الدرس الرابع

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله المعيوف

إحصائية السلسلة

23160 9
الدرس الرابع

آداب العالم والمتعلم

{الحمد لله الذي شرح صدور أوليائه بالإيمان، وفتح لهم أبواب النصوص بقواعد البيان، وصلى الله على من أنزل الله عليه الكتاب الميزان، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان، مرحباً بطلاب العلم، حياكم الله وبياكم، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم، وأسعد الله أيامكم وأوقاتكم بالبركات والخيرات، نرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (جادة المتعلم) والذي نتناول فيه كتاب (آداب العالم والمتعلم) يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ محمد بن عبد الله المعيوف، باسمي وباسمكم جميعًا نرحب بشيخنا المفضال، حياكم الله يا شيخ محمد}.
حياكم الله وحياك الله الإخوة والأخوات جميعًا، وفق الله الجميع لما فيه الخير ورزقنا وإياهم العلم والعمل الصالح والدعوة إليه.
{أحسن الله إليكم شيخنا المفضال، كنا قد توقفنا في اللقاء الماضي عند فصل فيما أنشدوه في فضل طلب العلم، واليوم نكمل في ذم من أراد بعلمه غير الله تعالى}.
نعم، أكمل على بركة الله.
{بسم الله الرحمن الرحيم.
قال -رحمه الله-: (فَصْلٌ فِي ذَمِّ مَنْ أَرَادَ بِفِعْلِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى:
اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَضْلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ طَلَبَهُ مُرِيدًا بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، لَا لِغَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا، وَمَنْ أَرَادَهُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ كَمَالٍ أَوْ رِيَاسَةٍ أَوْ مَنْصِبٍ أَوْ وَجَاهَةٍ، أَوْ شُهْرَةٍ أَوْ اسْتِمَالَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، أَوْ قَهْرِ الْمُنَاظِرِينَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مَذْمُومٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى:20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾ [الإسراء:18])
}.
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده لله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
ما ذكره الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في هذا الفصل، هو تذكير وتأكيد لِمَا سبق أن ذكره ونصَّ عليه، وهو إخلاص النية لله -عز وجل-، فإخلاص الإنسان نيته في هذا الباب، وإرادته بعمله وجه الله -عز وجل- والدار الآخرة، أمرٌ في غاية الأهمية.
وإذا كان العمل لا يكون صالحًا إلا بالإخلاص لله -عز وجل-، والمتابعة لرسوله ، فإنَّ العلم لا شك عظيم، وثمرة العلم العمل، فلا يصح العلم ولا العمل به إلا إذا قام على هذين الركنين الأساسيين، فلا يقصد بعلمه رياءً وسمعةً، ولا يقصد به جاهًا أو منزلة، ولا يقصد به أمورًا من أمور الدنيا.
وذكر الشيخ -رحمه الله- وَذَكَّرَ أيضًا بما سبق أن أشرنا إليه في الباب الأول، وأشار إلى بعض النصوص التي ذكرها هناك، وكنت قد اقترحت عليكم -يا إخوان- أن تحفظوا بعض النصوص، لابد أن نحفظ، فالحفظ هو ذخيرة طالب العلم.
وقلت أيضًا: لا ينبغي أن تحفظ شيئًا إلا وقد وعيته وفهمته، فاحفظوا -يا إخواني- من كتاب الله، وإن تيسر حفظه كاملاً فهو المطلوب، واحفظوا من أحاديث المصطفى ما تيسر لكم، واحفظوا من أقوال السلف الصالح -رحمهم الله تعالى- أشياء.
وقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله- في الباب السابق جملة من أقوال السلف، والتي إذا قرأها طالب العلم فإنها تُغذيه وتُقويه وتُنشطه؛ لأنَّ الإنسان بطبيعته يفتر في بعض الأحيان، ويحتاج إلى ما يقوي عَزمه وينشطه، وإذا تذكر المآب، وأنَّ نهاية طالب العلم الجنة؛ فإنه -لا شك- يقوى وينشط في هذا الطريق والثبات عليه.
فأشار -رحمه الله تعالى- إلى جملة من النصوص، كقوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ [الإسراء:18]، فـ ﴿الْعَاجِلَةَ﴾ المقصود بها الدنيا وما فيها، وذكرها ربنا بهذا النص؛ لأنها عاجلة، أي: سرعان ما تمضي وتنقضي، ولا يليق بالإنسان أن يجعل غاياته لهذه العاجلة، قال تعالى ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾ [النجم:29]، وفي هذا تحقير لهم ولمطالبهم، وفيه أنَّ غاية علمهم الوقوف عند الحياة الدنيا، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ﴾ ، ومهما استعجل الإنسان وأراد من أمور العاجلة وأعراضها وأغراضها، فلن يأتيه إلا ما شاء الله له، وما أراده الله -سبحانه وتعالى- له، ولذا كان الواجب عليه إخلاص النية، وسيأتيه من الدنيا ومن ثواب الآخرة ما يريد.
وقد ذكر النووي -رحمه الله- في جملة ما ذَكَرَ من الآثار عن الشافعي -رحمه الله تعالى- أنه قال: "من أراد الدنيا فليطلب العلم، ومن أراد الآخرة فليطلب العلم"، فطالب العلم يأتيه نصيبه من الدنيا والآخرة، وينبغي أن تكون الهمة عاليةً، وأن يكون قصده ابتغاء وجه الله عز وجل.
وأورد -رحمه الله تعالى- في هذا الباب حديث أبي هريرة المخرج في الصحيح، أنَّ النبي قال: «إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ: جَرِيءٌ، فقَدْ قيلَ»[1]، أي: قد قيل عنك ما تريد، وأخذت نصيبك في دنياك، وهو ثناء الناس ومدحهم.
والثاني: «ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ»، والسبب هو ما خالط النوايا من هذه المقاصد الدنيئة، وَتَعْجَب عندما يترك الإنسان مراقبة ربه والتقرب إليه، ويتقرب إلى الناس! ماذا يريد من الناس، والناس لن ينفعوه بشيء؟!
كَتَبَ وهب بن منبه إلى مكحول -رحمه الله تعالى-، وكان مكحول مولى من الموالي، ثم بلغ من العلم مبلغًا، فقد أقام بمصر وأخذ علم أهلها، ثم ذهب إلى الشام فأخذ علم أهلها، وصار ذا شأن ومكان.
كتب إليه وهب بن منبه -رحمه الله تعالى-، قائلاً له: إنك قد بلغت بظاهر علمك منزلة عند الناس وزلفى، فاطلب بباطن علمك منزلة عند الله وزلفى، واعلم أنَّ إحدى المسألتين تمنع من الأخرى"، فإذا أردت الظاهر لم تحصل على الباطن، وإن أردت الباطن فلن تسعى إلى الظاهر.
ولذا كان الواجب على الإنسان أن يطلب الباطن بنيته وقصده وعلمه، وأن يطلب منزلة عند الله وزلفى، وألا يطلب منزلة عند الناس. بماذا ينفعه الناس، وماذا يقولون عنه؟! حتى وإن قالوا ما قالوا مما فيه من المديح والثناء!
وقال في الحديث الذي رواه أبو هريرة، وهو مخرج في السنن بإسناد صحيح، كما ذكر النووي وغيره: «مَنْ تعلَّمَ عِلمًا يبتغى بِهِ وَجهَ اللهِ، لا يتعلَّمُه إلا ليُصيبَ به عَرَضًا من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامةِ»[2]، أي: ريحها.
يطلب علمًا يبتغى به وجه الله، لا يريد به إلا حطام الدنيا، ولا يريد به وجه -عز وجل-، والله -سبحانه وتعالى- غني لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم، قال تعالى في الحديث القدسي: «أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ»[3]، فيتركه الله ويتخلى عنه وعن عمله، وينظر ماذا تنفعه مقاصده القريبة والدنيئة، لن تنفعه، ولن تُغني عنه شيئًا في دنياه وفي آخرته.
وعن الإمام أحمد قال: "العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته"، قالوا: كيف ذلك يا أبا عبد الله؟ قال: "ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره"، وهذا هو معنى قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران:79]، ومعنى قوله : «فَذلكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به فَعَلِمَ وعَلَّمَ»[4].
فالنية هنا أن ينوي مذ يضع قدمه في أول الطريق مُبتغيًا، وسائلاً ربه التوفيق إلى آخره، وآخره الجنة، يحضر في نيته أنه يتعلم اليوم، وغدًا يُعلم.
وما أحوج الناس -يا إخواني- إلى التعليم في هذه الأزمة، فالناس محتاجون ومفتقرون، العامة وغير العامة، حتى المتعلمون منهم؛ لأنَّ العلم الشرعي ليس حكرًا على أحد، بل هو متاح لكل أحد، لماذا؟ لأنه علم دينهم، ويحتاجون إليه في كل أمورهم وشؤونهم وأحوالهم.
 فاطلبوا هذه النية يا طلاب العلم، وأخلصوها لله -عز وجل- مُقتفين آثار المصطفى ، وهديَ السلف الصالح، باذلين الأسباب لنيل المطلوب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
وسلوا الله التوفيق لنا ولكم التوفيق، قال : «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»[5].
{قال -رحمه الله-: (فَصْلٌ فِي النَّهْيِ الْأَكِيدِ، وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، لِمَنْ يُؤْذِي أَوْ يَنْتَقِصُ الْفُقَهَاءَ، وَالْمُتَفَقِّهِينَ، وَالْحَثُّ عَلَى إكْرَامِهِمْ، وَتَعْظِيمِ حُرُمَاتِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج:32]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج:30]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر:88]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب:58]، وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: « قَالَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-: مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ»[6]، وَرَوَى الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا: "إنْ لَمْ تَكُنْ الْفُقَهَاءُ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ وَلِيٌّ")}.
تحدث النووي -رحمه الله تعالى- في هذا الباب عن تقدير الناس واحترامهم لأهل الفقه والعلم، وذلك بعدم ازدرائهم، وعدم الحط من شأنهم، أو تقليل قدرهم أمام العامة؛ لأنَّ العلماء الربانيين متبوعون، وإذا انتُقِصَ قدرهم فَسُخِرَ بِهِم وَسُفِّهَ بهم، فإنَّ هذا يُؤدي إلى الحط من قَدرهم أمام الناس، وبالتالي لا يَتبعونهم، وبالتالي لا يجدون العامة من يقتدون وينتفعون به.
قال إبراهيم لأبيه وهو يدعوه إلى الله: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا﴾ [مريم:43]، وهذا يُلقي مسؤولية كبيرة على أهل العلم، أنَّ الناس ينظرون إليهم وإلى أعمالهم، فيقتدون بهم من حيث لا يَشعرون، وكم من طالب علم سُئِلَ عن مسألة تهاون فيها، أو عن سنة تهاون فيها في صلاته مثلاً، فيأتيه رجل من العامة ويقول: هل هذا العمل الذي عملته من السنة؟ يظن أنَّ هذا العمل الذي حصل -ربما نسيانًا من طالب العلم، أو ربما تهاونًا في تطبيق هذه السنة- فيظنُّ العامي أنَّ هذا الخطأ صواب، وهذا يُلقي مسئولية حقيقة على العلماء، وإخلاص علمهم وعملهم لربهم -سبحانه وبحمده-، ويلقي مسئولية أيضًا على عامة الناس أن يعرفوا لهم قدرهم ومكانتهم ومنزلتهم، قال : «لَيسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا! ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ»[7]، وقال : «إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ، وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنْهُ، وإِكرامَ ذي السُّلطانِ المقسِطِ»[8]، فإكرام هؤلاء كلهم من إجلال الله -سبحانه وتعالى-، ومنهم: إكرام «حاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنْهُ»، وفيه إشارة إلى أن الإنسان على خطر أياً كان، حتى ولو سلك طريق العلم، على خطر من الجفاء والتقصير والتفريط والإهمال، فيتحمل علمًا يكون حُجة ووبالاً عليه، ولا قوة إلا بالله، ولو كان جاهلاً، لربما كان له عذر، وكان خيرًا له.
الأمر الثاني: أن يُبتلى بالغلو وزيادة، وتخطي حدود الشريعة، وإنما العالم الذي يكرم، وحامل العلم الذي يكرم، من لا يكون بهذه الصفة، ولا بصفته الأخرى، وإكرام حامل القرآن غير الغالي فيه أو الجافي.
ولَمَّا تكلم بعض الناس وفيهم منافقون في غزوة تبوك، من الصحابة -رضي الله عنهم- فسخروا بهم، وقالوا: "مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلَاءِ: أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلَا أَكْذَبَ أَلْسُنًا، وَلَا أَجْبَنَ عِنْدَ اللِّقَاءِ"؛ نزل الوحي الكريم في شأنهم على المصطفى ، فأنزل الله -عز وجل- قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ﴾ [التوبة:65]، فاعتبر ربنا -عز وجل- السخرية من الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- استهزاءً بالله -عز وجل- وبرسوله وبآياته؛ لأنَّ من يَستهزئ بإخوانه المسلمين، حتى وإن لم يكونوا من أهل العلم، ومن يسخر بهم لدينهم -فهنا لم يسخروا بهم من ذواتهم، وإنما يسخرون بهم لدينهم- فيكون الأمر أجلَّ وأخطر وأعظم.
وإذا كانت السخرية المعتادة والتي تجري على ألسنة بعض الناس وليست في دينهم محرمة، فلا أن تكون للدين أشد وأعظم وأخطر.
ولذا كان الواجب على أهل العلم أن يصونوا علمهم أولاً وقبل كل شيء، بالإخلاص والصدق -صدق النيات- وفي الأقوال، وفي الأعمال، وأن لا يدنسوا علمهم بالأغراض وبالأعراف الدنيوية الزائفة.
والواجب على الناس عموما أن يعرفوا قدرهم ومكانتهم، وأن يُجلونهم، وأن يعرفوا لهم فضلهم ومكانتهم.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (بَابُ أَقْسَامِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ
هِيَ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ فرض العين وهو تعلم المكلف مالا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ الَّذِي تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ إلَّا به، ككيفية الوضوء وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا، وَعَلَيْهِ حَمَلَ جَمَاعَاتٌ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ: وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ)
}.
تكلم المؤلف -رحمه الله- في هذا الباب عن حكم العلم، وذكر أنَّ للعلم أقسامًا من حيث حكمه.
القسم الأول: فرض العين.
القسم الثاني: فرض الكفاية.
القسم الثالث: ما كان من قبيل النوافل.
القسم الرابع: ما كان محرمًا.
 القسم الأول: فرض العين، ونحتاج أولاً إلى أن نُبين الفرق بين فرض العين وفرض الكفاية، وقد اشتهر الفرق المعروف المشهور، وهو أنَّ فرض الكفاية إذا قام به من يكفي، فقد سقط الإثم عن الباقين، وهذا تفسير صحيح، وهو فرق بين فرض الكفاية وفرض العين من حيث حكمه، أن فرض الكفاية إذا قام به البعض، سقط الحكم والمطالبة والإثم عن الباقيين.
وهناك تفريق آخر لطيف ذكره الفقهاء -رحمهم الله-، وهو أن فرض العين يُنظر فيه إلى العامل -الشخص نفسه- أي: إلى المخاطب به، فننظر في الصلوات الخمس إلى من يُصليها، وإلى الصيام إلى من يصوم، ولا ننظر للعمل.
وأمَّا فرض الكفاية، فالنظر فيه إلى العمل دون العامل، ولهذا لو صلى على جنازة مجموعة من الناس، فقد أدوا ذلك العمل وسقط الإثم عن كل الباقين، فَنُظِرَ فيه إلى العمل من حيث إيجاده، فحيثما وجد العمل سقط الإثم عن الباقين.
والشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- في منظومته، منظومة القواعد والأصول، وهي منظومة لطيفة، يقول فيها:

والأمرُ إنْ رُوعِي فيه الفاعل ... فذاك ذو عينٍ وذاكَ الفاضلُ
وإنْ يُراعَ الفعلُ معْ قطعِ النَّظَرْ ... عـن فاعلٍ فذو كفايةٍ أُثِرْ

وبالنسبة لفرض العين فقد ذكر الإمام النووي -رحمه الله تعالى- أنَّ فرض العين هو ما لا يسع أحدًا جهلُه، وما لا يتأتى الواجب إلا بعلمه، وما لا يُترك المحرم إلا بعلمه، كالعلم بالصلاة مثلا، كيف يصلي؟ كيف يتوضأ؟ كيف يصوم؟ وحتى التروك، يعرف هذه المحرمات وتحريمها، وتحريم الوسائل المؤدية إليها، وما أشبه ذلك، فهذا النوع من العلم لا يُعذر أحد بجهله.
كان الشافعي -رحمه الله- يذكر تقسيمًا لطيفًا للعلم، فيقسم العلم إلى قسمين:
علم عامة -يسميه هكذا- أي: لا يسعُ أحدًا جهلُه، فعلم العامة يدخل فيه فرض العين، ويدخل فيه المحرمات أيضًا، أي ما كان معلوما تحريمه من الشريعة بالضرورة.
وعلم العامة، مثل: وجوب الصلاة، وجوب الصيام، وجوب الزكاة، وجوب الحج، تحريم الزنا، السرقة، شُرب الخمر، وما أشبه ذلك، هذه علوم عامة، لا يسع أحدًا جهلُها، ولا يُعذر أحدٌ لو ادعى الجهل فيها.
والثاني: علم خاصة، قال: وما ينوب المسلمين من فروع المسائل، فهذه علوم لا تجب على الناس بعامة، وإنما تجب عليهم بخاصة، وهذا يمكن أن نجعله من قبيل فرض الكفاية.
أورد الحافظ النووي -رحمه الله- حديث أنس عند أبي يعلى: «طَلَبُ الْعِلمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»[9]، وإن كان الحديث ليس ثابتًا عنده، وقد صححه جمع من أهل التحقيق -رحمهم الله تعالى-، وظاهر الحديث أنَّ طلب العلم فريضة على كل مسلم، فيحمل على هذا النوع، على علم العامة، كما سماه الشافعي، أو ما يُعتبر فرض عين، وهو الذي لا يمكن أن تُؤدي الواجب إلا به، وإذا كان لا يمكن أن يُؤدي الواجب إلا به فهو واجب، وهذه قاعدة تسمى: "ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب".
فإذا كانت الصلاة واجبة، ولا تتم إلا بتعلم كيفيتها، وأركانها، وواجباتها، وما أشبه ذلك، فيلزم كل أحد حتى العامية أن يتعلم هذه الأمور، وتكون من قِبَلِ فرض العين.
هنا أشار المؤلف -رحمه الله- إلى جملة من الفروع يبدو في فرض العلم.
{قال -رحمه الله-: (فَرْعٌ. اخْتَلَفُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَأَخْبَارِهَا)}
قبل هذه فيما يتعلق بالعقيدة، فمسألة معرفة العقيدة أمر مهم جداً، وصفاء عقيدة المسلم ونقاؤها، وسلامته من الشرك ووسائله، والبدع والمحدثات والخرافات، زما أشبه ذلك، أمر في غاية الأهمية، فلابد للمسلم أن يعرف توحيده وعقيدته، وأن يحرص غاية الحرص على أن يكون على نهج الأوائل، نهج السلف -رحمهم الله تعالى- خير القرون، لعل الله أن يُدركه شيء من هذه الخيرية، كأن يكون على نهجهم، وعلى طريقتهم، وأن يسأل أهل العلم الربانيين والذين يعرفهم بحسن المعتقد.
ولَمَّا جاء جبريل للنبي في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وهو حديث جليل القدر، عظيم الفائدة، فتأكدَ على طلاب العلم أن يحفظوه وأن يفقهوه وأن يعلموه الناس، لأنَّ جبريل أتى إلى النبي لأجل تعليم الناس، فسأله عن جملة مسائل، سأله أول ما سأله عن الإسلام، فذكر النبي أركان الإسلام الخمسة. ثم سأله عن الإيمان، فذكر له أركان الإيمان الستة. ثم سأله عن الإحسان، فأخبره أن الإحسان بمرتبتين، ثم سأله عن الساعة وعن أماراتها ثم ذهب، فقال لعمر بعد مدة، يقول عمر: فلبثنا مليًا، فقال : «أتدري من السائل يا عمر؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «ذَاكَ جبريلُ أتاكم يعلِّمُكُم أمر دينِكُم»[10].
إذًا الدين -يا إخوان- في هذا الحديث، وكان الشيخ محمد بن عثيمين يقول: هذا الحديث ينبغي أن يكون منهجًا للمسلم، في علمه، وفي تعليمه، وفي دعوته، فجبريل جاء ليعلم، فهذا المنهج في التعليم، أنك تعلم الناس ما يحتاجون إليه، وفرق -يا إخواني- بين التعليم العام والتعليم لخاصة طلاب العلم، فالعامة لا يحتاجون إلا إلى يسير العلم، إلى صغار العلم، ولو أنَّ أحدكم يسأل العوام من كبار السن، الأخيار الطيبين الذين يرغبون في الخير ويحبونه، ويحبون من يأتيهم ويعلمهم، سلهم عن أركان الإسلام، ربما تجد أناسًا من المسلمين الخيرين لا يعرف ما هي أركان الإسلام، وهذه مشكلة يا إخوان، حتى إنَّ بعضهم ربما يجهل أمورًا كبارًا يا إخوان.
والسبب في هذا تقصيرنا في تعليم الناس، واقتصارنا في الدعوة على استقامة الناس فقط، وهذا لا يكفي، بل لابد إذا استقاموا أن يستقيموا على نهج قويم، وطريق مستقيم، وأن تكون استقامتهم على علمٍ، ولهذا ذكرت في المقدمات يا إخواني أنَّ أول ما نزل على المصطفى ثلاث سور، هي: سورة اقرأ، وهي في العلم، وهي أول سورة، ثم المدثر، وهي في الدعوة، ثم المزمل، وهي في العمل، فشملت هذه السور الثلاث، المنهج الذي كان عليه المصطفى ، وهو الجمع بين العلم، وبين العمل، وبين الدعوة.
اسألوا يا إخواني بعض الطيبين والخيرين عن معنى: "لا إله إلا الله" ستجد العجب، لا يدري ما معنى: "لا إله إلا الله!"، يقولها وهو لا يعقل معناها، وإنما تتم الشهادة بها لمن تكلم بها عارفًا بمعناها عاملاً بمقتضاها. فهل يكفي أن يقول: "لا إله إلا الله" فقط وهو لا يعرف معناها؟
أو قد يعرف معناها بطريقة خاطئة كطرق المتكلمين، والتي يذكر النووي الكلام فيها وذم الأئمة لها، ويفسر هذه الكلمة بتفسير بعيد غاية البعد عن معناها الصحيح.
ومعنى "لا إله إلا الله"، كما لا يخفاكم: لا معبود بحق إلا الله -عز وجل. فإنَّ الله -عز وجل- أرسل الرسل كلهم، من لدن نوح -عليه السلام- إلى محمد بهذه الكلمة، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25]، ففسرها بالعبادة، ولهذا كان الرسل كلهم يدعون قومهم فيقولون: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [المؤمنون:23]، ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف:65]، ﴿وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ﴾ [هود:61]، هذا معنى: لا إله إلا الله، ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف:85]، وقال تعالى لنبيه : ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران:64]، وهذا معنى لا إله إلا الله.
أظن أنَّ العاميَّ إذا قيل له هذا المعنى فإنه سيفهمه ويفقهه ويتعلمه.
المقصود: أن نُعلمهم معنى: "لا إله إلا الله"، ومعنى: شهادة "أنَّ محمدًا رسول الله"، وما يحتاجون إليه في صلاتهم، وفي الصيام، والصيام أمره واضح وسهل ولله الحمد.
وما يتعلق بالزكاة، فمن لديه مال يحتاج إلى أن يتعلمها، وحتى من ليس لديه مال يكون لديه معرفة بوجوبها حتى إذا رزق مالاً يعرف كيف يزكي، ويعرف أركان الإيمان بالله -عز وجل- والإحسان، وما أشبه ذلك
النووي -رحمه الله- أكد على قضية مهمة جدًا انتشرت وعمت بين المسلمين من قرون، وهي مسألة: تعلم العقائد عن طريق أهل الكلام، فمن هم أهل الكلام هؤلاء؟ وما هي طريقتهم في العقائد؟
حذر الإمام النووي -رحمه الله- من طريقة أهل الكلام، وحذر منها كذلك كبار المتكلمين الذين دخلوا فيها وانتهوا إلى غايتها، فعرفوا منها أشياء قد لا يكون عرفها من لم يدخل في علم الكلام.
علم الكلام وإثبات العقائد بالطرق العقلية والنظريات الفلسفية، بعيد كل البعد عن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ، وهذا العلم نشأ أول ما نشأ بعد ترجمة الكتب اليونانية، واطلع كثير من المسلمين على هذه الكتب، وأرادوا التوفيق بينها وبين ما في الإسلام من العقائد، فنشأ هذا العلم مقتبس من فلسفة اليونان ومحاولة منهم للتوفيق، بين فلسفة اليونان وعلوم الشريعة؛ فنشأ ما يُسمى بعلوم الكلام.
ولهذا بالغ العلماء -رحمهم الله تعالى- في ذمِّه وذمِّ أهله، وذكر النووي عن الشافعي كلامًا في هذا، قال: "لأن يَلقَى اللَّهَ العَبدُ بكُلِّ ذَنْبٍ ما خَلا الشِّرْكَ باللهِ خَيرٌ من أن يَلقاهُ بشَيءٍ من هذه الأهواءِ"[11]. يلقى الله بكل ذنب -ما عدا الشرك طبعًا؛ لأنَّ الشرك أكبر ذنب- أهون وخير من أن يلقى الله بهذا العلم.
وقال -رحمه الله تعالى- في كلمة معروفة ومشهورة عنه: "حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على علم الكلام"[12]، وقصده بذلك تأديبهم، وإبعاد الناس عنهم وعن مسالكهم ومذاهبهم والتي أدت بهم في نهاية المطاف إلى الحيرة والقلق والاضطراب.
وقال بعض من دخل فيه -أي: في علم الكلام- من أهل العلم، كأبي المعالي الجويني، إمام الحرمين -رحمه الله-، قال: "لَقَدْ خُضْتُ الْبَحْرَ الْخِضَمَّ، وَخَلَّيْت أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَعُلُومَهُمْ، وَدَخَلْت فِي الَّذِي نَهَوْنِي عَنْهُ، وَالْآنَ إنْ لَمْ يُدْرِكْنِي رَبِّي بِرَحْمَتِهِ، فَالْوَيْلُ لِابْنِ الْجُوَيْنِيِّ، وَهَا أَنَا أَمُوتُ عَلَى عَقِيدَةِ أُمِّي"، وفي رواية: "وَهَا أَنَا أَمُوتُ عَلَى عَقَائِدِ عَجَائِزِ نَيْسَابُورَ" أي أنه يريد أن يموت على الفطرة، بعيدًا عن هذه الشبهات التي أثرت في قلب وعقل كل من تعرض لها.
والغزالي أيضًا -رحمه الله- دخل في هذا الأمر، وبلغ فيه غايته، واطلع على الفلسفة بقصد الرد على أهلها، وألَّف كتابًا في الرد على أهلها، وهو: "تهافت الفلاسفة"، ولكنه تأذى من هذا الأمر كثيرًا، وبقي في قلبه وذهنه أشياء أراد أن يتخلص منها، حتى قال تلميذه الحافظ أبو بكر بن العربي، الفقيه المالكي، والعالم المشهور، والمحدث صاحب عارضة الأحوذي في شرح سنن الترمذي، يقول: "بلع شيخنا أبو حامد الغزالي الفلسفة، وأراد أن يتقيأها فما استطاع".
ويقول النووي: وقد ألَّف -أي الغزالي- في آخر عمره كتابًا سماه: "إلجام العوام عن علم الكلام"، وقصده إبعاد الناس -كل الناس- عن هذا العلم؛ لأنه رأى أن هذا العلم نهايته -ولا قوة إلا بالله- شبهات تؤذي قلب صاحبها، ويتمنى أن لو يتخلص منها، وربما لا يستطيع.
إنما يُخاف من هذا العلم على من دخل فيه ولم يصل إلى غايته -كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-؛ لأنَّ من دخل في عافية، ومن وصل إلى غايته تبين له فساده وتركه، وقد تركه هؤلاء الأكارم حتى قيل: إنَّ البخاري قد مات وصحيح البخاري على صدره، فرجع -يا إخواني- إلى كتاب الله وسنة رسوله ، رجع إلى المصادر النقية، إلى العلوم التي تطمئن لها القلوب وترتاح لها النفوس.
واليوم يتعرض الناس -يا إخواني- إلى أمور وشبهات هي في حقيقتها حقيرة، لكنها عند الجاهل بها خطيرة بلا شك، يتعرض لها الأطفال، والصغار، والكبار، والنساء، والرجال، فإنها شبهة كما يقول أهل العلم: خطافة، يتعرض لها الإنسان وتخطف قلبه وعقله، وأصبحت تجلل في قلبه، وأصبح بها مريضًا، يتمنى أن لو يخرج منها أو تخرج منه، ولكنه لا يستطيع، وربنا -عز وجلَّ- في محكم التنزيل حذَّر من هذا الأمر، فقال -عز وجل-: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ [النساء:140]، وهو تعالى في هذه الآية يُحيلنا إلى آية في الأنعام، ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام:68]، ولعله أُشِيرَ إلى هذه المسألة في مناسبة قد مضت، ولكن الخطر منها -لا شك- على الناشئة في هذه الأزمنة كثير؛ لأنهم أصبحوا يتعرضون ويسمعون حوارات وأقوال، ثم يندفع إليها الشاب بتأثير من بعض الناس، يقول: أليس عندك ثقة بدينك! لدي والله ثقة بديني وبربي، ولثقتي بديني أخاف عليه خوفًا شديدًا، وأخاف عليه من هذه الشبهات، أن أتعرض لها، فإذا أُصبت بها، فما الطريق وما الوسيلة إلى العافية منها.
وإذا كان الإنسان قد أصيب في قلبه بمرض حسي، بحث عن كل دواء في كل مكان، فكيف إذا أصيب قلبه بشيء من هذه الأمراض الخطيرة، والتي فيها خسارة الدنيا والآخرة.
ابن القيم -رحمه الله- يصور لنا في أبيات له حالته قبل أن يلتقي بشيخه شيخ الإسلام وحالته بعدها، ويتكلم عن هذه الشبهات وعن خطرها وأضرارها حينما يقول:

فَانظُر تَرَى لَكِن نَرَى لَكَ تَركَهَا ... حَذَراً عَليكَ مَصَائِدَ الشَّيطَانِ
فَشِبَاكُهَا والله لَم يَعلَق بِهَا مِن .... ذِي جَنضاحٍ قَاصِرِ الطَّيرَانش
إلا رَأيتَ الطَّيرَ فِي قَفَصِ الرَّدى ... يَبكِي لَهُ نَوحٌ عَلَى الأغصَانِ

يقول: إن الإنسان الذي ليس عنده علم كالطائر الذي أُدخل في قفص، فهو يتمنى أن يخرج من قفصه ليطير مع الطيور، ولكنه لا يستطيع؛ لأنه قد أغلق عليه القفص، وكذلك الإنسان الذي ليس له جناح في العلم، وليس عنده قدرة، يتعرض لهذه الأمور فيبتلى بها ويتمنى الفكاك منها ولكنه لا يستطيع. يقول:

يا قوم والله العظيم نصيحة ... من مشفق وأخ لكم معوان
جربت هذا كله ووقعت في ... تلك الشباك وكن ذا طيران
حتى أتاح لي الإله بفضله ... من ليس تجزيه يدي ولساني
حبر أتى من أرض حران فيا ... أهلا بمن جاء من حران
أخذت يداه يدي وسار فلم ... يرم حتى أراني مطلع الإيمان

المقصود أنَّ الإنسان ينأى بنفسه عن هذا الأمر، فالعافية والسلامة لا يعدلها شيء.
وقد كررت هذا الموضوع أكثر من مرة لخطورته وأهميته في هذه الأزمنة، وأنَّ الناس صاروا يبتلون بها بلاءً شديدًا، وصار الصبية -يا إخوان- يجوبون العالم ويصنعون، ويرون كل ما في العالم، وهذه أمور وجدت في هذا الزمن وابتلي الناس بها، فطريق العافية منها البعد عنها، والإقبال على كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، كما ذكر الغزالي والجويني وغيرهما ممن ترك هذه الطرق وهذه الأساليب وأقبلوا على كتاب الله تعالى وسنة رسوله .
وللفخر الرازي -محمد بن عمر- صاحب "المحصول"، وصاحب "التفسير المشهور"، له دراية في هذا الأمر، دخل فيه وأصابه ما أصابه جراء تعرضه لمثل هذه الأمور، ثم سجل لنا تجربته في آخر أمره حين قال: "لقد تأملتُ الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية؛ فما رأيتُها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيتُ أقرب الطرق طريقة القرآن.
أقرأ في الإثبات: ﴿الرَّحمنُ عَلى العَرْش اسْتَوى﴾ [طه: ٥]، ﴿إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلمُ الطَّيِّبُ والعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠].
وأقرأ في النفي: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلمًا﴾ [طه: ١١٠]، ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي".
لا نريد أن نجرب يا إخوان، ولكن نريد أن نستفيد من تجارب غيرنا، فليقتصر الإنسان على الموردين العذبين والنهجين القويمين، كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ، فسيرى فيهما السعادة، والطمأنينة، والراحة، والعلم الذي يكفيه.
{قال -رحمه الله-: (فَرْعٌ. اخْتَلَفُوا فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ، وَأَخْبَارِهَا هَلْ يُخَاضُ فِيهَا بِالتَّأْوِيلِ أَمْ لَا؟)}.
مسألة الصفات تكلم فيها النووي -رحمه الله- وذكر أنَّ الناس انقسموا فيها إلى فريقين، وذلك حسب ما انتهى إليه علمه -رحمه الله-.
الفريق الأول: أهل التأويل الذين أولوا نصوص الصفات، وهؤلاء هم المتكلمون، الذين عرضوا نصوص الصفات على عقولهم، وتركوا كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، فنصوص القرآن يؤولونها، ونصوص السنة يردونها، ويقولون: هي أحاديث آحاد لا تُبنى عليها عقائد، والعقائد لا تُبنى على ظن، وما أشبه ذلك، ويبنونها على عقولهم، والعلماء اتفقوا على أنَّ العقول لا تفيد قطعًا، بل إن الواحد من الناس يقول اليوم كلامًا، وغدا يتراجع عنه ويقول كلامًا غيره.
طريقة هؤلاء تأويل الصفات وتحريفها كقولهم: ﴿الرَّحمنُ عَلى العَرْش اسْتَوى﴾ [طه: ٥]، بمعنى: استولى على العرش، وهذه الكلمة فيها من البشاعة في لفظها، وإذا قلنا: "استولى" فمن أين استولى عليه؟ ولا قوة إلا بالله.
لَمَّا سُئل مالك بن أنس عن "الاستواء"، لَمَّا كثر القيل والقال والكلام، قيل له: يا أبا عبد الرحمن، ﴿الرَّحمنُ عَلى العَرْش اسْتَوى﴾ ، كيف استوى؟ فأطرق مالك وسكت مليًا، ثم علته الرحضاء، أي: العرق.
قد يقول قائل: لأنه أُحرج ولا يعرف الجواب، نقول: لا، هؤلاء لا يُحرجون، إن عرفوا الجواب أتوا به، وإلا قالوا: لا ندري ولا يعبئون بما يقوله الناس. فهم في جانب الصدق مع الله -عز وجل-.
قال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء". ثم أمر به فأخرج. وكان الإمام مالك حازمًا قويًا -رحمه الله تعالى-.
لماذا أخرجه الإمام مالك؟
أخرجه تأديبًا له ولغيره أن يتجاسروا على مثل هذا السؤال، فهم سألوا وسألو وخاضوا في كل شيء، حتى وصلوا إلى ذات الرب -عز وجل-، فأرادوا أن يسألوا عن كيفية صفاته.
المقصود أنَّ هذه الطريقة -طريقة المتأولة- وهي طريقة بعيدة كل البعد عن كتاب الله تعالى، وعن سنة رسوله ، وقد حذر السلف منها ومن انتهاجها.
{قال -رحمه الله-: (فَقَالَ قَائِلُونَ: تُتَأَوَّلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا، وَهَذَا أَشْهَرُ الْمَذْهَبَيْنِ لِلْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا تُتَأَوَّلُ بَلْ يُمْسِكُ عَنْ الْكَلَامِ فِي مَعْنَاهَا، وَيُوكَلُ عِلْمُهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَعْتَقِدُ مَعَ ذَلِكَ تَنْزِيهَ اللَّهِ تَعَالَى)}.
هذا الكلام الذي ذكره النووي -رحمه الله- وعزاه إلى السلف ليس من طريقة السلف كما حقق ذلك المحققون، كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وغيرهما من علماء السلف، وهذه الطريقة التي ذكرها -رحمه الله- هي طريقة من يعرفون بأهل التفويض، وهم الذين يفوضون العلم بصفات الرب إلى الله -عز وجل-، ولكن يلزم على قولهم لوازم خطيرة، وهي نسبة الأمة بدءًا من سيدها وسيد الأولين والآخرين ونهاية إلى علمائها بالجهل بهذه الصفات، وأنهم يتكلمون بنصوص لا يعقلون معناها، وأنَّ كتاب الله -عز وجل- لم يُبين هذا الأمر، وهو أمر كبير وعظيم، أمر صفات الرب.
أسماؤه الحسنى وصفاته العُلا، إن لم يبينها كتاب الله -عز وجل- فمن الذي يبينها؟! وإن لم يبينها النبي فمن الذي يبينها؟!
ربنا -عز وجل- يقول عن كتاب العظيم: ﴿هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:138]، ويقول: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة:16-19]، وكذلك يقول الله في كتابه: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة:187]، وقوله: ﴿وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة:221]، وقوله: ﴿كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:242]، وقوله: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة:266].
تُرى هل يُبين الآيات في أمور الحلال والحرام، أو في أمور المواريث والطلاق وما أشبه ذلك، ويترك ما يتعلق بأسمائه وصفاته، والتي بها يعرف، وبها يعظم، وبها يعبد؟!
لا يمكن أن يقال: إن هذه النصوص مجهولة، وأنه لا يُعقل لها معنى! بل هي معقولة المعنى معروفة وواضحة وبينة، وتأملوا كلام مالك، وهذا الكلام ينسب إليه، وينسب إلى شيخه ربيعة بن عبد الرحمن أيضًا المعروف بربيعة الرأي، وينسب كذلك إلى أمِّ سلمة -رضي الله عنها وأرضاها-، فتأملوا في الكلام تجدون المنهج السليم، ونأخذ منهج السلف -رحمهم الله- من كلامهم.
يقول مالك لَمَّا سُئل: الاستواء غير مجهول، أي: غير مجهول المعنى، ونحن عرب، وقد خاطبنا الله -جل وعلا- وقد بين أنه استوى على عرشه في سبع آيات في محكم التنزيل، والقرآن كما ذكر ربنا -عز وجل-: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء:195]، ولا نعرف من لغتنا في الاستواء إلا العلو والارتفاع، كما قال: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ [الزخرف:13]، وقال: ﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾ [هود:44]، أي: علت وارتفعت، وهذا معناه في اللغة العربية.
ومعنى الاستواء الذي خاطبنا ربنا به وأخبرنا عنه هو علوه على عرشه، علوًا يليق بجلاله وعظمته، ولَمَّا نُفيت هذه الصفة؛ أضاع من ينفيها فلا يدري أين ربه؟! حتى قال محمود بن سُبُكْتِكِيْن الغزنوي -رحمه الله تعالى- لابن فورك: أين ربك؟ فقال كلامًا معروفًا عندهم، قال: لا داخل العالم ور خارج العالم، فقال: لو أردنا وصفًا للعدم ما وجدنا أحسن من هذا!
وكلامهم هذا يؤدي -عياذًا بالله- إلى أمور كبيرة وخطيرة، فالسير على هذا النهج -إثبات ألفاظ الصفات وإثبات معانيها اللائقة بجلال الله -عز وجل-، والكف عن الكيفيات، لهذا قال مالك -رحمه الله-: والكيف غير معقول، أي لا ندري كيفية صفات ربنا -عز وجل-؛ لأنَّ هذا غيب لا يعلمه إلا هو سبحانه وبحمده، فكلامه -رحمه الله- واضح، وعبارته هذه هي منهج السلف -رحمهم الله تعالى-.
وفقنا الله وإياكم إلى العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إليه، ورزقنا وإياكم البصيرة في الدين، والإخلاص في القول والعمل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
{أحسن الله إليكم شيخنا المبارك، ونفع الله بكم، وزادكم من فضله، ورضي عنكم.
والشكر موصول لكم مشاهدينا الكريم على طيب وحسن المتابعة، نلتقي بكم -بعون الله تبارك وتعالى- في اللقاءات القادمة.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
------------------------
[1] رواه مسلم (1905).
[2] أخرجه أبو داود (3664)، وابن ماجه (252)، وأحمد (8457).
[3] أخرجه مسلم (2985).
[4] أخرجه البخاري (79)، ومسلم (2282).
[5] أخرجه البخاري (71)، ومسلم (1037).
[6] أخرجه البخاري (6502).
[7] أخرجه أبو داود (4943)، والترمذي (1920)، وأحمد (6733).
[8] رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4843).
[9] أخرجه ابن ماجه (224)، والبزار (6746)، وأبو يعلى (2837).
[10] أخرجه البخاري (50) واللفظ له، ومسلم (9).
[11] يُنظر: مناقب الشافعي للبيهقي (1/452).
[12] مناقب الشافعي ج1ص462.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك