الدرس الثاني

معالي الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

13380 12
الدرس الثاني

الأصول من علم الأصول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد..
فأرحب بكم في اللقاء الثاني من لقاءات مقرر "الأصول في شرح كتاب الأصول من علم الأصول" للشيخ/ محمد بن عثيمين غفر الله له.
تقدم معنا بعض المبادئ في علم الأصول، نسأل عن شيءٍ منها.
اذكر فائدتيْن من فوائد تعلم علم الأصول؟
تفضل أبو معاذ.
{أبو معاذ:
من فوائد تعلم علم الأصول القدرة على فهم نصوص الكتاب والسنة، واستنباط الأحكام الفقهية منها، وأيضًا القدرة على المجادلة والمحاجة}
بارك الله فيك..
ما هي الأحكام التكليفية الخمسة؟.
أحمد هزاع.
{أحمد هزاع:
الواجب والمندوب والمحرم أو الحرام، والمكروه، والمباح}
بارك الله فيك..
الأخ صهيب، ما هو الواجب وما حكمه؟
{صهيب:
الواجب هو ما أمر به الشارع على وجه الإلزام، وحكمه يُثاب فاعله امتثالًا ويستحق تاركه العقاب}.
بارك الله لك.
الأخ سمير: ما هو المباح وما هو مثاله؟
{سمير:
المباح ما لم يأمر الله بفعله، ولم ينه عن تركه، ومثاله: ..}
لبس الكوفية على رأسك..
{نعم، لبس الكوفية}.
نبدأ في درسنا لهذا اليوم بالنوع الثاني من أنواع الأحكام الشرعية، وهو الأحكام الوضعية.
وليس المراد به ما وضعه البشر، أي: القوانين الوضعية، هذا ليس مرادنا، المراد أحكامٌ وضعها الله مرتبطةٌ بالحكم التكليفي، إما أن تكون سببًا له، أو وصفًا له، أو أثرًا من آثاره.
ونأخذ عددًا من الأحكام الوضعية.
أولًا: الصحيح.
المراد بالصحيح أن يكون الفعل مثمرًا لنتيجته، إذن الأحكام الوضعية ما وضعه الشارع من أسبابٍ للأحكام من أمورٍ مُعرِّفةٍ له، أو صفاتٍ أو آثارٍ له.
ومن أمثلة هذا السبب وهذه العلة التي تكون قبل الحكم، الأداء والقضاء هذه صفةٌ له، والصحة والفساد تتعلق بالآثار.
من الأحكام الوضعية حكم الصحيح، والمراد بالصحيح ما كان مثمرًا لنتيجته، الصلاة ماذا نريد بها، نريد بها الأجر، وإبراء الذمة، وسقوط القضاء.
فإذا كانت الصلاة صحيحةً، أنتجت هذه الثمرات، من الأجر، وسقوط القضاء، وعدم بقاء الصلاة في الذمة.
متى يقال عن عقد البيع إنه صحيحٌ؟
إذا ترتبت عليه آثاره من انتقال الملك بين البائع والمشتري.
متى يقال عن عقد النكاح إنه صحيحٌ؟
إذا وجدت أسبابه، وشروطه، وانتفت موانعه.
ماذا يترتب على كونه صحيحًا؟
يترتب عليه آثار عقد النكاح الصحيح.
ما هي آثار عقد النكاح الصحيح؟
وجوب المهر، جواز الوطء، ثبوت النسب، وجوب النفقة، صلاحية المرأة للتطليق، إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على عقد النكاح.
إذن الصحيح في اللغة: قال: هو السليم من المرض، وفي الاصطلاح ما ترتبت آثاره عليه.
فالفعل الذي تترتب عليه آثاره، نقول: إنه صحيحٌ، متى يكون صحيحًا؟
إذا وجدت أسبابه وشروطه وأركانه، وانتفت موانعه.
فالصحيح من العبادات ما برئت به الذمة، وسقط به الطلب، مثل ماذا؟
صلى بشروط الصلاة، أي: بستر العورة، من الوضوء، من اجتناب النجاسة، من استقبال القبلة، بعد دخول الوقت، بجميع الأركان، قيامٌ وركوعٌ وسجودٌ، فحينئذٍ نقول عن هذه الصلاة: إنها صحيحةٌ.
ماذا يترتب على كونها صحيحةً؟
تبرأ بها الذمة، ولا يطالب بقضائها، بخلاف ما لو صلى بدون وضوءٍ، ناسيًا مثلًا، فحينئذٍ نقول: صلاةٌ غير صحيحةٍ، لماذا؟ لأنها لم تسقط الطلب.
ومثله في الصحيح من العقود، سواءً عقد النكاح أو عقد البيع، متى يكون صحيحًا؟
إذا وجدت شروطه، وأركانه، وأسبابه، وانتفت موانعه، ماذا يترتب على كون العقد صحيحًا؟ تترتب عليه آثاره.
ما هي آثار عقد البيع؟
انتقال الملك بين البائع والمشتري في المبيع والثمن.
ما هي آثار العقد في النكاح؟
حل الوطء، وصحة التطليق، ثبوت النسب، وجوب النفقة، إلى غير ذلك من الأحكام، وجوب العشرة بالمعروف ونحو ذلك.
ومثَّل لذلك بعددٍ من الأمثلة.
كذلك قد يكون العقد أو العبادة غير صحيحةٍ لوجود مانعٍ من موانع صحة عقد النكاح كونه شغارًا، أو على جهة البدل، أو كونه نكاح تحليلٍ، أو نكاح متعةٍ، فهذه موانع تمنع من صحة العقد.
في الصلاة ما هي موانع صحة الصلاة؟
مثلًا: الضحك في الصلاة، هذا مانعٌ، فحينئذٍ لا تصح الصلاة، لماذا؟
لوجود مانعٍ، مع أن الشروط قد وجدت والأسباب وجدت، والأركان وجدت.
إذن ما هو الشرط، عندنا الآن شرطٌ وركنٌ واجباتٌ وأسبابٌ.
عندك مثلًا صلاة الظهر، ما هو سبب وجوب صلاة الظهر؟
زوال الشمس، هذا السبب لقول الله -عزَّ وجلَّ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء:78]، يعني: زوال الشمس، هذا يقال له سببٌ.
هناك شروطٌ، مثل: دخول الوقت، الطهارة، استقبال القبلة، ستر العورة، العقل، التمييز، إلى غير ذلك، هذه شروطٌ.
الركوع هذا ركنٌ، ما الفرق بين الركن والشرط؟
الركن جزءٌ من الماهية، جزءٌ من الصلاة، مثل: الركوع، بخلاف الشرط، فهو خارجٌ عن الماهية السابق لها، مثلًا: الوضوء، أنت تتوضأ في أثناء الصلاة أو قبل، إذن هذا شرطٌ، ليس بركنٍ.
أما الموانع، فإنها تمنع من ثبوت الأثر، ثبوت الصحة، قد يكون مانعًا للصحة، وقد يكون مانعًا للحكم.
من أمثلة ذلك مثلًا في باب الزكاة، هناك سببٌ وهو ملك النصاب، لا تجب الزكاة على أحدٍ إلا إذا ملك النصاب، وهناك شروطٌ مثل: دوران الحول، ما تجب الزكاة حتى يمضي حولٌ، وهناك أركانٌ في الزكاة بدفع المال للفقير، هذا الدفع هو ركن الزكاة، وهناك موانع تمنع كما لو كان المدفوع له غنيًّا، هذا يمنع من صحة الزكاة.
هكذا في الحج أو في الصوم أو في غيره من العبادات، هناك أسبابٌ هناك شروطٌ هناك أركانٌ هناك موانعُ.
متى يكون الحكم صحيحًا؟
إذا وجد السبب ووجدت الشروط والأركان، وانتفت الموانع.
وهكذا أيضًا فيما يتعلق بالصحيح من العقود، ونحوها.
في مقابل الصحيح، الفاسد.
ما هو الفاسد؟
هو الذي لم يوجد سببه، أو انتفى أحد شروطه، أو أحد أركانه لغير عذرٍ، أو وجد مانعه.
ما حكم الفاسد؟
لا تترتب عليه آثار الصحيح.
مثال ذلك: عقد الربا عقد بيعٍ، لكن وجد فيه مانعٌ وهو الربا، فحينئذٍ لم تترتب عليه آثار العقد الصحيح، وبالتالي لا ينتقل الملك بين البائع والمشتري.
مثال ذلك: بيع الغرر، يعني: البيع المجهول، قال: "أبيعك ما في جيبي بألف ريال"، نقول: هذا بيع غرر، ما حكمه؟
فاسدٌ، لا ينتقل فيه الملك بين البائع والمشتري، لماذا؟ لأنه عقدٌ فاسدٌ.
وهكذا الفاسد في العبادات هو الذي لا تبرأ به الذمة، مثال ذلك: صلاةٌ ضحك فيها متعمدًا، عالمًا بأن الضحك حرامٌ، ما حكم صلاته؟
نقول: صلاته فاسدةٌ، لا تبرأ بها الذمة، ولا يسقط بها الطلب، ومثله ما لو انتفى أحد الشروط، كما لو صلى قبل الوقت، أو صلى بدون وضوءٍ، ما حكم صلاته؟ نقول صلاته فاسدةٌ، ما الدليل على فسادها؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌ». أي: مردودٌ على صاحبه.
الفاسد من العبادات والعقود لا يجوز تعاطيه، ما يجوز بيع مجهولٍ، ولا بيع غررٍ، ولا بيع ربويٍّ، لماذا؟
لأنه فاسدٌ من العقود، وهكذا في عقود النكاح، الفاسد من عقود النكاح لا يجوز تعاطيه؛ لأن هذا من تعدي حدود الله، ومن اتخاذ آياته هزوًا، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من اشترط شرطًا محرمًا ليس في كتاب الله.
والأصل أنَّ الفاسد والباطل معناهما واحدٌ، إلا أنهم فَرقوا في موطنيْن اثنين:
الموطن الأول: في مسألة الإحرام:
الباطل هو الذي ارتد فيه صاحبه عن الإسلام، وأما الفاسد فهو الذي جامع فيه قبل التحلل الأول.
والموطن الثاني في باب النكاح:
الفاسد من الزواجات هو ما لم يقع اتفاقٌ على المنع منه، كالزواج بلا وليٍّ، نقول: نكاحٌ فاسدٌ، وأما ما وقع اتفاقٌ على منعه وتحريمه، فإنه يقال عنه: باطلٌ، مثل: نكاح التحليل، ماذا يترتب على ذلك؟
النكاح الفاسد لو أقره قاضٍ يراه فإننا نمضيه؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، حكم القاضي يرفع الخلاف في القضية، بخلاف النكاح الباطل، فلو حكم به قاضٍ فإننا لا نمضيه، لماذا؟
لوقوع الاتفاق عليه.
وتلاحظون هنا أن هناك أشياءً ينهى عنها لذاتها، مثل: الزنا، منهيٌّ عنه لذاته، وبالتالي لا تترتب عليه آثار العقد الصحيح، ما يأتينا واحدٌ يقول: زنيت بامرأةٍ وحملتْ وأريد أن أتزوجها من أجل أن يثبت لي النسب، نقول: هذا وطءٌ محرم لذاته، فيكون فاسدًا باتفاق أهل العلم، ولا تترتب عليه آثار العقد الصحيح.
الثاني: ما نُهي عنه لوجود وصفٍ فيه.
ومن أمثلة ذلك ما ورد في النهي عن صوم يوم العيد، فالحنفية يقولون: هذا فاسدٌ وليس بباطلٍ، ويرتبون عليه أنه يمكن تصحيحه بأن يصوم يومًا آخر بدلًا، والجمهور يقولون: هو فاسدٌ باطلٌ، وبالتالي لو نذر أن يصوم يوم العيد، قالوا: هذا نذر أمرًا محرمًا وبالتالي لا يصح أن يفعله، ولا يلزمه به شيءٌ.
النوع الثالث: ما ورد النهي فيه عن صفةٍ بدليلٍ مستقلٍ.
ومن أمثلته: ما لو لبس خفًا من حريرٍ، لا يجوز له أو ستر عورته بثوبٍ حريرٍ وهو رجلٌ، لا يجوز له أن يلبس الحرير، فإذا صلى بثوب الحرير ساترًا به عورته، هذه المسألة ليست مثل المسألة السابقة، المسألة السابقة ورد النهي عن الفعل حال الوصف، كالنهي عن صوم يوم العيد، لكن هنا جاءنا قال: لا تلبسوا الحرير، وجاءنا نص آخر وقال: أقيموا الصلاة.
لم يرد عندنا نصٌ بقول نهى عن صلاةٍ قد لبس فيها ثوب الحرير، وبالتالي كانت من القسم الثالث، والجمهور يرون تصحيح هذا العقد أو هذا الفعل مع الإثم والحنابلة يرون بطلان هذا النوع.
هناك أيضًا من الأحكام الوضعية، تكلمنا عن الصحيح وعن الفاسد وعن الشرط وعن المانع، هناك أسبابٌ وعللٌ، بحيث هذه الأسباب أوصافٌ متى وجدت وجد الحكم، مثلًا رؤية الهلال سببٌ لصوم شهر رمضان، مثال آخر الحدث أو الخارج من السبيلين علةٌ لانتقاض الوضوء، فهذه أسبابٌ وعللٌ للأحكام.
وهناك أيضًا من الأحكام الوضعية الأداء وهو فعل العبادة في وقتها المقدر شرعًا، والقضاء هو فعلها بعد وقتها المقدر، من صلى الظهر بعد زوال الشمس مباشرةً يسمى فعله أداءً، من نام عن الصلاة ولم يستيقظ إلا بعد العصر كان فعله قضاءً.
قد يصلي ثم بعد الصلاة يتبين له أنه على حدثٍ، أنه محدثٌ، فيعيد الصلاة فهذا إعادةٌ.
هناك عددٌ من المصطلحات العلمية التي تستخدم كثيرًا نريد أن نعرفها لنفهم كلام أهل العلم سواءً في علم الأصول أو في غيره.
من تلك المصطلحات: مصطلح العِلم.
إذا جاءتنا كلمة العلم، فما المراد بها؟
نقول: العلم يراد بها إدراك الشيء إدراكًا جازمًا مطابقًا.
مثال ذلك:
أحمد هزاع موجودٌ ولا ما موجودٌ؟ أنا أراه الآن أمامي، فهذا إدراكٌ جازمٌ مطابقٌ، إدراكٌ للشيء على ما هو عليه، فيكون عِلمًا، لكن لو كان غير جازمٍ، لم يكن عِلمًا، أو كان إدراكًا غير مطابقٍ، لم يكن عِلمًا.
نمثل لهذا: الخمسة أكبر من الثلاثة، علمٌ أو ليس بعلمٍ، علمٌ، لماذا؟
لأنه إدراكٌ جازمٌ مطابقٌ.
يقابل العلم، الجهل البسيط، وهو عدم إدراكٍ، لو قلتُ لك: من الذي وراء الجدار؟ لا تعلم، فحينئذٍ نسمي هذا جهلًا بسيطًا، وهناك شيءٌ يسمى الجهل المركب، وهو الإدراك المخالف للواقع.
قلتُ لك: من وراء الجدار؟
فقلتَ: سعيد، والصواب أنه ليس الرجل الذي وراء الجدار اسمه سعيد، إنما اسمه خالد، أو راشد، فحينئذٍ نقول: هذا إدراكٌ مخالفٌ للواقع، ماذا نسميه؟ جهلًا مركبًا.
لو جاءنا واحدٌ وقال: متى كانت غزوة بدر؟
فأجاب المجيب في السنة الثالثة.
هذا علمٌ أو ماذا؟ هذا جهلٌ، بسيطٌ أو مركبٌ؟ جهلٌ مركبٌ؛ لأنه إدراكٌ مخالفٌ للواقع.
لكن لو سألتك وقلت: متى كانت غزوة بدر؟ فقلت لا أعلم، ماذا يكون؟
جهلٌ بسيطٌ، عدم إدراكٍ.
إذن علمنا أن الإدراك على أنواعٍ هناك علمٌ، وهو إدراكٌ جازمٌ مطابقٌ، هناك جهلٌ بسيطٌ، وهو عدم الإدراك، وهناك جهلٌ مركبٌ، وهو إدراكٌ مخالفٌ للواقع، هناك ظنٌّ، وهو إدراك الشيء لكن بدون جزمٍ، مع احتمالٍ للمخالف له.
وهناك وهمٌ، وهو: الاحتمال المخالف للواقع، وهناك شكٌ، وهو تساوي الاحتمالات، سعيد وراء الباب أو لا؟ ممكن أنه وراء الباب، وممكن أنه ليس وراء الباب، هذا يسمى شكًّا، تساوت الاحتمالات، لكن فتحنا الباب وأغلقناه، كان سعيد عند الباب، بعد ثلاث دقائق سعيد عند الباب أو لا؟ الظن أنه لا زال موجودًا عند الباب، فحينئذٍ نقول هذا ظنٌّ، لأنه إدراكٌ للشيء وهو وجود سعيدٍ، مع احتمال ضده، إذن عندنا إدراكٌ لشيئين مع رجحان أحدهما.
العلم ينقسم إلى قسمين:
علمٍ ضروريٍّ، وعلمٍ نظريٍّ.
الضروري هو الذي لا تحتاج معه إلى استدلالٍ، وكل من سمعه يقر به، وهذا يقال له علمٌ ضروريٌّ، السماء فوقنا أو تحتنا؟
{فوقنا}
تجزمون أو لا تجزمون؟
{نجزم}
ضروري أو نظري؟
{ضروري}
يحتاج إلى دليلٍ ولا ما يحتاج؟
{لا يحتاج}
ثلاثة ضرب ثلاثة يساوي تسعة، تجزمون به أو لا، ضروري، علم ولا ظن؟
{علم}
ضروري أو نظري؟
{ضروري}
ضروري لا نحتاج إلى دليلٍ.
طيب، اثنا عشر ضرب اثنا عشر، مائة وأربعة وأربعون.
صح أم لا؟ الآن هذا علمٌ، تحتاجون إلى دليلٍ معه، أو لا تحتاجون إلى دليلٍ؟ نحتاج إلى أن نحسب، فأصبح علمًا نظريًّا، لماذا لأنه يحتاج إلى دليلٍ.
قال: العلم الضروري ما يضطر الإنسان إليه وإلى التصديق به من غير نظرٍ ولا استدلالٍ، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، أيهما الأكبر الاستوديو أو أنت؟ الاستوديو، تجزمون بذلك أو تظنون؟. نجزم، ضروريٌّ ولا نظريٌّ؟. ضروريٌّ ما يحتاج إلى دليلٍ.
كذلك العلم بأن النار، محرقةٌ، والعلم بأن محمدًا رسول الله، بخلاف النظري، فهو الذي يحتاج إلى نظرٍ واستدلالٍ، ومن أمثلته: العلم بوجوب النية في الصلاة، يحتاج معه إلى دليلٍ.
إذن عرفنا الآن ما يتعلق بالعلم، ما يتعلق بمراتب الإدراك، وعرفنا الظن والوهم والشك والجهل المركب والجهل البسيط.
ننتقل إلى الحديث عن الكلام.
لماذا نتحدث عن الكلام؛ لأن فهم النصوص الشرعية لابد أن نعرف معه معنى الكلام، حتى يكون فهمنا للكلام صحيحًا.
إذن هذا العلم يُعنى بدراسة دلالات الألفاظ، وبالتالي لابد أن نعرف ما هو الكلام حتى نعرف أنواع دلالته.
الكلام هو الألفاظ الموضوعة لمعانٍ، كلامنا لفظٌ مفيدٌ، مثال ذلك: خالد كلمةٌ، فهد كلمةٌ، دهف، عكس فهد، ليست كلمةً، لماذا؟ لأنها لم توضع لمعنى، فليست بكلامٍ.
إذن الكلام هو اللفظ المفيد، الكلام لابد أن يكون مفيدًا، بالتالي لابد أن يكون مكونًا من كلمتيْن فأكثر، تستقل بالمعنى، وبالتالي الله ربنا، هذا كلامٌ، مبتدأٌ وخبرٌ، محمدٌ نبينا، أيضًا هذا كلامٌ، ذهب خالدٌ هذا كلامٌ، إنْ ذهب خالد، ليس بكلامٍ، لماذا؟ لا يستقل بالمعنى، يحتاج إلى تتمةٍ، أقل ما يتألف منه الكلام اسمان أو فعل واسم.
ما هو الفعل وما هو الاسم؟
الفعل كلمةٌ تدل على حدثٍ مرتبطٍ بزمنٍ، ذهب هذا فعلٌ، حدثٌ، بينما الاسم كلمةٌ تدل على ذاتٍ، خالد، محمد لا يُشعر بالزمن في نفسه.
وهناك نوعٌ ثالثٌ من أنواع الكلمة هو الحرف وهو الذي لا يدل على معنى في نفسه حتى يقترن بغيره.
الاسم ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
اسمٌ عامٌ، وهو الذي يشمل جميع أفراده، مثال ذلك عندما تقول: بنو آدم، عامٌ أو ليس بعامٍ؟، هل يشمل جميع بني آدم؟ رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، من البلدان المختلفة، ومن القارات المختلفة، كلهم يدخلون، الصالح والطالح، يدخلون في هذا اللفظ، هذا يسمى عامًّا.
ومن أمثلة العام: الأسماء الموصولة، مثل: الذين، وما، ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النساء: 170]، يعني: جميع ما في السموات.
وكذلك "من" في قوله: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7]، "مَن" هذه عامة، للذكر والأنثى، والصغير والكبير.
والنوع الثاني: المطلق: وهو يشمل فردًا لكن ليس على سبيل التخصيص، فردًا بعينه، وإنما هو فردٌ شائعٌ في الجنس.
كما لو قلت: يجيب طالب، هنا طالبٌ ليس المراد جميع الطلاب، وليس المراد طالبًا بعينه، هذا يقال عنه ماذا؟ مُطلقٌ.
إذن العام مستغرقٌ لجميع الأفراد، والمطلق يشمل فردًا شائعًا في جنسه.
الإنسان، هذا عام، ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [العصر: 2]، يعني: جميع أفراد الإنسان، لكن لو قلت: يجب على إنسانٍ أن يصلي على جنازةٍ، "إنسانٌ" هذه مطلقةٌ؛ لأنها تشمل فردًا واحدًا شائعًا في الجنس.
النوع الثالث: الخاص.
وهو الدال على فردٍ بعينه، مثل: صهيب وسمير فهذه خاصةٌ.
إذن عرفنا الآن أن الكلام ثلاثة أنواعٍ:
1- المطلق: هو الدال على فردٍ شائعٍ في جنسه، غير معينٍ، وطريقته النكرة في سياق الإثبات، كما لو قلت: يجيب طالب، طالب نكرةٌ في سياق الإثبات.
2- العام: وهو المستغرق لجميع الأفراد، ومن أمثلته: المعرف بـ « ال » الاستغراقية، مثل: الناس، الماء، الإنسان، ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]، كأن يقول: كل سارقٍ، هذا يسمى عامًّا.
ومن أنواع العام، النكرة في سياق النفي، كما لو قلت: لا إله إلا الله، إله هنا نكرةٌ في سياق النفي، كأنك تقول: أنفي أُلُوهية جميع الآلهة إلا الله، النكرة في سياق النفي، أما النكرة في سياق الإثبات فهي مطلقٌ.
ومن أمثلة العام: الأسماء الموصولة، أو الأسماء المبهمة، مثل: ما ومن والذين.
ومن أنواع ألفاظ العموم: كل وجميع وما ماثلها.
ومن أنواعه أيضًا: الجمع المضاف إلى معرفة، مثل: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أولًادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، أولاد جمع مضاف إلى الضمير، إلى المعرفة، سنأتي تفصيل هذا في المستقبل، المهم الآن أن نعرف أن الكلمة ثلاثة أنواعٍ: فعلٌ واسمٌ وحرفٌ، وأن الاسم ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
1- عامٌ وهو المستغرق لجميع أفراد الجنس.
2- مطلقٌ، وهو فردٌ أو أفرادٌ غير مستوعبين شاملٌ لجميع أفراد الجنس، لكنه شائعٌ في الجنس، أي فردٍ من الأفراد، مثل قوله: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ [النساء: 92]، رقبةٌ نكرةٌ في سياق الإثبات فتكون، عامةً أم خاصةً؟ مطلقٌ، أيُّ فردٍ من الأفراد فإنه يجزئ، إذا أعتق أي مملوكٍ أجزأ.
3- الخاص، ومن أمثلته: أسماء الأعلام، زيد وخالد ومحمد.
الفعل أيضًا ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
ما هي يا أحمد هزاع؟
{الماضي والمضارع والأمر}
الماضي والمضارع والأمر الذي يتعلق بالمستقبل.
مثال الماضي: فهم.
ومثال المضارع: يفهم.
وأمر: افهم.
الفعل بأقسامه يفيد الإطلاق، ولا يستفاد منه العموم، يقال مثلًا: "صلِّ"، كأن يقول: "صلِّ" أي: "صلِّ أي صلاةٍ"، إلا إذا كان في سياق النفي، يقال: "لا تصلِّ" فحينئذٍ نقول: "لا تصلِّ" أي: جميع الصلوات، "لا تقتل" يعني: جميع الناس.
أما النوع الثالث: بقي معنا الحرف، وهو ما يدل على معنًى في غيره.
والحروف كثيرةٌ، نأتي بنماذج منها:
المثال الأول: الواو: الواو تأتي مرةً للعطف، جاء محمدٌ وخالدٌ، فتفيد أن الحكم يشمل الاثنين، وهل يقتضي هذا أن أحدهما قد جاء قبل الآخر؟
نقول: لا يقتضي ترتيبًا ولا تماثلًا ولا تنافي الترتيب إلا بدليلٍ.
المثال الثاني من أمثلة الحروف: الفاء: والفاء قد تكون عاطفةً، كما تقول: جاء محمدٌ فخالدٌ، فحينئذٍ نقول: محمدٌ جاء أولًا ثم بعده جاء خالد مباشرةً، فحينئذٍ تقتضي الترتيب والتعقيب، بعده مباشرةً.
في بعض المرات تأتي الفاء ليست للعطف، وإنما للسببية، مثلًا: سها فسجد، معناها: أن السهو سببٌ للسجود، ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ﴾ [المائدة: 38]، هنا الفاء للتعليل أو السببية.
المثال الثالث للحروف: "اللام الجارة"، وقد تأتي لمعانٍ، منها: التعليل، ومن أمثلته قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ ليَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لّيَتَفَقَّهُوا ﴾ [التوبة: 122]، ما العلة في النفر؟ ﴿ لّيَتَفَقَّهُوا ﴾، التفقه في الدين.
«من قال لصاحبه تعال أقامرك، فليتصدق»، إذن العلة في وجوب الصدقة، أنه قال لصاحبه: تعال أقامرك.
وكذلك قد تكون اللام للتمليك، من أمثلته قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾ [التوبة: 60]، بالتالي لابد من تمليك الفقراء الزكاة، فلو جاءنا إنسانٌ وقال: سأسقط ديني عن الفقير واحتسبه من الزكاة، قلنا: ما يجزئ هذا؛ لأن الآية اشترطت أن يكون هناك تمليكٌ؛ لذلك قال الجمهور: لا يجوز دفع الزكاة في دينٍ على ميتٍ، لأنك لا تملك الفقير، ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾.
ومن أمثلته مثلًا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، فإنها لهم في الدنيا »، يعني أن المسلمين لا يملكونها في الدنيا: آنية الذهب والفضة.
وقد تكون اللام للإباحة، ومن أمثلته قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 29]، يعني أنتم لا تملكون ما في الأرض، إنما يباح لكم الانتفاع بما في الأرض.
الحرف الرابع: حرف على.
"على" قد يأتي بمعنى الغاية، وقد يأتي بمعنى الوجوب، ومن أمثلته قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ﴾ [آل عمران: 97]، يعني: وجوب حج البيت، ويكون لها أيضًا معانٍ أخرى.
هذه نماذج تدلك على أن كل حرفٍ من الحروف له معنى، وأنه يراد به معانٍ خاصةٌ، والحرف قد يدل على أكثر من معنى، يحدد معناه السياق الذي ورد فيه.
هذا إذن تقسيمٌ للكلام باعتبار أفراده، وهناك اسمٌ وفعلٌ وحرفٌ.
كذلك ينقسم الكلام إلى خبرٍ وإنشاءٍ.
والخبر: هو الذي يحتمل التصديق والتكذيب، مثاله: لو قلت: السماء تمطر، أو الآن يوجد مطرٌ، هذا خبرٌ، يمكن تقول: هذا خبرٌ صادقٌ، وممكن تقول: هذا خبرٌ غير صادقٍ، وبالتالي هذا من قسم الخبر.
يقابل الخبر، الإنشاء.
وهو الذي لا يحتمل التصديق ولا التكذيب لذاته، مثاله لو قلت: اذهبوا خارج القاعة، هل يصح من أحدٍ منكم أن يقول صدقتَ أو كذبتَ؟
ما يصح لأن هذا إنشاءٌ، لو قلت: أتمنى لو كنت فاهمًا للدرس، ما يصح لأحدٍ يقول: صدقتَ أو كذبتَ، لأن هذا ليس بخبرٍ وإنما هذا إنشاءٌ.
إذن الخبر ما احتمل الصدق أو الكذب لذاته؛ لأنه قد لا يحتمل الكذب لأمرٍ آخر، مثلًا الأخبار الواردة في القرآن هذه أخبارٌ، لا تحتمل الكذب، لا لذاتها، وإنما لكونها خبرًا عن الله عزَّ وجلَّ، فخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم لا يمكن وصفه بالكذب، وبالتالي نعرف أن الأخبار من جهة المخبر على ثلاثة أنواعٍ:
- النوع الأول: أخبارٌ لا يمكن أن نصفها بالكذب، مثل: أخبار الله -عزَّ وجلَّ، وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه.
- والثاني الثاني: ما لا يمكن وصفه بالصدق، كالذي نجزم بأنه خبر كاذبٍ، واحد زائد واحد يساوي خمسة، هذا خبرٌ صادقٌ ولا كاذبٌ؟ لا يمكن وصفه بالصدق.
ومثله الأخبار المستحيلة، سواءً كانت استحالتها من الشرع أو من العقل، لو جاءنا واحدٌ وقال: أنا رسول الله، أنا نبيٌّ من عند الله، هذا لا يحتمل الصدق، لكن ليس لذات الخبر، وإنما لأمر خارجٌ عن الخبر.
كذلك لو جاءنا إنسانٌ وقال: رأيت محمدًا مضطجعًا وواقفًا في وقتٍ واحدٍ، فنقول: هذا مستحيلٌ عقلًا، وبالتالي هو خبرٌ لكننا نجزم بأنه كاذبٌ، لا يمكن وصفه بالصدق.
- والنوع الثالث ما يحتمل التصديق والتكذيب، شيءٌ من الأخبار الكاذبة، كما لو قلت: محمدٌ خارج القاعة، وهذا النوع على ثلاثة أنواعٍ:
يمكن أن تكون الأخبار متساويةً، احتمال الصدق واحتمال الكذب.
ويمكن أن يكون احتمال الصدق أرجح.
ويمكن أن يكون احتمال الكذب أرجح.
في مقابل الخبر، عندنا الإنشاء.
وهو الذي لا يحتمل الصدق ولا الكذب لذاته.
ومن أمثلته: الأمر: لما قلت اذهبوا، فهذا إنشاء أو خبر؟ إنشاء.
لو قلت لا تتكلموا. لماذا لا تمتثل؟. هذا إنشاءٌ وليس خبرًا، لماذا؟ لأنه لا يحتمل التصديق أو التكذيب، كقوله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ أمر، ﴿ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ [النساء: 36]، نهيٌ، خبرٌ هذا؟ نقول لا، إنشاءٌ.
وهناك بعض الكلام يكون خبرًا من جهةٍ وإنشاءٍ من جهةٍ أخرى، كما لو قلت: بعتك السيارة، فتقول: قبلتُ، وفي حقيقته في ظاهر اللفظ، بعتك: هو خبرٌ، لكن معناه وحقيقته إنه إنشاءٌ لعقدٍ جديدٍ، لكن هو خبرٌ باعتبار لفظه، وهو إنشاءٌ باعتبار ترتيب آثار العقد عليه.
وفي مراتٍ يأتي الكلام بصيغة الخبر ويراد به الإنشاء، كأخبار الله التي يمكن أن يتخلف المخبر فيها، مثلًا: في قوله: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]، هذا خبر مبتدأ وخبر، لكن هو لا يراد به الخبر، وإنما يراد به الإنشاء، لأن هناك نساءً يطلقن ولا يتربصن مدة العدة، فدل هذا على أن هذا اللفظ من باب الإنشاء، كأنه قال: يلزم المطلقات أن يتربصن ثلاثة قروءٍ، وليس خبرًا مجردًا.
وهناك أشياءٌ بالعكس، تأتي بصيغة الإنشاء، ولكن يراد بها الخبر، أنا أسألكم سؤالًا: ﴿ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 97]، خبرٌ أو إنشاءٌ، صيغته صيغة الخبر، ومعناه إنشاءٌ، كأنه يقول كل من دخل البيت فأمنوه، لماذا؟ لأن هذا الخبر قد يتخلف عنه بعض أفراده، وخبر الله لا يتخلف، فدل هذا على أن هذا إنشاءٌ وليس بخبرٍ.
أحمد.
{إذا كان الخبر يحتمل الصدق أو الكذب لذاته، هل نستطيع الجزم بأن الكتاب والسنة لا خبر فيهما}
لا، هنا الكتاب والسنة فيهما أخبارٌ تحتمل الكذب لذات الخبر، لكنها لا تحتمل الكذب لأمرٍ خارجيٍّ، وهو كونه كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
مثَّل المؤلف بقوله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ﴾ [العنكبوت: 12]، ﴿ وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ﴾ ظاهرها إنشاءٌ، لأنها أمرٌ، مضارعٌ مسبوق بلام الأمر، لكن المراد بها الخبر، أي إذا اتبعتمونا سنقوم بحمل خطاياكم.
كذلك ينقسم الكلام إلى حقيقةٍ ومجازٍ.
إذن انقسم الكلام إلى:
اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ.
وانقسم الكلام: إلى خبرٍ وإنشاءٍ.
كذلك ينقسم الكلام إلى حقيقةٍ ومجازٍ.
المراد بالحقيقة: اللفظ المستعمل في موضعٍ له، مثل: ما لو قلت: الأسد يأكل فريسته، تريد به الحيوان المعروف، فهذا حقيقة، استعملت لفظة الأسد فيما وضع له في الحقيقة، لكن في مرات تستعمل اللفظ في غير ما وضع له فيسمى مجازًا، كما لو قلت: رأيت أسدًا يخطب، الأسد الحيوان المفترس لا يخطب ولا يتكلم، فدل هذا على أن المراد به الرجل الشجاع.
وهناك ألفاظٌ مستعملةٌ وهناك ألفاظٌ غير مستعملةٍ، فالحقيقة والمجاز يكون فيما استُعمل.
والحقيقة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
حقيقةٌ شرعيةٌ، مثل لفظ الصلاة إذا أطلق على الصلاة المعروفة، المبتدأة بتكبيرة الإحرام والمختتمة بالتسليم، والتي فيها ركوعٌ وسجودٌ وجلوسٌ وفيها أنواع القراءة والذكر، فهذه كانت في اللغة سابقًا، الصلاة تطلق على الدعاء أو الثناء، ثم بعد ذلك حولها الشرع إلى هذا المعنى، فأصبح لفظ الصلاة حقيقةً شرعيةً في الصلاة كاملة.
وهناك حقيقةٌ لغويةٌ، وهو استعمال اللفظ فيما وضع له أهل اللغة، مثل لفظة الأسد إذا استخدمت في الحيوان المفترس.
وهناك نوعٌ ثالثٌ من أنواع الحقيقة، هو الحقيقة العرفية، بحيث يستعمل أهل العرف لفظًا في معنًى جديدٍ، مثال ذلك، الدابة في اللغة كل ما يدب على الأرض، تعارف الناس عندنا على إطلاق الدابة على ذوات الأربع، أو على الحمار، أو الحصان، فحينئذٍ نقول هذه حقيقةٌ عرفيةٌ، فأصبحت في العرف تدل على هذا المعنى.
إذا عرفنا: أن اللفظ ينقسم إلى حقيقةٍ ومجازٍ، وأن الحقيقة ثلاثة أقسامٍ، إذا جاءنا اللفظ الأصل أن يحمل على الحقيقة، ولا يجوز لنا أن نترك الحقيقة إلى المجاز، إلا لوجود دليلٍ أو قرينةٍ، ولعلنا إن شاء الله نتكلم عن ذلك في لقائنا المستقبلي، أسأل الله جلَّ وعلَا أن يوفقنا وإياكم لخيري الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ، بارك الله فيكم..

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك