الدرس الأول

فضيلة الشيخ أ.د. سعد بن تركي الخثلان

إحصائية السلسلة

4960 6
الدرس الأول

تفسير آيات الأحكام

{السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكم -أيها المشاهدون الكرام- في سلسلة جديدةٍ من الدروس العلمية، نستهلُّ -بعون الله- فيها تفسير آيات الأحكام، لصاحبنا فضيلة الشَّيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعيَّة الفقهيَّة، وأستاذ الفقه بكليَّة الشَّريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة.
حيَّاكم الله فضيلة الشيخ}.
أهلًا، حيَّاكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المشاهدين.
{شيخنا الفاضل، موضوعنا في هذه الحلقة هو آيات الوصية من سورة البقرة.
نستأذنكم في سماع تلاوة لهذه الآيات، ثم نعود -بإذن الله- إلى الشرح والتعليق}.
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 180].
{تفضل يا شيخنا بالتعليق على الآيات}.
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد؛ فأنا سعيدٌ بالمشاركةِ في هذه الحلقات في تفسير آيات الأحكام، وقبل أن أبدأ في التعليق على معاني هذه الآيات؛ أُذكِّر بأهمِّية العناية بالقرآن العظيم:
هذا القرآن الذي هو كلام الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- والذي جعله الله -تعالى- الآية لنبيِّه محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- فإن الله -تعالى- أعطى كل نبيٍّ آيةٍ لأجل أن يؤمن البشر، فعندما يأتي النبي لهؤلاء القومٍ فإنهم يُريدون منه آية -أمرًا معجزًا- يُبرهن على أنه نبيٌّ ورسولٌ مرسلٌ من عند الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فأعطى الله -تعالى- موسى العصا، وعيسى كان يُبرئ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى بإذن الله، وأعطى صالحًا الناقة.
ما هي الآية التي أعطاها الله نبيَّنا محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ؟
هي القرآن العظيم، وهذا من حكمة الله -سبحانه- لكي تبقى هذه الآية باقيةً إلى قيام الساعة، تراها الأجيال وتقرؤها، فهذا القرآن هو آية نبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- وقد حوى من الأسرار والعجائب شيئًا عظيمًا.
وتكفَّل الله -عّزَّ وَجَلَّ- بحفظهِ، ونرى هذا الحفظ قائمًا، فلم يتغيَّر في هذا القرآن حرف واحد منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، نقرأه غضًّا طريًّا كما كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- والصحابة يقرؤونه.
وهذا القرآن العظيم هو السر الذي غيَّر الصحابة، فعمر بن الخطاب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ماذا كان قبل الإسلام؟
لم يكن له أهداف، وإنما كان يذهب ويجول ويصول. ثم ماذا كان بعد الإسلام؟
أصبح من عظماء التاريخ، وهكذا بقيَّة الصحابة، فما هو السر في التغيير العظيم لحياة هؤلاء ومن بعدهم من التابعين وتابعيهم؟
هذا القرآن العظيم هو السر، فإذا ارتبطنا بهذا القرآن العظيم في أعظم أسباب الثَّبات، وأعظم أسباب قوَّة الإيمان والارتباط بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فينبغي أن يهتم كل مسلم ومسلم بالارتباط بهذا القرآن الكريم تلاوةً وتدبُّرًا وحفظًا وفهمًا.
وإن شاء الله ستكون هذه الحلقات حلقات تدبُّريَّة في معاني وأحكام آياتٍ من كتاب ربنا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذه هي الحلقة الأولى نبتدئ فيها بالآيات التي عن الوصية في سورة البقرة، ومنهجنا في تفسير آيات الأحكام: أننا نقسِّم الحديث إلى قسمين:
- قسمٌ عن المعاني.
- قسمٌ عن الأحكام.
فنبتدئ على بركة الله تعالى.
نقول: ابتدأ الله -عّزَّ وَجَلَّ- هذه الآيات عن الوصيَّة بقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾.
أولًا الكلام عن المعاني:
هذه الآيات -على ما قال بعض المفسرين- نزلت لَمَّا كان العرب في الجاهلية يُضارُّون في الوصيَّة، فإذا حضرَ أحدهم الموت أوصى لغير الورثة بكلِّ ماله، وكان هذا شائعًا عند أهل الجاهليَّة، فجاءت هذه الآية لتجعل الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف، ثم نسخ بعد ذلك ما كان للورثة بآيات الوارثين، وبقيت الآيات في حق غير الوارثين.
قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾، كُتب: أي فُرض، وهذا يدل على وجوب هذه الوصيَّة، لكنها نُسِخَت في حق الوارثين بآيات الوارثين في سورة النساء، وحتى في حق غير الوارثين فإن الوصية ليست واجبة إلا في مواضع سنبيِّنها -إن شاء الله- في الأحكام.
قوله تعالى: ﴿حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾، يعني جاءت علاماته ومسبباتها والقرائن التي تدل على الموت، وهي حالة الاحتضار، فكان مطلوب في أول الإسلام قبل نزول آيات المواريث من الإنسان أن يُوصي عند حضور الموت.
قوله: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾، الخيرُ هو: المال الكثير عُرفًا.
ويُفهَم من هذا: أنه إذا لم يترك مالًا كثيرًا فلا يُوصِي، ولا تُشرع له الوصية حينئذٍ، وهذا ما سنبيِّنه -إن شاء الله.
قوله: ﴿الْوَصِيَّةُ﴾، يعني: فُرضت الوصيَّة.
قوله: ﴿لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾، وهذا -كما ذكرنا- قد نُسخ في حق الوارثين بآيات النساء.
قوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾، يعني: من غير إفراط ولا تفريط.
قوله: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، هذا يؤكِّد وجوبها في أول الأمر قبل النَّسخ.
قوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، هذه الوصية من الله -عّزَّ وَجَلَّ- بالعناية بالوصية، وأنها تُنفَّذ كما أراد الموصِي، ومثل ذلك أيضًا الوقف، فيُنفَّذ كما أراد الموقِف، وهذا يقتضي العناية بألفاظ الموصِي والموقِف، فالأصل أنه لا يجوز تبديلها ولا يجوز تغييرها، إلَّا إذا كان تغييرها لما هو أصلح من جنسها -على القول الراجح-، لكن ليس للإنسان أن يُبدِّل أو يُعدِّل في الوقف أو الوصيَّة، ولهذا تجد بعض الناس يكون عندهم وصيَّة أو وقف في أمور معيَّنة؛ فيقول: نجعلها في مسجد! وهذا غير صحيح، فإن الموصِي ما أراد أن يجعل وصيَّته في المسجد، ولكن أرادها في أمور معيَّنة، فالنَّاظر على الوصيَّة أو الواقف إن كان يستطيع تنفيذ الوصيَّة أو الوقف كما أراد الموصِي أو الموقِف، وإلَّا اعتذر عنها، فيسلمها للقاضي، والقاضي إمَّا أن يُشرِف عليها أو يُسلِّمها لمن يُشرف عليها، ولكن الأصل هو الالتزام بما أراد الموقِف والموصِي ما لم يكن ذلك محرَّمًا.
قال تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾، القرآن نزل على العرب وكان الغالب عليهم أنَّهم أمِّيُّون، فكانت الوصيَّة بمجرَّد المشافهة -يقولها الإنسان ويسمعها الآخر-، وأرشد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- إلى كتابتها، فأصبحت الوصايا بعد ذلك مكتوبة بعد أن انتشرت القراءة والكتابة في الناس، فأصبحت تُكتَب ويُشهَد عليها، ولكن القرآن راعى أحوال الناس وقت التنزيل، فقال تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾، أي: بعد ما سمع الوصيَّة.
قال: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، هذا يقتضي تأثيم من بدل وحرَّف الوصيَّة والوقف، وهذا يدل على خطورة الأمر.
قوله: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، إذا خاف خطأً في هذه الوصية إمَّا بطريق العمد أو بطريق الخطأ، وعبَّر عن الخطأ بقوله: ﴿جَنَفًا﴾، وعبَّر عن العمد بقوله: ﴿إِثْمًا﴾، فإذا كانت الوصية فيها خطأ، كأن تكون وصية بأكثر من الثُلُث لوارث، أو وصيَّة في أمر محرَّم، أو تخصيص الوقف بالذكور دون الإناث، أو تخصيص أبناءٍ دون آخرين؛ فإذا كان ذلك عن عمدٍ فهذا هو الإثم، وإذا كان عن غير عمد فهذا هو الجَنَف.
يقول ربنا -سبحانه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، فهنا يجب تعديل هذا الخطأ، سواء وقع عن عمدٍ أو عن غير عمدٍ -جنفًا أو إثمًا- فينبغي أن تُعدَّل هذه الوصية أو هذا الوقف.
وإن كان بعض الناس يتحرَّج من ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، فأنزل الله -تعالى- الآية التي بعدها أن التغيير والتبديل لإصلاح الخطأ سواء كان عن عمدٍ أو عن غير عمدٍ فلا إثم فيه.
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، فالله تعالى يغفر ويرحم؛ لأن هذا إنما فعل ذلك بقصد الإصلاح.
يقول الله -سبحانه- لَمَّا ذكر أموال اليتامى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: 220]، فالله -تعالى- يعلم أن تصرُّف هذا بقصد الإصلاح أو بقصد الإفساد، أو بقصد الاختلاس، أو بقصد الاستغلال، فالله يعلم المفسد من المصلح، فإذا علم الله -تعالى- من هذا الإنسان سواء كان وصيًّا على اليتامى، أو ناظرًا لوصيَّةٍ، أو ناظرًا لوقفٍ؛ أنه إنما فعل ذلك بقصد الإصلاح، وليس له في ذلك هوًى؛ فلا إثم عليه، وكان ذلك أيضًا عن علم، فلا يفعل ذلك عن جهلٍ، وإنما عن علمٍ وعن استشارةٍ لأهل العلم؛ فلا إثم عليه؛ لأنه إنما أصلح هذا الخطأ في الوقف أو في الوصية.
مثلًا: هذا الإنسان أوقفَ على الذكور دون الإناث؛ فهذا وقف "جنف" أو "إثم"، فإن كان متعمِّدًا فهو إثم، وإن غير متعمِّدٍ فإنه جنف، فهنا يُعدَّل الوقف، فيُجعل بين الذكور والإناث، أو لأبناء زوجة دون أبناء زوجة أُخرى.
وعلى ذلك فيُمكن تعديل الأخطاء التي تكون في الوصايا والأوقاف لتكون بالمقتضى الشرعي، وأن مَن فعل ذلك فلا إثم عليه بنصِّ الآية الكريم، فهذا هو المعنى الإجمالي لهذه الآيات.
{قوله تعالى: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، هل يعود الضمير على المصلِح أم على الموصِي؟}.
الضمير يرجع على المصلح؛ لأن الله تعالى قال: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، أي: فلا إثم على هذا المصلح في هذا التَّصرُّف.
أمَّا بالنسبة للموصي والموقِف فإن كان لم يتعمَّد فلا إثمَ عليه، وإن كان مُتعمِّدًا فإنه يبوء بالإثم، ولكن تعديل الوصيَّة يُخفِّف من الإثم.
ننتقل بعد ذلك إلى أبرز الأحكام المتعلقة بهذه الآية:
أولًا: هذه الآية -كما ألمحنا في الكلام- عند الجمهور منسوخة بآية المواريث في قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء: 11]؛ لأن هذه الآية نزلت في أول الأمر، وكما ذكرنا أن العرب كانوا يُضارُّون في الجاهليَّة، فإذا حضر أحدهم الموت أوصى لغير الورثة، فأنزل الله -تعالى- هذه الآية، ثم بعد ذلك نُسِخَت بآيات المواريث.
والنَّسخُ واقعٌ في القرآن الكريم، وواقعٌ في السُّنة، والله -تعالى- يقول: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: 106]، والنسخ له حِكَمٌ عظيمة.
إذًا؛ هذه الآية عند الجمهور منسوخة بآية المواريث في حقِّ مَن يرث، فمثلًا: الوالدان يرثان الولد، فالوالدان من الورثة الذين لا يُمكن سقوطهم، وهناك ستَّة من الورثة لا يُمكن حجبهم حجب حرمان، وهم: الوالدان، الولدان -الأبناء والبنات-، والزوج والزوجة.
فالوالدان يرثان بكل حالٍ، إلَّا في حالات مُعيَّنة كأن يكون هذا الوالد غير مسلم، فلا يرث من المسلم، أو يكون رقيقًا، أو نحو ذلك، يعني يوجد مانع من موانع الإرث، وإلَّا فالأصل أن الوالدين يرثان على كل حالٍ، ولا يسقطان بأي حالٍ.
وعلى ذلك فتكون هذه الآية منسوخة بآية المواريث في سورة النساء في حقِّ مَن يرث، ولكن تبقى هذه الآية في حق الأقارب غير الوارثين، ولهذا قال أهل العلم: يستحب للإنسان أو يُوصي لأقاربه المحتاجين غير الوارثين، وهذا أفضل ما يكون في الوصيَّة والوقف.
قال الحافظ ابن عبد البر: "لا خلاف بين العلماء في أن الأقارب غير الوارثين إذا كانوا ذوي حاجة فإنه يستحب الوصيَّة لهم؛ لأن الله كتب الوصيَّة للوالدين والأقربين، فخرج منهم الوارثون لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[1]، وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم، وأقل ذلك الاستحباب، وقد قال الله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ [الإسراء: 26]، وقال: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى﴾ [البقرة: 177]، فبدأ بهم؛ ولأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل، فكذلك بعد الممات".
إذًا؛ إذا كان للإنسان أقارب غير وارثين ومحتاجين، فيستحب أن يُوصي لهم.
مثال ذلك: رجل عنده أبناء، فتوفي أحد هؤلاء الأبناء في حياته، وهذا الابن المتوفَّى له ذرية من بنين وبناتٍ، فإذا مات هذا الرجل فإن أحفاده لن يرثوا منه؛ لأنهم محجوبون بأعمامهم، فيستحب لهذا الجد أن يُوصي لأحفاده.
وفي بعض القوانين يسمونها: "الوصية الواجبة"، ويوجبون ذلك، لكنه ليس واجبًا عند عامَّة أهل العلم، وإنما هي مُستحبَّة استحبابًا مؤكَّدًا.
وهكذا لو كان له أخ فقير لا يرث منه، فيستحب له أن يوصي له.
إذًا هذه الآية نُسخَت في حق الوارثين ولم تُنسَخ في حق الأقارب غير الوارثين.
{قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾، هل يُشعر بشدَّة الاستحباب؟ فلفظ "الكتابة" في الأصل أنه للوجوب، فلما نُسخَت وبقي الحكم للاستحباب؛ فهل يُفهم منه التَّأكيد الشَّديد؟}.
نعم، هذا يُفهَم من الآية، كأنه استحباب قريب من الوجوب، فمصطلح "كتب" الأصل أنه في الأمور الواجبة، لكن هذه الآية دخلها النسخ في حق الوارثين، وعند عامَّة أهل العلم أن الوصيَّة لا تجب لغير الوارثين، ولكن مُستحبٌ استحبابًا مؤكَّدًا في حقِّ الأقارب المحتاجين غير الوارثين.
ثانيًا: دلَّت هذه الآية على مشروعية الوصيَّة.
ومعنى الوصية عند الفقهاء: هي الأمر بالتَّصرُّف بعدَ الموتِ.
وأمَّا الوصية بالمال: فهي التَّبرُّع بالمال بعدَ الموتِ.
والوصيَّة يعتريها الأحكام الخمسة، وهي: الوجوب، والاستحباب -الندب-، والإباحة، والكراهة، والتحريم، ومعنى ذلك: أنَّ الوصيَّة قد تكون واجبة، وقد تكون مُستحبَّة، وقد تكون مُباحة، وقد تكون مَكروهة، وقد تكون مُحرَّمة.
متى تكون الوصيَّة واجبة؟
تجب الوصيَّة على مَن عليه دينٌ، أو عليه حقوقٌ غيرُ موثَّقة، فيجب عليه أن يُوصيَ بأدائها؛ لأنَّه لو لم يفعل ذلك لبقيت في ذمَّته، ولم يلزم الورثة أداؤها من غيرِ بيِّنةٍ.
مثال ذلك: اقترضتَّ من رجلٍ عشرة آلاف ريال من غير وثيقة ولا كتاب ولا شهود، فهنا يجب عليك أن تُوصي بسداد هذا القرض، لنفترض أن الله قدَّر عليك الموت، فإذا أتى هذا المُقرض لك، للورثة من بعد، وقال: أنا أقرضتُّ والدكم عشرة آلاف ريال، وأريدُ منكم أن تسددوني هذا القرض.
فيقولون: ما بيِّنتك؟
هو ما عنده بيِّنة أو شهود أو كتابة؛ فإذا لم يأتِ ببيِّنةٍ لم يلزم الورثة أن يسدِّدوا له، وهذا الورِّث يبوء بالإثم؛ لأنه قد فرَّطَ بكونه لم يُوصِ، فهو لم يكتب هذا الدَّين ولم يوثِّقه، أمَّا لو كان الدَّينُ موثَّقًا فلا تجب الوصيَّة به؛ لأن هذا الدائن سيصل إلى حقِّه بهذه الوثيقة، كأن يكون هناك شاهِدَين أو كتابة مُوثَّقة، أمَّا إذا كان هذا الدَّين غير مُوثَّق فيجب على المدين أن يُوصي بسداد هذا الدَّين، فيقول -مثلًا- في وصيَّته: في ذمَّتي عشرة آلا ريال لفلان اقترضتها منه، فسددوها له.
فإن لم يفعل ذلك فإنه يأثم، وعلى ذلك فتكون الوصيَّة في هذه الحال واجبة.
إذًا؛ تكون الوصيَّة واجبة في حق من عليه ديون وحقوق غير موثَّقة، فيجب عليه أن يوصيَ بأداء هذه الديون.
وتكون الوصيَّة مُستحبة، كما في الآية: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾، فتكون الوصيَّة مُستحبة في حقِّ مَن ترك خيرًا -وهو المال الكثير- وورثته غيرُ محتاجين.
مثال: إنسان ثري وعنده أموال كثيرة، فيستحب له أن يُوصي في وجوه البر بما ينفعه بعدَ مماته.
وخيرٌ من ذلك أن يُوقِف؛ لأن الوقف أفضل من الوصية.
والفرق بين الوصية والوقف:
الوقف: أن يخرج المال الموقوف من مِلكه لله -تعالى- مباشرة أثناء الحياة، إلَّا إذا كان وقفًا معلَّقًا بالموت، فيكون حكمه حكم الوصية.
والوصية: تكون بعد الوفاة.
الوقف: يُمكن للإنسان أن يُوقف ما شاء حتى لو كان أكثر من الثلث، فلو أراد أن يُوقف نصف ماله أو ماله كله فلا بأس، ولكن الأفضل أن لا يُوقف ماله كله؛ لأنه ربما يحتاج.
الوصية: لا تزيد على الثُّلث.
إذًا؛ مَن ترك خيرًا -مالًا كثيرًا- يُستحبُّ له إمَّا أن يُوقف، وإمَّا أن يُوصي، فتكون الوصية مستحبَّة في هذه الحال.
وتكون الوصية مكروهة: في حقِّ الفقير الذي له ورثة محتاجون؛ لأن الأقربين أولى بالمعروف، ولقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»[2]، وهذا الذي يُوصي وورثته فقراء، فإن الورثة يجدون في أنفسهم على هذا الميِّت، فكيف يُوصي ويُعطي المال للبعيدين نحن محتاجون؟! فهنا تُكرَه الوصيَّة في حقه.
وتحرم الوصية للوارث، لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[3].
وكذلك تحرم الوصية لغير الوارث بأكثر من الثلث، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».
وتُباح الوصيَّة بجميع المال لمن لا وارث له، فإذا أراد أن يوصي بجميع ماله فلا بأس.
وعلى هذا نقول: إنَّ الوصيَّة تعتريها الأحكام الخمسة، فتارة تكون واجبة، وتارة تكون مُستحبَّة، وتارة تكون مَكروهة، وتارة مُحرَّمة، وتارة تكون مُباحة.
{لِمَ لَمْ نقُلْ بتحريم الوصيَّة في حقِّ من ترك ورثة محتاجين، هل لأنَّ المال مِلكٌ له يتصرَّف فيه كيف يشاء؟}.
لم يصل الحكم إلى التَّحريم؛ لأنَّ المال ماله، فلا نستطيع أن نُوجب عليه تصرُّفًا مُعيَّنًا وهو حي، فهو حرٌّ في ماله، فإذا قال: أنا أُريد أن أُوصي. فنقول: هذا مكروه في حقِّك، ولا يصل إلى درجة التحريم؛ لأنه ملكه، وله الحرية في التصرف في ماله، ولكن مكروه باعتبار أنه جعل المال للأباعد وَحَرَمَ منه الأقارب، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- يقول: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»[4].
ومن الأحكام: أنه ينبغي لم ترك خيرًا المبادرة إلى الوصيَّة، ومعظم الناس يُريدون أن يوصون ويُريدون أن يُوقفون، ولكن يبغتهم الموت، فلا يتمكَّنون من الوصية ولا من الوقف، وفي هذا قصص كثيرة، وأنا قابلتُ أناسًا أثرياء، وذكرتُ لهم الوصيَّة، فيقولون: إن شاء الله سنفعل كذا وسنوقف كذا. ثم يبغتهم الموت!
والإنسان لا ينتظر من ورثته أن يخرجوا عنه شيئًا، إذا لم ينفع نفسه وهو حي فلا ينتظر من الورثة أن ينفعوه بعدَ وفاته.
ولذلك ينبغي المبادرة لكتابة الوصية في حق من تركَ خيرًا، والمبادرة إلى الوقف، ولا يُسوِّف الإنسان ولا يتأخَّر، فإن الإنسان لا يَدري ما يعرض له، والله تعالى يقول: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان: 34]، فالإنسان لا يَدري ماذا سيكون في الغدِ، كم من إنسانٍ خرجَ من بيتهِ صحيحًا معافًى، لم يخطر بباله الموت ولو بنسبة 1 %، ثم أمسى مع الأموات، حصل له حادث سيَّارة، أو حصلت له سكتة قلبية، أو حصل له أي عارض؛ فانتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة في لحظات، وكان عنده آمال وخطط، وكان يريد أن يوصي، وكان يريد أن يوقف!
وكثير من الناس يُؤتَى من جهة التَّفريط، يقول: غدًا سأوصي، سأفعل في المستقبل كذا، وسأفعل كذا؛ حتى يبغته الموت أو يبغته مرض الموت؛ فلا يستطيع أن يُوصِي أو يُوقِف أو أن يتصرَّف!
فينبغي لمن ترك خيرًا -يعني مالًا- ويُريد أن يُوصي أن يُبادر إلى الوصية، وينبغي أن يكتب وصيَّته، يقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأسه»[5]. قال ابن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "لم أبت ليلةً إلا ووصيتي مكتوبة عند رأسي"، فامتثل هذا التَّوجيه من النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ.
وأقولُ: السعيد مَن وُعِظَ بغيره، والشَّقي مَن اتَّعظَ به غيره، فلا يُسوِّف الإنسان، ويا أخي الكريم! إذا كان عندك مالٌ تريد أن تُوصي فيه فابدأ واكتب وصيتك الآن، وأشهد عليها شاهِدَين واتركها، وهذا لا يضيرك؛ لأن الوصية لا تلزم إلَّا بالموت، إن شئت ألغيت هذه الوصيَّة أو عدَّلت عليها، وإن شئت أضفت عليها أو حذفت منها، فإنَّك لا تدري ما يعرض لك في المستقبل، وهذا هو الحزم، ولهذا قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأسه»، فينبغي الحرص على المبادرة بالوصية.
وينبغي أن تكون الوصيَّة مكتوبة، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- أرشد إلى ذلك فقال: «إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأسه»، مع أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- كان أمِّيًّا، وكان معظم الصحابة أمِّيُّون، ومع ذلك أرشد -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- إلى الكتابة، والله تعالى في أطول آية في القرآن أرشد إلى كتابة الدين، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]، فالكتابة تُثبت الشيء وتجعله حاضرًا، فهي مفيدة جدًّا.
وينبغي أيضًا أن يكون مع الكتابة إشهاد قطعًا للنزاع؛ ولأنه أحوط وأحفظ، قال أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي صُدُورِ وَصَايَاهُمْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلَانٌ: إِنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]"[6]، فإن صدَّرها بهذا فهو جيد، وإن لم يفعل فلا بأس، المهم أن يكتب وصيَّته.
إذًا؛ الحزمُ أن يُبادر الإنسان بكتابة وصيته وأن يُشهِد عليها، وإذا أراد أن يُوقف يُبادر بكتابة هذا الوقف وتوثيقه.
وهذه الآثار الحسنة التي تبقى للإنسان كما قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»[7]، والصدقة الجارية مثل الوقف، وفي معناها الوصيَّة، فما دام أن يُنتفَع بها فهي تدخل في الصدقة الجارية التي يجري للإنسان نفعُ أجرها وثوابها بعدَ مماته، وتكون من الآثار الحسنة، فإن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ﴾ [يس: 12]، فيُكتبُ للإنسان أمران:
الأول: ما قدَّم مما عملت يده من صلاة وصيام وزكاة.
الثاني: الآثار، إن كانت آثارًا حسنةً فله، وإن كانت آثارًا سيئةً فعليه.
ومن الآثار الحسنة: الصدقة الجارية، فالوقف أو الوصية من الآثار الحسنة، تدر عليه حسنات في قبره ما دام يُنتَفعُ بها.
إذًا؛ من ترك خيرًا ومن عنده مال يُريد أن يُوصي فيه فليبادر إلى كتابة وصيَّته، وليُشهِد عليها.
قوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، يدل على أن الأصل هو وجوب الالتزام بلفظ الموصِي والموقِف، فتُنفَّذ الوصيَّة كما أراد المُوصِي، وليس لك أنتَ أيُّها النَّاظر على الوصيَّة والوقف أن تجتهد، بل تنفذها كما أراد، ولا يجوز تبديل الوصية، ولا يجوز تبديل الوقف، ولهذا قال -تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، وهذا يدل على أن المُبدِّل يأثم بهذا التبديل، ولهذا ختم الله -تعالى- الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، وهذا فيه نوع من التَّهديد؛ لأن -عّزَّ وَجَلَّ- مطَّلعٌ عليكَ إذا بدَّلتَ أو حرَّفتَ في الوصية أو الوقف.
وللفقهاء كلمة مشهورة في معنى الأوقاف، فيقولون: لفظُ الواقفِ كلفظِ الشَّارعِ.
ووجَّه هذا ابن تيمية وابن القيم وجماعة من أهل العلم بأن المقصود به: الفهم والدَّلالة، يعني: أن ألفاظ الواقف والمُوصِي كألفاظ الشَّارع في الفهم والدَّلالة من حيث تقييد المطلق، وتخصيص العام، ونحو ذلك.
وهذا يدل على أهمية العناية بتنفيذ الوصية والوقف كما أراد الموصي أو الموقف، ما لم يكن ذلك أمرًا محرَّمًا، فإذا كان محرمًا فيُشرَع تبديله، ولكن إذا كان أمرًا مباحًا أو أمرًا مشروعًا فيجب أن تُنفَّذ الوصيَّة أو الوقف كما اراد الموصي وكما أراد الموقف.
وفي هذه الآية الوعيد في حق مَن بدَّل ذلك، قال تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾، أي: بعدما سمع الموصِي أو المُوقِف، قال: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، وهذا يقتضي الإثم على مَن حرف الوصية ومن حرف الوقف وبدل فيهما، فلا يجوز التَّعرُّض للوصيِّة أو الوقف.
وسبحان الله! هناك قصص مُتواترة عن أناس تعرَّضوا لأوقافٍ ووصايا فعُوجلوا بعقوبات، فمن تعرض لوقفٍ أو وصيَّةٍ أو حرَّف فيها أو بدَّلَ فيها أو أكلها؛ فإنه يُمحق، إمَّا محقًا لصحته، أو محقًا لماله، أو يُعاجَل بعقوبة، لأن هذا يقتضي الإثم الشَّديد في حق مَن فعل ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يتعرَّض لوقف أو وصيَّة، فيأكل وقفًا أو وصيَّةً أو يُحرِّف فيها أو يُبدِّل، فإذا كان مجرَّد التَّبديل في الوصيَّة يقتضي الإثم؛ فكيف بمن يأكل الوصيَّة أو يأكل الوقف!! فهذا إثمه أعظم وأشد عند الله -عّزَّ وَجَلَّ.
فانظر إلى عناية القرآن الكريم بموضوع الوصايا، فهذه الآيات الثلاث كلها عن أحكام الوصايا.
وأيضًا في آيات المواريث، في قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 11]، وفي الآية الأخرى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ [النساء: 12]، فانظر إلى هذه العناية من الله -عّزَّ وَجَلَّ- بموضوع الوصيَّة، وأنَّه ينبغي أن تُنفَّذ كما أراد الموصي، وكما أراد الموقِف.
ومن الأحكام: أنَّ قوله -تعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾، دلَّ على أنه يجوز لسامعِ الوصيَّة وهكذا للوكيل وللنَّاظر تبديل ما كان فيها من خطأٍ، وهذا الخطأ الذي يكون في الوصيَّة إمَّا أن يكون بطريق العمد، أو يكون بطريق الخطأ، وذكر الله -تعالى- الأمرين جميعًا، فقال -سبحانه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾، قال ابن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: "الجنف: هو الخطأ. والإثم: هو العمد"، يعني إذا حصل في هذه الوصية أو في هذا الوقف خطأ بأن:
- أوصى للوارث، فهنا تعدَّل هذه الوصية؛ لأنه لا تجوز الوصية لوارث، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ».
- أو أوصى بأكثر من الثُّلث، فهنا تُعدَّل الوصيَّة.
- أو أنَّه أوقفَ وقفًا على الذكور دون الإناث.
- أو أوقف وقفًا على أولاده من زوجةٍ دون أولاده من زوجة أخرى.
فهذه كلها أخطاء، ولا تخرج من أن تكون إمَّا عن عمدٍ أو عن غير عمدٍ، فإن كانت عن عمدٍ فعبَّر الله -عّزَّ وَجَلَّ- عن ذلك بالإثم، وإن كان عن غير عمدٍ فعبَّر الله -تعالى- عن ذلك بالجَنَف.
قال -تعالى: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾، هذا لإصلاح إما أن يكون في حياة الموصي أو بعد مماته:
- إن كان ذلك في حياة الموصي، فيكون الإصلاح بموعظة الموصي والإنكار عليه، فيقول له: أنتَ أخطأتَ في هذه الوصيَّة، فأنت أوصيتَ لوارث ولا تجوز الوصية لوارث.
- وإذا كان بعد وفاته، فإن هذه الوصية أو هذا الوقف يُعدَّل، ولا حرج على هذا المعدِّل، ولهذا قال -سبحانه: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾؛ ولأنَّ الله -تعالى- لما حذَّر من التبديل في الآية السابقة فقد يُفهم أن هذا التبديل لا يجوزُ مطلقًا، فبيَّن الله -تعالى- أن التبديل جائز في حال إصلاح الخطأ، فرفع الله الإثم والحرج والجناح عليه، وختم الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ لأن هذا إنما قصد الإصلاح.
وينبغي أن يكون هذا عن علمٍ، فلا يأتي إنسان جاهل ويعدِّل في الوصيَّة ويقول: أنا نيَّتي حسنة! فالنيَّة الحسنة لا تكفي في هذا، فلابدَّ أن يستشير أهل العلم في تبديل الوصيَّة وما يفعل بها، فالتعديل والتبديل على الوصية والوقف يكون بعد استشارة أهل العلم، لأن هذا الوكيل أو النَّاظر قد يظن شيئًا خطأ والواقع أنه ليس خطأً، فعلى ذلك ليس له أن يُبدِّل.
ولابدَّ أن يكون هذا التبديل بقصد الإصلاح، لقوله تعالى: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾، لأنه إنما فعل ذلك لأنه ليس له مصلحة شخصيَّة، وإنما بقصد إصلاح هذا الخطأ الذي وقع في هذه الوصية. وختم الله -تعالى- الآية بقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
{هل هناك حالات تجوز فيها الوصية لوارثٍ؟}.
لا يجوز أن يُوصَى لوارث؛ لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، لكن هل يجوز أن يُوقَف على الوارث؟
هناك فرقٌ بين الوقف والوصية، أمَّا الوصية فلا تجوز للوارث مطلقًا ابتداءً حتى لو رضيَ الورثة، أمَّا بعد الوفاة فيُرجَع للورثة، فيُقال: إن رضيتم تُنفَذ الوصيَّة، وإن لم ترضوا فإنَّها لا تُنفَذ؛ لأن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- علَّلَ بعلَّة فقال: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ»، فلا داعي لهذا التَّصرف، وقسمةُ الله عادلة.
وتأتينا قضيَّة الوقف على الورثة، فالوقف على الورثة يختلف عن الوصية للورثة، فالوصية للورثة لا تجوز، ولكن الوقف على الورثة جائز في قول عامَّة أهل العلم، فيجوز للإنسان أن يُوقِف على أولاده، ويجوز أن يُوقِف على زوجته، ويجوز أن يُوقِف على ورثته، أو يُوقِف على نفسه.
ما الفائدة من الوقف على الأولاد، مع أن المال سيؤول تركة لهم؟
الجواب: الفائدة من ذلك هو بقاء ذلك الأصل، مثلًا: عنده بيت، ويخشَى بعد وفاته أن يُباع هذا البيت وكل من الورثة يأخذ نصيبه من قيمته، فصاحب البيت يقول: أنا لا أريد أن يُباع هذا البيت، وأريد أن يبقى هذا البيت مركزًا للأسرة، كأن تبقى فيه والدتهم معزَّزة مُكرَّمة في هذا البيت، ليس لأحدٍ عليها منَّة، أو يبقى فيه محتاج، كأن تكون امرأة مُطلَّقة من بناته، فتحتاج أن تبقى في هذا البيت، أو بعض الأبناء يحتاج إلى ذلك، وقد يكون فيه قُصَّر، فيُوقِف هذا البيت ليسكن فيه المحتاج من الورثة، فإذا لم يحتج أحد فإنه يُؤجَّر ويُقسَم الإيجار على الورثة، أو يُصرَف في وجوه البر، فهذا لا بأس به؛ بل إنَّ مَن يفعل ذلك يكون قد أحسنَ للورثة إحسانًا عظيمًا، وأحسنَ إلى عائلته؛ لأنَّه رتَّبَ أمورهم، فيبقون مجتمعين في هذا البيت، تبقى الأم أو يبقى القُصَّر والمحتاجون في هذا البيت، ما أحد يهددهم ببيع البيت.
بعض الورثة عندما يموت الميت يبيعون البيت، وقد يكون فيه بعض النساء الضعيفات أو القُصَّر، فأين يذهبون؟! فبعد أن كانوا في بيت والدهم ينتقلون من إيجار إلى إيجار! فلو أن هذا المورِّث أحسنَ إليهم بوقف هذا البيت لبقوا في هذا البيت معزَّزين مكرَّمين.
ولهذا فأنا أوجِّه النَّصيحة وأقول للإخوة المتابعين والمشاهدين: مَن كان عنده بيت مِلْك ويرغب في أن يكون هذا البيت مركزًا لعائلته بعدَ وفاته؛ ينبغي أن يُوقفه، فيقول: هذا البيت وقفٌ على المحتاج من الورثة، ولا يُسمِّي أناسًا، فيقول: المحتاج، أو من يرغب في السُّكنى فيه، ثم يُبيِّن ماذا سيكون البيت إذا لم يحتجْه أحد، فإن لم يُوجد محتاج أو من يرغب في سكناه فيُؤجَّر ويُصرف ريعه إمَّا بقسمته على الورثة أو بذله في وجوه البر، فهذه من التَّصرُّفات الحسنة التي يُحسن فيها الإنسان إلى عائلته.
أيضًا الوقف على النفس لا بأس به، كأن يريد الإنسان أن يُوقف ولكن يخشى أن يحتاج، يقول: عندي هذا العقار هو وقف في وجوه البر، ولكن أستثني نفسي فأتصرف في ريعه طيلة حياتي بما أريد، وبعد وفاتي يكون في وجوه البر؛ فهذا أيضًا لا بأس به على القول الراجح، وقد ذكر هذا ابن القيم وجماعة.
ماذا يستفيد الإنسان من الوقف على النفس؟
يستفيد أنه لو قدَّر الله تعالى عليه شيئًا فسيكون هذا وقفًا؛ لأن أحيانًا تأتي الأمور فجأة، فأحيانًا تأتي سكتة قلبية أو حادث، وفي الوقت نفسه هو يخشى أن يحتاج إلى غيره، فيستثني نفسه، فيقول: بشرط أن أتصرف في ريعه في حياتي بما أريد.
فهذه من الصور الحسنة التي يفعلها بعض الناس، والتي تحقق المقصود من الوقف أو من الوصية، وفي الوقت نفسه يتوسَّع الإنسان بهذا الاستثناء أو بهذا الشرط.
{ورد في بعض ألفاظ الوصايا: "وأن عيسى حق"، فهل هذا اللفظ صحيح؟}.
هذا جاء في بعض الأحاديث عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «وأنَّ عِيسَى عبدُ اللهِ، وَرَسُولُه»، وهذا فيه رد على من جعلوا عيسى إلهًا أو جعلوه ابنًا لله -تعالى الله عن ذلك- فبعض النصارى يجعلونه إلهًا كما قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: 17]، وبعضهم يجعله ابنًا لله، قال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: 30]، والعجيب أن عيسى -عليه الصلاة والسالم- لمَّا أنطقه الله -تعالى- في المهد، فكانت أول كلمة قالها: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ [مريم: 30]، فهو عبد الله ورسوله.
فهذه اللفظ وردت في بعض الأحاديث «وأنَّ عِيسَى عبدُ اللهِ، وَرَسُولُه»، للردِّ على هذه الطوائف التي تعتقد هذه الاعتقادات المنحرفة في نبي الله عيسى.
{قول الموصي: بيتي وقف في حال موتي. هل هذه صيغة صحيحة، وهل يكون البيت أثناء حياته مِلْك أو وقف لا يتصرف فيه؟}.
هذا هو الوقف المعلَّق بالموت، قال الفقهاء: إنه يأخذ حكم الوصية، فلا يزيد على الثُّلث، ولكنه يكون وقفًا، ويكون معلقًا بالموت، وهو قبل الموت ليس بوقفٍ، وهو هنا يشترك مع الوصية في كونه لا يزيد على الثلث.
أما لو كان وقفًا منجَّزًا لم يتقيَّد بالثلث، فإذا أراد الإنسان أن يُوقف في حياته وقفًا منجَّزًا -ليس معلقًا بالموت- فله أن يوقف حتى ماله كله، والأفضل أن لا يفعل؛ لأنه قد يحتاج ولا يدري ما يعرض له.
ولهذا لَمَّا قال كعب بن مالك: إنَّ من توبتي يا رسول الله أن انخلع من مالي صدقة لله، فقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهو خَيْرٌ لَكَ»[8].
كيف نجيب عمَّا فعله أبو بكر لما أتى بماله كله، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- له: «ما أبقيت لأهلك؟»، قال: أبقيتُ لهم الله ورسوله؟
نقول: إن حالة أبي بكر هي حالة خاصَّة، فأبو بكر عنده من عظيم اليقين والتوكُّل على الله -عّزَّ وَجَلَّ- ما ليس عند غيره، وهذه حالة نادرة لا تتأتَّى لأكثر الناس، فلا يُقاسُ عليها، ولذلك قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- لبقية الصحابة: «أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهو خَيْرٌ لَكَ».
{هل يُقال: إن أبا بكر أنفق ماله كله في حالة معيَّنة، وهي حاجة الصحابة إلى هذا المال للغزو. وهل هذا وصفٌ معتبر؟}.
اختلفت الروايات في إنفاق أبي بكر جميع أمواله، في بعض الروايات أنه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنفق ماله عند الهجرة، وفي بعض الروايات أنه أنفقه في غزوة تبوك، وما يهمنا في قصَّة أبي بكر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: اليوم أُسابق أبا بكر، فأتى عمر بنصف ماله، قال له النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟». قال: أبقيتُ لهم مثله. فأتى أبو بكر بماله كله، فقال عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا"[9].
فأبو بكر هو أفضل الصحابة، وهو أعلم الصحابة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجمعين.
{في ختام هذه الحلقة لا يسعنا -أيها المشاهدون- إلا أن نشكر فضيلة الشيخ الدكتور/ سعد بن ترك الخثلان، شكر الله لكم فضيلة الشيخ هذا الطَّرح وهذا العلم، نفع الله بكم الإسلام والمسلمين}.
بارك الله فيكم، وشكر الله لكم وللإخوة المشاهدين.
{نشكركم أنتم أيها المشاهدون الكرام على حسن استماعكم وإنصاتكم، نلقاكم -بإذن الله- في حلقةٍ جديدة في الأسبوع القادم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.
-----------------------------
[1] وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَقَدْ قَوَّى حَدِيثَهُ عَنِ الشَّامِيِّينَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَهَذَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ وَهُوَ شَامِيٌّ ثِقَةٌ، وَصَرَّحَ فِي رِوَايَتِهِ بِالتَّحْدِيثِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
[2] متفق عليه
[3] رواه أبو داود
[4] متفق عليه
[5] متفق عليه
[6] مصنف عبد الرازق.
[7] رَوَاهُ مُسْلِمٌ
[8] رواه مسلم
[9] رواه أبو داود

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك