الدرس الأول
معالي الشيخ أ.د. سعد بن ناصر الشثري
إحصائية السلسلة
إطلالة على علم الفرائض
دورة لَبِنَات
معالي الشيخ/ د. سعد بن ناصر الشثري
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين، أما بعد،
فأرحب بكم طلبة العلم في دروس متتابعة من دروس الأكاديمية الإسلامية، نتباحث فيها
مسائل المواريث والفرائض، بأسلوب مختصر واضح، بذكر أوضح الأقوال مع إشارة يسيرة
للخلافات في المذاهب الفكرية.
يُراد بعلم الفرائض العلم بتوزيع التركات على الورثة، كيف نقسم الأموال التي خلفها
الميت على قرابته الذين يكونون من بعده.
والحقوق التي تتعلق بالتركة خمسة أمور
الأمر الأول من أنواع الحقوق: تجهيز الميت، فإن الميت يحتاج إلى تجهيزات من الكفن
وأجرة تغسيله ودفنه ونحو ذلك، وهذه مقدَّمَةٌ على غيرها من الحقوق.
الأمر الثاني: الديون الواجبة التي لها تعلق بالتركة، مثل: الديون التي فيها رهن
بعض الترمة، فهذه يجب تقديمها في السداد.
الأمر الثالث: الديون المرسلة التي لا يوجد في مقابلتها رهن.
فهذه أنواع من أنواع الديون التي يجب تقديم سدادها على أخذ الحقوق وأخذ الورثة من
التركة، ويدخل في ذلك الحقوق الواجبة لله -عز وجل- مثل: الزكاة التي لم يؤدها
الميت، ومثل قيمة الحج إن كان لم يسبق له الحج.
الأمر الرابع: الوصايا التي تتطابق مع الشروط الشرعية بأن تكون دون الثلث لغير
وارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ
حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[1] ولقوله صلى الله عليه وسلم لسعدَ
لَمَّا أراد أن يُوصي بماله: «فالثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ»[2]، ومنعه من الوصية
لِمَا زاد على ذلك.
ويدل على تقديم هذه الأمور على توزيع التركة على الورثة قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ﴾ [النساء: 12]، وقوله تعالى:
﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 12].
الأمر الخامس الذي يتعلق بالتركة هو توزيع باقي التركة على الورثة، وهذه هي الحقوق
الواجبة المتعلقة بالتركة.
وعلم المواريث أو الفرائض علم مهم؛ لأن به نعلم طريقة الشرع في نقل الأموال من ملك
الميت إلى ملك ورثته، وفي ذلك رد للحقوق لأصحابها كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم: «أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها، فَما بَقِيَ فَهو لأوْلَى رَجُلٍ
ذَكَرٍ»[3].
وقد وردت نصوص بتفضيل علم الفرائض، منها: ما ورد بتسميته نصف العلم، ومنها ما ورد
من أنه أول ما ينسى من العلم، ومنها ما ورد أن العلم ينحصر في ثلاثة: «الْعِلْمُ
ثَلَاثَةٌ فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ
قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ»[4]، وبالتالي نعلم أهمية هذا العلم.
وقد يكون في بعض البلدان في زمننا الحاضر من لا يقوم بقسمة المواريث وفق القسمة
الشرعية كالبلاد غير المسلمة، ومن ثم على الإنسان أن يكتب وصيته، يقوم بتقسيم تركته
فيها على حسب التقسيم الشرعي.
ويُشترط في المواريث ثلاثة شروط:
الشرط الأول: التحقق من وفاة المُوَرِّث، فإننا إن لم نتحقق من وفاته فإنه لا يجوز
لنا أن نقوم بقسمة أمواله على ورثته.
الشرط الثاني: التحقق من حياة الوارث، فإننا إذا لم نتحقق من حياته فإننا لا يصح
لنا أن نقوم بإعطائه جزءًا من مال مُوَرِّثِه ونحن لا نعلم هل لا زال حيًا أو لا.
الشرط الثالث: التحقق من وجود سبب الميراث، بحيث إذا كان مشكوكًا في وجود سبب الإرث
فإنه لا يجوز إثبات الْمِلك في هذه الحالة.
أسباب الإرث ثلاثة:
الأول: الزوجية، فكل واحد من الزوجين يرث الآخر؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا
تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا
أَوْ دَيْنٍ ۚ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ
وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ۚ مِّن
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ ۚ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ۚ
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ۚ وَصِيَّةً مِّنَ
اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ [النساء: 12].
السبب الثاني: القرابة أو ما يُسمونه النَّسب، فإذا لم تكن هناك قرابة لم نثبت
الميراث.
السبب الثالث: الولاء، ويراد به النسبة الحكمية الناتجة من إعتاق شخص لأخر كان
مملوكاً.
السبب الرابع: الرحم، وهنا كمن جعل بيت المال يرث، وبالتالي اعتبره من أسباب الإرث.
وهناك موانع تمنع من الميراث، حيث إذا وجد أحدها فإنه لا يصح بنا أن نُثبت ميراثه،
وأول ذلك القتل، وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القاتِلُ لا
يَرِثُ»[5].
والقتل يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:
الأول: القتل العمد، وهذا مانع من الميراث بإجماع أهل العلم.
الثاني: القتل بحق، كالقتل في قصاص أو نحوه، فجماهير أهل العلم على أن هذا النوع لا
يمنع من الميراث، وخالفهم في ذلك الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
الثالث: القتل الخطأ أو ما يُوجب دية أو كفارة، فهذا النوع قال الجماهير: إنه يمنع
من الميراث كما ورد عن الأئمة أبي حنيفة والشافعي وأحمد، بينما ذهب الإمام مالك إلى
أن القتل الخطأ لا يمنع من الميراث من أصل المال، لكنه يمنع الميراث من الدية التي
تثبت لهذا القتل.
ولعل القول الثاني هو أرجح الأقوال وهو الذي تنطق به الأدلة الواردة في هذا الباب.
ومن موانع الإرث ما يتعلق باختلاف الدين، فإنه إن اختلف الدين بين شخصين لم
يتوارثا، وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَرِثُ
المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ»[6]، وهذا محل اتفاق في الجملة
إلا في مسألتين:
المسألة الأولى: ما لو أسلم الكافر بعد وفاة قريبه وقبل قسمة التركة، فقد أثبتت له
طائفة الميراث والجماهير على عدم ثبوت الميراث ولعله أقوى للحديث السابق.
ومن المسائل في هذا الباب ما لو كان هناك أشخاص مختلفو الديانة من الديانات غير
الإسلامية فهل يرث بعضهم بعضًا أو لا؟ وهذه المسألة يعبرون عنها بقولهم: هل الكفر
مِلة واحدة أو هو مِلَلٌ مُتعددة؟
إذا قلنا: إن الكفر ملة واحدة؛ ورث بعضهم من بعض مع اختلاف دينهم.
وإذا قلنا: إنهم مِلَلٌ مختلفة؛ فإنه حينئذٍ لا يرث بعضهم من بعض الآخر.
أنواع الميراث:
عناك عدد من أنواع الميراث، أولها الميراث بالفرض، والمراد به أن يكون للوارث نسبة
معلومة سواء كانت هذه النسبة ثابتة أو تختلف باختلاف الأحوال، فهذا النوع يكون
الحكم فيه واحدًا. فالمقصود من هذا النوع -النوع الأول من الميراث- هو الميراث
بواسطة الفرض، وهؤلاء يُقَدَّمون على غيرهم، ولكن يُعلم أن الوارث بالفرض مرة قد
يُحجب حجب نقصٍ، بحيث يقل نصيبه، ومرة يُحجب بالكلية لوجود من هو أقرب منه.
النوع الثاني: الميراث بالتعصيب، وذلك بأن يجعل باقي المال لشخص معين، وهؤلاء الذين
يجعل لهم باقي المال يقال لهم: ورثة بالتعصيب، والتعصيب الذي يُورث به على أنواع:
النوع الأول: العصبة بالنفس، مثل الابن، فهذا عصبة بنفسه يكون ممن يأخذ جميع المال
على جميع الأحوال، ويكون له الباقي على كل حال.
النوع الثاني: العصبة بالغير: وذلك أنَّ الإخوة أو الأبناء والبنات إذا كان هناك
ذكور وإناث فإنهم يكونون عصبة يرثون سويًا الباقي ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنثَيَيْنِ﴾.
النوع الثالث: العصبة مع الغير وذلك في مسألة الأخت مع البنت، فإن البنت تأخذ النصف
والأخت تأخذ الباقي.
وهنا ملحوظة لابد من التنبه لها، وهي أن القرابة التي تذكر في هذا الفن هي قرابة من
يُراد ذكره بنسبته للميت وليس بنسبته لغير الميت، مثال:
بعض الناس عندما يتكلم عن زوجة الميت كم نصيب الأم، بمعنى أن المرأة أمٌ للأبناء،
فسماها أمًا، وهذه التسمية خاطئة؛ لأن المراد والمعتبر هو نسبة ذلك الوارث إلى
الميت وليست نسبته إلى غيره من الورثة.
فإذا تقرر هذا فلعلنا ننتقل إلى بيان نصيب كل واحدٍ من الورثة:
الصنف الأول: الزوج وله حالان في الميراث:
الأول: إذا لم يكن للميتة أبناء ذكور ولا بنات؛ فإن الزوج يأخذ النصف، وذلك سواء
كان للزوج أبناء من زوجات أخريات أو لا، ولابد أن يلاحظ هنا أن هذه الحالة فيما إذا
لم يكن للمتوفاة أبناء ذكور سواء من الزوج هذا أو من زوج قبله.
الثاني: يأخذ الزوج الربع إذا كان للزوجة أبناء ذكور أو إناث سواء كانوا من هذا
الزوج أو من زوج سابق له، قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ
إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ
مِمَّا تَرَكْنَ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: 12].
الصنف الثاني من أصناف الورثة: الزوجة، فإذا توفي الرجل وعنده زوجة فإن الزوجة لا
يخلو حالها من أحد أمرين:
الأول: أن يكون للمُتَوفى أبناء ذكور أو بنات إناث سواء من هذه المرأة أو من غيرها،
فإذا كان له أبناء ذكور أو بنات إناث سواء من هذه المرأة أو من غيرها؛ فإن الزوجة
تأخذ في هذه الحالة الثمن.
الثاني: إذا لم يكن للمتوفى فرعٌ وارث، لا أبناء ولا بنات ولا أبناء صُلب، ولا
أبناء أبناء، ولا بناتِ أبناء؛ فحينئذ يكون للزوجة الربع.
إذن الزوجة لها حالان في الميراث، الحال الأول الربع إذا لم يكن للزوج المتوفى
أولاد أو أحفاد لا من الذكور أو من الإناث.
والحال الثاني أن تأخذ الزوجة الثمن إذا كان للميت أبناء ذكور أو إناث أو أحفاد،
ودليل هذا قوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن
لَّكُمْ وَلَدٌ ۚ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم
ۚ مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.
ويلاحظ أنه إذا كان عند الزوج المتوفى أكثر من زوجة فإنهن يشتركن في هذا النصيب
المذكور سابقًا.
مثال ذلك: مات رجلٌ وعنده ثلاث زوجات وأخ؛ فحينئذ نقول: الزوجات الثلاث يشتركن في
الربع، والأخ يأخذ الباقي تعصيبًا
وهكذا أيًا في الثمن، إذا مات وعنده أبناء وعنده زوجات، فإن الزوجات يأخذن الثمن
مهما كثرت أعدادهن، ومن المعلوم أنهن لا يتجاوزن الأربع.
وهذه من الأمور التي نعرف بها ميراث الزوجين.
ميراث الأم:
الأم لها حالان في الميراث:
الحال الأول: أن تأخذ السدس في إحدى حالتين:
الأولى: إذا كان للميت فرع وارث من الذكور أو الإناث.
الثانية: إذا كان للميت جمعٌ من الإخوة
ففي هاتين الحالتين تأخذ الأم السدس.
الحال الثاني: أن تأخذ الثلث إذا لم يكن للميت جمعٌ من الإخوة ولم يكن له فرع وارث،
ففي هذه الحال تأخذ الأم الثلث.
ميراث الأب:
الأب له ثلاثة أحوال من الميراث:
الحال الأولى: أن يأخذ الباقي إذا لم يكن للميت أبناء ذكور ولا إناث، ففي هذه الحال
نقول: الجد يأخذ الباقي، بمعنى أنه قد ورث تعصيبًا، فيكون له الباقي بعد أن يُعطَى
للزوجةِ مَا لَهَا، كما سبق ذكره.
الحال الثاني: يأخذ الأب السدس إذا كان للميت أبناء ذكور.
الحال الثالث: إذا كان للميت بنات فقط ولم يكن له أولاد ذكور، ففي هذه الحال يكون
للأب السدس فرضًا والباقي تعصيبًا، مثال ذلك:
توفيت امرأة وعندها زوج وبنتان وأم وأب؛ فحينئذٍ يكون للزوج الربع، ويكون للبنتان
الربع، ويكون للأم السدس، ويكون للأب السدس ولم يبق شيء لأن المسألة عائلة وبالتالي
نسقط حقه في الباقي؛ لأن من خصائص من يرث بالتعصيب أنه يسقط إذا استكمل أصحاب
الفروض التركة.
إذن الأب يرث في ثلاثة أحوال:
يرث السدس فرضًا إذا كان للميت ذكور فقط.
يرث الباقي تعصيبًا إذا لم يكن للميت ذرية لا من الذكور أو الإناث.
يرث السدس والباقي تعصيبًا إذا لم يكن الميت قد أنجب إلا إناثًا.
ميراث الجدة:
يُشترط في ميراث الجدة أن تكون الأمُ متوفاة، فإن كانت الأم موجودة فإن الجدة تسقط،
والجدة ميراثها ميراث واحد وهو السدس، سواء كانت واحدة أو كانت هناك جدات متعددات.
ميراث الجد:
الجد يقوم مقام الأب بحيث إذا وجد الأب فإن الجد يسقط، وإذا كان الميت له أبناء
ذكور فإن الجد يأخذ الباقي تعصيبًا كما هي في مذهب أبي حنيفة، بينما ذهب الجمهور
إلى أنه يشارك الإخوة في الباقي.
وإذا كان للميت بنت أو أكثر من البنات فإن الجد في هذه الحال يأخذ السدس فريضة
ويأخذ الباقي تعصيبًا عن أبي حنيفة وطائفة، وإذا كان للميت ابن ذكر فإن الجد يأخذ
السدس.
هذا ما يتعلق بميراث الأصول، وننتقل بعد ذلك إلى ميراث الفروع، فنقول:
ميراث البنات:
البنات لهن في الميراث ثلاثة أحوال:
الحال الأول: إذا كان معها أخوها (ابن للميت) فإنها حينئذ تأخذ الباقي تعصيبًا معه،
﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾.
الحال الثانية: إذا كانت وحيدة وليس معها مُعَصِّب فإنها في هذه الحال تأخذ النصف.
الحال الثالثة: إذا لم يكن معها مُعَصِّب وكان معها من يشاركها من الإناث فإنهن
حينئذ يشتركن في الثلثين.
أمَّا ميراث الأبناء فإنهم عصبة:
إن كان الأبناء واحدًا أخذ الباقي، وإن كان معه أخوات أخذ الباقي معهن ﴿لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ ودليل هذا النوع قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً
فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا
تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ
أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً
مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 11].
ومثل ميراث الأبناء يكون ميراث الأحفاد، فإن من شرط ميراث الأحفاد أن لا يكون هناك
ابن ذكر، فإن كان هناك ابن صلب ذكر فإن الأحفاد يسقطون إلا أن بعض الدول يسيرون على
ما يُسمونه بالوصية الواجبة. إذا كان عند الإنسان عدد من الأبناء فمات أحدهم في
حياة الأب ثم مات الأب فإن هؤلاء ينزلون أبناءه (الأحفاد) منزلة أبيهم ويجلونهم
يرثون ما يرثه الأب، وهذا القول محكي عن ابن جرير وبعض التابعين، ولكن المشهور من
مذاهب الأئمة الأربعة عدم إثبات هذه الوصية الواجبة، ويقولون إنه إذا لم يوص لهن لم
يكن لهم نصيب من الميراث.
إذن البحث الآن في ميراث الأحفاد، فنقول: إن الأحفاد لا يرثون شيئًا مع الأبناء
الذكور، وإذا لم يكن هناك أبناء صلب أو كان أبناء الصلب إناثًا واحدة أو أكثر
فحينئذٍ يكون لأبناء الأبناء الباقي تعصيبًا ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنثَيَيْنِ﴾.
ميراث بنت الابن:
لها عدد من أنواع الميراث:
الأول: تسقط إذا كان هناك ابن ذكر للميت.
الثاني: تسقط إذا كان هناك بنتان ولم يكن لها معصِّب في درجتها أو أقل منها.
الثالث: إذا كان لها معصب من أخيها أو ابن عمِّها فإنهم يرثون الباقي تعصيبًا
﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾ وهذه يسمون فيها الأخ المبارك؛ لأنه لو
لم يكن لها أخ لم يكن لها نصيب من الميراث لوجود أختين قد أكملا أخذ الثلثين.
الرابع: إذا لم يكن هناك أبناء للصلب وكان هناك بنت واحدة فإن بنات الابن يرثون
السدس تكملة الثلثين.
الخامس: إذا لم يكن للميت أولاد لا ذكور ولا إناث وورثهم البنات، فإن كانت واحدة
فلها النصف، وإن كانت أكثر من واحدة فلها الثلثان.
وهذا مجمل ميراث الأبناء والبنات والأحفاد.
ميراث الإخوة:
الحال الأولى: الأخ الذكر يرث بالتعصيب بحيث يكون له الباقي من التركة وذلك بشرط أن
لا يكون هناك فرع وارث ذكر، فإن كان هناك ابن أو ابن ابن فإن الأخ الشقيق يسقط.
الحال الثاني: إذا كان هناك أب للميت فحينئذ الأخ الشقيق يسقط.
إذا لم يكن هناك أبناء ذكور ولا أحفاد ولا أصول ذكور فإن الأخ الشقيق يرث تعصيبًا،
إن كان وحده حاز الباقي من المال، وإن كان معه إخوة من الذكور أو من الإناث فإنهم
يأخذون الباقي.
إذا تقرر هذا فإن الأخت الشقيقة يشترط لميراثها ألا يكون هناك أب، فإن كان هناك أب
فإن الأخت الشقيقة تسقط، وهكذا يشترط أن لا يكون هناك فرع وارث ذكر من الأبناء أو
أبناء الأبناء، فإذا وجد ابن أو ابن ان فإن الأخت الشقيقة تسقط
الحال الآخر من أحوال الأخت الشقيقة أن يكون معها معصب وهو أن يكون في المسألة أخ
شقيق أو أكثر فبالتالي يكون لهم الباقي ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾.
الحال الثالثة إذا لم يكن معها معصِّب وكان في المسألة بنت فإنها ترث الباقي تعصيبا
أي عصبة مع الغير سواء كانت واحدة أو أكثر.
الحال الآخر إذا لم يكن للميت أبناء ذكور ولا إناث ولم يكن له أب ولا جد ولم يكن
هناك أخ شقيق، فإن الأخت الشقيقة إن كانت واحدة فإنها تأخذ النصف، وإن كانت أكثر من
واحدة فإنهن يأخذن الثلثين.
ميراث الأخ لأب
يشترط لميراث الأخ لأب ألا يكون هناك ابن أو ابن ابن، وألا يكون هناك أب وألا يكون
هناك أخ شقيق، وقد اختلف أهل العلم فيما إذا وجد أخ مع الجد، فعند أبي حنيفة أن
الجدَّ ينفرد بالمال ويكون عصبة، وقال آخرون: إن الجد يُشارك الإخوة في هذه
المسألة.
إذا تقرر هذا فإن الأخ الشقيق عند عدم هؤلاء الأصناف يرث الباقي تعصيبًا، فإن كان
وحده أخذ جميع الباقي، وإن كان معه من يشاركه من الإخوة لأب فإنهم يجتمعون في أخذ
الباقي ويكون ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ﴾.
ميراث الأخت لأب:
يشترط لميراث الأخت لأب ألا يكون هناك أبناء ذكور ولا أبناء أبناء، وألا يكون الأب
موجودًا، وعند الحنفية ألا يكون هناك جد، ويشترط أيضًا ألا يكون هناك أخ شقيق؛ لأن
الأخ الشقيق يُسقط ميراث الأخت لأب.
إذا تقرر هذا فإنه إذا لم يكن هناك أبناء ولا أبناء أبناء، ولم يكن هناك أب أو جد
ولا أخ شقيق، فإن ميراث الأخت الشقيقة يكون على النحو التالي:
الأول: إن كان هناك أخ لأب؛ فإنهم يرثون الباقي تعصيبًا بعد أخذ أصحاب الحقوق
والفرائض حقوقهم.
الثاني: إذا كان هناك بنت ولم يكن هناك أخ لأب؛ فحينئذ تأخذ الأخت لأب الباقي
تعصيبا مع الغير، فإن كان هناك بنت واحدة أخذت النصف والباقي للأخت الشقيقة أو
الأخوات، والباقي للأخت لأب أو الأخوات لأب.
وإذا كان هناك بنتان فإن البنتين يأخذان الثلثين والباقي يكون للأخوات لأب إذا لم
يكن هناك من هو أقرب منهم.
والحال الآخر، ألا يكون للميت فرع وارث مؤنث -أي: ليس عنده بنات- وليس هناك إخوة
ولا أخوات شقيقات؛ فحينئذ كيف ترث الأخت لأب؟
إن كان هناك أخت شقيقة فإن الأخوات لأب يأخذون السدس تكملة الثلثين.
إذا كان هناك أكثر من أخت شقيقة فحينئذ لا يرث الأخوات لأب شيئا لعدم وجود المعصب
لهن وهو الأخ لأب.
إذا لم يكن هناك أبناء ولا بنات ولا أب ولا جد ولم يكن هناك إخوة أشقاء لا من
الذكور ولا من الإناث، ولم يكن هناك أخ لأب فإن الأخت لأب إن كانت واحدة فلها
النصف، وإن كانت أكثر من واحدة فإنهن يرثن الثلثين.
ويبقى معنا ميراث الإخوة لأم، وهم الذين يشتركون مع الميت في أمهم لكن أباهم شخص
آخر غير والد المتوفاة، فهؤلاء يشترط في ميراثهم ألا يكون هناك فرع وارث لا من
الذكور ولا من الإناث، ويشترط في ميراثهم ألا يكون هناك أصل ذكر من الآباء
والأجداد، فإن كان هناك أب لم يرث الإخوة لأم، وإن كان هناك جد لم يرث الإخوة لأم،
وإن كان هناك بنت لم يرث الإخوة لأم، وإن كان هناك ولد ذكر لم يرث الإخوة لأم.
إذن هذا هو شرط ميراث الإخوة لأم.
ما هو نصيب ميراث الإخوة لأم؟
إن كان الإخوة لأم واحدًا أخذ السدس، وإن كانوا أكثر من واحد فإنهم يشتركون في
الثلث ولكن يكون للذكر مثل حظ الأنثى الواحدة، فهم يتساوون في الميراث.
هذه أمور الفرائض التي تتعلق بهذا العلم.
يبقى هنا مسائل مكملة لهذا العلم، ومن تلك المسائل مات يتعلق بميراث المطلقة:
الأمر الأول: إذا طلقت المرأة طلاقًا رجعيًا طلقة أو طلقتين في حال الصحة فإنها ترث
ما دامت في العدة، فإذا انتهت العدة لم ترث.
الأمر الثاني: إذا طلق الزوج زوجته طلاقًا بائنًا بالثلاث وهو في حال الصحة فحينئذ
يقول جماهير أهل العلم: إن المرأة لا ترث شيئًا.
ننتقل إلى الحال الثاني: إذا طلقها طلاقًا بائنًا في حال مرض الموت فإن العلماء لهم
مناهج، منهم من يقول:
الزوجة المطلقة طلاقًا بائنا في حال مرض الموت لا ترث أبدًا، وهذا مذهب الإمام
الشافعي.
الزوجة المطلقة طلاقًا رجعيًا في حال مرض الموت ترث دون المطلقة طلاقًا بائنًا.
وعند أحمد أن المطلقة طلاقًا بائنًا في حال مرض الموت ترث ما لم تتزوج.
ومنهم من قال: إنها ترث في العدة ولا ترث بعدها.
والمالكية يقولون: إن المطلقة طلاقًا بائنًا في مرض موت زوجها ترث مطلقًا حتى ولو
تزوجت بزوج آخر.
من المسائل المتعلقة بهذا، مسائل ميراث الغرقى والهدمى، إذا ماتا جماعة في وقت
واحد، فإن عُلِمَ بوقت وفاتهم فإن الأول لا يرث من الثاني شيئا، والثاني يرث من
الأول، وإذا لم يعلم من هو المتقدم في الوفاة منهم، فقال طائفة: لا يرث بعضهم من
بعضهم الآخر لعدم تحقق حياة المورث، بينما قال آخرون: إن هذا يجعلهم يرثون من أصول
أموالهم دون الزائد من التركات التي تصل إليهم من الاخرين.
هكذا من الأمور التي تتعلق بهذا العلم ما إذا كان هناك حمل في البطن فإن الحمل له
حقه في الميراث، فإما أن تؤخر قسمة الميراث حتى يولد وإمَّا أن تقدر له تقديرات
متعددة، وبالتالي من كان يرث من الورثة ميراثًا متساويًا في جميع التقديرات، تقدر
أنه ولد، تقدر أنه بنت، تقدر أنه حيٌ، تقدر أنه ميتٌ وهكذا، فمن كان يرث في جميع
التقديرات أعطيته حقه، ومن كان يرث في حال وتقدير دون حال وتقدير فإنه يتحفظ على ما
يتعلق بنصيبه حتى يتبين الحال.
وإن كان يرث قليلا في حال، ويرث كثيرا في حال آخر أعطيته القليل.
يبقى عندنا إذا كانت الفروض أقل من التركة، كما لو مات عن بنت وأم ففي هذه الحال
ماذا نفعل؟
البنت لها النصف، والأم لها السدس.
يتبقى الثلث، ماذا نفعل به؟
إذا لم يكن هناك عاصب ولو بعيد؛ فحينئذ نقول: يرد إليهما فتجعل المسألة من أربعة،
فينتقل نصيب الأم من كونه السدس إلى كونه الربع وينتقل نصيب البنت من كونه النصف
إلى كونه ثلاثة الأرباع.
إذا كان هناك رجل ولو كان بعيدًا فإنه يرث الباقي تعصيبًا، فإن أخذ الورثة جميع
المال فحينئذ يسقط ذلك القريب ولو كانت قرابته بعيدة، فإن بقي شيء قدر لذلك الشخص.
اختلف أهل العلم هل يرد على الزوجين أو لا يرد، والمشهور من مذاهب الأئمة الأربعة
أنه لا يرد عليهما، فلو مات عن زوجة وبنت فحينئذ يقولون: الزوجة لها الثمن، والبنت
لها سبعة أثمان؛ لأن الزوجة لا يُرد عليها عندهم.
وآخرون قالوا: يُرَدُّ فنكون المسألة من خمسة، فيعطى للبنت أربعة ويعطى للزوجة
واحدة.
من الأمور المتعلقة بمسائل الميراث أنه إذا تزاحمت الفروض وأصبحت الفروض أكثر من
التركة؛ فحينئذ ندخل النقص على الجميع، كما لو مات عن زوجة يكون لها الربع، وعن
بنتين يكون لهما الثلثان، وعن أم يكون لها السدس، وعن أب يكون له السدس، فإننا في
هذه الحال نزيد في المسألة وبالتالي نعطي كل واحد نصيبه بما يسمى العول؛ فتكون
المسألة من أربع وعشرين.
الأصل يكون للزوج الربع، والربع من أربع وعشرين يكون ستة أسهم، ويكون للبنتين
الثلثين، ومقدارها سنة عشر سهمًا، ويكون للأم السدس، والسدس أربعة أسهم، ويكون للأب
السدس، والسدس أربعة أسهم، وبالتالي تعول المسألة بدلا من أن تقسم من أربع وعشرين
تقسم إلى ثلاثين.
بقي عندنا مسألة أخيرة، وهي ميراث ذوي الأرحام:
إذا لم يكن للميت قرابة يرثون بالفرض، ولا قرابة يرثون بالتعصيب؛ فحينئذ نورث ذوي
الأرحام كما هو مذهب الجمهور، مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُولُو
الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
وميراث ذوي الأرحام فيه قولان، منهم من يقول:
ننزل كل واحد من ذوي الأرحام منزلة من يرث بواسطته، وبالتالي فإننا إذا مات عن خالة
وعمة، فإن الخالة ورثت من طريق الأم؛ فنجعلها ترث ميراث الأم، والعمة ورثت من طريق
الأب وبالتالي نجعلها محل الأب، فيكون للخالة الثلث؛ لأنها بمنزلة (الأم)، ويكون
للعمة الثلثان؛ لأنها بمنزلة (الأب).
ومنهج القرابة الثاني يقول: ننظر لأقربهم، وبالتالي نقوم بتوريثه دون من يرث
بالميراث البعيد، وهناك ميراث بالبنوة، وميراث بالأبوة وميراث بالإخوة، وميراث
بالعصبة، وبالتالي يقولون من ورث بدرجة أقرب؛ فإنه يجب بقية الورثة.
وفي آخر هذا اللقاء أذكر مسألة العمريتين، ويقصد بها:
إذا مات ميت عن زوجة وأم وأب؛ فحينئذ نعطي الزوجة الربع ونعطي الأم ثلث الباقي بعد
ربع الزوجة، وللأب ثلثي الباقي فيكون في الحقيقة نصف التركة.
والمسألة العمرية الثانية: إذا ماتت الميتة عن زوج وأم وأب، فالزوج يأخذ النصف في
هذه الحالة لعدم الفرع الوارث، ونقوم بتوزيع النصف الباقي على الأب والأم، فيكون
للأم السدس، ويكون للأب الثلث؛ فنعطي الأم ثلث الباقي وهو السدس في الحقيقة، وباقي
الباقي نعطيه للأب.
هذه خلاصة مسائل الفرائض، ويبقى عندنا طريقة الحساب وطريقة استخرج شباك يمكن أن
يوضع به الورقة لكن هذه أمور حسابية مكملة ليست هي الأمور الأصلية، وما ذكرته لك في
هذا اللقاء هو الأمر الأصلي المتعلق بالمواريث والفرائض.
بارك الله فيكم ووفقكم لكل خير وجعلنا الله وإياكم من الهدة المهتدين، ورزقكم الله
العلم النافع والعمل الصالح والنية الخالصة، وجعلنا وإياكم الهداة المهتدين.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
---------------------
[1] رواه أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713)
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود
[2] البخاري: 2742
[3] البخاري: 6735
[4] سنن أبي داود وابن ماجه.
[5] حسنه ابن حجر
[6] البخاري: 6764
سلاسل أخرى للشيخ
-
3821 1
-
6056 11
-
4720 10
-
5595 5
-
4168 23
-
5958 24
-
7130 24
-
8521 24
-
7489 11
-
10848 11
-
13220 11
-
16671 12