الدرس العاشر

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

7812 10
الدرس العاشر

آداب المشي إلى الصلاة (1)

{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في درسٍ مبارك جديد من دروس آداب المشي إلى الصَّلاة، ضيف هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بسماحة الشيخ صالح}.
حياكم الله وبارك فيكم.
{بَعَثَ بعض الإخوة والأخوات الذين يتابعون هذه الدروس بعض الأسئلة التي تتعلق بالدروس السابقة، منها:
يقول أحدهم: قال ابن القيم -رحمه الله: "ولم يكن مِن هَديه قراءة السور القصيرة ولا قراءة السورة في الركعتين}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قول الإمام ابن القيم -رحمه الله: ولم يكن مِن هَديه، أي: لم يكن من سنته وعادته، قراءة السورة القصيرة، ولكنَّه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ السورة فإن شَاء أكملها، وإن شاء قَسَمَهَا على الركعتين، وإن شاء اقتصر على ما يَقرأ مِن أولها، ولم يكن مِن هَديه أنَّه يبدأ مِن وَسط السورة، إلا مَا جاء مِن أنَّه صلى الله عليه وسلم في راتبة الفجر كان يقرأ: ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ... ﴾ [البقرة: 136]، وفي الركعة الثانية ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ [آل عمران: 36]؛ لأنَّ هاتين الايتين تضمنتا تَوحيد الربوبية في آية البقرة، وتوحيد الألوهية في آية آل عمران.
 
{أحسن الله إليكم.
فضيلة الشيخ هل ورد قراءة سورة الزلزلة في صلاة الفجر؟}.
نعم وقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان.
 
{شيخ صالح يَعتب بعض النَّاس مِن المأمومين على إمامهم في المسجد ويحتجون بحديث معاذ[54] في ذلك.ما رأيكم بذلك؟}
لا نَدري مَا مَدى تَطويل هذا الإمام، فإن كان يُطّول إِطالة تَشق عليهم؛ فإنَّ هذا ليس مِنَ السنة، والنَّبي صلى الله عليه وسلم أَنْكَرَ على معاذٍ قراءته لسورة البقرة في صلاة العشاء لأصحابه، وقال: «يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ» يعني: تُريد أن تَفتن النَّاس، وفيه استنكار لهذه القراءة الطويلة.
 
{ما حكم الاستمرار على قراءة سورة الإنسان في فجر يوم الجمعة؟}.
ليس هذا مِنَ السنة، والسُّنة أن يقرأ في صلاة الفجر من يوم الجمعة أن يقرأ في الركعة الأولى بـ: ﴿ الم ﴾ السجدة، وأن يقرأ في الثانية بـ ﴿هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ﴾ ويكمِلَهَا، ولا يقرأ بعضًا من السورة ولا يُكملها.
 
{شيخ صالح ما هي المواضع التي يرفع فيها المأمو يديه مع التكبير في الصلاة؟}
يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام، ومع تكبيرة الركوع، وعند الرفع مِنَ الركوع، هذه ثلاثة مواضع، والموضع الرابع: إذا قام من التشهد الأول.
 
 
{الركوع المجزئ ما مقداره وما حده؟}
إذا وصلت يداه إلى ركبتيه، وقال: "سبحان ربي العظيم" ولو مرة واحدة فإن هذا هو المجزئ والأكمل ثلاث تسبيحات.
 
{مَا مَعنى سُبوح قُدوس رَبُّ الملائكة والروح؟}
سُبوح مِنَ التسبيح والتقديس، فإنَّ الله مُسَبَّح أي: مُنزه عن النقائض والعيوب. وكذلك قدوس من التقديس وهو التطهير.
ربُّ الملائكة جمع مَلك، كل الملائكة هُم خَلق مِن خَلق الله، خَلَقَهُم اللهُ لتنفيذ أَوَامِره في الكَون، وَمِنُهم الملائكة المُوكلون بحفظ بني آدم وهم المعقبات، قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ [الرعد:11]، وَمِنهم مَلائكة الحَفَظَة الذين يُحصون على العبد أعماله ويكتبونها، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 10- 12]، وقوله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18]، فالرقيب يَكتب الحسنات، والعتيد يكتب السيئات عَنْ يَساره.
 
{إِذَا دَخَلَ المأموم وكان الإمام راكعًا، ولمَّا كَبَّرَ تكبيرة الإحرام رَفَعَ الإمامُ، هل يُعتد بها؟}
إَذا لم تَصل يَداه إلى رُكبتيه راكعًا قَبْلَ رَفعِ الإمام، فقد فاتته الركعة.
 
{مِنْ عَجلة بَعض النَّاس أنَّه يُكَبر تَكبيرة الإحرام وقَد حَنى ظَهره خَوفًا مِن أنْ يَرفَعَ الإمامُ مِن الرُّكوع}.
لا تُجزئه هَذه التكبيرة؛ لأنَّ تكبيرة الإحرام لابد أن يَأتي بها قائمًا مُعتدلاً ثُمَّ يَركع.
 
{نلاحظ بعض الأئمة يقول: "سمع الله لمن حمده إذا استتم قائمًا"، وهذا خلاف الهدي النَّبَوي، لعل هناك توجيه في ذلك؟}
سمع الله لمن حمده تقال للانتقال مِنَ الرُّكوع إلى القِيام، وتكون بين الركنين، أي: بين ركن الرُّكوع، وبين رُكن القيام، وكذلك تكبيرات الانتقال كلها تَكون بَين الرُّكنين، ولا يُؤخِرُها إلى أن يَدخُلَ في الرُّكن الثاني.
 
{مَا حُكمُ السُّجود عَلى الغُترة؟}
لا بأس بذلك خُصوصًا إذا كان هناك مَا يُؤذيه مِن حَرارة  أو شَوك، وكانَ الصَّحابةُ -رضوان الله تعالى عليهم- يُصلونَ مَعَ النَّبي الظهر فإذَا لم يَستطع أحدهم وَضعَ جَبهته على الأرضِ مِن حَرارة الأرضِ يَضَعُونَ عَمَائموهم وَيَسجدون عَليها.
 
{مَا حُكمُ سُجُود الإنسانِ عَلى بَعض الأعضاء دون بعض؟}
لا يجوز هذا، ولا تُجزئ السَّجدة إِذا سَجَدَ عَلى بَعض أعضائه السَّبعة؛ لأنَّ السُّجودَ يَكون عَلى سَبْعة أَعضاء، ولابُد للأعضاء أن تَكونَ على المُصَلَّى مُبَاشَرةً، الجبهة ويتبعها الأنف، واليدان والركبتان وأطراف القدمين، لابد لها كُلها أن تُباشر المُصَلَّى.
 
{نعود للدرس سماحة الشيخ.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
{(ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الصَّلاةُ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وعلى آلِ إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وعلى آل إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)}.
هذا هو التشهد الأول، والتشهد الأخير يُضاف له الصَّلاة الإبراهيمية قبل السَّلام إن كانت الصلاة ثنائية.
وإن كانت الصَّلاة ثلاثية كالمغرب أو رباعية؛ فإنَّه إن قال: وأشهد أنَّ محمدًا عَبده ورسوله يقف على هذا ويقوم للركعة الثالثة.
 
{(وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا وَرَدَ. وَآلُ مُحَمَّدٍ أَهْلُ بَيْتِهِ)}.
نَعم وَرَدَت عَن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنواع مِنَ التَّشهدات فبأي منها تَشَهَّدَ مِمَا وَرَدَ عَن النَّبي صلى الله عليه وسلم أَجْزَأَهُ ذلك.
 
{(وَقَوْلُهُ: التَّحِيَّاتُ، أَيْ: جَمِيعُ التَّحِيَّاتِ للهِ تَعَالَى اسْتِحْقَاقًا وَمِلْكً)}.
التَّحيَّات: أي جميع التَّعظيمات لله مِلكا واستحقاقًا، فهو المُستحق للتعظيم سبحانه وتعالى، فالتعظيم المُطلق لا يَستَحِقُه إلا الله -عَزَّ وَجَلَّ.
 
{(وَالصَّلَوَاتُ: أي: الدَّعَوَاتُ)}
والصَّلوات لله يعني: الدعوات لله، فلا يُدعى إلا الله سبحانه وتعالى؛ لأنَّ «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»[55] كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فالصَّلوات يَعني: جميع الدعوات لله، فهو الذي يُدعى ويُستغاث به -سبحانه وتعالى- دون غَيره.
 
وَالطَّيِّبَاتُ: أي: الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ.
والطَّيبات: هي الأعمال الصالحة، وكلها لله -عَزَّ وَجَلَّ- ولا يجوز العَمَل الذي هو مِن أَعمال العِبادة لغير الله -عَزَّ وَجَلَّ.
 
{(فَاللهُ سُبْحَانَهُ يُحَيَّا وَلا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ السَّلاَمَ دُعَاءٌ)}
كانَ الصَّحابة -رِضوان الله تعالى عليهم- يقولون: السَّلام عَلى الله مِن عِباده، السَّلام عَلينا وعلى عِباد الله الصَّالحين، فقال لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله هُو السَّلام، ولكن قولوا التَّحيات لله والطَّيبات والصَّلوات إلى آخره[56].
الله -عَزَّ وَجَلَّ- يُحَيَّا ولا يُسَلم عَليه؛ لأنَّه هُو السَّلام سُبحانه وتَعَالى؛ لأنَّ السَّلام دُعاء، والله جَلَّ وَعَلا يُدْعَى وَلا يُدْعَى لَه.
 
{(وَتَجُوزُ الصَّلاةُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْفَرِدًا، إِذَا لَمْ يَكْثُرْ وَلَمْ تُتَّخَذْ شِعَارًا لِبَعْضِ النَّاسِ أَوْ يُقْصَدُ بِهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ دُونَ بَعْضٍ)}.
نعم يجوز الصَّلاة عَلى غَير النَّبي صلى الله عليه وسلم بمعنى الدُّعاء لَه بِلفظ الصَّلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»[57]. فيجوز مَا لم يُتخذ شِعارًا كَمَا تَفعله الرَّافضة مَعَ عَلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأهل البيت، فإن اتُخِذَ شِعَارًا لبعضِ النَّاس دُونَ بَعض فإنَّ هَذا لا يَجوز.
 
{(وَتُسَنُّ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الصَّلاةِ وَتَتَأَكَّدُ تَأْكِيدًا كَثِيرًا عِنْدَ ذِكْرِهِ وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَ)}.
يُصَلَّى عَلى النَّبي صلى الله عليه وسلم وَيُسَلَّمُ عَليه كثيرًا في غَير الصَّلاة، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً﴾ [الأحزاب: 56].
فيكثرُ مِنَ الصَّلاةِ والسَّلامِ على النَّبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في ليلةِ الجُمُعة وَيَوم الجمعة.
 
{(وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)}.
نعم قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: استعيذوا بالله من أربع، يعني: في آخِرِ الصَّلاة، تقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ»[58]
والفتنة تكون في الابتلاء والاختبار، والانسان يُبْتَلى في حَياته ويُبْتَلى في قَبْرِه وَيُبْتَلَى عِندَ بَعثه؛ وَلِذَا فَعَلَيه أن يُكثر مِن هَذا الدُّعَاء.
 
{(وَإِنْ دَعَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ فَحَسَنٌ)}.
وإن دعى بغير مما ورد وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فحسن.
 
{(لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ»[59])}
هذا هو الدليل وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ يَتَخَيَّرُ» أي: بعد أن يأتي بالتشهد الأخير مِنَ الدُّعَاءِ.
«أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ»، يعني: مما ثَبَتَ عَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وقد ثَبَتَ عَنه صلى الله عليه وسلم أدعية كَثيرة ولا سيما في التَّشهد الأخير.
 
{(وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ)}.
نعم يَجُوزُ الدُّعاءُ ولكن الأصل أن يكونَ الدُّعاء للمسلمين عُمومًا في الصَّلاة ويجوز أن يَدعو لمُعَين ممن مَسَّه الضُّر أو مَسَّه عَذاب مِنَ الكُفار فيدعو له أن يُفرج اللهُ عَنه كما كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته للمُستَضعَفين مِنَ المُسلمين بمكة[60].
 
{(ثُمَّ يُسَلِّمُ وَهُوَ جَالِسٌ مُبْتَدِئٌ عَنْ يَمِينِهِ قَائِلاً: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ كَذَلِكَ)}.
ثُمَّ إِذا فَرَغَ مِن التَّشهد الأخير يُسلم ويقول: السَّلام عَليكم ورحمة الله عَنْ يَمينه وَعَن شِماله، ولا يَقومُ للسَّلام وإنَّما يُسلم وهُو جَالس على هيئته في التَّشهد.
 
{(وَالِالْتِفَاتُ سُنَّةٌ، وَيَكُونُ عَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ؛ بِحَيْثُ يُرَى خَدُّهُ)}
السَّلام لابدَّ مِنه؛ لأنَّه رُكن مِن أَركان الصَّلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»[61] فالسَّلام رُكن مِن أَركان الصَّلاة، لا يَتركه المُصلي، وَيسَلِّمُ عَن يمينه وعن شماله، ويُستحبُ له أن يَلتَفِت إَذا سَلَّمَ، أي: مع السَّلام يَلتفت عَن يَمينه وعَن يَساره ويكون عَن يَساره أكثر التفَاتًا؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم كانَ يَلتفتُ عَن يَساره حَتى يَرَى مَنْ وَرَاءه مِن صَحابته بَيَاضَ خَدِّه صلى الله عليه وسلم.
 
{سماحة الشيخ: عبارة بحيث يرى خده بعد التسليم؟}
أثناء التَّسليم وَليسَ بَعدَ التَّسليم، فأثناء التَّسليم يَلتفت وَيُبَالغ في التفاته بِحيث يَرىَ مَنْ خَلفَه خَدَّه صلى الله عليه وسلم.
 
{شَكَرَ اللهُ لكم سماحة الشيخ صالح، وبارك الله فيكم وفي عِلمِكم وَنَفَعَ بِكم الأمة الاسلامية على تَفَضلكم بِشَرح هَذه الدُّروس المُفيدة مِن دُروس آداب المشي إلى الصَّلاة.
شكرًا لكم كذلك أَيُّها السَّادة عَلى مُتَابَعَتكم وعلى ملحوظاتكم.
نستقبل الأسئلة والاستفسارت في هذا البرنامج على الدروس السَّابقة.
شكرًا لفريق العمل والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
--------------------------
[54] أخرجه مسلم عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَأْتِي فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى قَوْمَهُ فَأَمَّهُمْ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَانْحَرَفَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ وَانْصَرَفَ، فَقَالُوا لَهُ: أَنَافَقْتَ يَا فُلَانُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ. وَلَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأُخْبِرَنَّهُ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أَصْحَابُ نَوَاضِحَ نَعْمَلُ بِالنَّهَارِ، وَإِنَّ مُعَاذًا صَلَّى مَعَكَ الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَى فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ اقْرَأْ بِكَذَا وَاقْرَأْ بِكَذَا" قَالَ سُفْيَانُ فَقُلْتُ لِعَمْرٍو إِنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ اقْرَأْ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، فَقَالَ عَمْرٌو نَحْوَ هَذَا.
[55] أخرجه أحمد 4/ 267، 271، وأبو داود 2/ 76 (1479)، والترمذي 5/ 211 (2969)، والنسائي في الكبرى 6/ 450 (11464)، وابن ماجه 2/ 1258 (3828)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1329) عن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدعاء هو العبادة"، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60]
[56] أخرجه البخاري عنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْكَلَامِ مَا شَاءَ.
[57] أخرجه مسلم َعن عبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ"، فَأَتَاهُ أَبِي أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى"
[58] مسلم (588) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ".
وفي رواية عند مسلم (590) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ".
[59] البخاري (835) ومسلم (402)
[60] البخاري ومسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى صَلاَةِ الفجر شَهْرًا، يَقُولُ فِى قُنُوتِهِ: "اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِى رَبِيعَةَ... اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"، ثم يستمر في دعائه فيقول: "اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى قريش، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِىِّ يُوسُفَ"
[61] الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي عَنْ أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ".

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك