الدرس السادس

فضيلة الشيخ د. حسن بن محمد الحفظي

إحصائية السلسلة

6197 6
الدرس السادس

تصريف العزي

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على بينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد؛ فلا زلنا في الفعل الناقص، وأعيد تعريفه، فالفعل الناقص هو: ما كانت لامه حرف علة، فتكون واوًا وتكون ياءً وتكون ألفًا. الواو مثل: "يدعو"، والياء مثل: "يرمي"، والألف مثل: "يخشى".
وحركتها في الفعل المضارع:
- يُرفع بضمة مقدرة في الجميع.
- ويُنصب بفتحة ظاهرة في الواو والياء.
- ويُنصب بفتحةٍ مقدَّرة مع الألف، مثل: "يخشى".
- ويُجزم في ثلاثتها بحذف حرف العلة.
قال المصنف -رحمنا الله وإياكم وإياه: (ويُسْقِطُ الجازِمُ والنّاصِبُ النُّوناتِ)، يقصد النون التي تلحق المضارع في الأفعال الخمسة، فهذه كلها تسقط.
والأفعال الخمسة هي: كل فعل مضارع اتَّصلَ به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة.
فهذه تُحذف نونها عند الجزم، تقول: "لم يذهبوا، فإن لم تفعلوا، لم يسافرا، لم تذهبي يا فاطمة"، فتحذف النون.
قال: (سِوى نُونِ جَماعَةِ المُؤَنَّثِ)، إلا نون جمع المؤنث، فهذه ليست من الفعل أصلًا، وإنما هي نون مستقلة وهي اسم فلا تحذف، فقد تكون فاعلًا، أو اسم "كان" إذا كان معها مضارع، مثل "تكونون"؛ فهذه لا تحذف.
الحاصل: جميع النونات تُحذف.
فَتَقُولُ: "لَمْ يَغْزُ" حذفت الواو.
وفي "لَمْ يَغْزُوَا" ثبتت الواو وحذفت النون لأن أصله "يغزوان".
وفي "لَمْ يَغْزُوا" حُذفت النون.
وفي ""لَمْ تَغْزُ يا عبد الله"، حذفت الواو.
وفي "لَمْ تَغْزُوا" حذفت النون.
وفي "لَمْ يَغْزُونَ" ثبتت النون لأنها نون النسوة.
فهناك فرقٌ بين قولك: "الرجال يدعون" و"النساء يدعون"، قال تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: 237]، فـ "يعفون" فعل مضارع، والنون الموجودة ليست نون الأفعال الخمسة، بل هي فاعل، ففرق بين النون في قولك "الرجال يعفون" وقولك: "النساء يعفون".
فالنون في "الرجال يعفون": نون الرفع، تُحذف إذا دخل ناصبٌ أو جازمٌ.
والنون التي في "النساء يعفون" ثابتة لأنها فاعل، والبناء على الواو بالسكون، فيكون وزنه "يَفْعُلْنَ".
ويقولون: هناك خمسة فوارق بين "الرجال يعفون" و"النساء يعفون"؛ لكن هذا في النحو لا شأن لنا به، فنحن الآن في الصرف، لكن فيه فرق واحد له علاقة بالصرف، ولذلك سأذكره، وهو: وزن "يَعْفونَ" إذا قلت: "الرجال يعفون" ووزن "يَعْفونَ" إذا قلت: "النساء يعفون".
أما وزن "يَعْفُون" مع الرجال: "يَفْعُونَ" لأن لامها محذوفة، وأصلها "يعْفُوُون".
أما وزن "يَعْفُون" مع النساء: "يَفْعُلْنَ"، لأن الواو التي هي آخر الفعل موجودة.
ثم تقول: "لَمْ تَغْزِي يا هند"، و"لَمْ تَغْزُوَا يا هندان"، و"لَمْ تَغْزُونَ يا نسوة"، و"لَمْ أغْزُ، لَمْ نَغْزُ، ولَمْ يَرْمِ، لَمْ يَرْمِيا، لَمْ يَرْمُوا"، كل هذه على حسب القواعد التي ذكرناها سابقًا.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وتَثْبُتُ لامُ الفِعْلِ فِي فِعْلِ الاِثْنَيْنِ وجَماعَةِ الإناثِ، وتُحْذَفُ مِن فِعْلِ جَماعَةِ الذُّكُورِ وفِعْلِ الواحِدَةِ المُخاطَبَةِ).
فَتَقُولُ: "يَغْزُو" للواحد، و"يَغْزُوانِ" للاثنين، و"يَغْزُونَ" للجماعة.
تنبيه!
الواو في "يَغْزُونَ" مع الرجال ليست واو الفعل، وإنما هي واو الجماعة، فهي فاعل، أما واو الفعل فقد حذفت لالتقاء الساكنين.
وتقول: "تَغْزُو هندٌ"، و"الهندان تَغْزُوانِ"، و"هنَّ يَغْزُونَ"، أو "الرجال يَغْزون"، و"هندٌ تَغْزُو"، و"هما تَغْزُوانِ"، و"أنتنَّ يا نسوة تَغْزُونَ"، و"أنتِ يا فاطمة تَغْزِينَ"، و"أنتما تَغْزُوانِ يا هند ويا فاطمة"، و"أنتنَّ يا هند ويا فاطمة ويا عائشة تَغْزُونَ"، وأنا أغْزُو"، و"نحن جماعة الذكور نَغْزُو".
قال: (ويَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ جَماعَةِ الذُّكُورِ والإناثِ)، جاءَ بما كنتُ هاربًا منه!
سنشرح ما ذكر:
قوله: (ويَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ جَماعَةِ الذُّكُورِ والإناثِ)، في الفعل الناقص تقول "الرجال يَعْفُونَ" و"النساء يَعْفُونَ".
قوله: (فِي الخِطابِ والغَيْبَةِ جَمِيعً)، تقول: "الرجال يَعْفُونَ، والنساء يَعْفُونَ"، و"أنتم تَعْفُونَ، وأنتنَّ تَعْفُونَ".
قال: (ووَزْنُ جَمْعِ المُؤَنَّثِ: "يَفْعُلْنَ وتَفْعُلْنَ")، كما ذكرتُ لكم قبل قليل.
وتَقُولُ: "يَرْمِي" للواحد، لأن آخرها ياء، و"يَرْمِيانِ" للاثنين، و"يَرْمُونَ" لجماعة الذكور، و"تَرْمِي أنتَ وتَرْمِيانِ أنتما، ويَرْمِينَ النسوة، وتَرْمِي فاطمة وتَرْمِيانِ هند ودعدًا، وتَرْمُونَ أنتنَّ يا نسوة، وتَرْمِينَ يا هند، وتَرْمِيانِ يا هندانِ، وتَرْمِينَ يا نسوةُ، وأرْمِي أنا، ونَرْمِي نحن".
قال: (وأَصْلُ: يَرْمُونَ: يَرْمِيُونَ)، تحرَّكت الواو، استُثقلَت الضَّمَّة على الياء فتُحذَف فتصير ساكنة، فتلتقي الواو والياء، الواو اسم وهي كلمة مستقلة، والياء حرف وهو جزءٌ من الكلمة؛ فنحذف الياء، ونُبقي الواو، وهذا إذا كان لجماعة الذكور.
قال: (فَفُعِلَ بِهِ ما فُعِلَ بِـ "رَضُوا")، يعني أصلها "رَضِيُوا"، لأنه استُثقِلَت الضَّمَّة على الياء، فحُذفَت الضَّمَّة، فالتقا ساكنان -الواو والياء- ولابد من حذف واحد منهما، لأنهما حرفا علَّة، فلو كان واحد منهما صحيحًا لحرَّكناه، فلابد أن نوازن بينهما، والأولى أن نحذف الياء لأنها جزء من كلمة، أما الواو فهي كلمة كاملة. هذا جانب.
الجانب الثاني: الياء حرف، والواو اسم، والاسم أولى بالبقاء.
قال: (وهَكَذا حُكْمُ كُلِّ ما كانَ ما قَبْلَ لامِهِ مَكْسُورًا: كَـ "يُهْدِي، ويُناجِي، ويَرْتَجِي، ويَنْبَرِي، ويَسْتَدْعِي، ويَرْعَوِي، ويَعْرَوْرِي). وتَقُولُ: "يَرْضى يَرْضَيانِ يَرْضَوْنَ").
وتقول: "تَرْضى يا عبد الله، وتَرْضَيانِ يا زيدان، ويَرْضَيْنَ النسوة، وتَرْضى هندٌ، وتَرْضَيانِ الهندان، وتَرْضَوْنَ يا رجال، وتَرْضَيْنَ يا نسوة، وتَرْضَيانِ يا هندان، وتَرْضَيْنَ يا نساء، وأرْضى أنا، ونَرْضى نحن".
قال: (وهَكَذا قِياسُ كُلِّ ما كانَ ما قَبْلَ لامِهِ مَفْتُوحًا، نَحْوُ: "يَتَمَطّى، ويَتَصابى، ويَتَصَدّى، ويَتَقَلْسى") "يَتَقَلْسى" أي: يلبس القلنسوة -فيما يظهر لي.
قال: (ولَفْظُ الواحِدَةِ المُؤَنَّثَةِ فِي الخِطابِ كَلَفْظِ الجَمْعِ المُؤَنَّثِ فِي بابَيْ "يَرْمِي ويَرْضى"، والتَّقْدِيرُ مُخْتَلِفٌ، فَوَزْنُ الواحِدَةِ: "تَفْعِينَ وتَفْعَيْنَ"، ووَزْنُ الجَمْعِ: "تَفْعِلْنَ وتَفْعَلْنَ").
تقول: "ترمِين يا فاطمة" بالكسر على وزن "تَفْعِينَ"، و"تَرْضَينَ يا هندُ" بالفتح والمقصود واحدة.
فإذا جئتَ للجمع فإنه يبقى الفعل كاملًا، ويكون مبنيًّا على السكون، فتقول: "أنتنَّ تَرْمِينَ"، فيصير وزنه "تَفْعِلْنَ"، وتقول: "أنتنَّ تَرْضَيْنَ" فيصير وزنه "تَفْعَلْنَ".
باب: الأمر من الناقص.
الواحد: "اغْزُ".
الاثنان: "اغْزُوَا".
الجماعة: "اغْزُوا".
الواحدة: "اغْزِي".
الاثنتان: "اغْزُوا".
و "اغْزُونَ يا هندات".
و"وارْمِ": للواحد.
و"ارْمِيا": للاثنين.
و "ارْمُوا" للجماعة.
و"ارْمِي يا هند". من يستطيع أن يعرب "ارمي"؟
"ارمي" فعل أمرٍ مبني على حذف النون، والياء فيه فاعل.
وكذلك "ارميا" مبنيٌّ على حذف النون، والألف فاعل، والياء من أصل الكلمة.
و"وارْضَ" للواحد.
و"ارْضَيا" للاثنين.
و"ارْضَوْا" جماعة الذكور.
و"ارْضَيْ يا هندُ، وارْضَيا يا هندان، وارْضَيْنَ يا هندات".
قال: (فَإذا أدْخَلْتَ عَلَيْهِ نُونَ التَّأْكِيدِ: أُعِيدَتِ اللّامُ المَحْذُوفَةُ)، لأننا حذفناها لالتقاء الساكنين، فتجيء نون التوكيد وهي مفتوحة فتبقى، فتصير الواو متحركة والياء متحركة، فتتحصَّن عن الحذف.
فتقول: "اغْزُوَنَّ يا عبد الله، واغْزُوانِّ يا زيدان، وارْمِيَنَّ يا عبد الله، اورْمِيانِّ يا زيدان، وارْضَيَنَّ يا عبد الله، وارْضَيانِّ يا زيدان.
باب: اسم الفاعل والمفعول من الناقص.
واسْمُ الفاعِلِ مِنها: "غازٍ" للواحد، وهذا يُسمُّونه إعلال "قاضٍ" يعني ما يحصل في كلمة "قاضٍ" من الإعلال، فإن أصله "قاضيٌ" لأنه ما في داعي لحذف التنوين، والياء متحركة، فتُستثقل الحركة على الياء فتُحذف، فتصير الياء ساكنة، والتنوين ساكن، فيلتقي ساكنان، ولا نحذف التنوين لأنه جيء به لغرض، ونحذف الياء، فتقول "قاضٍ"، ومثله: "داعٍ، رامٍ، غازٍ، هادٍ".
فيُقال للواحد: "غازٍ".
وللاثنين: "غازِيانِ".
وللثلاثة فما فوق: "غازُونَ".
والواحدة: "غازِيَةٌ".
واثنتان: "غازِيَتانِ".
والثلاث وما فوقها: "غازِياتٌ".
وجمع التكسير: "وغَوازٍ".
ومثله: "رامٍ وراضٍ".
قال: (وأَصْلُ: غازٍ "غازِوٌ" قُلِبَتِ الواوُ ياءً لِتَطَرُّفِها وانْكِسارِ ما قَبْلَها، كَما قُلِبَتْ فِي: "غُزِيَ"، ثُمَّ قالُوا: "غازِيَةٌ" لأَنَّ المُؤَنَّثَ فَرْعُ المُذَكَّرِ والتّاءُ طارِئَةٌ).
ثم قال: (وتَقُولُ فِي المَفْعُولِ مِنَ الواوِيِّ: "مَغْزُوٌّ"، ومِنَ اليائِيِّ: "مَرْمِيٌّ").
وأصل "مَغْزوٌّ": "مَغْزُوُوٌ"، ثم تدغم إحدى الواوين في الأخرى.
وكذلك "مرميٌّ" أصله "مَرْمُويٌ"، فإذا التقت الواو والياء في كلمة، وكانت الأولى منهما ساكنة، قُلبت الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء.
مثلًا: "مرميٌّ" أصله "مَرْمُويٌ"، تقلب الواو ياء وتدغم في الياء.
وكذلك "سيِّد" أصله "سيْود"، و"ميِّت" أصله "ميوت"؛ تقلب الواو ياءً وتدغم الياء في الياء.
قال: (تُقْلَبُ الواوُ ياءً ويُكْسَرُ ما قَبْلَها، لأَنَّ الواوَ والياءَ إذا اجْتَمَعَتا فِي كَلِمَةٍ واحِدَةٍ، والأُولى مِنهُما ساكِنَةٌ: قُلِبَتِ الواوُ ياءً وأُدْغِمَتِ الياءُ فِي الياءِ، وتَقُولُ فِي "فَعُولٍ" مِنَ الواوِيِّ: "عَدُوٌّ"، ومِنَ اليائِيِّ: "بَغِيٌّ").
كيف عرفنا أن أصل "عدو" واوًا؟
الجواب: لأنها من "العدواة.
وعرفنا أن أصل "بغي" ياء: لأنها من "البغي".
و"عَدوٌّ" وزنه "فَعُول"، وتدغم الواو في الواو.
و"بغيٌّ" أصله "بغييٌ"، فتجتمع ياءان فتدغم واحدة منهما في الأخرى.
قال: (وفِي "فَعِيلٍ" مِنَ الواوِيِّ: "صَبِيٌّ")، وأصله "صبوي" من "الصبوة" لأنه واوي، ولكن اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة والأولى منهما ساكنة، فتقلب الواو ياءً كما ذكرنا قبل قليل، وتدغَم الياء في الياء.
قال: (ومِنَ اليائِيِّ: "شَرِيٌّ")، والياء الأخيرة من "شيريٌّ" هي لام الكلمة، والياء الأولى هي ياء "فَعِيل"، فتُدغَم الياء في الياء لاجتماع حرف متماثلين.
إذًا؛ هذه "فَعِيل" من اليائي تكون ياءين مجتمعتين، وفي الواوي تقلب الواو ياءً وتدغم الياء في الياء.

باب: المزيد فيه من الناقص

كان الكلام قبل قليل فيما ليس فيه زيادة، يعني حروفه كله أصلية، الآن ننتقل فيما فيه زيادة.
قال: (والمَزِيدُ فِيهِ: تُقْلَبُ واوُهُ ياءً، لأَنَّ كُلَّ واوٍ إذا وقَعَتْ رابِعَةً فَصاعِدًا ولَمْ يَكُنْ ما قَبْلَها مَضْمُومًا: قُلِبَتْ ياءً لِثِقَلِ الكَلِمَةِ، فَتَقُولُ: "أعْطى: يُعْطِي، واعْتَدى: يَعْتَدِي، واسْتَرْشى: يَسْتَرْشِي")، فـ "يسترشي" من الرشوة، وأصلها "يسترشوُ" ثم تقلب الواو ياءً لِثقلها.
قال: (وتَقُولُ مَعَ الضَّمِيرِ: "أعْطَيْتُ، واعْتَدَيْتُ، واسْتَرْشَيْتُ، وكَذَلِكَ: "تَغازَيْنا وتَراجَيْنا")، فـ "تغازينا" من الغزو، و"تراجينا" من يرجو؛ فهذه كلها واويَّة، وكذلك "أعطيتُ" من "عَطوَ"، و"اعتديتُ" من عَدَوَ؛ فكلها واويَّة، لكنها ما دامت رابعةً فصاعدًا فإنها تقلب ياءً مطلقًا.
ثم ندخل في شيءٍ اسمه: اللفيف.
واللفيف نوعان:
- لفيف مفروق.
- لفيف مقرون.
واللفيف المفروق: هو ما كان فاؤه ولامه حرفي علَّةن والعين حرف صحيح.
واللفيف المقرون: ما كانت عينه ولامه حرفي علَّة، لأنهما بجانب بعضهما.
قال المصنف: (المُعْتَلُّ العَيْنِ واللّامِ، ويُقالُ لَهُ: اللَّفِيفُ المَقْرُونُ)، لأنهما بجانب بعضهما.
قال: (فَتَقُولُ: "شَوى، يَشْوِي، شَيًّا"، مِثْلَ: "رَمى، يَرْمِي، رَمْيًا، وقَوِيَ، يَقْوى، قُوَّةً، ورَوِيَ، يَرْوى، رَيًّا" مثل: "رَضِيَ يَرْضى رَضْيًا")، يعني مشابهةً لها في الوزن وليس في النوع.
فـ "روي" لفيف مقرون، و"رضي" من الناقص.
قال: (مِثْلَ: "رَضِيَ يَرْضى رَضْيًا، فَهُوَ رَيّانُ، وامْرَأَةٌ رَيّا"، مِثْلَ: "عَطْشانٍ وعَطْشى، وأَرْوى يُرْوِي، كَأَعْطى يُعْطِي، وحَيِيَ يَحْيا، كَرَضِيَ يَرْضى، وحَيَّ يَحْيا حَياةً، فَهُوَ حَيٌّ، وحَيّا وحَيِيا، فَهُما حَيّانِ)، يعني يجوز الفكُّ والإدغام في "حيَّا - حييا".
قال: (وحَيُّوا وحَيِيُوا فَهُمْ أحْياءٌ) بالفكِّ والإدغام.
قال: (ويَجُوزُ فِيهِ: "حَيُوا" بِالتَّخْفِيفِ: كَـ "رَضُوا". والأَمْرُ مِنهُ: "اِحْيَ")، يعني من الحياة.
قال: (كـ "رْضَ")، يعني كثل "ارضَ".
قال: ("وأَحْيا يُحْيِي إحْياءً، كَأَعْطى يُعْطِي، وحايا يُحايِي مُحاياةً، واسْتَحْيا يَسْتَحْيِي اسْتِحْياءً". والأَمْرُ مِنهُ: "اسْتَحْيِ")، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَ﴾ [البقرة: 26]، وقُرِأَت بقراءة صحيحة لا إشكال فيها لا من ناحية اللغة ولا من ناحة القراءة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْي﴾ بياءٍ واحدة.
وهذا على حسب استعمالك، هل أنتَ تأتي به من الفعل "استحيا" أو من الفعل "استحى"، وورد في حديث الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، فـ "تستحِ" بدون ياء، ولو قيل "إذا لم تستحي" بإثبات الياء فيكون أصلها "استحيا"، لكن "تستحِ" أصلها "استحى" وحُذف منها حرف العلة.
قال: (وذَلِكَ الحَذْفُ لِكَثْرَةِ الاِسْتِعْمالِ كَما قالُوا: "لا أدْرِ" فِي "لا أدْرِي")، مع أن "لا" النافية لا تعمل شيئًا، فلا يُحذَف من أجلها حرف العلة لأنها نافية.
قال: (والسّادِسُ: المُعْتَلُّ الفاءِ والعَيْنِ)، وهذا قليلٌ نادرٌ جدًّا.
عندنا ما اجتمع فيه حرفان معتلان؛ فإما أن يكون:
- لفيفًا مقرونًا: يعني الحرفان بجانب بعضهما، مثل "روى، هوى".
- لفيفًا مفروقًا: يعني في أوله حرف علة وفي آخره، وبينهما حرف صحيح، مثل: "وعى، وهى، ونى"، وهذه لا إشكال فيها.
- الفاء والعين حرفا علَّة، وهذا نادر.
قال المصنف -رَحِمَهُ اللهُ: (المُعْتَلُّ الفاءِ والعَيْنِ، كَـ "يَيْنَ"، وذَلِكَ فِي اسْمِ مَكانٍ، و"يَوْمٍ، ووَيْلٍ")، الفاء والعين حرفا علَّة، وفيما أعلم لم يُسمِّه الصرفيُّون، فقد سموا ما كان في أوله وآخره لفيفًا مفروقا، وما كان في عينه ولامه: لفيفًا مقرونًا، أما هذا فلا أعلم له تسميةً، ولم أرَهُ في غير هذا الكتاب، مع أنه يحق أن يكون من تقسيمات المعتل، لأنه وُجد حرفا علة في الأول، فـ "يَيْن" اسم مكان، و"يوم، ويل" فيها الأول والثاني حرفا علة.
قال:(والسّابِعُ: المُعْتَلُّ الفاءِ والعَيْنِ واللّامِ) يعني كلها حروف علَّة، وهذا يوجد منه كلمتان فقط هما "واو" الحرف المعروف، و"ياء" وأصلها "ياي"، وإلا فإن الهمزة حرف صحيح وليس حرف علَّة، وقُلبت الياء همزة لوقعها متطرفة بعد ألف، ولا أعرف غيرهما أن يكون من أوله إلى آخره حروف علَّة.
قال: (فصل في المهموز.
حُكْمُ المَهْمُوزِ فِي تَصارِيفِ فِعْلِهِ: كَحُكْمِ الصَّحِيحِ)، يعني: أي كلمة تجد في أولها همزة مثل "أكل" أو وسطها مثل "سأل" أو آخرها مثل "قرأ"؛ فاحكم عليها بما تحكم به على الصحيح، لأن الهمزة حرف صحيح أصلي، فلا تحذف من الكلمة اي شيء إلا في كلمات محدودة سنذكرها -إن شاء الله.
تقول: "قرأ، يقرأ، اقرأ، قارئ، مقروء، قراءة، قرَّاء، قرَّاؤون"، ما تحذف منه شيء، ولا تقلب منه شيئًا، لأن الهمزة حرف صحيح.
قال: (لَكِنَّها قَدْ تُخَفَّفُ إذا وقَعَتْ غَيْرَ الأَوَّلِ)، يعني تُسهَّل إذا وقعت في النصف مثل "بأس"، أو في الأخير مثل "قرأ"، فتقول: "لم يقرا" فتسهل الهمزة.
قال: (لَكِنَّها قَدْ تُخَفَّفُ إذا وقَعَتْ غَيْرَ الأَوَّلِ لأَنَّها حَرْفٌ شَدِيدٌ مِن أقْصى الحَلْقِ، فَتَقُولُ: "أمَلَ يَأْمُلُ، كَنَصَرَ يَنْصُرُ"، والأَمْرُ: "أُومُلْ" بِقَلْبِ الهَمْزَةِ واوً).
قاعدة:
إذا التقت الهمزتان في أول الكلمة فاقلب ثانيتهما مدًّا من جنس حركة الأولى، فإذا كانت ضمَّة يناسبها الواو، إذا كانت كسرة تناسبها الياء.
مثال: "أمن" إذا أدخلت عليها همزة "أفعل" تقول: "آمن"، ومنه قوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ﴾ [البقرة: 285]، وأصلها "أأمن".
كذلك "أؤمن"، تقلب الهمزة الثانية واوًا، فتقول: "أومن"، وكذلك "إيمان" أصلها "إئمان"، فتقلب الثانية مدًّا من جنس حركة الأولى.
قال: (لأَنَّ الهَمْزَتَيْنِ إذا التَقَتا فِي كَلِمَةٍ واحِدَةٍ وثانِيَتُهُما ساكِنَةٌ: وجَبَ قَلْبُها بِجِنْسِ حَرَكَةِ ما قَبْلَها "كَآمَنَ، وأُومِنَ، وإيْمانٍ"، فَإنْ كانَتِ الأُولى هَمْزَةَ وصْلٍ: تَعُودُ الثّانِيَةُ هَمْزَةً عِنْدَ الوَصْلِ إذا انْفَتَحَ ما قَبْلَها، نَحْوُ: "وأْمُلْ").
إذا أردتَّ أن تأمر شخصًا أن يأْمُلَ، فتقول له: "أؤمل" فإذا أتيت بالواو قبلها أو بالفاء قبلها أو بـ "ثم" أو بأي حرف؛ فإنك تحذف همزة الوصل لأنَّك استغنيت عنها، وتُرجع الهمزة التي كانت مقلوبة -التي كانت ألفًا أو واوًا أو ياءً- همزة، فتقول: "وأْمُل، وأمَن".
قلنا إن المهموز كالصَّحيح لا يحذف منه شيء، ولا تُقلب الهمزة، إلا أنها تُسهَّل احيانًا، لكننا وجدنا أربعة أفعال تُحذَف الهمزة منها إذا أردتَّ فعل الأمر، اثنان من هذه الأفعال تُحذف فيها الهمزة وجوبًا، واثنان تحذف منها جوازًا.
أما الاثنان اللذان تُحذف الهمزة فيهما وجوبًا: "أخذ، أكل".
هاتِ فعل الأمر من "أخذَ"؟
الجواب: "خُذْ"، ما تقول "أؤخُذْ".
هاتِ فعل الأمر من "أكلَ"؟
الجواب: "كُلْ".
أما الفعلان اللذان تُحذَف منهما الهمزة جوازًا، فهما: "أمرَ، سأل"، إذا أردتَّ الأمر، قال تعالى: ﴿سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ﴾ [البقرة: 211]، فهذه حُذفت منها الهمزة، وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَ﴾ [يوسف: 82]، فأثبتَ الهمزة.
إذًا؛ يجوز في "أمرَ، سأل" أن تحذف همزتهما، فتقول: "أؤمر، مُرْ، سلْ، اسأل" جوازًا، أما "خُذْ، كُلْ" فهذه تُحذف منها الهمزة وجوبًا.
قال: (وقَدْ يَجِيءُ "مُرْ" عَلى الأَصْلِ عِنْدَ الوَصْلِ، كَقولِهِ تَعالى: ﴿وأْمُرْ أهْلَكَ بِالصَّلاةِ﴾. و"أزَرَ يَأْزِرُ، وهَنَأَ يَهْنِئُ، كَضَرَبَ يَضْرِبُ"، والأَمْرُ: "إيْزَرْ")، وهذا كما قلنا قبل قليل: إذا اجتمعت الهمزتان في أول الكلمة قُلبَت الثانية حرف مد من جنس حركة الأولى، فـ "إيزر" مثلها".
قال: (و"أَدُبَ يَأْدُبُ، كَكَرُمَ يَكْرُمُ")، هذه ما لها دخل، المفروض ما يأتي بها، لأننا قلنا إنَّ المهموز لا يتغيَّر فيه شيءٌ إلا في الأفعال الأربعة التي ذكرتُها قبل قليل، وهي: "أخذ، أكل" والأمر منهما "خذْ، كلْ"، و"سأل، وأمر" يجوز فيها أن تقول: "اسأل، سل، أؤمر، مُرْ"، يعني يجوز الحذف وعدمه.
ثم أيضًا يجوز التخفيف للهمزةِ حتى لو لم تكن ساكنة، فيجوز قلبها ألفًا، فتقول في "سأَل": "سالَ"، وهذه لغة، وتقول في "يسأل": "يسال"، وفي فعل الأمر: "سلْ" كما ذكرنا قبل قليل.
قال: (و"آبَ يَؤُوبُ"، و"ساءَ يَسُوءُ"، كَـ"صانَ يَصُونُ". و"جاءَ يَجِيءُ"، كَـ"كالَ يَكِيلُ")، هذه ليس فيها تغيير.
قل: (ثم تقول: "فَهُوَ ساءٍ، وجاءٍ")، يعني اسم الفاعل من "ساءَ": "ساءٍ"، واسم الفاعل من "جاءَ": "جاءٍ".
قال: (و"أَسا يأْسُو"، كَـ"دَعا يَدْعُو"، و"أَتى يَأْتِي"، كَـ"رَمى يَرْمِي")، طبعًا هو يوازن بين الفعل المهموز وغير المهموز، سواء أكان معتلًا أم غير معتلٍ.
قال: (والأَمْرُ مِنهُ: "اِيتِ")، وأصله "ائتِ".
قال: (ومِنهُمْ مَن يَقُولُ: "تِ")، وهذه لا أعرفها، ولم أرَها قبل الآن.
قال: (تَشْبِيهًا بِـ "خُذْ". و"وَأى يَئِي"، كَـ "وَقى يَقِي". و"أَوى يَأْوِي أيًّا"، كَـ "شَوى يَشْوِي شَيًّا"، والأَمْرُ: "اِيوِ". و"نَأى يَنْأى"، كَـ "رَعى يَرْعى")، والأمر منه "اِنأَ" مثل "اِرْعَ".
ننتقل إلى تغيير آخر في المهموز.
الفعل "رأى" مضارعه: "يَرَى" قولًا واحدًا، ولا يأتي "يرأَى"، يعني تُحذف همزة المضارع من الفعل "رأى" فتقول "يرى".
قال: (لَكِنَّ العَرَبَ قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلى حَذْفِ الهَمْزَةِ مِن مُضارِعِهِ، فَقالُوا: "يَرى، يَرَيانِ، يَرَوْنَ، تَرى، تَرَيانِ، يَرَيْنَ، تَرى، تَرَيانِ، تَرَوْنَ، تَرَيْنَ، تَرَيانِ، تَرَيْنَ، أرى، نَرى")، هذه كلها في الفعل المضارع تحذَف منه الهمزة باتفاق، ولا أعلمُ مخالفًا في ذلك.
قال: (واتَّفَقَ فِي خِطابِ المُؤَنَّثِ لَفْظُ الواحِدَةِ والجَمْعِ، لَكِنَّ وزْنَ الواحِدَةِ: "تَفَيْنَ"، والجَمْعِ: "تَفَلْنَ").
يعني إذا خاطبتَ امرأة فإنَّك تقول لها "تَرِيْن" بحذف الهمزة، ووزنها "تَفَيْنَ"، لأن الياء الموجودة هذه ليست ياء الكلمة، وإنما هي ياء المخاطبة -الفاعل.
أما في الجمع فإنَّك تقول: "أنتنَّ يا نسوة ترينَ"، فتكون الياء هي لام الكلمة، لننا قلنا إن نون النسوة إذا لحقت بالفعل المضارع بُني على السكون، فتبنى هذه الكلمة على السكون، فوزن "تَرَيْنَ" في النوة: "تَفَلْنَ" قد حذفت عينها فقط، أما وزن الواحدة فإنه "تَفَيْنَ"، لأنه حذفت عينها ولامها.
قال: (وإذا أمَرْتَ مِنهُ قُلْتَ عَلى الأَصْلِ: "اِرْءَ"، كـ"ارْعَ")، يعني إذا أمرتَ من "رأى" فإنَّك تقول "اِرءَ" مثل "اِرْعَ"، أو تقول: "رَ"، لكنك إن وقفت على الراء هذه فلابد أن تأتي بعدها بهاء السكت فتقوله "رَه"، فإن وصلتها مع ما بعدها فلك الوجهان:
- أن تذكر هاء السكت، فتقول: "رَه يا عبد الله".
- أن تحذفها. فتقول: "رَ يا عبد الله".
أما إذا وقفتَ على "رَ" فلابد من المجيء بهاء السكت وجوبًا.
وبالتأكيد إذا أردتَّ تأكيد فعل الأمر "رأى" فإنَّك تقول: "رَيَنَّ يا عبد الله، ورَيانِّ يا زيدان، ورَوُنَّ يا رجال، ورَيِنَّ يا هند، ورَيانِّ يا هندان، ورَيْنانِّ يا هندات".
قال: (وبِالخَفِيفَةِ)، يعني بنون التوكيد الخفيفة.
تقول: "رَيَنْ يا عبد الله، ورَوُنْ يا رجال، ورَيِنْ يا نسوة".
اسم الفاعل ومثل: "هُوَ راءٍ، وهما رائِيانِ، وهم راؤُونَ"، كَـ "راعٍ راعِيانِ راعُونَ".
واسم المفعول: "وذاكَ مَرْئِيٌّ كَمَرْعِيٍّ"، وأصلها "مرؤويٌ" على وزن "مفعول"، فاجتمعت الواو والياء في كلمة وقُلبت الواو ياءً، وأدغمت الياء في الياء وجوبًا.
ووزن "أَفْعَلَ" من "رَأى"، تقول: "فلانٌ أَرَى فلانًا" يعني: جعله يرى؛ فإنَّك تحذف عينه أيضًا، ما تقول "أرآه"، وإنما تقول "أراهُ"، ومنه قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: 167]، ما قال "يُرئيهم"، وهذا الفعل ذكرته في الفعل المتعدي واللازم، فهو من الأفعال التي تنصب ثلاثة مفعولات.
إذًا؛ "أرى" تُحذف عينه، وأصله "أرأى" على وزن "أَفْعَلَ".
- ومضارعه محذوف الهمزة "يُري" وأصله "يرئي".
- والمصدر "إراءَةً، وإراءً، وإرايَةً".
- واسم الفاعل للواحد: "فَهُوَ مُرٍ"، وأصله "مُرئِي".
- واسم الفاعل للاثنين: "مُرِيانِ"، وأصله "مُرئيانِ".
-واسم الفاعل الواحدة: "مُرِيَةٌ" بدون همزة.
- واسم الفاعل للاثنين: "مُرِيَتانِ".
- واسم الفاعل لجماعة النساء: "مُرِياتٌ".
- واسم المفعول للواحد: "مُرًى".
- واسم المفعول للاثنين: "مُرَيانِ".
- واسم المفعول للجماعة: "مُرَوْنَ".
- واسم المفعول للواحدة: "مُراةٌ".
- واسم المفعول للاثنتين: "مُراتانِ".
- واسم المفعول لجماعة النساء: "مُرَياتٌ.
والتصاريف هذه كلها محذوفة الهمزة منها التي هي عين الكلمة، وأصلها "رأى"، سواء في الفعل الذي على وزن "أَفْعَل" أم في المضارع من "رأى"، فإنه "يرى"، وأصله "يرأَى" والله أعلم.
وتَقُولُ فِي الأَمْرِ مِنهُ: "أرِ أنتَ عبد الله"، تخاطبة بأن يري زيدًا كذا، فتقول "أره الحق ليتَّبعه"، وأصلها "أرئه"، ولكن حذفت همزتها باتفاق.
وتقول: "أرِيا" للاثنين. و"أرُوا" للثلاثة فما فوق، و"أنتِ يا هند أرِي أختك الحق، وأرِيا يا هندان، وأرِينَ يا نسوة".
ثم إذا أدخلتَ عليه نون التوكيد فإنَّك تقول للواحد: "أرِيَنَّ"، واصله "أرئينَّ".
وللاثنين: "أرِيانِّ".
وللجماعة: "أرُنَّ".
والواحدة: "أرِنَّ".
والاثنتان: "أرِيانِّ" مثل المذكر.
وجمع النساء: "أرِينانِّ".
وعند النَّهْيِ فإنك تقول: "لا تُرِ زيدًا"، واصله: "لا ترءِ"، وتحذف الياء للجزم، وتقول "لا تثرِهِ".
وتقول: "لا تُرِيا يا زيدان، ولا تُرُوا يا رجالُ، ويا هندُ لا تُرِي، ويا هندانِ لا تُرِيا، ويا نساءُ لا تُرِينَ"، لم نحذف النون مع جمع المؤنث، لأنها ليست نون الفعل، وهذا ليس من الأفعال الخمسة حتى نحذف النون، بل إن النون هي نون جمع المؤنث السالم وهي فاعل.
ثم إذا أكَّدتَّ النهي تقول: "لا تُرِيَنَّ"، و"لا تُرِيانِّ" للمثنى، و"لا تُرُنَّ" للجماعة، و"لا تُرِنَّ" للمرأة، و"لا تُرِيانِّ" للمرأتين، و"لا تُرِينانِّ" لجماعة الإناث.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وتَقُولُ فِي "افْتَعَلَ" مِن مَهْمُوزِ الفاءِ: "اِيتالَ"، كـ"اخْتارَ")، فأصله "ائتأل، ثم اجتمعت الهمزتان في الأول، فقلبنا الثانية مدَّة من جنس حركة الأولى.
قال: (و"اِيتَلى"، كـ"اقْتَضى"). وأصله "ائتلى".
فصل في بناء اسمي الزمان والمكان.
اسم الزمان واسم المكان لا يخلو من أن يكون من فعل ثلاثي، أو من فعل غير ثلاثي.
فأما الفعل الثلاثي: فاسم الزمان واسم المكان منه يأتي على وزن "مَفْعِل" إذا كان مضارعه مكسور العين، مثل "جلسَ يجلس" فاسم الزمان واسم المكان منه "مَجْلِس".
وكذلك "باتَ يبيتُ"، تقول فيه: "مَبيت" في اسم الزمان واسم المكان.
والمقصود باسم الزمان واسم المكان: لفظان يدلَّان على زمان وقوع الفعل ومكان وقوع الفعل.
فأنت تقول مثلًا: "موعدنا جنوب الرياض" فهذا اسم مكان.
وتقول: "موعدنا بعد العصر"، فهذا اسم زمان.
إذًا؛ إذا كان اسم الزمان واسم المكان من الثلاثي فهو على وزن "مَفْعِل" بشرط أن يكون مسكور العين في المضارع.
أما إن كان مفتوح العين أو مضموم العين في المضارع فإنه يصير على وزن "مَفْعَل".
مثل: "ذَهَبَ يَذْهَبُ"، فاسم الزمان والمكان "مَذْهَب".
وكذلك "قَتَلَ يَقْتُلُ"، فاسم الزمان والمكان "مَقْتَل"، وكذلك "مَشْرَب، ومَقَام، ومَدْبَغ".
قال: (وشَذَّ)، يعني لم يأتِ على وزن "مَفْعَل" مجموعة من الألفاظ، وهي:
- "المَسْجِدُ"، فكان حقه أن يُقال "مَسْجَد"، لأنه من "سَجَدَ يسجُدُ".
- و"المَشْرِقُ" من "شَرَقَ يشْرُقُ"، وكان حقه أن يُقال "مَشْرَق".
- وكذلك "المَغْرِبُ، والمَطْلِعُ، والمَجْزِرُ، والمَرْفِقُ، والمَفْرِقُ، والمَسْكِنُ"، ويُقال: "المَسْكَن"، فيأتي على الأصل.
- وكذلك: "والمَنسِكُ" ويُقال: "المَنْسَكْ".
- وكذلك: "والمَسْقِطُ"، ويُقال: "المَسْقَط".
- وكذلك: "والمَنبِتُ"، ويُقال: "المَنْبَتْ".
يعني بعضها وردَ فيها الوزنان، وبعضها لم يأتِ إلا الكسر، يعني "مَسْجِد" ما جاء "مَسْجَد"، وكذلك "مَشْرِق" ما جاء "مَشْرَقْ" فيما أعلم.
قال: (وحُكِيَ الفَتْحُ فِي بَعْضِه)، كما قلتُ لكم قبل قليل.
قال: (وأُجِيزَ فِي كُلِّه)، يعني نظامًا حقها ان تكون مفتوحة، فهو جائزٌ فيها كلها، يعني لو قلتَ: "مَسْجَد" لا إشكال، ولكنه لم يرد عن العرب.
قال: (وأَمّا غَيْرُهُ)، يعني ما لم يكن مكسور العين ولا مفتوح العين ولا مضموم العين.
قال: (فَمِنَ المُعْتَلِّ الفاءِ مَكْسُورٌ عَيْنُهُ أبَدًا: كـ "المَوْضِعِ")، يعني "وَضَعَ يَضَعُ" مفتوح العين في المضارع، لكنه مثال، يعني فاؤه حرف علَّة، فحقُّه دائمًا أن يكون بالكسر، فتقول: "مَوْعِد، مَوْضِع، مَوْسِم، مَوْجِل"، مهما كانت عين مضارعة مفتوحة أو مكسورة.
قال: (ومِنَ المُعْتَلِّ اللّامِ مَفْتُوحٌ أبَدً)، إذا كان آخره حرف علَّةٍ فكله مفتوح.
إذًا؛ إذا كان أوله حرف علة: فمكسور دائمًا.
وإن كان آخره حرف علة: فمفتوح دائمًا. مثل: "المَأْوى والمَرْمى والمَرْوى والمَقْوى والمَرْعى".
قال: (وقَدْ تَدْخُلُ عَلى بَعْضِها تاءُ التَّأْنِيثِ: كـ"المَظِنَّةِ")، وأصلها: "المَظْنَنَة".
ويُقال: "المَقْبَرَةِ والمَشْرَقَةِ".
قال: (وشَذَّ: "المَشْرُقَةُ والمَقْبُرَةُ" بِالضَّمِّ).
الشاهد عندنا: زيادة التاء في آخره.
قال: (ومِمّا زادَ عَلى الثَّلاثَةِ)، يعني إذا كان الفعل زائدًا على ثلاثة، فتأتي به على وزن اسم المفعول.
واسم المفعول مما زاد على ثلاثة: يكون على وزن مضارعه، مع إبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة، وفتح ما قبل الآخر.
فتقول في "أَدْخَلَ": "المُدْخَل"، وفي "أقامَ": "المُقَام".
قال: (وإذا كَثُرَ الشَّيْءُ بِالمَكانِ قِيلَ فِيهِ: "مَفْعَلَةٌ" مِنَ الثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ، فَيُقالُ: "أرْضٌ مَسْبَعَةٌ، ومَأْسَدَةٌ، ومَذْأَبَةٌ، ومَبْطَخَةٌ، ومَقْثَأَةٌ")
فـ "مَسْبَعَةٌ"، يعني: كثير السِّباع.
و"ومَأْسَدَةٌ"، يعني: كثير الأسود.
و"مَذْأَبَةٌ"، يعني: كثير الذِّئاب.
و"مَبْطَخَةٌ"، يعني: كثير البطيخ.
و"مَقْثَأَةٌ"، يعني: كثير القثَّاء.
فصل: اسم الآلة.
الآلة له ثلاثة أوزان قياسيَّة، وله أوزان كثيرة غير قياسيَّة.
أما الأوزان القياسيَّة فهي:
"مِفْعَلٍ"، كـ "مِشْرَط.
"مِفْعَلَةٍ"، كـ "مِكْنَسَة".
"مِفْعالِ"، كـ "مِفْتَاح".
فهذه أوزان قياسيَّة، وفيه مخالفة لبعضها، فبعضها جاء على غير هذه الأوزان الثلاثة مع وجود الميم في أوله.
فقالوا بدل "مِدْهَن": "مُدْهُن" بضمتين
وقالوا: "مُسْعُطٌ" بدل "مِسْعَط".
وقالوا: "مُدُقٌّ ومُنْخُلٌ ومُكْحُلَةٌ ومُحْرُضَةٌ"، كلها بضم الميم والعين..
قال: (وجاءَ: "مِدَقٌّ ومِدَقَّةٌ" عَلى القِياسِ)، يعني جاء فيها على وزن "مِفْعَلٍ" و"مِفْعَلَةٍ"، فإذا جاء على الأصل فلا إشكال.
هل يوجد أسماء آلة غير قياسيَّة؟ يعني على أوزان غير الثلاثة التي ذكرتُ؟
الجواب: نعم، يُوجد مثلًا: "سَاطور" على وزن "فَاعُول"، ليس لا "مِفْعَلٍ" ولا "مِفْعَلَةٍ" ولا "مِفْعالِ"، وكذلك "سِكِّنْ" وهي آلة الذبح والقط، وجاء على وزن "فَعَّالَة" مثل "غَسَّالَة" آلة الغَسْلِ، وكذلك "بَرَّادة" آلة التبريد.
وقالوا: إن وزن "فَعَّالَة" أجازها مجمع اللغة العربية في القاهرة، فقالوا إنها تصلح لكل الآلات، مثل: "بَرَّادَة، غَسَّالَة، دَفَّايَة"، وهو مُحِقٌّ في ذلك لكثرة الاستعمال.
فصل: بناء المرة.
اسم المرَّة: هو حدوث الفعل مرَّةً واحدة.
ولا يخلو أيضًا أن يكون من الثلاثي أو من غير الثلاثي.
أما من الثلاثي فيأتي على وزن "فَعْلَةٍ"، مثل: "أَكَلَ أَكْلَةً، شَرِبَ شَرْبَةً، نَامَ نَوْمَةً، عَطَسَ عَطْسَةً".
إذا كانت التاء موجودة في المصدر مثل "رحمة"، فتزيد عليها للدلالة على المرة صفة، فتقول: "رَحمَةً وَاحدة"، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [الحاقة: 13]، فـ "نفخة" موجود فيها التاء في الأصل، فللدلالة على الواحدة تزيد صفة "واحدة".
أما من غير الثلاثي: فتأتي بالمصدر وتزيد في آخره تاءً، فتقول في "أعطى": "إعْطَاءَةً"، وتقول في "انطَلَقَ": "انْطِلَاقةً"، وتقول في "اسْتَخرَجَ": "اسْتِخْرَاجةً"، وفي "أَكْرَمَ": "إكْرَامَةً".
فصل: بناء الهيئة.
اسم الهيئة مثل اسم المرَّة، ويختلف عنه في أمرين:
الأمر الأول: أنه بكسر الفاء من الثلاثي.
الأمر الثاني: أنه لا يجيء من غير الثلاثي، وما جاء من غير الثلاثي يجيء على وزن الثلاثي.
مثال الثلاثي: "جَلَسَ جِلْسَةً، أَكَلَ إِكْلَةً، طَعِمَ طِعْمَةً، نَامَ نِيمَةً".
ومن غير الثلاثي يأتي قليلًا ونادرًا، مثل: "اِخْتَمَرَت المرأةُ خِمْرَةً، اِعْتَمَّ الرَّجلُ عِمَّةً"، فـ "خِمْرَةً، عِمَّةً" على وزن "فِعْلَة".
أما بعد: فإني أحمدُ الله -سبحانه تعالى- واشكره شكرًا جزيلًا على ما أنعم به علينا من الانتهاء، فقد انتهينا -والحمد لله سبحانه وتعالى- من شرح هذا الكتاب القيِّم، الذي نسألُ اللهَ أن يرحم مؤلفه، وأن يرحمنا جميعًا، وأن يجعل ما قلناه في سبيل الله متقبَّلًا، وأن يجعله خالصًا لوجهه -سبحانه وتعالى- وأن ينفع بما قلنا، وأن ينفعنا نحنُ بما تعلَّمناه وبما علَّمناه، فما علَّمناه نحصل فيه على أجرٍ كثيرٍ -بإذن الله تعالى.
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل هذا من باب خدمة كتاب الله تعالى، فإنَّ تعلُّم اللغة العربيَّة بنحوها وصرفها وبلاغتها وما شاكلَ ذلك كله من باب خدمة كتاب الله -سبحانه وتعالى- وسنة رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
اللهم تقبَّل منَّا عملنا، واجعله خالصًا لوجهك الكريم، وانفع به مَن قراه، ومَن سمعه، ومَن شاهده، ووفِّقنا يا رب العالمين جميعًا لما تحبه وترضاه، وصلى الله وسلَّم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا وحبيبنا وسيدنا وشفيعنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ