الدرس الرابع

فضيلة الشيخ د. حسن بن محمد الحفظي

إحصائية السلسلة

3725 6
الدرس الرابع

تصريف العزي

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على المبعوث رحمةً للعالمين، نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحابته أجمعين.
اللهمَّ لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحَزَن إذا شئتَ سهلًا، اللهم سهِّل لنا أمورنا، واغفر لنا ذنوبنا، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا.
في اللقاء الماضي كنَّا نكاد أن ننتهي من نوني التوكيد، وبقي في نوني التوكيد فقرة يسيرة، وهي: تنبيهات:
أولًا: نون التوكيد خاصَّة بفعلي المضارع والأمر، ويمتنع دخولها في بعض الأحيان على الفعل المضارع، وذلك إذا كان دالًّا على الحال، لأنَّ الفعل لابدَّ أن يكون دالًّا على المستقبل، أو مسبوقًا بقسمٍ، مجموعة من الأشياء ذكرها بعض الصَّرفيين.
ثانيًا: ما يحصل في الفعل من تغيير في بعض حروفه، لأنَّه يُحذَف في بعض الأحيان بعض حروفه إذا كان معتلًّا -يعني آخره ألف أو واو أو ياء-، وكذلك إذا كان الفعل من الأفعال الخمسة فتحذف واو الجماعة إلا أن يُفتَح ما قبل هذه الواو فإنها تبقى، مثل: "لا تَخْشَوُنَّ، ولا تَخْشَيِنَّ، لا ترضَيَنَّ، لا ترضيِنَّ، فَإمّا تَرَيِنَّ"، فإذا فُتِحَ ما قبل الواو أو الياء فإنَّهما يبقيان، أما ألف الاثنين فإنَّها تبقى إذا كان من الأفعال الخمسة.
في هذه الحلقة سنتحدث عمَّا يحدث في الفعل المضارع إذا دخلت عليه نون التوكيد من ناحية الإعراب والبناء.
الأصل في الفعل المضارع أنَّه مُعرَب، ولكنه يُبنَى في حالتين:
الحالة الأولى: أن تتصل به نون النسوة: فيُبنَى على السكون، قال الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: 228].
الحالة الثانية: أن تتصل به نون التوكيد: فإنه سواء كان مرفوعًا أو منصوبًا أو مجزومًا؛ فإنه في الأحوال الثلاث يكون مبنيًّا على الفتح، ولكن هناك شرطًا وهو أن تكون نون التوكيد متصلةً اتِّصالًا مباشرًا بالفعل وليس بينهما فاصل، ولا تكون مفصولةً إلا إذا كان الفعل المضارع من الأفعال الخمسة -كما ذكرنا في اللقاء الماضي.
إذًا؛ إذا كان الفعل مسندًا إلى الواحد مثل: "ليُسجنَنَّ، وليكونًا، لنسفعًا" فيُبنى الفعل المضارع على الفتح إذا اتَّصلت به نون التوكيد المباشِرة.
قال المصنف -رَحِمَهُ اللهُ: (ويُفْتَحُ مَعَ النُّونَيْنِ)، يعني: مع نون التوكيد الثقيلة والخفيفة.
قال: (آخِرُ الفِعْلِ)، حدَّدنا أن الفعل الذي تدخل عليه نون الوقاية هو المضارع الأمر فقط، أما الماضي فلا تدخل عليه.
قال: (إذا كانَ فِعْلَ الواحِدِ والواحِدَةِ الغائِبَةِ)، يعني: إذا كان مسندًا إلى واحد أو إلى واحدة.
الواحد مثل: "لتأكُلَنَّ".
والواحد الغائب مثل: "ليأكُلَنَّ عبد الله".
والواحدة الغائبة مثل: "لتأكُلَنَّ فاطمة".
قال: (ويُضَمُّ إذا كانَ فِعْلَ جَماعَةِ الذُّكُورِ)، مثل: "لتكتُبُنَّ".
وأصله: "لتكتبونَنَّ"، فصار عندنا واو الجماعة وثلاث نونات، ويصير الفعل مضمومًا بسبب واو الجماعة، فتُحذَف واو الجماعة لالتقاء الساكنين -والساكنان هما: واو الجماعة والنون الأولى من نوني التوكيد- فتُحذَف واو الجماعة وإحدى النونات الثلاث لتوالي الأمثال، فنون الرفع ذهبت، وواو الجماعة ذهبت، فتصير الكلمة "لتَكتُبُنَّ"، والفعل يكون مرفوعٌ وعلامة رفعه النون المحذوفة لالتقاء الساكنين، وهذا إذا كان لجماعة الذكور.
قال: (ويُكْسَرُ إذا كانَ فِعْلَ الواحِدَةِ المُخاطَبَةِ)، فإذا أردتَّ أن تخاطب الواحد فتقول لها: "لتَكْتُبِنَّ" وأصله: "لتكتبينْنَّ"، فتُحذف النون لتوالي الأمثال، فيلتقي ساكنان -الياء التي للمخاطبة ونون التوكيد- لأنَّ أول النونين ساكن، فتحذف الياء لأنه يصعب تحريكها، فيصير الفعل "لَتَكْتُبِنَّ" قد حذفت منها ياء المخاطبة ونون الرفع.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (فَتَقُولُ فِي أمْرِ الغائِبِ مُؤَكِّدًا بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ: "لِيَنْصُرَنَّ، لِيَنْصُرانِّ، لِيَنْصُرُنَّ، لِتَنْصُرَنَّ، لِتَنْصُرانِّ، لِيَنْصُرْنانِّ").
"لِيَنْصُرَنَّ" للواحد الغائب.
"لِيَنْصُرانِّ" للاثنين الغائبين.
"لِيَنْصُرُنَّ" جماعة الذكور.
"لِتَنْصُرَنَّ" الواحدة الغائبة.
"لِتَنْصُرانِّ" الاثنتان الغائبتان.
"لِيَنْصُرْنانِّ" جماعة الإناث.
قال: (وبِالخَفِيفَةِ: "لِيَنْصُرَنْ، لِيَنْصُرُنْ، لِتَنْصُرَنْ").
"لِيَنْصُرَنْ" للواحد.
"لِيَنْصُرُنْ" الجماعة للذكور.
"لِتَنْصُرَنْ" للواحدة.
قال: (وتَقُولُ فِي أمْرِ الحاضِرِ)، يعني الأمر الموجَّه لمخاطب حاضر.
قال: (مُؤَكِّدًا بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ: "انْصُرَنَّ، انْصُرَانِّ، انْصُرُنَّ، انْصُرِنَّ، انْصُرَانِّ، انْصُرْنانِّ").
"انْصُرَنَّ يا محمد، انْصُرَانِّ يا زيدان، انْصُرُنَّ يا رجال، انْصُرِنَّ يا هند، انْصُرَانِّ يا فاطمة وسُعدَى، انْصُرْنانِّ يا نسوةُ"
قال: (وبِالخَفِيفَةِ: "انْصُرَنْ، انْصُرُنْ، انْصُرِنْ")
"انْصُرَنْ يا عبد الله، انْصُرُنْ يا رجال، انْصُرِنْ يا هند".
قال: (وقِسْ عَلى هَذا نَظائِرَهُ)، هو مثَّل بالفعل "انصُر"، وأي فعل تنطبق عليه الشروط لقبول نوني التوكيد هو كذلك، طبِّقه عليه، الفعل الماضي ممنوع، الأسماء ممنوعة لا تؤكَّد، الحروف ممنوعة لا تؤكَّد، بقي عندنا الفعل المضارع وفعل الأمر، تؤكِّدها وتستعين بالله -سبحانه وتعالى.
ننتقل إلى باب جديد، وهو باب: اسم الفاعل والمفعول من الثلاثي المجرد.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وأَمّا اسْمُ الفاعِلِ والمَفْعُولِ مِنَ الثُّلاثِيِّ المُجَرَّدِ: فالأَكْثَرُ أنْ يَجِيءَ اسْمُ الفاعِلِ مِنهُ عَلى وزْنِ فاعِلٍ)، "كتبَ فهو كاتبٌ، جلسَ فهو جالس، نظرَ فهو ناظر، سَمِعَ فهو سامع"، فقل ما شئت من الأفعال الثلاثية، فإنَّ الغالب والكثير فيها أن تأتي على وزن "فَاعِل".
"ناصر" للواحد.
"ناصران" للاثنين.
"ناصرون" جماعة الذكور.
"ناصرةٌ فاطمة، الفاطمتان ناصرتان، النساء ناصراتٌ -أو نواصر".
ما الفرق بين "ناصرات" و"نواصر".
"نواصر" جمع تكسير.
و"ناصرات" جمع مؤنث سالم.
وهذا واضح لا إشكال فيه.
انتهينا من اسم الفاعل.
نأتي إلى اسم المفعول، قال -رَحِمَهُ اللهُ: (والأَكْثَرُ أنْ يَجِيءَ اسْمُ المَفْعُولِ مِنهُ: عَلى وزْنِ "مَفْعُولٍ"، تَقُولُ: "مَنصُورٌ، مَنصُورانِ، مَنصُورُونَ، مَنصُورَةٌ، مَنصُورَتانِ، مَنصُوراتٌ، ومَناصِرُ").
الأمثلة: "محمدٌ مَنصُورٌ بإذن ربه، والرجلان مَنصُورانِ، والرجال مَنصُورُونَ، وهندٌ مَنصُورَةٌ، وهما مَنصُورَتانِ، وهنَّ مَنصُوراتٌ، أو مَناصِرُ"، فـ "منصورات" جمع مؤنث سالم، و"مناصر" جمع تكسير.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وتَقُولُ: "مَمْرُورٌ بِهِ").
لماذا مثَّل المؤلف في اسم المفعول بمثالين، بينما مثَّل في اسم الفاعل بمثالٍ واحدٍ؟
السبب -بارك الله فيكم: أنَّ اسم المفعول الأصل فيه أن يأتي من فعلٍ متعدٍّ -يعني ينصب المفعول به-، فـ "نصرَ" فعل متعدٍّ، لكن إذا كان الفعل الذي تريد صياغة اسم المفعول منه غير متعدٍّ بل هو لازم؛ فلابدَّ حينئذٍ أن تلحق به واحد من اثنين:
- إما أن تُلحق به جارًّا ومجرورًا، فتقول "ممرورٌ به، الكرسي مجلوسٌ عليه"، ما تقول "الكرسي مجلوسٌ" وتسكت! وإنما لابد أن تقول "مجلوسٌ عليه".
فهنا مثَّل المؤلف بفعلين، أحدهما متعدٍّ، والثاني لازم، فقال: (مَمْرُورٌ بِهِ) جار مجرور.
- أو تلحق به ظرفًا، فتقول: "مجلوسٌ عند عبد الله، الباب مخروجٌ منه".
قال: (وتَقُولُ: "مَمْرُورٌ بِهِ، مَمْرُورٌ بِهِما، مَمْرُورٌ بِهِمْ. مَمْرُورٌ بِها، مَمْرُورٌ بِهِما، مَمْرُورٌ بِهِنَّ").
انتبه! "مرورٌ" ما تغيَّرت، فهي للمفرد وللمثنى وللمجموع بلفظٍ واحدٍ، وإنما تُغيِّر المجرور بهما، فتقول:
"مَمْرُورٌ بِهِ" في الواحد.
"مَمْرُورٌ بِهِما" في الاثنين.
"مَمْرُورٌ بِهِمْ" في جماعة الذكور.
"مَمْرُورٌ بِها" للواحدة.
"مَمْرُورٌ بِهِما" للواحدة.
"مَمْرُورٌ بِهِما" للاثنتين.
"مَمْرُورٌ بِهِنَّ" لجماعة الإناث.
فتُثنِّي وتجمع وتذكر وتؤنِّث الضمير، أما اسم المفعول من الفعل اللازم فلا تقربه، ولكن في اسم المفعول من فعل متعد فيتغيَّر، تقول: "منصور، منصوران، منصورون"، وهذا قوله -رَحِمَهُ اللهُ: (فَتُثَنِّي وتَجْمَعُ، وتُذَكِّرُ وتُؤَنِّثُ الضَّمِيرَ، فِيما يَتَعَدّى بِحَرْفِ الجَرِّ، لا اسْمَ المَفْعُولِ).
قلنا: الغالب في اسم الفاعل أن يكون على وزن "فاعل" من الثلاثي"، والغالب في اسم المفعول أن يكون على وزن "مفعول"؛ وهذا من أسهل الأشياء، ولا إشكال فيه أبدًا، لكن قد يجيء اسم الفاعل على وزن "فعيل"، ككلمة "الرحيم"، يُمكن أن تكون "راحم" ويُمكن أن تكون "رحيم"؛ لكنهم يقولون: إن في كلمة "رحيم" مبالغة وزيادة على "راحم"، فـ "راحم" يُمكن أن يرحمه مرة واحدة، ولكن "رحيم" هذا شأنه دائمًا أنه رحيم، والله هو الرحمن الرحيم، فهذا شأنه -سبحانه وتعالى.
أيضًا صيغة فعيل قد تأتي قد تأتي في اسم المفعول، فتقول: "فلانٌ جريحٌ" يعني: مجروح. وتقول "قتيل" بمعنى مقتول.
إذًا "فعيل" لها حالات كثيرة، بل إني أعرف مَن حضَّر إحدى رسالتيه عن صيغة "فعيل" في القرآن الكريم ودلالتها، وهو الأستاذ الدكتور علي أحمد طلب -رَحِمَهُ اللهُ وغفر لنا ولكم وله- فكان رسالته عن صيغة "فعيل" في القرآن الكريم، فمرة يُراد بها اسم الفاعل، ومرة يُراد بها اسم المفعول، ومرة يُراد بها صفة مشبهة، ومرة يُراد بها صيغة مبالغة، فلها حالات كثيرة، وقد تتبَّع كل صيغة فعيل في القرآن الكريم، "سميع، عليم، بصير، ..." إلى آخره، وبيَّن دلالاتها، واستدل لما يراه في معاني صيغة "فعيل" في القرآن الكريم.
بقي الإشارة إلى صيغ المبالغة، وصاحبنا لم يأتِ بها، وأذكرها لكم:
اسم الفاعل قد يُحوَّل للدلالة على المبالغة إلى واحدة من خمس صيغ:
- وإمَّا "فَعَّال"، وهذه من أقوى صيغ المبالغة.
- إما "مِفْعَال".
- وإمَّا "فَعُول".
- وإمَّا "فَعِيل".
- وإمَّا "فَعِلْ".
وهذه الخمس كلها تدل على اسم الفاعل المبالغ فيه، يقولون: "فلان ضَروبٌ بِنصْلِ السَّيفِ سُوقَ سِمانِها"، فـ "ضروب" يعني: يُكثر أن يذِّبح الإبل السَّمينة لضيوفه.
وقالوا: "إنَّه لمِنْحارٌ بوائكها"، وقالوا: "فلانٌ شرَّابٌ للعسل"، يعني يُكثر من شُرب العسل.
وكذلك "فعيل" تدل على المبالغة، مثل: "رحيم، وسميع، وعليم"، و"فَعِلْ" مثل: "حَذِرْ".
فهذه خمس صيغ تأتي للمبالغة، وهذه الصيغ قياسية، يعني أنه يجوز لك أن تصوغ من كل فعل ثلاثي على أي وزنٍ من هذه الأوزان الخمسة لتدل على المبالغة.
انتهينا الآن من اسم الفاعل إذا كان فعله ثلاثيًّا، ننتقل إلى ما كان فعله أكثر من ثلاثة.
باب: اسم الفاعل والمفعول مما زاد على الثلاثة.
وهذه سهلة أيضًا، لكنه أصعب قليلًا من سابقتها.
اسم الفاعل مما زادَ على ثلاثة سواء كان رباعيًّا أو خماسيًّا أو سداسيًّا على وزن مضارعه، لكن تبدل حرف المضارعة ميمًا مضمومة، وتكسر ما قبل الآخر.
مثال: "دَحْرَجَ فهو مُدَحْرِجٌ"، فأصلها "يُدَحْرِجْ" ثم تحذف حرف المضارعة وهو الياء، وتجعل مكانها ميمًا مضمومة، وتكسر ما قبل الآخر.
تقول: "فلانٌ مُكْرِمٌ ضيفه"، فأصله "يُكْرِمْ" تحذف الياء، ثم تجعل مكانها ميمًا مضمومة وتكسر ما قبل الآخر.
كذلك "مستخرِجْ، مُنْطَلِق، مُعَاتِب، مُتَفَاعِل".
إذًا؛ إذا زاد الفعل عن ثلاثة: تأتي بوزن مضارعه وتحذف حرف المضارعة، وتجعل مكانه ميمًا مضمومة، وتكسر ما قبل الآخر.
والكلام نفسه في اسم المفعول، ولكــــن بدل أن تكسر ما قبل الآخر فإنَّك تفتحه، فتقول في "أَكْرَمَ فهو مُكْرَمٌ، اُنْطُلِقَ فهو مُنْطَلَقٌ إليه، اِستُخْرِجَ فالذَّهبُ مُسْتَخْرَجٌ".
نعيد بسرعة:
اسم الفاعل مما زاد عن ثلاثة -أي: في الرباعي والخماسي والسداسي: يُحذف حرف المضارعة، وإبداله ميمًا مضمومة، وكسر ما قبل الآخر.
ومثله تمامًا اسم المفعول، إلَّا أنَّك تفتح ما قبل الآخر بدل أن تكسره.
فصل في المضاعف.
بالمناسبة: المؤلف عدَّ المضاعف من المعتل، وأكثر الصرفيين يعدونه من الصحيح، لأنَّ حروفه في الأصل كلها صحيحة، مثل: "عدَّ، ردَّ، زلزل، جلجل"، فهذه حروف صحيح وليس فيها حرف علَّة، وسيُبيِّن لنا لماذا عدَّه مع المعتل.
ثم عرَّف المؤلف المضاعف فقال: (ما كانَ عَيْنُهُ ولامُهُ مِن جِنْسٍ واحِدٍ)، يعني كلاهما حرف واحد لأنه مشدد، مثل: "عدَّ، هزَّ، ردَّ" ومنه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّ﴾ [مريم: 83]، فـ "أزَّا" من المضعَّف الثلاثي، لأن عينه ولامه من جنس واحد.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (ومِنَ الرُّباعِيِّ: ما كانَ فاؤُهُ ولامُهُ الأُولى مِن جِنْسٍ واحِدٍ، وكَذَلِكَ عَيْنُهُ ولامُهُ الثّانِيَةُ مِن جِنْسٍ واحِدٍ)، مثاله: "قلقل"، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: 17]، ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَ﴾ [الزلزلة: 1]، فهذا رباعي مضعَّف.
يقول -رَحِمَهُ اللهُ: (ويُقالُ لَهُ: "الأَصَمُّ" لِشِدَّتِهِ)، أي لقوَّته.
قال: (وهُوَ مِنَ الثُّلاثِيُّ المُجَرَّدُ. والمَزِيدُ فِيهِ)، يعني: حتى لو كان ثلاثيًّا مزيدًا فيه مثل "استردَّ"، فهذا مضعَّف مزيد الثلاثي.
قال: (ما كانَ عَيْنُهُ ولامُهُ مِن جِنْسٍ واحِدٍ، كَـ "رَدَّ، وأَعَدَّ"، فَإنْ أصْلَهُما: "رَدَدَ، وأَعْدَدَ"، فَأُسْكِنَتِ الدّالُ الأُولى، وأُدْغِمَتْ فِي الثّانِيَةِ)، يعني: سُكِّنَت الدال الأولى، ثم أُدغمَت في الدال الثانية.
قال: (ومِنَ الرُّباعِيِّ: ما كانَ فاؤُهُ ولامُهُ الأُولى مِن جِنْسٍ واحِدٍ، وكَذَلِكَ عَيْنُهُ ولامُهُ الثّانِيَةُ مِن جِنْسٍ واحِدٍ، ويُقالُ لَهُ: المُطابَقُ أيْضً)، لتطابق الحرفين: الأول والثالث، والثاني والرابع؛ فهي متساوية.
مثاله: "صلصل، جلجل، زلزل، عسعس"، فتقول: "زلزل يُزلزل زلزلة زلزالًا".
ننتقل إلى تعليل المصنف -رَحِمَهُ اللهُ- لماذا جعلتُ هذا من باب المعتل، فهو عنده وجهة نظر، وهي أن بعض المضاعف يُقلَبُ أحدُ الحرفين المدغمين حرف علَّة.
مثلًا: "أَملَّ" يعني: "أملى"، فـ "أملَّ" مضعَّف، فيجوز أن تقول "أملَلْتُ" فتبقِي اللامين على حالهما، ويُمكن أن تقلب الثاني حرف علَّة، ومن أجل هذا جعله في المعتل -رَحِمَهُ اللهُ.
قال: (وإنَّما أُلْحِقَ المُضاعَفُ بِالمُعْتَلّاتِ: لأَنَّ حَرْفَ التَّضْعِيفِ يَلْحَقُهُ الإبْدالُ)، وهو هنا اعتبر الإبدال والإعلال بمعنًى واحد، وبعضهم يُفرِّق، فيقول: الإبدال في الحروف الصحيحة، والإعلال في الحروف المعتلة، والمسألة في هذا سهلة، والحقيقة أنها كلها إبدال، ولكن للتفريق والتسهيل يُقال: إن الإعلال فيما كان في حروف صحيحة، والإبدال ما كان في حروف معتلة.
قال: (وإنَّما أُلْحِقَ المُضاعَفُ بِالمُعْتَلّاتِ: لأَنَّ حَرْفَ التَّضْعِيفِ يَلْحَقُهُ الإبْدالُ، كَقَوْلِهِمْ: "أمْلَيْتُ" بِمَعْنى "أمْلَلْتُ"، والحَذْفُ كَقَوْلِهِمْ: "مِسْتُ، وظِلْتُ" بِفَتْحِ الفاءِ وكَسْرِها فِيهِما، و"أحَسْتُ"؛ أي: مَسِسْتُ وظَلِلْتُ وأَحْسَسْتُ).
وهذا كلامٌ صحيح، فإنَّ استعمال العرب للتخفيف أيضًا أن يحذفوا بعض الحروف المضعَّفة حذفًا جائزًا وليس بواجبٍ للتخفيف، فالأصل أن تقول: "أحْسَسْتُ"، لكن لو قلتَ: "أحَسْتُ" فهو جائز، والأصل أن تقول: "ظَلِلْتُ"، لكن لو قلتَ: "ظِلْتُ" لجاز لك، والأصلُ أن تقول: "مَسِسْتُ"، ولو قلتَ" "مَسْتُ، أو: مِسْتُ" لجازَ لك.
انتهينا من المضاعف -والحمد لله.
ننتقل إلى بابٍ جديد وهو: باب الإدغام.
الإدغام في اللغة بمعنى: الإدخال.
تنبيه!
الإدغام عند الكوفيين، والادِّغام عند البصريين.
المضاعَف يُقال له: الإدغام؛ وهو من باب "الإفعال" في عبارات الكوفيين؛ والبصريون هم الذين يسمونه "الادِّغام"، وكلاهما متعدِّيان، سواء عند البصريين أم عند الكوفيين، فتقول: "أدغمتُ الحرفَ في الحرفِ"، فتنصب به المفعول به.
أما تعريف الإدغام في اصطلاح القراء: إدخال حرفٍ في حرفٍ، ورفع اللسان بهما دفعة واحدة.
تعريف الإدغام في اصطلاح الصرفيين: هو أن تُسكِّن الحرف الأول من المتماثلين، ثم تدخله في الحرف الثاني.
مثلًا: "مدَّ" أصلها "مدَدَ"، فنُسكِّن الدال الأولى ثم ندخلها في الدال الثانية، فتصير كلها حرفًا واحدًا، لكنه مشدد، وهو في الأصل عبارة عن حرفين، ويسمى الحرف الأول منهما مدغمًا، والحرف الثاني يسمى مدغمًا فيه.
والإدغام نوعٌ من التخفيف، فبدلَ أن تقول: "مَدَدَ" تقول: "مدَّ" ولا شك أنها أخف.
والإدغام له ثلاث حالات:
- إما أن يكون واجبًا.
- وإما أن يكون جائزًا: يعني يجوز لك الإدغام وعدمه.
- وإما أن يكون ممنوعًا.
متى يكون جائزًا؟ ومتى يكون ممتنعًا؟
الحالة الأولى: وجوب الإدغام:
نقرأ كلام المصنف، قال -رَحِمَهُ اللهُ: (والمُضاعَفُ: يَلْحَقُهُ الإدْغامُ، وهُوَ أنْ تُسْكِنَ الأَوَّلَ وتُدْرِجَهُ فِي الثّانِي، ويُسَمّى الحَرْفُ الأَوَّلُ: مُدْغَمًا، والثّانِي: مُدْغَمًا فِيهِ.
والإدْغامُ واجِبٌ فِي نَحْوِ: "مَدَّ يَمُدُّ، وأَعَدَّ يُعِدُّ، واعْتَدَّ يَعْتَدُّ، وانْقَدَّ يَنْقَدُّ، واسْوَدَّ يَسْوَدُّ، واسْوادَّ يَسْوادُّ، واسْتَعَدَّ يَسْتَعِدُّ، واطْمَأَنَّ يَطْمَئِنُّ، وتَمادَّ يَتَمادُّ").
فتقول في المثنى: "الرجلان مدَّا"، وفي الجماعة: "مدُّوا"، أما في جماعة النساء فلا يجوز الإدغام، وسنرى السبب بعد قليل.
قال: (وكَذا هَذِهِ الأَفْعالُ إذا بَنَيْتَها لِلْمَفْعُولِ نَحْوُ: "مُدَّ يُمَدُّ" وقِسْ عَلى هَذا نَظائِرَهُ)، تقول: "مُدَّ الحبلُ، والحبلُ يُمَدُّ".
قال: (وفِي نَحْوِ: "مَدٍّ" مَصْدَرً)، يعني سواء كان الفعل مبنيًّا للمعلوم أو مبنيًّا للمفعول أو المجهول، أو مصدره؛ فإنه يكون واجب الإدغام.
قال: (وكَذَلِكَ إذا اتَّصَلَ بِالفِعْلِ ألِفُ الضَّمِيرِ أوْ واوُهُ أوْ ياؤُهُ، نَحْوُ: "مَدّا مَدُّوا مُدِّي")، فيكون الإدغام واجبًا، تقول: "الرجلان مدَّا ويمدَّان" وجوبًا، ما تقول "يمددان"!
وتقول: "الرجال يمدُّونَ، ومُدِّي يا فاطمة، وأنتِ يا فاطمة تمُدِّينَ"، فالمضارع أو الأمر إذا كان معه ياء المخاطبة فإنه يكون واجبَ الإدغام.
الحالة الثانية: امتناع الإدغام:
ويمتنع الإدغام إذا اتَّصلَ بالفعل -الذي فيه حرف مضاعف- ضمير رفع متحرك.
وضمائر الرفع المتحرك هي:
- تاء الفاعل. وتشمل ثلاثة أنواع:
* تاء المخاطب.
* تاء المتكلم.
* تاء المخاطبة.
تقول: "مَدَدْتُّ، مَدَدْتَّ يا عبد الله، مَدَدْتِّ يا فاطمة".
- نون النسوة.
تقول: "النسوة مَدَدْنَ، ويَمْدُدْنَ، واُمْدُدْنَ"، سواء كان ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا.
- ناء الفاعلين، يعني جماعة الذكور، ولابد أن تكون "ناء" فاعلًا.
تقول: "نحنُ مدَدْنَا السفرةَ، وظَلَلْنَا عندكن، عَدَدْنَا النُّقودَ".
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (ومُمْتَنِعٌ فِي نَحْوِ: "مَدَدْتُ ومَدَدْنا ومَدَدْتَ").
فـ "مَدَدْتُ" مع تاء المتكلم، و"مَدَدْنا" مع ناء الفاعلين، و"مَدَدْتَ" مع تاء المخاطَب، و"مَدَدْتِ يا هند".
قال: (إلى مَدَدْتُنَّ ومَدَدْنَ ويَمْدُدْنَ وتَمْدُدْنَ وامْدُدْنَ ولا تَمْدُدْنَ).
فـ "مَدَدْتُنَّ"، جماعة الإناث، و"مَدَدْنَ النسوة"، و"يَمْدُدْنَ، وأنتن تَمْدُدْنَ"، وفعل الأمل "وامْدُدْنَ"، ومع المضارع "ولا تَمْدُدْنَ".
إذًا؛ لا يجوز الإدغام إذا اتَّصل بالفعل ضمير رفع -يعني فاعل- أي: تعربه في محل رفع، ويكون متحركًا، لأنه أحيانًا يكون هذا الضمير ساكنًا، وهو ألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة؛ فهذه يجب فيها الإدغام، أما غذا كان متحركًا مثل تاء المتكلم، وتاء المخاطَب، وتاء المخاطَب، ونون النسوة، وناء الفاعلين؛ فهذه يجب فيها الفك.
الحالة الثالثة: جواز الإدغام وعدمه، وله حالتان:
الأولى: أن يكون الفعل المضارع مجزومًا بالسكون، لأنَّه لا يُجزَم غير المضارع، وأما المجزوم بحذف العلة فلا يدخل فيه، وليس مجزومًا أيضًا بحذف النون، بل لابد أن يكون مجزومًا بالسكون.
قال: (وجائِزٌ: إذا دَخَلَ الجازِمُ عَلى فِعْلِ الواحِدِ، فَإنْ كانَ مَكْسُورَ العَيْنِ كَـ"يَفِرُّ"، أوْ مَفْتُوحَها كَـ"يَعَضُّ"، فَتَقُولُ: "لَمْ يَفِرّ ولَمْ يَعَضّ"، بِكَسْرِ اللّامِ وفَتْحِها، وتَقُولُ: "لَمْ يَفْرِرْ ولَمْ يَعْضَضْ" بِفَكِّ الإدْغامِ).
إذا كانت عين الفعل المضارع مكسورة أو مفتوحة وأدخلت عليه الجازم؛ جاز لك الإدغام وعدمه، تقول: "لم يفرّ ولم يفرر، ولم يعضّ ولم يعضض"، بإثبات الإدغام وبفكِّه.
قال: (وهَكَذا حُكْمُ: "يَقْشَعِرُّ ويَحْمَرُّ ويَحْمارُّ")، فتقول: "لم يقشَعِرّ ولم يقشَعْرِرْ، ولم يحمرّ ولم يحمَرِرْ، لم يحمارّ ولم يحمارِرْ".
نأتي الآن فيما إذا كانت عين المضارع مضمومة.
إن كانت عين المضارع مضمومة فتجوز الحركات الثلاث في الحرف المدغم، فتقول: "لَمْ يَمُدَّ، لَمْ يَمُدُّ، لَمْ يَمُدِّ"، ويجوز أن تقول: "لَمْ يَمُدُدْ"؛ فإن أدغمتَ فلك ثلاثة أوجه:
- أن تجعل المدغَم هذا مفتوحًا.
- أو مضمومًا.
- أو مكسورًا.
أما الفتح: فهو لأن الفتح هو أخف الحركات.
وأما الكسر: فلأن الأصل في التقاء الساكنين.
وأما الضم: فلإتباع الضمَّة التي قبله، فقولك: "لمْ يَمُدُّ" فتضم الدال لإتباع ضمة الميم التي قبلها.
ويجوز لك فكُّ الإدغام، فتقول: "لمْ يمدُدْ"، وليس هناك إلا وجه واحد فقط مع فكِّ الإدغام.
وهكذا أيضًا حكم فعل الأمر، فتقول: "فِرَّ وعضَّ، وفرِّ وعضِّ" بكسر اللام وفتحها، وإن كان مضموم العين جازَ الأوجه الثلاثة أيضًا، فتقول: "مُدَّ، مُدُّ، مُدِّ"، ويجوز لك فكُّ الإدغام فيها كلها، فتقول: "اُمْدُدْ".
بالمناسبة: فعل الأمر يأخذ في حركاته حكم المضارع المجزوم، لكن الفرق بينهما أن المضارع مُعرَب، وأن الأمر مبني على السكون أو مبني على حذف حرف العلة أو مبني على حذف النون.
وأما المضارع فلا يُبنَى إلا في حالتين ذكرتهما في الحلقة الماضية، وهما:
- أن تتصل به نون النسوة فيُبنَى على السكون.
- أو تتصل به نون التوكيد المباشِرة فيُبنَى على الفتح.
ثم تقول في اسم الفاعل من "مَدَّ": "هو مادٌّ، وهما مادَّنِ، ومادونَ، وهي مادَّةٌ، وهما مادَّتان، وهنَّ مَادَّاتٌ، وموادٌّ"، فـ "مادَّاتٌ" جمع مؤنث، و"موادٌّ" جمع تكسير.
قال: (وتَقُولُ فِي اسْمِ المَفْعُولِ: (مَمْدُودٌ) كَمَنصُورٍ).
انتهينا -بحمد الله- من المدغم.
فصل في المعتل.
المعتل من الأفعال أو من الأسماء: هو ما كان واحدٌ أو أكثر من الحروف الأصلية في الكلمة حرف علَّة.
حروف العلَّة هي: الألف أو الواو أو الياء.
ولا تدخل الهمزة معها لأنها حرف صحيح.
وقال بعضهم: إن الهمزة قد تُسهَّل، فإذا سُهِّلَت تبقى صحيحة لأنها تُسهَّل تخفيفًا، مثل كلمة "رأس، بئس، لؤم"، يجوز أن تقلب هذه الهمزة في "بأس" إلى ألف، فتقول: "باس"، وفي "بئر" تقلبها ياءً، فتقول: "بير" تخفيفًا، ولكنه ليس بلام، ويجوز أن تقول في "لؤم": "لوم" بجعل الواو مكان الهمزة، ولكنها مع ذلك تبقى همزة لا تنطبق عليها أحكام المعتل.
قال -رَحِمَهُ اللهُ: (المُعْتَلُّ: هُوَ ما كانَ أحَدُ أُصُولِهِ حَرْفَ عِلَّةٍ، وهِيَ: الواوُ والياءُ والأَلِفُ، وتُسَمّى حُرُوفَ المَدِّ واللِّينِ)، وقد ذكرتُ في لقاءٍ ماضٍ أن الحرف لا يسمى حرف مدٍّ إلَّا إذا اجتمع فيه أمران:
الأمر الأول: أن يكون ساكنًا.
الأمر الثاني: أن يكون ما قبله حركته من جنسه، فالألف يكون قبلها فتحة، والواو قبلها ضمة، والياء قبلها كسرة؛ وحينئذٍ يُسمَّى حرف لين أو حرف مد.
وفي بعض الأحيان يكون ساكنًا لكن قبله حركة غير مجانسة، ولا يكون ذلك إلا في الواو والياء، لأنَّ الألف لابدَّ أن يكون ما قبلها مفتوح، كـ "فرعَوْن"، فهذا يُسمى إما حرف علَّة أو حرف لين، ولا يُسمَّى حرف مد، وتقول "غِرْنَيْق"، فالياء ساكنة وقبلها مفتوح؛ فهذه أيضًا تسمى إما حرف علَّة أو حرف لين، ولكنها ليست حرف مد، أما الألف في كل أحواله يصلح أن يكون حرف مدٍّ، لأن ما قبله لا يكون إلا مفتوحًا، ويصلح أن يكون حرف علَّةٍ، ويصلح أن يكون حرف لينٍ.
قال: (والأَلِفُ حِينَئِذٍ تَكُونُ مُنْقَلِبَةً عَنْ واوٍ أوْ ياءٍ).
انتبه!
أي ألف أصلية لابدَّ أن تكون منقلبةً عن واوٍ أو ياءٍ، وهذا القلب -أو الإبدال- يكون في سبعة مواضع.
قال: (وأَنْواعُهُ سَبْعَةٌ:
الأَوَّلُ: المُعْتَلُّ الفاءِ، ويُقالُ لَهُ: المِثالُ، لِمُماثَلَتِهِ الصَّحِيحَ فِي احْتِمالِ الحَرَكاتِ، أمّا الواوُ: فَتُحْذَفُ مِنَ الفِعْلِ المُضارِعِ الَّذِي عَلى (يَفْعِلُ) بِكَسْرِ العَيْنِ).
تقول: "وَعَدَ - يَعِدُ، وَزَنَ يَزِنُ"، فالواو في الماضي موجودة وفي المضارع محذوفة.
وتحذف من مصدره أيضًا جوازًا، فتقول: "وَعَدَ - يَعِدُ - وَعْدًا"، ويجوز أن تقول: "وَعَدَ - يَعِدُ - عِدَةً"، فتحذف الواو وتعوض عنها بالتاء في آخر الكلمة.
قال: (وتَسْلَمُ فِي سائِرِ تَصارِيفِهِ، تَقُولُ: "وعَدَ يَعِدُ عِدَةً، ووَعْدًا، فَهُوَ واعِدٌ، وذاكَ مَوْعُودٌ")، يعني أنَّ الواو موجودة في كل التَّصرُّفات إلا في المضارع، وفي المصدر على وجه الجواز.
قال: (والأَمْرُ: "عِدْ")، تقول: "وَعَدَ - يَعِدُ - عِدْ، وَزَنَ - يَزِنُ - زِنْ).
قال: (وكَذَلِكَ: "ومِقَ يَمِقُ مِقَةً")، هنا حُذفت الواو في المضارع وفي المصدر.
قال: (فَإذا أُزِيلَتْ كَسْرَةُ ما بَعْدَها: أُعِيدَتِ الواوُ المَحْذُوفَةُ).
تُحذَف الواو إذا كان بعدها كسرة، إن لم تكن بعدها كسرة رجعت الواو.
مثلًا: المضارع من "وَعَدَ" هو: "يَعِدُ" فهنا حُذفت الواو، لأنَّ بعد الواو كسرة، لكن لو بنيت الفعل للمجهول فإنَّك تقول: "يُوعَدُ" فترجع الواو، لأنَّ بعدها فتحة.
قال: (وتَثْبُتُ فِي "يَفْعَلُ")، يعني: الواو لا تُحذف إلا كان مضارعها على وزن "يَفعِلُ" بالكسر، مثل: "وَزَن - يَزِنُ، وَعَدَ - يَعِدُ"، أما إن كان مضارعه على وزن "يَفْعَل" فإن الواو تثبت، مثل: "وَجِلَ - يَوْجَل"، وكذلك لو كان مضمومًا أيضًا -كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال: (بِالفَتْحِ: "كَوَجِلَ - يَوْجَلُ"، والأَمْرُ مِنهُ: "ايْجَلْ"، أصْلُهُ: "اوْجَلْ" قُلِبَتِ الواوُ ياءً لِسُكُونِها وانْكِسارِ ما قَبْلَه)، الهمزة مكسورة في "اِوجل" والواو ساكنة بعد كسر، فتقلب الواو ياءً، فبدلَ أن تقول "اِوْجَل" تقول: "اِيجَل".
قال: (فَإنِ انْضَمَّ ما قَبْلَها: عادَتِ الواوُ، فَتَقُولُ: "يا زَيْدُ ايْجَلْ" تُلْفَظُ بِالواوِ وتُكْتَبُ بِالياءِ)، إذا ضممت ما قبلها فإنَّك تقلب الياء واوًا تبعًا للضمَّة، لأنها ساكنة بعد ضمٍّ، فتظهر واوًا في اللفظ، وتُكتبُ ياءً، وهذا من أعجب الأشياء، ونحتاج غلى تثبُّت من هذا، لكن هذا كلام المصنف.
نكتفي بهذا القدر في هذا اللقاء، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمةً للعالمين، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ