بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، أمَّا بعد..
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وحيَّاكُم الله في هذا اللقاء الذي يتجدد معكم بإذن الله تعالى.
نحن في ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من المحرم من سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة وألف من هجرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام.
في الأكاديمية الإسلامية المفتوحة لنعقد بحمد الله وتوفيقه الدَّرسَالرَّابعَ مِن دُروسِ شَرحِ "مُلحَةِالإعراب" للحريري البصري عليه رحمة الله تعالى.
ونسجل هذا الدرس من مدينة الرياض حرسها الله.
سيكلمنا الحريري اليوم عن الأحكام الإعرابية، ونبدأ هذا الدرس بقراءة ما ذكره في هذا الباب وهي ستة أبياتٍ، نسمعها من أخينا الكريم سعد، فليتفضل..
{الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
فاللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمشاهدين وجميع المسلمين..
قال الحريري رحمه الله:
وإنْ تُرِدْ أن تعرِفَ الإعرَابَا
|
لتَقتفي في نُطقِكَ الصَّوَابا
|
فإنهُ بالرفعِ ثمّ الجَرِّ
|
والنَّصبِ والجَزمِ جَميعًا يَجري
|
فالرفعُ والنّصبُ بلا مُمَانعِ
|
قد دَخَلا في الاسمِ والمُضَارِعِ
|
والجرُّ يَستَأثِرُ بالأسمَاءِ
|
والجَزمُ في الفعلِ بِلا امتِرَاءِ
|
فالرفعُ ضَمُّ آخرِ الحُروفِ
|
والنّصبُ بالفتحِ بلا وُقوفِ
|
والجَرُّ بالكسرةِ للتَّبيينِ
|
والجَزمُ في السَّالِمِ بالتَّسكينِ}
|
نُنبه في البداية إلى ما كُنَّا ذكرناه عندما تكلمنا على هذه المنظومة بأنَّ أبياتها سهلة، فلو أنَّ الطالب قرأ هذه الأبيات مرتين أو ثلاثًا أو أربعًا لحفظها؛لأنها سهلة جدًا، وليس فيها تراكيب صعبةٌ، أو عسيرةٌ.
ذكر الحريري رحمه الله تعالى في بداية هذه الأبيات الأحكام الإعرابية، وذكر أنها أربعةٌ، وهي: الرَّفعُ والنَّصبُ والجَرُّ والجزمُ، فقال رحمه الله:
وإنْ تُرِدْ أن تعرِفَ الإعرَابَا
|
لتَقتفي في نُطقِكَ الصَّوَابا
|
فإنهُ بالرفعِ ثمّ الجَرِّ
|
والنَّصبِ والجَزمِ جَميعًا يَجري
|
البيت الثاني تقديره: فإنَّ الإعرابَ يجري بالرفع ثم النصب والجر والجزم جميعًا.
هذه تسمى: الأحكام الإعرابية، وتسمى أيضًا: أنواع الإعراب.
ثم ذكر الحريري -رحمه الله تعالى- أنَّ الاسم إنما يدخله من هذه الأحكام ثلاثةٌ فقط، وهي:"الرفع والنصب والجر"، ولا يدخله الجزم.
فمثال دخول الرفع على الاسم، قولك: "محمدٌ مجتهدٌ"، فـ "محمدٌ" مبتدأٌ مرفوعٌ وهو اسمٌ دخله الرفع، وكذلك:"مجتهدٌ".
ومثال دخول النصب على الاسم، قولك: "أكرمتُ محمدًا"، و "رأيتُ زيدًا"، فـ "محمدًا وزيدًا" مفعولٌ به منصوبٌ وهما اسمان دخلهما النصب.
ومثال دخول الجر على الاسم، قولك: "سلمت على محمدٍ"، و "هذا كتاب الطالب"، فــ "محمدٌ: اسمٌ مجرورٌ بـ على"، و "الطالب: مضافٌ إليه مجرورٌ"، وكلاهما اسم دخله الجر.
وأمَّا الفعل المضارع فيدخله من هذه الأحكام ثلاثةٌ أيضًا وهي:"الرفع والنصب والجزم"، ولا يدخله الجر.
فمثال المضارع الذي دخله الرفع، قولك: يذهبُ محمدٌ، فيذهبُ مضارعٌ لم يُسبق بناصبٍ ولا جازمٍ فحكمه الرفع، فصار مضارعًا دخله الرفع.
ومثال المضارع الذي دخله النصب، قولك: لن يذهبَ محمدٌ، فيذهب مضارعٌ سبق بناصبٍ فحكمه النصب.
ومثال المضارع الذي دخله الجزم، قولك: لم يذهبْ محمدُ، فيذهب مضارعٌ سُبق بجازمٍ فحكمه الجزم.
فظهر بذلك أن الرفع والنصب حكمان مشتركان بين الأسماء والفعل المضارع، وأما الجر فخاصٌّ بالأسماء، وأما الجزم فخاصٌّ بالفعل المضارع.
بين الحريري كل ذلك فقال:
فالرفعُ والنّصبُ بلا مُمَانعِ
|
قد دَخَلا في الاسمِ والمُضَارِعِ
|
والجرُّ يَستَأثِرُ بالأسمَاءِ
|
والجَزمُ في الفعلِ بِلا امتِرَاءِ
|
يعني بالفِعلِ هُنا: الفعل المضارع.
فظهر من هذا الشَّرحِ وهذا أمرٌ مُهمٌ يجب أن ننتبه إليه، ظهر من هذا الشَّرح أن الأحكام الإعرابية وهي الرفع والنصب والجر والجزم، هل تدخل على كل الكلمات في اللغة العربية، كل الأسماء، كل الأفعال، كل الحروف، أم تدخل على بعض الكلمات دون بعضٍ.
الجواب الأحكام الإعرابية إنما تدخل على بعضٍ الكلمات دون بعضٍ.
بعض الكلمات تدخلها الأحكام الإعرابية، وبعض الكلمات لا تدخلها الأحكام الإعرابية.
ننتقل إلى السؤال التالي: مَا الكلمات التي تدخلها الأحكام الإعرابية والكلمات التي لا تدخلها الأحكام الإعرابية؟
{الاسم تدخله الأحكام الإعرابية}
أريدك أن تجيب فتقول: ما الكلمات التي تدخلها الأحكام الإعرابية.
{الاسم والفعل المضارع}
الأحكام الإعرابية إنما تدخل على شيئين فقط، تدخل على الاسم،أي: كل الأسماء، وعلى المضارع، أي: كل المضارع، وعندما نقول كل الأسماء سواءً كانت مُعربةً أم كانت مبنيةً، كما سيأتي.
وعندما نقول كل الفعل المضارع، سواء كان مُعربًا أم كان مبنيًّا كما سيأتي إن شاء الله.
والبواقي، وهي الحروف والماضي والأمر، هذه الثلاثة تدخلها الأحكام الإعرابية أم لا تدخلها الأحكام الإعرابية؟
الجواب: لا تدخلها الأحكام الإعرابية، فلذلك سنجد أنَّ هذه الثلاثة، الحروف والماضي والأمر إعرابها سواء.
أمَّا الاسم والفعل المضارع فإعرابهما يختلف عن إعراب الحروف والماضي والأمر.
وسنعود إلى هذه المسألة ونعطيها مزيدًا من التفصيل بعد أن ننتهي من شرح أبيات الحريري رحمه الله.
ثم انتقل رحمه الله تعالى إلى ذكر علامات الإعراب الأصلية، فقال:
فالرفعُ ضَمُّ آخرِ الحُروفِ
|
والنّصبُ بالفتحِ بلا وُقوفِ
|
والجَرُّ بالكسرةِ للتَّبيينِ
|
والجَزمُ في السَّالِمِ بالتَّسكينِ
|
فذكر أنَّعلامات الإعراب الأصلية أربع علاماتٍ، وهي:
- علامة الرَّفع الأصلية الضمة.
- علامة النَّصبِ الأصلية الفتحة.
- علامة الجَرِّ الأصلية الكسرة.
- علامة الجَزمِ الأصلية السكون.
علامة الرفع الأصلية الضمة، كقولك: "محمدٌ يُكرم الفقير".
فــ "محمدٌ": مبتدأٌ مرفوعٌ، اسمٌ عليه ضمةٌ دالةٌ على الرفع.
يُكرم: فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ وعلامة رفعه الضمة، مضارعٌ عليه ضمةٌ تدل على الرفع.
فالضمة دخلت على الأسماء وعلى المضارع؛ لأنها علامة الرفع، والرفع كما عرفنا يدخل على الأسماء وعلى المضارع.
وإذا قلت: "إنَّ محمدًا لن يُهين الفقير".
إنَّ كما سيأتي تنصب اسمها، واسمها "محمدًا" منصوبٌ وعلامة نصبه الفتحة، فهذا اسمٌ، وقعت عليه فتحةٌ تدل على النصب.
ولن: حرب نصب.
يُهين: فعلٌ مضارعٌ مسبوقٌ بناصبٍ فهو منصوبٌ، وعلامة نصبه الفتحة، ففتحة يهين فتحةٌ تدل على النصب.
وعلامة الجر الكسرة، كقولك:"سلمت على محمدٍ"، اسمٌ مجرورٌ بـ "على" وعلامة جره الكسره، وكقولك: "هذا كتاب الطالب"، الطالب: مضافٌ إليه مجرورٌ وعلامة جره الكسرة.
وعلامة الجزم السكون، كقولك: "لم يذهبْ"، لم: حرفٌ جازمٌ، ويذهب: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بـ "لم" وعلامة جزمه السكون.
وكقولك: "لا تهملْ"، لا: حرف نهيٍ جازمٌ، وتُهمل: فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بلا الناهية وعلامة جزمه السكون، فالسكون علامة للجزم.
هذه علامات الإعراب الأصلية، وعندما نقول: علامة الإعراب الأصلية، فهذا يُظهِرُ أنَّ هناك علامات إعرابٍ فرعيةٌ.
فما معنى أصليةٌ وما معنى فرعيةٌ؟
أصليةٌ يعني: الأكثر، الأصل في هذا الباب هو الأكثر فيه، فمعنى ذلك أنَّ أكثرَ الأسماء وأكثرَ الأفعال المضارعة تكون علامات إعرابها هذه العلامات، إذا كانت مرفوعةً فنضع عليها ضمةً، وإذا كانت منصوبةً نضع عليها فتحةً، وإذا كانت مجرورةً نضع عليها كسرةً، وإذا كانت مجزومةً نضع عليها سكونًا.
هذا معنى أصلية، وأمَّا العلامات الأخرى فهي علاماتٌ فرعيةٌ، ويسمونها نيابيةً، فرعيةٌ لأنها قليلةٌ، الفرع في الباب هو القليل فيه، نيابيةٌ؛ لأنها تنوب عن العلامات الأصلية التي ذكرناها قبل قليلٍ، تنوب عنها في الدلالة على الأحكام الإعرابية الرفع والنصب والجر والجزم.
وسيذكرها الحريري إن شاء الله بعد هذا الباب تباعًا في عدة أبواب.
وقولنا: علامات، جمعٌ، ما مفرده؟ عَلامةٌ.
كلمة عَلامة مأخوذةٌ من ماذا؟ قالوا مأخوذةٌ من العلم.
لماذا سميت العلامة علامة؟ لأنها تُعلِم بالحكم الإعرابي الذي دخل الكلمة، أنت إذا قلت مثلًا: الحمد لله رب العالمين، الحمد ما حُكمه الإعرابي؟ الرفع أم النصب أم الجر؟ الرفع، ما دليلك؟ كيف عرفتَ؟ مِن الضمة الظَّاهرة على آخره.
هذه الضمة التي يضعها المتكلم العربي فيقول: الحمدُ يضع الضمة على آخر الحمد لكي يعلمك، يعلم المخاطب أن حكم الكلمة الرفع.
فلو أنَّ المتكلم العربي قال مثلًا: "أكرمَ محمدٌ خالدًا"، وقال هذا المتكلم مرةً أخرى: "أكرمَ خالدًا محمدٌ"، فنحن نعرف الفاعل ونعرف المفعول به في هاتين الجملتين؛ لأنَّ الفاعل مرفوعٌ والذي يدل عليه الضمة، والمفعول به منصوبٌ والذي يدل عليه الفتحة.
الفاعلُ هو الذي فَعَلَ الفِعلَ، والفِعلُ الذي عندنا هو: الإكرام، الذي فعل الإكرام هو الفاعل، يعني: هو المكرم.
والذي وقع عليه الفعل، يعني: وقع عليه الإكرام، هو المفعول به، يعني: المكرَم.
أنت أيُّها العربي عندما تُكَلِّمُ عربيًّا آخر كيف تعلمه بالفاعل المكرِم وبالمفعول به المكرَم؟
الجواب: تعلمه بأن تضع على الفاعل ضمةً، وتضع على المفعول به فتحةً، تسمى علامات إعرابٍ؛ لأنها تُعلم بالحكم الإعرابي، الفاعل ضع عليه ضمةًسواء تَقَدَّمَ أو تَأَخرَ.
نقول:"أَكرمَ محمدٌ عليًّا"، نعرف أنَّ الفَاعِلَ محمدٌ لوجود الضمة، ولو قال: "أكرم عليًا محمدٌ" عرفنا أنَّ"محمد" هو الفاعل لو تأخر لوجود الضمة، والضمة تعلم بالفاعل.
وكذلك عليًّا هو المفعول به، أي: المكرَم تقدم أو تأخر، لوجود الفتحة، والفتحة تُعلم بالمفعول به.
يعني هذا: أنَّ علامات الإعراب هي أدلة الأحكام الإعرابية، الأحكام الإعرابية تسمى أنواع الإعراب، وتسمى الأحكام الإعرابية كما سميناها الآن، أحكامٌ مُفرَدَهَا حُكمٌ، إذا أردت أن تحكم بحكمٍ لابد أن تقيم عليه دليلًا.
فأنت إذا قلتَ في:"الحمد لله رب العالمين".
"الحمدُ" حُكمُه الرفع، وأنا أقول: النَّصب، والثالث يقول: الجر، كلها أقوالٌ ليس لها قيمةٌ، إلا القول الذي يُقام عليه الدليل، يقول الدليل عندي أنا، أنَّ حُكمها الرَّفع والدليلُ على أنَّ حُكمه الرفع: "الضمة" التي في آخره، والضمة عند العرب دليل رفعٍ أم نصبٍ أم جرٍّ؟ دليل رفعٍ.
إلا أنَّ النحويين والمعربين لا يستعملون مُصطلح الدليل، أي: لا يقولون في الإعراب مثلًا:"الحمدُ": مبتدأٌ مرفوعٌ ودليل رفعه الضمة، ولو قالوا ذلك لصح، وإنما استعلموا مُصطلح العلامة، فيقولون: مبتدأٌ مرفوعٌ وعلامة رفعه الضمة، يعني: الذي دلنا عليه وأعلمنا به الضمة.
فعلامات الإعراب في النحو تقابل أدلة الأحكام في الفقه.
انتهينا الآن من الكلام على الأحكام الإعرابية، تبعًا للحريري، وتكلمنا أيضًا على علامات الإعراب الأصلية.وقلنا: علامات الإعراب الفرعية سنشرحها عندما يذكرها الحريري تباعًا في عدة أبوابٍ قادمةٍ، أمَّا الآن فنريد أن نتكلم على تفصيل الكلام على الأحكام الإعرابية، وطريقة الإعراب.
فإن الكلام على الأحكام الإعرابية من أهم المهمات في النحو؛ لأن طريقة الإعراب تترتب على معرفة الأحكام الإعرابية.
والحريري رحمه الله تعالى ككثيرٍ من النحويين يقصرون في هذا الباب، فلا يذكرون طريقة الإعراب، ولا أركانه، ولا مصطلحاته، لأن العادة جرت على أن طريقة الإعراب يأخذها الطالب من الشيخ، ولا تذكر في الكتاب، ولذلك لا تجد كتابًا نحويًّا متقدمًا ذكر طريقة الإعراب.
فدعونا نقف عند هذه المسألة المهمة، ونعود إلى السؤال الذي سألناه قبل قليلٍ لننطلق منه إلى بقية الكلام في هذه المسألة.
قلنا الأحكام الإعرابية أربعةٌ، وهي: الرفع والنصب والجر والجزم.
ثم قلنا: هل تدخل على كل الكلمات أم على بعضها؟
الجواب: تدخل على بعضها دون بعضٍ.
والسؤال الأهم: على أي الكلمات تدخل الأحكام الإعرابية؟
تدخل على شيئين فقط: على الأسماء، جميع الأسماء، مُعربةً كانت أم مبنيةً، وعلى الفعل المضارع، كل الفعل المضارع مُعربًا كان أو مَبنيًّا.
وأما البواقي وهي الحروف والفعل الماضي وفعل الأمر، فهذه الثلاثة لا تدخلها الأحكام الإعرابية؛ فلهذا سنضع خطًّا نسميه خط الإعراب.
خط الإعراب مَن فَهِمَه سَيَفهَمُ الإعراب بإذن الله وسيسهل عليه.
خط الإعراب أين سنضعه؟
خط الإعراب سنقسم به الكلمات إلى القسمين المذكورين قبل قليلٍ.
خط الإعراب قبله الكلمات التي لا تدخلها الأحكام الإعرابية، الكلمات التي ليس لها أحكامٌ إعرابيةٌ، هذا القسم ما قبل خط الإعراب ماذا يشمل؟
يشمل ثلاثة أشياءٍ: الحروف والفعل الماضي وفعل الأمر، هذه الثلاثة قبل خط الإعراب.
وبعد خط الإعراب يشمل الكلمات التي تدخلها الأحكام الإعرابية التي لابد أن يكون لها حكمٌ إعرابيٌّ، يعني: يشمل الأسماء كلها والأفعال المضارعة.
ثم نعود الآن إلى ما قبل خط الإعراب، نبدأ بما قبل خط الإعراب؛ لنعرف طريقة إعرابه وننتهي منه.
فنقول: ما قبل خط الإعراب يشمل الحروف والماضي وفعل الأمر، هذه الثلاثة عرفنا أنها لا تدخلها الأحكام الإعرابية، هل لها حكمٌ إعرابيٌّ،أي: رفع، نصب، جر، جزم؟.
الجواب: لا، وهذا الذي يعبر عنه المعربون بقولهم: لا محل له من الإعراب.
ما معنى قولهم: لا محل له من الإعراب؟
يعني: ليس له حكمٌ إعرابيٌّ، لا رفع، ولا نصب، ولا جر، ولا جزم، هذه العبارة تقال مع ما قبل خط الإعراب، هذا العبارة تقال مع الحروف كلها، والماضي كله، والأمر كله، لهذا صار إعراب هذه الثلاثة سهلًا؛ لأن إعرابها ثابتٌ لا يتغير، لا يتغير بجملتها، بحسب ما دخل عليها، لا يتغير، أيهذه الثلاثة: لا تدخل عليها عوامل، يعني:
- لا تدخل عليها عوامل رفعٍ، فيدخلها الرفع.
- لا تدخلها عوامل نصبٍ فيدخلها النصب.
- لا تتقدم عليها عوامل الجر فيدخلها الجر.
نقول: هذه لا يدخلها رفعٌ، ولا نصبٌ، ولا جرٌ، ولا جزمٌ، يعني: لا تتقدمها عوامل رفعٍ، ولا نصبٍ، ولا جرٍّ، ولا جزمٍ، فإعرابها ثابتٌ، وحدها في جملة في القرآن الكريم، في الحديث الشريف، في الشعر، في النثر، في كلام العرب قديمًا، في كلام الناس حديثًا، إعرابها واحدٌ، ما يتغير؛ لأنه ثابتٌ.
إعرابها له ثلاثة أركانٍ:
الركن الأول في إعراب ما قبل خط الإعراب: أن تذكر نوعها.
الركن الثاني: أن تذكر حركة بنائها.
الركن الثالث: أن تقول: لا محل لها من الإعراب، يعني: أن تبين حُكمها الإعرابي، وحكمها الإعرابي: أنها ليس لها حكمٌ إعرابيٌّ، ويقال فيها: لا محل له من الإعراب.
ما الركن الأول؟
{النوع}.
أن تذكر نوعها، عندنا حروف وماضٍ وأمر، إذا كان حرفًا ماذا تقول في بيان نوعه؟
تقول: حرف كذا، حرف جرٍّ، حرف نصبٍ، حرف قسمٍ، حرف توكيدٍ، حرف نهيٍ، حرف نفيٍ.
وإذا كان فعلًا ماضيًا، تقول في بيان نوعه: فعلٌ ماضٍ.
وإذا كان فعل أمر، تقول في بيان نوعه: فعل أمر، ما فيه خياراتٌ، ما فيه احتمالاتٌ، تبين النوع، حرف كذا، فعلٌ ماضٍ، فعل أمرٍ.
والركن الثاني؟
{أن تذكر حركة بنائها}.
والركن الثاني؟
أن تذكر حركة بنائها، نحن درسنا من قبل حركات البناء، فالحروف كل الحروف تُبنى على حركات أواخرها، ما فيها تفاصيل ولا قواعد، الحرف يُبنى على حركة آخره، لو قلنا:
حرف الجر "مِنْ" تقول: مبنيٌّ على السكون.
حرف الاستفهام "هلْ" تقول: مبنيٌّ على السكون.
لو قلنا مثلًا: حرف التسويف "سوفَ" تقول: مبنيٌّ على الفتح.
حرف الجر "الباء" في "محمدٌ بالبيت" "بِ" تقول: مبنيٌّ على الكسرة.
حرف الجر "منذُ" نقول: مبنيٌّ على الضم، وهكذا.
وأما الفعل الماضي فقد درسنا ما يُبنى عليه، عرفنا أنَّ الفعل الماضي يُبنى على الفتح دائمًا، ظاهرًا أو مقدرًا، مقدرًا في ثلاثة مواضع، إذا كان: معتل الآخر بالألف، وإذا اتصلت به واو الجماعة، وإذا اتصل به ضمير رفعٍ متحركٌ، يعني تاء المتكلم، أو نون النسوة، أو ناء المتكلمين، وفعل الأمر أيضًا عرفنا على ما يُبنى، عرفنا أن فعل الأمر إما أن يُبنى على السكون "اذهبْ"، أو على حذف حرف العلة إن كان معتل الآخر كـ"ادعُ" وعلى حذف النون، إن كان في مضارعه نون، مثل "اذهبوا" من "يذهبون"، فدرسنا حركات البناء.
والركن الثالث في إعراب ما قبل خط الإعراب: أن تبين حكمه الإعرابي، وعرفنا أنها جميعًا ليس لها حكمٌ إعرابيٌّ، ويصطلحون في بيان ذلك بقولهم: لا محل له من الإعراب.
وعلى ذلك لو أردتَ أن تُعرب حرف الجر في القرآن، في السنة، في الشعر قديمًا حديثًا إعرابه واحدٌ، ولا تحتاج إلى جملةٍ؛ لأن إعرابه ثابتٌ، ماذا نقول في إعراب منْ؟ إعراب كامل.
نقول في بيان النوع: حرف جر.
وفي حركة البناء: مبنيٌّ على السكون.
وفي بيان الحكم الإعرابي: لا محل له من الإعراب.
نجمعها: حرف جر، مبني على السكون، لا محل له من الإعراب.
لو شئتَ أن تقدم شيئًا من هذه الأركان على بعضٍ، لا بأس، يعني يمكن أن تقول: حرف جرٍّ، لا محل له من الإعراب، مبنيٌّ على السكون، لا بأس أن تقدم شيئًا من هذه الأركان على بعض.
حرف الاستفهام "هلْ" ما إعرابه؟
حرف استفهامٍ، مبنيٌّ على السكون، لا محل له من الإعراب، هذا إعرابها ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ﴾[الإنسان:1]، هذا إعرابها، هل غادر الشعراء من متردمٍ، هذا إعرابها، هل حضر أخوك؟ هذا إعرابها، ما يتغير.
أعرب "سوف"؟
"سوف" حرف تسويفٍ، مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب، هذا إعرابها.
﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ﴾[الضحى: 5]، سوف أذهب، هذا إعرابها في كل اللغة.
أعرب "جاء"؟
{نقول: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب}.
من مصطلحات الإعراب، أن الشيء إذا جاء على أصله فلا حاجة للنص عليه، ولو نصصت عليه فليس خطأً، يعني تقول في "جاء": جاء فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، لو قلت: على الفتح الظاهر، لكان كلامك صحيحًا، لكن لا داعي لذلك؛ لأن الأصل في الحركات، وفي العلامات، أن تكون ظاهرةً، لكن لو خرجت عن الأصل، وصارت مقدرةً، هنا يجب أن تنص على ذلك في الإعراب.
إذن: "جاء" نقول: فعلٌ ماضٍ، مبنيٌّ على الفتح، لا محل له من الإعراب ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾[النصر: 1]، نفس الإعراب ما يتغير.
أعرب "اسكنْ"؟
{"اسكنْ" فعل أمرٍ، مبنيٌّ على السكون، لا محل له من الإعراب}.
أعرب "اسكنوا"؟
{"اسكنوا" فعل أمرٍ، مبنيٌّ على حذف النون، لا محل له من الإعراب}.
ممتاز.
أعرب "اقضِ بالحق"؟
{"اقض" فعل أمرٍ، مبنيٌّ على حذف حرف العلة، لا محل له من الإعراب}.
تمام.
لو أردنا أن نُعرب: ذهبْتُ، أو جلسْتُ، أو نجحْتُ، أو سافرْتُ.
سنقول في إعراب الفعل الماضي: فعلٌ ماضٍ، لا محل له من الإعراب، مبنيٌّ على الفتح المقدر، منع من ظهوره السكون المجذوب للتخلص من أربع متحركاتٍ.
نعرب ذهبوا، سافروا، أو استخرجوا، أو انطلقوا، الماضي المتصل بواو الجماعة.
إعرابه دائمًا واحدٌ، نقول في إعرابه: فعلٌ ماضٍ، لا محل له من الإعراب، مبنيٌّ على الفتح المقدر، منع من ظهوره حركة المناسبة.
نعرب دعا أو سعى، أو قضى، فعل الماضي المختوم بألف إعرابه واحدٌ، كل فعلٍ ماضٍ مختومٌ بألفٍ، فإعرابه أنت تقول: فعلٌ ماضٍ، لا محل له من الإعراب، مبنيٌّ على الفتح المقدر، منع من ظهوره التعذر.
ما معنى التعذر؟ أي الاستحالة؛ لأن الألف يستحيل أن تحرك بحركةٍ، فتحةٍ، أو كسرةٍ، أو ضمةٍ؛ لأنها ملازمةٌ للسكون.
بهذا نكون يا إخوان قد انتهينا من إعراب ما قبل خط الإعراب، هذا كل ما يمكن أن يُقال في إعراب الحروف والماضي والأمر، ولهذا لن نعود إليها بعد ذلك.
آخر عهد النحويين بهذه الثلاثة في باب المعرب والمبني، في باب الإعراب الآن، طيب وباقي النحو؟ من الآن إلى نهاية النحو، سيكون لماذا؟ سيكون لشيئين فقط، للأسماء والفعل المضارع؛ لأننا إذا انتقلنا إلى ما بعد خط الإعراب، الأسماء والفعل المضارع.
الأسماء والفعل المضارع يدخلها حكمٌ إعرابيٌّ أو لا يدخلها؟
تقول: نعم يدخلها، طيب الاسم ماذا يدخله؟ تقول: يدخله الرفع والنصب والجر، سيقال: متى يدخله الرفع؟ ومتى يدخله النصب؟ ومتى يدخله الجر؟ هذا الذي سيفصله النحو، سيقول لك: الاسم يدخله الرفع في سبعة مواضع ستأتي، المبتدأ وخبره، والفاعل ونائبه، واسم كان وأخواتها، وخبر إن وأخواتها، والتابع للمرفوع، هذه مواضع رفع الاسم.
متى يدخلها النصب؟
تقول: في مواضع كثيرةٍ، مثل: إذا وقع الاسم مفعولًا من المفاعيل الخمسة، مفعول به، مفعول فيه، مفعول معه، مفعول له، مفعول مطلق، أو وقع حالًا، أو تمييزًا، أو مستثنى في أغلب أحواله، أو منادى، أو خبرًا لكان وأخواتها، أو اسمًا لإن وأخواتها، أو تابعًا لمنصوب.
متى يدخله الجر؟
تقول: يدخله الجر في ثلاثة مواضع، ستأتي في النحو، إذا سبق بحرف جرٍ، إذا وقع مضافًا إليه، إذا صار تابعًا لمجرورٍ.
والفعل المضارع، تدخله الأحكام الإعرابية أو لا تدخله؟
نعم تدخله، ماذا يدخله منها؟
تقول: الرفع والنصب والجزم.
متى يكون حكمه الرفع؟
سيأتي في بابٍ خاصٍّ، اسمه رفع الفعل المضارع، إذا لم يُسبق بناصب ولا بجازم.
متى يدخله النصب؟
فيه باب نصب الفعل المضارع، إذا سبق بناصبٍ، ونوابه: أن، ولن، وكي، وإذن.
متى يدخله الجزم؟
يأتيك في باب جزم الفعل المضارع، يقول: إذا سُبق بجازم، وجوازمه خمسة: لم، ولما، ولام الأمر، ولا الناهية، وأدوات الشرط الجازمة.
هذا كل النحو، كل النحو هو إجابةٌ عن هذا السؤال الذي وردنا في هذا الباب، فعرفنا أن ما قبل خط الإعراب ما فيه أسئلة، هي كلمتان قلناها الآن وانتهينا منها، فإعرابه ثابتٌ وسهلٌ، وما بعد خط الإعراب سيبقى معنا إلى آخر النحو، هي فقط إجابة عن معرفة متى يكون حكم الرفع، أو النصب، أو الجر، ومتى يكون حكم المضارع الرفع، أو النصب، أو الجزم.
من هذا يا إخوان عرفنا أن الإعراب ليس شيئًا واحدًا، الإعراب ثلاثة أنواعٍ:
النوع الأول: الإعراب السهل، وهو الإعراب الثابت، كإعراب الحروف والماضي والأمر، يعني هل يُعقل أن أحد يخطئ في إعراب الحروف أو الماضي أو الأمر؟ إعرابٌ ثابتٌ ما يتغير، لا يحتاج إلى حفظٍ، ولا يحتاج إلى أن تنظر في الجملة، ولا العوامل، ولا المعنى، إعراب ثابت لا يتغير.
النوع الثاني: الإعراب المنضبط، وهو أكثر الإعراب، هناك ضوابط لو حرصت على جمعها، لضبطتَ أغلب الإعراب، وسنذكر شيئًا من هذه الضوابط في أثناء الشرح، من هذه الضوابط مثلًا: كل ضميرٍ اتصل باسمٍ فهو مضافٌ إليه، هات اسم، أي اسم، مثل: قلم، أو باب، أو سيارة، إذا اتصل به ضميرٌ، فالضمير هذا مضافٌ إليه مباشرةً، لا يكون شيئًا آخر، تقول: قلمي، أو قلمك، أو قلمه، أو قلمهم، أو قلمها، مضاف إليه، هذا من الضوابط.
القسم الثالث من الإعراب: هو الإعراب المشكل، هذا الإعراب المشكل، يُشكل على العلماء، وعلى طلبة العلم، وعلى المتعلمين، ولا يزالون يستشكلونه إلى الآن، بينهم خلافٌ في بعض الأعاريب.
فبان بذلك أن الكلام في الإعراب على الإعراب المنضبط، المشكل يُقبل أن الإنسان يضعف فيه، يأخذه شيئًا فشيئًا، كل إعرابٍ ينظر فيه، ويراجع الكتب، ويسأل.
الإعراب السهل لا يُقبل الخطأ فيه؛ لأنه ثابتٌ، وهو إعراب الحروف، والماضي، والأمر، لابد أن تضبطه؛ لأن الكلام فيه قليلٌ جدًّا، الإعراب المنضبط هو أغلب إعراب الأسماء، وإعراب الفعل المضارع، احرص على جمع هذه الضوابط، ستضبط بإذن الله أغلب هذا الإعراب وتستريح -بإذن الله تعالى.
كيف نعرب ما بعد خط الإعراب الأسماء والفعل المضارع؟
نقول: لابد لإعرابهما من معرفة المعرب والمبني، لأن المعرب له إعرابٌ، والمبني له إعرابٌ، والحريري -رحمه الله- لم يتكلم على هذه المسألة في هذا الباب، وكان الأفضل لو تكلم عليها في هذا الباب؛ لأن الإعراب سينبني عليها، وسيحتاج إليها، فرق الكلام على المعربات والمبنيات في عدة أبواب.
مثلًا عندما تكلم على الفعل المضارع، ذكر أنه ليس من الأفعال المعربة إلا الفعل المضارع، هي كلمةٌ سريعةٌ، وليست دقيقةً، وعندما يأتي في آخر باب في الملحة، سيعقده للبناء، المبنيات، مع أن هذا موضوع مهمٌّ جدًّا، لابد أن يكون في أول النحو، ولهذا لابد أن نتكلم على انقسام الكلمة إلى معربٍ ومبنيٍّ، لابد أن نميز بين المعربات، وبين المبنيات، والتمييز بينها ليس صعبًا، ولكنه كما يقال في النحو: التمييز بين المعرب والمبني، هي الضرورة الثانية في النحو؛ لأن النحو له ضرورتان:
الضرورة الأولى: معرفة نوع الكلمة، يعني انقسام الكلمة إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ، وهذه شرحناها من قبل.
الضرورة الثانية: انقسام الكلمة إلى معربٍ ومبنيٍّ، يعني كلما أردت أن تصدر حكمًا نحويًّا، كلما أردت أن تُعرب، طُلب منك أو لم يُطلب، هذه ضرورةٌ لابد أن تقوم بها قبل أي درسٍ نحويٍّ، قبل أي تلقي معلومةً نحويةً، لابد مباشرةً في ذهنك أن تحدد نوع الكلمة هذه، اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ، ثم تحدد هل هي معربٌ أو مبنيٌّ، بعد ذلك تكون بإذن الله جاهزًا لتلقي وفهم ما سيشرح لك، أما إذا كنت غير ضابطٍلهاتين الضرورتين، فستتعب كثيرًا في النحو، ولن تتقن ما سيُشرح لك، لن تفهم ما سيُشرح لك؛ لأن الأسماء لها أحكامٌ، لها طريقة إعرابٍ تختلف عن الأفعال، تختلف عن الحروف، فإذا شُرح لك في الفاعل، الفاعل لا يكون إلا اسمًا، لابد أن تعرف، أن تفرق بين الأسماء والأفعال والحروف، المبتدأ لا يكون إلا اسمًا، لابد أن تميز هذه الأمور وأن تتقنها قبل أن تبدأ في دراسة الفروع النحوية.
الفروع النحوية كالمبتدأ، والخبر، والفاعل، ونائب الفاعل، والنواسخ، والتوابع، والحال، إلى آخره، هذه كلها فروعٌ نحوية، أما الأصول، معرفة نوع الكلمة، اسمٌ، فعلٌ، حرفٌ، معرفة انقسام الكلمة إلى معربٍ ومبنيٍّ، معرفة الأحكام الإعرابية، الرفع، والنصب، والجر، والجزم، وعلى ما تدخل، معرفة علامات الإعراب الأصلية والفرعية، ويتبع ذلك أيضًا انقسام الاسم إلى نكرة ومعرفة، وهذا أيضًا شرحناه من قبل، هذه أصولٌ، ما سوى ذلك هي فروع للنحو، لن تفهمها إلا إذا عرفتَ وأتقنتَ هذه الأصول، فلهذا سنتكلم -إن شاء الله تعالى- في الدرس القادم إن لم نتمكن من البدء على هذه المسألة في هذا الدرس، سنتكلم -إن شاء الله- على تمييز المعربات عن المبنيات، انقسام الكلمة إلى معربٍ، وإلى مبنيٍّ.
انقسام الكلمة إلى مُعربٍ ومبنيٍّ سنبنيه على مسألةٍ سابقةٍ، وهي انقسام الكلمة إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ، وخاصية النحو -ولعلي ذكرتها من قبل- أن النحو علم يُبنى بعضه على بعضٍ، وهذه ربما المشكلة التي لا يدركها كثيرٌ من الدارسين والمعلمين، فيكون النحو حينئذٍ صعبًا عليهم، النحو ليس صعبًا، النحو علمٌ من العلوم، إذا دُرس بطريقةٍ صحيحةٍ، سيفهمه الطالب، وإذا دُرس بطريقةٍ خاطئةٍ، سيكون صعبًا على الطالب.
أهم خاصيةٍ في النحو: أنه علمٌ تراكميٌّ، يعني لابد أن تفهم المسألة الأولى؛ لأن الثانية مبنيةٌ عليها، ولابد أن تفهم الأولى والثانية؛ لأن الثالثة مبنيةٌ عليهما، وهكذا.
والأمر الثاني في النحو: أن النحو علمٌ مترابطٌ جدًّا، يعني لابد أن تدرسه متتابعًا في وقتٍ قصيرٍ، لا تدرس هذا الباب، ثم بعد أسبوعٍ أسبوعين الباب الثاني، ثم بعد أسبوعٍ أسبوعين الباب الثاني، ثم بعد أسبوعٍ أسبوعين الباب الثالث، لن تفهم النحو بهذه الطريقة، لكن تأخذ شرحًا مسموعًا وتستمع إليه في يومين، ثلاثة أيامٍ، ولعلنا نزيد هذا الأمر توضيحًا -إن شاء الله- في وقت آخر؛ لأن وقت هذه الحلقة لفظ أنفاسه، وأشكر لكم ولمشاهدينا والمشاهدات، ونلقاكم -إن شاء الله- على خيرٍ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.