{بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر
المحجلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في لقاءٍ متجددٍ، وفي درسٍ من دروس التوحيد للإمام
المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ضيف هذا الدرس هو فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو
اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلاً ومرحبًا بالشيخ صالح في هذا الدرس}.
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (بَابٌ لاَ يُسْأَلُ بَوَجْهِ اللهِ إِلاَّ
الْجَنَّةُ)}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ،
وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا الباب فيه تعظيم وجه الله -سبحانه وتعالى، فإنَّ من تعظيمه ألا يُسأل به الشيء
الحقير، ومطامع الدنيا، وإنما يُسأل به الجنة، وهي أعلى المطالب، فهذا من إجلال
الله -عزَّ وجلَّ، ألا يُسأل بوجهه شيءٌ من مطامع الدنيا؛ لأن الدنيا حقيرةٌ، وإنما
يُسأل به أعلى المطالب، وهو الجنة.
{(عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُسْأَلُ
بَوَجْهِ اللهِ إِلاَّ الْجَنَّةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)}.
نعم، هذا فيه النهي عن أن يُسأل بوجه الله شيءٌ من مطامع الدنيا؛ لأن وجه الله
-سبحانه وتعالى- عظيمٌ، فلا يُسأل به الشيء الحقير، وهو الشيء الذي هو مِن مطامع
الدنيا، وإنما يُسأل به أعلى المطالب وهو الجنة، الجنة هي أعلى المطالب للمسلمين،
فهذا من إجلال الله -جلَّ وعلَا- وتعظيمه.
{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (هذا الباب فِيهِ مَسَائِلُ: الأُولَى: النَّهْيُ
عَنْ أَنْ يُسْأَلَ بِوَجْهِ اللهِ إِلاَّ غَايَةُ الْمَطَالِبِ)}.
نعم، هذا واضحٌ من الحديث، لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة، والجنة هي غاية المطالب،
لا طلب أغلى من الجنة، وهي عظيمةٌ، ووجه الله -جلَّ وعلَا- عظيمٌ، فلا يُسأل به إلا
شيءٌ عظيمٌ.
{(الثَّانِيةُ: إِثْبَاتُ صِفَةِ الْوَجْهِ)}.
إثبات الوجه لله -عزَّ وجلَّ، وهو ثابتٌ، وهو -أي: الوجه- "صفةٌ ذاتيةٌ" من صفات
الله الذاتية، فله -سبحانه- "وجهٌ"، وله -سبحانه- "يدان"، وله -جلَّ وعلا- "عينان"،
لكنها ليست كصفات المخلوقين، وإنما هي صفاتٌ لائقةٌ بالله -جلَّ وعلَا- وعظمته.
{يا شيخ، في هذا الباب الحقيقة نود أن نسأل ونقول: مَا مناسبة الباب لكتاب التوحيد
يا شيخ صالح؟}.
مناسبة الباب فيه إثبات الوجه لله -عزَّ وجلَّ، وهذا من توحيد الصفات، وفيه تعظيم
الله -جلَّ وعلَا، وتعظيم صفاته الذاتية والصفات المعنوية، أنها تُعظَّم، وتُجَل من
أن يُطلب بها شيءٌ حقيرٌ من مطامع الدنيا.
{أحسن الله إليكم، يا شيخ، عبارة "يا وجه الله" وما شابهها، ما حكمها؟}.
هذا من كلام الجهّال والعوام، ولا يجوز هذا، أي: لا يجوز أن تُنادى الصفة، يا وجه
الله، يا يد الله، يا كذا، يُنادى الله -سبحانه وتعالى ويُدعى ويتوسل إليه بأسمائه
وصفاته ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَ﴾ [الأعراف: 180]، أي:
توسلوا إليَّ بها، تقول: يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا تواب تُب عليَّ، يا
رزاق ارزقني، وما أشبه ذلك.
{يا شيخ صالح، ما مذهب أهل السنة والجماعة في وجه الله؟}.
إثباته كما جاء، أن لله وجهًا لا يُشبه الوجوه، وله صفاتٌ لا تُشبه الصفات، وإن
كانت أسماؤها موجودةً في المخلوقين، إلا أنه لا تَشابه بين صفات الخالق وصفات
المخلوقين إلا في اللفظ فقط، أو في اللفظ والمعنى، وأما الحقيقة والكيفية، فلا
يعلمها إلا الله سبحانه، ولا تقاس ولا تشبه بصفات المخلوقين.
{يا شيخ صالح، الذين يؤولون الصفات، ما حكم ذلك؟}.
هذا كلامٌ باطلٌ ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ﴾ هذا من الإلحاد في أسماء الله
وصفاته، ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ [الأعراف: 180] ومن الإلحاد فيها: نفيها، أو تحريفها
وصرفها عن ظاهرها بالتأويل، أو تسمية المخلوقين بها على وجه المشابهة.
{أحسن الله إليكم، نختم هذا الدرس بسؤالٍ، ونرجو أن تفيضوا فيه، وهو: في وقتنا
الحاضر، ما واجب العلماء والدعاة والخطباء في بيان كمال التوحيد؟}.
لاشك أنَّ رأس الدعوة، هو التوحيد، الشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة
أنَّ محمدًا عبده ورسوله، والتوحيد بأنواعه الثلاثة. وأنواعه هي:
- توحيد الربوبية، وهذا موجودٌ حتى عند الكفار، لكنه لا يكفي.
- توحيد الألوهية، وهذا هو المطلوب، وهو الذي جاءت الرسل -عليهم الصلاة والسلام-
بالدعوة إليه.
- توحيد الأسماء والصفات، وفي هذا ردٌّ على الذين يُلحدون في أسمائه وصفاته من:
"الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية" ففيه ردٌّ عليهم، وبيانٌّ لتحريفهم
لها، وتأويلهم لها على غير ما تدل عليه.
{شكر الله لكم، وبارك فيكم وفي علمكم يا شيخ صالح، وجزاكم الله عنا وعن أمة الإسلام
خير الجزاء، على ما شرحتم وأفضتم في كتاب التوحيد، للإمام المجدد محمد بن عبد
الوهاب -رحمه الله.
كان معنا الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة
للإفتاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.