الدرس الثاني

فضيلة الشيخ د. حسن بن محمد الحفظي

إحصائية السلسلة

3716 6
الدرس الثاني

تصريف العزي

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي الحلقة الثانية من هذا البرنامج الذي أسأل الله أن ينفع به، وقد وصلنا إلى "الرباعي المجرد" ووزنه كما ذكر صاحب الكتاب: له وزنٌ واحد وهو وزن (فَعْلَلَ)، ومثاله: (دحرج)، ومضارعه: (يدحرج)، و (برهن) مضارعه: (يبرهن)، ومصدره: (دحرج)، أو (دحراج)، وتحدثنا أيضًا في لقاءنا الماضي عن أوزان الثلاثي المزيد فيه وقد ذكر المصنف - رحمه الله - أنه على ثلاثة أقسام:
الأول: ما كان ماضيه على أربعة حروف، يعني: يُزاد فيه حرف واحد، وهو ما كان على وزن (أفعل) مثل: (أكرم) و (فعل) مثل: (فرح)، و (فاعل) مثل: (قاتل)، أما أوزان الثلاثي المزيد فيه أيضًا فنوعٌ منه يكون زيد فيه حرفان ويصير على خمسة أحرف:
إما أن يأتي على وزن (تفعل) مثل: (تقدم) و (تكسر يتكسر تكسرً)، و (تفاعل) مثل: (تباعد يتباعد تباعدً)، وإما في أوله الهمزة (انفعل) طبعًا هذا وزنه (انفعل) مثل: (انقطع)، والرابع: أن يكون على وزن (افتعل) مثل: (اجتمع)، والخامس: أن يكون (افعل).
إذًا هذه الأوزان الخمسة التي ذكرنا أن الخامسة ضاع منا وسأعيد الخامسة مرة ثانية:
إما أن يكون على وزن (تفعل) مثل: (تقدم)، أو (تفاعل) مثل: (تباعد)، وإما أن يكون على وزن (انفعل) مثل: (انقطع)، وإما أن يكون وزن (افعل) مثل: (اجتمع)، وإما أن يكون على وزن (افعلّ) مثل: (احمر).
النوع الثالث من الثلاثي المزيد فيه: هو ما زيد فيه ثلاثة أحرف، وعلى هذا سيكون المجموع ستة أحرف، وذكر المصنف هنا مثل:
- (اِسْتَفْعَلَ) فيكون مثاله: (استخرج).
- (اِفْعَلَّ) مثل: (اِحْمَرَّ).
- (افْعَوْعَلَ) مثل: (اعْشَوْشَبَ).
- (اِفْعَنْلَلَ) مثل: (اقْعَنْسَسَ).
- (افْعَنْل) مثل: (اسْلَنْقَ).
- (افْوَعَلَّ‏) مثل: (اجْدَوَلَّ)، وبالمناسبة (افْعَنْل) هذه فيها إشكال يسير ولذلك لم أذكرها، و (افْعَنْل) كذلك؛ لأن هناك من يرى أنها مُلحقة بهذا الوزن، بل ملحقة بالرباعي المزيد فيه حرفان، أعني: (اقْعَنْسَسَ)؛ لأني مثلت له بالرباعي المزيد بحرفين، قلت مثاله: (احْرَنْجَمَ) و (اقْعَنْسَسَ) قريبةٌ منها لكن لتضعيف الحرف الأخير يرى مؤلف الكتاب: أنه من أوزان الثلاثي المزيد فيه ثلاثة أحرف، وأن (افْعَنْل) أيضًا من المزيد فيه ثلاثة أحرف وبعضهم يرى أنها مُلحقة بوزن الرباعي المزيد فيه حرفان، والمسألة في هذا سهلة والحمد لله رب العالمين.
ننتقل إلى الرباعي المزيد وفيه ثلاثة أوزان كما ذكر صاحب الكتاب؛ لأنه إما أن يُزاد فيه حرف واحد مثل: (تَفَعْلَلَ)، (تَدَحْرَجَ، تَبَعْثَرَ، تَبَرْهَنَ)، إلى آخره، أو يُزاد فيه حرفان وله وزنان مثل: (افعَنلَلَ) مثل: (احْرَنْجَمَ)، وقد ذكرنا قبل قليل (اقْعَنْسَسَ) أو (افعَللّ): مثل: (اقشَعرّ، واطمَأنّ).
ننتقل الآن إلى بابٍ جديد وهو (باب: المتعدي واللازم)
نعرفهما أولًا:
المتعدي هو الذي يتعدى الفاعل فينصب المفعول به، يعني: يتجاوزه، أي: يتجاوز الفاعل، ولابد لكل فعلٍ من فاعل، لكن هل يتجاوز الفعل هذا الفعل فينصب المفعول به؟ يسمى: متعديًا، أو يقتصر على الفاعل فهذا يسمى: لازمًا، فاللازم ويسميه بعضهم: "القاصر" هو الذي يكتفي برفع الفاعل ولا ينصب المفعول به.
مثاله: خرج، ما تقول: (خرج محمدٌ الباب)، بل لابد أن تقول: (خرج محمدٌ من البابِ)، يعني تأتي بحرف جر يساعد.
وسنذكر بعد قليل إن شاء الله كيف تحول اللازم إلى متعدٍ، يعني هناك وسيلة لأن تحول اللازم إلى متعدٍ، الحاصل: أن الفعل المتعدي هو الذي ينصب المفعول به.
طيب كم ينصب المفعول واحد ولا اثنين ولا عشرة؟
إما أن ينصب مفعولًا به واحدًا، وهذا هو الغالب، مثل: أكل محمدٌ التفاحةَ، وشرب عبد الله الماءَ، وسمعت كلامك، فهذا ينصب مفعولًا به واحدًا، وهذا هو معظم الأفعال المتعدية تكتفي بنصب مفعولٍ به واحد.
وقد ينصب مفعولين وهذا ينقسم قسمين؛ لأن هذا إما أن يكون أصل المفعولين مبتدأ وخبر، وإما أن يكون ليس أصلهما مبتدأ وخبر، الذين ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر يسميه النحويون والصرفيون: (باب: ظن وأخواته): "ظن، وحسب، وعلم، وخال، وزعم، وعد، وهب، إلخ"، هذه كلها تسمى (باب: ظن وأخواته) وهذه تنصب مفعولين أصلها المبتدأ والخبر.
رَأَيْتُ اللهَ أَكْبَرَ كُلِّ شَيْءٍ ... وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً
"حسبنا": فعل وفاعل، "كل": مفعول به أول، "شحمةً": مفعول به ثانٍ.
﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُو﴾ (أن) وما دخلت عليه سدت مسد المفعولين.
"فلا تعدد المولى شريكك في الغنى"
"المولى": مفعول به أول، و "شريك": مفعول به ثانٍ، وهذا فعل من الأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.
مثال: "رأيت التقى والجود خير تجارةٍ"
هل "التقى والجود خير" ثلاثة مفعولات؟
الجواب: لا، "التقى": مفعول به أول، "الجود": معطوف، "خير": مفعول به ثانٍ، هذه كلها تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، يعني: قبل أن يدخل هذا الفعل كان مبتدأ وخبرًا.
النوع الثاني مما ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، وهذا يسمونه: "باب: كَسَا"، مثال: "كسوت زيدًا جُبةً"
"كسا": فعل ماض، "التاء": فاعل، "زيد": مفعول به أول، "جُبةً": مفعول به ثانٍ.
هل زيد مبتدأ وخبر زيدٌ جبةٌ؟ لا هذا يسمى "باب: كَسَا" وينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.
شيء آخر:
الفعل (أعطى) من هذا القبيل، "أعطيت عبد الله درهمًا"، أو "أعطى زيدٌ عبد الله درهمًا"؟ فهذا مما ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، ألبسته، إلى آخره.
طيب بقي عندنا نوع ينصب ثلاثة مفعولات، وهو سبعة أفعال:
الفعل الأول: (أرى) وهذه ليست مضارع بل هي ماض، (أريتك النور واضحً) قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة:167] "يُري" هو الفعل، "يُريهمُ" المفعول الأول، "اللهُ" هو الفاعل، "أَعْمَال" هو المفعول به الثاني، "حسراتٍ" هو المفعول به الثالث ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ هذه ثلاثة مفعولات، فالفعل الأول: هو (أرى) ومضارعه: (يري) والأمر منه: (أري).
الفعل الثاني: (أعلم)، مثال: (أعلمتك عز الدين ناجحً).
أعلم والتاء: فعل وفاعل، والكاف مفعول به أول، عز الدين مفعول به ثان، ناجحًا مفعول به ثالث.
بقية الأفعال السبعة: (نبأ، أنبأ، خبر، أخبر، حدث) هذه خمسة، و (أعلم، أرى) هذه سبعة، لا يوجد غير هذه الأفعال السبعة تنصب ثلاثة.
الفعل ينقسم إلى:
إمَّا متعدٍ وهو الذي يتعدى من الفاعل إلى المفعول به، كقولك: (ضربت زيدً)، ويسمى أيضًا: واقعًا؛ لأنه يقع على المفعول به، ويسمى أيضًا: مجاوزًا لأنه؛ يتجاوز الفاعل إلى المفعول به.
وإمَّا غير متعدٍ وهو الذي لم يتجاوز الفاعل إلى المفعول به، مثل: حَسُنَ، وقلت لكم: وزن (فعل يفعل) لا يأتي إلا لازمًا، وليس منه فعلٌ متعدٍ، فكل فعل على وزن (فعل يفعل) لا يكون إلا لازمًا ما عدا فعلًا واحدًا للفائدة أذكره، وهو: (رحبت الدار أهله) يعني: وسعتهم، فهذه تتعدى إلى مفعول به واحد مع أن ماضيها (فعل) ومضارعها (يفعل).
إذًا غير المتعدي لا ينصب مفعولًا به وإنما هو يلزم الفاعل ولا يتعدى إلى المفعول به.
مثاله: "جلس، فرح، شبع، ظمأ"، ويقولون: إن الأفعال التي تدل على الفرح والحزن والغضب هذه كلها لازمة تقول: "غضبت من زيدٍ ووجدت عليه"، بمعنى: حزنت عليه، وتقول: "فرحت به وسرُرت" كل هذه أفعالٌ لازمة لا تتعدى.
طيب عندنا فعلٌ لازم نريد أن نجعله متعديًا أمامنا ثلاث طرق:
الطريقة الأولى: أن نُدخل عليه الهمزة. مثال: (خرج عبد الله من الدار)، فإذا أردت أن أجعله متعديًا أدخل عليه الهمزة في أوله، فنقول: (أخرجت عبد الله من الدارِ)، فيصير متعديًا؛ لأننا زدنا عليه الهمزة.
كذلك إذا ضعَّفت عينه، يعني: جعلت عينه مشددة (جَلَسَ) (جَلَّستَ الطفل)، (جلس زيد) هذه فعل وفاعل ما في مفعول به، إذا أردت أن تجعلها متعدية ضَعِّفْ العين، يعني: شددها (جلّست عبد الله).
في طريقة أخيرة وهي أن تزيد حرف الجر بعده، فمثلًا: (ذهب محمدٌ)، هذه لازمة، ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة:17].
مثل: (أذهب الله نورهم)، النور: هي مفعول به في الحقيقة لكن الفعل لا يتعدى إليه ما تقول: ذهب الله نورهم، وإنما تزيد عليها حرف الجر فتصير متعديًا، إذًا عندنا ثلاث طرق:
- إما أن نُدخل الهمزة في أوله.
- وإما أن نُضعف العين.
- وإما أن نزيد بعده حرف جر فيصير متعديًا.
طيب انتهينا من المتعدي واللازم.
ننتقل رحمكم الله وبارك فيكم إلى "الحديث عن الأفعال"، نبدأ بالفعل الماضي.
الفعل الماضي تعريفه: هو الذي يدل على معنىً وُجد في الزمن الماضي. ما علامته؟ كيف نعرف أنَّ هذا الفعل فعل ماض؟ له علامتان:
- أن يقبل تاء التأنيث الساكنة في آخره.
- أن يقبل تاء الفاعل في آخره.
تقول: (قامت، جلست، شربت، استيقظت، سافرت، إلى آخره)، أو تقول: (سافرت، شربت، أكلت)، كل هذه أفعال ماضية، والدليل: قبولها لإحدى التاءين إمَّا تاء التأنيث الساكنة، واجعل تحت الكلمة الساكنة خطين لتتنبه لماذا؟ لأن تاء التأنيث المتحركة تلحق الأسماء، وتلحق الحروف، مثل: "ربة" هذه لاحقة في الحرف، ومثل: "فاطمة" هذه لاحقة في الاسم، فنحن لا نعني المتحركة، وإنما نعني الساكنة.
قال تعالى: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّ﴾ [الحجرات:14] التاء هنا متحركة، ما السبب في تحريكها؟ السبب: هو التقاء الساكنين، وإلا أصلها: قالت، لو وقفت تقول: قالت، بس اللام الساكنة التي بعدها: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّ﴾ حُركت بالكسر لالتقاء الساكنين، والفعل الماضي قسمان:
- إمَّا أن يكون مبنيًا للفاعل، يعني: بعده فاعل.
- وإمَّا أن يكون مبنيًا للمفعول، يعني: ليس بعده فاعل، وإنما بعده نائبٌ عن الفاعل.
فالمبني للفاعل يكون أوله مفتوحًا ويكون أول متحركٍ بعده مفتوحًا مثل: نصر، نصرا – اثنان – نصروا، نصرت فاطمة، نصرتا – اثنتان – نصرن، نصرت، نصرتما، نصرتم، نصرتِ يا فاطمة، نصرتما يا هندان، نصرتن يا نسوة، نصرتُ أنا سواء كان المتحدث رجل أو امرأة يقول: نصرت، ونصرنا، وقس على هذا الفعل: أفعل، وفعل، وفاعل، وفعلل، وتفعلل وهي التي ذكرنا أنها مزيدة، يعني: قد يكون مجردًا وقد يكون مزيدًا.
فأفعل مثل: أخرج.
وفعل مثل: قدم.
وفاعل مثل: ناصر.
وافعلل مثل: دحرج.
وتفعلل مثل: تدحرج.
وتفاعل مثل: تفاهم.
وانفعل مثل: انقطع.
وافتعل مثل: اقتتل.
وافعنلل مثل: احرنجم.
واستفعل مثل: استخرج.
وافعلل مثل ... لعله يأتي لها مثال إن شاء الله.
وافعوعل مثل: اعشوشب.
وافعلّ مثل: احمرّ.
ولا تعتبر حركات الألفات في الأوائل فإنها زائدةٌ، يعني: إذا كان في أول الفعل الماضي ألفٌ فلا تهتم بحركته لا شأن لك بها لأن هذا حرف زائد، وإنما نحن نتحدث عن الحركات حينما نقول: إن الماضي أوله مفتوح، وثانيه مفتوح أو ثانيه ساكن فإنما لا نقصد إلا الحروف الأصلية، أمَّا الحروف الزائدة فلا شأن لنا بها، ولا تعتبر حركات الألفات في الأوائل فإنها زائدةٌ تثبت في الابتداء وتسقط في . . . . .
طيب عودة قليلًا لو سمحتم أُنبه إلى أننا قلنا: إنه يمكن أن تجعل الفعل اللازم متعديًا بإحدى ثلاث طرق تتذكرون ما هي؟
إما بزيادة الهمزة في أوله.
إما بتضعيف العين.
إما بزيادة حرف الجر بعده.
زيادة الهمزة والتضعيف ليستا في جميع الأفعال وإنما في بعض الأفعال، فمثلًا خرج تقول: أخرج، لكنك ما تقول: أنصر، والتضعيف مثله ليس في كل الأفعال لكن في معظم الأفعال وبخاصة الأفعال اللازمة فإن بعضهم جعلها قياسية يعني زيادة الهمزة فيه جعلها قياسية، يعني دائمًا كل مرة تستطيع أن تحول اللازم إلى متعدٍ إذا أدخلت عليه الهمزة في أوله، بعضهم يجعلها قياسية لكن الصحيح أنها ليست بدائمة.
ننتقل إلى باب يسمونه: (باب: المبني للمجهول).
هذا اسم مشهور والمفروض أن يسمى: المبني للمفعول، كما ذكر صاحب الكتاب هنا، حيث سماه: "المبني للمفعول"، طيب لماذا نقول: إن الأحسن أن يسمى: "مبنيًا للمفعول" أحسن ما يكون مبني للمجهول، وطبعًا هذا مشهور المبني للمجهول، سنذكر بعض قليل أيضًا لماذا المشهور أنه مبني للمجهول؟
الأولى أن يسمى: باب المبني للمفعول، لما؟ لأن الذي ينوب عن الفاعل هو واحد من المفعولات إما مفعول به، وإما مفعول فيه يعني ظرف، وإما مفعول مطلق كما سنذكره إن شاء الله، وإما جار ومجرور والجار والمجرور أصلًا مفعول، فلذلك الأولى أن تسميه: مبني للمفعول، طيب لماذا لا يجوز أن نسميه: المبني للمجهول؟
قال: لأنه ليس دائمًا مجهول، في بعض الأحيان يكون معلومًا مثل قول الله تعالى: ﴿خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء:37]، هل تعرفون من الذي خلق؟ الله سبحانه وتعالى، فليس مجهولًا، فينبغي أن يسمى: "مبنيًا للمفعول" أولى من تسميته "المبني للمجهول".
سؤال: لماذا أجمع معظم النحويين أو الصرفيين على تسمية المبني للمجهول؟
لأن أكثر ما يُبنى هذا الفعل إذا كان الفاعل مجهولًا، مثل: ضُرب زيدٌ، ما ندري من الذي ضربه فنقول: ضُرب.
سؤال آخر: ما الأصل المبني للفاعل أو المبني للمفعول؟، يعني الفعل الذي يأتي بعده فاعل أو الذي يأتي بعده نائب عن الفاعل؟ لا شك أن الأصل أن يأتي بعده فاعل، لأنهم قالوا: لابد لكل فعلٍ من فاعل. طيب السؤال الآن: لماذا نغير الصيغة فنجعله مبنيًا للمفعول أو نحذف الفاعل ونقيم غيره مقامه أو ننيب غيره منابه؟ والجواب: أن ذلك لغرضين: إما غرض لفظي، وإما غرض معنوي، وكل واحد من اللفظي والمعنوي له أقسام، أما اللفظي فله قسمان:
القسم الأول: هو الرغبة في استقامة السجعة. (من طابت سريرته حُمدت سيرته)، فسريرته هنا فاعل، لو قلت: حمد الناس سيرته. اختلف يصير منصوب بدل ما أنه مرفوع هذه للسجعة، أيضًا قالوا: لاستقامة الوزن في الشعر، قال أظنه الأعشب: عُلّقْتُهَا عَرَضاً، وَعُلِّقَتْ رَجُلاً غَيرِي، وَعُلِّقَ أُخرَى ذَلِكَ الرَّجُلُ.
علقتها عرضًا، لو قال: علقني الله بها - ينكسر البيت، وهذا يسمونه: غرض لفظي، والغرض اللفظي إما للسجع وإما لاستقامة الوزن. طيب الغرض المعنوي؟ الغرض المعنوي كثير، منها: أن يكون الفاعل مجهولًا، كقولك: سُرق المتاع، ما تدري من السارق، ومنها: أن تخاف من الفاعل لو تذكر أن السارق فلان جاء وضربك، فتقول: سُرق المتاع، ما أدري من السارق، أنا عارف ولكن ما أقدر أقول، ومنها: الخوف عن الفاعل، يعني أن تقول: سُرق المتاع أيضًا ليس خوفًا منه بل خوفًا عليه، لأنك لو قلت: سرق فلانٌ المتاع. جاءت الشرطة وأخذته ودخلته السجن إذا تأكدت.
طيب من الأغراض أيضًا: أن لا يتعلق بذِكر الفاعل غرض، يعني ما في فائدة من ذِكر الفاعل لأنك تريد العموم، مثلًا في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَ﴾ [النساء:86]، من كان يكون الذي حياك فحيه إما بمثلها وإما ﴿وَإِذَا قِيلَ انشُزُو﴾ [المجادلة:11]، أي: واحد يقولك انشز؛ انشز، ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المجادلة:11] أي واحد يا أخي يطلب منك أن توسع له في المجلس وسع له، يعني لا يتعلق بذكره غرض ما في فائدة من ذكر فاعل معين، يعني لا تريد أن تقول إذا قال عبد الله ولا صالح ولا علي ولا سلطان ولا فلان أو فلان أو فلان وتقعد تعد إلى يوم القيامة ما تخلص الناس، أي واحد يقولك تفسح في المجالس افسحوا يفسخ الله لكم.
طيب إذًا هذه الأغراض اللفظية مرت الاثنان والأغراض المعنوية كثيرًا جدًا، أذكر واحد منها جميل يقولون: إنه قد يُحدث الفاعل تنزيهًا له من ذكره مع المفعول به.
مثال: قولهم: خُلق الخنزير، تُنزه الله سبحانه وتعالى أن تذكره مع الخنزير فتحذف الفاعل وتنيب غيره منابه، هذه على الهامش مما يذكرون من أسباب بناء الفعل للمفعول.
طيب إذا أردت بناء الفعل للمفعول فماذا أفعل؟
عندنا نوعان من الكلام: إما أن نبني الماضي وإما أن نبني المضارع.
سؤال: هل يجوز أن تبني من فعل الأمر للمجهول أو للمفعول؟
الجواب: لا، لا يبنى إلا إما الماضي وإما المضارع.
نبدأ بالماضي: يُضم أوله ويُكسر ما قبل آخره (شُرب، أُكل، أُخرج، أُستخرج، أُنطلق)، وهكذا.
طيب المضارع: يُضم أولًا أيضًا ويُفتح ما قبل آخره.
مثال: يُضرب، يُسمع، يُستخرج، الرسالة تُكتب، إلى آخره، يضم أوله ويفتح ما قبل آخره.
طيب هل لهذه القاعدة استثناءات؟
الجواب: نعم، إذا كان الفعل (أجوف) يعني عينه حرف علة، مثل: قال، وباع، فإنك بدل ما تضم الأول تكسره فتقول: قيل، وتقول: بيع، وتقول: صيم رمضان، طيب فيه من الاستثناءات أيضًا: أن يكون أول الفعل تاءً زائدةً تاء زائدة مثل تعلم هذا يجب أن تضم الأول والثاني فتقول: تُعلمت المسألة.
طيب إذا كان مبدوءًا بهمزة وصل مثل: استخرج وانطلق، فإنه يجب أن تضم الأول والثالث فتقول: أُستخرج وأُنطلق، طيب إذا كان آخر المضارع حرف مدٍ يعني () أو (و) أو (ي) مثل: (يبيع، يقول، يخاف)، فإن الحروف الثلاثة هذه كلها تتحول إلى () فتقول: (يُقال، يُباع، يُخاف)، وخلص والحمد لله.
قال: المبني للمفعول منه وهو الفعل الذي لم يسمَ فاعله ما كان أوله مضمومًا كفُعل، فُعلل، أُفعل، فُعل، فُوعل، تُفعل، تُفوعل، تُفعلل. أو ما كان أول متحركٍ منه مضمومًا نحو: افتعل، واستفعل، هذه أولها همزة وصل، وثانيه ساكن، والسبب في المجيء بهمزة الوصل لنتوصل للبدء بالساكن أصل الحرف الساكن لا يُبدأ به حتى نبدأ به نأتي بهمزة الوصل قبله، فنقول: أُفتعل، وأُستفعل وتضم الأول والثاني، همزة الوصل هذه تتبع هذا المضموم في الضم وما قبله آخره يكون مكسورًا، نحو: نُصر وأُستخرج المال نُصر زيدٌ وأُستخرج المال، أظن ما بقي شيء في الفعل الماضي، هذا ذكرنا الفعل المبني للمعلوم والفعل المبني للمجهول، أو الفعل المبني للمفعول على الأصوب والأحسن.
طيب أما المضارع؟ أولًا: المضارع له دلالتان: إما الحال وإما الاستقبال، تقول: حسنٌ يشرب، يعني الآن، أو يشرب في المستقبل، وأحيانًا أحيانًا يتحدد الزمن على حسب ما يدخل عليه من حروف، فإذا دخل عليه السين في أوله مثل: سيشرب، أو سوف؛ سوف يشرب، أو اللام التي يسمونها لام الحال، أو لام الابتداء، فإنها حينئذ أولًا إذا دخلت عليه السين أو سوف فإنه يصرفها للمستقبل ما يصير دال على الحال تقول: سيذهب محمدٌ وسوف يسافر.
فإن أدخلت عليه (لم) قلبت معناه إلى الماضي، وانصرف عنه الحال والاستقبال، تقول: لم أسافر، يعني لم أسافر في الزمن الماضي، هو كان أسافر يدل على الآن أسافر الآن أو أسافر غدًا، لما أدخلت عليها (لم) انصرف معناه إلى الماضي.
طيب ثم إنَّ الفعل المضارع لابد أن يتقدم أو أن يكون أوله واحدٌ من الأحرف الأربعة المجموعة في قولك: (أنيت) فإنه لابد أن يكون مبدوءًا بالهمزة، أو بالنون، أو بالياء، أو بالتاء (أنيت) فأما أكلت فالمتكلم، وإما نأكل لجماعة المتكلمين، وإما تأكل فللمخاطب، أو للمخاطبة، أو للغائبة تقول: أنتِ تأكلين، وللغائبة فاطمة: تأكل، وللمخاطب: أنت تأكل، وأما الياء فهي للغائب عبد الله يسافر، أو يأكل، أو يشرب.
إذا دخلت عليه لام الابتداء (إن محمدًا لا يسافر) يعني حال تخصه بالحال، إذًا الأصل فيه في الفعل المضارع أن يدل على الحال أو الاستقبال، إذا دخلت عليه السين أو سوف حولته للمستقبل، إذا دخلت عليه لام الابتداء حولته للحال، إذا دخلت عليه (لم) حولته للماضي، أو كان دالًا على الماضي، الهمزة للمتكلم وحده، والنون إذا كان معه غيره، والتاء للمخاطب مفردًا أو مثنىً أو مجموعًا أنت تأكل، أنتما تأكلان، أنتم تأكلون مذكرًا أو مؤنثًا أنتِ تأكلين، أنتما تأكلان، أنتن تأكلن، وللغائبة هي تأكل، ولمثناها هما تأكلان، والياء للغائب المذكر فقط مفردًا كان أو مثنىً أو مجموعًا هو يأكل وهما يأكلان وهم يأكلون، ولجمع المؤنثة الغائبة: هن يأكلن، ما شاء الله تبارك الله الفعل مضارع.
قال: يصلح للحال أو الاستقبال، تقول: زيدٌ يفعل الآن ويسمى حالًا وحاضرا، أو زيدٌ يفعل غدًا ويسمى مستقبلًا، فإذا أدخلت عليه السين أو سوف فقلت: سيفعل أو سوف يفعل اختص بزمان الاستقبال، وإذا أدخلت عليه اللام اختص بزمان الحال وقد أنبأتكم بهذا كله، والحمد لله رب العالمين.
طيب الفعل المضارع قد تدخل عليه (م) النافية، أو (ل) النافية، إذا دخلت عليه فإنها لا تعمل فيه شيئًا حروف النفي: ما، أو حرفا النفي: (ما ول) لا تعملان في المضارع شيئًا، تقول: أنت لا تكتب، وما تسافر لا تعمل فيه شيء يعني ما تجزمه ولا تنصبه يبقى مرفوعًا.
حرف المضارعة اللي هو الحروف الأربعة التي ذكرتها قبل قليل: الهمزة، والنون، والياء، والتاء لها حالتان:
إما أن تكون مفتوحة وهو الغالب، مثل: يأكل وينطلق ويستخرج.
وإما أن تكون مضمومة ولها حالة واحدة: حرف المضارعة، يعني الحروف الأربعة: الهمزة: أكتب، النون: نكتب، الياء: يكتب، التاء: تكتب هذه مفتوحة سواءٌ أكان الماضي ثلاثيًا مثل: كتب يكتب، أو خماسيًا وإن قلت رباعيًا تبغون نحذف ما قلت ما قلت والله لأنه سيأتي له حكم آخر هو، أو خماسيًا مثل: (انطلق ينطلق)، أو سداسيًا مثل: (استخرج يستخرج) هذه كلها مفتوحة، يعني الحرف الزائد هذا يسمى بحرف المضارعة وهو مفتوح، فإن كان الفعل الماضي رباعيًا سواءٌ كان بسبب أن حروفه كلها أصلية رباعية، أو كان فيه حرفٌ زائد فإننا نضم الأول، مثال:
الفعل (أكرم) هذا الماضي، ما المضارع؟ (يُكرم).
الفعل (دحرج) ما المضارع؟ (يدحرج)، واضح الكلام.
الفعل (بعثر) ما المضارع؟ (يبعثر).
طيب لما قلنا: (أكرم) قلنا المضارع: (يُكرم) أين ذهبت الهمزة؟ ولما قلنا: (بعثر) ما حذفنا منه شيء قلنا: (يبعثر)، و (دحرج) قلنا: (يدحرج)، فأكرم هذه أين ذهبت الهمزة؟
الفعل (تقدم) مثلًا (يتقدم) ما حذفنا شيء مع أن التاء زائدة، فلماذا حذفنا الهمزة؟
الجواب: أن الأصل في حذف الهمزة حتى لا يجتمع همزتان: إذا كان أول المضارع همزة، مثل: (أكرم) إذا أردت أن أقول: (أُكرم) أنا فلو أبقيت الهمزة، قلت: (أكرم) فيصير ثِقل في هذا، طيب إذا ما كان أوله همزة مثل: (نُكرم)، أو نُخرج ليس أوله همزة؟ مثل: دحرج يدحرج ندحرج تدحرج ما في أولهما همزة، قال: هذا حملًا ليكون الباب كله على نسقٍ واحد فيُحذف من المهموز ومن غير المهموز ما دام رباعيًا سواءٌ كان في أوله الهمزة، أم لم يكن في أوله الهمزة إذا كان الماضي أوله همزة مثل: أكرم، أو أوله دال مثل: دحرج، أو أوله أي حرف آخر مثل: بعثر، أو برهن، إلى آخره، فإنه حتى يكون الباب على نسقٍ واحد فإنهم يضمون أول الرباعي، وأما الثلاثي مثل: أكل يأكل، والخماسي مثل: انطلق ينطلق، والسداسي مثل: استعلم يستعلم فإنها الحرف حرف المضارعة مفتوحة حرف المضارعة في الرباعي سواءً كان أربعة بسبب زيادة، أو كان أربعة لأن حروفه الأصلية أربعة فإنه يُضم أول الرباعي أول ما كان ماضيه رباعيًا.
طيب نقرأ كلام المصنف ونعلق عليه:
فالمبني للفاعل منه؟ هذا سبق أن تحدثنا عنه. "ما كان حرف المضارعة منه مفتوحًا إلا ما كان ماضيه على أربعة أحرف، فإن حرف المضارعة منه يكون مضمومًا أبدا مثل: يُدحرج، ويُكرم، ويُقاتل، ويُفرق. وعلامة بناء هذه الأربعة للفاعل: كون الحرف الذي قبل آخره مكسورا أبدًا، نعم علامته أن الحرف الذي قبل آخره يكون مكسورًا هذا في الرباعي طبعًا، لماذا قال هذا الكلام؟ لأن الفعل المبني للمفعول يضم أوله، فالفعل هذا يعني حتى أعرف هل هذا مبني للفاعل يعني هل مذكور معه الفاعل أو مذكور مع المفعول به؟ فإن كان ما قبل آخره مكسورًا فهو مبني للفاعل، وإن كان ما قبل آخره مفتوحًا فهو مبني للمفعول مثل: يُدحرج، ويُقاتل، ويُكرم، إلى آخره.
مثاله من يفعُل بضم العين: ينصر، ينصران، ينصرون، تنصران، ينصرن النسوة، تنصر فاطمة، تنصران الهندان تنصران، أنتم تنصرون، أنتِ تنصرين، أنتما يا فاطمة ويا سعاد تنصران، أنتن يا نسوة تنصرن، أنصر يا عبد الله ونحن ننصرك.
وقس على هذا: يضرب، يعلم، يُدحرج، يُكرم، يُقاتل، يُفرح، يتكسر، يتباعد، ينقطع، يجتمع، يحمر، يحمار، يجذوذ، يستخرج، يعشوشب، يقعنسس، يسلنقي، يتدحرج، يحرندم، يحرنجم، يقشعر.
ماذا يقصد بهذا؟ يقصد أن أول المضارع الحرف الزائد حروف المضارعة المجموعة في قولك: آنيت" مفتوحة دائمًا إلا أن يكون الماضي رباعيًا فإنه يضم أوله، يضرب" هذا ضرب ثلاثي، يعلم" هذا علم، يُدحرج" هذه ضمها؛ لأن الماضي رباعي.
"يقاتل" أيضًا ماضي رباعي "يقاتل"، يُفرح" كذلك رباعي، يتكسر" الياء هذه مفتوحة لأن تكسر خماسي، تباعد خماسي، انقطع خماسي، اجتمع كذلك، احمر كذلك، يحمار هذه سداسي، يستخرج، يعشوشب، إلى آخره.
طيب الحمد لله أقسام الفعل المضارع، قلنا قبل قليل أو تحدثنا لما تحدثنا عن بناء الماضي للمفعول قلنا تحدثنا أيضًا عن بناء المضارع للمفعول، فقلنا: إنه يضم أوله ويفتح ما قبل آخره، مثل: يُخرج، ويستهزئ، ويُفتح الباب، ويُنطلق، ويُعتنى من العناية، ويكون على هذه الحالة دائمًا إلا أن يكون قبل آخره حرف مدٍ () أو (و) أو (ي) فإنه حينئذ كل هذه الأحرف (أ، و، ي) تصير () فتقول في يخاف: يُخاف، وفي يقول: يُقال، وفي يبيع: يُباع، مرة كان قبلها () بقيت ()، مرة كان قبلها (و) صارت ()، ومرة كان قبلها (ي) مثل: يبيع هذه صارت يُباع (ما ولا النافيتان) هذه ذكرتها قبل قليل وقلت: إنها لا تعمل شيئًا في الفعل، اعلم أنه يدخل على الفعل المضارع (ما ولا النافيتان) فلا يغيران صيغته، تقول: لا ينصر ولا ينصران ولا ينصرون ولا تنصر لا تنصران لا ينصرن لا تنصروا لا تنصروا فاطمة لا تنصران الهندان لا تنصران أنتم لا تنصرون أنتِ لا تنصرين، كل هذه نافية – انتبه – سيأتينا بعد قليل (لا الناهية) وهذه تجزم الفعل المضارع (لا تنصران، أنتن لا تنصرن، أنا لا أنصر، نحن لا ننصر)، وكذلك (م) نفس الأفعال إذا أدخلت عليها (م) فإنها لا تعمل شيئًا: ما ينصر، ما تنصر، ما تنصران، ما تنصرون، إلى آخر ما قيل.
الأصل في الفعل المضارع أنه مرفوع، وقد يكون منصوبًا، وقد يكون مجزومًا، السؤال: إذا كان مرفوعًا لماذا؟
الجواب: لأن هناك خلاف بين البصريين والكوفيين وبعض النحويين له رأيٌ في ذلك، لكن الذي يعتمد عليه والذي لا مدخل عليه: هو أن السبب في رفع المضارع تجرده يعني خلوه من الناصب والجازم إذا لم يتقدم عليه ناصبٌ فهو مرفوع، إذا لم يتقدم عليه جازم فهو مرفوع، فإن تقدم عليه ناصب نُصب، وإن تقدم عليه جازمٌ جُزم.
إذًا الذي نرجحه تعليلًا لكون المضارع مرفوعًا: هو تجرده يعني العلة؛ العلة السبب: هو تجرده من الناصب والجازم، ولذلك ذكر المصنف أنه قد يدخل عليه جازم فيجزمه، والجزم له ثلاث حالات:
- إما بالجزم بالسكون وهو الأصل.
- وإما جزم بحذف حرف العلة.
- وإما جزم بحذف النون.
فأما الجزم بالسكون فهذا في أكثر الأفعال، (لا تضرب، يا بني لا تشرك بالله، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأن) بالمناسبة (ل) تسمى بـ (لا الطلبية) لكنها إذا كانت من الأعلى للأسفل (يا بني لا تشرك بالله) فهذه تسمى: ناهية، وإذا كانت من الأسفل للأعلى فإنها تسمى: دعائية، ﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَ﴾ ولا تقول: إنها ناهية لأنك لا تنهى الله - عز وجل - تأدبًا، وإذا كانت من المساوي واحد زميل لك تقول له: لا تقربن، لا تكتب، لا تكتب قف، فإنه التماس، إذًا إما أن تكون ناهية وإما أن تكون دعائية وإما أن تكون للالتماس، وهذه نوع من أنواع الجواز يدخل، يدخل الجازم، إذًا قلنا أولًا: إما بالسكون، وإما بحذف حرف العلة (لا تدعوا مع الله أحدً) لا تدعوا الواحد أصلها يدعوا فإذا أدخلت عليها (ل) جُزم بحذف حرف العلة، كذلك لا تقرب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء:43]؛ لا تقربوا أصله: تقربون، فحذفت النون.
إذًا قد يكون بالسكون وهذا يسمونه حذف حركة، وإما بحذف حرف العلة (لا ترمي، لا تسعى، لا تدعو)، وإما بحذف النون وسنذكره بإذن الله تعالى في (باب: الأفعال الخمسة)، أو (باب: الأمثلة الخمسة).
وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمةً للعالمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ