعلامة المرداوي -رحمه الله تعالى-، نجد أنه يقرر الراجح من الروايات الواردة عن الإمام.
إذن، عرفنا طرائق إثبات مذهب الإمام.
ننتقل إلى مسألة حكم التمذهب، المراد بالتَمَذهُب: أن يأخذ الإنسان بمذهب إمامٍ من الأئمة، بحيث يأخذ بِرُخصه وعزائمه.
وهناك محل اتفاقٍ، وهو: أن يُقال بأن كتب المذهب طرائقُ للتعلم، والدراسة، والتدريس، لماذا؟ لأن فقهها مضبوطٌ، مأمونٌ من أن يكون بينه اضطرابٌ واختلافٌ؛ لأن هذا يساعد الإنسان على البحث في الكتب الفقهية.
إذن، التمذهب إذا كان يُراد به التعلُّم والدراسة في كتب المذهب، فهذا لا إشكال فيه، خصوصًا يعني كتب المذاهب هذه يُستفاد منها فوائدَ كثيرةً، منها: معرفة مصطلحات العلماء، معرفة المراد بالمصطلحات الفقهية التي يوردها العلماء، ومنها: معرفة ترتيب المسائل في الكتب، بحيث إذا عرضت له مسألةٌ، فإنه يعاود بحثها؛ لأنه قد يكون فقيهًا مجتهدًا، فإن كتب المذاهب قررتْ أحكامًا فقهيةً في المسائل، وبنتْها على أدلةٍ شرعيةٍ، فيتعود الإنسان ويتمرن على ممارسة ما يتعلق بالاجتهاد، من خلال تعلُّم مهارات الترجيح، الواردة عن الأئمة -رحمهم الله تعالى.
إذن، هذه كلها فوائد لبناء التعليم والتعلُّم على المذاهب، أما المسألة التي وقع فيها اختلافٌ، فهي مسألة: هل يجوز أن نجعل المذهب طرائق للعمل والفتوى؟ بحيث لا يفتي الإنسان إلا بناءً على ما هو في المذهب؟ ولا يجوز له أن يخرج عنه؟
فنقول: هذا التمذهب على طريقتين: إما أن يكون من عالمٍ فقيهٍ، وإما أن يكون من عاميٍّ، فالعالم الفقيه، يجب عليه مراجعة الأدلة، ويجب عليه أن يجتهد على ما تقرر معنا سابقًا، وبالتالي فالأحكام الشرعية لا يأخذها من كتب المذهب، سواءً في الفتوى، أو في العمل، أو في القضاء، إذن، من أين يأخذها؟ من الأدلة الشرعية، كتابًا وسنةً.
بعض الناس تجده يقول: يجب على كلِّ شخصٍ أن يأخذ بمذهبٍ فقهيٍّ من مذاهب الأئمة الأربعة، نقول له: ماذا تريد بذلك؟ إن كنت تريد أن يتعلم الناس على كتب المذاهب، فهذا حسنٌ، وأمرٌ جميلٌ، أما إذا كانت تريد أن تُلزم الآخرين بأن يأخذوا برخص المذهب وعزائمه، وأن لا يخرجوا عنه، فنقول حينئذٍ: هذا مخالفٌ للشرع.
إذن، نأتي بعد هذا إلى مسائلَ متعلقةٍ بالتقليد، منها: مسألة تعدد المجتهدين، العامي ليس له مذهبٌ ينتمي إليه، في أي بلدٍ، وإنما مذهب العامي، هو مذهب إمامه الذي يُراجعه ويستفتيه، وليس له مذهبٌ، هذه المذاهب الموجودة إنما هي طرائق للتعلم والدراسة.
فإن قال قائلٌ: كيف توهنون في هذه الكتب، وهي واردةٌ عن أئمة الإسلام؟ علماء الملة؟
فنقول حينئذٍ: هم أول من خالف ما في مذاهبهم، ولذلك تجد عن الأئمة أنهم يختارون قوليْن، ويرجع عن قوله السابق، وبالاتفاق أنهم ليسوا بمعصومين، ثم إننا نجد أن أصحابهم يخالفونهم في أقوالهم الفقهية، ولذلك تجد في المذهب أوجهًا متعددةً يخالف فيها الإنسان مذهب الإمام الذي ينتسب إلى فقهه، ولا يرى في ذلك بأسًا، ولذلك من كان من أهل الفتوى يُفتي باجتهاده، لا بالمذهب؛ لأنني إنما أُسأل عن حكم الله -جلَّ وعلَا-، لا أُسأل عن المذهب، ما هو المذهب، وإنما أُسأل عن حكم رب العزة والجلال، وبالتالي أنا لا أجيب إلا بما أظنه أنه شرع الله، ودين رب العزة والجلال، ولو خالف المذهب، ولو خالف قول من كان قبلي من الفقهاء وغيرهم.
إذا تقرر هذا، فهذا الكلام الذي نُقسِّم فيه الناس إلى قسمين:
عالم، هذا يجب عليه أن يجتهد، وأن ينظر في الأدلة، فيستخرج الحكم.
وهناك مَن ليس من أهل العلم، هذا يجب عليه أن يُراجع الفقيه؛ لقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، يجب عليه أن يُراجع الفقهاء، هل يجوز له، هذا العامي، أن يبتدع قولًا من عند نفسه، أو يراجع الكتب الفقهية؟ نقول: لا يجوز له ذلك، وإذا نظرنا إلى الأئمة العلماء الذين ألَّفوا في مسائل الفقه، نجد أنهم في كتبهم الفقهية، إذا كان الكتاب مؤلفًا على المذهب، فإنه يقرر ما في المذهب، وإذا كان كتاب فقهٍ مقارنٍ، لم يلتزم بذلك القول.
ونورد لذلك أمثلةً: ابن قدامة -رحمه الله تعالى- معروفٌ عندكم، متى تُوفي؟ سنة ستمائة وعشرين، من أي المذاهب هو؟ مذهب أحمد، نجده في كتاب "العمدة" يقرر قولًا واحدًا، وفي كتاب "المقنع" وفي كتاب "الكافي" يذكر رواياتٍ، ويقدِّم ما هو الراجح في مذهب الإمام أحمد، لكن في كتاب "المغني" نجده يرجِّح أقوالًا ليست واردةً عن الإمام -رحمه الله-، لماذا؟ لأن في كتاب "المغني" يستند إلى علمه واجتهاده، وبالتالي خالف المذهب في هذه المسائل.
ومثله لو وجدتَ مثلًا عند النووي، عند بعض الشافعية، عند ابن عبد البر المالكي، نجد أنهم يسيرون على هذه الطريقة، وهذا المنهج، عند تقرير المذهب، يقررون المذهب بحسب الروايات الواردة عن الإمام، وعند الاجتهاد والنظر يخالفون ذلك الترجيح، ويختارون أقوالًا أخرى.
لو فُرض أن البلد فيه أكثر من عالمٍ، فماذا نفعل؟
نقول: يجوز للإنسان أن يكتفي بسؤال عالمٍ من هؤلاء العلماء، مادام أنه من أهل الاجتهاد، لماذا؟ لأن الله قال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، واستُدل على هذا بإجماع الصحابة -رضوان الله عليهم-، فقد كان في عهد الصحابة يُسأل الفاضل، ويُسأل المفضول، ولا يجدون في ذلك غضاضةً، ولا يعترضون عليه.
إذن، هذا دليلٌ على أنه إذا تعدد المجتهدون، فإنه يجوز سؤال أي عالمٍ منهم، لماذا؟ لأن الشرع أمر بسؤال فقيهٍ، وهذا فقيهٌ، وهذه المسألة في ما إذا لم يعلم بعدُ بأقوال الفقهاء، لكن لو قُدِّرَ أن الفقهاء اختلفوا، فرأى بعضهم قولًا، ورأى آخرون قولًا آخرًا، فماذا يفعل هذا العامي؟
نقول: إذا اختلف العلماء على قولين: فحينئذٍ يرجِّح بينهم، بحسب ثلاث صفاتٍ:
الصفة الأولى: العلم؛ لأنك لا تتبع الفقيه لأنه فلانٌ، وإنما تتبع قول الفقيه، لأنه يغلب على ظنه أنه يوصلك إلى شرع رب العزة والجلال، التي يرضى بها الله، ويرضى الله باتباعها، فإذا وقع اختلافٌ بين الفقهاء، فإنك تعمل لتصل إلى ما يغلب إليه ظنك أنه هو حكم الله -جلَّ وعلَا-، وهذا بالنسبة للعامي لا يمكن أن يتصور في المسائل، فلم يبقَ إلا ترجيحه بين أعيان المفتين. بماذا يُرجِّح؟
بثلاث صفاتٍ: الصفة الأولى: العلم؛ لأن من كان أعلم، فهو أغلب على الظن أن يصل إلى شرع رب العزة والجلال.
والصفة الثانية: صفة الورع، إذا تساوى العالمان في العلم، انتقلنا للورع، فنأخذ بالأكثر ورعًا، وذلك لأن أصحاب التقوى والورع يُوفَّقون للقول الصواب، يوفِّقهم الله، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2]، وقال -جلَّ وعلَا-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال: 29]، وقال -جلَّ وعلَا-: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: 282]، فيه نصوصٌ كثيرةٌ تدل على أن أهل التقوى والورع يوفَّقون من عند رب العزة والجلال، للوصول إلى القول الصواب.
الصفة الثالثة: صفة الأكثرية، فإذا لم يستطع المرء المستفتي أن يرجِّح بين أعيانهم بحسب هاتين الصفتين، فحينئذٍ ينظر إلى صفةٍ ثالثةٍ، وهي الأكثرية، فيعمل بقول الأكثر؛ لأنه أغلب على الظن أنه سيوصلك إلى شرع رب العزة والجلال. وهكذا في بقية الأمور.
المقصود، أنه عند التساوي بين المفتين في العلم، ننظر إلى أكثرية الورع، إذا تساووا في الورع، أو لم يُعلم التفاضل بينهم في الورع، انتقلنا إلى قول الأكثرية؛ لأن قول الاثنين أرجح على الظن من قول الواحد، فإن قال قائلٌ بأنكم في باب الرواية تقولون: بأن العدد لا يُرجَّح فيه بالكثرة، كما لا يُرجَّح بالعدد في الشهادة، قيل: هناك فرقٌ، فهناك الشهادة للجميع، وهنا الإشهاد لا يكون للجميع، وإنما يُشهد بأعلى طائفةٍ، أو بمتعلق بطائفةٍ معينةٍ، أو أهل صفةٍ معينةٍ.
{فضيلة الشيخ، أحسن الله إليكم، سؤالي: هل يلزم لشخصٍ أن يلتزم بمذهبٍ معينٍ؟ أو يكفيه أن يأخذ الأمور في الكتب والسُّنة فقط؟ هو لا ينتسب إلى مذهبٍ معينٍ، مثلًا هو في بلدٍ لا ينتسب إلى مذهبٍ معينٍ، ومعروفٌ بهذا، أو يلزم ينتسب إلى مذهبٍ معينٍ؟}.
سلَّمك الله، الصحابة والتابعون لم يلتزموا بمذهبٍ، لكن عندهم قواعد من لغة العرب، وقواعد من الأصول، فعندما يأتي من ليس بأهل للاجتهاد، وما يكون عنده معرفةٌ بالقواعد العربية، والقواعد الأصولية، فيدخل في هذا الباب، فإنه يضل كثيرًا، وتجد عنده من عدم الفهم، وعدم تنزيل كلام الأوائل في منازله، وتجد عنده من الأقوال الشاذة، والفتاوى الغريبة الشيء الكثير، وهذا مُلاحظٌ.
لكن عندما يتمرَّس الإنسان على علم الأصول، ويتمكن من تطبيقه، ويدرس الدراسة التي تشتمل على الاستفادة من كتب الأقدمين، يعني نحن عندنا تراثٌ كبيرٌ فقهيٌّ، رتبوا المسائل، وهذَّبوها، وجمعوا بعضها إلى بعضٍ، وذكروا الصلة بين المسألتين المتباعدتين، فمثل هذا يفيد الإنسان في النظر والبحث، والتوصل إلى القول الراجح، أما إذا لم يكن عنده ذلك، فعندئذٍ مظنة وقوعه في الخطأ كثيرٌ جدًّا، ولذلك من أغفل اجتهادات الآخرين في باب الاجتهاد والفتوى، تجد منه الغرائب، وأنا لا أريد أن أمثِّل في هذا الباب.
{لو كان العامي في اختلاف المسألة، هو ذهب وسأل أحد الأئمة، ولم يسأل آخر، مع أن المسألة فيها خلافٌ، لكن هو أخذ برأيٍ مباشرٍ، فماذا يكون حكمه؟}.
ليس له إلا ذلك، يعني عندنا عاميٌّ، وقعت له مسألةٌ، فراجع الفقيه فلانًا، فحينئذٍ ما الواجب عليه؟ أن يأخذ بقول هذا الفقيه، وهذه سميناها تعدد المجتهدين، يكفي سؤال أي واحدٍ منهم؛ لأنه في عهد الصحابة كان يُسأل المفضول مع وجود الفاضل.
المسألة الثانية: إذا علم باختلاف الأقوال، وهذه تُسمَّى اختلاف الفتوى، المسألة الأولى تعدد المجتهدين، فإذا اختلفت الفتوى، ماذا يعمل؟ نقول: يعمل بما يغلب على ظنه أنه هو شرع الله، كيف طريقة معرفة ما يغلب على الظن؟ نقول: يأخذ بقول الأعلم، فإن لم يتمكن من معرفة الأعلم، أخذ بقول الأتقى، فإذا لم يعلم بقول الأتقى أخذ بقول الأكثرية.
هل يجتهد العامي في المسألة؟ نقول: لا، ليس عنده آلة الاجتهاد، وهذا يرتب عليه مسألةً، وهي: مسألة ذكر الدليل في الفتوى، ولعلنا -إن شاء الله- نشير إليها، هذا العامي لا يعلم، هل هذا الدليل منسوخٌ، أو لازال مُحكمًا، هل هذه الدلالة التي أُخذ بها الحكم من هذا الدليل، هل هي دلالةٌ صحيحةٌ أو لا، وبالتالي غير الفقيه لا مدخل له في هذا الباب، في باب الاجتهاد، وإنما يجب عليه مراجعة أهل العلم في هذه المسائل.
من المسائل التي تتعلق بهذا: مسألة تتبع الرُّخص، بحيث يأخذ من قول كل فقيهٍ ما يكون موافقًا لرغبته، وما يشتهيه، وبالتالي يتتبع رخص فلانٍ، ورخص فلانٍ، هذا المراد بمسألة تتبع الرُّخص، وفرِّقوا بين مسألة الرُّخص الشرعية، ورُخص العلماء، الرُّخص المنسوبة إلى الشارع، يستحب الأخذ بها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه»، هذه الرُّخص منسوبةٌ إلى الشارع، وبالتالي لا تدخل معنا.
مثلًا: التيمم رخصةٌ، ما يأتي واحد يقول: تنزَّهوا عنه، نقول: هذه رخصةٌ ثابتةٌ بالدليل الشرعي، عندما يأتينا مثلًا: المسح على الخفين، ثلاثة أيامٍ، الإفطار في السفر، قصر الصلاة، هذه رُخصٌ منسوبةٌ إلى الشارع، ليست رُخصًا من أقوال العلماء.
مَن الذي يأخذ برُخص الشارع؟ المفتي يُفتي بها، والعامي يعمل، رُخص العلماء، سبق أن قررنا أن القول الحق في أحد الأقوال، وأن ما عداه فهو باطلٌ، ما هو الواجب على الإنسان؟ أن يعمل بما يغلب على ظنه أنه هو شرع الله -جلَّ وعلَا-، وبالتالي فحينئذٍ لا يجوز له أن يأخذ بالرُّخص التي يقولها العلماء، إلا إذا وافقت الدليل عنده، ولو قُدِّرَ شخصًا أصبح يتتبع الرُّخص، رُخصة فلانٍ، والرُّخصة الواردة من فلانٍ، والرُّخصة الواردة من فلانٍ، يؤدي به ذلك إلى مخالفة مقصود الشارع، ويؤدي به ذلك إلى التفلُّت من الأحكام الشرعية الظاهرة، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اتقوا زلَّة العالم، كل عالمٍ يُخطئ، كما في الحديث: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحدٌ».
فعندما نتتبع هذه الرُّخص، نكون حينئذٍ قد خالفنا المقصود الشرعي؛ لأنه عند اختلاف الفتوى ماذا نعمل؟ يجب الترجيح، بحسب العلم والورع والأكثرية، فعندما تقول: يجوز لك أن تتبع الرُّخص، كأنه ألغى هذه القاعدة الشرعية الواردة الثابتة بقول الله -جلَّ وعلَا-: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 3]. أظن أن هذا واضحٌ.
{هناك إشكالٌ، أحيانًا أنَّ العالم قد يُسأل في بلدٍ وهو مجتهدٌ، فيُسأل سؤالًا ربما إذا أفتى خالف مذهب البلد، فهل هنا في هذه المسألة، يُفتي بما يهديه إليه اجتهاده؟ أو أنه يراعي البلد؟ ومذهب البلد؟ لأن من راعَى مذهب البلد نظر إلى هذه المصلحة، ومن راعى القول الصحيح عنده راعى مسألة أن الفقيه يفتي بما يهديه إليه اجتهاده}.
عندما يقف الإنسان بين يدي رب العزة والجلال، سيُسأل عن موافقة الدليل ومخالفته؟ أو سيُسأل عن موافقة المذهب ومخالفته؟ أو سيُسأل عن ما يوافق مذهب البلد وما يخالفه؟ سيُسأل عن الأول، لم خالفتَ كلام الله؟ لم خالفتَ سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ والله تعالى يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، والنصوص متواترةٌ بوجوب العمل بما في النص الشرعي من كتاب الله -جلَّ وعلَا-، وسنة رسوله، وبالتالي على الإنسان أن لا يُفتي إلا بما هو راجحٌ لديه.
فيه مراتٌ قد يخشى الإنسان من وقوع افتتانٍ، ووقوع فتنةٍ، ويخشى من اختلاط الناس بعضهم ببعضٍ، فيمتنع من الفتوى، لكن لا يجوز له أن يفتي بخلاف ما يرى أنه شرع الله -جلَّ وعلَا-، ولا يصح أن يُقال: البلد لها مذهبٌ، هذا أيضًا نظرٌ خاطئٌ، بل هذا المذهب للفقيه، ليس للبلد، وأما المذاهب الفقهية المعروفة، فهذه كما تقدَّم طرائق للدراسة والتعلم، وليست طرائق للفتوى والقضاء والاجتهاد.
إذن، لابد أن نتصور أننا سنقف بين يدي الله، وبالتالي نفتي الناس بما يكون موافقًا للكتاب والسنة.
هل الفتوى بما في الكتاب والسُّنة لا يتحقق بها المصالح؟
نقول: هذا فهمٌ خاطئٌ، المصلحة في الكتابة والسُّنة، عندما يجبن الإنسان عن الفتوى بما فيهما، يكون قد خالف المقصود الشرعي، والقول بأن تلك المخالفة مستجلبةٌ للمصلحة، هذا خطأٌ، بل المستجلب للمصالح هو العمل بالنصوص، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وكما قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينً﴾ [المائدة: 3]، فمن أراد أن يحقق للناس مصالحهم، فعليه أن يعمل بمقتضى النصوص الشرعية، وعليه أن يجتهد فيها، وأما القول بأن المصالح إنما تتحقق بالالتزام بمذهبٍ معينٍ، فهذا مخالفٌ لدلالة النصوص، بل في ذلك من الحرج والسوء، ما الله -جلَّ وعلَا- به عليمٌ.
ولذلك تجد أن الفقهاء من كل بلدٍ، لا يتقيدون بالمذهب الذي تعلموا عليه، وإنما يكون لهم اجتهاداتٌ وآراء، ولذلك أيضًا تجد أن علماء المذاهب لا يتقيدون بالقول المشهور في المذهب، كم من مسألةٍ خالف فيها أبو يوسف الإمام أبا حنيفة، وكم من مسألةٍ خالف فيها محمدٌ بن الحسن إمامه الإمام أبا حنيفة -رحمه الله-، وهكذا في بقية الأئمة، ما قال أحدٌ منهم: نحن سنستجلب المصلحة من خلال السير على مذهب الإمام الذي يرتضيه الناس.
عندنا مسألةٌ أخيرةٌ في هذا الباب، وهي مسألة: تغير الفتوى.
عندنا مقلِّدٌ قلَّد فقيهًا فوقع اختلافٌ وتغيرٌ للفتوى، فحينئذٍ ماذا نعمل؟
القضايا يمكن أن نقسِّمها إلى أربعة أنواعٍ:
النوع الأول: ما قضى فيه قاضٍ فقيهٌ، فإذا تغيَّر اجتهاد القاضي، فحينئذٍ يجوز لمن حكم عليه أولًا أن يعمل بالحكم الأول، إذا كان عندنا مسألةٌ اختلافيةٌ، مثلًا: هل الخُلع طلاقٌ أو فسخٌ، فحكَم القاضي بأنه فسخٌ، وبالتالي استرجع الزوج الزوجة، بعقدٍ ومهرٍ جديدٍ، ثم بعد مدةٍ تغير اجتهاد الحاكم المفتي، فأصبح يرى أن الخُلع طلاقٌ، وليس بفسخٍ، فهل نأمر ذلك الزوج أن يفارق زوجته؟ نقول: لا، يعمل بالحكم القضائي الذي صدر في حقه، ولو اختلف قول الفقيه في هذا الباب.
لماذا؟ لأن الحاكم حكمه مُلزمٌ، ولأننا لو نقضنا الحكم السابق، لأدى ذلك إلى عدم استقرار الأحكام وثباتها.
المسألة الثانية: في ما إذا تغيَّر اجتهاد الفقيه في نفسه، خالع زوجته، فراجعها بعقدٍ جديدٍ، وهو يظن أن الخُلع فسخٌ، فاختلف اجتهاده فأصبح يرى أن الخُلع طلاقٌ، وبالتالي لا تحل له هذه المرأة، ماذا يعمل؟ نقول: يعمل باجتهاده الجديد، ويفارق المرأة، ولا يجوز أن يبقى معها؛ لأنه يعتقد أنه لا يجوز البقاء مع هذه المرأة، وبالتالي لا يجوز له أن يعمل باجتهاده السابق، بل يعمل بالاجتهاد الجديد.
المسألة الثالثة: ما لو كان تغيُّر الفتوى من قِبَل المفتي، وليس من قِبَل الحاكم، ولا من قِبَل صاحب الفتوى المجتهد، فحينئذٍ ماذا نعمل؟ طائفةٌ تقول: نعاملهم معاملة تغيُّر الفتوى من صاحب القضية، وآخرون قالوا: الفقيه المفتي نعامله معاملة القاضي إذا تغيَّر اجتهاده، فإنه يُعمل بالاجتهاد الجديد في ما يأتي من المسائل، كان يرى أن الخُلع فسخٌ، فراجع المرأة بعد خلعٍ وطلقتيْن، ثم بعد ذلك تغيَّر اجتهاده، وأصبح يرى أن الخُلع طلاقٌ، فلا يجوز له البقاء مع هذه المرأة، مع كونه يظن أنها لا تحل له.
إذن، عندنا لو تغيَّر اجتهاد القاضي، فإن صاحب القضية يعمل باجتهاده القديم، إذا تغيَّر اجتهاد صاحب العمل، المفتي صاحب العمل، فحينئذٍ يعمل بالاجتهاد الجديد، ولا يعمل بالاجتهاد القديم.
إذا تغيَّرت فتوى المفتي، كان يرى أن الخُلع فسخٌ، فأصبح يرى أن الخُلع طلاقٌ، هذا المستفتي ماذا يعمل؟ نقول: الصواب أنه يُعامل معاملة الحاكم، يُعامل معاملة القاضي، وبالتالي يستمر على فتوى المفتي الأولى، ولا يلزمه الاجتهاد الجديد.
هناك مسألةٌ ثالثةٌ، وهي: ما إذا وقع الاختلاف بين الزوجين الفقيهين، هي ترى أنَّ الخُلع طلاقٌ، وهو يرى أن الخُلع فسخٌ، فأرجعها بعقدٍ جديدٍ بموافقة وليِّها، طلقها الطلقة الأولى ثم راجعها، ثم خالعها، فراجعها بعقدٍ جديدٍ، ثم بعد ذلك طلَّقها طلقةً أخرى، فإن كنا نقول: الخُلع طلاقٌ، تُصبح طلقةً ثالثةً، لا تحل له بعد ذلك، وإذا كنا نقول بأن الخُلع فسخٌ، فتكون الطلقة الثانية، ويحل له مراجعتها، ففي هذه الحال ماذا نفعل؟ هي ترى أنه طلاقٌ، وأنه لا يحل لها، وهو يرى أنه فسخٌ، وأنه تحل له، طائفةٌ يقولون: نعمل باجتهاد الزوج، وإذا أرادت أن تفتدي تُخالع، وآخرون قالوا: يرجعون إلى القضاء، فما قضى به القاضي، فإنه حينئذٍ يُعمل به، ولو كان مخالفًا لاجتهاد الإنسان.
إذن هذه مسائل من مسائل تغيُّر الاجتهاد، لعلنا -إن شاء الله- أن نواصل الحديث في ذلك في لقائنا الآتي -بإذنه جلَّ وعلَا- أسأله -سبحانه- أن يوفِّقكم لكل خيرٍ، وأن يجعلكم الهداة المهتدين، كما أسأله -جلَّ وعلَا- أن يُصلح أحوال الأُمَّة، وأن يُعيدها إلى دينه عودًا حميدًا، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك