الدرس التاسع

معالي الشيخ أ.د. سعد بن ناصر الشثري

إحصائية السلسلة

10874 11
الدرس التاسع

مقاصد الشريعة

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أفضلِ الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فهذا هو اللِّقاءُ التَّاسعُ من لِقاءاتنا في مدارسة المقاصد الكليَّة للشَّريعة المباركة -شريعة الإسلام- وتدارسنا عددًا مِن تلك المقاصد في لِقاءاتنا السَّابقة، واليوم بإذن الله -عزَّ وجلَّ- نتدارس مقصدًا آخرًا، ألا وهو: وجود النَّصيحة وشيوعها في الأمَّة.
فمن مقاصد الشَّرع: أن يوجد تناصحٌ في الأمَّة. وليس المراد بالنَّصيحة مجرد الوصيَّة؛ بل إنَّ معنى النَّصيحة أعم من ذلك بكثيرٍ، فالنَّصيحة يُراد بها الإتقان مع الصِّدق. يُقال: نصح فلانٌ لفلانٍ، أي: صَدَقَهُ وأتقنَ في عمله معه.
وبعض أهل العلم قال: إنَّ النَّصيحة هي قيام النَّاصح للمنصوح له بوجوه الخيرِ، وبذلك نعلم أنَّ النَّصيحة تُقابل الغشَّ والخَديعةَ.
فعندما تُؤدي عملًا لغيرك وتُتقنه تكون قد نصحتَ له، ولهذا قيل: هناك نصيحةٌ لله، وليس المراد بها إيصال الحقِّ، فالله -عزَّ وجلَّ- عالِمٌ بالحقِّ، لكن المراد: أن يتقن الإنسان في عمله وأن يبتعد عن الغشِّ والتَّدليسِ فيه.
قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: 91].
ومثل هذا في قول أخت موسى -عليه السَّلام- حينما أَلقت أم موسى موسى في اليَّم فالتقطه آل فرعون، فحزنت عليه أمه، فحينئذٍ قالت لأختيه: ﴿قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المَرَاضِعَ﴾ [القصص: 11، 12]، أي امتنع أن يَرضع من النِّساء اللاتي عُرضن عليه، فقالت أخته: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: 12].
فيدلُّك هذا على أنَّ معنى النَّصيحة ليس مقتصرًا على التَّواصي والتَّذكير بالخير.
ولذا قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوح﴾ [التحريم: 8]، أي متقنةً، صَدَقَ صاحبها فيها.
ومن هنا نعلم معنى النَّصيحة وأنَّ النَّصيحة شاملةٌ، فكل إتقانٍ مع صِّدق يقال له: نصيحةٌ.
هذه النَّصيحة قصد الشَّارعُ إيجادها في النَّاس، وجعل قدوتهم -وهم الأنبياء عليهم السَّلام- هم مَن يَقدُمون الخلقَ في أداء النَّصيحة، كما قال الله -عزَّ وجلَّ- عن نوحٍ أول الأنبياء -عليه السَّلام: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 62]، وفي الآية الأخرى قال تعالى عن نوحٍ: ﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [هود: 34].
وقال تعالى عن نبيه هودٍ عليه السَّلام: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ [الأعراف: 68].
ونقل الله عزَّ وجلَّ عن شعيبٍ أنَّه قال: ﴿يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [الأعراف: 93].
وفي الآية الأخرى عن صالحٍ: ﴿لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصحينَ﴾ [الأعراف: 79].
ولهذا لما سأل النَّبي صلى الله عليه وسلم أصحابه: «وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي. فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ» ، قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ. فالأنبياء عليهم السَّلام هم القدوة في النَّصيحة للخلق.
وتُلاحظون هنا أنَّ النَّصيحة تكون باستجلابِ الخير للآخرين، سواءً وافق أهواءهم أم لم يوافقها، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومً»، قالوا: هذا نصره وهو مظلومٌ، فكيف ننصره وهو ظالمٌ؟ قال: «تَحْجِزُهُ عَنِ الظُّلْمِ» ، أي: تمنعه عن الظُّلم. فهذه صورةٌ من صور النَّصيحة.
ولذلك عندما يوقع الوالي العقوبات، والقاضي عندما يقرر العقوبات؛ ينطلق من باب النَّصيحة، فالنَّصيحة لمن يوقَع عليه الحدُّ، والنَّصيحة للأمَّة، وبالتَّالي فهذا الأمر وإن كان مكروهًا للنفوس ولا يرغبه من يُقام عليه الحد؛ إلا أنَّه نصيحةٌ لله ولرسوله، ونصيحةٌ للأمة، ونصيحةٌ لذلك الذي يُقام عليه الحد، فإنَّه حينئذٍ تُكفَّر عنه سيئاته، ويكون سببًا من أسباب مغفرة ذنبه.
ومن جاء في قول الله -عزَّ وجلَّ- في سورة يس: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ﴾ [يس: 20]، قال ابن عباس: "نصح قومَه حيًّا وميِّتًا".
وفي الآية الثَّانية التي في سورة القصص: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ المَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصحينَ﴾ [القصص: 20]. فنصحه مع أنَّه قد يُخالف هواه في مثل هذا.
فالمقصود أنَّ هذه النَّصيحة يُؤمر الخَلْقُ أن يُشيعُوها فيما بينهم، وأن يكون التَّعامل فيما بين النَّاس بعضهم مع بعضٍ على مقتضى النَّصيحة.
فالنَّصيحةُ هي: أداء الأمر بإتقانٍ مع الصِّدق فيه.
والنَّصيحة في عبودية الله -عزَّ وجلَّ: أن نؤدي الأعمال والعبادات على ما يريد الله -جلَّ وعلَا- وأن تعبد الله كأنَّك تراه فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك، وتشمل أيضًا التَّعامل مع الخلق في البيع والشراء، وفي الأخذ والإعطاء، وفي أنواع المعاملة معهم، ولذا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ يَدِ الْعَامِلِ إِذَا نَصَحَ» ، كما رواه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذا مثل ما ورد في الحديث الآخر أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَ» .
ومن الأمور التي تكون فيها النَّصيحة: أن ينصح الإنسانُ لغيره، فإذا كان هناك مشورةٌ وشاورك أخوك فانصح له وأعطِه من الرأي ما تراه لنفسك، ومن هنا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ» ، كما روى ذلك أبو داود الطيالسي.
وفي الحديث الآخر أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» ، وذكر منها «وَيَنْصَحُ لَهُ إِذَا غَابَ أَوْ شَهِدَ» ، وفي لفظٍ آخر أنَّه قال: «وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ» .
ومن أنواع النَّصيحة: ما ورد في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: «إذا نصح العبد لسيده» أي: أدى العمل الذي يأمره به سيده بإتقانٍ وصدقٍ، «إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ لسَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» .
وهكذا يؤمر أصحاب الولاية أن يكونوا ناصحين في ولايتهم، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ما من عبدٍ يسترعيهِ اللهُ رعيةً ، فلم يَحُطْها بنُصحِه ، لم يجد رائحةَ الجنةِ» .
ومن هذا ما ورد في الحديث أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «المستشار مؤتمنٌ» .
ويتعلَّق بهذا أيضًا أنَّ كلَّ إنسانٍ مهما كانت منزلته تجد عنده أُناسٌ يُرغِّبونه في الخير ويحضُّونه عليه، وفي المقابل يوجد عنده كذلك من يأمره بضد هذا، فيُرغبه في الشَّرِّ، ولذا قال النَّبي صلى الله عليه وسلم «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، ولا استَخْلَفَ مِن خَليفةٍ، إلا كانَتْ لَهُ بِطَانَتانِ؛ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمعْرُوفِ، وَتَحُضُّهُ عليه، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ، وَتَحُضُّهُ عليه، والمَعْصُوم مَنْ عَصمَ اللهُ» ، كما روى ذلك الإمام البخاري في صحيحه.
وحينئذٍ نستشعر ما ورد في الحديث أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، تلاحظون أنَّه أتى بالمبتدأ مُعرَّفًا "الدين" ممَّا يقتضي الحصر، كأنَّه قال: ينحصر دينكم في النَّصيحة.
وكما تقدَّم أنَّه ليس المراد بذلك خصوص الوصيَّةِ أو التَّبليغِ أو التَّذكيرِ والوعظِ؛ بل يشمل جميع أنواع التَّصرفات مع الغير، بل قد يكون هناك نصيحةٌ من الإنسان لنفسه، فتنصح لنفسك بأن تختار لها ما يصلحها دنيا وآخرةً.
نعود للحديث الأول، قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، ثم سأل الصحابة: لمن تكون النَّصيحة؟ قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ، خمسة أصنافٍ.
ما المراد بالنَّصيحة لله؟
النَّصيحة لله تشمل:
- الإقرار بتوحيد الرُّبوبيَّة: أي أنَّه هو الخالقُ الرازقُ المتصرِّفُ في الكونِ -سبحانه وتعالى.
- والإقرار بتوحيد الألوهيَّة مع الالتزام به، فالعبادة كلها لله، ويسمو الإنسان عندما يجعل كل أعماله لله، فإذا أكل نوى بذلك التَّقرب لله، وحينئذٍ يكون قد وصل إلى رتبةِ عبوديةٍ في هذا الباب، هكذا فيما يتعلَّق بالأسماء والصِّفات، فإنَّ من النَّصيحة لله أن نُثبت أسماءه وصفاته كما وردت في الكتاب والسُّنَّة، وألا نخترِع أسماءً أو صفاتٍ من عند أنفسنا، وألا نُكيِّفَ هذه الصِّفات، فلها كيفيَّةٌ الله أعلم بها.
- من النَّصيحة لله: تركُ المعاصي والذُّنوبِ، وكذلك الاتِّصاف بصفات القلوب، بحيث لا يخاف الإنسان إلا من الله، ويرجو المرءُ ربَّه لا يرجو إلا إيَّاه، وهكذا في بقيَّة الصِّفات كالتَّوكُّل، والإنابة، والعبوديَّة، ونحو ذلك.
قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ».
المراد بالنَّصيحة للكتاب: تعليمُ هذا القرآن، وتعلُّمه، وتلاوته، وفهمه، والعمل به، وتحكيمه، والذَّب عنه، كل هذا من النَّصيحة لكتاب الله -القرآن العظيم- فأن تجعل لك وِردًا يوميًّا تقرأ فيه القرآن فهذا من النَّصيحة لكتابه.
هكذا قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ»، فالأظهر أنَّه يُراد به محمدٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنَّ المراد بهذا عموم الأنبياء، والقول الأول هو الأشهر.
بماذا تكون النَّصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
تكون بتوقيره وإجلاله صلى الله عليه وسلم، وتكون بتعظيم سنَّته والأخذ بها والاستدلال بها، وتكون بتعليم سنة النَّبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، ومن النَّصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحبَّه محبَّةً أعظم من محبَّتنا لأنفسِنا ولوالدِينا وقرابتِنا.
أما الصِّنف الرَّابع فهو: النَّصيحة لأئمَّة المسلمين، والمشهور في كلمة "أئمة المسلمين" أن يُراد بها: أصحاب الوِلاية.
والنَّصيحة للولاة تكون بإعانتهم على القيام بالأعمال الصَّالحة التي وُكِلَت بهم، فتتقرب إلى الله بالنُّصح لهم، والعمل معهم، تريد بذلك أن تكون ناصحًا لله ولرسوله، لأنَّك بذلك تعينهم على العمل الصَّالح الذي يقومون به.
ومن النَّصيحة لهم: جمعُ الكلمةَ عليهم، وتأليفُ القلوب عليهم، والذَّبُّ عن أعراضهِم، وعدم السَّماح أو الإذن لمن يريد أن يتكلم فيهم، وهكذا تنبيههم عند الغفلة، وسدِّ خلَّتهم عند الحاجة، وردِّ القلوبِ النَّافرة إليهم.
ومن معاني لفظة "وأئمة المسلمين" أن يراد بها العلماء الفقهاء لماذا؟ لأنَّ النَّاس يقتدون بهم، ويأخذون دين الله عنهم، وحينئذٍ تكون النَّصيحة للعلماء ببثِّ علومهم، وبتوقيرهم، وبنشر مقالبِهِم وجعل النَّاس يحسنون الظن بهم، ونحو ذلك من الأعمال الصَّالحة التي تكون من النَّصيحة لولاة أمور المسلمين.
وقد جاء في الحديث الصَّحيح أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امرئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ» ، ما معنى "إخلاص العمل لله"؟ أن تريد به وجه الله والدَّار الآخرة، ما تريد دنيا، ليس المراد بكلمة "الإخلاص" الإتقان، فالإتقان هذا في النَّصيحة.
إذن الأول: إخلاص العمل لله.
الثاني: «والنَّصيحةُ لوُلاةِ المسلمينَ ، ولزومُ جماعتِهِم».
وحينئذٍ نعلم أنَّ إخلاص العمل لله والنَّصيحة؛ لا يغل عليهن قلب امرئٍ مسلمٍ، أي لا يكون فيه حقدٌ تجاهها.
وأما الصِّنف الأخير ممَّا ورد في الحديث أنَّ النَّصيحة تكون لعامة المسلمين ، والمراد به: مَن لم يكونوا من الفقهاء المجتهدين، وقد قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ»، أي ثلاث خصالٍ، وثلاث صفاتٍ لا يحقد عليهم قلب المسلم، ولا يمتلئ حنقًا وغيظًا.
أولها: إخلاص العمل لله.
وثانيها: النَّصيحة لولاة المسلمين.
وثالثها: ما ورد في الحديث من كونه يقوم بلزوم جماعتهم.
إذن هذا من النَّصيحة لأصحاب الولاية.
الصِّنف الأخير: النَّصيحة لعامَّة المسلمين. كيف ينصح لعامَّة المسلمين؟
أن يسعى فيما يُحقِّق النَّفع لهم دنيا وآخرة، ومن ذلك تعليمهم وكفِّ الأذى عنهم، وذكر محاسنهم، والتَّواصي معهم بالحق، وشاهد هذا قولُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه» ، وقد ورد في الأثر: " الْمُؤْمِنُ يَسْتُرُ وَيَنْصَحُ، وَالْفَاجِرُ يَهْتِكُ ويفضح" ، وفي لفظ: "وَيُعَيِّرُ".
وحينئذٍ نعلم الفئات التي تكون لها النَّصيحة، وما ذُكر هنا يشمل الجميع، لا يترك أحدًا من الخلق.
قال ابن عباس رضي الله عنه في الترغيب في مصاحبة أهل النُّصح: "لا يزالُ الرَّجلُ يَزداُد في صحَّةِ رأيه مَا نصحَ لمستشيرِه، فإذا غشَّه سلبه الله نصحه ورأيه" .
وأنَّبهُ هنا إلى أمرٍ، وهو: وقوع التَّدليس من بعض النَّاس، فيُظهر ثيابًا حسنةً، ولفظًا جميلًا، وكلامًا معسولًا، ويوهم الخلق بأنَّه من أهل النُّصح، ولا يكون كذلك! وكم وجدنا هذا، منهم مَن يكون لجهلٍ، ومنهم من يكون مريدًا للشَّرِّ راغبًا في إفسادِ أحوالِ الأمَّة، ولذلك لما جاء إخوةُ يوسف لأبيهم يعقوب، يريدون أن يحقِّقوا ما يفعلوه من تآمرٍ ضد يوسف -عليه السَّلام- كأنَّه تمنَّع، فقالوا: ﴿يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ [يوسف: 11]، أظهروا ثياب النُّصح وهم ليسوا كذلك!
وفي الآية الأخرى يقولُ ربِّ العزَّةِ والجَلَال عن إبليس: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصحينَ﴾ [الأعراف: 21]، وفي الحقيقة ليس بناصح، إنَّما هو يريد الشَّرَّ، يريد أن يخرجهم من الجنَّة.
المقصود أنَّ النُّصحَ والنَّصيحةَ من الأمور عظيمة، كبيرة الجانب، وليس نطاقُ التَّعامل بها محصورًا في بابٍ دون بابٍ، أو في تعاملٍ دون تعاملٍ، أو مع أشخاصٍ دون آخرين، بل هي قاعدةٌ عامةٌ جاءت بها الشَّريعة في ما لا يتناهى من الصُّور، ولذلك كان النَّبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه أن يجعله من النَّاصحين.
جاء في حديث أبي هريرة أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: «اللهمَّ اجعَلْني أُعَظِّمُ شُكْرَك وأُكْثِرُ ذِكْرَك وأتَّبِعُ نصيحتَك وأحفَظُ وصيَّتَك» ، كما ورد ذلك في صحيح البخاري.
وجاء في الحديث الآخر: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَقُصُّوا الرُّؤيا إلا على عالمٍ أو ناصحٍ» .
ومن هنا يتقرَّب المؤمن لربِّه -عزَّ وجلَّ- بأن يكون ناصحًا، وأن يكون مريدًا للخير مع الخلق، وأن يسعى إلى نشر هذا الخُلق الفاضل في النَّاس.
قد تكون عَلاقة النُّصح بين الأخوين، وبين القريبين، وبين الجارين، زملاء في مدرسةٍ؛ مبنيَّة على النُّصح بدون تدليسٍ ولا غشٍّ ولا كذبٍ، فحينئذٍ يعظم أجرهما ويكثر ثوابهما إذا كانا من أهلها –أي: من أهل النَّصيحة.
ويكون النُّصح بين الجيران، فينصح لجاره، ويبحث لهم عن الخير وما يحقق مصلحتهم، إذا وجد منهم ماءً مبثوثًا نظَّمه، وإذا وجد مالًا أو طعامًا مُلقًى رتَّبه، وهكذا ينصح لهم كما ينصح لنفسه، كما جاء في الحديث: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه جرير يبايعه، قال: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» .
من الأمور التي أيضًا نشير إليها ما ورد في حديث خزاعة، يقول القائل عن خزاعة: "إنهم كانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
جاء في حديث جرير، قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصَّلاة، وإيتاء الزكاة، والنُّصح لكل مسلمٍ"، وفي حديثٍ آخر يفسر هذا الحديث، قال: "أتيت النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إني أبايعك على الإسلام، فشرط عليه النَّبي صلى الله عليه وسلم وقال: «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ».
فهذه تدلُّك على أنَّ هذا الخُلق الفاضل -خُلق النصح- خُلقٌ مُؤَصَّلٌ، واردٌ في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو مقصدٌ من المقاصد العظيمة لديننا الحنيف، ومتى تناصح النَّاسُ وسعى كلُّ واحدٍ منهم في ما يحقق المصلحة لغيره؛ سعدتْ الأمَّة وتكاملتْ أحوالها.
{جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ، سؤالي: ذكرتم أنَّ النَّصيحة شاملةٌ، وليست منحصرةً بالتَّواصي، فمثلًا الذي يريد أن يقوم بالنَّصيحة، هل هناك آدابٌ لها؟ إذا كان لديه نصيحةٌ يطلقها هكذا بدون ضوابط؟}.
التواصي بالخير والتَّذكير به نوعٌ من أنواع النَّصيحة، وهذا له آدابٌ -كما ذكرت قبل قليلٍ- أنَّ المؤمن يستر وينصح، وأما المنافق أو الفاجر فيهتك ويُعيِّر، فمقتضى النَّصيحة ألا تنظر أعلم النَّاس أو لم يعلموا، لأنَّك لا تريد مراءات الخلق بذلك، وإنَّما تريد استجلاب الخير لأهله ولو غابوا.
وهناك آدابٌ وشروط كثيرةٌ للنَّصيحة، منها: ألا تفعل فعلًا تكون عاقبته أضر من فائدته وثمرته، هذا أيضًا قاعدة في هذا الباب.
إذن هناك عددٌ من الشروط لابد من مراعاتها، في ما يتعلق بأمور النَّصيحة.
في زماننا الحاضر هناك وسائل عديدةٌ استخدمها النَّاس لم تكن موجودةً في العصور الماضية، هذه الوسائل الجديدة لها حظها من النَّصيحة، ويجب استعمالها في هذا الباب، فمثلًا عندما يوجد هناك صاحب سيارةٍ، فعليه أن ينصح للآخرين ممَّن حوله كما ينصح لنفسه، ما يهجم ويكون هو الأول، بل يُقدِّم غيره، لأنَّه يريد أن يكون ممَّن انطبق عليهم الحديث «وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ».
هكذا مثلًا في وسائل التَّواصل الاجتماعي، فالنَّصيحة أن تختار ما هو محققٌ لمصلحة الآخرين، تريد بذلك ما عند الله -جلَّ وعلَا- ففي مراتٍ قد تأتي الأنانيَّة على الإنسان فتجعله مرةً يطغى ومرةً يظلم، ومرةً يأخذ مال غيره، فهذا التَّصرف ليس من النَّصيحة، لكن من النَّصيحة إبلاغ صاحب الشأن عنه، وترتيب عودة المال إلى صاحبه، ونحو ذلك.
هكذا من النَّصيحة في وسائل التَّواصل الاجتماعي: ألا نستعملها إلا في ما يُرضي الله -جلَّ وعلَا- لنكون قدوةً للخير -بإذنه سبحانه وتعالى.
{ممَّا يُشكل عليَّ: هل النَّصيحة لله تدخل في تحقيق العبودية؟ فذكرتم أنَّ النَّصيحة لله تكون بإقرار التوحيد والإخلاص لله، وهذا هو تحقيق العبوديَّة، فهل هناك تداخلٌ بينهما؟}.
هناك تقاطعٌ بين المقاصد، بحيث يكون هناك سلوكياتٌ وأعمالٌ دلَّ عليها مقصدان أو ثلاثةٌ، ولا يمتنع هذا، ولذلك مثلًا هناك تقاطعٌ بين النَّصيحة وبين الإحسان -الذي ذكرناه في ما مضى- فهناك تقاطعٌ بينها، هكذا في إيصال الحقوق لأصحابها، هناك تقاطعٌ بينه وبين النَّصيحة، ولذلك وجود هذا التَّقاطع لا حرج فيه، ولا إشكال في وجوده.
من الأمور التي ينبغي أن نتفطَّنَ إليها في ما يتعلق بأمور النَّصيحة: أن نلاحظ ما تؤدي إليه هذه النَّصيحة، مراتٍ أنا أريد أن أحسن إليك فأسيء، ومراتٍ أريد أن أعمل معك عملًا صالحًا فيكون من الأعمال الرديئة، ولذلك على الإنسان أن يعرف قدر نفسه، وأن يعرف ما يمكنه فعله، ويتمكن فيه من الإتقان، والصِّدق فيه، وما ليس كذلك.
إذن لابد أن نلاحظ هذا المبدأ العظيم، مبدأ النُّصح في كل حياتنا، وأن نجعله مُحَكَّمًا على كل فعلٍ نريد أن نسلكه، وليست النَّصيحة بموافقة الأهواء، وإنما باستجلاب النَّفع والخير للآخرين.
من المسائل التي تتعلَّق بهذا الباب: أنَّ النَّاصح يلحقه نوعٌ من الأذى، يعني مثلًا يأتيك ولي يتيمٍ محسنٌ إليه، ناصحٌ معه، ويحفظ ماله، فإذا بلغ اليتيمُ، قال: أخذتَ بعض مالي، بخستَ ورثي من أبي، وهذا كثيرٌ! مع أنَّ هذا الولي حقه أن يُقدَّر، وأن يُبجَّل. وهكذا في كثيرٍ من أنواع التَّصرفات، يلاحظ فيها هذا الباب، فانتبه!
قد تظن أنَّ هذا التصرف يكون من الصِّدق والنَّصيحة، ولا يكون كذلك، بل يكون مضادًّا له، وهكذا لما ذكرنا عن إبليس -كفانا الله وإياكم شره- قال: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصحينَ﴾ [الأعراف: 21]، فهنا لمَّا قَدِمَ أظهر الصورة الحسنة؛ ليكون هذا من سُبل التَّأثير عليه، ومن سبل استجلابه إليهم.
من الأمور التي ينبغي أن تُراعى في هذا الباب: أحيانًا يوجد في النَّاس من لا يعرف الأمور بتمامها، فتجده ينتقد ويتكلم، ويؤثر ذلك على تعامله وعطائه، ولا يدرك عواقب الأمور أو حقائقها؛ لأنَّه نظر من زاويةٍ ضيقةٍ، وبالتَّالي فالنَّاصح إذا تكلَّم أو قدح في هذا الأمر يكون حينئذٍ قد غشَّه، لأنَّه لم يشاهد الأمر من جميع نواحيه، ومن ثمَّ فإن كلامه لا يكون كلام المتعمِّق الفاهم، لما يكون تحته من الأمور والقضايا.
كذلك من الأمور التي تلاحظ: بعض النَّاس يقوم بالنَّصيحة من باب الحميَّة، أو من باب القرابة، أو نحو ذلك، ويغفل عن أنَّ النَّصيحة مقصدٌ ينبغي أن يُقصد به وجه الله والدار الآخرة، فلا يقوم بهذا الأمر مجاملةً، وإنَّما ينبغي أن يجعله لله -عزَّ وجلَّ- فالخلق لن ينفعوا العبدَ إلا بأمر ربِّ العزَّةِ والجَلَال.
من الأمور التي تُلاحظ في هذا الباب: بعض النَّاس يتيه في تعريف النَّصيحة، ويبقى مترددًا، وقد يقول قولًا، ثم تكون عواقب الأمور بعد ما تتضح على خلاف اعتقاده وظنه، ومن ثمَّ لابد من التَّحقق قبل إسداء النَّصيحة.
والمقصود أنَّ النَّصيحة قد تنقلب لتكون فضيحةً، وقد تنقلب لتكون إساءةً، وقد تنقلب لتكون أمرًا سيئًا يعود على الإنسان. كيف يكون كذلك؟ إذا لم تُراعَ الشروط الشَّرعيَّة في هذه الأبواب.
مثلًا: لو جاءنا إنسانٌ وصلى، وبعد الفراغ قال: الحمد لله صليت، لكن بدون وضوءٍ. هل نقول: نصح لنفسه؟ لا. نقول: غش.
هكذا عندما يوجد مَن يؤدي عملًا يتعلق بغيره فيغش فيه، فحينئذٍ لم ينصح، مثلًا: عندنا موظفٌ في الدوائر الحكوميَّة يتأخر عن العمل، لا ينجز المعاملات التي لديه، ولا يؤدي مهام العمل، فحينئذٍ نقول: إنَّه لم ينصح لهذا العمل، ما أداه على الوجه الحسن الذي يُراد منه.
كذلك عندما يدخل الإنسان في غير فنِّه ويظن أنَّه ناصحٌ، فيتبين أنَّه بخلاف ذلك.
فهذه نماذج وتطبيقاتٌ متعلقةٌ بهذا المقصد العظيم -مقصد النَّصيحة- وأؤكد مرةً أخرى! انتبهوا لا تلتبس عندكم بعض المقاصد الأخرى التي يحصل بينها وبين هذا المقصد تداخلٌ، فلكلٍّ حكمه، ولكلٍّ أثره.
{النَّصيحة تكون من إنسانٍ ملتزمٍ أم مقصرٍ؟}.
النَّصيحة للجميع، أنت تريد النَّاصح أم المنصوح؟
{النَّاصح}.
النَّصيحة بمعناها العام حسب النُّصوص الشَّرعيَّة: اختيار الخير للآخرين، وهذه للجميع بدون استثناءٍ.
أمَّا النَّصيحة التي تكون بمعنى التواصي بالحق، هل هي خاصةٌ بالملتزمين؟
نقول: لا، هي عامةٌ لكل أحدٍ، لكن ما ينصح إلا في ما علم أنَّه من أحكام الله -عزَّ وجلَّ-، لا ينصح لله إلا إذا علم أنَّه من أحكام الله -سبحانه وتعالى- أما إذا لم يكن كذلك، فإنه لا يُعدُّ من النَّاصحين، يعني جاءنا واحدٌ جاهلٌ في مسألةٍ يجهلها، ما يقول: أنا نصحتُ الخلق. بالعكس؛ أنت أغويتهم!
وتلاحظون أنَّ النَّصيحة ليست مجرد أقوالًا أو دلالة وتذكير، بل النَّصيحة أعمُّ من ذلك، ولذلك أنت تختار لأخيك ما تختاره لنفسك، فهذا من النَّصيحة، فقد يأتينا إنسانٌ لا تظهر عليه مظاهر الصَّلاح، فيقوم بمراقبة تعامله مع الآخرين، ويمحضهم النَّصيحة، ويرغب في استكمال أمورهم وإتمامها، فيكون حينئذٍ قد حقق المقصود الشَّرعي في هذا الباب.
نشير هنا إلى أمرٍ أخيرٍ، ألا وهو: من النَّصيحة أن تكفَّ الأذى عن غيرك، وأول ذلك أذاك، فإذا كففتَ أذاك عن الآخرين، سواءً كان أذًى قوليَّا، أو أذًى فعليًّا، فإنك حينئذٍ تكون نصحتَ لنفسك.
وهكذا من أنواع النَّصيحة: الإصلاح بين الخلق، إذا وُجِدَ متخاصمون، فإنَّ من النَّصيحة لهم السَّعيَّ في إصلاحهم، وتقريب وجهات نظرهم، وإبعادهم عن المماحكات والقضايا، وعرضها على المحاكم ونحو ذلك، فكل هذا ممَّا يدخل في مفهوم النَّصيحة.
وبهذا يتبين لك أنَّ كلمة النَّصيحة لا يفهمها أكثر النَّاس، وأنَّهم يفهمون منها خلاف ما يفهمه مَن يعرف حقيقة هذه الكلمة أو يتكلم بها.
إذن: هذه لمحاتٌ يتبيَّن فيها هذا المقصد العظيم -مقصد التَّناصح- وبيان الأحكام الشَّرعيَّة فيه، أسأل الله -جلَّ وعلَا- أن يوفقنا وإياكم للخير، وأن يجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، كما أسأله سبحانه أن يجعلنا ممن حافظ على مقاصد الشَّريعة، وسعى في تكميلها وإتمامها، وأسأله -جلَّ وعلَا- أن يوفِّق كل مسلمٍ في مشارق الأرض ومغاربها لما يحبه الله ويرضاه، وأن يجعله من أهل الجنان، وأن يبعدهم عن النيران، كما أسأله -جلَّ وعلَا- أن يزرع المحبَّة والمودَّة في قلوب المسلمين، وأسأله -جلَّ وعلَا- أن يوفِّق ولاة أمور المسلمين لكل خيرٍ، وأن يجعلهم من أسباب الهدى والتُّقى والصلاح، كما أسأله -جلَّ وعلَا- لكم أيها المشاهدين الكرام التوفيق لكل خيرٍ، وأن يجعلَكم من السُّعداء في حياتهم، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك