الدرس الثالث

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

6532 11
الدرس الثالث

كتاب التوحيد (2)

{بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم أيها الإخوة والأخوات في درسٍ من دُروس التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ضيف هذا الدرس هو فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلًا ومرحبًا بالشيخ صالح في هذا الدرس.}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.

{قال المؤلف -رحمه الله تعالى: (بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَتَغْيِيرِ الاِسْمِ لأِجْلِ ذَلِكَ)}
بسم الله الرحمن الرحيم ...
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال -رحمه الله: باب احترام أسماء الله، احترام، أي: توقير وتعظيم أسماء الله -سبحانه وتعالى؛ لأن الله -جلَّ وعلَا- قال: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى﴾ [الأعراف:180]، فهي أسماءٌ حُسنى، طيبةٌ، محمودةٌ، فلا يجوز أن تُمتهن.
وذلك بأن يُسمي بها بعض المخلوقين، فإذا سُمى بها بعض المخلوقين فإنها تُغيَّر كما يأتي في هذا الباب.
{(عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ: أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ»
فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ.
فَقَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟»
قُلْتُ: شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللهِ.
قَالَ: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟»
قُلْتُ: شُرَيْحٌ.
قَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ)
}
في هذا الحديث أنَّ رجلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يُكنى أبا الحَكَم، فالنبي صلى الله عليه وسلم استنكر هذا، فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ»، فالرجل بيَّن للرسول -صلى الله عليه وسلم- سبب هذه التسمية، وهذه الكُنية، أن قومه إذا اختلفوا في شيءٍ وتخاصموا في شيءٍ، جاءوا إليه فأصلح بينهم، بتراضي الطرفين، والصلح خيرٌ كما قال الله -جلَّ وعلَا: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: 1].
الصُّلح وهو تسوية النزاع برضا الطرفين أمرٌ جائزٌ، إذا كان من باب الصلح، أما إذا كان من باب الحكم الشرعي بين الخَصميْن؛ فإنه يجب التسليم له، ولو كان الإنسان لم يرضَ بذلك، لكنه يسلِّم للحكم الشرعي.
فهذا فيه فضل الإصلاح بين الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له الرجل: إن قومي إذا اختصموا في شيءٍ أتوني، فيصلح بينهم، قال: «مَا أَحْسَنَ هَذَ» هذا ثناءٌ من الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا العمل وهو الإصلاح بين الناس، ﴿لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيم﴾ [النساء: 114].
«مَا أَحْسَنَ هَذَ»، ثم قال: «فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟»، فعد له: شريح ومسلم وعبد الله، فقال: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟»، قال: شريح، قال: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»، أي: بدَل أبا الحَكَم.
دَلَّ هذا على أنَّ الكُنية تكون بأكبر الأولاد، يُكْنى بأكبر أولاده. «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟»، وأنه لا يُكْنى بشيءٍ فيه امتهانٌ لاسم الله -سبحانه وتعالى.

{قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الباب عدة مسائل، من هذه المسائل: (الأُولَى: احْتِرَامُ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُقْصَدْ مَعْنَاهُ)}.
في هذا احترام أسماء الله وصفاته؛ لأن الله -جلَّ وعلَا- قال: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف:180]، فهي أسماءٌ حسنى، وصفاتٌ عليا تُحترم، كما أنَّ الله -جلَّ وعلَا- يُجلُّ ويُعظَّم، وكذلك أسماؤه وصفاته، تُجلُّ وتُعظَّم.

{(الثَّانِيَةُ: تَغْيِيرُ الاِسْمِ لأِجْلِ ذَلِكَ)}.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- غيَّر كنية هذا الرجل، من أبي الحكم إلى أبي شريح، ففيه تغيير الاسم من أجل تعظيم أسماء الله -سبحانه، فإذا كان هناك اسمٌ امتُهن بين الناس من أسماء الله، فإنه يجب تغييره وتعظيمه، واستبداله بما يصلح بين الناس.

{(الثَّالِثَةُ: اخْتِيَارُ أَكْبَرِ الأَبْنَاءِ لِلْكُنْيَةِ)}.
أنَّ الرجل يُكْنى بأكبر أولاده، لا بأصغرهم، ولا بأوسطهم؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟»
قَالَ: شُرَيْحٌ، فقَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»

{في وقتنا الحاضر بعض الآباء قد يختار لأبنائه أو بناته بعض الأسماء التي قد لا تكون لائقةً عندما يكبروا}.
مثل؟
{من الأسماء الغربية وغيرها}.
أسماء الكفار الخاصة بهم، لا نتسمى بها، أمَّا الأسماء المشتركة فلا بأس بذلك، إذا لم تتضمن معنى مكروهًا أو محرمًا.

{تسمية الأب عندما يُقال: أبو ليلى، أو أبو هند}.
لا بأس بذلك، من الصحابة رجل يُقال له: أبو رقية، تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- أبو رقية.

{فضيلة الشيخ ذكرتم فضل العلم، وفضل التزود بالعلم الشرعي، ما الأسباب المعينة على احترام الأسماء، أسماء الله وصفاته؟}.
أعظم الأسباب هو العلم؛ لأن عدم تعظيم أسماء الله نتيجةً للجهل، قد يكون نتيجةً للإلحاد، لكن الغالب أنه نتيجةٌ للجهل، فالجهل داءٌ قاتلٌ، كما في الحكمة، والعلم نورٌ وبرهانٌ، المسلم يمشي على علمٍ، وهذا يدل على أن أمور العقيدة، لابد من تعلُّمها، ما يكفي فيها التقليد والجري على العادات، وإنما العقيدة تؤخذ من الكتاب والسنة، ومن مدونات السلف الصالح، ولا يمشي الإنسان على العادات والتقاليد، أو يبقى على جهله.

{شكر الله لكم شيخ صالح، على ما بينتم لنا في هذا الدرس المبارك، من دروس التوحيد، للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله، شكرًا لكم أنتم أيها السادة على متابعتكم هذه الدروس، يتجدد اللقاء -إن شاء الله- في الدرس القادم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك