{بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على قَائدِ الغُرِّ المحجَّلينَ،
نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ.
مرحبًا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في دَرسٍ مِن دُروسِ كتاب آدابِ المشي إلى
الصَّلاة، ضيفُ هذا اللقاء هو سماحةُ العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان،
عضوُ هيئة ِكبارِ العلماءِ، وعضو اللَّجنةِ الدَّائمَةِ للإفتاء، أهلًا ومرحبًا
بالشَّيخ صالح مع الإخوة والأخوات}
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{قرأنا متنَ ما جاء في بابِ صلاة الجمُعَةِ، وبعضُ الإخوة أرسلَ بأسئلةٍ عن هذا
اليوم العظيم -يوم الجمُعة- ومنها: ما سبب تسمية بوم الجُمُعةِ بهذا الاسم؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبينا محمدٍ وعلى
آلِهِ وأصحابه أجمعين.
سبب التَّسمية -والله أعلم: أنَّ النَّاس يجتمعونَ فيه في مسجدٍ واحدٍ يُصَلُّونَ
فيه الجُمَعةِ، وكذلك تجتمع فيه الخيرات والبركات، فهو يومٌ جامعٌ مُباركُ.
{هل صلاة الجُمُعة بديلة لِصَلاةِ الظُّهر؟}.
صلاةُ الجُمُعَة فريضة الوقت، وهي فرضٌ مُستقلٌّ وليس بديلًا عن صلاة الظُّهر.
{بارك الله فيكم.
يشكُّ البعض بنداء الجُمُعةِ الأوَّل، ويزعمون أنَّه لم يكن في عهد النَّبي -صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما الصواب؟}.
هذا مِن جَهلِهِم وغباوَتِهم، فالأذانُ الأوَّل أَمَرَ به عُثمان بن عفان -رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ- الخليفة الرَّاشد لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ في المدينة وانشغلوا
بالحرثِ وبالبيع والشِّراء؛ فأمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بالنِّداء الأوَّل من أجلِ
أن يتأهَّبوا لصلاةِ الجُمُعةِ، فهذا مِن سُنَّة الخُلفاء الرَّاشدين، قال -صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»؛ ولأنَّ عثمان هو
الذي أمرَ بالنِّداء الأوَّلِ وهو ثالث الخلفاء الرَّاشدين؛ فلذلك صارَ بهذه
الفضيلة.
{أحد الإخوة أرسل بسؤالٍ يقول فيه: جماعةٌ حضروا صلاة الجُمُعة، واستمعوا الخطبة
وهم في صرحة المسجدِ وأثناء الصلاة انقطعَ الصَّوتُ فجلسوا، وبعدَ الصَّلاةِ
تقدَّمَ أحدُهم وصلَّى بهم ركعتين، فما حكمُ ذلك؟}.
يُصلونها ظهرًا إذا ما انقطع الصوت مع الإمام، ولو تقدَّمَ واحدٌ بعدما انقطع
الصَّوت وأكمل بهم صلاة الجُمُعةِ صحَّ هذا.
{ما حُكم حمل العصا أثناء الخُطبَة؟}.
من السُّنَّةِ أن يعتمدَ على عصا أو على قوسٍ، أو على حرفِ المنبر.
{بارك الله فيكم..
هل تصح الخطبة والإمام جالسًا؟}.
نعم، يصح أن يخطبَ الإمام وهو جالس، لا سيما وإن كانَ يشقّ عليه الوقوف، وكان
مُعاوية بن أبي سفيان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يخطبُ وهو جالس.
{نستكمل ما تبقى من المتن في باب صلاة الجمعة.
قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ فِي يَوْمِهَا رَجَاءَ
إِصَابَةِ سَاعَةِ الاِسْتِجَابَةِ)}.
نعم، يُكثر من الدُّعاء يوم الجمعة رجاء إصابة ساعة الإجابة التي قال عنها الرسول
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ
مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا
أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَ» ، وهذه السَّاعة في يوم
الجمعة، ولكنَّ الله أخفَاها فيه مِن أجلِ أن يجتهد المسلم في الدُّعاء في كلِّ
اليوم ويكون الأجر أكثر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَأَرْجَاهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا
تَطَهَّرَ وَانْتَظَرَ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ لأَنَّهُ فِي صَلاَةٍ)}.
لا يُعلَم هي أيُّ ساعةٍ من يومِ الجُمُعَة، ولكن أرجاها أن يُصادفها بعدَ العصرِ
مِن يوم الجمعة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَ)}.
هذا مِن أحكام يوم الجُمُعةِ؛ أن يُكثر المسلم من الصَّلاة والسَّلام على النَّبي
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يومها وليلتها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، إِلاَّ أَنْ
يَرَى فُرْجَةً لاَ يَصِلُ إِلَيْهَا إِلاَّ بِهِ)}.
يحرمُ أن يتخطَّى رقابَ النَّاسِ إذا كان لغيرِ حاجة، وقد جاء في الحديث أنَّ «مَنْ
تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» ،
وهذا وعيدٌ شديدٌ، فلا يتخطَّى رقابَ النَّاسِ إلَّا إذا رأى فُرجةً لم تُسدَّ،
فإنَّه يتخطَّى رقابهم ليسُدَّها؛ لأنَّهم هم الذينَ أخطؤوا حيثُ لم يسدُّوها،
وكذلك يتخطَّاهم الإمام إذا لم يكن له مَدخلٌ خاصٌّ؛ فله أن يتخطَّاهم ليصل إلى
المنبر.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلاَ يُقِيمُ غَيْرَهُ وَيَجْلِسُ مَكَانَهُ، وَلَوْ
عَبْدَهُ أَوْ وَلَدَهُ)}.
مَن سبقَ إلى مكانٍ في المسجد فهو أحقُّ به، فلا يُقيمُ مَن جلسَ قبلَه في مكانٍ
سابقٍ ليجلسَ مكانه؛ لأنَّ هذا اعتداءٌ على حقِّه الذي سبَقَ إليه، إلَّا َإذا
أرسلَ مَن يحفظ له مكانَا أو يحجز له مكانًا إلى أن يحضُرَ، كأن يكون قد خرجَ لعذرٍ
أو تأخَّرَ لعذرٍ، فلا بأسَ بذلك.
{ما حُكم مَن يَضع غُترة له أو عقالًا له في مكانه، ثُمَّ يخرج لتجديد الوضوء
مثلًا}.
لا بأسَ بذلك، فيضع في مكانه ما يحفظه له من عصا أو عقال أو ما أشبه ذلك، المهم
أنَّه سيرجع، أمَّا أنَه يَحجزه عن النَّاس ثُم يذهب ينام، أو يبيع ويشتري ويترك
المكان؛ فهذا حرامٌ ولا يجوز له.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ دَخَلَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى
يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ)}.
وهذا للحديث: أنَّ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيُّ دخلَ والنَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- يخطب فجلسَ، فقال له -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَّيتَ
رَكْعَتين؟». قال: لا. قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَصَلِّ
رَكْعَتَيْنِ» .
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (يُخَفِّفُهُمَ)}.
يُخففهما من أجل أن يتفرَّغَ لسماع الخطبةِ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلاَ يَتَكَلَّمُ، وَلاَ يَعْبَثُ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ؛
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ
لَغَ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)}.
يستمع للخطبة ولا يتحرَّك حَركاتٍ كثيرةٍ تشغله، أو يتلهَّى عن سَماعِ الخطبةِ؛
لأنَّ هذا حرام، والواجبُ الاستماعُ، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى»، كالذي يُخطِّط في الأرضِ وقتَ الخطبةِ فهذا لَغَا، يعني:
بطلَ أجره.
قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ومَنْ لغا فلا جمعة له»، أي: ليسَ له ثوابٌ
في هذه الجمعة، ولكنَّه يجب عليهِ أن يُصلِّيَها.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَمَنْ نَعِسَ انْتَقَلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لأَمْرِهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذَلِكَ)}.
النُّعاس هو: النَّوم وهو قاعدٌ ينتظر؛ فمَن نعس فإنَّه يقومُ مِن مجلسِهِ ليذهبَ
عنه النُّعاس ويجلسَ في مكانٍ آخر.
{ما حُكم التَّسوُّك أثناء الخطبة؟}.
لا يجوز التَّسوُّك أثاء الخطبةِ؛ لأنَّه حركة.
{شكر الله لكم سماحة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذا المتن المبارك من كتاب
"صلاة الجمعة"، ونُرجئ باب "صلاة العيدين" إلى الدَّرس القادم -بإذن الله تعالى.
جزاكم الله عنَّا وعن أمَّةِ الإسلام خير الجزاء، شكرًا لفريق العمل الذين ساهموا
في تسجيل هذا الدَّرس، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.