الدرس الرابع

فضيلة الشيخ د. عبدالله بن صالح الكنهل

إحصائية السلسلة

13373 5
الدرس الرابع

القواعد الفقهية

{بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أهلاً وسهلاً بكم أعزاءنا المشاهدين، في حلقة جديدة من شرح (مَنْظُومَة الْقَواعِدِ الْفِقْهِيَّةِ) للشيخ العلامة/ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، يشرحه لنا فضيلة الشيخ/ عبد الله بن صالح الكنهل، الأستاذ والدكتور في كلية الشريعة بجامعة الإمام.
أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ}.
حياكم الله وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المستمعين والمستمعات.
{نستأذنكم فضيلة الشيخ في البداية بقراءة المتن}.
تفضل على بركة الله تعالى.
{بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإيَّاه-: (

وَمِنْ مَسائِلِ الْأَحْكَامِ فِي التَّبَعْ ... يَثْبُتُ لا إِذَا اسْتَقَلَّ فَوَقَعْ

) }.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أمَّا بعد، فهذه القاعدة سأتحدث عنها من خلال العناصر التالية:
أولاً: النَّصُّ الفقهي للقاعدة، ثم أذكر شيئًا من أدلتها، ثم أفرع عليها.
أمَّا النَّصُّ الفقهي للقاعدة، فقد ذكره الشيخ -رحمه الله- في شرحه، فقال: (يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتقْلَالاً) .
وأمَّا أدلة هذه القاعدة، فقد ذكر الفقهاء قوله ﷺ في الجنين: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، ومعنى الحديث: أنَّ بهيمة الأنعام -الإبل، والبقر، والغنم- إذا ذُبِحَت وذكيت، وكان في بطنها جنين، فخرج ميتًا أو خرج كما يقول الفقهاء: مُتحركًا حركة مذبوح، يعني: حركة يسيرة ثم مات، فلم يتسع الوقت لتزكيته، هل هو حلال أو حرام؟
الجواب: حلال؛ لأنَّه تبعًا لأمه، مع أنَّه لم يُذَكَّ.
فهذا مثال على قاعدة: (يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتقْلَالاً) .
لو عاملناه بالاستقلال قلنا: هو ميتة؛ لأنَّه لم يُذَكَّ، لكن الحديث يقول: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ»، وهذا الحديث في الواقع يتضمن فرعًا، ولكني سأذكر فروعًا أخرى ذكرها الفقهاء، وذكر الشيخ -رحمه الله- في شرحه شيئًا منها، من ذلك:
أنَّ بيع المجهول استقلالا لا يجوز، فلا يجوز أن يُباع الحمل في بطن أمه؛ لأنه مجهول، لا يُدرى هل يخرج حيًا أو ميتًا؟ هل هو ذكر أو أنثى؟
لكن لو بعنا ناقة حاملاً، ومعلوم أنَّ وجود الحمل في بطنها سيزيد في ثمنها، فنحن بعنا الناقة والحمل تبعًا لها، فهل يجوز ذلك أم لا يجوز؟
نقول: يجوز، وذلك لأجل القاعدة: (يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتقْلَالاً) .
مثال آخر -وهو يصلح أيضًا دليل على القاعدة، لورود نص فيه-: يقول النبي ﷺ: «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ» ، التأبير معناه: تلقيح النخل، ومعنى الحديث أنَّ الشخص إذا اشترى نخلا بعد أن أَبَّرَهَا مالُكها، فثمرتها تكون للبائع، إِلا إذا اشترط المشتري أن الثمرة تكون له.
معلومٌ أنَّ النَّبي ﷺ «نَهَىَ عَنْ بَيْعِ الثًمَرَةِ حَتَى يَبدو صَلاحُهَا» والثمار التي أبرت قد تكون إلى الآن لم يبد صلاحها كما هو الغالب، إذا كان التأبير حديثًا، ومع ذلك أجاز النبي ﷺ أن تباع تبعًا لأصولها، أي: النخيل. وهذا من أمثلة قاعدة: (يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتقْلَالاً) .
من الأمثلة على ذلك أيضًا: أساسات الحيطان، كما يقول الفقهاء، يعني: أنت تبيع العقار وأساسات الحيطان مجهولة؛ لأنَّك لم تطلع على أساسات هذا العقار، كما لو قلنا بناية مثلا، وأنت تريد شراءها، لكنك رأيت الجدران ورأيت ظاهر البيت فقط، وأنت بالطبع إذا اشتريته سنشتريه كله بما فيه من أساسات.
الأساسات لو بيعت وحدها لكانت أمرًا مجهولا، وبالتالي لا يجوز بيعها استقلالا، لكن لَمَّا كانت تابعة للبناء جاز بيع البناء ومن ضمنه تلك الأساسات؛ لأنه (يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتقْلَالاً) .
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمنا الله وإياه-: (

وَالْعُرْفُ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا وَرَدْ ... حُكْمٌ مِنَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ لَمْ يُحَدْ

) }.
هذه قاعدة عظيمة، وهي من القواعد الكلية الكبرى، وسيكون حديثي فيها -إن شاء الله- من خلال:
أولًا: النَّصُّ الفقهي للقاعدة ومنزلتها، ثم أُبين معنى القاعدة، مع تبيين معنى العرف والعادة والعلاقة بينهما، ثم أذكر الارتباط بين القاعدة الكلية والقاعدة في النظم، ثم أُبين محل اعتبار العادة، ثم أذكر بعض التفريعات عليها.
ما هو النَّصُّ الفقهي لهذه القاعدة؟
النص الفقهي كما يقول الفقهاء هو: (العادة محكمة) .
أمَّا منزلتها: فهي من القواعد الكلية الكبرى الخمس التي تدور عليها أحكام الفقه، فهي لها منزلة كبيرة في الفقه.
العنصر الثاني: معنى القاعدة، والمراد بالعرف والعادة.
معنى القاعدة: أنَّ العادة أو العرف يُعمل به، وتترتب الأحكام الشرعية بناءً عليه، والشيخ -رحمه الله- ذَكَرَ أنَّ العُرف يُعمل به إذا ورد حكمٌ من الشرع لم يُحَد، وهذا في الواقع جزء مما يتضمنه معنى القاعدة الكلية الكبرى، وهي قاعدة: (العادة محكمة) .
وعلينا أن نبين أولاً معنى العادة والعرف، قال بعض العلماء: إن معناهما واحد، وقال بعضهم: إنَّ العادة أهم من العرف مُطلقًا، حيث تطلق على العادة الجماعية وهي العرف، وعلى العادة الفردية، فتكون العادة أعم من العرف، فكل عرف عادة ولا عكس.
والعرف هو ما اعتاده أكثر الناس وساروا عليه في جميع البلدان أو في بعضها، سواء كان ذلك في جميع العصور أو في عصر مُعين، وأمَّا العادة فالمراد بها الأمر المتكرر.
الارتباط بين القاعدة الكلية والقاعدة في النظم:
الشيخ -رحمه الله- ذكر في النظم أنَّ ما أُنيط به حكم من الشرع ولم يحدد يرجع فيه إلى العرف، وهذا في الواقع يعد جزئية مما تتضمنه القاعدة الكلية الكبرى؛ لأنَّ القاعدة الكلية الكبرى أوسع في استعمالاتها ومدلولها، وما يدخل فيها من فروع، ولهذا نجد أنَّ القاعدة الكلية الكبرى تستعمل أيضًا في أمور تدخل فيما ذكره الشيخ، تدخل مثلا في تفسير كلام الناس في العقود.
عندما نجد مثلا عقد مُبايعة، عقد إجاره، نص واقف، هذا الكلام نفسره بناء على عرف وعادة ذلك الواقف؛ لأنَّ الناس عادة يتكلمون بأعرافهم، وقد يكون هناك دلالة لغوية مخالفة للدلالة العرفية، فتقدم دلالة العرف على دلالة اللغة؛ لأنَّ الناس تغلب عليهم عاداتهم، فمقاصدهم إنما يقصدون العادات، أي: ما تعودوا عليه.
كما أنه يدخل في القاعدة الكلية أيضًا ما ذكره الشيخ -رحمه الله- من أنَّ ما أُنيط به حكمًا من الشرع ولم يحدد يرجع فيه إلى العرف.
من أمثلة ما ذكره الشيخ مثلا: القبض، ففي بعض العقود يُشترط القبض، فإذا بيع صنف ربوي مثلا بآخر ربوي، يشترط التقابض حينئذ في مجلس العقد.
ما كيفية التقابض؟ الشرع اشترط القبض، ولكنه لم يُبين ما يحصل به القبض، فيرجع فيه إلى العرف، ولهذا يفصل الفقهاء ويقولون مثلا: قبض المنقولات بنقلها، قبض ما يتناول يكون بتناوله، قبض العقارات يكون بالتخلية، فينوعون فيما يحصل به القبض تبعًا لِمَا جرى به العرف.
كذلك مثلا مسألة الحرز، فالحرز يترتب عليه أحكام شرعية، منها مثلا:
مسألة قطع يد السارق: فيشترط لقطع يد السارق أن يكون قد سرق من حرز.
منها مسألة تضمين الأمين: يقال إذا تلف المال عند المودع فلا يضمنه إذا أودعه في حرز مثله.
قد أناط الشرع بقضية الحرز أحكامًا من الضمان أو القطع في الحدود أو غيرها، ولكنه لم يحدد الحرز، ولهذا يقول الفقهاء: يرجع فيه إلى العرف، فليس حرز الغنم كحرز النقود، فلو أنَّ شخصًا أُودِعَ مالاً كذهب أو فضة ووضعه في حظيرة غنم فسرق، هل يضمن ذلك أو لا يضمن؟
يضمن؛ لأنه مُفرط، وحظيرة الغنم ليست حرزًا للمال.
ولكنه إذا أُودِعَ شاةً فوضعها في حظيرة غنم، فجاء سارق وأخذها، هل يضمن أو لا يضمن؟ لا يضمن؛ لأنه أودعها في حرز المثل، وهذا يعرف من عادة الناس، فعادتهم أنَّ حرز الأغنام ليس كحرز النقود وهكذا.
فهذا رجوع إلى العادة فيما لم يحدده الشرع، وقد أناط به حكمًا شرعيًا.
يبقى محل اعتبار العادة، السيوطي -رحمه الله- يقول: إنما تعتبر العادة إذا غلبت، وهذا هو الأصل، إلا في مواضع يعتبر فيها العادات الخاصة، مثل كلام الموقفين والموصين ونحوهم، يقدم حينئذ العرف الخاص.
كذلك المستحاضة ترجع إلى عادتها الخاصة، فكلام السيوطي هو في الأصل الغالب، وليس في جميع الأصول.
أمَّا التفريع على القاعدة: فأظن أني ذكرت جملة من الفروع، ولعلي أكتفي بها- إن شاء الله تعالى.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (

مُعاجِلُ المَحْظورِ قَبْلَ آنِهِ ... قَدْ بَاءَ بِالخُسْرانِ مَعْ حِرْمانِهِ

) }.
هذه القاعدة يعبر عنها الفقهاء بقولهم: (من تعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه) ، هذا هو النص الفقهي للقاعدة، ويعبر آخرون بقولهم: (قاعدة المعاملة بنقيض المقصود) ، والتعبير الثاني أوسع دلالة من التعبير الأول، ويتبين هذا من خلال بعض الفروع.
من الفروع في ذلك: يقول الفقهاء: إِذَا قَتَلَ مُوَرِّثَه استعجالاً للإرث؛ فإنه يُعاقب بحرمانه من الإرث، ولهذا يقول الفقهاء: إن القتل من موانع الإرث.
كذلك لو قتل من أوصى له بمال استعجالا للحصول على المال الموصى به؛ فإنه يعاقب بحرمانه من ذلك المال، (من استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقب بحرمانه) .
من الفروع المترتبة على القاعدة: الْمُطلق في مرض موته بقصد حرمان زوجته من الإرث، زوجته ترث منه، ولو خرجت من العدة، وهذا الفرع يدخل في التعبير الثاني، وهو تعبير: (المعاملة بنقيض المقصود) ، ولهذا ذكرت أنَّ هذا التعبير أعم من التعبير الأول، فهو يشمل هذا الفرع، ويشمل الفروع المتقدمة.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمه الله-: (

وَإِنْ أَتَى التَّحْريمُ فِي نَفْسِ الْعَمَلْ ... أَوْ شَرْطِهِ فَذُو فَسَادٍ وَخَلَلْ

) }.
هذه القاعدة تعد من القواعد الأصولية، وتسمى عند الفقهاء وعند الأصوليين بقاعدة: (دلالة النهي على الفساد) بمعنى أنَّ الشيء إذا كانَ منهيًا عنه، فهذا النهي يقتضي تحريم هذا الشيء، ولكن هل يكون فاسدًا أو يكون صحيحًا مع التحريم؟
قال الشيخ -رحمه الله-:

(وَإِنْ أَتَى التَّحْريمُ فِي نَفْسِ الْعَمَلْ ... أَوْ شَرْطِهِ فَذُو فَسَادٍ وَخَلَلْ)

هذا البيت يتضمن تفصيلا في هذه القضية، وهذا التفصيل سأضمنه -إن شاء الله- في بياني لأمثلة هذه القاعدة، فالعبادات الواقعة على وجه محرم لها حالتان:
الحالة الأولى: أن يعود النهي إلى نفس العبادة أو إلى شرطها، يعني: يعود إلى ذات العبادة أو إلى شرط العبادة، فحينئذ نقول: العمل باطل، ويلزم من التحريم الفساد.
مثال ذلك: شخص صلَّى تطوعًا في وقت النهي، صلى مثلا بعد صلاة العصر، ما حكم صلاته؟
فاسدة، أي: باطلة؛ لأنَّ الباطل بمعنى الفاسد.
مثال آخر: صلى مستدبرًا القبلة متعمدًا بلا عذر، هنا النهي عاد إلى شرط العبادة، فيلزم منه الفساد، ولذا نقول: صلاته غير صحيحة.
صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة، فصلاته غير صحيحة؛ لأنَّ النَّهي عاد إلى شرط العبادة، وهو: الطهارة.
هذه بعض الأمثلة على الحالة الأولى.
الحالة الثانية: إذا كان النهي لا يعود إلى ذات العبادة، ولا إلى شرطها؛ فإنَّ العبادة تكون صحيحة مع التحريم، يمثل لذلك الفقهاء ويقولون: الوضوء من إناء محرم، كما لو توضأ شخص من إناء مصنوع من ذهب، أو إناء مغصوب، يعني: أُخِذَ قهرًا من مالكه بغير حق. والغصب وكذا استعمال آنية الذهب حرام، ولكن هل الوضوء صحيح أو باطل؟
الوضوء صحيح؛ لأنَّ التحريم هنا لم يعد إلى ذات العبادة وهي: الوضوء، ولا إلى شرطها؛ لأنه يجوز له الوضوء من دون إناء، أو يتوضأ من نهر، أو من ساقية، فالإناء ليس شرطًا في الطهارة، وليس هو ذات طهارة، فالنهي لَمَّا عاد إلى غير الذات وغير الشرط لم يلزم منه الفساد.
ولهذا لو فرضنا أنه غصب ماءً فتوضأ منه. ما حكم وضوءه؟
وضوءه باطل؛ لأنَّ الماء شرط في الطهارة، ولهذا يذكر الفقهاء أن من شروط صحة الطهارة: الماء الطهور المباح، فعاد النَّهي إلى الشرط، وأمَّا الإناء فليس شرطًا.
لعله قد اتضح الآن المقصود بالقاعدة.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (

وَمُتْلِفٌ مُؤْذِيهِ لَيْسَ يَضْمَنُ ... بَعْدَ الدِّفاعِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

) }.
هذه القاعدة تتعلق بقضية إتلاف الأموال في حال ما إذا كان الإتلاف لمؤذن، وهو ما يسميه الفقهاء: الصائل، فإذا صال عليه آدمي، أو حيوان، أو صيد وهو محرم مثلا بحج أو عمرة، فأتلفه دفعًا عن نفسه؛ فإنه لا ضمان عليه.
لكن الفقهاء يقولون في دفع الصائل: عليه أن يدفعه بالأسهل فالأسهل، فإذا اضطر إلى إتلافه دفاعًا عن نفسه فلا ضمان عليه، وأمَّا إذا اضطر إلى صيد وهو محرم، فأتلفه لضرورته؛ فإنه يضمن، ولكن لا إثم عليه، ولهذا قال ابن رجب في قواعده: "من أتلف شيئًا لدفع أذاه له لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه"، وهذه ذكرناها سابقًا عند الكلام على قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات) .
فإذا كان الحيوان هو الصائل، وقتلته دفعًا لأذاه فلا ضمان، وأمَّا إذا كنت جائعًا جوعًا خشيت على نفسك منه الهلاك، فاحتجت أن تقتل هذا الصيد أو تقتل هذا الحيوان المملوك لغيرك، فحينئذ تكون ضامنًا له؛ لأنَّ الأذى ليس من ذات الحيوان.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (

وَ(أَلْ) تُفِيدُ الْكُلَّ في الْعُمُومِ ... فِي الجَمْعِ وَالإِفْرادِ كَالْعَلِيمِ
وَالنَّكِراتُ في سِيَاقِ النَّفْيِ ... تُعْطِي الْعُمُومَ أَوْ سِياقِ النَّهْيِ
كَذاكَ (مَنْ) وَ(مَا) تُفيدانِ مَعَا ... كُلَّ الْعُمومِ يَا أُخَيَّ فَاسْمَعَا
وَمِثْلُهُ المفْرَدُ إِذْ يُضافُ ... فَافْهَمْ هُدِيتَ الرُّشْدَ ما يُضافُ

) }.

هذه الأبيات التي سمعناها تتضمن بعض ألفاظ العموم، وهذه أيضًا من القواعد الأصولية، فالشيخ -رحمه الله- ذكر جملة من الألفاظ التي تُفيد العموم.
اللفظ الأول: (أل) الاستغراقية تفيد العموم، وعلامة (أل) الاستغراقية أن يصح أن يحل محلها لفظة: (كل) ، فإذا صَحَّ أن يحل محلها لفظة (كل) ، فمعنى ذلك أنها استغراقية، فهذه تفيد العموم.
قال الشيخ: (فِي الجَمْعِ وَالإِفْرادِ) ، يعني: سواء دخلت على جمع أو دخلت على مفرد؛ فإنها تُفيد في العموم، ومن الأمثلة على ذلك، قول الله -عز وجل-: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ ، هذا دخول على مفرد، فالإنسان يعني: كل إنسان، فيدخل فيه جميع بني الإنسان.
ومن أمثلة هذه القاعدة: دخولها على أسماء الله وصفاته، هذا يفيد عموم المعنى الذي دلَّ عليه الاسم، فعندما نقول: "الحيُّ" فهذه تُفيد أنَّ له -جل علا- الحياة الكاملة، المستلزمة لصفات الذات، والقيومية الكاملة، فهو الذي قام بنفسه، وهو الذي يقيم جميع المخلوقات تدبيرًا وخلقًا وإيجادًا، وهكذا في الأسماء الحسنى، وهذه تسمى (أل) الاستغراقية؛ لأنَّ (أل) قد تأتي للعهد، فإذا جاءت للعهد؛ فإنها لا تفيد العموم في جميع الحالات، لكن تشمل المعهودين، سواء قلُّوا أو كثروا، ويمثل العلماء بقوله سبحانه: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل:15-16]، ف (أل) في الرسول هنا عهدية، يعني: المعهود أو المذكور سابقًا، يسمونه: عاد ذكره، فلا تفيد العموم، وبالتالي فالمراد بالرسول هنا، هو: موسى -عليه السلام-، وليس المراد كل رسول؛ لأن (أل) هنا للعهد، والتي للعموم هي: (أل) التي تكون للاستغراق.
ذكر الشيخ ألفاظًا أخرى تفيد العموم، فقال:
(وَالنَّكِراتُ في سِيَاقِ النَّفْيِ ... تُعْطِي الْعُمُومَ أَوْ سِياقِ النَّهْيِ) ، فالنكرة سواء جاءت في سياق النفي أو في سياق النهي؛ فإنَّها تفيد العموم، وهذه قاعدة من قواعد الأصول، وذكر الشيخ في شرحه أنَّ من أمثلة ذلك: كلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) ، فكلمة (إله) نكرة، وجاءت في سياق نفي، فتشمل كل الآلهة، سواء كان المألوه صنمًا، أو حجرًا، أو شجرًا، أو ملكًا، أو جنيًا، أو نبيًا، أو مرسلاً، (لا إله إلا الله) -عز وجل- ف (إله) هنا تشمل كل ما يُتَألّه له سوى الله -جل وعلا- لأنها نكرة في سياق النفي.
مثال النكرة في سياق النهي، قول الله -عز وجل-: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ﴾ ، ف "لا" في قولك: ﴿فَلَا تَدْعُ﴾ ناهية، وقوله: ﴿إلهًا﴾ يشمل: جميع الآلهة، فهذه نكرة في سياق النهي تشمل كل إله سوى الله -عز وجل-، لا يجوز دعاؤه مع الله -سبحانه وتعالى-.
ثم قال الشيخ: (كَذاكَ "مَنْ" وَ "مَا" تُفيدانِ مَعَا ... كُلَّ الْعُمومِ يَا أُخَيَّ فَاسْمَعَا) ، هذا البيت تضمن أيضًا لفظين من ألفاظ العموم:
اللفظ الأول: (مَنْ) ، يعني: الإسمية، وهي تعم العقلاء، سواء كانت شرطية أو موصولة أو استفهامية، فهي تعم في هذه الأحوال الثلاثة.
من أمثلة عموم (مَنْ) قول الله -عز وجل-: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ﴾ [يونس:66]، فقوله: (مَنْ) يشمل كل من في السماوات ومن في الأرض، من الآدميين والملائكة وغيرهم.
مثال على (مَنْ) الشرطية، قوله سبحانه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل:97]، و (مَنْ) هذه أيضًا تعم كل من عمل صالحًا، وهي شرطية.
من أمثلة (مَنْ) الموصولة، قوله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن:46]، و (مَنْ) هذه موصولة، ولهذا يصح أن تقول: "لِمَنْ" يعني: للذي خاف، فهي موصولة عامة تشمل كل من خاف مقام ربه.
ومن أمثلة (منْ) الاستفهامية، قوله سبحانه: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ [النساء:87]، وهذا استفهام بمعنى الإنكار والنفي، و (مَنْ) هنا أيضًا تفيد العموم، فلا أحدَ أصدقُ من الله حديثًا.
كذلك (مَا) تفيد أيضًا العموم، كما في قوله سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [أل عمران:109]، من الفروق التي يذكرها أهل اللغة أنَّ (مَنْ) تكون للعقلاء، و (مَا) تكون لغير العقلاء، ف ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ يشمل كل ما في السماوات وما في الأرض، من شجر، وحجر، وحيوان، وغير ذلك.
وكذلك قوله: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ [سبأ:39]، فهذا يشمل كل ما أُنفق، سواء كان مالاً، أو عقارًا، أو نقدًا، أو ذهبًا، أو فضة، أو غير ذلك.
قال: (وَمِثْلُهُ المفْرَدُ إِذْ يُضافُ ... فَافْهَمْ هُدِيتَ الرُّشْدَ ما يُضافُ) ، هذا أيضًا من ألفاظ العموم، وهو المفرد المضاف، فهو يعم كعموم الجمع، ويستغرق جميع المعنى، ومن الأمثلة على ذلك، قوله -سبحانه-: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل:18]، ف "نعمة" مفرد أضيف إلى لفظ الجلالة، وصار "نعمة الله"، والمفرد المضاف يفيد العموم، فيشمل جميع نعم الله -عز وجل- سواء كانت نِعَم دينية أو نِعَم دنيوية، ولهذا قال الله -عز وجل-: ﴿لَا تُحْصُوهَا﴾ لعمومها وكثرتها.
أيضًا قوله -سبحانه-: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:11] يشمل كل نعم الله -عز وجل-.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (

وَلا يَتِمُّ الحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعْ ... كُلُّ الشُّرُوطِ وَالمَوانِعْ تَرْتَفِعْ

) }.
هذه القاعدة هي أقرب في الواقع إلى القواعد الأصولية، وهي قاعدة مهمة، يمكن الحديث عنها من خلال العناصر التالية:
أولاً: أهمية القاعدة وفائدتها، ومعناها، ثم ذكر شيء من أمثلتها.
والشيخ -رحمه الله- في شرحه لأهمية هذه القاعدة وفائدتها، ذكر أنَّ لها أصل كبير وقاعدة عظيمة، ويحصل لمن حققها نفع عظيم، وينفتح له باب عظيم من أبواب فهم النصوص المطلقة التي طالما كثر فيها الاضطراب والاشتباه.
معنى هذا الأصل: أنَّ الأحكام لا تترتب ولا يتم عليها مُقتضاها والحكم المعلق بها حتى تتم الشروط وتنتفي الموانع. أي: لا بد من وجود هذين الأمرين: تمام الشروط، وانتفاء الموانع، وأما إذا عدمت هذه الشروط أو بعضها، أو وجد مانع من الموانع؛ فإنَّ الحكم لا يتم ولا يترتب عليه مُقتضاه بتخلف شرط أو لوجود مانع، هذا معنى القاعدة، وبيان أهميتها وفائدتها.
يبقى معنا الأمثلة عليها: الشيخ في شرحه ذكر أمثلة، وسأذكر أيضا أمثلة أخرى، وهذه القاعدة تنبني على النظر الكلي في النصوص، ورد المتشابه إلى المحكم، وهذا من طريقة الراسخين في العلم، كما أخبر الله -عز وجل- عنهم في سورة آل عمران، وذلك في قوله سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران:7]، فطريقة الراسخين في العلم، أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، وبهذا يزول الاشتباه، وسنذكر أمثلة تبين هذه القاعدة، وتبين هذا المعنى.
المثال الأول: النبي ﷺ لعن شارب الخمر ، ثم في حديث آخر جيء له برجل شرب الخمر فأمر ﷺ بجلده، فلعنه رجل، فقال النبي ﷺ: «لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ» ، مع أنَّ النبي ﷺ لعن شارب الخمر، لكنَّ هذا المعين لم يلحقه هذا الوعيد لوجود مانع، وهو أنه يحب الله ورسوله، وهذا يُبين أنَّ ألفاظ الوعيد يُشترط للحوقها للشخص المعين اجتماع الشروط وانتفاء الموانع.
ومن ذلك أيضًا باب التكفير، يعني: الحكم على شخص من الناس بالكفر.
لا شك أنَّ الشك في قدرة الله -عز وجل- كفر، فنقول: من شَكَّ في قدرة الله فهو كافر، لكن جاء في حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أسرف رجلٌ على نفسِه، فلمَّا حضرَه الموتُ أوصى بنيهِ، فقال: إذا أنا متُّ فأَحْرِقوني ثم اسحَقُوني ثم ذروني في الريحِ في البحرِ فواللهِ لئن قدر عليَّ ربي ليُعذِّبنِّي عذابًا ما عذَّبَه أحدًا»، وفي الحديث أن الله قال له: «ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشيتَك أو مخافتَك يا ربِّ فغفرَ له لذلك» ، هذا الشخص ظاهر أمره الشك في القدرة، لكنه كان جاهلاً أو ذاهلاً عند موته بسبب ما غلبه من الخوف، فعذره ربه -عز وجل- وغفر له.
فهذا يدل على أنه ليس كل من قال مقالة تعد كفرًا يكون كافرا، بل لا بد من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، وهذا تطبيق لهذه القاعدة على ألفاظ الوعيد وألفاظ الكفر.
كما أنَّ هذه القاعدة أيضًا تدخل في مسائل أخرى، مثل: قضية الإرث مثلا، يعني: قد يوجد سبب الإرث، ولكن لا يرتب حكم الإرث، لماذا؟
لوجود مانع أو تخلف شرط.
ولو فرضنا أنَّ ابنًا قتل أباه، سبب الإرث قائم وهو البنوة، فالابن يرث من أبيه، لكن وجد مانع وهو القتل، وبالتالي لا يترتب الحكم لوجود مانع، فهذا من الأمثلة أيضا الفرعية في هذه القاعدة.
{أحسن الله إليكم.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه-: (

وَمَنْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ ... قَدِ اسْتَحَقَّ مَالَهُ عَلَى الْعَمَلْ

) }.
هذه القاعدة تفيدنا أنَّ الشيء المرتب على شيء آخر لا يستحقه العامل حتى يفعله كله، فإن فعل بعضه، هل يستحق بقدره أو لا يستحق؟
الشيخ -رحمه الله- في كتابه الآخر، وهو كتاب: "القواعد الجامعة" فَصَّلَ في هذه القضية، فقد يكون العمل إجارة وقد يكون جعالة، فالأجير والمجاعل إذا أكمل العمل، فإنه يستحق الأجرة أو الجعل، وأما إذا لم يقم بما عليه من عمل فإنه لا يستحق في الجعالة شيئًا؛ لأنَّ الجعالة عقد جائز، وقد جعل لمن يكمل العمل.
وأمَّا في الإجارة، فإنه إذا ترك بقية العمل بغير عذر، فكذلك لا يستحق شيئًا، وأمَّا إذا كان معذورًا كأن مرض أو أصيب، فعجز عن إكمال العمل؛ فإنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمله. هذا معنى القاعدة.
{أحسن الله إليكم.
قال -رحمه الله-: (

وَيُفْعَلُ الْبَعْضُ مِنْ المَأْمُورِ ... إِنْ شَقَّ فِعْلُ سَائِرِ المَأْمُورِ

) }.
هذه القاعدة لها نص فقهي، يقول الفقهاء: (الميسور لا يسقط بالمأثور) ، ومعنى القاعدة: أنَّ الشخص إذا أُمِرَ بواجب أو بالمستحب، فإما أن يقدر عليه كله، وإمَّا أن يعجز عنه كله، وإمَّا أن يقدر على بعضه، فإن قدر عليه كله، فعله كله، وإن عجز عنه كله، سقط عنه فعل كله، بالعجز؛ لأنه مر معنا أنه (لا واجب مع العجز) وقد مرت معنا هذه القاعدة.
لكن محل القاعدة هو ما إذا عجز عن بعض المأمور، وقدر على باقيه، هل يلزمه فعل ما قدر عليه؟
الجواب: نعم، يفعل ما يقدر عليه، ويسقط عنه ما لم يقدر عليه، ومن أدلة هذه القاعدة قوله ﷺ: «وإذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ» ، وقول الله -جل وعلا-: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16].
من أمثلة هذه القاعدة: من كان عنده ماء قليل لا يكفي لطهارته، فإنه يستعمل هذا الماء الموجود فيما قدر عليه من أعضاء الطهارة، ويتيمم عن الباقي، وهذا بناء على القاعدة: (الميسور لا يسقط بالمعسور) ، فلا يصح أن نقول له: اترك الماء ما دام أن الماء قليل، ولا تتوضأ، بل تيمم، ولكن نقول: استعمل الماء فيما تقدر عليه من أعضاء الوضوء، وتيمم عن البقية.
هذه القاعدة فيها تفصيل ذكره الفقهاء:
الحالة الأولى: أن يكون المقدور عليه وسيلة محضة، وحينئذ لا يجب فعل المقدور عليه.
مثال ذلك: شخص معتمر وجب عليه الحلق والتقصير، لكنه أصلع ليس له شعر، وبإمكانه أن يمر الموس على رأسه، ولكن إمرار الموس هو وسيلة محضة ليس مقصودًا، فلا يجب عليه أن يمر الموس على رأسه.
لو قدر على المشي نصف المسافة إلى صلاة الجمعة، ولا يقدر أن يذهب إلى صلاة الجمعة، ولكن قدر أن يمشي نصف الطريق.
هل نلزمه أنه يمشي نصف الطريق؟
نقول: لا نلزمه؛ لأنَّ هذه وسيلة محضة، ولا نقول: (الميسور لا يسقط بالمعسور) .
الحالة الثانية: إذا كان بنفسه لا يكون عبادة، يعني: كان الميسور ليس بنفسه عبادة، أي: لا يتعبد به شرعًا، فلا يلزمه أن يفعله.
مثال ذلك: شخص مريض، في رمضان يقول: أنا أستطيع أن أصوم إلى أذان الظهر، يعني: نصف يوم. ثم لا أستطيع الإكمال. هل نقول يلزمه؟ نقول: لا؛ لأنه لا يتعبد لله صومًا إلا بالصيام الشرعي، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
هذه ضوابط تضبط لنا ما يدخل في القاعدة، وبهذا نكون قد انتهينا من أهم المسائل المتعلقة بالقاعدة.
وفق الله الجميع لِمَا يحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه وسلم.
{أحسن الله إليك فضيلة شيخنا، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والشكر موصول لكم أعزاءنا المشاهدين، على أمل اللقاء بكم في حلقات أخرى.
هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك

سلاسل أخرى للشيخ