الدرس الرابع

معالي الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان

إحصائية السلسلة

1683 12
الدرس الرابع

آداب المشي إلى الصلاة (4)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رَبِّ العَالمين والصَّلاة والسَّلاة على قائدِ الغُرِّ المْحجلين نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
مرحبا بكم أيُّها الإخوة والأخوات في درسٍ جديدٍ من دروسِ كتابِ آداب المشي إلى الصلاة، ضيف هذا الدرس هو سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أهلا وسهلا بكم سماحة الشيخ.
حيَّاكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
{لقد وقف بنا الحديث عند هذه العبارة (مَنْ يُصَلِّي بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّى خَلْفَه)}
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رَبِّ العَالمين وصلَّى اللهُ وَسَلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابه أجمعين.
قوله: (مَنْ يُصَلِّي بِأُجْرَةٍ لَمْ يُصَلَّى خَلْفَه)، أي: مَن صَلَّى إمامًا لهم بأجرة، لا يُصلي إلَّا على ذلك، يقول: لا أُصلي بكم إلا بكذا وكذا من المال، فهذا لا يُصلى خلفه.
لَمَّا سُئل الإمام أحمد عن رجل يقول: "أصلي بكم رمضان بكذا وكذا"، قال: أعوذ بالله ومن يُصلي خلف هذا؟
وهذا لا يُنافي أن يُجْرَى لَه مِن بيت المال إجراء مالي وراتب، فلا بأس من ذلك، فهذا رزق من بيت المال وليس أجرة، وهذا من باب أن يتفرغ لهذه المهمة.
{ما حُكم أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله يا شيخ صالح؟}
لا بأس بذلك، قال -صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللهِ» ولهذا يجوز أخذ الأجرة على الرُّقية الشَّرعية وتعليم كتاب الله تعالى؛ لأنَّ هذا مِن الإعانة على نفع النَّاس بكتابِ الله -عزَّ وجل- وتعليمهم إيَّاه.
{(قَال أَبُو دَاود: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ إِمَامٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَيَقُول: "أُصَلِّي بِكُم رَمَضَانَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَقَالَ: نَسْأَلُ اللهَ العَافية، وَمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ هَذَا؟)}
نعم هذا ما ذكرناه.
قال: {(ولا يُصَلِّى خَلْفَ إِمَامٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ إِلَّا إِمَامُ الْحَيّ)}
لا يُصلَّى خلف إمام يَعجز عن القيام في الصَّلاة؛ لأنَّ القِيَامَ في صَلاة الفريضة ركُنٌ مِن أَرْكَانها؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة:238].
وَيُسْتَثْنى مِن ذلك إمام الحي، يَعني: الإمام الراتب الذي يُرجى زوال عِلته.
بهذين الشرطين، وهما:
إذا صلى إمام الحي (الإمام الراتب) جالسًا لمانعٍ يُرجى زواله؛ فيصلون خلفه جلوسًا.
{(وَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ وَهُوَ مُحْدِثْ أَو عَلَيهِ نَجَاسَة وَلَمْ يَعْلَم إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلاة لَمْ يُعِدْ)}
نَعم تصح صلاة المأموم إنْ صَلَّى بِهم ناسيًا على غيرِ طهارة أو انْتُقِضَ وُضُوءه ونسي ولم يتوضأ حتى فرغت الصَّلاة، فصلاة المأمومين حينئذٍ صحيحة، وأمَّا هُوَ فيتوضأ وَيُعِيد الصَّلاة لِنَفْسِه.
{(وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤمَّ قَومًا أَكْثَرُهُم يَكْرَهُه)}
نعم يُكره أن يؤمَّ قومًا أكثرهم يكرهه بحق، إمَّا لأنهَّ فيه ابتداع أو فيه نَوع مِن الضَّلال؛ فَيُكْرَه أن يَؤمهم وهم يَكرهونه، وهو مِن الثَّلاثة الذين لا تتجاوز صلاتُهم حناجرهم، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»
{(وَيَصِحُّ إِئْتِمَام مُتَوَضِّئ بِمُتَيَمِّمْ)}
نعم يصح لمن توضأ أنْ يُصَلِّي خلف المتيمم، أي الذي تيمم بالتراب بدلاً من الماء لعذر شرعي أباح له التيمم؛ لأنَّ هذا يُعَدُّ طهارة في حقه.
{(وَالْسُّنَّة وُقُوف الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الّْإِمَام)}
نعم السُّنة أن يقف المأمومون إذا كانوا اثنين فأكثر خلف الإمام؛ لقول أنس ابن مالك: "فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا"
{(لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَجَبَّارٍ لَمَّا وَقَفَا عَنْ يَمِينهِ وَيَسَارِه فَأخَذَ بِأَيْدِيهِمِا فَأَقَامَهُمَا خَلْفَه. رواه مسلم)}
الصحابيان جابر وجبار، لما قام النَّبي يُصلي فقام أحدهما عن يمينه والثَّاني عن شماله، فأخذهما بيمنه وأدارهما من خلفه، وهذا دليل على أنَّ المأمومين يُصلون خلف الإمام، ولا يكونون معه في الصفِّ إلا لِعُذر.
{(وَأَمَّا صَلاةُ ابنُ مَسْعُودٍ بِعَلْقَمَةَ والأَسْوَدَ وَهُو بَيْنَهُما؛ فَأَجَابَ ابنْ سِيِرينِ: إنَّ الَمَكَانَ كَانَ ضَيِّقًا )}
نعم كان وقوفهما خلفه غير ممكنًا لضيق المكان ولا بأس أن يقفوا في صفه عن يمينه وعن شماله.
{(وإنَّ كَانَ الْمَأْمُومُ واحِدًا وَقَفَ عَنْ يَمِينِه)}
إن كان المأموم واحدًا وقف عن يمين الإمام ولا يقف عن يساره.
{(وَإِذَا وَقَفَ عَنْ يَسَارِه أَدَارَهُ عَن يِمِينِه مِنْ وَرَائِه وَلَا تَبْطُل)}
إذا كان المأموم واحدًا ووقف عن يسار الإمام فإنَّ الإمام يُديره مِن خَلف ظهره ويجعله على يمينه عملا بالسُّنة، ولا تبطل صلاته بذلك.
{(وَلَا تَبْطُلْ تَحْرِيمَتُه)}
أي: ولا تبطل تكبيرة الإحرام إذا ما أداره بعد تكبيره للإحرام وجعله عن يمينه، فعمله صحيح، ولا تبطل به الصَّلاة.
{(وإنْ أَمَّ رَجُلاً وامرَأةً وَقَفَ الْرَّجُلُ عَنْ يَمِينِه وَالْمَرأَةُ خَلْفَه)}
نعم إذا صَلَّى اثنان مَع الإمام وكان أحدهما امرأة فإنَّ الرجل يقف عن يمين الإمام والمرأة تقف خلف الصَّفِّ وَحدها؛ لأنَّ النِّساء خلف الرِّجال ولا تصف المرأة بجانب الرَّجل الذي ليس مِن محارمها.
{(لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَوَاهُ مُسلمٌ، وَقُرْبَ الصَّفِّ مِنْه أَفْضَل)}
أي: قُرب الصَّفِّ من الإمام أفضل مِن بُعْدِه.
{(وَكَذَا قُرْبَ الصُّفُوف بَعْضُها مِنْ بَعض)}
نعم وكذا الصُّفوف تتقارب ولا يكن بينها مسافات، وإنما تكون الصُّفوف مُتقاربة بعضها خلف بعض.
{(وَكَذَا تَوَسْطُه الصَّفِّ)}
أي: وكذا يُوَسَطُ الإمام في الصَّفِّ، وقد جاء في الحديث «وَسِّطُوا الإِمَامَ» فيكون الإمام واقفًا حِذاء وسط الصَّفِّ.
{(لِقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «وَسِّطُوا الإِمَامَ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ»)}
وَسِّطُوا الإمام عرفناه، أمَّا «وَسُدُّوا الْخَلَلَ» فهي الفُرج التي تكون في الصَّفِّ فلا يكون الصَّفِّ فِيه فُرَجْ؛ لأنَّ الشَّيطانَ يَدخل مِن هَذه الفُرج ويشوش على المصلين، فإذا التحم الصَّفُّ ولم يبق فيه فُرج امتنع الشَّيطان عن تخلله.
{(وَتَصِحُّ مُصَافة الصَّبي)}
نعم تصح مُصَافة الصَّبي المميز، فالذي تَصِحُ صَلاتُه تَصِحُّ مُصافته.؛ لقول أنس: "وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ" واليتيم هو من دون البلوغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ»
{(لِقَولِ أَنَس ابْنِ مَالِكٍ: "وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا")}
العجوز هي أم سُليم كما سبق.
{(وَإِنْ صَلَّى فَذًا لَمْ تَصِحُّ)}
إن صلَّى فَذًا خلف الإمام لم تصح صلاته؛ لأنَّ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم رأى رجلاً يُصلي فَذًّا خلف الصَّفِّ؛ فَأَمَرَهُ أن يُعيد الصَّلاة.
وقال: لا صلاة لفذ خلف الصف
{(وَإِنْ كَانَ الْمَأمُومُ يَرَى الإِمَامَ أَوْ مَنْ خَلْفَه صَحَّ)}
إذا كان المأموم يرى الإمام أو يرى مَن خَلْفَه صَحَّ أن يَقتدي به. أمَّا إذا لم يكن يَرَاه فَلا يَصِحُّ الاقتداء به؛ لأنَّه قد يكون الإمام وراءه.
{(وَلَوْ لَمْ تَتَّصِل الصُّفُوف)}
نعم ولو لم تتصل الصُّفوف فمادام أنَّ الصُّفوف خلفه ولو كانت غير تامة فإنَّ الصَّلاة تَصِحُّ.

{شكر الله لكم سماحة الشيخ صالح الفوزان، وسوف نستكمل إن شاء الله ما تبقى من هذا المتن في الدرس القادم من كتاب آداب المشي إلى الصَّلاة
شكر الله لكم على ما بينتم لنا وللأخوة والأخوات، وشكرًا لفريق العمل في هذا البرنامج، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته}

المزيد إظهار أقل
تبليــــغ

اكتب المشكلة التي تواجهك