الدرس الخامس

فضيلة الشيخ د. حسن بن محمد الحفظي

إحصائية السلسلة

3732 6
الدرس الخامس

تصريف العزي

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ وباركَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحابتهِ أجمعين.
نواصل الحديث في المثال، وهو ما كان أوله حرف علَّة، وقد بدأنا في اللقاء الماضي في الحديث عن الواو التي تُحذَف من المضارع ومن المصدر، وقلنا: إنه إذا كان مكسور العين في المضارع حُذفت الواو، أما إذا كان مفتوح العين في المضارع فإنَّ الواو تبقى، وكذلك إذا زالت الكسرة التي بعد الواو بأن غُيِّرَ بناء الفعل فإن الواو تعود.
مثلًا: الفعل "يَعِدُ" حذفت منه الواو، لكن في بنائه للمفعول قلنا "يُوعَدُ" فرجعت الواو.
إذًا؛ الإشكال في وجود الكسرة في عين الفعل أو بعده، فإن الواو تحذف من أجل ذلك.
الحالتان الأخريان:
- أن يكون مفتوح العين.
- أو مضموم العين.
فهنا تبقى الواو ولا تحذف، فنقول: "وَجَل - يوْجَلُ".
واليوم نقول: تثبت الواو في "يَفْعُلُ"، يعني فيما كان مضموم العين في المضارع، فتقول: "وَجُهَ فلانٌ يَوْجُهُ" والأمر منه "اُوجُه"، والنهي "لا تُوجُه".
هنا يسأل سائل فيقول: عندنا مجموعة من الأفعال حُذَفت منها الواو، مع أنه لا ينطبق عليها هذا الشرط -يعني ليس ما بعدها مكسورًا وليس المضارع منها مكسور العين- فلماذا؟
قال المصنف: (وحُذِفَتِ الواوُ مِن: "يَطَأُ، ويَسَعُ، ويَضَعُ، ويَقَعُ، ويَدَعُ، ويَهَبُ")، فهذه ستَّة أفعال.
قال: (لأَنَّها فِي الأَصْلِ "يَفْعِلُ" بِالكَسْرِ)، فهي وإن كانت مفتوحة العين إلا أنها في الأصل مكسورة، وفي الأبواب الستة التي مرَّت بنا فيكون حقها أن تكون مكسورة في المضارع، ولكن العرب استعملوها بالفتح، ولكن الأصل فيها أن تكون مكسورة.
فـ "يَطَأُ" أصلها: "يَوْطِئ"، لكن العرب استعملتها بالفتحة، فهذه الأفعال الستة فقط جاءت العين فيها مفتوحة، وحذفت الواو، وكان حقها أن تبقى، وهذا نادر، فهو في ستة أفعال من آلاف الأفعال.
وفُتحت العين في هذه الأفعال لحرف الحلق، ذكرت لكم في باب من الأبواب الستَّة أنه إذا كانت عين الفعل أو لامه حرفَ حلقٍ من الحروف الستة "الهمز، الهاء، العين، الغين، الحاء، الخاء"، فإنَّ حق الفعل أن يكون على وزن "فَعَلَ - يَفْعَلُ"، لوجود حرف الحلق فيه، والأفعال الستة كلها فيها حروف حلق، فـ "يطأ" فيها همزة، و"يسع، يضَعُ، يقعُ"، فيها عين، وكذلك "يهب"؛ فإما عين الفعل أو لامه يوجد فيها حرف حلق.
وحُذفت الواو من الفعل لأن أصلها أن تكون مكسورة.
الآن الفعل "يَذَرُ" ليس فيه حرف حلق، وما بعد الواو مفتوح، فلماذا حُذف الواو؟
الجواب: لأنها تشبه الفعل "يَدَعُ" في المعنى.
ولعل الأصوب هو أن هذا هو استعمال العرب، فالعرب لم يقولوا "يوْذَرُ" مع أن هذا حقه، فنحن نعلل منطقيًّا، لكن الواقع أن هذا هو استعمال العرب، بل لم يأتوا بالفعل في الماضي وما قالوا "وذَرَ".
وكذلك في "يَدَعُ" ما قالوا "وَدَعَ"، إلا في قراءة شاذة في قول الله تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: 3]، فقُرِأَت ﴿ما وَدَعَكَ﴾، وقد يأتي في بعض كلام العرب الشعري، لكن ربما رُوعي فيه الوزن.
إذًا؛ حُذفت الواو من "يذَرُ" لأنها بمعنى "يَدَعُ".
قال: (و"أماتُوا" ماضِيَ: "يَدَعُ ويَذَرُ")، يعني لم يأتوا به أصلًا، ما قالوا "وَدَعَ، وَذَرَ"؛ بل قالوا: "تَرَكَ"، يعني أن العرب استغنت عن الماضي من هذين الفعلين.
وقد وردَ في الشِّعر إثبات الواو في الفعل "يدع" في قول الشاعر:
لَيتَ شِعري عَن خَليلي ما الَّذي ** غــالَهُ فــي الحُــبِّ حَـتّـى وَدَعَهُ
فـ "وَدَعَه" يعني: تركه.
مع أنَّ الفعل الماضي الذي مضارعه "يَذَرُ، يَدَعُ" متروكٌ عند العرب لم يستعملوه، وقد استُعمل شذوذًا في هذه القراءة الشاذة، وقليلًا جدًّا في الشعر ربما من أجل استقامة الوزن -والله أعلم بالصواب.
انتهينا من الواو في المثال، والمثال هو الذي كانت فاؤه حرف علَّةٍ، وحروف العلة هي: الواو والياء والألف.
هل يُمكن أن يكون المثال مبدوءًا بالألف؟
الجواب: لا، لأن الألف لا تتحرك، وإنما هي ساكنة، والعرب لا تبدأ بساكن، وإنما لابد أن تبدأ بمتحرك.
إذًا؛ ما صارَ المثال أبدًا إلا إمَّا يائي وإما واوي، والغالب الكثير في المثال أن يكون واويًّا، وقد انتهينا منه.
وقد يكون يائيًّا مثل: "يَئِسَ، يَبِسَ، يَسَرَ"، لكنه قليل جدًّا.

قال: (وأَمّا الياءُ: فَتَثْبُتُ عَلى كُلِّ حالٍ)، يعني لا تحذف سواء كان مضارعها مكسورَ العين أو مضموم العين، أو مفتوح العين؛ فياؤه تثبت في الماضي وفي المضارع على كل حال، تقول: "يَمُنَ يَيْمُنُ، ويَئِسَ يَيْأَسُ، ويَسَرَ يَيْسِرُ"، فمثَّل المؤلف بهذه الأمثلة الثلاثة، واحد منها مفتوح العين، وواحد منها مكسور العين، وواحد منها مضموم العين.
قال: (وتَقُولُ فِي "أفْعَلَ" مِنَ اليائِيِّ: "أيْسَرَ يُوسِرُ إيْسارًا، فَهُوَ مُوسِرٌ، وذاكَ مُوسَرٌ" أصْلُهُ "مُيْسَرٌ").
الإشكال: أنَّ الياء إذا جاءت ساكنة بعدَ ضمٍّ قُلِبَت واوًا.
ووزن "افْتَعَلَ" من "وَعَد" تُقلَب الواو تاءً وتدغم في التاء، فتقول: "اتَّعَدَ"، ومن "وَقَى - اتَّقى، يَسَرَ - اتَّسَرَ".
وفي تصريفاتها أيضًا تقول: "متَّعدٌ، متَّقٍ، متَّسِرٌ، يتَّسِرُ"؛ كلها تقلب فيها الياء تاءً وتدغم في التاء، تقول: "ذاكَ مُتَّسِرٌ، وذاكَ متَّسَرٌ".
وقَدْ يُقالُ قليلًا: "ايْتَعَدَ" فتثبت الياء دون إدغامٍ، ويُقال: "ايتَعِدُ، فَهُوَ مُوتَعِدٌ، وذاكَ مُوتَعَدٌ، وايْتَسَرَ ياتَسِرُ، فَهُوَ مُوتَسِرٌ، وذاكَ مُوتَسَرٌ بِهِ"، لكن الكثير أن تقلب الياء تاءً وتدغم في التاء.
قال: (وحُكْمُ "ودَّ يَوَدُّ" كَحُكْمِ "عَضَّ يَعَضُّ"، وتَقُولُ فِي الأَمْرِ: "اِيدَدْ، اعْضَضْ")، وهو قد جاء بالمضعَّف هنا في غير مكانه، وكان حقه أن يذكره في باب المضعَّف، ولكنه جاء بالأمر منه.
انتهينا من النوع الأول من أنواع المعتلات، وهو الذي يُسمَّى بالمثال، وهو ما كانت فاؤه حرف علَّة، يعني ما كان الحرف الأول من الحروف الأصلية حرف علَّةٍ.
النوع الثاني: يُسمَّى بالأجوف، وهو ما كانت عينه حرف علَّة.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (الثّانِي: المُعْتَلُّ العَيْنِ، ويُقالُ لَهُ: الأَجْوَفُ وذُو الثَّلاثَةِ)، لأنَّك إذا أسندته لنفسك تحذف عينه، فتقول: "قُلْتُ وبِعْتُ" فيبقى على ثلاثة أحرف، واحد منها تاء الفاعل، والثاني هو الفاء، والحرف الثالث هو اللام، أمَّا العين فقد حُذِفَت.
قال: (لِكَوْنِ ماضِيهِ عَلى ثَلاثَةِ أحْرُفٍ، إذا أخْبَرْتَ عَنْ نَفْسِكَ، نَحْوُ: "قُلْتُ وبِعْتُ"، فالمُجَرَّدُ مِنهُ: تُقْلَبُ عَيْنُهُ فِي الماضِي ألِفًا، سَواءٌ كانَ واوًا أوْ ياءً).
مثال: "قال" الأصل فيها: "قَوَلَ" بدليل: "قول، أقوال".
وكذلك "باع" أصلها "بيَعَ" بدليل: "بيْع، بيوع".
ما الذي قلبها؟
الجواب: إذا تحرَّكت الواو أو الياء، وانفتح ما قبلهما قُلِبَا ألفَا، فـ "باع" أصله "بَيَعَ"، و"قال" أصله "قَوَلَ"؛ فهنا تحركت الواو أو الياء وانفتح ما قبلها، فقُلِبَت ألفًا، فصارت "قال، باع".
قال: (فالمُجَرَّدُ مِنهُ: تُقْلَبُ عَيْنُهُ فِي الماضِي ألِفًا، سَواءٌ كانَ واوًا أوْ ياءً لِتَحَرُّكِهِما وانْفِتاحِ ما قَبْلَهُما، نَحْوُ: "صانَ وباعَ")، فـ "صانَ" أصله "صَوَنَ"، و"باعَ" أصله "بيَعَ"، و"صام، قال...".
قال: (فَإنِ اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرُ المُتَكَلِّمِ أوِ المُخاطَبِ أوْ جَمْعُ المُؤَنَّثَةِ الغائِبَةِ: نُقِلَ "فَعَلَ" مِنَ الواوِيِّ إلى "فَعُلَ"، ومِنَ اليائِيِّ إلى "فَعِلَ" دَلالَةً عَلَيْهِما، ولَمْ يُغَيَّرْ "فَعُلَ، ولا فَعِلَ" إذا كانا أصْلِيَّيْنِ ونُقِلَتِ الضَّمَّةُ والكَسْرَةُ إلى الفاءِ، وحُذِفَتِ العَيْنُ لاِلْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ).
نقول في "صام": أصله "صَوَمَ" فيقلبون الفتحة إلى ضمة، فيقولون: "صَوُمَ"، ثم تتحرك الواو وينفتح ما قبلها فتُقلب ألفًا، فإذا اتصل بها ضمير متكلم فلا تستطيع أن تقول "صَامْتُ"، وإنما تحذف الألف التي أصلها واو، وتحذف اللف التي أصلها ياء لسكونها وسكون ما بعدها -وهو آخر الفعل- لأنَّ أيَّ فعلٍ ماضٍ يتصل بتاء الفاعل أو بتاء المتكلم أو بتاء المخاطَب أو بتاء المخاطبَة أو بنون النسوة لابدَّ أن يكون آخر الفعل ساكنًا، فيلتقي ساكنان: الألف ساكنة ولا يُمكن تحريكها، ولام الفعل ساكنة من أجل التاء؛ فإذا التقى ساكنان فاحذف الضعيف، وهو الألف أو الواو أو الياء، لأنها حروف علَّة، وتبقي الساكن الذي اتَّصل بالتاء على سكونه، فتقول: "قلْتُ، بِعْتُ، صُمْتُ، صُنْتُ،...".
إذا قلنا: إنَّ أصل "صام" هو "صَوَمَ"، ثم تُحوَّل إلى "صَوُمَ"، ثم تُنقل الضَّمة إلى الأول إذا اتَّصلت به تاء المخاطَب أو تاء المخاطَبة أو نون النسوة، فتنطقه "صُمْتُ" للدلالة على أن المحذوف واو، وكذلك تقول: "بِعْتُ" بالكسر، للدلالة على أن المحذوف ياء.
قال: (وحُذِفَتِ العَيْنُ لاِلْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، فَتَقُولُ: "صانَ صانا صانُوا، صانَتْ صانَتا صُنَّ")، فـ "صُنَّ" للنسوة، حذفت الواو التي قلبناها فيما قبل ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، لكن لما التقت بالنون الساكنة التي سُكِّنَت من أجل ضمير الرفع المتحرك؛ حُذِفَت الواو -أو الألف أو الياء- فتقول: "صُنْتَ يا عبد الله"، و"صُنْتُما" للاثنين، و "صُنْتُمْ يا جماعة، صُنْتِ يا فاطمة، وصُنْتُما يا هندان، وصُنْتُنَّ يا نسوة، وصُنْتُ أنا، وصُنّا نحن".
إذًا؛ متى ما اتَّصلت بها التاء -سواء كانت للمخاطب أو للمتكلم أو للمخاطبة- أو نون النسوة؛ فإنَّ الألف هذه التي كانت منقلبة عن واو تُحذَف.
قال: (وإذا بَنَيْتَهُ لِلْمَفْعُولِ: كَسَرْتَ الفاءَ مِنَ الجَمِيعِ).
ذكرنا فيما مضى أنَّك إذا أردتَّ في الفعل الماضي الذي ليس به حرف علة أن تبنيه للمفعول؛ فإنَّك تضم الأول وتكسر ما قبل الآخر، أما إذا كان أجوفًا فإنَّك تكسر الأول، فتقول في "قال: قيل، باع: بيع، صام: صيم، هان: هين".
قال: (وإعْلالُهُ بِالنَّقْلِ والقَلْبِ، و"بِيعَ" وإعْلالُهُ بِالنَّقلِ. وتَقُولُ فِي المُضارِعِ: "يَصُونُ ويَبِيعُ" وإعْلالُهُما بِالنَّقْلِ)، فأصلها "يَصْوُن - يَبْيِع"، فنُقلت الحركة من الحرف المعتل إلى الحرف الصحيح، فصار الحرف المعتل ساكنًا، فنقول: في "يَصُون" نقل فقط.
قال: (و"يَخافُ ويَهابُ"، وإعْلالُهُما بِالنَّقْلِ والقَلْبِ)، فأصل الكلمتين: "يَخْوَف، يَهْيَبُ"، ففيها نقل الحركة، وقلب الحرف بدل ما كان واوًا أو ياءً يصيرُ ألف، ففي "يخاف، يهاب" عملان:
- الأول: نقل الحركة، وهي الفتحة إلى الحرف الصحيح الذي قبله.
- الثاني: قلبُ الحرف المعتل ألفًا، فتصير "يخاف، يهاب".
ننتقل الآن إلى: دخول الجازم على الأجوف.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (ويَدْخُلُ الجازِمُ عَلى المُضارِعِ: فَتَسْقُطُ العَيْنُ إذا سَكَنَ ما بَعْدَه)، إذا أدخلت عليه جازمًا:
* فإن كان ما بعده سيصير ساكنَا: فإنَّك تحذف العين، التي هي الواو أو الياء وقُلبت ألفًا في "صام، قال" فتقول: "لمْ يَصُمْ، لمْ يَقُلْ، لمْ يَبِعْ".
* أما إن كان متحركًا فإنَّك لا تحذفه، مثل: "لم يصونا، لم يصونوا".
لكن لو قلتَ: "إنَّ فاطمة لم تصُنْ" حذفا، لأنه جاء بعده ساكن.
وتقول: "النسوة لمْ تصُنَّ"، كذلك تحذف الواو، وتقول: "لمْ أَصُنْ أنا، ولمْ نَصُنْ نحن".
قال: (وهَكَذا قِياسُ: "لَمْ يَبِعْ)، فتحذف إذا جاء بعده ساكن، وتثبت الياء إذا كان بعدها متحرك، فتقول: "لَمْ يَبِعْ" بالحذف، وكذلك "لمْ تَبِعْ فاطمة، لمْ أَبِعْ أنا، لمْ نَبِعْ نحن"، وتقول: "لَمْ يَبِيعا، لَمْ يَبِيعُوا" ثبتت الياء.
إذًا؛ إذا وقع ما بعد حرف العلة أجوف ساكنًا، وقد دخل عليه الجازم؛ فإنَّك تحذف حرف العلة، تقول: "لمْ أقُلْ، لمْ يَقُلْ، لمْ نقُل، لمْ أصُمْ، لم تصُمْ، لم يَصُمْ، لمْ أَبِعْ، ولمْ يَبِعْ، ولمْ تَبِعْ".
وكذلك تقول: "لَمْ يَخَفْ" بالحذف، و "لَمْ يَخافا" فتثبت الألف، و"لَمْ يَخافُوا" فتثبت الألف على نفس التصريفات السابقة التي ذُكِرَت في "لمْ يَصُنْ"، يعني: تبقي الألف في المثنى والمخاطَبة.
نقول مرة أخيرة: إذا كان ما بعد الحرف المعتل ساكنًا وقد دخل على الفعل المضارع جازم؛ فاحذف حرف العلة، وإذا كان ما بعده متحركًا فأبقِ حرف العلة، مثل: "لم يبيعوا، لم يبيعا، لم يصوموا، لم يصوما، لم يخافوا، لم يخافا"، لكن "لم أصُمْ، لمْ أَبِعْ، لمْ يَصُمْنَ، لمْ يَخفْن، لمْ تَخَفْ فاطمةُ ربَّها" تحذف حرف العلة.
وفعل الأمر كذلك إذا وقع بعده ساكن فإنَّه تحف حرف العلة، وإذا وقع ما بعده متحركًا فإنَّا تثبت، تقول: "صُنْ يا عبد الله، صونا يا زيدان، صونا يا هندان، صنَّ يا نسوة، صوني يا فاطمة".
باب: دخول نون التأكيد على الأجوف.
قلنا قبل قليل: إذا وقع بعد حرف العلة ساكن حُذف، فإذا كان بعده متحرك فإنه يثبت.
أما هنا فيأتي ما بعده متحركًا فتثبت في التوكيد، فتقول: "صُونَنَّ يا عبد الله، صُونانِّ يا زيدان، صُونُنَّ يا هندُ)، فالواو ثابتة، ولو كانت بالياء لأثبتها مثلما أثبتَّ في الواو، فتقول: "بِيعَنَّ يا عبد الله، بِيعانِّ يا زيدان، بِيعُنَّ يا رجال"، فتثبت الياء.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وبِالخَفِيفَةِ)، أي: إذا جاءت نون التوكيد خفيفةً، تقول: "صُونَنْ، صُونُنْ يا رجال، صُونِنْ يا نسوة".
الشاهد: أن الحرف الأجوف مع التوكيد لا يُحذَف.
وتقول: "بِعْ، بِيعا، بِيعُوا، بِيعِي، بِيعا، بِعْنَ، وخَفْ، خافا، خافُوا، خافِي، خافا، خَفْنَ"، بالإثبات في وقته وبالحذف في وقته، فإن كان بعدها ساكن حذفنا، وإن كان بعدها متحرك أثبتنا.
ثم تقول بالتَّأْكِيدِ: "بِيعَنَّ يا عبد الله، بِيعانِّ يا زيدان، بِيعُنَّ يا رجال، بِيعِنَّ يا هند، بِيعانِّ يا فاطمة ويا سعاد، بِعْنانِّ يا نسوة، وخافَنَّ يا عبد الله، خافانِّ يا زيدان، خافُنَّ يا رجال، خافِنَّ يا فاطمة، خافانِّ يا هند ويا سعاد، خَفْنانِّ يا هندات.
وكَذا تَقُولُ فِي الخَفِيفَةِ: "صُونَنْ يا عبد الله، وبِيعَنْ يا هند، وخافَنْ يا زيد"، إلى آخر التصريفات.
فهذه قاعدة سهلة: إذا جاء بعد الواو أو الياء في الأجوف ساكن فاحذفه، وإذا جاء بعدها متحرك فأثبته.
باب: مزيد الثلاثي الأجوف.
الثلاثي أحيانًا يكون أجوفًا، لكنه يكون فيه حروف زائدة.
قال: (ومَزِيدُ الثُّلاثِيِّ لا يُعْتَلُّ مِنهُ إلّا أرْبَعَةُ أبْنِيَةٍ)، والباقي لا يعتل.
ومعنى قوله (يَعْتل)، أي: يصير فيها قلب الواو إلى ألف أو إلى غيرها، وهذا في المزيد، أما الثلاثي المجرد فقد مرَّ بنا وانتهينا منه.
والمزيد لا يعتل منه إلا أربعة أوزان:
الوزن الأول: "أَفْعَلَ" كـ "أَكْرَمَ"؛ فإنَّك تقول فيه: "أَجَابَ" وأصله "أَجْوَبَ" فتقلب الواو ألفًا، ثم تقول: "يُجِيب"، وأصله "يُجوِبُ"، لأنه من "الجواب"، وتقول: "إجابة"، وأصله "إجواب".
قال: (والأَصْلُ: "إجْوابًا" أُعْتُلَّ بِالنَّقْلِ والقَلْبِ، فاجْتَمَعَ ألِفانِ)، عندنا ألف "أجاب" اجتمع ألفان، وفي "يُجيبُ" اجتمع حرفا علَّة، وفي "إجواب" كذلك؛ فاجتمع ألفان، ثم حُذفت إحداهما، وعوِّض منها التاء، فتقول: "إجابة".
ويجوز عند الإضافة حذفُ التاء وإثباتها، فتقول: "إقامُ الصلاة"، ويجوز أن تقول: "إقامة الصلاة"، أما عند غير الإضافة فلابد أن تأتي بها، فتقول: "إقامة، إجابة"، ولا تقول: "إقام، إجاب".
الوزن الثاني: وزن "استَفْعَلَ"، فتقول: "استجاب" وأصله "استجوبَ"، وتقول: "يستجيب" وأصله "يستجوب"، وتقول: "استجابة" وأصله "استجواب".
وتقول: "استبَانَ، يستبين، استبانة"، إلى آخره؛ فكل هذه يصير فيها إعلال.
الوزن الثالث: "انْفَعَلَ".
تقول: "انقاد" وأصله "انقَوَدَ"، وتقول: "يَنْقَادُ" وأصله "يَْقَوِدُ"، وتقول: "انقياد" وأصله "انقواد".
الوزن الرابع: "انْفَعَلَ".
تقول: "اختار" من "الخيرة" وأصله "اخْتَيَرَ"، وتقول: "يختار" وأصله "يختيير".
وإذا بنيتها للمفعول كذلك؛ فتقول: "أُجِيبَ: يُجابُ، اُسْتُقيمَ: يُسْتَقَامُ، اِنقِيدَ: يُنقَادُ، اخْتِيرَ: يُختارُ".
وهكذا الأمر أيضًا، فتقول: "أجب" فتحذف حرف العلة، وتقول: "أجيبا" للمثنى، فتثبت لأن ما بعده متحرك، وتقول: "أجيبوا" وأصله "أجوِبُوا" من "الجواب"، ولكن صارَ فيه إعلال.
وتقول: "اسْتَقِم" فتحذف حرف العلة، وتقول: "استَقيما" تثبت حرف العلة لأن ما بعده متحرك، وتقول: استقيموا" وأصله "استقوموا".
وتقول: "اِنْقَدْ" من "القيادة"، وتقول: "انقادا" للاثنين، و"انقادوا" للجماعة.
وتقول: "اخْتَرْ، اختارا، اختاروا".
إذًا؛ الثلاثي الذي زِيدَ عليه حروف، فكان على وزن "أفْعَلَ" أو"اسْتَفْعَلَ" أو"انْفَعَلَ" مثل "انقَادَ"، أو وزن "افتَعَلَ" مثل "اختار"؛ كل هذا يحصل فيه إعلال، وفيما عداها كل ثلاثي مزيد فيه لا تقلب شيئًا، فتقول في وزن "فعَّلَ" من "قال": "قوَّلَ"، وتقول: "بيَّعَ"؛ فلا تقلب فيها شيئًا.
وتقول: "قَوَّلَ، وتَقَوَّلَ، وقاوَلَ، وتَقاوَلَ، وزَيَّنَ، وتَزَيَّنَ، وسايَرَ، وتَسايَرَ، واسْوَدَّ، واسْوادَّ، وابْيَضَّ، وابْياضَّ".
قاعدة أخيرة أذكرها حتى ما ننساها أبدًا:
ما زيد فيه من الثلاثي الأجوف لا يُغيَّر فيه الواو والياء ولا يصير فيهما إعلال أبدًا إلا في أربعة أوزان:
- وزن "أفْعَلَ"، مثل: "أجابَ".
- وزن "اسْتَفْعَلَ" مثل: "استقام".
- وزن "انْفَعَلَ" مثل "انقَادَ".
- وزن "افتَعَلَ" مثل "اختار".
وما عداه أي شيءٍ زيدَ فيه على ثلاثة أحرف فأبقِ الواو واوًا والياء ياءً، تقول: "قَوَّلَ، وتَقَوَّلَ، وقاوَلَ، واسْوَدَّ، واسْوادَّ، وابْيَضَّ، وابْياضَّ، هذا مبيضٌّ، ومسودٌّ، تسودُّ الدنيا في عينيه، وجوههم مسودَّةٌ"، فهذا كله ليس فيه تغيير.
باب: اسم الفاعل والمفعول من الأجوف.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (واسْمُ الفاعِلِ مِنَ الثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ، يُعْتَلُّ بِالهَمْزَةِ عَيْنُهُ)، أي: تقلب عين الفعل إلى همزة إذا أتيت باسم الفاعل، فتقول: "قائل" من "قال"، وتقول: "بائع" من "باع".
قال: (ومِنَ المَزِيدِ فِيهِ يُعْتَلُّ بِما اعْتَلَّ بِهِ المُضارِعُ: "كَمُجِيبٍ")، وأصله "مُجوِب".
قال: ("ومُسْتَقِيمٍ")، وأصله "مستقوم".
قال: ("ومُنْقادٍ")، وأصله "منقوِد" إذا كان اسم فاعل، أو "منقوَد" إذا كان اسم مفعول.
قال: ("ومُخْتارٍ")، وأصله "مُختَير" اسم فاعل، أو "مُختَيَر" إذا كان اسم مفعول.
فأنت في "قائل" قلبت الألف إلى همزة، فأصله "يقْوُل" فتنقل الحركة للساكن الصحيح، وتجعل المعتلَّ ساكنًا، لأنه ضعيف.
قال: (واسْمُ المَفْعُولِ مِنَ الثَّلاثِيِّ المُجَرَّدِ يُعْتَلُّ بِالنَّقْلِ وبِالحَذْفِ).
هاتِ اسم المفعول من "صامَ"؟
الجواب: "يومُ الجمعة مصومٌ فيه" ولا تقول "مصوُوم".
وتقول: "هذا المكان مبيعٌ لعبد الله"، ولا تقول "مبيوع".
وأجاز التميميُّون أن تأتي باسم المفعول من الأجوف على وزن "مفعول" وخاصَّة في الياء، فقالوا: "هذه أرضٌ مبيوعة، وهذا بيتٌ مبيوعٌ"، فهم أجازوا ذلك ولم يُلزِموا، وأما الأصل فهو أن تحذف، فتقول في "مبيوع": "مبيع"، وتقول في "مصوُون": "مصون".
أما في الواويِّ: فالتميميون والحجازيُّون ينقلون ويحذفون.
أما في اليائي فقد أجازوا، ولذلك قالوا: "هذه تفاحة مطيوبة، وهذه أرض مبيوعة" جوازًا وليس وجوبًا، لأنَّ الأصل أن تحذف، فتقول: "مبيع، مصون".
قال: (واسْمُ المَفْعُولِ مِنَ المَزِيدِ فِيهِ يُعْتَلُّ بِالنَّقْلِ وبِالقَلْبِ، إنِ اعْتُلَّ فِعْلُهُ)، يعني بشرط أن يكون فعله معتلًّا، أي: وزن "أَفْعلَ، واسْتَفْعَلَ، وانفَعَلَ، وانفَعَل"، هذه تقلب فيها، وما عداها لا تقلب:
فتقول: "هذا مُجابُ الدعوة"، وأصله "مُجْوَب".
وتقول: "مُسْتَقامٍ عنده"، وأصله "مُسْتَقْوِم".
وتقول: "مُنْقادٍ" وأصله "منٌضوِد" أو "مُنْقوَد".
وتقول: "مُخْتار"، وأصله "مُخْتَيَرٌ" أو "مُختَيِر".

ننتقل إلى النوع الثالث من المعتل وهو: الناقص.
قال: (المُعْتَلُّ اللّامِ، ويُقالُ لَهُ: النّاقِصُ وذُو الأَرْبَعَةِ، لِكَوْنِ ماضِيهِ عَلى أرْبَعَةِ أحْرُفٍ إذا أخْبَرْتَ عَنْ نَفْسِكَ).
مثلًا: "رمى، دعا"، فإذا أسندتَّ إلى نفسك تقول: "رميتُ، دعوت".
ويُسمى "ناقص" لأن الحرف الأخير منه معتل، وسننظر لماذا سُمي ناقصًا.
قال: (فالمُجَرَّدُ)، وهو الذي ليس فيه زيادات، فهو ثلاثي مجرد.
قال: (تُقْلَبُ الواوُ والياءُ مِنهُ ألِفً)، فـ "غزا" أصله "غَزَوَ"، و"رمى" أصله "رَمَيَ"، لأنه من "الغزو، الرمي"، فتقلب الواو ألفًا فيهما، لكن إذا كان ثلاثيًّا وكان أصله الواو كتبت ألفًا واقفة، وإذا كان ثلاثيًّا وأصله الياء كُتبت على شكل ياء، فـ "رمى" تكتب بالألف على صورة ياء، أما في "غزا" فتكتب بالألف، فأي شيءٍ في الثلاثي أصله واو يُكتَبُ ألفًا واقفة، وأي شيء في الثلاثي أصله ياء يُكتَب ألفًا على صورة ياء.
تقول: "غَزا، ورَمى، وعَصا، ورَحى"، فـ "عصا" تكتب بالألف الواقفة، و"الرحى" على صورة ياء؛ لأنَّك تقول في التَّثنية "رحيان، عصوان" فتبيَّن أن هذه أصلها واو، وهذه أصلها ياء.
قال: (وكَذَلِكَ الفِعْلُ الزّائِدُ عَلى الثَّلاثَةِ: "كَأَعْطى")؛ لأنه من "عطى: يعطو".
وكذلك: "اشْتَرى" من "اشتريا"، وكذلك: "اسْتَقْصى" أصله "قَصوَ" فتقلبها على كل حالٍ ألفًا، لكن كتابة الألف إذا كانت رباعية أو خماسيَّة أو سداسيَّة تكون كلها على صورة ياء، أما إن كانت ثلاثية فتنظر إلى أصلها، فإن كان أصلها واو كتبتها ألفًا واقفة، وإن كان أصلها ياء كتبتها على صورة الياء.
واسم المفعول كذلك تقلبه ألفًا، فتقول: "مُعطَى، مشتَرَى، مُسْتَقصَى"، فـ "مشترَى" أصله "مشتَرَيٌ"، و"مستقصى" أصله "مستقصوٌ"، و"معْطَى" أصله "مُعْطَيٌ".
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وكَذا إذا لَمْ يُسَمَّ الفاعِلُ)، يعني في الفعل المبني للمفعول، تقول: "يُعْطى، ويُشْتَرى، ويُغْزى، ويُرْمى"، كل هذا في الناقص، سواء كان ماضيًا أو مضارعًا أو اسم فاعل؛ فإنَّك تقلب الواو أو الياء إلى ألفًا قولًا واحدًا.
قال: (وأَمّا الماضِي: فَتُحْذَفُ اللّامُ مِنهُ فِي مِثالِ "فَعَلُوا" مُطْلَقً)، يعني إذا أردتَّ أن تُلحق بالثلاثي الواوي واو الجماعة فإنَّك تحذف لامه، فتقول في "دعا" إذا أسندتها إلى واو الجماعة: "دعوا" فتحذف الألف التي أصلها واو.
قال: (وفِي مِثالِ: "فَعَلَتْ، وفَعَلَتا")، كـ "دَعَتْ، ودعتا"، فتحذف الألف أيضًا.
قال: (إذا انْفَتَحَ العَيْنُ)، يعني إذا انفتحت العين التي قبل الألف في "دعا، ورمى"، فاحذف.
وقوله: (وتَثْبُتُ فِي غَيْرِها، فَتَقُولُ: "غَزا: غَزَوا، غَزَوْا")، هنا أثبتَّ الواو.
وتقول: "وغَزَتْ فاطمة، وغَزَتا"، هنا حذف الواو.
وتقول: "وغَزَوْنَ، غَزَوْتَ، غَزَوْتُما، غَزَوْتُمْ، غَزَوْتِ، غَزَوْتُما، غَزَوْتُنَّ، غَزَوْتُ، غَزَوْنا، ورَمى، رَمَيا، رَمَوْا، رَمَتْ، رَمَتا، رَمَيْنَ، رَمَيْتَ، رَمَيْتُما، رَمَيْتُمْ، رَمَيْتِ، رَمَيْتُما، رَمَيْتُنَّ، رَمَيْتُ، رَمَيْنا، ورَضِيَ، رَضِيا، رَضُوا، رَضِيَتْ، رَضِيَتا، رَضِينَ، رَضِيتَ، رَضِيتُما، رَضِيتُمْ، رَضِيتِ، رَضِيتُما، رَضِيتُنَّ، رَضِيتُ، رَضِينا"، فهنا أثبت الواو واياء.
وكَذَلِكَ فيما كان واوًا: "سَرُوَ"، و"سَرُوا" للاثنين، و"سَرُوا" للجماعة، و"سَرُوَتْ" يعني صِرْتُ سيِّدًا، و"سَرُوَتا، سَرُونَ، سَرُوتَ، سَرُوتُما، وسَرُوتُمْ، سَرُوتِ، سَرُوتُما، سَرُوتُنَّ، سَرُوتُ، سَرُونا".
قال: (وإنَّما فَتَحْتَ ما قَبْلَ واوِ الضَّمِيرِ فِي: "غَزَوْا، ورَمَوْا"، وضَمَمْتَ ما قَبْلَها فِي: "رَضُوا، وسَرُوا" لأَنَّ واوَ الضَّمِيرِ إذا اتَّصَلَتْ بِالفِعْلِ النّاقِصِ بَعْدَ حَذْفِ اللّامِ، فَإنِ انْفَتَحَ ما قَبْلَها: أُبْقِيَ عَلى الفَتْحَةِ، وإنِ انْضَمَّ أوْ كُسِرَ: ضُمَّ. وأَصْلُ: رَضُوا "رَضِيُوا" نُقِلَتْ ضَمَّةُ الياءِ إلى الضّادِ، وحُذِفَتِ الياءُ لاِلْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ).
هذا كله في الفعل الماضي الناقص إذا اتَّصل به ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو أي ضميرٍ آخر؛ فتًحذَف اللام -آخر حرف منه- إذا كنتَ تريد مثال "فَعَلوا" مثل "دَعَوا" وذلك في كل أحواله، وفي مثال "فَعَلَتْ، وفَعَلَتا" إذا انفتحت العين، وتثبت الياء والواو في غير هذين الوزنين.
باب: الفعل المضارع من الناقص.
قال: (وأَمّا المُضارِعُ: فَتُسْكَنُ الواوُ والياءُ والأَلِفُ مِنهُ فِي الرَّفْعِ)، ويُعرب بحركات مقدَّرة، فيُرفعُ بضمَّة مقدرة على الواو، وبضمَّة مقدَّرةٍ على الياء، منعَ من ظهور الضمة الثِّقَل، وأما الألف فيُعرب بحركاتٍ مقدَّرةٍ منع من ظهورها التَّعذُّر، وذلك لأنَّك تستطيع تحريك الواو والياء، لكنها ثقيلة، فيحذفون ويُسكِّنون، تقول: "يغزو، ترمي"، مع أنَّك تستطيع أن تقول: "يغزُوو، وترميو"، لكنها ثقيلة، والعرب في كثير من الأحيان تَعمد إلى التخفيف.
وفي الجزم تحذف الواو والياء، فتقول: "لمْ يدعُ" بعين فقط عليها ضمَّة، وتقول: "لمْ يرمِ" بميمٍ مكسورةٍ، وتقول: "لمْ يسعَ" بعينٍ مفتوحةٍ ليس بعدها ألف.
فإذا أردنا النصب: فإنَّنا ننصب بفتحةٍ ظاهرةٍ في الواو والياء، أما الألف فإنها تُقدَّر عليها الفتحة، فتقول: "لنْ يدعوَ، لن يرميَ"، أما في "يخشى" فتقول: "لن يخشى" فلا تظهر عليه الحركة، لأنَّ الألف يستحيل تحريكها، وأما الواو والياء فتُحرَّكان ولكن بصعوبة.
إذًا؛ في الرفع: تُعربُ بحركاتٍ مقدَّرة.
وفي الجزم تُحذف الثلاثة حروف كلها -الألف والواو والياء.
وفي النصب: تظهر الفتحة على الواو والياء، ولا تظهر على الألف، وإنما تُقدَّر تقديرًا.
وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ